عنوان البحث: إدمان الحبُّ: الفهم والعلاج وتأثيره على التّجربة الإنسانيّة من منظور الثقافة العربيّة واللبنانيّة
اسم الكاتب: برنس روبي رزّوق
تاريخ النشر: 20/12/2024
اسم المجلة: مجلة أوراق ثقافية
عدد المجلة: 34
تحميل البحث بصيغة PDFإدمان الحبُّ: الفهم والعلاج وتأثيره على التّجربة الإنسانيّة من منظور الثقافة العربيّة واللبنانيّة
Love Addiction: Understanding, Treatment, and Its Impact on Human Experience from the Perspective of Arab and Lebanese Culture
برنس روبي رزّوق([1]) Prince Ruby Razzouk
تاريخ الإرسال:14-10-2024 تاريخ القبول 26-10-2024
الملخص
يتميز إدمان الحبُّ بسلوكيّات رومانسيّة قهرية وأنماط تعلق غير صحيّة، هو ظاهرة نفسيّة معقدة تتجاوز الحدود الثقافيّة. يستكشف هذا المقال طبيعة إدمان الحبُّ، ومعايير تشخيصه، وطرق علاجه، وتأثيره العميق على التّجربة الإنسانيّة، مع التّركيز بشكل خاص على ظهوره في المجتمعات الشّرقيّة وبالتحديد البلدان العربيّة، ومن بينها لبنان. من خلال دراسة الأدبيّات الحاليّة والملاحظات السّريريّة والسّياقات الثقافيّة لإدمان الحبُّ، سنُقدم نظرة شاملة تربط بين المفاهيم الغربيّة مع الثقافة الشّرقيّة العربيّة. يُسلط هذا المقال الضوء على تأثير الثقافة الجماعيّة والأدوار الجَندرية التّقليديّة والقِيم الدّينيّة على التّعبير عن إدمان الحبُّ، وعلاجه إلى جانب تأكيد الحاجة إلى مُقاربات حساسة ثقافيًّا في كل من البحث والممارسة السّريريّة، لأنّ فهم إدمان الحبُّ من خلال منظور تعدد الثقافات سيساهم في تطوير طُرق تدخل نفسيّة أكثر فعاليّة.
الكلمات المفتاحيّة: إدمان الحبُّ، إدمان العلاقات، علم النّفس الثقافي، الثقافة الجماعيّة
Abstract
Love addiction is a complex psychological phenomenon that transcends cultural boundaries, it is characterized by compulsive romantic behaviors and unhealthy attachment patterns. This article explores the nature of love addiction, its diagnostic criteria, treatment approaches, and its profound impact on the human experience, with a particular focus on its manifestation in Eastern societies particularly Arab countries, among which Lebanon. By examining current literature, clinical observations, and cultural contexts, we provide a comprehensive overview of love addiction that bridges Western conceptualizations with Eastern and Arab cultural perspectives. The article highlights the influence of collectivist culture, traditional gender roles, and religious values on the expression and treatment of love addiction. It emphasizes the need for culturally sensitive approaches in both research and clinical practice, suggesting that understanding love addiction through a cross-cultural lens can enhance our ability to address this issue more effectively.
Keywords: Love addiction, relationship addiction, cultural psychology, collectivist culture
المقدمة
يُعدُّ الحبُّ تجربة إنسانيّة أساسيّة ضروريّة للرفاهيّة العاطفيّة والترابط الاجتماعي للفرد، لكن يمكن لهذه التّجربة أن تتجلى أحيانًا في أنماط غير تكيّفيّة تؤثر بشكل كبير على جودة حياة الفرد وعلاقاته. عندما يصبح الحبُّ قوة استحواذيّة تستهلك كل شيء وتؤثر سلبًا على حياة الشخص، يُصنّف عندئذ على أنّه إدمان للحبّ. هذه الحالة يُعترَف بها بشكل متزايد من المتخصصين في الصّحة النّفسيّة كمشكلة خطيرة تؤثر على الأفراد، وذلك على الرّغم من عدم ورودها بشكل رسمي في الدّليل التّشخيصي، والإحصائي للاضطرابات النّفسيّة (DSM-5) (Earp et al., 2017). كانت دراسة إدمان الحبُّ متجذرة بشكل أساسي في الأُطر النّفسيّة الغربيّة. ومع ذلك، مع نمو فهمنا لهذه الظاهرة، يصبح من الواضح بشكل متزايد أن السّياق الثقافي يؤدي دورًا حاسمًا في عملية ظهور إدمان الحبُّ وإدراكه وعلاجه. يهدف هذا المقال إلى توسيع النّظرة حول إدمان الحبُّ من خلال درس هذا المفهوم من وجهة نظر الثقافة الشّرقيّة العربيّة، مع التركيز بشكل خاص على لبنان، إذ يُقَدم المجتمع اللبناني فرصة فريدة لدراسة إدمان الحبُّ في سياق غير غربي، فلبنان كبلدٍ يجمع بين القيم العربيّة التقليدية والتأثيرات الغربيّة، يُشكل أرضية مميزة لدراسة التّفاعل بين المعايير الثقافيّة الجماعيّة، والروابط العائليّة القوية، والتّنوع الدّيني، وتأثير الحداثة في كيفيّة ظهور وتتطور إدمان الحبُّ في هذه البيئة الثقافية المُعقدة. إنّ دراسة إدمان الحبُّ من خلال منظور تعدد الثقافات، نسعى إلى:
- تقديم نظرة شاملة عن إدمان الحبُّ، بما في ذلك تعريفه ومعايير تشخيصه وتأثيره على التّجربة الإنسانيّة.
- دراسة دور تجارب الطفولة المُبكرة وأنماط التّعلق في تطور إدمان الحبُّ، مع الأخذ في الحسبان كيف يمكن أن تتأثر هذه العوامل بالعوامل الثقافيّة.
- التّحقيق في المظاهر المُحددة لإدمان الحبُّ في المجتمعات الشّرقيّة العربيّة، باستخدام لبنان كنقطة محورية.
- مناقشة التّحديات في معالجة إدمان الحبُّ في هذه السّياقات الثقافيّة، بما في ذلك قضايا وصمة العار والتوعية حول الصّحة النّفسيّة.
- اقتراح تدخلات نفسيّة حساسة ثقافيًّا لعلاج إدمان الحبُّ.
