عنوان البحث: دور التّنمّر في رحلة البحث عن الذّات والهُويّة في رواية "صخرة طانيوس" لأمين معلوف
اسم الكاتب: د. رنا كرم
تاريخ النشر: 20/12/2024
اسم المجلة: مجلة أوراق ثقافية
عدد المجلة: 34
تحميل البحث بصيغة PDFدور التّنمّر في رحلة البحث عن الذّات والهُويّة في رواية “صخرة طانيوس” لأمين معلوف
دراسة نفسيّة – اجتماعيّة
The Role of Bullying in the Journey of Self Discovery in the Novel “The Rock of Tanios” by Amin Maalouf A Psycho-Social Study
Dr. Rana Karam د. رنا كرم([1])
تاريخ الإرسال:7-10-2024 تاريخ القبول:19-10 2024
الملخّص
احتلّ الشّكُّ الذي يحيط بالأبوّة والبنوّة موقعًا مركزيًا بل محوريًّا في حبكة رواية “صخرة طانيوس” لأمين معلوف؛ فالبطل الرّئيس طانيوس هو في بحثٍ دائمٍ عن حقيقة نسَبه. وقد شكّلَ التّنمّرُ الذي تعرّضَ له، في مجتمعِهِ القرويّ المُغلَقِ المليء بالأخبار والظّنّ والاغتياب، العاملَ المحرّكَ الذي دفع به إلى تقصّي الحقيقة.
لذلك، عمدنا في هذا البحث، إلى تعريف التّنمّر، ودراستِهِ في الرّواية، مبيّنين آثارَه السّلبيّة والإيجابيّة في شخصيّة طانيوس، بغيةَ معرفةِ رواسبه النّفسيّة التي طَبَعَتْ شخصيّتَه وكيفيّة مواجهته لها: هل شكّلَت لديه عِقَدًا أو حقّقَ التّوازنَ النّفسيّ وأظهرَ مرونةً وصحّةً نفسيّة؟
وقد تبنّينا لهذا الهدف المنهجَين النّفسيّ والاجتماعيّ، كي نستطيعَ تحليلَ الشّخصيّة من جهة، ودراسةَ تأثير العامل الاجتماعيّ من جهة أخرى.
الكلمات المفاتيح: التّنمّر، الشّخصيّة، الضّحيّة، عقدة النّقص، المجتمع، المستقوي، هُويّة الأب.
Abstract
The doubt surrounding paternity and filiation has occupied a central but rather an essential position in the plot of the novel “The Rock Of Tanios” by Amin Maalouf; since Tanios, the main hero is in constant search of his lineage’s truth. In fact, the bullying he was exposed to, in the closed community of his village – which is full of rumors, suspicion and backbiting – has formed the driving factor which led him to fact finding.
That’s why, we have intended in this research, to define bullying, and to study it in the novel, highlighting its negative and positive effects within Tanios’ personality, in order to identify his psychological sediments which distinguished his personality, and how he faced these: did he develop complexes or did he achieve psychological balance and showed flexibility and mental health?
For this purpose, we have adopted both psychological and social approaches, so that we can analyze the personality on one hand, and study the influence of the social factor on the other hand.
Key Words: Bullying, Personality, Victim, Inferiority, Society, Oppressor, Father’s Identity.
المقدّمة
التّنمّر ظاهرة قديمة موجودة في مختلف المجتمعات، تنشأ في مرحلة الطّفولة، وهي مرحلةٌ أساسيّةٌ في تكوين شخصيّة الإنسان، ذلك أنّ كلَّ ما يتعرّضُ له الطّفلُ في هذه الحقبة يؤثِّر في فكره وتصرّفاته وتفاعله في المجتمع. وتقوم هذه الظّاهرة على طرفين غير متكافئين: الطّرف المؤثِّر، وهو الأقوى، أو كما يُعرف بالمستقوي، والطّرف المتأثِّر، وهو الأضعف، أو كما يُعرف بالضّحيّة.
وقد رصدنا هذه الظّاهرة في رواية “صخرة طانيوس” لأمين معلوف([2])، وقد كشف التّنمّر الذي تعرّض له طانيوس، الشّخصيّة الأساسيّة، في طفولته، ما جعلَ منه ضحيّةَ مجتمعٍ لا يرحم من جهة، وطَبَعَ شخصيّتَه بسمات ساعدَته على تخطّي الواقع بأشكال مختلفة، بهدف خَلْقِ التّوازن في الأنا من جهة أخرى.
وقد ينبع تصرّفُ المستقوي من عقدة نقص يعيشها، كما أنّ الضّحيّةَ، بشكل خاصّ، قد تقع فريسةَ هذه العقدة، فيلجأ الأنا إلى الدّفاع عن نفسه من خلال خَلْقِ سلوك معاكس يُرضيه ويمنع المستقويَ من السّيطرة عليه. لذلك سندرس ظاهرةَ التّنمّر، ونبيّن دوافعَها وردّةَ فِعلِ طانيوس إزاءها، لكي نجدَ إجابة على الإشكاليّة الآتية: هل جعل التّنمّرُ من طانيوس هذه الشّخصيّةَ الضّعيفةَ التي تُعدّ هدفًا سهلًا في محاولة السّيطرة عليها من الآخرين، أو ساعده على نموّ شخصيّةٍ قويّة؟
ما يدفعنا إلى التّساؤل: ماذا يعني التّنمّر، وكيف تجلّى في الرّواية؟ ما كانت الدّوافع إليه؟ وهل ولّد عقدةَ نقص عند الضّحيّة؟ كيف واجهه طانيوس؟ وهل حقّق انتصارًا وتحرّرًا منه؟
من خلال ما تقدّم سنقسم البحث ثلاثة أقسام:
في القسم الأوّل سنشرح مفهومَ التّنمّر والعواملَ المساعدة على ظهور هذا السّلوكِ وآثاره.
وسنبيّن في القسم الثّاني مظاهرَ التّنمّر في طفولة طانيوس والحافزَ إليها.
أمّا في القسم الثّالث فسندرس انعكاسَ التّنمّر على شخصيّة طانيوس وكيفيّةَ مواجهةِ هذا الأخير له.
وقد تبنّينا لبلوغ غايتنا المنهجَين الآتيَين: المنهج النّفسي، ذلك أنّ التّنمّرَ هو سلوكٌ يؤثّر في الآخر نفسيًّا، وينعكس جليًّا في تصرّفاته وقراراته.
ولمّا كان التّحليلُ النّفسي يرتبط بالبيئة الاجتماعيّة المحيطة، وطانيوس يعيش في مجتمعٍ معيّنٍ له أخلاقُه ومبادئُه وتقاليدُه، وهذا المجتمع “هو الذي يفرض معاييرَ الأخلاق على الفرد”([3])، كان لا بدّ لنا أيضًا من اعتماد المنهج الاجتماعيّ. فما هو التّنمّر؟ وكيف يمكننا أن نفهم هذه الظّاهرة التي تطال كلًّا من الكبار والصّغار في المجتمع من دون استثناء؟
أوّلًا- ظاهرة التّنمّر من المنظور النّفسيّ-الاجتماعيّ
التّنمّر هو إيقاع الأذى بفرد أو أكثر، بدنيًّا أو نفسيًّا، أو عاطفيًّا، أو لفظيًّا، كدعوةِ الطّفل باسم لا يحبّه، أو تلقيبِه بلقب مُنفر، أو العمل على نَشْرِ إشاعة عنه، أو إطلاق ما يجعله مرفوضًا من الآخرين، وما إلى ذلك([4]). ويتضمّن كذلك التّهديدَ بالأذى البدنيّ، أو الجسميّ بالسّلاح والابتزاز، أو مخالفة الحقوق المدنيّة، أو الاعتداء بالضّرب، أو العمل ضمن عصابات، ومحاولات القتل أو التّهديد، كما يضاف إلى ذلك التحرّش الجنسي.
