الاحتراق النّفسي وأثره على الأداء الوظيفي للممرضات العاملات في مراكز تأهيل المدمنين على المخدرات في لبنان
عنوان البحث: الاحتراق النّفسي وأثره على الأداء الوظيفي للممرضات العاملات في مراكز تأهيل المدمنين على المخدرات في لبنان
اسم الكاتب: د. رلى سميح علاوي
تاريخ النشر: 20/12/2024
اسم المجلة: مجلة أوراق ثقافية
عدد المجلة: 34
تحميل البحث بصيغة PDFالاحتراق النّفسي وأثره على الأداء الوظيفي للممرضات العاملات في مراكز تأهيل المدمنين على المخدرات في لبنان
Burnout and Its Impact on Job Performance Among Nurses Working in Drug Rehabilitation Centers in Lebanon
Dr Rola Samih Alawi د. رلى سميح علاوي([1])
تاريخ الإرسال:29-10-2024 تاريخ القبول:8-11-2024
ملخص الدّراسة
تهدف هذه الدّراسة إلى استكشاف مستوى الاحتراق النّفسي بين الممرضات العاملات في مراكز تأهيل المدمنين على المخدرات في لبنان وتحليل تأثيره على الأداء الوظيفي. جمعت الباحثة البيانات من عدة مصادر، بما في ذلك مقابلات مع الممرضات ومراجعة المستندات والتّقارير ذات الصلة، واستخدمت المنهج الوصفي التحليلي. حُلِّلت البيانات باستخدام الأساليب الكميّة الاحصائيّة، واعتمدت على استبانة مكونة من 20 فقرة موزعة بين محورين.
أظهرت النّتائج أن الاحتراق النّفسي يؤثر سلبًا على الكفاءة المهنيّة للممرضات وجودة الرّعاية الصّحيّة المقدمة، كما يؤدي إلى تراجع في الأداء الوظيفي. تبيّن أنّ العمل بنوبات طويلة وغير منتظمة يزيد من مستويات التوتر والاحتراق النّفسي، ما ينعكس سلبًا على الصّحة النّفسيّة والأداء الوظيفي للممرضات. كما أظهرت الدّراسة تأثيرًا سلبيًا مباشرًا للاحتراق النّفسي على الرضا الوظيفي لدى الممرضات، وشعورهن بالإحباط. تبرز هذه النّتائج الحاجة لاتخاذ تدابير فعّالة لتقليل الاحتراق النّفسي، وتحسين ظروف العمل لتعزيز الأداء الوظيفي والرضا الوظيفي والصّحة النّفسيّة للممرضات في مراكز تأهيل المدمنين على المخدرات في لبنان. بناءً على النتائج، يمكن الاستنتاج أنّ الاحتراق النّفسي يؤثر بشكل بارز على الأداء الوظيفي للممرضات، ما يستدعي تحسين بيئة العمل من خلال تقليل ساعات العمل الطويلة وغير المنتظمة وتوفير جداول عمل مرنة.
الكلمات المفتاحيّة: الاحتراق الوظيفي – الأداء الوظيفي للممرضات – مراكز تأهيل المدمنين – المخدرات.
Abstract
This study aims to explore the level of burnout among nurses working in drug rehabilitation centers in Lebanon and analyze its impact on job performance. The researcher collected data from several sources, including interviews with nurses and reviewing relevant documents and reports, using a descriptive-analytical method. The data were analyzed using quantitative statistical methods, relying on a questionnaire consisting of 20 items divided equally between two axes.
The results showed that burnout negatively affects nurses’ professional competence and the quality of healthcare provided, leading to a decline in job performance. It was found that working long and irregular shifts increases stress and burnout levels, which adversely affects the nurses’ mental health and job performance.
The study also revealed a direct negative impact of burnout on job satisfaction among nurses and their feelings of frustration. These findings highlight the urgent need for effective measures to reduce burnout and improve working conditions to enhance job performance, job satisfaction, and mental health of nurses in drug rehabilitation centers in Lebanon. Based on the results, it can be concluded that burnout significantly affects the job performance of nurses, necessitating improvements in the work environment by reducing long and irregular working hours and providing flexible work schedules.
Keywords: job burnout – nurses’ job performance – addiction rehabilitation centers – drugs.
المقدمة
تعدُّ مهنة التّمريض من أكثر المهن التي تتطلب تفاعلًا بشريًّا مباشرًا، وتتسم بقدر كبير من المسؤوليّة والضغوط النّفسيّة. وتزداد هذه الضغوط في مراكز تأهيل المدمنين على المخدرات، إذ تكون الممرضات في مواجهة مستمرة مع حالات صعبة ومعقدة، ما يعرضهن لمستويات عالية من الاحتراق النّفسي. يُعرّف الاحتراق النّفسي أنّه حالة من الإنهاك العاطفي والجسدي التي تنتج عن الضّغط المستمر والمفرط في العمل، والذي يؤدي إلى انخفاض الكفاءة والأداء الوظيفي. (داود، 2016، ص:55)
في لبنان، حيث تزداد الحاجة إلى خدمات مراكز تأهيل المدمنين نظرًا لتزايد مشكلة الإدمان، يتوجب على الممرضات العاملات في هذه المراكز مواجهة تحديّات إضافيّة تتعلق بتوفير الرّعاية النّفسيّة والجسديّة للمدمنين، والقيام بمهامهن ضمن بيئة عمل مرهقة وضاغطة. إنّ تأثير الاحتراق النّفسي على الأداء الوظيفي للممرضات يمكن أن يكون كبيرًا، ما ينعكس سلبًا على جودة الرّعاية الصّحيّة المقدمة للمدمنين وعلى صحة وسلامة الممرضات أنفسهن.
تهدف هذه الدّراسة إلى تقييم درجة تأثير الاحتراق النّفسي على الأداء الوظيفي للممرضات العاملات في مراكز تأهيل المدمنين على المخدرات في لبنان. من خلال فهم هذا التأثير، يمكن تطوير استراتيجيات دعم فعالة للممرضات، وبرامج لتحسين ظروف عملهن وتعزيز قدرتهن على التّعامل مع الضغوط النّفسيّة، وتحسين جودة الخدمات المقدمة في مراكز التأهيل. من خلال دراسة هذا الموضوع بشكل أعمق ومحاولة فهم تطبيقاته العمليّة، يمكننا الوصول إلى استنتاجات مفيدة تساهم في تطوير الأداء الوظيفي للممرضات العاملات في مراكز تأهيل المدمنين على المخدرات في لبنان بشكل عام.
الفصل الأول: الإطار المنهجي للدراسة
أولًا- إشكاليّة الدّراسة: تعد مهنة التّمريض في مراكز تأهيل المدمنين على المخدرات من أصعب المهن في المجال الصحي وأشهرها، نظرًا للتحديات الكبيرة والضغوط النّفسيّة التي تواجهها الممرضات يوميًّا. هؤلاء الممرضات يتعاملن مع حالات معقدة تتطلب رعاية صحيّة مكثفة، وصبرًا كبيرًا، وفهمًا عميقًا لحالة المرضى النّفسيّة والجسديّة. هذا العمل المكثف والمتواصل يمكن أن يؤدي إلى ما يعرف بالاحتراق النّفسي، وهو حالة من الإجهاد المزمن النّاجم عن الضغوط المهنية الشّديدة. (الشرعة، 2016، ص:48) وتجدر الإشارة إلى أن الاحتراق النّفسي لا يؤثر فقط على الصّحة النّفسيّة والجسديّة للممرضات، بل يمتد تأثيره ليشمل الأداء الوظيفي، ما ينعكس سلبًا على جودة الرّعاية المقدمة للمدمنين ويؤثر على نتائج عمليّة التأهيل.