ما هو إدمان الحبُّ؟
إدمان الحبُّ، المعروف أيضًا باسم الحبُّ المَرَضي أو إدمان العلاقات، يتميز بانشغال قوي بالحبُّ أو العلاقات الرومانسيّة أو بشريك معين. تتجاوز هذه الحالة الإثارة والتّركيز الطبيعيين اللذين يصاحبان عادة العلاقات الجديدة أو الحبُّ العميق. بدلًا من ذلك، يُمثل إدمان الحبُّ نمطًا سلوكيًّا غير تكيفي يؤثر بشكل كبير على حياة الفرد ورفاهيته. عند فقدان الحبُّ أو الشّريك يُظهر الأفراد الذين يعانون من إدمان الحبُّ أنماطًا سلوكيّة مماثلة لتلك التي نراها في الإدمان التّقليدي مثل المخدرات، الكحول، والقمار، فنرى عوارض الانسحاب، والضّيق النّفسي إلى جانب دورات النّشوة واليأس المتكررة، والحنين العميق، والأفكار والسّلوكيّات المتطرفة التي تكون ضارة في بعض الأحيان وخلل في مجالات متعددة من الحياة. على الرّغم من أنّنا نستخدم أحيانًا مُصطلح الإدمان عند الحديث عن الحبُّ، فإنّ هناك ميزة بارزة تُميز الحبُّ عن الإدمان المادي في الأدبيات النّفسيّة والطبية إذ يتطلع الجميع إلى تجربة الحبُّ مرة واحدة على الأقل في حياتهم، بينما لا يسعى الجميع إلى الإدمان على الهيروين، السّجائر، أو القمار؛ لكن الدّراسات أظهرت أن التّشابهات السّطحيّة بين استخدام المواد الإدمانيّة والروابط الشّخصيّة المبنيّة على الحبُّ والجنس، من النّشوة والإثارة والرّغبة، إلى الاستجابات الفسيولوجيّة غير المنتظمة وأنماط التفكير ذات الطابع الهوسي، تستند إلى نفس الأسس النّفسيّة والعصبية والكيميائية لدرجة تصل إلى حد التطابق (Burkett, Young, 2012).
بالانتقال إلى ظاهرة إدمان الحبُّ في السّياق الثقافي الشّرقي، توضح الأنماط السّلوكية الآتية كيف يتجلى إدمان الحبُّ ضمن إطار الأعراف الثقافيّة، والهياكل العائليّة والتوقعات المُجتمعيّة للثقافة الشّرقيّة:
- أفكار وسواسية استحواذيّة عن الحبُّ أو الشريك: يظهر هذا النّمط في الانشغال المستمر بإيجاد شريك زواج مناسب، غالبًا ما يكون مدفوعًا بضغط العائلة والتّوقعات المُجتمعيّة، إلى جانب التّركيز المُفرط على العلاقات الرومانسيّة كوسيلة للهروب من السيطرة العائليّة أو تأكيد الاستقلاليّة، وعدم القدرة على التركيز في العمل أو الأنشطة الأخرى بسبب التفكير المستمر بهذه العلاقة، بالإضافة إلى أحلام اليقظة المُفرطة أو تخيل سيناريوهات الحبُّ المثالي. مثال: ليلى، وهي موظفة تبلغ من العمر 28 عامًا، تجد نفسها غير قادرة على التّركيز في العمل لأنّها تفكر باستمرار في الخُطّاب المُحتملين، فتتفقد هاتفها بشكل قهري تطبيقات المواعدة بحثًا عن رسائل موجهة لها، حتى أثناء الاجتماعات المهمة، ما يعرض أداءها الوظيفي للخطر.
- سلوكيّات قهريّة متعلقة بالبحث عن العلاقات أو الحفاظ عليها: يظهر هذا النّمط من خلال الانخراط في علاقات سريّة تتعارض مع الأعراف العائليّة أو المُجتمعيّة، إلى جانب الجهود المُفرطة لإرضاء الشّريك أو عائلة الشّريك المُحتمل، غالبًا على حساب احتياجات الفرد أو قيمه الخاصة، إضافةً إلى البحث المستمر عن التوكيد والتّطيمنات من خلال الاهتمامات والعلاقات الرومانسيّة. مثال: عماد، شاب من عائلة محافظة، يسعى بشكل متكرر إلى إقامة علاقات مع نساء من خلفيّات دينيّة مختلفة، مع عِلمه أن عائلته لن توافق أبدًا، حتى أنّه على استعداد للكذب وعيش حياة مزدوجة تُعَرض علاقاته العائليّة وسمعته في المجتمع للخطر، كما لدى عماد نمط يتسم بالقفز من علاقة إلى أخرى، ففي غضون أيام من الانفصال، يكون على تطبيقات المواعدة، يبحث بيأس عن شريكته التالية، إذ غالبًا ما يقول: “لا أستطيع تحمل البقاء وحيدًا.”
- فقدان السّيطرة على السّلوكيّات الرومانسيّة: يظهر هذا النّمط من خلال عدم القدرة على إنهاء العلاقات غير المناسبة ثقافيًّا أو دينيًّا أو من خلال الانخراط في سلوك محفوف بالمخاطر للحفاظ على اتصال رومانسي، مثل اللقاء سرًّا أو الكذب على أفراد العائلة، وإهمال المسؤوليّات الشّخصيّة أو القيم وذلك بهدف متابعة الاهتمامات الرومانسيّة. مثال: يارا، امرأة في علاقة زواج مُدَبر، تجد نفسها غير قادرة على إنهاء علاقة عاطفيّة مع صديق من الجامعة، على الرّغم من العواقب الوخيمة التي يمكن أن تترتب على زواجها وشرف عائلتها إذا اكتُشِفت، مثال آخر، ماريا مخطوبة لخطيب يُؤذيها ويُسيىء إليها عاطفيًّا (emotionally abusive)، على الرّغم من إدراكها لذلك، تجد ماريا نفسها غير قادرة على ترك العلاقة، فغالبًا ما تلغي خططها مع الأصدقاء أو تُفوِت المواعيد النّهائيّة للعمل بسبب دراما ومشاكل تلك العلاقة.
- الاستمرار في الانخراط في علاقات غير صحيّة على الرغم من العواقب السّلبيّة: يظهر هذا النمط من خلال البقاء في زيجات مُسيئة ومؤذية أو غير مُرضية بسبب الضغط الثقافي والخوف من وصمة الطلاق، والتّسامح المتكرر مع خيانة الشّريك أو سوء معاملته للحفاظ على العلاقة وتجنب الحكم الاجتماعي. مثال: رامي يبقى في زواج مسيىء عاطفيًّا لأنّ الطلاق موصوم بشدة في مجتمعه، إذ إنّه يخشى العار الذي سيجلبه لعائلته والتأثير المحتمل على فرص الزواج المستقبليّة لأطفاله إذا أقدم على الطلاق، الأمر الذي جعل رامي يفقد العديد من الصداقات المقربة لأن أصدقاءه لم يعودوا يستطيعون تحمل رؤيته يتأذى بشكل متكرر.
- أعراض الانسحاب عند عدم وجود علاقة أو عند الانفصال عن الشّريك: يظهر هذا النّمط من خلال الضيق الشّديد أو الاكتئاب عندما يكون الشّخص أعزب، ويتفاقم هذا الأمر بسبب الضّغط المُجتمعي للزواج، بالإضافة إلى القلق الشّديد عند عدم القدرة على الاتصال بالشّريك، خاصة في الثقافات التي تكون فيها العلاقات قبل الزواج سرية أو محظورة، كما يشعر الشّخص الذي أصبح عازبًا بفقدان الهّويّة أو الهدف خارج العلاقة الرومانسيّة. مثال: تعاني فاطمة من قلق واكتئاب شديدين بعد الانفصال، لأنّها تعيش في مجتمع ترتبط فيه قيمة المرأة غالبًا بحالتها الزوجيّة، فتشعر بفقدان الهّويّة والهدف، ما يدفعها إلى البحث سريعًا عن علاقة أخرى على الرّغم من عدم استعدادها عاطفيًّا لذلك. مثال آخر: بعد ذهاب خطيبها في رحلة عمل لمدة أسبوع، تعاني لمى من قلق شديد، وصعوبة في النّوم، وشعور بالفراغ، وتصف ذلك أنه يُشعرها “كأنّ جزءًا مني مفقود”.