من وجهة نظر علم الاجتماع، التّنمّر هو استقواء يمارسه طرف يسمّى المُستقوي (Bully)، على آخر يُعرف بالضّحيّة (Victim)؛ فما المقصود بكلّ من الطّرفين؟
1-المُستقوي: يبدأ سلوكُ الاستقواء في عمر مبكر من الطّفولة؛ حتّى إنّ بعضَهم يعيدُه إلى عمر السّنتَين، فيبدأ الطّفل بتشكيلِ مفهوم أوّليّ للاستقواء، إذ يكون محطَّ اهتمام الأهل، يلبّون رغباته ويحيطونه بكلّ اهتمام. وفي قياس التّربية، يستمرّ التنمّر حتّى يصل إلى الذّروة في المرحلة الأساسيّة المتوسّطة، ويبدأ تدريجيًّا في الصّفّ الرابع، ثمّ يستمرّ في المرحلة الأساسيّة العليا، ليبدأ بالهبوط في المرحلة الثّانويّة، وقلّما يكون في المرحلة الجامعيّة، باستثناء حالات السّخرية، فلا يُسمع عن حوادث استقواء في الجامعات والكلّيّات، على الرّغم من أنّنا نسمع عن حالات استقواء بين الأزواج فيستقوي الزّوجُ على زوجته، أو تستقوي الزّوجةُ على زوجها، كما أنّ بعض بيئات العمل قد يتوافر فيها بعضُ أشكال الاستقواء([5]).
وهناك من يرى أنّه عندما يتعرّض طفل إلى فِعلٍ أو عملٍ ضارّ من قبل طفل أكبر منه، وباستمرار، وعندما لا يكون هناك توازنٌ بينهما في القوّة، نكون أمام حالة استقواء([6])؛ بل هناك من وقف عند اختلاف الباحثين في تعريف الاستقواء، مع لحظ أنّ الغالبيّة منهم يصفونه أنّه أذى جسميّ أو لفظيّ، يقوم به المستقوي تجاه شخص ما أضعف منه، أو أصغر منه، أو أقلّ شعبية، أو أقلّ شعورًا بالأمن، من خلال الضّرب أو التّعنيف، أو دَفْعِ الشخص إلى القيام بعمل ما، على الرّغم من إرادته، أو رفضه وإبعاده عن المجموعة ([7]).
وقد أشار بعضُ الباحثين إلى أنّ الاستقواء يتراوح بين كونه إثارةً مؤدّية إلى سرقة مال أو طعام، وأنّه مشابه لأشكال العدوان، ولكنّه يختلف في أنّه سلوك هادف أكثر من كونه عرضيَّا (إذ إنّ النيّة واضحة فيه)، ويهدف إلى السيطرة على الآخر من خلال الألفاظ، أو الاعتداء الجسميّ، كما أنّ المستقويَ يشنّ هجومَه من دون سبب حقيقيّ، باستثناء رؤيته الضّحيةَ على أنّها هدف سهل، وهو محاولة للسيطرة والشعور بالقوّة ([8]).
ما يعني، أنّ أبرز أشكال التّنمّر أو الاستقواء هي:
الاستقواء الجسميّ: كالضّرب أو الصّفع، أو القرص، أو الرّفس، أو الإيقاع أرضًا، أو السّحب، أو إجبار الآخر على القيام بأمر ما يرفضه.
الاستقواء اللّفظيّ: كالسّبّ والشّتم واللّعن، والإثارة، والتّهديد، والتّعنيف، والإشاعات الكاذبة، وإعطاء ألقاب ومسمّيات للفرد، أو إعطائه تسمية عرقيّة.
الاستقواء الجنسيّ: استخدام أسماء جنسيّة، وقد يُنادى بها، أو كلمات قذرة، أو لمس، أو تهديد بالممارسة.
الاستقواء بالعلاقات الاجتماعيّة: منع بعض الأفراد من ممارسة بعض الأنشطة بإقصائهم أو رفض صداقتهم، أو نشر شائعات عن آخرين.
الاستقواء على الممتلكات: أَخْذُ أشياء الآخرين، والتّصرّف فيها عنهم، أو عدم إرجاعها، أو إتلافها.
الاستقواء العاطفيّ أو النّفسيّ: كثيرًا ما يتّخذ التنمّرُ صيغةً انفعاليّة، وهو ما يُطلق عليه الباحثون التّنمّرَ العاطفيَّ، ويهدف إلى التّقليل من شأن الضّحيّة وتخفيض درجة إحساسها بذاتها، ويشتمل على التّجاهل والعزلة، وإبعاد الضّحيّة عن الأقران أي رفضها من الجماعة، والتّحديق بطريقة عدوانيّة، والمضايقة والتّهديد والتّخويف، والعبوس والازدراء والإذلال، والضّحك بصوت منخفض، واستخدام لغة الجسد العدوانيّة، وما إلى ذلك. ويُعدّ هذا النوع من التنمّر من أكثر الأنواع إضرارًا وأكثرها تأثيرًا، ويُحدث أذى انفعاليًّا خطيرًا لا يلاحظه المعلّمون والكبار. وهذا النوّع هو شكل من السّيطرة الاجتماعيّة التي تمارس من أجل إيذاء الآخرين.
وهنا، لا بدّ لنا من القول إنّ هذه الأنواع قد تتداخل في تأثيراتها، وقد يثير بعضُها بعضًا، فيرتبط الجسديُّ بالنّفسيّ والاجتماعيّ أو العكس.
أمّا آثار سلوك التّنمّر على المتنمّرين فتتمثّل بأنّه يؤدّي إلى حدوث بعض المشكلات السّلوكيّة؛ كالشّعور بالاكتئاب، والميل إلى العدائيّة، والشّعور بالغضب، كما أنّهم يطوّرون العديدَ من السّلوكيات غير الاجتماعيّة، هذا إضافة إلى تدنّي قدراتِهم الأكاديميّة والتّحصيليّة، كما أنّهم قد يُظهرون محاولات انتحار أو ميلًا إليه، هذا إضافة إلى نزوعهم إلى التّخريب والتّسرّب من المدرسة، وتعاطي الكحول والمخدّرات.
2-الضّحيّة: أثبتت الدّراساتُ أنّ الأولادَ ذوي الحماية الزائدة من أسرهم، هم أكثر عرضة لأن يصبحوا ضحيّةً وموضعَ تنمّر، من الآخرين، في المحيط الذي ينتمون إليه. أضف إلى هذه الفئة، يمكن لأيّ شخص أن يصبح ضحيّة، وقد وُجد أنّ الأطفال ذوي الصفات الآتية هم أكثر عرضة ليكونوا ضحايا: الأطفال ذوو الحالات المرضية والإعاقات، والأطفال المسيطَر عليهم في البيت، وفي حالات الإذعان لطلبات مَن يستقوي عليهم، فتضعف عندهم المهارات الاجتماعيّة، ويستخدمون الصراخ والبكاء، ويعجزون عن الدّفاع عن أنفسهم، خاصّة من يؤثرون حالة عدم الانضمام إلى آخرين، أو إلى جماعات أُخرى، ومن تدنّى عندهم الميلُ إلى استخدام المرح والتّرفيه عن النّفس ([9]).
فيعاني جراء ذلك الأفراد الذين يقعون ضحايا من الإحساس بعدم السّعادة، والشّعور بالحزن وكره البيئة الاجتماعيّة، الأمر الذي يؤدّي إلى الوحدة والعزلة والقلق والتّوتّر والاكتئاب، وبعض الأمراض الجسديّة، واضطرابات في النّوم والتّشنّجات العصبيّة، ونوبات البكاء المتكرّرة([10]). هذا وأكّدت بعضُ الدّراسات أنّ الطلبة ضحايا سلوك تنمّر، يعانون مزاجًا سلبيًّا، وانخفاضًا في التّوافق النّفسي عمومًا([11])، ولا تخلو هذه الأعراض من اضطرابات في الصّحّة النّفسيّة، متمثّلة بشعور الحزن والقلق والإحباط، أو سلوكات عدوانيّة([12]).
وتتمثّل آثار سلوك التّنمّر في ضحايا التّنمّر بالشّعور بالصدام والتّوتّر، والقلق والاكتئاب بشكل مستمرّ، هذا إضافة إلى أنّ تقديرهم لذواتهم يَتَّسم بالانخفاض، ويظهر لديهم الخوف من المواقف الاجتماعيّة الجديدة، وكذلك الشعور بعدم الأمن، كما أنّهم يطوّرون بعض المشكلات السّلوكيّة كالميل إلى تعاطي الكحول والمخدّرات، والميل إلى الانتحار، والغياب عن المدرسة.