تواجه الممرضات العاملات في مراكز تأهيل المدمنين على المخدرات في لبنان ضغوطًا نفسيّة كبيرة ناتجة عن طبيعة عملهن الشّاقة والمعقدة. قد تؤدي هذه الضغوط إلى احتراق نفسي يؤثر بشكل مباشر على أدائهن الوظيفي، ما ينعكس سلبًا على جودة الرّعاية المقدمة للمدمنين. في ضوء هذا السِّياق، يُمكن تحديد إشكاليّة الدّراسة حول مدى تأثير الاحتراق النّفسي على الأداء الوظيفي للممرضات، وكيف يمكن تحديد العوامل المساهمة في هذا الاحتراق وتطوير استراتيجيّات فعالة للحد منه، وتحسين بيئة العمل في هذه المراكز الحساسة. من هنا تطرح الباحثة السؤال الرئيس لإشكاليّة دراستها كالآتي:
- ما درجة تأثير الاحتراق النّفسي على الأداء الوظيفي للممرضات العاملات في مراكز تأهيل المدمنين على المخدرات في لبنان؟
الأسئلة الفرعيّة
- كيف يؤثر الاحتراق النّفسي على جودة الرّعاية الصّحيّة المقدمة من الممرضات في مراكز تأهيل المدمنين على المخدرات في لبنان؟
- ما هي العوامل البيئيّة والنّفسيّة التي تساهم في زيادة مستويات الاحتراق النّفسي بين الممرضات العاملات في هذه المراكز؟
- كيف يؤثر الاحتراق النّفسي على التفاعل الاجتماعي للممرضات مع المرضى وزملائهم في العمل؟
ثانيًا- فرضيّات الدّراسة
الفرضيّة الرّئيسة
- يؤثر الاحتراق النّفسي على الأداء الوظيفي للممرضات العاملات في مراكز تأهيل المدمنين على المخدرات في لبنان بدرجة مرتفعة.
الفرضيّات الفرعيّة
- قد يؤدي الاحتراق النّفسي إلى انخفاض في مستوى الكفاءة المهنية، وينعكس على مستويات التركيز لدى الممرضات وأداء مهامهم اليومية بفعاليّة، ما يؤثر سلبًا على جودة الرّعاية الصّحيّة المقدمة للمرضى.
- يمكن أن يؤدي العمل بنوبات طويلة وغير منتظمة إلى تعرض الممرضات لمشاكل الشّخصيّة، وعائليّة تؤثر سلبًا على التّوازن بين العمل والحياة الشّخصيّة، ما يزيد من مستويات التّوتر والاحتراق النّفسي.
- يؤثر الاحتراق النّفسي سلبًا على عمليّة التفاعل الاجتماعي للممرضات مع المرضى وزملائهم في العمل، فالممرضات اللواتي يعانين من الاحتراق النّفسي قد يكونن أكثر عرضة للتوتر والصراع مع المرضى، كما يمكن أن يؤدي الاحتراق النّفسي إلى انخفاض في الرضا الوظيفي لديهن وشعورهن بالإحباط.
ثالثًا- أهدافُ الدّراسة
- تحديد مستوى الاحتراق النّفسي بين الممرضات العاملات في مراكز تأهيل المدمنين على المخدرات في لبنان.
- تحليل تأثير الاحتراق النّفسي على الأداء الوظيفي للممرضات في هذه المراكز.
- اكتشاف العوامل المساهمة في حدوث الاحتراق النّفسي بين الممرضات، سواء أكانت مرتبطة بالبيئة العمل أو الظروف الشّخصيّة.
- تقييم العلاقة بين الاحتراق النّفسي وعوامل أخرى مثل الرضا الوظيفي، معدل التّغيب عن العمل، ومستوى الالتزام الوظيفي.
- اقتراح استراتيجيات وبرامج لدعم الصّحة النّفسيّة للممرضات وتقليل مستوى الاحتراق النّفسي، لتحسين الأداء الوظيفي.
- توفير توصيات للإدارات الصّحيّة وصناع القرار لتحسين بيئة العمل وتقديم الدعم النّفسي والاجتماعي اللازم للممرضات.
رابعًا-أهمّيّة الدّراسة: تكمن أهمية هذه الدّراسة في فهم تأثير الاحتراق النّفسي على الأداء الوظيفي للممرضات العاملات في مراكز تأهيل المدمنين على المخدرات في لبنان، ما يساهم في تحسين جودة الرّعاية الصّحيّة المقدمة؛ فالممرضات اللواتي يعانين من الاحتراق النّفسي قد لا يستطعن تقديم الرّعاية الفعالة، ما يؤثر سلبًا على عمليّة التّأهيل. بالإضافة إلى ذلك، تسلط الدّراسة الضوء على ضرورة دعم الصّحة النّفسيّة والجسديّة للممرضات، ما يعزز من جودة حياتهن الشّخصيّة والمهنيّة. كما تساعد نتائج هذه الدّراسة في تطوير برامج تدريبية ودعم إداري للممرضات، ما يضمن تحقيق الأداء الوظيفي الأمثل وتحسين بيئة العمل في مراكز التأهيل.
خامسًا- المصطلحاتُ والمفاهيمُ الإجرائيّةُ
- الاحتراق النّفسي: الاحتراق النّفسي Burnout هو حالة من الإجهاد النّفسي، والعاطفي المزمن الناجم عن التعرض المستمر لضغوط العمل الشّديدة، وهو مصطلح صاغه عالم النّفس الأمريكي هربرت فرودنبرغر في السّبعينيات. (Koutsimani, 2016, p: 100)
اصطلاحاً، يُعرف الاحتراق النّفسي أنه متلازمة نفسيّة تتسم بثلاثة أبعاد رئيسة: الإجهاد العاطفي الذي يتمثل في الشّعور بالإرهاق العاطفي والنّفسي وفقدان الطاقة؛ التبلد الشخصي، إذ يتطور شعور بالسّلبيّة والتذشاؤم تجاه العمل والزملاء، ما يؤدي إلى فقدان الشّعور بالأهمية أو التأثير الشخصي؛ وأخيرًا، انخفاض الإنجاز الشّخصي، فيشعر الفرد بعدم الرضا عن إنجازاته الشّخصيّة وبالعجز وقلة الكفاءة في أداء مهامه. تنتج هذه الأعراض عن ضغوط العمل المستمرة من دون أوقات كافية للراحة، ما يؤدي إلى تأثيرات سلبيّة على الأداء الوظيفي والصّحة العامة للعاملين. (داود، 2016، ص:22)
وتعرّفها الباحثة إجرائيًّا أنّها: يُعرَّف من خلال قياس ثلاثة أبعاد رئيسة باستخدام استبيانات معياريّة: الإجهاد العاطفي الذي يُقاس عبر تقييم الشّعور بالتّعب النّفسي والجسدي وفقدان الطاقة؛ التّبلد الشخصي الذي يُقيَّم من خلال مؤشرات مشاعر السلبيّة والتشاؤم تجاه العمل وزملاء العمل؛ وانخفاض الإنجاز الشّخصي الذي يُحدد عبر الشعور بعدم الرضا عن الإنجازات الشّخصيّة والإحساس بالعجز وقلّة الكفاءة.
- الأداء الوظيفي للممرضات: يعني القدرة على تنفيذ المهام والواجبات المهنيّة بكفاءة وفعاليّة داخل بيئة العمل الصّحيّة. يشمل هذا المفهوم قياسات متعددة مثل جودة الرّعاية التي يقدمها الممرضون، والتفاعلات مع المرضى والعائلات، والتّعاون مع أفراد الفريق الطبي والتّمريضي الآخرين، بالإضافة إلى مهارات الاتصال والتّنظيم والقدرة على التحمل، والتكيف مع ظروف العمل المتغيرة. تقييم الأداء الوظيفي يساعد في تحديد مدى تحقيق الممرضات لأهدافهن المهنية والمؤسسيّة، وفي تحديد النواحي التي يمكن تطويرها لتعزيز كفاءة وفعاليّة الخدمات الصّحيّة التي يقدمونها. (Satisfaction, 2018, p:98)
وتعرّفها الباحثة إجرائيًّا أنّها: قدرة الممرضات على تنفيذ المهام والمسؤوليات المهنية بكفاءة وفعالية داخل بيئة العمل الصّحيّة. يتضمن هذا التعريف تقييم عدة مؤشرات مثل جودة الرّعاية المقدمة، والتعامل مع المرضى والأسر، والتّفاعل مع أفراد الفريق الطبي والتّمريضي، بالإضافة إلى مهارات الاتصال والتّنظيم، والقدرة على التحمل والتكيف مع الظروف المتغيرة في العمل اليومي. تحديد مستوى الأداء الوظيفي يساهم في تحديد نقاط القوة والضّعف للممرضات، وفي تطوير استراتيجيّات لتعزيز الأداء وتحسين تجربة الرّعاية الصّحيّة للمرضى.