- المظاهر الخاصة بالثقافة: يظهر هذا النمط في الهوس بالعثور على الحبُّ من خلال عمليات الخطوبة التّقليديّة، أو الإدمان على العلاقات الرومانسيّة كشكل من أشكال التّمرد ضد الأعراف الثقافية الصّارمة. مثال: زياد، من عائلة بارزة، أصبح مهووسًا بعمليّة الخطوبة، إذ يَحضر كل مناسبة اجتماعيّة ممكنة، ويضغط باستمرار على والديه وعائلته الممتدة لترتيب لقاءات مع عرائس محتملات، لدرجة أن ذلك يؤثر على حياته المهنيّة وصحته النّفسيّة.
- التكنولوجيا وإدمان الحبُّ في السّياق الثقافي: يظهر هذا النمط من خلال الاستخدام المفرط لتطبيقات المواعدة أو وسائل التّواصل الاجتماعي للبحث عن روابط وعلاقات رومانسيّة، غالبًا ما يُخفى هذا السّلوك عن العائلة، كما يظهر هذا النّمط من خلال الانخراط في علاقات عبر الإنترنت مع أفراد من ثقافات أو خلفيّات دينيّة مختلفة، مع العلم أنّ تلك العلاقات ليس لها أي مستقبل على أرض الواقع. مثال: مايا شابة تقضي ساعات كل يوم على تطبيقات المواعدة الدّوليّة، مكونةً روابط عاطفيّة قويّة مع رجال غربيين، على الرغم من عِلمها أن والديها لن يقبلا أبدًا مثل هذه العلاقات، لكنها مدمنة على وهم الهروب من الضغوط الثقافيّة من خلال تلك العلاقات.
- إدمان الحبُّ في سياق الزواج المُدبر: يظهر هذا النمط من خلال أوهام غير واقعيّة وتخيلات حول آفاق الزواج المُدبر بناءً على تفاعل محدود، أو الموافقة مرارًا وتكرارًا على لقاء شركاء محتملين لزواج مُدبر على الرّغم من الخيبات العاطفيّة السّابقة، كل ذلك يكون مدفوعًا بضغط العائلة والخوف من البقاء عازبًا. مثال: يوافق حسن على مقابلة كل عروس مُحتملة تقترحها عائلته، على الرّغم من أن كل لقاء غير ناجح يجعله يشعر بالاكتئاب والقلق لأنّه طور نمطًا من بناء خيالات معقدة حول كل امرأة قبل أن يلتقي بها، ما يؤدي حتمًا إلى خيبة أمل، اضطراب وضيق عاطفي.
غالبًا ما تنبع السّلوكيّات التي ذُكِرت سابقًا من مشاكل نفسيّة كامنة، مثل انخفاض تقدير الذات، أو الخوف من الهجر، أو صدمات الطفولة غير المعالجة (Sussman, 2010)، لذا يلجأ مدمنو الحبُّ إلى العلاقات كوسيلة لملء فراغ عاطفي، أو التّعامل مع الصّدمات الماضية، أو تجنب التّعامل مع المشاكل الشّخصيّة. تجدر الإشارة إلى أنّه هناك سلم أو طيف لإدمان الحبُّ، إذ قد يُظهر بعض الأفراد أشكالًا أخفّ من هذه السّلوكيّات، بينما قد يعاني آخرون من ضعف شديد يؤثر على أداء الأعمال اليوميّة بسبب أنماطهم الإدمانيّة (Sussman, 2010).
يتجلى إدمان الحبُّ في أشكال مختلفة تظهر على النّحو الآتي:
- إدمان العلاقات: نمط من الانتقال من علاقة إلى أخرى، لأن الشخص غير قادر على البقاء وحيدًا.
- تجنب الحبُّ: يتجنب الفرد الحبُّ بسبب الصراع بين الرّغبة واشتهاء الحبُّ وبين دفعه بعيدًا بسبب الخوف من العلاقة الحميمة.
- إدمان الحبُّ من طرف واحد: الهوس بشخص غير متاح أو غير مهتم.
- إدمان الرومانسيّة: الإدمان على شعور الوقوع في الحبُّ، والبحث المستمر عن شركاء جدد للحصول على تلك “النشوة” الأوليّة (Sussman, 2010).
في سياق المجتمعات الشّرقيّة العربيّة، تنبع السّلوكيّات أعلاه من تفاعل معقد بين التّوقعات الثقافيّة، وديناميات الأسرة، والعوامل النّفسيّة الفردية، فيزداد إدمان الحبُّ تعقيدًا بسبب:
- التّركيز القوي على الزواج كالتزام اجتماعي وعائلي.
- فرص محدودة للمواعدة أو استكشاف العلاقات قبل الزواج.
- المخاطر العالية المرتبطة باختيار العلاقات بسبب تأثيرها على شرف العائلة والمكانة الاجتماعيّة.
- الصراع بين القيم التقليديّة وتأثيرات الحداثة، خاصة في بلدان مثل لبنان.
- القيود الدّينيّة والثقافيّة على التّعبير عن الحبُّ.
إنّ فهم هذه المظاهر الثقافيّة الخاصة المُرتبطة بإدمان الحبُّ أمر حاسم لناحية تطوير مقاربات فعالة وحساسة ثقافيًّا للتشخيص والوقاية والعلاج من إدمان الحبُّ في المجتمعات الشّرقيّة العربيّة، كما من المهم أيضًا إدراك أنه بينما قد تبدو هذه السّلوكيّات ناتجة عن فائض من الحبُّ، فإنّها غالبًا ما تشير إلى جرح عاطفي أعمق أو حاجة غير مُشبعة تحتاج إلى الشّفاء والانتباه.
تجارب الطفولة المبكرة ودور التّعلق الوالدي في إدمان الحبُّ:غالبًا ما تكون جذور تطور إدمان الحبُّ متأصلة في تجارب الطفولة المبكرة، وأنماط التّعلق التي تتشكل مع مُقدمي الرّعاية الأساسيين من الأهل، لذا يُعَد فهم هذه التأثيرات المبكرة أمرًا حاسمًا لكل من الوقاية والعلاج من إدمان الحبُّ.
نظرية التّعلق وإدمان الحبُّ: توفر نظرية التّعلق التي ابتكرها جون بولبي وطورتها ماري إينسورث، إطارًا لفهم كيف تَشَكُل العلاقات المبكرة مع مقدمي الرعاية والتربية من الأهل نهج الفرد تجاه الحبُّ والعلاقات طيلة الحياة (Bowlby, 1969; Ainsworth et al., 1978)، وبحسب نظرية التّعلق يوجد لدينا أربعة أنواع من التّعلق، هي كالآتي:
- التّعلق الآمن (Secure Attachment): الأطفال الذين يختبرون رعاية مُتسقة ومُلبية لحاجاتهم، يتشكل لديهم نمط التّعلق الآمن، الأمر الذي يجعلهم أكثر ميلًا لتكوين علاقات صحيّة ومستقرة في مرحلة البلوغ.