بيد أنّ سلوك التّنمّر ليس وليدَ صدفة، بل هناك عوامل تساعد على ظهوره، فما هي؟
3- العوامل المساعدة على ظهور سلوك التنمّر: إنّ سلوكَ التنمّر ليس بالسّلوك العفويّ الذي يظهر بشكل تلقائيّ عند الأفراد، إنّما هناك عوامل وأسباب من شأنها أن تؤدّي إلى ظهوره. نذكر منها:
1- عوامل ذاتيّة، ويُقصد بها جملة العوامل الشّخصيّة التي تتعلّق بالتنمّر والضحيّة، وهي كالآتي:
– عوامل ذاتيّة متعلّقة بالتنمّر: وتتمثّل في الاندفاع والتهوّر تجاه الأقران والآخرين، وعدم الاتّزان الانفعاليّ، والشّعور بالاكتئاب والإحباط، وضعف الثّقة بالنّفس، والعديد من الاضطرابات الانفعاليّة الاجتماعيّة.
– عوامل ذاتيّة متعلّقة بالضّحيّة: وتتمثّل في الشّعور بالخجل، والقلق، وعدم الأمن، ونقص الأصدقاء، والافتقار إلى الجاذبيّة.
2– عوامل أسريّة: وتتمثّل في أساليب المعاملة الوالديّة السلبيّة التي تتّسم بالعقاب القاسي، ونقص الاهتمام والدفء الأسريّ، وأنماط التّفاعل السّلبيّة بين الآباء والأبناء، ونقص الرّقابة على الأبناء، والتفكّك الأسريّ، إضافة إلى تشجيع الأسرة أبناءها على ممارسة سلوك التنمّر، في حين يجعل اتّباع أسلوب الحماية الزائدة، من الأبناء ضحايا لتنمّر الآخرين عليهم([13]).
ثانيًا-مظاهر التّنمّر في طفولة طانيوس
وُلِدَ طانيوس من امرأة اسمها لمياء، كانت مشهورة بحسنها وجمالها، تزوّجت رجلًا اسمه جريس، كان وكيلَ القصر الذي سكنوا إحدى أجنحته. في ذلك العصر، حكم القرية الشيخ فرنسيس، فعاش طانيوس، ليس كما يعيش باقي أبناء جيله في القرية، بل في القصر، وكان يلقى معاملة مميّزة مثله مثل ابن الشيخ، فعند ولادة طانيوس كان “رعد” ابن الشيخ ما زال يرضع من أمّه.
إذًا ابن الشيخ وابن وكيله هما من الجيل نفسه، ولكن عند ولادة طانيوس أصبح هناك شكّ كبير في هُويّة والده، ذلك أنّ الشيخ فرنسيس قرّر أن يطلق عليه اسم عبّاس، أعلن الشيخ “أمّا أنا، فلطالما راق لي اسم عبّاس”([14]).
ولكنّ هذا الإعلان أثار الشكّ في نفس جريس: “وفجأة، أدركَ ما يجري. كيف قَبِلَ بهذا الاسم؟”([15]) وما الذي يدفع بالشّيخ لاقتراحه على وجه الخصوص؟ “والفلّاحون في ذلك الوقت، لا أحد منهم سيعتبر إطلاق الشّيخ على طفل لمياء أعرق أسماء سلالته أمرًا عاديًّا”([16]).
مرّت على هذه الرواية مدّةٌ من الزمن، ولكنّ الناس لن تنسى هذا الموقف للشيخ الذي جلب فيها بعض المصائب لقريته “كفريبدا”. تربّى طانيوس، وهو لا يدري ما يدور حوله، وكان الشيخ يناديه “يا ابني” ويعدّ هذه المناداة شرفًا ومحبّة له.
في سياق متّصل، وفي عصر طانيوس “كان يحلو للفتيان أن يتبارزوا، فيضع اثنان منهم يدًا في الماء البارد في آن، ومن يسحبها قبل الآخر يخسر الرهان، ويجب أن يدور حول السّاحة قفزًا على رِجل واحدة”([17]). هذه المبارزة فيها كثير من التحدّي، وليس فقط هدفها الرّبح والخسارة، ولكنّها كانت تنتهي في كلّ مرّة “بالسّخرية من الخاسرين”([18]). وهنا نعود إلى فكرة التنمّر والاستقواء على الآخرين، والمنافسة حول فكرة ليست بالمهمّة؛ كالرياضة، أو أحد أنواع السباقات، أو المبارزات التي تعوّل على اللياقة البدنيّة، إنّما هي مبارزة توصل الأفرقاء فيها إلى السّخرية من بعضهم بعضًا فقط لا غير. وهذا بالضبط يرتبط بالتنمّر القائم على شكل من أشكال العنف، أو السلوك العدوانيّ الذي أسلفنا ذكره وتفصيله، وإن جاء في معرض التّسلية كما في لعبة الفتيان تلك التي تفرز نوعًا من عدم التوازن في القوّة([19])، وضعفًا تعجز معه الضحيّة عن الدّفاع عن نفسها([20])، فيعزّز فكرة الاستقواء الذي يرتفع رصيدُهُ في المجتمع، وإن كان بتفاوت.
فالاستقواء، في هذا الباب، يصبح نوعًا من السّلوك المحبَّب، فبعضهم يضفي عليه طابعًا طريفًا، بخاصّة في معرض السّخرية من الآخرين، والواقع أنّ هذا السلوك هو خروجٌ عن المألوف، وهو سلوكٌ طبعيّ ضدّ المجتمع، سواء أكان هذا المجتمع مدرسة أم غيرها. وخطورة هذا الاستقواء تبرز في ممارسته على الأطفال، ثمّ المراهقين الذين تدفعهم المعاناة إلى التأزّم النّفسيّ، وهم يحاولون الخروجَ ممّا يسمّيه بعضُ علماء النّفس الاجتماعيّ مرحلة “الرجل الهامشي”، أو البحث عن الهُويّة. ومهما يكن من أمر، فإنّ المعاناة يعبَّر عنها بنوع من القلق الذي تشتدّ درجته ليصبح عاملًا منغّصًا لحياته، يحدّ من انطلاقته وبشاشته وطموحاته، ويعكّر عليه صَفْوَ مزاجه وسعادته، ويهدّد بشكل أو بآخر صحّته النّفسيّة، إذ يجعله عرضة للإصابة ببعض الاضطرابات النّفسيّة، وقد يكون هذا القلق بسيطًا، فيستطيع صاحبه أن يتجاوزه، ويحقّق التّوافق المطلوب.
في ذلك اليوم، تحدّى طانيوس أحد أبناء الخوري، فتوجّها إلى موقع المبارزة يتبعهم سربٌ من رفاقهم، ومعهم شلّيطا. لكن، من هو شلّيطا؟ هو ذلك الفتى العجوز الهزيل الجسم، الطويل السّاقين، الحافي القدمين، هو ذلك الفتى الذي كان دائمًا عرضة للتنمّر من الآخرين، هو مجنون الضيعة ([21]).
وحين حان وقت المبارزة “خطر لشلّيطا الذي كان يقف خلف طانيوس مباشرة، أن يدفع بهذا الأخير إلى الماء… فَقَدَ الفتى توازنه.. شَعَرَ بأنّه يغوص في البركة.. بعض الأيادي امتدّت لتنشلَه.. نهض مبلّلًا، تناول قصعةً، وملأها بالماء.. ومضى لإفراغها على رأس المسكين”([22]). هذه الحادثة رفعَتْ منسوبَ وَعْيِ طانيوس، بخاصّة لحظة صرخ شلّيطا بصوت مفهوم: “طانيوس الكشك، طانيوس الكشك!”([23]).