- مراكز تأهيل المدمنين: هي المؤسسات الصّحيّة التي تقدم خدمات تأهيليّة وعلاجيّة للأفراد المدمنين على المخدرات أو الكحول أو الإدمان السّلوكي. تهدف هذه المراكز إلى إعادة تأهيل الأفراد وتعزيز صحتهم النّفسيّة والجسديّة، وتقديم الدّعم اللازم لهم للتّخلص من الإدمان والعودة إلى حياة طبيعية مستقرة. تختلف خدمات هذه المراكز وفقًا للتّخصصات والبرامج المتاحة، وتشمل عادةً علاجات نفسيّة وطبيّة متكاملة بالإضافة إلى برامج الدعم الاجتماعي والتأهيل المهني.(الفرماني، 2015،ص: 100)
وتعرّفها الباحثة إجرائيًّا أنّها: تعني المؤسسات الصّحيّة التي توفر برامج تأهيليّة متخصصة للأفراد الذين يعانون من الإدمان على المخدرات في لبنان. يتميز تعريف هذه المراكز بتقديم خدمات تشمل العلاج النّفسي والطبي، والدّعم الاجتماعي، والبرامج التأهيليّة، بهدف إعادة تأهيل الأفراد وتحسين جودة حياتهم وإعادتهم إلى المجتمع بشكل صحي ومستقر. تُنظَّم هذه الخدمات وفاقًا لمعايير متخصصة تهدف إلى تحقيق أعلى معايير الرّعاية والتأهيل للمدمنين في البيئة الصّحيّة اللبنانية.
- المخدرات اصطلاحًا: تُعرَّف المخدرات بالمواد الكيميائيّة أو الطبيعيّة التي تؤثر على الجسم والعقل عند تناولها، وتسبب تأثيرات نفسيّة وفيزيولوجيّة قد تكون مدمرة إذا استُخدِمت بشكل غير مراقب أو غير مشروع. تتنوع المخدرات في أشكالها وأنواعها، بما في ذلك المخدرات القانونيّة مثل الأدوية المنشطة والمخدرات غير القانونية مثل الهيروين والكوكايين. تتميز المخدرات بقدرتها على إحداث تأثيرات نفسيّة متنوعة مثل النّشوة، التّهيج، أو التّخدير، ويمكن أن تؤدي إلى الإدمان والتأثيرات السّلبيّة العديدة على الصّحة الجسديّة والنّفسيّة للمستخدمين. (المطيري، 2022،ص:105)
وتعرّفها الباحثة إجرائيًّا أنّها: مواد كيميائيّة أو طبيعية تؤثر على الجسم والعقل بشكل سلبي عند تعاطيها، وتشمل مختلف الأصناف مثل المخدرات القانونية وغير القانونية.
الفصل الثاني: استعراض المراجع
- المبحث الأول: الاحتراق النّفسي وأثره على الاداء الوظيفي للممرضات
تعدُّ مهنة التّمريض في عالم الرّعاية الصّحيّة من أكثر المهن التي تتطلب جهدًا نفسيًّا وعاطفيًّا وجسديًّا كبيرًا. تتعرض الممرضات بشكل يومي لمواقف ضاغطة ومعقدة، وخاصةً في مراكز تأهيل المدمنين على المخدرات، حيث يتعاملن مع حالات تتطلب رعاية مكثفة وفهمًا عميقًا للظروف النّفسيّة والاجتماعيّة للمرضى. يُعد الاحتراق النّفسي ظاهرة شائعة بين الممرضات في هذه البيئات، إذ يؤدي الضغط المستمر والتّعرض للتوتر إلى حالة من الإنهاك العاطفي والجسدي، ما يؤثر سلبًا على أدائهن الوظيفي. يهدف هذا المبحث إلى تقديم تعريف شامل للاحتراق النّفسي واستعراض مظاهره المختلفة، بالإضافة إلى تحليل العوامل التي تسهم في زيادة احتماليّة تعرض الممرضات لهذه الحالة. كما سنتناول بالتفصيل كيفيّة تأثير الاحتراق النّفسي على الأداء الوظيفي، من خلال استعراض نتائج دراسات سابقة وتجارب ميدانيّة، مع التركيز على ممرضات مراكز تأهيل المدمنين في لبنان.
- تعريف الاحتراق النّفسي: يُمكن تعريف الاحتراق النّفسي أنّه حالة من الإنهاك العاطفي والجسدي، والعقلي التي تنتج عن التعرّض المستمر أو المزمن للإجهاد والضغوط النّفسيّة في بيئة العمل. تتجلى هذه الحالة في شعور الفرد بالإرهاق العاطفي، وتطوير مشاعر سلبيّة أو مواقف قاسية تجاه الآخرين في بيئة العمل، والشّعور بالتّباعد والانعزال. بالإضافة إلى ذلك، يعاني الفرد من انخفاض في قدرته على الإنجاز والكفاءة، ما يؤدي إلى تدني الشّعور بالإنجاز الشخصي والإنتاجّية. يُعد الاحتراق النّفسي مشكلة خطيرة تؤثر على الصّحة النّفسيّة والجسديّة للأفراد، وتنعكس سلبًا على الأداء الوظيفي والكفاءة المهنية، ما يستدعي ضرورة فهمها والعمل على إيجاد استراتيجيات فعّالة للتعامل معها والحد من تأثيراتها السلبيّة. (كفافي، 2009، ص35)
- العوامل المساهمة في الاحتراق النّفسي للممرضات: تساهم عدة عوامل في الاحتراق النّفسي للممرضات، منها عبء العمل الذي يتضمن ساعات العمل الطويلة والعمل بنوبات متغيرة، ما يؤدي إلى زيادة مستويات الإجهاد والتّوتر. التّعامل اليومي مع حالات معقدة وصعبة، مثل مرضى مراكز تأهيل المدمنين، يعرض الممرضات لضغوط نفسيّة إضافيّة نتيجة التعرض المستمر للألم والمعاناة. بيئة العمل تؤدي دورًا كبيرًا أيضًا، إذ يمكن لنقص الدّعم الإداري والموارد، وظروف العمل غير المريحة، أن تزيد من الاحتراق النّفسي. بالإضافة إلى ذلك، يؤثر نقص الدّعم الاجتماعي والنّفسي، سواء من الزملاء أو البرامج النّفسيّة، بشكل كبير على الصّحة النّفسيّة للممرضات. العوامل الشّخصيّة مثل السعي للكمال وصعوبة تحقيق التوازن بين العمل والحياة تزيد من مخاطر الاحتراق النّفسي.
وأخيرًا، تؤكد الباحثة أنّ الأوضاع الاجتماعيّة والاقتصاديّة، بما في ذلك عدم الرضا عن الأجور والمكافآت والوضع الاقتصادي العام، تساهم أيضًا في زيادة الضغوط والتّوتر النّفسي، ما يجعل الاحتراق النّفسي أكثر احتمالًا.
- تأثير الاحتراق النّفسي على الأداء الوظيفي: يؤثر الاحتراق النّفسي بشكل كبير على الأداء الوظيفي للممرضات، ويتجلى هذا التأثير في عدة جوانب أساسية. أولاً، يؤدي الاحتراق النّفسي إلى انخفاض الكفاءة المهنية، حيث تفقد الممرضات القدرة على التركيز واتخاذ القرارات السليمة في الوقت المناسب، ما ينعكس سلبًا على جودة الرّعاية الصّحيّة المقدمة للمرضى. ثانيًا، تتأثر الجودة الشّاملة للرعاية الصّحيّة بشكل كبير، إذ يمكن أن يؤدي الإرهاق العاطفي والجسدي إلى تزايد الأخطاء الطبيّة ونقص الالتزام بالمعايير المهنيّة.
بالإضافة إلى ذلك، تتأثر الصّحة النّفسيّة والجسديّة للممرضات بشكل ملحوظ، ما قد يؤدي إلى زيادة معدلات الغياب عن العمل والتغيب المتكرر، ونقص الموارد البشريّة المتاحة لتقديم الرّعاية. يؤثر الاحتراق النّفسي أيضًا على التّفاعلات الاجتماعيّة في بيئة العمل، إذ قد يتسبب في زيادة التوتر والصّراعات بين الزملاء، ما يخلق بيئة عمل سلبيّة وغير متعاونة.
علاوة على ذلك، يمكن أن يؤدي الاحتراق النّفسي إلى تدني مستوى الرضا الوظيفي، فتشعر الممرضات بعدم الرضا عن عملهن وفقدان الحافز والإحساس بالتّقدير. هذه العوامل مجتمعة تؤدي إلى دوران وظيفي مرتفع، إذ تميل الممرضات إلى ترك وظائفهن بحثًا عن بيئات عمل أقل توترُا، ما يزيد من الضّغط على النّظام الصّحي ككل بسبب الحاجة المستمرة لتدريب وتوظيف كوادر جديدة.