- التّعلق القلق (Anxious Attachment): يمكن أن تؤدي الرّعاية غير المتسقة أو غير المتوقعة إلى التّعلق القلق، فالبالغون الذين لديهم هذا النمط من التّعلق قد يصبحون مدمنين للحب، لأنّهم يبحثون باستمرار عن التّطمينات من الشريك ويخافون من الهجر.
- التّعلق التّجنبي (Avoidant Attachment): إنّ مقدمو الرعاية للطفل الذين يكونون بعيدين أو باردين عاطفيًّا أو رافضين يعززون التّعلق التّجنبي، على الرّغم من أنّه أقل شيوعًا لدى مدمني الحبُّ، قد يستخدم الأفراد ذوي هذا النمط من التّعلق العلاقات الرومانسيّة كوسيلة لتوكيد الذات مع الحفاظ على المسافة العاطفيّة.
- التّعلق المشوش (Disorganized Attachment): ينشأ من رعاية قاسية ومسيئة للطفل تتسم بخلل وظيفي شديد، إذ غالبًا ما يرتبط هذا النمط من التّعلق بحالات شديدة من إدمان الحبُّ واختلال العلاقات (Sussman, 2010).
تجارب الطفولة المبكرة: تؤدي تجارب الحياة المبكرة للفرد دورًا مهمًّا في ارتفاع خطر تطور إدمان الحبُّ وذلك من خلال:
- الإهمال أو الهجر: الأطفال الذين يتعرضون للإهمال أو الهجر تنشأ لديهم حاجة شديدة للحب والاهتمام، ما يؤدي إلى ظهور أنماط علاقات إدمانيّة في مرحلة البلوغ (Sussman, 2010).
- الصّدمة النّفسيّة: يمكن للصدمات النّفسيّة في مرحلة الطفولة، بما في ذلك الإساءة الجسديّة أو العاطفيّة أو الجنسيّة، أن تؤثر بشكل كبير على قدرة المرء على تكوين ارتباطات وعلاقات صحيّة، الأمر الذي يُسهم في نشوء إدمان الحبُّ لدى الفرد (Carnes, 1991).
- الانغماس: يمكن أن تؤدي العلاقات الوثيقة جدًا أو التي لا حدود لها مع الوالدين إلى صعوبات في تطوير إحساس منفصل بالذات، ما يساهم في إدمان الحبُّ (Sussman, 2010).
- غياب أو عدم اتساق الحبُّ الوالدي: الأطفال الذين لا يتلقون الحبُّ والعاطفة بشكل متسق يكبرون ولديهم حاجة للحب والتّطمين من الشركاء الرومانسيين لا يُمكن إشباعها (Sussman, 2010).
- التّعرض للسلوكيات الإدمانيّة: نشأة الطفل في منزل يُظهر فيه أحد الوالدين أو كلاهما سلوكيات إدمانيّة، بما في ذلك إدمان العلاقات، يمكن أن يجعل هذه الأنماط طبيعيّة بالنسبة إلى الطفل في علاقاته المستقبليّة (Sussman, 2010).
دور التّعلق الوالدي في إدمان الحبُّ: يؤدي التّعلق الوالدي دورًا حاسمًا بتشكيل معتقدات الفرد حول الحبُّ وقيمة الذات والعلاقات. حُدِّدت الجوانب الآتية من التّعلق الوالدي أنّها ذات صلة خاصة بتطور إدمان الحبُّ:
- نمذجة العلاقات: يتعلم الأطفال عن الحبُّ والعلاقات من خلال مراقبة والديهم، فتُستدخَل أنماط العلاقات بين الوالدين ذات الخلل الوظيفي وتكرارها في مرحلة البلوغ (Sussman, 2010).
- تنظيم العواطف وضبطها: يساعد التّعلق الوالدي الآمن الأطفال على تطوير مهارات فعالة لتنظيم العواطف وضبطها، فمن دون هذه المهارات، يلجأ الأفراد إلى العلاقات الرومانسيّة كوسيلة أساسية لإدارة العواطف، ما قد يؤدي إلى الإدمان (Schore, 2003).
- تطور تقدير الذات: يساهم التّعلق الوالدي الصحي في تطوير تقدير ذات إيجابي، إذ غالبًا ما يكون تدني احترام الذات الناتج عن التّعلق غير الآمن عاملًا شائعًا في إدمان الحبُّ (Sussman, 2010).
- الثقة والحميميّة: تتأثر القدرة على الثقة وتكوين روابط حميمة في مرحلة البلوغ بشكل كبير بالتّجارب المبكرة مع مقدمي الرعاية للطفل، إذ يمكن أن تساهم الاضطرابات العلائقيّة في مرحلة الطفولة في نشوء وتطور إدمان الحبُّ (Sussman, 2010).
- الحدود: يُعد تعلم وضع الحدود واحترامها مهارة أساسية يُكتسَب من خلال العلاقات الصّحيّة بين الوالدين والطفل، لذا يجد مدمنو الحبُّ صعوبة في التّعامل مع قضايا ومشاكل الحدود في علاقاتهم الرومانسية (Sussman, 2010).
إن فهم دور تجارب الطفولة المبكرة والتّعلق الوالدي في تطور أي إدمان أمر بالغ الأهميّة للوقاية والعلاج الفعال، إذ يمكن أن تكون التّدخلات النّفسيّة التي تتناول هذه التّجارب المبكرة، مثل العلاج القائم على التّعلق والعمل مع الطفل الداخلي الموجود داخل كل فرد، مفيدة بشكل خاص في علاج الإدمان (Flores, 2004).
نظرية التّعلق وإدمان الحبُّ ضمن السياق الثقافي: ممّا تقدم نجد أن جذور تطور إدمان الحبُّ متأصلة في تجارب الطفولة المبكرة، وأنماط التّعلق التي تتشكل من خلال العلاقة القائمة بين مقدمي الرّعاية الأساسيين والطفل نفسه، ففي المجتمعات الشّرقيّة والبلدان العربيّة بشكل خاص، نرى أن تجارب الطفولة وأنماط التّعلق تتأثر بشكل كبير بالأعراف الثقافيّة، وهياكل الأسرة التي تختلف بشكل ملحوظ عن السّياقات الغربيّة، فتتأثر أنماط التّعلق في الثقافات الشّرقيّة العربيّة بديناميات الأسرة الممتدة، وذلك من خلال ما يسمى بالرعاية الجماعيّة أي تقاسم رعاية الأطفال بين أفراد الأسرة الممتدة الأمر الذي يخلق شبكات تعلق معقدة تؤثر على تكوين التّعلقات الأوليّة، كما تتأثر أنماط التّعلق بالقيم الثقافيّة للمجتمع الشّرقي إذ يوجد تأكيد الطاعة واحترام كبار السّن وشرف العائلة، الأمر الذي يؤثر على التّفاعلات بين الوالدين والطفل وأنماط التّعلق.
تجارب الطفولة المبكرة ضمن السّياقات الشّرقيّة العربيّة: من خلال ما تقدم نرى أن العديد من تجارب الحياة المبكرة يمكن أن تؤدي إلى ارتفاع خطر تطور إدمان الحبُّ، خاصةً مع وجود اختلافات ثقافيّة في المجتمعات الشّرقيّة العربيّة، من هنا يمكن أن نعزو نشوء إدمان الحبُّ وتطوره في المجتمعات الشّرقيّة العربيّة إلى ما يلي:
- الإهمال العاطفي: تعطي الثقافات الشّرقيّة الأولوية للتحصيل الأكاديمي أو الاجتماعي على حساب التّعبير العاطفي، إذ قد يعاني الأطفال من الإهمال العاطفي على الرّغم من توفر الرعاية الماديّة.