كان ذلك انتقامًا بالفعل، ولم يكتفِ الاثنان بالعنف والاستقواء الجسديّ، بل تحوّل إلى استقواء لفظيّ، وإلى إهانة جعلَت من الجميع يصمتون إزاء هذا الموقف. ولكنّهم سرعان ما صمتوا أمام القنوط الذي خيّمَ على الجميع، وقد استغرق ابنُ لمياء بعض الوقت لإدراك ما قيلَ له.
إذا عدنا إلى الدّراسات التي قام بها الباحثون حول التنمّر، نجد في هذه الحادثة أنّ المتنمّر أصبح الضحيّة، والضحيّة أصبحت المتنمّر، وأغلب أشكال التنمّر ظهرت في هذه الحادثة؛ فحين أراد طانيوس أن يسيطر على شلّيطا ويستقويَ عليه، حصل ما جعله في مرحلة من الضياع.
نجد في هذه الحادثة بعض فئات المتنمّرين كما وصفهم الباحثون، ففيهم الذين يقومون بصورة منظّمة ومتكرّرة بممارسة سلوك التنمّر على الآخرين، بطريقة مباشرة، أو غير مباشرة، ويتميّزون عادة أنّ لديهم ميولًا نحو العنف والعدائيّة والسيطرة في علاقاتهم مع الآخرين، وهم ثلاثة أنواع:
– المتنمّر الماهر: وهو الذي يخفي سلوكه فلا يشعر به مَن يحضر مجلسَهُ، وغالبًا يكون محبوبًا، وقادرًا على استقطاب المؤيّدين له، ويكون واثقًا من نفسه.
– المتنمّر غير الماهر: وهو الذي يميل إلى تخويف أقرانه، فيشعر أقرانه أنّهم مجبَرون على التكيّف مع سلوكه، وغالبًا ما تكون لديه نظرةٌ سلبيّة عن العالم، ويفتقر إلى الثّقة بالنّفس وتحقيق الذات.
– المتنمّر الضحيّة: وهو الذي يُظهِرُ سلوكًا عدوانيًّا وغير مقبول، ولكنّه عرضة للوقوع ضحيّة، وهو شخص يكون متنمّرًا في بعض المواقف، وضحيّة في مواقف أُخرى.
فالضحايا أيضًا عدّة أنواع، وقد وضع لهم الباحثون معايير وتصنيفات، وهم الأفراد الذين استهدفهم المتنمّرون بالسّلوكات العدوانيّة، ويتّصفون بالضّعف الجسديّ، والحساسيّة العالية، وانخفاض تقدير الذات، ونقص في المهارات الاجتماعيّة والقلق الدائم، والخجل، ولديهم مشكلات في التكيّف النفسيّ والاجتماعيّ، ويعانون الاكتئاب والشّعور بالوحدة والعزلة، ولديهم أفكار انتحاريّة. ويمكن تصنيف ضحايا التنمّر يمكن تصنيفُهم إلى نوعين هما:
– الضحايا السلبيّون: وهم الأفراد الذين يفشلون في مواجهة المتنمّرين بشكل توكيديّ، وتنقصهم القدرة على التكيّف، ويتّسمون بالخجل والخوف والقلق، ويشعرون بالوحدة والعزلة، فيقعون فريسةً سهلةً للمتنمّرين.
– الضحايا الاستفزازيّون: وهم الذين يستفزّون الآخرين، ويَدخلون في مواجهةٍ مع أقرانهم، ولكن في الغالب تنتهي هذه المواجهة بخسارتهم. ويمتاز هذا النوعُ من ضحايا التنمّر بالقلق، والحركة الزائدة، والعدوان، والتصرّف بطريقة غير ناضجة، ويعانون نقص المهارات الاجتماعيّة، ويواجهون صعوبات في تكوين الأصدقاء. ([24])
بالتّالي، يمكننا أن نعدّ شلّيطا من الضحايا الاستفزازيّين؛ لأنّه استطاع أن يستفزّ طانيوس بهذا اللقب الذي أعطاه إيّاه، وبدوره طانيوس يمكن عدّه من الضحايا السلبيّين، فهو فشل في مواجهة المتنمّر على نحو حاسم. فكيف واجه طانيوس التّنمّر؟ وما كانت آثاره في شخصيّته؟
ثالثًا- أثر التّنمّر في شخصيّة طانيوس
إنّ سلوكَ التّنمّر يبدأ في مرحلة الطّفولة، وقد يتخطّاه الطّرفُ الأضعفُ (أو الضّحيّة) إذا كان يملك شخصيّةً قويّةً يستطيع من خلالها تجاوُزَ كلّ الإساءات التي يتعرّض لها. لكن، في الغالب، فإنّ الضّحايا من الأولاد يتولّد لديهم شعورٌ بالنّقص، متى ثبت لديهم، يتحوّل إلى عقدة. و”يمكن تفسير ذلك انطلاقًا من نقص قويّ بالشّعور الاجتماعيّ. ويطلق ألفريد أدلر (Alfred Adler)([25]) على “الشّعور الاجتماعيّ” فكرة الانفتاح على الغير وعلى العلاقة واجتياز الذّات والثّقة بالمستقبل”([26]). ويُفهَم بعقدة النّقص وعي الفرد عجزَهُ الصّحّي أو الذّهنيّ أو الاجتماعيّ، ما يولِّد لديه إحساسَ الخجل من الذّات، أو شعورَه بعدم كفاءته، أو أنّه ليس على المستوى المطلوب في موقف معيّن بل عرضة للفشل. أضف إلى اعتقاده أنّ الآخرَ يهزأ به([27]) ويسخر منه بطرق مختلفة من أشكال الاستقواء التي أشرنا إليها سابقًا. وقد شعر طانيوس بمثل هذه الأحاسيس يوم تعرّضه للتّنمّر، ما شكّل لديه انعكاسًا في ردّات فعله وآثارًا سلبيًّة وإيجابيًّة. ما هي هذه الآثار؟ وهل تمكّنَتْ منه عقدة نقصٍ أو تغلّب عليها؟
1-الآثار السّلبيّة: صحيح أنّ طانيوس غضبَ من شلّيطا لأنّه أوقعه في الماء، ونهض ليردّ له الكَيل بشكل طبيعيّ وذلك بإفراغ قصعة ماء على رأسه، وهذا تصرّفٌ طبيعيّ قد يمارسه كلُّ ولد يتعرّض لموقف مشابِهٍ. لكنّ ما أثاره فعلًا هو اللّقب الذي أطلقه عليه أي “طانيوس الكشك”، الأمر الذي أثّر في وعيه الحياة إذ أيقظ ذكريات ماضية وِفق منظور جديد من جهة، وأثّر في تصرّفاته وسلوكه في المجتمع من جهة أخرى.
1-أ-دلالة الذّكريات: إنّ التّنمّرَ الذي تعرّضَ له طانيوس من قِبَلِ شلّيطا جعله يربطُ أحداثًا كثيرة بعضها ببعض، وتذكّر الوليمةَ التي حصلت منذ أسبوعين في القصر، وكان الشيخ فرنسيس يشيد فيها بمهارة لمياء في صنع الكشك “ما من امرأة في الضيعة تجيد إعداد الكشك مثل لميا”([28]).
وضع طانيوس هذا الكلام في خانة الاعتراف، فهو مدعاة للفخر، ولكنّه نظر إلى والده، فكان يبدو هلعًا، خافضَ البصر، ممتقعَ الوجه. الآن فهمَ طانيوس ردّةَ فِعْلِ والده: “راحَ الفتى يفسّرُ الحرجَ الشديد الذي انتاب جريس بصورة مغايرة كلّيًّا”([29])؛ “فطانيوس كان على عِلْمٍ بأنّ الشيخَ كان يستدعي نساءَ القرية لإعداد بعض الأطباق، وكان هناك صلة بين هذه الزيارة ومجيء أطفالهم إلى هذه الدنيا، وهذا ما يفسّر إلصاق أسماء الناس بالأطباق، فمنهم حنّا الأوزي نسبة إلى الأوزة، وبولس غمّة نسبة إلى الغمّة… فكانت هذه الألقاب مهينةً للغاية، وكان طانيوس يحمرّ خجلًا كلّما لفظت هذه الأسماء أمامه” ([30])، حتّى إنّه لم يخطر على باله يومًا “أن يكون في عداد هؤلاء المساكين الذين يحملون هذه النعوت، أو أن تكون أمّه من النساء اللواتي…” ([31]). بذلك أصبح طانيوس هو المتنمّر الضحيّة. وقد يولّد مثل هذا الشّعور إحساسًا بالنّقص أو بداية تكوين عقدة نقص، ذلك أنّه يكتشف ما يرفضه عقلُهُ الباطن، وهو حقيقة ولادته وعلاقة والدته بالشّيخ فرنسيس، ما ينتج عنه العراك والشّجار اللّذين حصلا بينه وبين شلّيطا، وقد أشرنا إليهما سابقًا. فالعقدة تنشأ “استجابةً لموقف حقيقيّ؛ ليست عادة متأصّلة تتفاعل وحدها، لكنّها ردّة فعل عاطفيّة وسلوكيّة حسب نوع الموقف”([32]).