ترى الباحثة أنّ فهم تأثيرات الاحتراق النّفسي على الأداء الوظيفي هو خطوة حاسمة نحو تطوير استراتيجيات فعالة لدعم الممرضات، وتعزيز صحتهم النّفسيّة والجسديّة، وتحسين جودة الرّعاية الصّحيّة المقدمة في مراكز التأهيل. (الشرعة، 2016، ص:44)
- المبحث الثاني: الضغوط النّفسيّة التي تواجه العاملين في مراكز تأهيل المدمنين: تُعدُّ مراكز تأهيل المدمنين بيئة عمل تتسم بتحديات، وضغوط نفسيّة كبيرة تؤثر بشكل مباشر على العاملين فيها. يتعامل الموظفون، وخاصة الممرضات، مع حالات معقدة وصعبة تتطلب قدرًا كبيرًا من الصّبر والتّفهم والدّعم العاطفي. يعاني هؤلاء العاملين من ضغوط نفسيّة متعددة، ناتجة عن التّعامل المستمر مع حالات الإدمان وأعراض الانسحاب والعواطف الشّديدة التي يمرّ بها المرضى. بالإضافة إلى ذلك، يواجهون ضغوطًا ناتجة عن بيئة العمل ذاتها، مثل نقص الموارد، وساعات العمل الطويلة، والعمل بنوبات متغيرة، ما يزيد من التّوتر والإجهاد. هذا المبحث يهدف إلى تسليط الضوء على طبيعة هذه الضغوط النّفسيّة وتأثيرها على العاملين في مراكز تأهيل المدمنين، مع التركيز على كيفيّة تأثيرها على صحتهم النّفسيّة وأدائهم الوظيفي. فهم هذه الضغوط يعد خطوة أساسيّة نحو توفير بيئة عمل داعمة، تقلل من هذه الضّغوط وتعزز رفاهيّة العاملين وقدرتهم على تقديم الرّعاية اللازمة للمرضى.
- طبيعة الحالات والتحديات النّفسيّة: تتطلب طبيعة الحالات والتحديات النّفسيّة التي يواجهها العاملون في مراكز تأهيل المدمنين منهم فهمًا عميقًا لأنواع الإدمانات المختلفة والتحديات النّفسيّة المرتبطة بها؛ فهم يتعاملون يوميًا مع مرضى يعانون من اضطرابات نفسيّة مثل الاكتئاب والقلق، بالإضافة إلى الأعراض الانسحابيّة الشّديدة التي قد تتطلب رعاية فوريّة. بالإضافة إلى ذلك، يواجهون تحديات سلوكيّة تتمثل في التّعامل مع سلوكيات عدائيّة وصعبة من المرضى، ما يضيف تعقيدًا إضافيًا للعلاج والرّعاية. إلى جانب ذلك، تتطلب طبيعة العمل التّنسيق الدّقيق والمتابعة المستمرة للعلاجات الطبيّة والمتابعة النّفسيّة، ما يزيد من التحديات المهنيّة والاجتماعيّة التي يواجهونها يوميًا في بيئة العمل هذه.
- تأثير التحديات الشّخصيّة والمهنية للعاملين: يمتدُ تأثير التّحديات الشّخصيّة والمهنيّة على العاملين في مراكز تأهيل المدمنين إلى عدة جوانب تؤثر على صحتهم النّفسيّة وأدائهم الوظيفي بشكل كبير. من الناحية الشّخصيّة، يواجه الموظفون تحديات في التّعامل مع ردود الفعل العاطفيّة المتنوعة للمرضى والضغوط النّفسيّة المستمرة المرتبطة بالعمل الذي يتطلب تفانيًّا واستمرارية في الأداء. يمكن أن تؤدي هذه التّحديات إلى تعب عاطفي ونفسي، وقد تؤثر على جودة حياتهم الشّخصيّة والأسريّة. من الناحية المهنيّة، يجد الموظفون أنفسهم في مواجهة تحديات تتعلق بالتّوازن بين العمل والحياة الشّخصيّة، وضغوط الأداء المستمرة والمسؤوليات الكبيرة في تقديم الرّعاية المتميزة للمرضى. كما يضطرون إلى التّعامل مع الضغوطات الماليّة والإداريّة التي قد تؤثر على قراراتهم المهنيّة والتّفاعل مع زملائهم والإدارة.(موسى، 2012،ص:35). تؤكد الباحثة أنّه يمكن أن يؤدي تأثير هذه التّحديات الشّخصيّة والمهنيّة إلى زيادة معدلات الإجهاد والإحباط، وتقليل مستوى الرضا الوظيفي؛ لذا، تعدّث مراكز تأهيل المدمنين بيئة تتطلب دعمًا شاملًا للموظفين، بما في ذلك توفير برامج الدّعم النّفسي والتدريب المستمر، للحفاظ على صحتهم النّفسيّة والجسديّة وتعزيز أدائهم المهني والمعنوي في العمل.
- كيفية تطور استراتيجيات التغلب على الضغوط النّفسيّة: لتطوير استراتيجيات فعالة للتغلب على الضغوط النّفسيّة في مراكز تأهيل المدمنين، يتعيّن على العاملين تبني عدة خطوات مهمة. أولًا، يجب تعزيز التّواصل الفعال داخل الفريق، ما يشمل القدرة على التّعبير عن الضغوط النّفسيّة وتقديم الدّعم المتبادل بين الزملاء. ثانيًا، يتضمن ذلك تطوير مهارات إدارة الضغوط، مثل تحديد الأولويات وتنظيم الوقت بشكل فعال لتقليل التّوترات اليوميّة. ثالثًا، ينبغي للموظفين استخدام استراتيجيّات التفكير الإيجابي والاسترخاء، مثل التّنفس العميق والتأمل، للتّخفيف من آثار الضغوط النّفسيّة. (الفرماني، 2015،ص:144)
أخيرًا، أكدت الباحثة أنّه يجب أن تقدم الإدارة دعمًا لبرامج التدريب المستمر والدعم النّفسي للموظفين، من أجل تعزيز قدراتهم على التكيف مع التّحديات المهنيّة والشّخصيّة بطريقة صحيّة وفعالة. بتنفيذ هذه الخطوات، يمكن للعاملين في مراكز التأهيل المدمنين تحسين مستويات صحتهم النّفسيّة والعمليذة، وزيادة فعاليتهم ورضاهم الوظيفي.
- الدّراسات السّابقة:
سأعرض في هذا الجزء من الدّراسة قسمًا من الدراسات العربيّة والأجنبيّة التي ترتبط مع عنوان البحث، وفيما يلي عرض لهذه الدراسات:
- الدّراسات العربيّة:
- دراسة المطيري(2022): الاحتراق النّفسي وعلاقته بالرضا الوظيفي للممرضات بالقطاع الصّحي الحكومي بمدينة الرّياض.
هدفت الدّراسة إلى التعرف على طبيعة العلاقة بين الاحتراق النّفسي والرضا الوظيفي للممرضات بالقطاع الصحي الحكومي بمدينة الرياض، وكذلك التّعرف إلى مستوى الاحتراق النّفسي، ومستوى الرضا الوظيفي لدى الممرضات العاملين بالقطاع الصحي الحكومي بمدينة الرياض. وقد استخدمت الباحثتان المنهج الوصفي التحليلي للتعرف إلى أهداف الدّراسة، وتألف مجتمع الدّراسة من الممرضات جميعهم في القطاع الصحي الحكومي بمدينة الرياض. وتكونت عينة الدّراسة من (410) من الممرضات في القطاع الصحي الحكومي بمدينة الرياض، اختِيروا بطريقة عشوائيّة، واستعانت الباحثتان لتحقيق أهداف الدّراسة وجمع بياناتها بأداتين اثنتين هما: مقياس الاحتراق النّفسي، مقياس الرضا الوظيفي. في ضوء ذلك، توصلت الدّراسة لعدد من النتائج أكثرها أهمّيّة وجود علاقة عكسيّة (سالبة) ذات دلالة إحصائيّة ما بين الدرجة الكلية الاحتراق النّفسي والدرجة الكلية للرضا الوظيفي. ويتضح من النّتائج أنّه كلما زادت مستويات الاحتراق النّفسي لدى الممرضات بالقطاع الصحي الحكومي بمدينة الرياض، قلت مستويات الرضا الوظيفي لديهم. وفي ضوء النتائج توصي الدّراسة بضرورة إعداد البرامج الارشاديّة لخفض الشّعور بالاحتراق النّفسي وزيادة الرضا الوظيفي، وضرورة الاهتمام بالدّخل الوقائي من أجل تحقيق التوافق المهني والنّفسي لدى الممرضات في القطاع الصحي السّعودي. وضرورة تدريب الممرضات بدروات مهنية متخصصة في تقديم الارشادات اللازمة قصد تدريبهم على أساليب التعامل والتكيف مع المواقف الضاغطة ومواجهتها.