- الانغماس: يمكن أن تؤدي هياكل الأسرة المتماسكة في العديد من المجتمعات الشّرقيّة إلى مشاكل في الحدود وصعوبات في تطوير إحساس منفصل بالذات.
- التوقعات القائمة على الجندر: يمكن أن يؤثر التعامل المختلف بين البنين والبنات منذ سن مبكرة على تقدير الذات وتوقعات العلاقات.
- التّعاليم الدّينيّة والثقافيّة: يمكن أن تؤثر التعاليم الدّينيّة، أو الثقافيّة والمعايير الصارمة حول الحبُّ والعلاقات بشكل كبير على أنماط التّعلق المستقبليّة.
مثال: نشأت سارة في عائلة لبنانيّة إذ غالبًا ما تُجُهِلت احتياجاتها العاطفيّة لصالح التّحصيل الأكاديمي. كشخص بالغ، تجد نفسها تبحث باستمرار عن توكيد الذات والطمأنينة والحنان في العلاقات الرّومانسيّة، إذ غالبًا ما تصبح مهووسة بالشّركاء الذين يظهرون لها الاهتمام.
السّياق الثقافي لإدمان الحبُّ في المجتمعات الشّرقيّة والعربيّة: يتطلب فهم إدمان الحبُّ في المجتمعات الشّرقيّة العربيّة النّظر في العوامل الثقافيّة الفريدة التي تشكل ديناميات العلاقات والتوقعات، إذ تتميز العديد من المجتمعات الشّرقيّة العربيّة، بما في ذلك لبنان، بثقافة جماعيّة تعطي الأولوية للأسرة والمجتمع على حساب الاحتياجات الفرديّة (Dwairy, 2006)، يضاف إلى ذلك، أنّه على الرّغم من التّغيرات المستمرة الناتجة عن غزو الحداثة للمجتمع الشرقي، نرى استمرار تأثير الأدوار النّمطيّة التقليديّة للجنسين على ديناميات العلاقات والتوقعات المرتبطة بها(El Feki, 2013)، إذ يُنظر إلى الزواج على أنّه مرحلة حياتيّة حاسمة وشأن عائلي وليس مجرد خيار فردي الأمر الذي يضع ضغوطًا هائلة على علاقة الزواج قبل أن تبدأ (Rashad et al., 2005)، إلى جانب تأثير ثقافة المواعدة، فتكون المواعدة مقيدة أو مراقبة عن كثب من أفراد العائلة في المناطق الأكثر محافظة، وأخيرًا، غالبًا ما يؤدي الدّين دورًا مهمًا في تشكيل المواقف تجاه الحبُّ والعلاقات مع الشريك (El Feki, 2013).
إدمان الحبُّ في السياق اللبناني: على الرغم من موقع لبنان الفريد كدولة ليبراليّة نسبيًّا داخل العالم العربي، لكنه لا يزال متأثرًا بالقيم التقليديّة والتنوع الدّيني، إذ تتميز ثقافة لبنان بمزيج من التأثيرات الغربيّة والقيم العربيّة التقليديّة، ما يؤدي إلى خلق توقعات متضاربة حول الحبُّ والعلاقات والانقسام الثقافي (Khalaf, 2012). مثال: قد تعاني امرأة لبنانيّة شابة من إدمان الحبُّ نتيجة الصراع بين رغبتها في الحرية الرومانسيّة وتوقعات عائلتها للزواج التقليدي المُدبر. كما أن التركيز القوي على الزواج في المجتمع اللبناني قد يُفاقم ميول إدمان الحبُّ بسبب الضغط الاجتماعي (على سبيل المثال، قد يُصبح رجل في أوائل الثلاثينيات من عمره مهووسًا بالعثور على شريكة بسبب الضغط العائلي الشّديد للزواج، ما يؤدي إلى نمط من التّسرع في الدخول والخروج من العلاقات) والتّوقعات المجتمعيّة المختلفة بين الرجال والنّساء (على سبيل المثال، قد ينخرط الرجل المدمن على الحبُّ في علاقات متعددة، بدلًا من ذلك قد تُرَكز المرأة ذات الميول المماثلة على شريك واحد غير متاح بسبب المعايير الاجتماعيّة الأكثر صرامة حول علاقات المرأة). بالإضافة إلى ما سبق، نلاحظ أن تاريخ لبنان من عدم الاستقرار السياسي والصراع قد يؤثر على أنماط التّعلق وأنماط العلاقات (على سبيل المثال، قد ينشأ لدى الأفراد الذين عانوا من الصدمات بسبب الاضطرابات السياسيّة أنماط تعلق قلقة، ما قد يؤدي إلى إدمان الحبُّ كآلية للتكيف)، إلى جانب ذلك إن المجتمع اللبناني متعدد الأديان، ما يعني أن المواقف تجاه الحبُّ والعلاقات يمكن أن تختلف بشكل كبير حتى داخل البلد الواحد (على سبيل المثال، قد يعاني الفرد المدمن على الحبُّ من خلفيّة دينيّة محافظة من شعور أكثر حدة بالذنب والعار، ما قد يفاقم دورة الإدمان لديه).
إدمان الحبُّ وعلاقته بالاضطرابات النّفسيّة: إدمان الحبُّ، على الرّغم من عدم الاعتراف به رسميًّا كاضطراب منفصل في الدليل التّشخيصي والإحصائي للاضطرابات النّفسيّة (DSM-5)، لكن غالبًا ما نراه يوجد إلى جانب، أو يشارك سمات مع العديد من الاضطرابات النّفسيّة المعترف بها، لذا فإن فهم هذه العلاقات أمر بالغ الأهمية للتّشخيص والعلاج الفعال، خاصة في السياقات الثقافيّة إذ قد تُوصم قضايا الصّحة النّفسيّة أو سوء فهمها.
اضطرابات التّعلق: يرتبط إدمان الحبُّ ارتباطًا وثيقًا بنظرية التّعلق واضطرابات التّعلق، فالأفراد ذوو أنماط التّعلق غير الآمنة، وخاصة التّعلق القلق، هم أكثر عرضة لنشوء إدمان الحبُّ لديهم (Feeney & Noller, 1990)، بناءً على ذلك نجد في المجتمعات الشّرقيّة العربيّة أن مشاكل التّعلق تظهر بشكل فريد بسبب الرّوابط العائليّة القويّة التى تتميز أحيانًا بالاندماج والانغماس أو السيطرة العاطفيّة. مثال: في لبنان، إذ تكون الرّوابط العائليّة ذات أهمية قصوى، نشأت ناديا بنمط تعلق قلق بسبب غياب الاتساق العاطفي من والدتها العاطفي بشكل متسق؛ كشخص بالغ، تجد نفسها تبحث باستمرار عن الطمأنينة والتّطمينات في العلاقات الرومانسية، مُظهرة سلوكيات إدمان الحبُّ الكلاسيكية.
