عنوان البحث: الاستراتيجيّة القطريّة والنّظام الإقليمي1995 – 2024
اسم الكاتب: أحمد موسى البوحليقة
تاريخ النشر: 20/12/2024
اسم المجلة: مجلة أوراق ثقافية
عدد المجلة: 34
تحميل البحث بصيغة PDFالاستراتيجيّة القطريّة والنّظام الإقليمي1995 – 2024
1995 – 2024 Qatar Strategy and Regional System
Ahmed Musa Abuhaliqa أحمد موسى البوحليقة([1])
Supervised by Professor. Mohammed Walid Abdul Rahi إشراف أ. د. محمد وليد عبد الرحيم([2])
تاريخ الإرسال:2-9-2024 تاريخ القبول:14-9-2024
الملخص
بما أنّ ظاهرة الأزمات ظاهرة عالميّة ابتليت بها الدّول على اختلاف موقعها، وأحجامها ودائمًا ما تقترن بالعلاقات الدّوليّة، ولها تأثيرها الواضح على المسارين السياسي والاقتصادي للمظمات الدّوليّة، ما جعل البعض مجبرًا أن يدخل في تحالفات إقليميّة ودوليّة لطلب الحماية والدّعم، وبأيّ طريقة كانت ولعل الكثير من الدّول اليوم تفكر في مصالحها، وأمنها القومي عند فقدان الثّقة بين الأطراف والشّكوك حول الشّراكات الشّكليّة بين حلفاء الأمس واليوم؛ وعليه انتهجت قطر سياسة مختلفة عن الآخرين بربطها السياسة الاقتصاديّة للدّولة بالقوة النّاعمة، والقوة الذّكيّة ما أتاح لها مجالًا أوسع للدخول في مختلف التّحالفات الدّوليّة قبل الإقليميّة.
فالحفاظ على تلك السياسة ونجاحها مرهون بالتّوازنات في العلاقات الدّوليّة، والقوى الكبرى في المنطقة وتحالفها مع الولايات المتحدة، ما شكّل دعمًا إضافيًّا لأمنها واستقرارها وحوّلها إلى مصلحة إقليميّة ودوليّة.
الكلمات المفاتيح: الحصار على قطر – قطر – العلاقة القطريّة التّركيّة -العلاقة القطريّة الأمريكيّة
Abstract
Since the phenomenon of crises is a global phenomenon that afflicts countries regardless of their location and size and always links international relations, and has a clear impact on the political and economic paths of international organizations, which has forced some to enter into regional and international alliances to seek protection and support in any way, and perhaps many countries today are thinking in its interests and national security when there was a loss of trust between the parties and doubts about the formal partnerships between the allies yesterday and today. Accordingly, Qatar adopted a policy different from others by linking the state’s economic policy to soft power and force.
Keywords: Qatar – Qatar-Turkey relations – Qatar- US relations – Blocked Qatar
مقدمة
كانت قطر تاريخيًّا تعتمد على علاقاتها الثنائية المتعددة مع دول المنطقة وخاصة دول الخليج العربيّة، وترتكز سياسة قطر الخارجيّة على الدفاع عن مصالحها الوطنية وتعزيز دورها في المنطقة والعالم. وعلى الرّغم من أنّ قطر تحاول الحفاظ على علاقات جيدة مع الدّول في المنطقة جميعها، إلّا أنّها تنظر إلى الخليج العربي بوصفه منطقتها الاستراتيجيّة وتُعدُّ ان لديها مصلحة مباشرة في الحفاظ على أمنها واستقرارها، ولذلك فان قطر تؤيد فكرة الخيار الإقليمي وتُعدُّ أنّ التّعاون بين دول المنطقة، والتّنسيق يمكن أن يساعد على حل القضايا الإقليميّة وتعزيز الأمن والاستقرار كما أنّ قطر تُعدُّ نفسها جزءًا من العالم العربي الّذي تنتمي إليه، ولذلك فإنّها تسعى إلى تعزيز علاقاتها مع الدّول العربيّة الآخرى، والمشاركة في المنظمات العربيّة. ومن خلال هذا الانتماء الشّرقي، تعمل قطر على تعزيز التّعاون والتنمية في المنطقة وتعزيز الهُويّة والثقافة العربيّة بالنسبة إلى السياسة الخارجيّة القطريّة، تعزيز العلاقات الدّبلوماسيّة مع الدّول الآخرى وتشجيع التّعاون الاقتصادي والتّجاري، كما أنّها تدعم الجهود الدّوليّة لتحقيق السلام والاستقرار في المنطقة والعالم، وتدعم حقوق الإنسان والحرّيات الأساسية وتؤكد قطر دائمًا ضرورة حل النّزاعات بالحوار والتّفاوض.