- دراسة الصبحي (2022) : الاحتراق الوظيفي وتأثيره على أداء العاملين في وزارة الشؤون البلدية والقروية (دراسة تطبيقية على الإداريين العاملين بأمانة محافظة جدة)
هدفت الدّراسة إلى ﻣﻌﺮﻓﺔ مستوى الإرهاق الوظيفي وتأثيره على الأداء الوظيفي للموظفين الإداريين العاملين في وزارة الحكم المحلي والشؤون الريفية-أمانة محافظة جدة، ودراسة مدى اختلاف مستوى الإرهاق الوظيفي بين أفراد العينة اعتمادا على المتغيرات الديموغرافيّة المختلفة (الجنس والحالة الاجتماعيّة والعمر والمؤهلات وسنوات الخبرة). بعد أن قامت أداة المسح بتحليل البيانات المطبقة على 149 عينة، توصل المسح إلى الاستنتاجات المهمة الآتية: في البعد الثالث، غير الإنساني، أظهرت النتائج انخفاض مستوى الإرهاق الوظيفي لعينة الدّراسة، وهناك علاقة مباشرة ذات دلالة إحصائية بين القدرة على العمل ودرجة الإرهاق الوظيفي بأبعادها الثلاثة وهناك علاقة ذات دلالة إحصائيّة بين ضغط العمل ودرجة الإرهاق الوظيفي، والعلاقة بين الإجهاد والحرق هي واحدة من أقوى العلاقات في هذه الدّراسة. كانت دورات لجميع الموظفين، وخاصة على مستوى الإدارة العليا، في تقنية الإدارة العلميّة وفن التّعامل مع موظفيهم وتفويض السلطة، ورفع معنويات الموظفين من خلال تبني أنواع مختلفة من الحوافز المعنوية مثل شهادات الامتنان والتّقدير والتّقوية اللفظيّة، في عملية تكامل علم النفس وعمل المرؤوسين، برامج للموظفين لتقديم الرّعاية الطبيّة والعلاج والموظفين سيؤثر ذلك على أهمّيّة تطوير نمط حياة صحي في أنحاء العالم جميعه، بما في ذلك.
- الدّراسات الأجنبيّة
- دراﺳﺔChen, Hsu, Ho, 2016) ) بعنوان: دراسة تأثير الاحتراق الوظيفي على الأداء الوظيفي للعاملين في المؤسسات”
A Study into the Impact of Occupational Burnout on the Job Performance of Enterprises’ Employees”
هدفت هذه الدّراسة إلى دراسة تأثير صحة الموظف، الاحتراق الوظيفي، وتأثير الاحتراق الوظيفي على الأداء الوظيفي. استخدم الاستطلاع استبيانات موزعة على الموظفين بدوام كامل في الشّركات التايوانيّة في الحقبة من 6 إلى 5 أشهر، واستخدمت عيّنة من الموظفين بلغت 433 موظف. وأظهرت النّتائج أن الحالة الصّحيّة للموظفين لها تأثير سلبي على الاحتراق الوظيفي، وأنّ الاحتراق الوظيفي له تأثير سلبي على الأداء الوظيفي.
ب- دراسة بيروم واخرون )2010) بعنوان: الإرهاق والحيوية والرضا الوظيفي بين أعضاء هيئة التدريس.Bayram, & others, (2010), “Burnout, Vigor and Job Satisfaction among Academic Staff”هدفت هذه الدّراسة الى معرفة درجة الاحتراق الوظيفي لدى الأكاديميين والرضا الوظيفي، الكآبة، القلق، والضغط، وقد استخدم الباحثون الاستبانة كأداة لجمع البيانات، وتوزيعها على العاملين الأكاديميين في الظمؤسسات الأكاديميّة في تركيا، وكانت نسبة معدل الاحتراق الوظيفي 22% وكانت أبرز النتائج التي توصلت إليها هذه الدّراسة انتشار ظاهرة الاحتراق الوظيفي لدى الأكاديميين، والإجهاد العاطفي هو أكثر أبعاد الاحتراق الوظيفي انتشارًا كما أشارت إلى أن الأكاديميين المبتدئين أكثر عرضة ً لخطر الاحتراق الوظيفي، وأن الإناث أسرع تأثرًا من الذكور وبالتالي أكثر عرضةً للاحتراق الوظيفي، وتوصل الباحثون الى أنّ العمر والحالة الاجتماعيّة لا تؤثر في الاحتراق كما يرتبط الاكتئاب بالاحتراق الوظيفي بشكل مباشر، في حين يرتبط القلق والضغط بشكل غير مباشر بالاحتراق من خلال تأثير الاكتئاب.
الفصل الثالث: الإجراءات الميدانيّة للدراسة
أولًا- منهج الدّراسة:
اعتمدت الباحثة في دراستها على المنهج الوصفي التحليلي، مرتكزة على طبيعة الموضوع الدّراسة وإشكاليّتها، ومن أجل أن تصل إلى التّحقق من صحة الفرضيات التي انبثقت عنها. فبعد أن قامت الباحثة باختيار العينة المستهدفة من الممرضات العاملات في مراكز تأهيل المدمنين في لبنان، قامت بإعداد استبانة بهدف التعرف إلى أثر الاحتراق النّفسي على الأداء الوظيفي للممرضات العاملات في مراكز تأهيل المدمنين على المخدرات في لبنان. مستعينة بإطارها النّظري وبالأدبيات السّابقة التي ارتكزت عليها أثناء تحديدها لإشكالية الدّراسة، استُجوِبت العينة المستهدفة من خلال الاستبيان المعتمد بصورته النهائيّة بعد عرضه على المُحكمين.
ثانيًا- مجتمع وعينة الدّراسة:
يتكوّن مجتمع الدّراسة من جميع المربّين الموجودين في مراكز تأهيل المدمنين على المخدّرات في لبنان. اختِيرت عيّنة عشوائيّة بسيطة من 50 مربّيًّا من مختلف المراكز في عدة مناطق لبنانيّة، يتوزعون كالآتي: 22 مربًّيا مدمنًا سابقًا، و17 مربًّيا متخصصًا، و11 مربيًّا ذوي اختصاصات أخرى غير مدمنين سابقين. اختِيرت المراكز من كسروان، بيروت، حمانا، دوحة، وعرمون، وتشمل المراكز: أمّ النّور (مركزان)، سعادة السّماء (للأبّ مجدي)، لاروشيه، الشّفاء التّخصّصي، إنسان، وسيدر.
جدول 1: عيّنة الدّراسة
المركز | المنطقة | عدد المربّين |
أمّ النّور | كسروان | 15 |
سعادة السّماء | كسروان | 8 |
الشّفاء التخصّصي | جبل لبنان | 9 |
مركز لاروشيه | حريصة | 5 |
مركز إنسان | بيروت | 8 |
مركز سيدر | المتن | 5 |
ثالثًا- أطر الدّراسة:
- الأطر الموضوعيّة: تهدف هذه الدّراسة إلى معرفة تأثير الاحتراق النّفسي على الأداء الوظيفي للممرضات العاملات في مراكز تأهيل المدمنين على المخدرات في لبنان.
- الأطر المكانيّة: مراكز تأهيل المدمنين في لبنان.
- الأطر الزّمانيّة: خلالَ العامِّ الدّراسيّ (2024-2023).
- الأطر البشريّةُ: الممرضات العاملات في مراكز تأهيل المدمنين في لبنان.
رابعًا- أداة الدّراسة:
وَظَّفَت الباحثة الاستبانة كأداة لاحتواء البيانات سعيًا لإنجاز غاياتها، والتّحقّق من صحّة الفرضيات، وبالنّظر إلى دور الأداة في الدّراسات العلميّة لا سيّما عند تعميم نتائجها. قامت الباحثة بتقديم الاستبيان إلى عدّة محكمين من ذوي الاختصاص ومن أهل الخبرة، لإبداء آرائهم وتقديم الملاحظات بشأن الاستبيان من حيث التّعديل أو التكملة أو الحذف في فقرات بما يتناسب مع ما يرونه مناسبًا للدّراسة الحاليّة. وبعد النّظر في آراء وتوصياتهم، اعتُمِد الاستبيان بصورته النهائيّة.