اضطرابات المزاج: غالبًا ما يترافق إدمان الحبُّ مع اضطرابات المزاج، خاصة الاكتئاب واضطراب ثنائي القطب. من ناحية الاكتئاب نجد أن التّقلبات المزاجيّة المُرافقة لإدمان الحبُّ يمكن أن تُفاقم أو تثير نوبات الاكتئاب، كما يمكن أن يحصل العكس فيلجأ الأفراد المصابون بالاكتئاب إلى العلاقات الرومانسيّة كشكل من أشكال العلاج الذاتي. وبالنسبة إلى اضطراب ثنائي القطب، يمكنها عكس المشاعر القوية المُرتبطة بإدمان الحبُّ مراحل الهوس أو الهوس الخفيف التي يمر بها الفرد في اضطراب ثنائي القطب (Reynaud et al., 2010). من ناحية السّياقات الثقافيّة فتُوصم قضايا الصّحة النّفسيّة، ولا تُشخَّص اضطرابات المزاج هذه والتركيز فقط على قضايا والمشاكل العلائقيّة. مثال: يعاني عمر، وهو شاب من عائلة عربية محافظة، من تقلبات مزاجية حادة مرتبطة بعلاقاته الرومانسيّة، تعزو عائلته هذا إلى كونه “عاطفي للغاية” بشأن الحبُّ، في حين أن إدمانه للحب يتفاقم بسبب اضطراب ثنائي القطب الكامن لديه والفشل في تشخيصه.
اضطرابات القلق: اضطرابات القلق شائعة الحدوث مع إدمان الحبُّ، بما في ذلك اضطراب القلق العام (GAD) واضطراب القلق الاجتماعي (Social Anxiety Disorder) (Sussman, 2010)، ففي الثقافات الجماعيّة، إذ يُقدَّر التّوافق والانسجام الاجتماعي والتوقعات الأسرية بشكل كبير، نجد أنّ القلق المتعلق بالعلاقات أمر بارز. مثال: ليلى، امرأة لبنانية مُصابة باضطراب القلق العام، غير المُشخص، تصبح قلقة بشكل مُفرط بشأن علاقاتها الرومانسيّة، وتسعى باستمرار للحصول على الطمأنينة والموافقة من شريكها وعائلتها على حد سواء، فيغذي قلقها إدمانها للحب، فهي ترى العلاقات كمصدر للأمان في عالم غير مؤكد.
اضطراب الوسواس القهري (OCD): تتسم الأفكار الوسواسية والسّلوكيّات القهرية المُصاحبة لإدمان الحبُّ بأوجه تشابه مع اضطراب الوسواس القهري (Sussman, 2010)، ففي بعض الحالات، يكون إدمان الحبُّ مظهرًا من مظاهر أعراض اضطراب الوسواس القهري التي تركز على العلاقات، وتتعقد الأمور كثيرًا في الثقافات التي يكون فيها الزواج المُدبر أمرًا شائعًا. مثال: أمير، من عائلة عربية تقليدية، لديه أفكار دخيلة قوية حول شركاء الزواج المحتملين، إذ يقوم بشكل وسواسي بفحص ملفات التواصل الاجتماعي الخاصة بهم، إلى جانب حاجته القهرية لجمع معلومات عنهم بشكل يتجاوز المعايير الثقافيّة للتحقق من الأزواج المحتملين، ما يُبرز كيفيّة التداخل بين اضطراب الوسواس القهري وإدمان الحبُّ.
اضطرابات الشّخصيّة: يرتبط إدمان الحبُّ بالعديد من اضطرابات الشّخصيّة، وخاصة اضطراب الشّخصيّة الحدّيّة (Borderline Personality Disorder) واضطراب الشّخصيّة الاعتمادية (Dependent Personality Disorder) إذ نجد إنه في اضطراب الشّخصيّة الحدّيّة، غالبًا ما يتداخل الخوف الشديد من الهجر والعلاقات المضطربة المميزة لاضطراب الشّخصيّة الحدّيّة (BPD) مع أعراض إدمان الحبُّ. بالنسبة إلى اضطراب الشّخصيّة الاعتمادية، يمكن أن تظهر صعوبة القيام بالأعمال بشكل مستقل والحاجة المفرطة للرعاية، كإدمان للحب في السياقات الرومانسية (Sussman, 2010). بناءً على ذلك نرى أن الاضطرابات الشّخصيّة في سياق إدمان الحبُّ تتعقد بشكل كبير في المجتمعات الشّرقيّة والعربيّة، إذ ترتبط الهّويّة الفردية غالبًا ارتباطًا وثيقًا بالأسرة والمجتمع. مثال: ياسمين، شابة من مجتمع لبناني متماسك، تظهر عليها سمات كل من اضطراب الشّخصيّة الحدّيّة (BPD) وإدمان الحبُّ، فيتفاقم خوفها الشديد من الهجر بسبب التوقعات الثقافية للزواج، ما يؤدي إلى نمط من العلاقات المتقلبة وعدم الإستقرار العاطفي لا تستطيع عائلتها فهمه من خلال إطارهم الثقافي.
اضطرابات تعاطي المواد المخدرة: أظهرت الأبحاث وجود علاقة بين إدمان الحبُّ واضطرابات تعاطي المواد المخدرة، إذ إنّ العمليات الكيميائيّة العصبيّة المشاركة في الحبُّ الرومانسي، وخاصة إفراز الدوبامين، لها أوجه تشابه مع تلك المشاركة في إدمان المواد المخدرة (Sussman, 2010). ففي الثقافات التي يُحظر فيها تعاطي المواد المخدرة بشدة، قد يكون إدمان الحبُّ شكلُا أكثر قبولًا اجتماعيًّا من السّلوك الإدماني. مثال: كريم، من خلفية محافظة تُحَرِّم شرب الكحول، يجد نفسه مدمنًا على “نشوة” العلاقات الجديدة، إذ يشارك بشكل متكرر في علاقات عاطفيّة سرّية، ملاحقًا النشوة الأولية بطريقة مشابهة لسلوك البحث عن المواد المخدرة.
اضطرابات الأكل: وجدت الدراسات التى قام بها إيرب وآخرين أن هناك علاقة بين إدمان الحبُّ واضطرابات الأكل، خاصة لدى النساء، إذ تنطوي كلتا الحالتين على مشاكل وصعوبات تتعلق بالسيطرة وتقدير الذات وصورة الجسم (Earp et al., 2017)؛ يبرز تأثير هذه العلاقة بشكل خاص في المجتمعات التي ترتبط فيها قيمة المرأة ارتباطًا وثيقًا بجاذبيتها وقابليتها للزواج. مثال: فاطمة، امرأة عربية شابة، نشأ لديها اضطراب في الأكل أثناء سعيها لتكون “مثالية” لزوج محتمل، الأمر الذي جعل انشغالها بإيجاد الحبُّ وسلوكيات الأكل المُضطربة لديها متداخلة بشكل يعزز كل منهما الآخر.
بناءً على ما تقدم نجد أن فهم العلاقات بين إدمان الحبُّ والاضطرابات النّفسيّة الأخرى أمر بالغ الأهمية لعدة أسباب:
- التشخيص الشّامل: التعرف إلى الحالات المَرضية المُصاحبة يسمح بتشخيص أكثر دقة وعلاج موجَّه.