أهمّيّة الموضوع: ترجع أهمية البحث إلى كونه يتناول موضوع الدّور القطري السياسي الذي يمثل محور ارتكاز السياسة القطريّة، ونمطها في التّعامل مع السياسات الخارجيّة المختلفة إقليميًّا ودوليًّا. والى أنّ البحث يطرح موضوع السياسة الخارجيّة، وتفاعلها مع محيطها ودور القيادة في كل ذلك وتأقلمها مع الأحداث والمستجدات، ومقاومتها للضغوط والإملاءات والدّفاع عن أمنها القومي بكل الوسائل الممكنة مثل بناء التّحالفات الأمنيّة والاقتصاديّة.
إشكالية البحث: تبحث هذه الدّراسة في الخيارات الإقليميّة، والتّحالفات السياسيّة القطريّة في ظل الأحداث الرّاهنة والمستجدات على السّاحة الدّوليّة، والمحافظة على دورها الإقليمي والدّولي والارتقاء بدورها النّشط ومن هم الحلفاء، والأصدقاء الذين يمكن الركون لهم في أوقات الأزمات؟
وتتفرع تلك الإشكاليّة إلى عدة أسئلة:
- كيف تحولت قطر من إمارة ودولة خليجيّة حديثة الاستقلال إلى تلك القوة إقليميًّا وعربيًّا فاعلة ونشطة؟
- كيف استطاعت أن تؤدي دورها الأساسي في حل المنازعات والصّراعات الدّوليّة، ووممارستها لدور الوسيط في عدد من مناطق العالم على الرّغم من المضايقات والتّحدّيات الإقليميّة؟
- ما هي الدّول التي تحالف معها إقليميًّا ودوليًّا وما آثار هذا التّحالف وتبعاته؟
حدود الدّراسة: وُضِعت حدود للدراسة على المعطيات والأحداث المتسارعة، وتأثيرها على السياسة الخارجيّة القطريّة، وتعاملها مع الأزمات وتطور دورها واستراتيجياتها في المنطقة وأكثرها أهمّيّة بالطبع وصول الشّيخ حمد بن خليقة آل ثاني للحكم في العام 1995م والى تولي الشّيخ تميم بن حمد آل ثاني من بعده وقيأدّته للدولة في العام 2013-2014 م والى وقتنا الحاضر. واتباعه سياسة الحلفاء والشّركاء وحسن الجوار.
أهداف الدراسة: إنّ الهدف الرئيس من دراسة هذا النّوع من التّحالفات الإقليميّة والدّوليّة وبالخصوص منذ تولي الشيخ حمد بن خليفة إلى عهد الشيخ تميم بن حمد ال ثاني هو طرح وتقديم للسياسة القطريّة الخارجيّة ومدى تأثرها وتأقلمها مع الأوضاع المتغيّرة إقليميًّا ودوليًّا، ورؤيتها للقضايا الدّوليّة والمشاكل الإقليميّة التي تواجه الدّولة وأمنها واستقرارها وبالإضافة إلى قوة العلاقة بينها وبين شركائها الدّوليين ونجاح سياستها الخارجيّة ودورها عالميًّا.
-التّمعن وفهم الاستراتيجيات التي اعتُمِد في السياسة الخارجيّة القطريّة.
– محاولة تحديد مرونة وقوة ومكانة قطر سياسيًّا.
المنهج المستخدم
- المنهج التّاريخي: فلقد اعتُمِد على الكثير من الحِقب الزّمنيّة والتّسلسل الزّمني في الانتقال ما بين الأحداث التّاريخيّة التي حدثت لدولة قطر.
- المنهج الوصفي: تعد هذه الدّراسة وصفيّة، فهي تتحدث عن الجوانب السياسيّة والاقتصاديّة وتصفالحالة.
- المنهج التّحليلي: استُخدِم المنهج التحليلي لضمان الإنصاف في إيصال المعلومة للمستفيد (القارئ).
الفصل الأول: الخيارات الإقليميّة والتّحالفات السياسيّة القطريّة
عند الخوض في خيارات قطر الإقليميّة وحتى الدّوليّة نرى أنّهالا تتعدى ثلاثة أنواع من الخيارات وهي كالآتي: أمّا الانتماء إلى نظام إقليمي كالشّرق الأوسط أو ضمن النّظام الخليجي، وأخيرًا المشاركة في المجال الأفريقي، وهي خيارات لابدّ منها للتعاطي مع الأزمات الإقليميّة والدّوليّة ووضع الاستراتيجيّات المناسبة لها والتكيف معها. فتسعى سياسة قطر إلى بناء علاقات إقليميّة وتشكيل تحالفات استراتيجيّة مع عدة دول ومنظمات في المنطقة وخارجها إلى بعض الخيارات الإقليميّة، والتّحالفات التي تؤدي دورًا في السياسة القطريّة.