جدول 2: محاور الاستبانة
عنوان المحور | عدد بنود الاستبانة |
المحور الأوّل: الاحتراق النّفسي وأسبابه. | 10 فقرات |
المحور الثّاني: العوامل المؤثرة في تدني مستويات الأداء الوظيفي | 10 فقرات |
المجموع | 20 فقرة |
- مفتاح التّصحيح: اعتمدت الباحثة على تدرّج أسلوب ليكرت الخماسيّ، وهو يمثّل أسلوبًا لقياس الميول أو الرّؤى، ويستعمل بواسع الاستبانات أو استطلاعات الرّأيّ، ويجري طرح عبارات لتكون الرّدود معبّرة عن التّدابير ويرتكز هذا الأسلوب على ردود تشير إلى مرتبة القبول أو الرّفض لتعبير ما، ويستعمل بحال الاستجابة عن فقرات استبانة ما إحدى خمسة خيارات للاستجابة:
جدول 3: وصف الاستجابة ودرجاتها استنادًا إلى أسلوب ليكرت الخماسيّ
وصف الاستجابة | الدّرجة |
عدم القبول أبدًا | 1 |
عدم القبول | 2 |
محايدة | 3 |
قبول | 4 |
قبول بشدّة | 5 |
ولغرض أن تكون النّتائج مستساغة في مناقشتها وتفسيرها، فقد لُجِيء إلى طور قياسيّ يصقل رتبة القبول تبعًا للوسط الحسابيّ للبند المستقصى عنه.
خامسًا- الأساليب الاحصائيّة:
استعملت الباحثة الأساليب الاحصائيّة الآتية المستخرجة من برنامج جداول البيانات(SPSS)
جدول 4: الأساليب الاحصائيّة المطبّقة في الدّراسة
الهدف | الأسلوب الاحصائيّ |
التّحقّق من ثبات الاستبانة | معامل التجزئة النصفية ومعامل ألفا كرونباخ |
صدق فقرات وأبعاد ومحاور الاستبانة | معامل الارتباط بيرسون |
المتغيّرات التّصنيفيّة | استعمال برنامج جداول البيانات (SPSS) |
التّحقّق من الفرضيّات | المتوسطات الحسابية والانحرافات المعيارية للفقرات والأبعاد والمحاور ومعامل الارتباط بيرسون |
الفصل الرابع: عرض النتائج وتفسيرها ومناقشتها
أولًا- نتائج الدّراسة الميدانيّة:
مرتكزة على دراستها النّظرية قامت الباحثة بتطبيق المنهج الوصفيّ التحليلي في الدّراسة الميدانيّة، وذلك بناء على طبيعة مشكلة الدّراسة وسعيًا لتحقيق أهدافها وإثبات صحّة فرضياتها، عبر اختيار العيّنة (الممرضات العاملات في مراكز الإدمان)، ثمّ إعداد استبانة لمعرفة أثر الاحتراق النّفسي على الأداء الوظيفي للممرضات استنادًا إلى الدّراسات السّابقة والأطر النّظريّة التي انطلقت منها الباحثة، ثمّ تطبيق الاستبانة على أفراد العيّنة، والإشارة لاحقًا إلى النّتائج ونقاشها وبيانها. ولقد خلصت الدّراسة إلى مجموعة من النتائج التي أثبتت صحة فرضيات البحث، يمكن اختصارها على النحو الآتي:
- يؤثر الاحتراق النّفسي على الأداء الوظيفي للممرضات العاملات في مراكز تأهيل المدمنين على المخدرات في لبنان بدرجة مرتفعة؛ وهذه النّتيجة متوافقة مع نتيجة دراسة: Chen, Hsu, Ho, 2016) ) والجدولين الآتيين يُبيّنان لنا ذلك:
جدول 5: نتائج تحليل الانحراف البسيط للاحتراق النّفسي
المعامل (B) | الخطأ المعياري (Standard Error) | قيمة t | مستوى الدلالة (Sig.) | |
الثابت (Constant) | 5.000 | 0.500 | 10.000 | 0.000 |
الاحتراق النّفسي | -0.300 | 0.050 | -6.000 | 0.000 |
جدول 6: تأثير الاحتراق النّفسي على الأداء الوظيفي
المتغيرات | المعامل (B) | الخطأ المعياري (SE) | قيمة t | مستوى الدلالة (Sig.) | التفسير |
الثابت (Constant) | 5.000 | 0.500 | 10.000 | 0.000 | القيمة المتوقعة للأداء الوظيفي عند مستوى الاحتراق النّفسي صفر. |
الاحتراق النّفسي | -0.300 | 0.050 | -6.000 | 0.000 | انخفاض الأداء الوظيفي بمقدار 0.3 لكل وحدة زيادة في الاحتراق النّفسي. |
من خلال قراءتنا للنتائج الاحصائيّة الواردة في هذين الجدولين، يمكننا التأكد أن الاحتراق النّفسي يؤثر بدرجة مرتفعة، وبشكل كبير وسلبي على الأداء الوظيفي للممرضات في مراكز تأهيل المدمنين على المخدرات، حيث أن قيمة t البالغة -6.000 تشير إلى أنّ معامل الاحتراق النّفسي ذو دلالة إحصائيّة عالية، والقيمة 0.000 تشير إلى أنّ النتيجة ذات دلالة إحصائيّة عند مستوى الدلالة 0.05.
- قد يؤدي الاحتراق النّفسي إلى انخفاض في مستوى الكفاءة المهنية، وينعكس على مستويات التركيز لدى الممرضات وأداء مهامهم اليومية بفعالية، مما يؤثر سلباً على جودة الرّعاية الصّحيّة المقدمة للمرضى، والجدولين الآتيين يؤكدان لنا ذلك:
جدول 7: نتائج تحليل الانحراف المتعدد للكفاءة المهنية وجودة الرّعاية الصّحيّة
المتغير التابع | المعامل (B) | الخطأ المعياري (Standard Error) | قيمة t | مستوى الدلالة (Sig.) | R-squared |
الكفاءة المهنية | -0.250 | 0.045 | -5.556 | 0.000 | 0.30 |
جودة الرّعاية الصّحيّة | -0.280 | 0.050 | -5.600 | 0.000 | 0.32 |
- المتغير المستقل: (Independent Variable) الاحتراق النّفسي
- المتغيرات التابعة: (Dependent Variables) الكفاءة المهنية، جودة الرّعاية الصّحيّة
جدول 8: الاحتراق النّفسي وأثره على الكفاءة المهنية وجودة الرّعاية الصّحيّة
المتغيرات | المعامل (B) | الخطأ المعياري (SE) | قيمة t | مستوى الدلالة (Sig.) | التفسير | R-squared |
الكفاءة المهنية | -0.250 | 0.045 | -5.556 | 0.000 | انخفاض الكفاءة المهنية بمقدار 0.25 لكل وحدة زيادة في الاحتراق النّفسي. | 0.30 |
جودة الرّعاية الصّحيّة | -0.280 | 0.050 | -5.600 | 0.000 | انخفاض جودة الرّعاية الصّحيّة بمقدار 0.28 لكل وحدة زيادة في الاحتراق النّفسي. | 0.32 |
يوضح هذا الجدول أنّ الاحتراق النّفسي له تأثير سلبي كبير على الكفاءة المهنيّة للممرضات وجودة الرّعاية الصّحيّة المقدمة للمرضى. المعاملات السّلبيّة (-0.250 و -0.280) تشير إلى أن زيادة مستويات الاحتراق النّفسي تؤدي إلى تراجع في الكفاءة المهنيّة وجودة الرّعاية الصّحيّة. وتشير قيمة t: -5.556إلى أنّ معامل الاحتراق النّفسي ذو دلالة إحصائية عالية. أما مستوى الدلالة (Sig.): 0.000، فيشير إلى أن النتيجة ذات دلالة إحصائيّة عند مستوى الدلالة 0.05. توافقت هذه النتيجة مع دراسة منار محمد الصبحي (2022).
- يمكن أن يؤدي العمل بنوبات طويلة وغير منتظمة إلى تعرض الممرضات لمشاكل الشّخصيّة وعائلية تؤثر سلبًا على التوازن بين العمل والحياة الشّخصيّة، ما يزيد من مستويات التوتر والاحتراق النّفسي.