انطلاقًا من هذا الموقف، بدا طانيوس ناقمًا على الجميع، وخاصّة على المتفرّجين الذين حضروا المشهد، وهم في مفهوم الظاهرة، يشاهدون أفرادًا آخرين يتعرّضون للتنمّر، وغالبًا ما يتّصفون بالخوف من التعبير عن رفضِهم، ومعارضتهم هذا السلوك، خوفًا من ملاقاة المصير نفسه، وتتحدّد أدوار هؤلاء المتفرّجين بالآتي([33]):
– المساعدون: وهم الأفراد المقرّبون من المتنمّر، ويتحالفون معه، وقد يشاركونه بالاعتداء على الضحيّة بهدف إلحاق الأذى به.
– المعزّزون: وهم الأفراد الذين لا يشاركون المتنمّر في الاعتداء على الضحيّة، لكنّ دورَهم يكون في تقديم تغذية راجعة للمتنمّر من خلال التّشجيع والميل إلى السبّ والسّخرية من الضحيّة.
وفي الرواية: “راح بعضُ الفتية يضحكون، ولكنّهم سرعان ما صمتوا أمام القنوط الذي خيّم على الجميع”([34]).
– المحايدون: وهم الأفراد الذين لا يتدخّلون في سلوك التنمّر، ولا ينحازون إلى أيّ طرف، ولا يقومون بأيِّ تصرّف لِوَقف التنمّر أو دَعْمِ الضحيّة.
– المدافعون: وهم الأفراد الذين يتعاطفون مع الضحيّة، ويقدّمون لها الدعم.
وفي الرواية نموذجٌ من هؤلاء، هو ابن الخوري الذي توعّد شلّيطا “بأنّه سوف يشنقه على حبل الكنيسة الذي أشار إليه بالبنان، لو لمحه في الضيعة”([35]).
1-ب-النّفي الذّاتي عن المجتمع
إزاء ما تعرّضَ له طانيوس، استبعد نفسَه عن المجتمع الذي كان يعيش فيه، وأصبح ناقمًا على كلّ من يحيط به، فهو كان “ناقمًا على العالم بأسره، على الشّيخ وجريس “والديه” وعلى لمياء، وعلى الذين كانوا يعلمون في الضّيعة ما يقال بشأنه…”([36]). وفي مدرسة الرعيّة كان الفتى يتابع بانتباه دروسَهُ، ولكنّه يبتعد سريعًا، ما إن يدقّ جرسُ الانصراف… سالكًا دروبًا مهجورة، للتنزّه بعيدًا من الأنظار حتّى يقبل المساء”([37]). فنلاحظ في سلوكه هذا أنّه كان يفضّل الهرب من النّاس وعدم الاحتكاك بأحد، حقدًا على مجتمعٍ يرى فيه مُعَيِّرًا وظالمًا من جهة، وخجلًا من واقعٍ يرفضه من جهة أخرى، الأمرُ الذي أدّى به إلى البحث عن حمايةٍ وملجأ. فبعد أن ابتعد من البيئة التي تربّى فيها، حاول البحثَ عن بديل، وما كان منه إلّا أن لجأ إلى شخص هو روكز، الوكيل القديم الذي كان منبوذًا من القرية، والسّبب الحقيقيّ هو “أنّ السيّد حاول إغراءَ زوجة روكز الذي قرّر مغادرةَ القصر صونًا لشرفه…”([38]).
ففي ظلّ هذه الانكشافات، شعر مرّات كثيرة أنّه يخونُ الضيعة، إنّما انطلاقًا من أنّ الضيعةَ كلَّها “كانت تتشارك في سرّ كان يجب أن يجهله، وهو سرّ مقيت”([39]).
كانت فكرةُ زيارة روكز سرًّا أراد طانيوس أن يخبّئه عن القرية، مثلما خبّأت القرية عنه سرَّ والده، فقام باستبعاد نفسه من القرية وأهلها، ولجأ إلى روكز يبحث عن أب بديل، وذلك بعد هروبه من واقعه الأليم.
كان روكز يعدّ طانيوس مثل ابنه، ويناديه كذلك، ولكن في لحظة غضب، جرّاء تصرّفات طانيوس، ما كان من روكز إلّا أن عادَ إلى الجذور، يقذف عليه التهَمَ لكي يبعدَه من قصره، ويرفضه، لأنّ طانيوس مجهول الأب.
من هنا تعود فكرةُ التنمّر من جديد إلى حياة طانيوس، لتذكّره بواقعه الأليم، “لقد احترمتك أكثر ممّا تستحقّ، إذ دعوتُكَ ابني، فلا أحد يعلم مَن تكون، لا أريد أن يكون ولدي أو صهري ابنَ حرام”([40]). وقد رافق هذا التنمّر تهديدًا بالقتل “ولكن إذا لمحه أحدٌ منكم يحوم ثانيةً حول مزرعتي، فليدقّ له عنقه”([41]).
لاقى طانيوس أبشعَ أنواع التنمّر، الأوّل من المجتمع والبيئة وقد أراد الفتى أن يحقّق نفسه في مرحلة المراهقة، بين رفاقه وأبناء قريته، فهو الذي كان يُعِدُّ أنّ له معاملةً خاصّة؛ لأنّه يسكن في القصر، في جناح خاصّ مع الشّيخ فرنسيس، ولكنّ وجوده هناك كان سببَ مأساته ومأساة القرية بأكملها، والمجتمع الثاني هو حيث وجد حبَّ حياته، أو ظنّه كذلك، فلقِيَ الرفضَ لأنّه ابن حرام.
التّالي، تعرّض طانيوس مرّتين للتّنمّر بسبب هُويّة والده، الأمرُ الذي جعله لا يهدأ له بالٌ حتّى يحقّق التّوازنَ العاطفيَّ في شخصه ويجد الإجابة عن السّؤال الذي يشغل تفكيره: مَن هو والده الحقيقيّ؟
2-الآثار الإيجابيّة: حدّد بعضُ الباحثين أنّ سلوكَ التنمّر يشتملُ على أربعة عناصر أساسيّة، فهو سلوك هادف بقصد الإيذاء، وأنّه يحدث بشكل متكرّر، وأنّ هناك عدم توازن في القوى بين طرفَي النزاع، وأنّ الطرفَ الضعيف (الضحيّة) لا يصدر منه أيَّ ردّ فعل للدفاع عن نفسه، وربّما أثارت هذه الاحتمالات دوافعَ الشّكوك حول قضيّة عالقة في حياة هذه الضحيّة([42])، على غرار ما تعرّض له طانيوس من تنمّر دفع به إلى البحث عن هُويّة والده الحقيقيّ، انطلاقًا من شكّ في رأسه حول ولادته، وحول حقيقة والده.
1- الدّافع إلى البحث عن هُويّة الأب: لكي تبحث عن أمر ما، يجب أن تكون قد فقدته أوّلًا، وربّما كنت تملكه، أو تعتقد ذلك وتريد استرجاعه، وقد تكتشف في لحظة معيّنة، أنّ ما تعيشه هو وَهْمٌ، وليس حقيقة. كذلك، لكي تبحث عن أمر ما، يجب أن تحثّك دوافعُ معيّنة، تدفعك إلى البحث عنه، وربّما أثار الباعث في نفسك شيئًا من الحماسة، أو الغضب، أو الشّغف، أو الفضول، أو الحاجة.