- مجلس التّعاون الخليجي: قطر عضو فعال في مجلس التّعاون الخليجي وهو تحالف يضم البحرين والكويت وعمان والسّعوديّة والإمارات العربيّة المتحدة يهدف المجلس إلى تعزيز التّعاون الاقتصادي والأمن السياسي بين الدّول الأعضاء.
- منظمة التّعاون الإسلامي: قطر عضو فعال في منظمة التّعاون الإسلامي، هي منظمة تجمع الدّول الإسلاميّة لتعزيز التّعاون في مجالات متعددة مثل الاقتصاد والتّجارة والتنمية والشّؤون الثقافيّة والسياسيّة.
- الاتحاد الإفريقي: قطر تحظى بشراكة وثيقة مع الاتّحاد الإفريقي، وتسعى إلى تعزيز التّعاون مع الدّول الإفريقيّة في مختلف المجالات بما في ذلك التّجارة والاستثمار والتنمية.
التّحالفات الإقليميّة الآخرى: قطر تحافظ على علاقات وثيقة مع دول آخرى في المنطقة مثل تركيا وإيران وروسيا. هذه العلاقات تعكس توجه قطر لتعزيز التّعاون الإقليمي وتوسع قاعدة شراكاتها. فيرى المحللون أنّ الدوحة عندما تتقدم في علاقاتها مع الآخرين من دون المساس بمصالح الأطراف الخليجيّة الآخرى فلا بأس، ولكن عندما يكون هناك تنازع في المصالح فهنا يكون الخلاف، والعواصم الخليجيّة حينها تبدأ في التّوجس والتّشكيك وحتى التّهديد، والمطالبة بوقف هذا المدّ نحو مناطق جغرافيّة آخرى ويُعدُّ ذلك تعدٍّ على نفوذها السياسي، والدبلوماسي وإن كانت على الضفة الآخرى من البحر الأحمر والمحيط كما هو الحال في ضفتي الخليج. بالطبع إنّ قطر تنتمي إلى الشرق الأوسط وتُعدُّه نظامًا إقليميًّا، ولكنّها ليست تلك الدّولة ذات الأيديولوجيّة القوميّة، والسياسيّة المتسلطةعلى المجتمعات ولن تكون فهي دولة متجانسة في الدّين واللغة والأصل الإثني .وهذا التّجانس على قدر كبير من الأهمّيّة، ويُجنّبها الكثير من المشاكل من خلال بناء أطر ومؤسسات تتعايش مع هويات فرعيّة، ما يدفعها إلى الاحتماء بتضامنات ما قبل تأسيس الدّولة، وتؤدي إلى تفكك فكرة الوطنيّة الجامعة ولربما الاستفادة من هذا الوضع أي التّجانس يأتي في سياق تفعيل دورها الإقليمي المعروف.البعض يطمح بان يكون بديلا عن الدولة،كالتيارات المختلفة وذات هويات مختلفة ونرى ذلك في عدد من الدول العربية وحتى الغربية ومرده ان تلك الدول ليس بها هذا التجانس ؛”اذ غالبا ما كان نصيبها دمار الحروب الأهلية وجروحها النازفة؛ مثل ليبيا التي تغوص في مستنقع حرب اهلية ،وتواجه خطرالتقسيم الذي يهدد العراق وسورية واليمن أيضًا([3]).
إذًا بعد المحاولات الجادة من القيادة القطريّة، والقائمين على السياسة الخارجيّة إلى احتواء هذا التّدهور في العلاقات العربيّة والعربيّة الإقليميّة، وإصرار البعض على العودة إلى الاستراتيجيّات السّابقة التي لا تُجدي ولا تنفع ولا حتى تقارب الوضع الحالي للمنطقة برمتها فأثرت الدّوحة الدّخول في استراتيجيّات من نوع آخر، مثل نظام التّحالفات الإقليميّة والدّوليّة لتتخطي العقبات المصطنعة، والتّردد من الذين لا يريدون الدّخول في النّظام العالمي الجديد، ولقد كلف هذا الأمر الكثير من هدر المال من دون طائلة، ولو جنح البعض للحوار لكان أفضل للجميع. وهكذا استوعبت الدّوحة درسًا مفاده أنّ النّظام الإقليمي للشّرق الأوسط، لم يعد يجدي ولم يعد يعيش عصر الزّعامات الملهمة، ولكن زمن اللاعبين الذين يعرفون كيفيّة الاستمرار في اللعبة حتى النّهاية، وعليه لم تعد الدّوحة مجالًا للطامعين، ولا هدفًا لمؤامراتهم، لكنها أضحت طرفًا” في اللعبة، وقادرة على اتخاذ قرارته بحريّة من دون ضغوط وهي قادرة على المنافسة مع أيّ كان، وعندها من المرونة ما يكفي لمنافسة العواصم الإقليميّة المختلفة، ونلاحظ هذا الكمّ الكبير من الحضور العالمي بسبب علاقاتها وروابطها ونقطة اتصالها مع الجميع، وبين المتضادات والأدلة كثيرة على ذلك مثل السّودان ولبنان. “وبرزت أيضًا في التطورات التي رافقت هبوب رياح “الربيع العربي”، فكانت الداعم الخارجي الرئيس لحركة النهضة في تونس؛ وساهمت على نحو ملموسفي تشكيل المجلس الانتقالي الليبي، وفي تسليح معارضة نظام القذافي وتمويلها”([4]).