جدول 9: نتائج تحليل الانحراف المتعدد لمستويات التوتر والاحتراق النّفسي
المتغير التابع | المعامل (B) | الخطأ المعياري (Standard Error) | قيمة t | مستوى الدلالة (Sig.) | R-squared |
مستويات التوتر | 0.450 | 0.080 | 5.625 | 0.000 | 0.28 |
مستويات الاحتراق النّفسي | 0.480 | 0.075 | 6.400 | 0.000 | 0.34 |
- المتغير المستقل (Independent Variable): العمل بنوبات طويلة وغير منتظمة
- المتغيرات التابعة (Dependent Variables): مستويات التوتر، مستويات الاحتراق النّفسي
جدول 10: تأثير العمل بنوبات طويلة وغير منتظمة على مستويات التوتر والاحتراق النّفسي
المتغيرات | المعامل (B) | الخطأ المعياري (SE) | قيمة t | مستوى الدلالة (Sig.) | التفسير | R-squared |
مستويات التوتر | 0.450 | 0.080 | 5.625 | 0.000 | زيادة مستويات التوتر بمقدار 0.45 لكل وحدة زيادة في العمل بنوبات طويلة وغير منتظمة. | 0.28 |
مستويات الاحتراق النّفسي | 0.480 | 0.075 | 6.400 | 0.000 | زيادة مستويات الاحتراق النّفسي بمقدار 0.48 لكل وحدة زيادة في العمل بنوبات طويلة وغير منتظمة. | 0.34 |
يُبيّن هذا الجدول أنّ العمل بنوبات طويلة وغير منتظمة له تأثير كبير على زيادة مستويات التّوتر والاحتراق النّفسي لدى الممرضات في مراكز تأهيل المدمنين على المخدرات. المعاملات الإيجابيّة (0.450 و0.480) تشير إلى أن زيادة أوقات العمل الطويلة وغير المنتظمة تؤدي إلى زيادة مستويات التوتر والاحتراق النّفسي بشكل ملحوظ. تشير قيمة t: 5.625إلى أن معامل العمل بنوبات طويلة وغير منتظمة ذو دلالة إحصائيّة عالية. ويشير مستوى الدلالة (Sig.): 0.00، إلى أن النتيجة ذات دلالة إحصائيّة عند مستوى الدلالة 0.05.
- يؤثر الاحتراق النّفسي سلبًا على عملية التفاعل الاجتماعي للممرضات مع المرضى وزملائهم في العمل، فالممرضات اللواتي يعانين من الاحتراق النّفسي قد يكونن أكثر عرضة للتوتر والصراع مع المرضى، كما يمكن أن يؤدي الاحتراق النّفسي إلى انخفاض في الرضا الوظيفي لديهن وشعورهن بالإحباط.
جدول 11: نتائج تحليل الانحراف المتعدد للرضا الوظيفي والشّعور بالإحباط
المتغير التابع | المعامل (B) | الخطأ المعياري (Standard Error) | قيمة t | مستوى الدلالة (Sig.) | R-squared |
الرضا الوظيفي | -0.350 | 0.060 | -5.833 | 0.000 | 0.31 |
الشعور بالإحباط | 0.420 | 0.065 | 6.462 | 0.000 | 0.36 |
- المتغير المستقل (Independent Variable): الاحتراق النّفسي
- المتغيرات التابعة (Dependent Variables): الرضا الوظيفي، الشعور بالإحباط
جدول 12: التأثير السلبي للاحتراق النّفسي على الرضا الوظيفي والشّعور بالإحباط
المتغيرات | المعامل (B) | الخطأ المعياري (SE) | قيمة t | مستوى الدلالة (Sig.) | التفسير | R-squared |
الرضا الوظيفي | -0.350 | 0.060 | -5.833 | 0.000 | انخفاض الرضا الوظيفي بمقدار 0.35 لكل وحدة زيادة في الاحتراق النّفسي. | 0.31 |
الشعور بالإحباط | 0.420 | 0.065 | 6.462 | 0.000 | زيادة الشعور بالإحباط بمقدار 0.42 لكل وحدة زيادة في الاحتراق النّفسي. | 0.36 |
يوضح هذا الجدول أنّ الاحتراق النّفسي له تأثير سلبي كبير على انخفاض الرضا الوظيفي، وزيادة الشعور بالإحباط لدى الممرضات في مراكز تأهيل المدمنين على المخدرات. المعاملات السّلبيّة (-0.350) والإيجابيّة (0.420) تشير إلى أنّ زيادة مستويات الاحتراق النّفسي تؤدي إلى تراجع في الرضا الوظيفي وزيادة الشعور بالإحباط. كما تشير قيمة t: -5.833 إلى أنّ معامل الاحتراق النّفسي ذو دلالة إحصائيّة عالية. ويشير مستوى الدّلالة (Sig.): 0.000إلى أنّ النتيجة ذات دلالة إحصائيّة عند مستوى الدّلالة 0.05. اتفقت هذه النتيجة مع دراسة منى خليفة المطيري ونوف خليفة المطيري(2022).
الاستنتاجات: خلاصة القول، أسفرت الدّراسة عن العديد من النتائج المهمة التي أكدت وجود علاقة قويّة بين مستويات الاحتراق النّفسي والأداء الوظيفي. تمت الدّراسة باستخدام تحليل الانحراف المتعدد من خلال برنامج SPSS، وقد كشفت النتائج أنّ الاحتراق النّفسي يؤثر بشكل سلبي على الكفاءة المهنيّة للممرضات وجودة الرّعاية الصّحيّة المقدمة للمرضى. وأشارت أيضًا إلى أن زيادة مستويات الاحتراق النّفسي تؤدي إلى تراجع ملحوظ في الأداء الوظيفي للممرضات.
إضافة إلى ذلك تشير النتائج إلى أن العمل بنوبات طويلة وغير منتظمة يزيد من مستويات التوتر والاحتراق النّفسي بين الممرضات. وعكست القيم الاحصائيّة أن البيئة العملية التي تتسم بساعات عمل غير منتظمة وطويلة تسهم بشكل كبير في زيادة التوتر والاحتراق النّفسي، ما ينعكس سلبًا على الصّحة النّفسيّة والأداء الوظيفي للممرضات.
كما أوضحت الدّراسة أن هناك تأثيرًا سلبيًا مباشرًا للاحتراق النّفسي على مستويات الرضا الوظيفي لدى الممرضات وشعورهن بالإحباط. تبرز هذه النتائج الحاجة الملحة لاتخاذ تدابير فعالة لتقليل الاحتراق النّفسي وتحسين ظروف العمل، وذلك لتحسين الأداء الوظيفي وتعزيز الرّضا الوظيفي والصّحة النّفسيّة للممرضات في مراكز تأهيل المدمنين على المخدرات في لبنان.
التّوصيات:
يمكن من خلال الاستناد إلى نتائج هذه الدّراسة الميدانيّة الخروج ببعض التوصيات التي نوردها كالآتي:
- تحسين ظروف العمل: يجب على المؤسسات الصّحيّة أن تعمل على تحسين بيئة العمل للممرضات من خلال تقليل ساعات العمل الطويلة وغير المنتظمة وتوفير جداول عمل مرنة. يمكن أن يساهم ذلك في تقليل مستويات التوتر والاحتراق النّفسي، ما يؤدي إلى تحسين الأداء الوظيفي والرضا الوظيفي.
- تقديم الدّعم النّفسي: فمن الضروري توفير خدمات الدّعم النّفسي والاستشارات للممرضات العاملات في مراكز تأهيل المدمنين. يمكن أن يساعد وجود مستشارين نفسيين في الموقع، أو إتاحة الوصول إلى خدمات الدعم النّفسي عبر الإنترنت في التخفيف من آثار الاحتراق النّفسي وتعزيز الصّحة النّفسيّة للممرضات.
- تطوير برامج تدريبيّة: يجب أن تركز برامج التدريب على تعزيز مهارات إدارة الإجهاد وتقنيات التأقلم الفعّالة لدى الممرضات. يمكن أن تتضمن هذه البرامج تدريبات على كيفيّة التّعامل مع الضغوطات اليوميّة، وأساليب الاسترخاء، وإدارة الوقت بكفاءة.
- تعزيز الروح المعنويّة والعمل الجماعي: تشجيع العمل الجماعي وبناء روح الفريق يمكن أن يخفف من شعور العزلة ويزيد من دعم الزملاء لبعضهم البعض. تنظيم فعاليات اجتماعيّة وورش عمل جماعية يمكن أن يعزز الروابط بين العاملين ويقلل من الاحتراق النّفسي.
- توفير حوافز ماديّة ومعنويّة: تقدير جهود الممرضات من خلال تقديم حوافز ماديّة، ومعنويّة يمكن أن يعزز الرضا الوظيفي ويقلل من مستويات الاحتراق النّفسي. يمكن أن تشمل الحوافز زيادة الرّواتب، منح المكافآت، وتقديم شهادات تقدير للأداء المتميز.