انطلاقًا من هذا المبدأ، يتصدّى البطل في الرّواية موضوعِ الدراسة، للبحث عن الهُويّة، هُويّة الذات المتشتَّتة المتصدّعة بين عالَمين، ومركزّيتها هُويّة الأب. فولادته هي محطّ شكّ كبير: هل يكون الأب الذي نُسِبت إليه هويّته هو أب حقيقيّ، أو هناك أب آخر بيولوجيّ؟
يعيش الإنسان في الحياة في مسار طبيعيّ، مع تفاوت الحظوظ بين فرد وآخر، جرّاء عوامل اجتماعيّة تتحكّم في نموّه البدنيّ وعلاقته بمَن حوله، وعوامل خَلقيّة تحدّد درجة وَعيه وأبعاد تفكيره، ومن هنا تبرز إشكاليّة التّخيير والتّسيير، فهناك أشياء لا يختارها بنفسه يجدها في معرض حياته، وعليه أن يقبل بها كما هي، وربّما قد لا يتسنّى له البحث عن بديل منها؛ على سبيل المثال: اسمه واسم عائلته، وأهله، والبلد الذي وُلد فيه، والدين الذي تربّى عليه، وما إلى ذلك.
كلّ هذه الأشياء تتشكّل منها بطاقة هُويّة كلّ فرد. ولكن مع تقدّم العمر، وتغيُّر نمط التفكير، وعوامل أُخرى مقصودة أو غير مقصودة، قد يغيّر الإنسان مكان سكنه وبيئته، أو حتّى دينه، ولكنّ أصله هو أمر مسلّم به، ولا يمكن مَحْوه، نظرًا إلى أنّ هناك رابطًا جينيًّا ودمويًّا يصله بمن ولده، وأتبعه بنسله ونسبه، ولا يمكن التخلّي عن ذلك بسهولة ومن دون ترتّبات. في كلّ الأحوال لا يمكن انتزاع هذا الرابط الجينيّ والاسميّ، فالهُويّة مرتبطة أوّلًا بالعائلة. فما الذي دفع إلى الإيصال إلى فكرة البحث عن هُويّة الأب، ومعرفة الأب البيولوجيّ، والأب الحقيقيّ عند بطل الرّواية؟
كثيرًا ما تشكّل الحوادثُ البسيطةُ مفاتيحَ للعقل والوجدان عند صاحبها، فتدفعه إلى اتّخاذ مسارات قد لا تكون في حساباته. وما فتح هذه الشّهية التأصيليّة لدى الشّخصيّة الرّئيسة في الرّواية، هو حادثة صغيرة حصلت معه، وقد ولّدت هذه الحادثة الشكّ في عقله. هذا الشكّ رسم خطّ سيره إلى كشف حقيقة الأب، وتقصّيها عبر طريق طويل مساره عودة إلى نقطة الولادة.
ما يعني، أنّ حادثة التّنمّر الأولى التي تعرّض لها طانيوس، يوم أطلق عليه شلّيطا لقبَ طانيوس الكشك، ووجد أنّها لا تصلح لأن تكون لقبًا، جعلته يربط الأحداث بعضها ببعض، وشكّلت حافزًا له لكي يبحث عن الحقيقة.
وكان من رواسب التنمّر الثاني من روكز، أنّه بعد أن ابتعد من أهله، عاد يطلب يد العون والمساعدة، فما كان من والده إلّا أن ضحى بحياته في سبيل عدم خسارة ابنه، وكانت المرّة الوحيدة التي يشعر فيها طانيوس أنّ جريس إلى جانبه، وهو حقًّا والده، “أبي” كلمة، منذ سنوات عديدة لم يناده طانيوس بذلك([43]): “ضمّ الفتى إلى صدره لبرهة، ثمّ تركه ليرجعَ إلى القصر، ولكنّ طانيوس جذبه من ذراعه: بييّ، لنبقَ معًا، لقد اخترت هذه المرّة أن تقف جانبي، ولن أدعك تعود إلى الشيخ أبدًا”([44]). قرّر طانيوس في اللحظةِ الأخيرةِ التي يقول فيها جريس إني قاتل من أجله، أن يعترف بوالده، ويلقى المصير نفسه الذي سوف يلقاه.
وبالنّتيجة، على الرّغم من أنّ طانيوس لم يعرف هُويّة والده الحقيقيّة، غير أنّه بحث عنه واعترف بجريس والدًا له، فأشبعَ النّقصَ الذي كان يشعر به، ولم يدَعْهُ يتملّكه. وحقّقَ التّوازنَ النّفسيَّ وتسامى فوق ما كان يمكن أن يشكّل لديه عقدة. يكفي أن نراه يستعمل كلمة “أبي” التي نفّس بها عن كلّ ما يعتمل في صدره، وتحرّر من كلّ المشاعر السّلبيّة، وأصبح “أعلى ممّا كان يشكّل عقدة نقصه”([45]).
كما أنّ هناك سِمات أخرى ميّزت شخصيّتَه منها ما رافقه منذ طفولته، ومنها ما ساعده على تخطّي حوادث التّنمّر.
2-سمات شخصيّة طانيوس: يرى سيغموند فرويد (Sigmund Freud)([46]) أنّ شخصيّةَ الفرد تتكوّن من الهُوَ والأنا والأنا الأعلى.
الهُوَ: يشتمل على الموروث والغريزيّ والرّغبات المكبوتة التي لم تتحقّق، ويتبع مبدأ اللّذّة.
الأنا: يتحكّم بالغرائز والرّغبات من خلال إشباعِها أو قَمعِها. يخضع لمبدأ الواقع.
الأنا الأعلى: هو الضّمير، ويمثّل القِيمَ الأخلاقيّةَ والاجتماعيّةَ. يراقب وينتقد ومعاييرُهُ تصدر عن الأنا المثاليّ([47]).
أمّا كارل يونغ (Carl Jung)([48]) أحد تلاميذ فرويد الذي انشقّ عنه، يرى أنّ أبنيةَ الشّخصيّة هي: “الأنا واللّاشعور الشّخصيّ وعِقَدُه، واللّاشعور الجمعيّ وأنماطه الأوّليّة، والقناع، والأنيما، والأنيموس، وأخيرًا الظّلّ. وتوجد الاتّجاهات الانطوائيّة والانبساطيّة ووظائف التّفكير والوجدان والإحساس والحدس، وأخيرًا الذّات التي هي الشّخصيّة المكتملة”([49]).
أمّا المحلّلون النّفسيّون الحديثون فقد ركّزوا في نظريّاتهم على الأنا السّويّ العاقل أكثر من تركيزهم على الجانب المَرَضيّ فيه، وافترضوا أنّه موروثٌ كما الهُوَ([50]).
وعندما اختار “أمين معلوف” طانيوس بطلًا لروايته بنى عليه كلّ الصفات التي استقاها من الواقع، مازجًا خيارَه بالخيال الذي يغذّي عمليّة الإبداع في العمل الأدبيّ.
فنرى طانيوس هو الشخصيّة الرئيسة في الرواية والمُسيطِرة على أغلب الأحداث فيها. إنّه الشخصيّة المُدرِكة، المُصمِّمَة على عمل معيّن، الرافضة للقرارات الخارجيّة. فالأنا هنا مستقلّ لا يتأثّر بالعوامل الخارجيّة، ما يشير إلى شخصيّةٍ قويّةٍ قادرةٍ على تخطّي مختلف الصّعوبات التي قد تواجهها. وقد لمسنا ذلك في عمليّة بحثه الدّؤوب عن والده.
وقد كان هو سيّد قراره: ففي المرّة الأولى يوم قرّر الشيخ منعَه من الذهاب إلى مدرسة الإنكليز، قرّر الانقطاع عن الطعام إلى حين تحقيق مبتغاه وعودته إلى المدرسة.
ويوم رفض روكز أن يزوّجه من ابنته أسما هدّد بالانتحار، فخاف جريس عليه وحاول المستحيل ليتمكّن من إعادة ثقة ابنه به حتى تحوّل إلى قاتل.