وأخيرًا تبقى التّحدّيات الأمنيّة وطبيعتها الشّغل الشّاغل، وتغيرها إذ لا يمكن قراءتها بالحسابات القديمة ولكن الاستخدام الأمثل لأدوات السياسة، ونظرة الدّوحة إليها والتي تتعالى عن السّجالات السياسيّة والقدرة على استيعاب التّغيرات التي طرأت على الواقع الإقليمي، وتفاعلها مع النّزاعات والتّهديدات الأمنيّة الدّاخليّة والخارجيّة كذلك ومع بروز القوى والشبكات العايرة للدول ودخول آخرى جديدة على خط الصراعات مثل التطرف الديني والمسلحين غير الحكوميين وما تبعه من “الحروب الباردة بين السُّنة والشِّيعة التي ترسم بخط عابر للدول، واضعة إيّاها في أتون صراع يكاد يكون وجوديًّا، إضافة إلى الاضطرابات السياسيّة التي اندلعت في العام 2011م، وأخرى عاملًا موثرًا في تغيير التّوازن الأمني الدّاخلي”([5]).
الفصل الثاني: العلاقات الإقليميّة
- العلاقات القطريّة التّركيّة: البداية كانت مع عودة الاهتمام التّركي بالمنطقة العربيّة وخصوصًا بعد الغزو العراقي للكويت، والفراغ الناتج عن غزو العراق وإيران بعد تحرير الكويت. ومع تدهور العلاقات التّركيّة السّوريّة بسبب دعم سوريا لحزب العمال الكردستاني وعبدالله أوجولان، والأكثر أهمّيّة من ذلك وصول حزب العدالة والتنمية إلى الحكم في تشرين الثاني – نوفمبر 2002 إذ بدأت العلاقات العربيّة التّركيّة بالتّطور السّريع على الأصعدة جميعها ومن بينها قطر.
بالطبع تركيا من الدّول الأولى التي أقامت علاقات دبلوماسيّة مع قطر منذ استقلالها في العام 1972م، وتآخّر تبادل السّفراء إلى العام 1980م، وحينها افتتحت السّفارة التّركيّة في الدوحة وافتُتِحت السّفارة القطريّة في أنقرة في العام 1992م، و”لكن العلاقات لم تكن بتلك القوّة بسبب تركيز تركيا على علاقاتها بالغرب على حساب الدّول العربيّة، وبسبب الرّواسب التّاريخيّة المتصلة بمحاولة إنهاء المرحلة العثمانيّة من جهة، والنّظرة السّلبيّة إلى العرب من جهة آخرى، وتحالفهم مع بريطانيا خلال الحرب العالمية الأولى ضد الدّولة العثمانيّة”.([6])
مع وصول الشيخ حمد بن خليفة إلى الحكم، أعطى دفعة كبيرة للعلاقات التّركيّة وبدأ بالتّعاون الاستراتيجي والأمني في العام 1999م، وتُوِّجت العلاقات بين البلدين بزيارة أمير قطر إلى تركيا في كانون الأول /ديسمبر 2001م. وكان التوافق السّياسي مع وصول حزب العدالة والتّنمية إلى الحكم في تركيا، وقد تطورت العلاقات العربيّة التّركيّة مباشرة بعد رفض البرلمان التّركي السماح للولايات المتحدة باستخدام أراضيها لضرب العراق، ونمت العلاقات التّركيّة السّورية ومعها العلاقات الإيرانيّة وحماس، ويرجع الفضل في كل ذلك إلى منظّر السياسة التّركيّة لحزب العدالة والتّنمية أحمد داوود أوغلو، واستراتيجياتها المستقبليّة مع مختلف جيرانها العرب ودورها في السّاحة العالميّة.