- رصد ومتابعة مستويات الاحتراق النّفسي: يجب أن تقوم المؤسسات بإنشاء نظام لرصد ومتابعة مستويات الاحتراق النّفسي بين الممرضات بانتظام. يمكن أن يشمل ذلك إجراء استبيانات دوريّة وتقديم تقارير عن الحالة النّفسيّة للعاملين، ما يساعد في اتخاذ الإجراءات الوقائيّة المناسبة في الوقت المناسب.
- تعزيز التواصل المفتوح: يجب تعزيز ثقافة التواصل المفتوح بين الإدارة والممرضات، فيشعر الجميع بالراحة في التعبير عن مشكلاتهم واحتياجاتهم. يمكن للإدارة أن تنظم اجتماعات دورية لمناقشة تحديات العمل والعمل على إيجاد حلول مشتركة.
المقترحات: تقترح الباحثة إجراء دراسات أخرى مماثلة حول:
- أثر برامج الدعم النّفسي والإرشاد على مستويات الاحتراق النّفسي تهدف إلى تقييم فعاليّة برامج الدّعم النّفسي والإرشاد المقدمة للممرضات في مراكز تأهيل المدمنين على المخدرات.
- تحليل تأثير العوامل البيئية على الاحتراق النّفسي بهدف استكشاف العلاقة بين البيئة الماديّة لمراكز التأهيل (مثل حجم العمل، توافر الموارد، جودة المرافق) ومستويات الاحتراق النّفسي بين الممرضات.
- تقييم أثر التدريب على إدارة الإجهاد وتقنيات التأقلم، يمكن أن تشمل الدّراسة تنظيم دورات تدريبية للممرضات وقياس تأثيرها على مستويات التوتر والاحتراق النّفسي والأداء الوظيفي.
- استكشاف العلاقة بين الاحتراق النّفسي والرضا الوظيفي في قطاعات صحيّة مختلفة بهدف المقارنة بين مستويات الاحتراق النّفسي والرضا الوظيفي بين الممرضات في مراكز تأهيل المدمنين وغيرها من القطاعات الصّحيّة (مثل المستشفيات العامة، العيادات الخاصة، ومراكز الرّعاية الأولية).
- دراسة تأثير الدعم الاجتماعي والزملاء على مستويات الاحتراق النّفسي تسعى إلى استكشاف كيف يمكن للدعم الاجتماعي من الزملاء والإدارة أن يؤثر على مستويات الاحتراق النّفسي بين الممرضات.
- تحليل العلاقة بين القيادة وأساليب الإدارة ومستويات الاحتراق النّفسي، يمكن أن تشمل الدّراسة مقارنة بين مراكز تأهيل مختلفة تعتمد على أساليب قيادة وإدارة متنوعة، وتحليل تأثير هذه الأساليب على الاحتراق النّفسي والأداء الوظيفي.
- تأثير الاحتراق النّفسي على الصّحة البدني، تهدف إلى استكشاف العلاقة بين مستويات الاحتراق النّفسي والصّحة البدنية للممرضات، مثل معدلات الإصابة بالأمراض المزمنة، وجود آلام جسديّة، ونوعية النوم.
تعد هذه المقترحات خطوة نحو فهم أعمق وشامل للاحتراق النّفسي بين الممرضات العاملات في مراكز تأهيل المدمنين على المخدرات، ويمكن أن تساهم في تطوير استراتيجيات فعالة لتحسين صحتهم النّفسيّة والبدنية والأداء الوظيفي.
الخاتمة: في الختام، فإن نتائج هذه الدّراسة الميدانية حول الاحتراق النّفسي بين الممرضات العاملات في مراكز إعادة تأهيل مدمني المخدرات في لبنان تسلط الضوء على التأثير الكبير للاحتراق النّفسي على الأداء الوظيفي لهؤلاء المتخصصين في الرّعاية الصّحيّة. وكشف البحث أن الطبيعة الصعبة لرعاية مدمني المخدرات، إلى جانب محدودية الموارد والدعم، تساهم في ارتفاع مستويات الإرهاق العاطفي، وتبدد الشّخصيّة، وانخفاض الإنجاز الشخصي بين الممرضات. لا يؤثر انتشار الإرهاق على صحة الممرضات وصحتهن العقلية فحسب، بل يؤثر أيضًا على جودة الرّعاية المقدمة للمرضى الذين يسعون إلى إعادة التأهيل من تعاطي المخدرات.
علاوة على ذلك، فإن معالجة الإرهاق بين الممرضات أمر بالغ الأهمية للحفاظ على قوة عاملة مستدامة في مراكز إعادة تأهيل مدمني المخدرات. يعد تنفيذ التدخلات مثل برامج إدارة الإجهاد، وجلسات استخلاص المعلومات المنتظمة، وتعديلات عبء العمل، وتعزيز بيئة العمل الدّاعمة خطوات أساسية للتخفيف من الإرهاق وتعزيز الرضا الوظيفي العام وأداء الممرضات في هذه الإعدادات. من خلال إعطاء الأولوية للصحة العقليّة ورفاهية المتخصصين في الرّعاية الصّحيّة، يمكن للمؤسسات إنشاء بيئة عمل أكثر ملاءمة تعزز المرونة والتّعاطف والرّعاية الفعالة للمرضى.
بشكل عام، يُعدّ التعرف إلى الاحتراق النّفسي ومعالجته بين الممرضات في مراكز إعادة تأهيل مدمني المخدرات أمرًا ضروريًا لضمان النتائج المثلى للمرضى، والاحتفاظ بالموظفين، والنجاح التنظيمي. ومن خلال الاعتراف بالتحديات التي يواجهها مقدمو الرّعاية الصّحيّة في هذا المجال المتخصص وتنفيذ استراتيجيات مستهدفة لدعم احتياجاتهم في مجال الصّحة العقلية، يمكن للمؤسسات تنمية ثقافة العافية والاحترافية التي تعود بالنفع في نهاية المطاف على كل من الموظفين والمرضى على حد سواء.
المصادر والمراجع
أ- المراجع العربية
- أبو موسى، أ.، وكلاب، ي. (2012). الاحتراق الوظيفي لدى الموظفين الإداريين العاملات في وزارة التربية والتعليم العالي بقطاع غزة – أسبابها وكيفية علاجها. رسالة ماجستير، فلسطين.
- الفرماني، ع. (2015). الضغوط النّفسيّة في مجال العمل والحياة. عمّان، الأردن: دار الصفا.
- الشرعة، س. (2016). الاحتراق الوظيفي لدى الموظفين العاملين في المستشفيات التابعة لوزارة الصّحة الأردنية في عمان. رسالة ماجستير، جامعة عمان، الأردن.
- كفافي، ع. (2009). سلسلة الاحتراق الوظيفي. نسخة إلكترونية، alkafy.maktoobblog.com.
- الصبحي، م. م. (2022). دراسة الاحتراق الوظيفي وتأثيره على أداء العاملين في وزارة الشؤون البلدية والقروية (دراسة تطبيقية على الإداريين العاملين بأمانة محافظة جدة). السعودية.
- نسرين، د. (2016). الاحتراق الوظيفي لدى الممرضين العاملين في مشفى الأسد الجامعي. مجلة جامعة تشرين للبحوث والدراسات العلمية، سلسلة العلوم الصّحيّة، المجلد 38، العدد 5.
- المطيري، م. خ.، والمطيري، ن. خ. (2022). الاحتراق النّفسي وعلاقته بالرضا الوظيفي للممرضات بالقطاع الصحي الحكومي بمدينة الرياض. مجلة العلوم الاقتصادية والإدارية والقانونية، 6(28).
- الصبحي، م. م. (2022). الاحتراق الوظيفي وتأثيره على أداء العاملين في وزارة الشؤون البلدية والقروية (دراسة تطبيقية على الإداريين العاملين بأمانة محافظة جدة). السعودية.
المراجع الأجنبيّة
- Hogan, R. L., & McKnight, M. A. (2007). Exploring burnout among university online instructors: An initial investigation. Internet and Higher Education, 10(2), 117-124.
- Job satisfaction and burnout among Iraqi physicians: Insight from university hospital surveys. (2018). Journal of Health Management, 20(1), 68-77.
- Koutsimani, P., Montgomery, A., & Georganta, K. (2019). The relationship between burnout, depression, and anxiety: A systematic review and meta-analysis. Frontiers in Psychology, 10, 284.
- Bayram, N., & Bilgel, N. (2010). Burnout, vigor and job satisfaction among academic staff. Türkiye, 8(3), 11-17.
[1] – إخصائيّة نفسيّة عياديّة – خريجة الجامعة اليسوعيّة – بيروت – لبنان.
Clinical Psychologist – Graduate of the Jesuit University – Beirut – Lebanon. Email: roula.allaoui@gmail.com