كانت كلّ العراقيل التي يواجها طانيوس يحاول أن يتخطاها من خلال شخصيّته ليحقّق الهدف الذي يريده، وعندما وصل في النهاية إلى موقف لم يستطع من خلاله تحقيقَ أهدافه قرّر الاختفاء. وبالتّالي هو يريد تحقيق كلّ متطلّبات الأنا منذ طفولته، ووجدَ استجابةً من الآخر، لذلك، لم يستطع تحمّل عدم تحقيق كلّ أهدافه فاختار أن يختفيَ، ربّما من أجل استعادة النّفَس لإعادة المحاولة بعد حين.
فطانيوس يتمتّع بصحّة نفسيّة ولا يعاني من أيّة اضطرابات لأنّه كان قادرًا على تخطّيها دائمًا، وإن كان ذلك بالتّهديد بما يضرّ بصحّته الجسديّة، إذ لم يكن ذلك إلّا من باب الغنج الذي نشأ عليه وتأكّده من أنّ طلباته لا بدّ أن تُنَفَّذ. وقد ظهرَتْ هذه الصّحّة النّفسيّة بشكل خاصّ في عمليّة بحثه عن الوالد، القرار الذي اتّخذه وعمل عليه، وعندما أعمَلَ عقله وحلّلَ تصرّفات جريس التي كانت تصبّ دائمًا في مصلحته ومحاولة إرضائه، وجده الجديرَ أن يعترفَ به أبًا فالذي يتمتّع بالصّحّة النّفسيّة، كما يرى إيريك فروم (Erich FROMM)([51])، “لا يرضخ إلّا لصوت العقل والضّمير، وفعله للخير واتّباعه للحقّ”([52])، أيّ أنّ الأنا الأعلى يغلب على الإنسان المعافى نفسيًّا.
الخاتمة: يعيش طانيوس في الرّواية الصراع القائم بين ما هو مأمول وما هو واقعيّ. يحاول جاهدًا أن يرسلَ لنا الرسالة التي أرادها الكاتب من خلال شخصيّته التي تتجاذبُها الصراعاتُ الوجوديّة والكيانيّة والعواطفُ ومشاعرُ الرغبة في إثبات الوجود وتحقيق الذات. فهو يتفاعل مع الأحداث، ساعيًا إلى تغيير الواقع والثورة عليه والانتقال به من حالة السكون إلى حالة الفعل والحركة الدائمة.
نجد في الرّواية موضوع الدراسة، أنّ المجتمعَ الذي تربّى فيه البطل هو مجتمع قائم على فكرة التنمّر منذ الصغر. وقد واجهه بمختلف أشكاله اللفظيّة والجسديّة، وكان هذا التنمّر هو الباعثَ والدافعَ للبحث عن الحقيقة، حقيقة هُويّة الأب، فهو مجهول الهُويّة، وحياته كلّها كانت مبنيّة على الكذب، والغموض، والتستّر.
والدراما في سيرته، تكمن في أنّ المجتمع يعلم الحقيقة، ولكنّه يخفيها عنه، وعليه أن يجتهد، ويبحث عن هويّته، لكي يدرك في النّهاية حقيقة هذا الشكّ، ويصل إلى اليقين.
وفي مواجهة التّنمّر، كان واعيًا للواقع فقرّر تجنّب النّاس ورفقاءه أثناء عودته من المدرسة، لأنّه كان يعلم حجم الحقد الذي يكنّه لكلّ مَن يعلم الحقيقة ويخفيها عنه، وكان قراره صائبًا لأنّ احتكاكه بالآخر، في تلك الحقبة من حياته، ربّما قد أدّى به إلى مشاكل ومشاحنات وتصرّفات هو بغنى عنها، لا ترضى بها أخلاقُه والقِيَمُ التي نشأ عليها.
كما أنّ هذا التّنمّر في مرحلتَيه: الأولى أثناء المبارزة ومناداته ب “طانيوس الكشك”، والثّانية أثناء الإساءة التي وجّهها إليه روكز وإهانته، لم يولّدا في شخصيّته عقدةَ نقصٍ أو اضطرابًا نفسيًّا، بل دفعاه إلى تقصّي الحقيقة، واعترافه بجريس والدًا له، نتيجة أحداث عاشها ووجده يقف إلى جانبه وقفة الوالد دعمًا لابنه، وبالتّالي، فقد وجد به الأبَ المنشود.
فهل استطاع طانيوس أن يحقّق التّوازن المنشود في شخصيّته وسط مجتمع مغلق تكثر فيه الأقاويل والشّائعات؟
الهوامش
([1])حائزة شهادة دكتوراه في اللّغة العربيّة وآدابها من جامعة القدّيس يوسف – بيروت بدرجة مشرّف جدًّا. عملت في دبي مدرّسة ومنسّقة للّغة العربيّة في المدرسة اللّبنانيّة الفرنكوفونيّة، كما كان لها عدّة مشاركات في مؤتمرات للّغة العربيّة في دولة الإمارات العربيّة المتّحدة. وعملت مدرّبة حول الطّرق الحديثة والنّاشطة واعتماد الابتكار والإبداع في التّعليم. لها عدّة أبحاث في مجلّات محكّمة، ولديها خبرة واسعة في تعليم اللّغة العربيّة لغير النّاطقين بها. عضو الهيئة الإداريّة في نادي الكتاب اللّبنانيّ.
PHD in Arabic Language and Literature from Saint Joseph University – Beirut with high distinction. Worked in Dubai as a teacher and Arabic Language coordinator in the Lebanese Francophone School, and participated in many conferences about Arabic language in the UAE. Worked also as a trainer on modern and active methods as well as adpting innovation and creativity in education. Done several researches in peer-reviewed journals. Well experienced in Arabic Language teaching for Non-Arabic speakers. Member of the board of directors in the Lebanese Book Club.Email: Ranakaram777@gmail.com
([2]) أمين معلوف: “روائيّ وصحفيّ لبنانيّ فرنسيّ، وُلد في بيروت العام 1949، وانتقل نهاية السّبعينيّات إلى فرنسا. يُعدّ أحد أعلام الأدب والفكر العالميّ، وواحدًا من أبرز الكتّاب في تاريخ الثّقافة الفرنكوفونيّة وف يالمجال الثّقافيّ بالعالم العربيّ، ويعدُّه كثير من العرب “صوتهم ومؤرّخهم عند الغرب”. ترجمت أعماله المختلفة الأدبيّة والفكريّة إلى عدّة لغات” (https://www.aljazeera.net، المراجعة بتاريخ 15/ 9/ 2024).
([3]) فرويد، علم نفس الجماهير، ص 42.
([4]) J. Juvonen, S. Graham, and M. Shuster, “Bullying Among Young Adolescent: The Strong, The Weak, and The Troubled”, pp. 1231- 1238.
([5]) D. Dickerson, “Cyber bullies on camps”, https://www/unicef.org.violence.
([6]) K. Rigby, “Do Interventions to Reduce Bullying in a school Realy Work”, https://www.education.unisa.ed.au.Bullying intervention.Htm..
([7]) S. Gilbert, “Study Finds Bullies and Victims are More Alike Than Different Both Group Likely to be Suffering from Depression”, https://www.sfGate.com.
([8]) J.Sarsen, Bullies and their Victims: Identification and Intervention.
([9])A. Beane, The Bully Free Classroom: Over 100 Tips and Strategies for Teachers.
([10]) E. W. Litz, An Analysis of Bullying Behaviors at e.b.stanley Middle School in Abingdon.
([11]) K. Kumpulainen, E. Rasanen, Henttonen & others, “Bullying and Psychiatric Symptoms Among Elementary School-age Children”, pp.705-717.
([12]) N. Bidwell, “The Nature and Prevalence of Bullying in Elementary Schools”, www.Ssta.sk.ca/school_improvement/97-06.hyml.
([13])T. Cssidy, “Bullying and Victimization in Schoolchildren: the role of social identity, Problem-solving style, and family and school context”, pp. 63- 76.
([14]) أمين معلوف، صخرة طانيوس، ص 49.