لقد عدّ داوود أوغلو “أنّ نقطة الضعف الأبرز في السياسة الخارجيّة التّركيّة تمثلت في ابتعادها من هذه المنطقة على الرّغم من كونها غنيّة بموارد الطاقة. وأرجع السّبب إلى إغفال تركيا منطقة الخليج العربي طوال حقبة الحرب الباردة، على الرّغم من قربها منها جغرافيًّا، ما انعكس في تجاهل دول الخليج العربيّة تركيا بوصفها قوة إقليميّة، كما أنّ القوى الكبرى لم تُعدُّها بسبب ذلك فاعلًا مهما في سياسات المنطقة”([7]).
إذًا الأهداف العربيّة والتّركيّة والاستراتيجيّة الاقتصاديّة بينها ممكن أن تتحقق تحت نظام أمني إقليمي محدد، تقوم على المصالح المشتركة والاعتماد الأمني المتبادل. وتزامن ذلك مع قيام الثّورات العربيّة (الرّبيع العربي) في العام 2011م، وتطورت فيه العلاقات القطريّة التّركيّة بصفتها جزءًا من العلاقات العربيّة الخليجيّة التّركيّة ومنها السّعوديّة ومع إعلان مجلس التّعاون أن تركيا شريك استراتيجي، وهذه أول مرة تحظى فيها دولة بهذه الصّفة في العلاقة بالمجلس. كما عقد الطرفان اجتماعات سنوية للحوار الاستراتيجي في المسائل السياسيّة والاقتصاديّة والدّفاعيّة والأمنيّة والثّقافية.”وكل ذلك لم يمنع تطور العلاقات القطريّة التّركيّة بشكل أكبر وأسرع لتطابق وجهات النّظر في القضايا السياسيّة الخارجيّة، تجاه حماس في فلسطين والعلاقة مع إيران وسورية والحركات الإسلاميّة”([8]).
أثرت العلاقات التّركيّة القطريّة على الأمن القومي الخليجي، بعد تغيّر العالم في نهاية حقبة الثمانينيات من القرن الماضي لعدة متغيرات جيوسياسّية كبرى في العالم، وأدّت إلى التّحوّل في مراكز القوى في العالم، وقد أثّرت هذه التّحولات على الأوضاع الجيوسياسيّة والاستراتيجيّة لمنطقة الشّرق الأوسط التي يُشكّل الوطن العربي الجزء الأكبر منه، وتشكل تركيا جزءًا آخر مهمًّا في هذه المنطقة.
كما أنّ المنطقة العربيّة شهدت العديد من الاضطرابات، ولكن المنطقة الخليجيّة معروفة أنّها من أكثر المناطق توترًا وعرضة للاضطرابات وعدم الاستقرار، بحكم موقعها وأهميتها السياسيّة الدّوليّة بالإضافة إلى استراتيجيتها وثرواتهاالنّفطيّة، والغازيّة والمعادن ولها مكانتها البارزة في الدّراسات الاستراتيجيّة خلال السّنوات السّابقة والحاليّة.
بعد الثّورات العربيّة في 2011 م، نمت العلاقات القطريّة التّركيّة وازدهرت، ونرى هذا واضحًا في تطابق الطرفين في مجمل العلاقات السياسيّة والعسكريّة والأيديولوجيّة، ومساندتهما للحركات الإسلاميّة السياسيّة ورفض دول الخليج لهذه العلاقات ومعهم مصر العربيّة. بعد الخلافات السّعوديّة التّركيّة وآثارها على أحداث الدّول العربيّة مثل تونس وسوريا ومصر وليبيا، ووقوف تركيا مع الحركات الإسلاميّة التي وصلت إلى الحكم ما أغضب بعض الدّول الخليجية مثل الإمارات والسّعوديّة والانقلاب العسكري في مصر على حكم محمد مرسي، أخرى العلاقات التّركيّة متجهة إلى الجانب القطري أكثر فأكثر لمواجهة الحلف السّعودي الإماراتي وهيمنتهما على السّاحة الإقليميّة ومحاولة تقسيم المنطقة، وبما أنّ تركيا وقطر تتمتعان بعلاقات جيدة مع محور إيران وسوريا ودورهما المعروف بآخراج سوريا من عزلتها الإقليميّة في العام 2008م وما تبعها من أحداث لاحقًا. وأدّت تركيا دورًا مهمًّا، بالتّوسط بين إسرائيل وسوريا لاستئناف محادثات السّلام بين الطرفين، ولم تنجح تلك المساعي الدّبلوماسيّة، ولكنها نجحت في آخراج سوريا من عزلتها العالميّة “وكان للجهدين القطري والتركي دور اساسي في آخراج سورية من حالة العزلة والحصار”([9]).