- الكفاءة الثقافيّة: إن فهم كيفية تفاعل هذه الاضطرابات مع المعايير والتّوقعات الثقافيّة في المجتمعات الشّرقيّة العربيّة أمر ضروري للتدخل الفعال.
- إزالة الوصمة: الاعتراف بإدمان الحبُّ وارتباطه بالمشاكل الصّحة النّفسيّة الأخرى، يمكن أن يساعد في تأطيره كمشكلة نفسيّة حقيقية بدلًا من عدِّه فشلًا شخصيًّا أو أخلاقيًّا.
- تخطيط العلاج: الوعي بالحالات المرضية المصاحبة يسمح بتطوير خطط علاج متكاملة تعالج جوانب الصّحة النّفسيّة جميعها للفرد.
مع استمرار البحث في هذا المجال، خاصة في السّياقات غير الغربيّة، سيتعمق فهمنا للعلاقات المعقدة بين إدمان الحبُّ والاضطرابات النّفسيّة الأخرى بلا شك، ما يؤدي إلى نهج أكثر فعالية وحساسية ثقافية للعلاج.
متى يجب علاج إدمان الحبُّ؟
نلجأ للتدخل النفسي لعلاج إدمان الحبُّ عندما تؤثر الحالة بشكل كبير على الأداء اليومي للفرد، أو صحته النّفسيّة، أو قدرته على تكوين علاقات صحيّة. تشمل المؤشرات الرّئيسة التي تشير إلى ضرورة العلاج:
- الانغماس المستمر في علاقات غير صحيّة أو مسيئة.
- إهمال المسؤوليات الشّخصيّة بسبب الانشغال بالحبُّ أو الشريك.
- الضيق العاطفي الشديد بسبب عدم وجود علاقة أو بسبب الانفصال.
- عدم القدرة على الحفاظ على حدود صحية في العلاقات.
- أنماط متكررة من الاعتماديّة المتبادلة أو التّلاعب العاطفي.
- تأثير سلبي كبير على الصّحة النّفسيّة، مثل الاكتئاب أو القلق.
إنّ التدخل المبكر أمر بالغ الأهمية لمنع إشتداد الأعراض، وتخفيف العواقب طويلة الأمد لإدمان الحبُّ على حياة الفرد وعلاقاته (Reynaud et al., 2010).
أساليب العلاج: عادة ما يتضمن علاج إدمان الحبُّ نهجًا متعدد الجوانب، يجمع بين العلاج النّفسي ومجموعات الدعم وأحيانًا الأدوية للمشاكل الصحية النّفسيّة المصاحبة. تشمل طرق العلاج الشائعة:
- العلاج المعرفي السلوكي (CBT): يساعد الأفراد على تحديد أنماط التفكير وتعديل السّلوكيّات غير الصّحيّة المتعلقة بالحبُّ والعلاقات.
- العلاج بالتحليل النّفسي: يستكشف المشاكل النّفسيّة الكامنة والتجارب السّابقة التي تساهم في إدمان الحبُّ.
- العلاج الجماعي: يوفر دعم الأقران وفرص التّعلم من تجارب الآخرين.
- برامج الخطوات الـ12: هي برامج اقتُبِست، وكُيِّفت بالاعتماد على نماذج التّعافي من إدمان المواد، توفر هذه البرامج الهيكل والدّعم المجتمعي للفرد.
- العلاجات القائمة على اليقظة الذّهنيّة: تعزز مهارات الوعي الذاتي وتنظيم العواطف.
- العلاج القائم على التّعلق: يعالج أنماط التّعلق غير الصحية التي تشكلت في الطفولة.
بشكل عام ترتكز أهداف العلاج على تطوير مهارات بناء العلاقات الصحية، وتقدير الذات، ومعالجة القضايا والمشاكل النّفسيّة الكامنة (Sussman, 2010).
تأثير إدمان الحبُّ على التّجربة الحياتية المَعيشة للفرد: يؤثر إدمان الحبُّ بشكل عميق على جوانب مختلفة من حياة الفرد والتّجربة الإنسانيّة ككل، خاصة في ما يتعلق بالرّفاهية العاطفيّة، وذلك بسبب عدم الاستقرار العاطفي المزمن، والتّقلبات المزاجيّة الحادة بين الفرح واليأس، كما يؤثر إدمان الحبُّ على الهّويّة الذاتيّة لأنّه يؤدي إلى فقدان الهّويّة الشّخصيّة جراء السعي المستمر وراء الحبُّ أو الشريك، إلى جانب صعوبة تكوين والحفاظ على علاقات صحية ومتوازنة، وانخفاض الإنتاجيّة والتركيز على الأهداف المهنيّة بسبب الانشغال بالمساعي الرومانسية، إضافةً إلى معاناة الفرد من مشاكل صحية متعلقة بالتوتر، وإهمال الرعاية الذاتيّة والعزلة عن الأصدقاء والعائلة أو عدم القدرة على الحفاظ على علاقات غير رومانسية، إذ يظهر تأثير إدمان الحبُّ على العلاقات الاجتماعيّة من خلال التركيز المفرط على الشريك، ما يؤدي إلى إهمال العلاقات الأخرى مع الأصدقاء والعائلة. هذا الانشغال يُفضي إلى تقليل التواصل مع المحيطين ويؤثر سلبًا على الاندماج الاجتماعي، إذ يُلاحظ تدهور العلاقات الاجتماعيّة بسبب مشاعر مثل الغيرة المفرطة والقلق بشأن فقدان الشريك، ما يؤدي في النهاية إلى العزلة، كما يقود إدمان الحبُّ إلى تعثر التّطور الشخصي إذ توجَّه الطاقة بشكل أساسي نحو المساعي الرومانسيّة، لذلك إن فهم هذه التأثيرات أمر بالغ الأهمية لتطوير استراتيجيات علاج فعالة ودعم الأفراد الذين يعانون من إدمان الحبُّ (Earp et al., 2017).
تحديات معالجة إدمان الحبُّ في السياقات الشّرقيّة العربيّة: هناك عدة عوامل يمكن أن تُعَقد تحديد إدمان الحبُّ ومعالجته في المجتمعات الشّرقيّة العربيّة وهي كالآتي:
- وصمة العار المرتبطة بالصّحة العقلية: غالبًا ما يكون هناك وصمة كبيرة تحيط بقضايا الصّحة النّفسيّة، ما يمنع الأفراد من طلب المساعدة.
- الوعي المحدود: بالمقارنة مع المجتمعات الغربيّة نجد أن مفهوم إدمان الحبُّ لا يُدرك أو يُفهم بشكلٍ كافٍ في السّياقات الشّرقيّة العربيّة.
- مشاركة العائلة: في السياقات الشّرقيّة العربيّة نجد للعائلة دورًا وتأثيرًا قويًّا في حياة الأفراد، الأمر الذي يُشكل تحدّيًّا من ناحية مخاوف الخصوصيّة، وفي المقابل يمكن الاستفادة من هذا التأثير من خلال جعل العائلة موردًا محتملًا في العلاج.
- القيود القانونيّة والاجتماعيّة: في المناطق الأكثر محافظة، قد تكون بعض السّلوكيّات المرتبطة بإدمان الحبُّ (مثل العلاقات قبل الزواج) غير مقبولة اجتماعيًّا أو حتى غير قانونيّة، ما يُعقّد النقاش المفتوح بهذه الأمور وبالتالي العلاج (Dardas & Simmons, 2015).