([19]) J. Horwoodm, A. Waylen, D. Henrick, C. Williams, & D. Wolke, “Common Visual Defects and Peer Victimization in Children”, pp, 1177-1181.
([20]) D. Olweus, Bullying at School: Tackling the Problem.
([21]) أمين معلوف، م. س.، ص 77.
([24]) B. Coloroso, “Bully, Bullied, Bystander, and beyond: Help Students Choose a New Role”, pp: 51-53.
([25]) أدلر: (1870- 1937): يهوديّ نمساويّ. من مؤسّسي التّحليل النّفسيّ. انفصل عن فرويد وصارت له مدرسته. اشتهرت نظريّته التي أسماها علم نفس الفرد، ويعتبر أب عقدة النّقص (عبد المنعم الحفنيّ، موسوعة علم النّفس والتّحليل النّفسيّ، ص 23).
([26]) روجيه موكيالي، العقد النّفسيّة، ص 28.
([27]) لمزيد من المعلومات مراجعة م. ن. ص 27.
([28]) أمين معلوف، م. س.، ص 79.
([32]) روجيه موكيالي، م. س، ص 47.
([33]) W. Robers, Bullying from both sides: Strategic intervention for Working with Bullies and Victims.
([34]) أمين معلوف، م. س، ص 80.
([42]) P. Smokowski, & K. Kopaz, “Bullying in School: an Overview of Types, Effects, Family Characteristics, and Intervention Strategies”, pp: 101-110.
([43]) ا أمين معلوف، م. س.، ص 182.
([45]) روجيه موكيالي، م. س.، ص 27.
([46])سيغموند فرويد (1856- 1939): “طبيب فيلسوف نمساويّ. مؤسّس طريقة التّحليل النّفسانيّ. أفرط في أهمّيّة الدّوافع والعواطف اللّاشعوريّة، وأهمّيّة العوامل الجنسيّة لا سيّما في طور الطّفولة” (لويس معلوف، المنجد: الأعلام، ص 389).
([47]) لمزيد من المعلومات مراجعة: عبد المنعم الحفنيّ: المعجم الموسوعيّ للتّحليل النّفسيّ، ص 57- 70؛ الموسوعة النّفسيّة: علم النّفس في حياتنا اليوميّة، ص 510، 511، 522؛ الموسوعة النّفسيّة الجنسيّة، ص 133، 134؛ واطسون وليندجرين، سيكولوجية الطّفل والمراهق، ص 170، 171.
([48]) كارل غوستاف يونغ (1875- 1961): من أشهر علماء النّفس. اشتهر بنظريّاته حول بنية الشّخصيّة وتكوين النّفس. هو أوّل مَن أدخل مصطلح “اللّاوعي الجمعيّ” إلى علم النّفس (www.aljazeera.net، المراجعة بتاريخ 15/ 9/ 2024).
([49] )عبد المنعم الحفنيّ، الموسوعة النّفسيّة: علم النّفس في حياتنا اليوميّة، ص 525.
([51])إيريك فروم (1955 –1980م): عالم نفس وفيلسوف ألمانيّ أمريكيّ. ولد في مدينة فرنكفورت وهاجر إلى الولايات المتّحدة الأميركيّة عام 1934. من أعماله: “الهروب من الحرّيّة” (https://www.britannica.com، المراجعة بتاريخ 15/ 9/ 2024).
([52]) عبد المنعم الحفنيّ، الموسوعة النّفسيّة: علم النّفس في حياتنا اليوميّة، ص 445.
المصادر والمراجع
أوّلًا – المدوّنة
1- معلوف (أمين)، صخرة طانيوس، تر. نهلة بيضون، بيروت، دار الفارابي، 2001م.
ثانيًا – المراجع العربيّة
2- الحفني (عبد المنعم)، المعجم الموسوعيّ للتّحليل النّفسيّ، القاهرة، مكتبة مدبولي، 1995.
3- …، موسوعة علم النّفس والتّحليل النّفسيّ، ط 4، القاهرة، مكتبة مدبولي، 1994.
4- …، الموسوعة النّفسيّة الجنسيّة، ط 2، القاهرة، مكتبة مدبولي، 1997.
5- …، الموسوعة النّفسيّة: علم النّفس في حياتنا اليوميّة، القاهرة، مكتبة مدبولي، 1995.
6- فرويد (سيغموند)، علم نفس الجماهير، ترجمة وتقديم جورج طرابيشي، رابطة العقلانيّين العرب، بيروت، دار الطّليعة للطّباعة والنّشر.
7- معلوف (لويس)، المنجد في اللّغة والأدب والعلوم (الأعلام)، ط 19، بيروت، المطبعة الكاثوليكيّة، 1966.
8- موكيالي (روجيه)، العقد النّفسيّة، ترجمة موريس شربل، بيروت، باريس، منشورات عويدات، 1988.
9- واطسون (روبرت) وليندجرين (هنري كلاي)، سيكولوجية الطّفل والمراهق، ترجمة داليا عزّت مؤمن، مراجعة محمّد عزّت مؤمن، تقديم فرج أحمد فرج، القاهرة، مكتبة مدبولي، 2004.
ثالثًا – المراجع الأجنبيّة
- Beane (A.), The Bully Free Classroom: Over 100 Tips and Strategies for Teachers K-8, Minneapolis, Free Spirit Publishing, 1999.
- Bidwell (N), The Nature and Prevalence of Bullying in Elementary Schools, A Summary of a Masters Thesis, 1997. From Ssta.sk.ca/school_improvement/97-06.hyml.
- Coloroso (B.), “Bully, Bullied, Bystander, and beyond: Help Students Choose a New Role”, Teaching Tolerance, 39(1), 2011.
- Cssidy (T.), “Bullying and Victimization in Schoolchildren: the role of social identity, Problem-solving style, and family and school context”, Social Psychology Educational, 12, 2009, pp. 63- 76.
- Dickerson (D.), “Cyber bullies on camps”, Retrieved October 5, 2006. from the https://www/unicef.org.violence, Delta, Liban, 1996.
- Gilbert (S.), “Study Finds Bullies and Victims are More Alike Than Different Both Group Likely to be Suffering from Depression”, August 25 1999, Retrieved October 5, 2006, from https://www.sfGate.com.
- Horwoodm (J.), Waylen (A.), Henrick (D.), Williams (C.) & Wolke (D.), “Common Visual Defects and Peer Victimization in Children”, 46 (4), 2005, pp. 1177-1181.
- Juvoen (J.), Graham (S,) and Shuster (M,), “Bullying Among Young Adolescent: The Strong, The Weak, and The Troubled”, Pediatrics, 112, (6), pp. 1231- 1238, Retrieved October 5, 2006, from EBSCO host Master File data base.
- Kumpulainen (K.), Rasanen (E.), Henttonen & others, “Bullying and Psychiatric Symptoms Among Elementary School-age Children”, Child Abuse and Neglet, 22, pp. 705-717.
- Litz (E. W.), An Analysis of Bullying Behaviors at e.b.stanley Middle School in Abingdon, Virginia Published Doctoral Dissertation, East Tennessee State University, 2005
- Olweus (D.), Bullying at School: Tackling the Problem, Research Center For Health Promotion, London, 2005.
- Rigby (K.), “Do Interventions to Reduce Bullying in a school Realy Work”, Retrived October 5, 2006 from Dr. Rigby’s Bullying pages Web sites: https://www.education.unisa.ed.au.Bullying intervention.Htm..
- Robers (W.), Bullying from both sides: Strategic intervention for Working with Bullies and Victims, USA, Corwin press, 2006.
- Sarsen (J.), Bullies and their Victims: Identification and Intervention, UN Published Master Thesis, University of Wisconsin- State, 2002.
- Smokowski (P.) & Kopaz (K.), “Bullying in School: an Overview of Types, Effects, Family Characteristics, and Intervention Strategies”, Children and Shool, 27 (2), 2011, pp, 101- 110.
رابعًا – المراجع الرّقميّة
16-https://www.aljazeera.net
17-https://www.britannica.com
18- https://www.education.unisa.ed.au.Bullying intervention.Htm
20-https://www/unicef.org.violence