مع تصاعد الأحداث في العراق وتطورات الثّورة العربيّة في سوريا العام 2011م، يسمح للحلف القطري التركي لتصحيح الوضع، وموازين القوى لصالحهما عبر إقناع النّظام السّوري باتخاذ سياسة منفتحة على المعارضة في الدّاخل (ما يعني سياسة أقل اعتمادًا على إيران)، أو إقامة نظام بديل في دمشق يكون قريبًا منها، ويشكل حليفًا استراتيجيًّا لها([10]). إذًا مع فشل كل المساعي لتغيير الواقع السّوري، بدأت تحالفات من نوع آخر فهناك حلف قطري تركي، وآخر سعودي إماراتي ومصري، وكل له مصالحه وخصوصًا بعد الانسحاب الأمريكي من العراق وتوجهه إلى الصين، ومغادرة الشّرق الأوسط ولكن الأمر الأكثر أهمّيّة هنا هو الاتفاق على تحجيم الدّور الإيراني في المنطقة وفي سوريا بالتّحديد، وتحويل سوريا إلى حليف لهم مقابل إيران، وعليه بدأت قطر الابتعاد من إيران ومحورها مع سوريا إلى الطرف الآخر تركيا على أساس إقامة محور إقليمي جديد، فاصطدم بمعارضة سعوديّة مع الإمارات في حينه، وتشكيلهما ثورة مضادة لقطر وتركيا ما ساعد إيران على بناء مصالحها في المنطقة ككل. بالنتيجة كان للتّقارب القطري التركي فوائده على المستوى الاستراتيجي، وإنّ اختلفت موازين القوى في المنطقة وتكون تحالفات جديدة بعد ذلك، وتبقى المصالح المشتركة بين قطر وتركيا وتطابقها السّياسي والاستراتيجي ما شهدته الأحداث لاحقًا. ففي الدّراسات التي تبحث في التّحالفات فهناك ما يدفع إلى تأكيد عوامل إضافيّة أبعد من “العوامل الأساسيّة للقوة”، ومن ثَمَّ يؤخذ في الحسبان “المقومات الأشمل لقوة الدّولة” بدلًا من ذلك، بما في ذلك نوعيّة القيادة والمهارات التي تتوافر لديها”([11]).
وهناك أسباب أخرى لتطور العلاقات بين قطر والجمهورية التّركيّة، إذ يرى السيّد صادق العماري مدير عام مركز القطري للصحافة، في تصريح لوكالة الأنباء القطريّة قنا، “وجود العديد من من المقومات التي ساهمت في بلوغ هذه المرتبة من التّقارب السياسي والتّكامل الاقتصادي، لاسيما تميز العلاقات بالقوّة الاستراتيجيّة، والتّفاهم الواسع في الكثير من القضايا، والملفات السّاخنة في المنطقة والعالم، وتوافق قائدي البلدين في النظرة العميقة للأوضاع والرّؤية الواضحة لكيفيّة تحقيق الأمن، والاستقرار العالمي في ظل عالم مضطرب تحكمه المصالح الضيقة والمنافع المؤقتة، أضف إلى امتلاك البلدين العديد من المزايا التي تؤهلهما لبناء علاقات أقوى وتحالفات أوسع، ما يساهم في تمكين الدّوحة وأنقرة من تحقيق نجاحات ملموسة في العديد من القضايا الشّائكة التي لاتزال تسبب تهديدا للاستقرار العالم”([12]).
وأمّا عن مدى مساهمة تلك العلاقات في دعم التّوازن في المنطقة، ومواجهة الكثير من التّحدّيات وإرساء دعائم الأمن والسّلام، فتلك العلاقة من شأنها المساهمة في صنع قوة إقليميّة تعمل على تحقيق التوازن في المنطقة، نظرًا لتطابق وجهات النّظر بخصوص القضيّة الفلسطينيّة وتخفيف المعاناة الإنسانيّة، وإيمان الطرفين أنّ العالم يحتاج إلى أصوات عاقلة ترى الأمور من باب المصالح المشتركة، وإن كان هذا لن يتحقق إلّا بالحوار العقلاني المتوازن الذي يحفظ مصالح الجميع. وهناك أدلة كثيرة على حميمية تلك العلاقات، فلقد عقد الرئيس التّركي حوالي 28 قمة مع أمير قطر ووقَّع على عدد كبير من الاتفاقيات الثّنائيّة بلغ عددها 52 اتفاقيّة، ووصل حجم التّبادل التجاري بينهما ما يقارب ملياري دولار في خلال 70 شهرًا. وفي العام 2014 وصلت العلاقات إلى ذروتها وأنشئت “اللجنة الاستراتيجيّة العليا بين قطر وتركيا” وافُتِحت القاعدة العسكرية التّركيّة في مدينة الرّيان وتسمى بقاعدة “خالد بن الوليد” وتتسع 3000 جندي، فاحتجت على الأمر الدّول الخليجيّة، ويُعد هذا من الأسباب المهمّة للأزمة الخليجيّة قي مارس 2019م، ومع تفعيل المقاطعة للمرة الثانية، لم ترَ بدًّا بعد الله حليفًا قويًّا يعتمد عليه غير أنقرة ومع زيادة العلاقات زادت الأمور تعقيدًا مع الدّول المجاورة لها. وهناك من يقول إنّ الإمارات العربيّة مترددة في الانضمام إلى اتفاق المصالحة لعدم حسم موضوع العلاقات التّركيّة القطريّة أو التّخفيف منها. فإذا لا تستطيع الإمارات وقف تلك العلاقة، ووقف التّقارب السّعودي القطري أيضًا، فلما لا تكون جزءًا من التّسوية على ألّا تشارك في الاتفاق من الأساس وهنا أردف وقال “أعتقد أنّ محور الدّوحة وأنقرة سيظل قويًّا، وأنّ التّحالف سيستمر على الأرجح في التّطور حتى في ظل اتفاقيّة مجلس التّعاون الخليجي الجديدة”.هذا ما قاله سليمان العقيلي لموقع قناة “الحرة ” إنّ العلاقات التّركيّة القطرية تُعدُّ مسألة سيادة وطنيّة تخص الدوحة وحدها، وأنّ الدّول الأربع لايمكن أن تتدخل في هذا الأمر”([13]).