الأساليب الحساسة ثقافيًّا للعلاج: يتطلب معالجة إدمان الحبُّ في المجتمعات الشّرقيّة والدول العربيّة، بما في ذلك لبنان، مناهج وأساليب حساسة ثقافيًّا، لتحقيق ذلك من الممكن دمج أفراد الأسرة في عمليّة العلاج عندما يكون ذلك مناسبًا وبموافقة العميل، وكذلك مساعدة الأفراد في تحقيق التوازن بين احتياجاتهم الشّخصيّة والتوقعات الثقافيّة، والعائليّة إلى جانب دمج العناصر الدّينيّة أو الرّوحيّة في العلاج بما يتماشى مع معتقدات الفرد وذلك عند الاقتضاء، وتوعية المجتمع بشكل واسع حول إدمان الحبُّ والصّحة النّفسيّة للحد من الوصمة، وأخيرًا تعديل التقنيات الغربيّة، وتكييف أساليب العلاج لتتناسب مع السّياق الثقافي الشرقي.
الخاتمة
إن درس إدمان الحبُّ من خلال عدسة المجتمعات الشّرقيّة العربيّة، أظهر أنّه حالة تُشكل تحديًّا كبيرًا للصحة النّفسيّة والقدرة على تكوين العلاقات الصحية، خاصةً في ضوء الدور الحاسم الذي تؤديه العوامل الثقافيّة في تشكيل ظهور وإدراك ومعالجة هذه الحالة، كما أظهر أن الجوانب العابرة للثقافات لإدمان الحبُّ، مثل الأفكار الوسواسيّة والسّلوكيّات القهريّة وصعوبات الحفاظ على علاقات صحية، هي تعبير عن الضغوط الاجتماعيّة الخاصة بكل ثقافة، ففي سياق لبنان والمجتمعات المماثلة، نرى ذلك يتجلى من خلال زيادة الضغط الاجتماعي للزواج، والتوقعات المرتبطة بالأدوار الجندريّة النمطيّة في تكوين العلاقات، وتأثير القيم الدّينيّة والعائليّة على المساعي الرومانسية. كل هذا يُظهر أن المبادئ الأساسية لمعالجة إدمان الحبُّ قد تكون عالمية، لكن يجب تكييف تطبيقها مع السّياق الثقافي المُستهدف. على سبيل المثال، يشير الدور القوي للعائلة في العديد من المجتمعات الشّرقيّة العربيّة إلى أن التدخلات القائمة على الأسرة يمكن أن تكون فعالة بشكل خاص، مع الأخذ في بالحسبان الخصوصيّة والاستقلاليّة الفرديّة التي تُشكل تحديات فريدة من نوعها في تلك السياقات. بناءً على ما تقدم نرى أهمية التثقيف المُجتمعي لزيادة الوعي، وإزالة الوصمة عن قضايا الصّحة النّفسيّة في التخفيف من التحديات في معالجة إدمان الحبُّ، كما أنّ التعمُق في فهم إدمان الحبُّ جعل من الواضح أن نهج واحد يناسب الجميع غير كافٍ، وأنه يجب أن تسعى الأبحاث والممارسات العياديّة المستقبليّة إلى دمج وجهات النظر الثقافيّة المتنوعة في دراسة إدمان الحبُّ، وتطوير وتقنين أدوات التقييم المناسبة ثقافيًّا، وإنشاء طرق علاج تحترم وتدمج القيم الثقافيّة وتعالج العوامل المُجتمعيّة الأوسع التي تساهم في تطور إدمان الحبُّ واستمراره. إنّ تبني نهج وأساليب أكثر شموليةً ووعيًا ثقافيًّا، يُمَكننا من خدمة الأفراد الذين يعانون من إدمان الحبُّ بشكل أفضل عبر السّياقات الثقافيّة المختلفة. هذا لا يُعزز فهمنا للحالة فحسب، بل يُحسن أيضًا قدرتنا على تقديم رعاية فعالة ورحيمة للمتأثرين بإدمان الحبُّ، بصرف النّظر عن خلفيتهم الثقافيّة.
في الختام، يُمثل إدمان الحبُّ تحديًّا كبيرًا للرفاهية الفردية وتكوين العلاقات الصحيّة، لذا من خلال الاعتراف والتّشخيص والعلاج، وخاصةً مع تزايد التّواصل والتّرابط في عالمنا، يصبح هذا النّهج الحساس ثقافيًّا لفهم ومعالجة إدمان الحبُّ ليس مفيدًا فحسب، بل ضروريًّا. بجوانبه العالميّة ومظاهره الخاصة بالثقافة، يمكننا العمل نحو استراتيجيات أكثر شموليّة وفعاليّة للوقاية.
References
- Ainsworth, M. D. S., Blehar, M. C., Waters, E., & Wall, S. (1978). Patterns of attachment: A psychological study of the strange situation. Lawrence Erlbaum.
- Bowlby, J. (1969). Attachment and loss: Vol. 1. Attachment. Basic Books.
- Burkett, J. P., & Young, L. J. (2012). The behavioral, anatomical and pharmacological parallels between social attachment, love and addiction. Psychopharmacology, 224, 1-26.
- Carnes, P. (1991). Don’t call it love: Recovery from sexual addiction. Bantam Books.
- Dardas, L. A., & Simmons, L. A. (2015). The stigma of mental illness in Arab families: A concept analysis. Journal of Psychiatric and Mental Health Nursing, 22(9), 668-679.
- Dwairy, M. (2006). Counseling and psychotherapy with Arabs and Muslims: A culturally sensitive approach. Teachers College Press.
- Earp, B. D., Wudarczyk, O. A., Foddy, B., & Savulescu, J. (2017). Addicted to love: What is love addiction and when should it be treated? Philosophy, Psychiatry, & Psychology, 24(1), 77-92.
- El Feki, S. (2013). Sex and the Citadel: Intimate life in a changing Arab world. Pantheon.
- Feeney, J. A., & Noller, P. (1990). Attachment style as a predictor of adult romantic relationships. Journal of Personality and Social Psychology, 58(2), 281-291.
- Flores, P. J. (2004). Addiction as an attachment disorder. Jason Aronson.
- Khalaf, S. (2012). Lebanon adrift: From battleground to playground. Saqi Books.
- Rashad, H., Osman, M., & Roudi-Fahimi, F. (2005). Marriage in the Arab world. Population Reference Bureau.
- Reynaud, M., Karila, L., Blecha, L., & Benyamina, A. (2010). Is love passion an addictive disorder? The American Journal of Drug and Alcohol Abuse, 36(5), 261-267.
- Schore, A. N. (2003). Affect regulation and the repair of the self. W. W. Norton & Company
- Sussman, S. (2010). Love addiction: Definition, etiology, treatment. Sexual Addiction & Compulsivity, 17(1), 31-45.
– أستاذ مساعد في الجامعة اللبنانية- كلّية الآداب والعلوم الإنسانيّة- قسم علم نفس [1]
Assistant Professor at Lebanese university- Faculty of Arts and Humanities- department psychology
Email: prince_razzouk@hotmail.com