مرت العلاقات القطريّة التّركيّة بمراحل عدة وبحسب الصّراعات العربيّة العربيّة، والعربيّة الإسرائيلية من جهة أخرى، ناهيك عن الخلافات العربيّة السياسيّة منها والحدوديّة وحتى الاقتصاديّة، ولم تكن الجامعة العربيّة قادرة على حلّ تلك النّزاعات، وهنا نرى أنّ الغزو العراقي للكويت أحرج الجامعة العربيّة وتحرير الكويت كذلك وصولًا إلى الثورات العربيّة، والأوضاع غير المستقرة في سوريا وليبيا، واليمن ولا حماية للدّول الصغيرة من بطش الدّول الكبيرة، فلا أمن ولا أمان إذ تبدلت الولاءات والتّحالفات إلى أن أتت أزمة الخليج وبانت الحقيقة فلا قرار لمجلس التّعاون ولا للجامعة العربيّة، وأخرى الدّول منقسمة بين هذا وذاك وكما في مجمل القرارات المصيريّة لا حسم وخلاص ولا حامي بعد الله، إلّا القوي ومع بروز التّحالفات وبحسب المصالح كانت الدّول الصغيرة تراوح مكانها، فان لم تكن مستعدة اقتصاديًّا وماليًّا، فلن تستطيع حماية نفسها ولاشعبها من الطامعين فيها وهم كثُر، ونرى أنّ من يملك المال يملك القوة، والقوّة على أنواع: الناعمة والصّلبة، وقطر تملك كل مقومات القوة ولعل التّرابط الاقتصادي والطاقة مع وجود الاستثمارات الضخمة في الدّول العظمى، جعل بعض الدّول الغربية تراجع أمرها في المحافظة على مكتسباتها، والتّوسط لحلّ الخلافات الخليجيّة بدل المشاركة في العدوان، فبعد الخلاف الخليجي في العام 2014 وسحب السّفراء وتهديد الدّولة وإطالة أمد الأزمة من دون داع، ودخول الوسطاء مثل الشّقيقة الكويت وآخرين إلّا أنّ هناك من كان يريد إطالة أمد الأزمة واتساعها، ولكن ماحدث بعد ذلك من التّوجس الخليجي من الصلح الأمريكي الإيراني، وأنّ الرئيس أوباما يتقرب من إيران والاتفاق النّووي الإيراني على الخط، وهذا التّقارب لم يعجب الخليجيين وشعورهم أنّ تخلي أمريكا عنهم قادم لا محالة، وأنّ تعاظم القوّة الإيرانيّة على السّاحة الإقليميّة تضعفهم، وهنا أراد الأشقاء التّغاضي عن خلافاتهم مع قطر، والالتفات إلى الدّعم القطري الإعلامي والمالي وحتى العسكري بداية مع اليمن لمنع التّمدد الإيراني هناك في مطلع العام 2015 م ومواجهة الحوثيين.
تلك التطورات أدّت إلى تدهور في العلاقات العربيّة، وظهر انقسامها في سوريا وليبيا من جهة، وفي اليمن من جهة آخرى، أُضعِف الجانب العربي كلّه من الخليج إلى المحيط، فبعض الدّول العربيّة غير قادرة على حماية نفسها، وبعضها الآخر جيوشها غير مستقرة تلاحق معارضيها من دون هوادة، وتغطي فشلها بالتّحالف مع الحليف الغربي بقيادة أمريكا وظهرت مستجدات آخرى، واختلطت الأوراق فلا يُعرف الحليف من الصّديق، وتمكن الأعداء من استغلال ذلك لصالحهم، فكان هناك الاتفاق الإبراهيمي بين العدو والصّديق والشّقيق، وكان جراء ذلك شيطنة الشّقيقة قطر، والجارة إيران ولحساب من الله أعلم، وهنا قررت قطر مع كل هذا التّغير في السياسات والمعطيات الجيوسياسيّة.
التّخلي عن استراتيجية التّوازن التي اتبعتها في علاقاتها بجارتيها إيران، والسّعوديّة في دعم المعارضة في مصر والمعارضة في سوريا في تحدٍ واضح وعلني مستندة إلى علاقاتها بالقوى الإسلاميّة الوسطيّة من ناحية وعلاقتها مع تركيا من ناحية آخرى، وكانت لهما السياسة نفسها في مصر وسوريا وذلك لعدم وجود الدّعم الكافي والاستراتيجي من أوباما، وتركيا التي لم يملك الحزب فيها السّيطرة على المؤسسة العسكريّة حينها وقبلها المحاولة الفاشلة في يوليو2016م، وهي تحديات من نوع خاص.”وكان الانكفاء الأمريكي إلى ترك الصّراع في المنطقة بين قوى التّغيير، وقوى الوضع القائم يأخذ مداه من دون تدخل كبير، في وقت انصبّ اهتمامه أكثر على الحصول على اتفاق حول برنامج إيران النّووي”([14]).
الفصل الثالث : العلاقات الدّوليّة
التّحالفات الاستراتيجة الخارجيّة مع الولايات المتحدة الأمريكيّة: غالبًا ما كانت التّحالفات التقاء المصالح بين الدّول، ومصالح قطر معروفة سلفًا “وتشمل الأمن والأمان من أيّ تهديد إقليمي أو دولي، وممارسة حقّها كدولة مستقلة لها حقوق وعليها واجبات، وعلى الطرف الآخر الحليف الأمريكي يتمسك بعقيدته المعروفة وهي إحدى مميزاته والغالبة على الفلسفة الاستراتيجيّة الأمريكيّة في المنطقة، وهي أنّ قطر مجال آخر من المجالات الحيوية للأمن الأمريكي في عموم المنطقة “منطقة الشّرق الأوسط“.
إنّ قطر دولة صغيرة في منطقة الخليج العربي، وتعتمد سياسة خارجيّة إستراتيجيّة تهدف إلى تحقيق مصالحها الاقتصاديّة والسياسيّة، والأمنيّة في المنطقة وعلى مستوى العالم، وتُعدُّ التّحالفات الاستراتيجيّة الخارجيّة جزءًا مهمًّا من هذه السياسة تتعاون قطر مع العديد من الدّول والمنظمات في جميع أنحاء العالم، وتقوم بإبرام اتفاقيات معهم لتعزيز التّعاون الثنائي في مختلف المجالات، بما في ذلك الاقتصاديّة والعالميّة والتكنولوجيّة والثقافيّة، وتتمثل التّحالفات الإستراتيجيّة الرئيسة لقطر في التّحالفات مع دول الخليج العربي، خاصة السّعوديّة والإمارات العربيّة والبحرين، في المنطقة كما تتعاون قطر مع العديد من الدّول الأخرى، بما في ذلك الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وروسيا والصين والهند، واليابان وكوريا الجنوبية والبرازيل وجنوب إفريقيا ودول أخرى، وتركز هذه التّحالفات على تحقيق مصالح قطر الاقتصاديّة والسياسيّة والأمنيّة، بما في ذلك التّعاون في مجال الاستثمار، والتجارة والطاقة والتكنولوجيا والأمن العسكري.
يجب الإشارة إلى أنّ التّحالفات الاستراتيجيّة الخارجيّة القطريّة تعتمد على عوامل عدة، بما فيها ذلك المصالح المشتركة والتّوافق السياسي، والثّقة والاحترام المتبادل بين الأطراف المعنية، وقد تتعرض هذه التّحالفات للتّوترات ونمط التّحالفات الخارجيّة مبني على الأمن والأمان، والاستقرار السياسي بما أنّ موقع قطر الجيواستراتيجي يحتّم عليها الدّخول في تحالفات خارجيّة، ولعل موقعها قرب الممر البري من ناحية البحر تارة، والممر الجوّي في الإقليم يجعلها مستهدفة من حين إلى آخر، وهذا يمثل ضغطًا أمنيًّا حساسًا، واعتمادها على الحليف الأمريكي مبرر لضمان أمنها، واستقرارها والتركيز على بناء اقتصادها واستثماراتها في العالم.
أولًا: التّحقق ثم التحالف
لم تكن قطر محط أنظار صانع القرار الأمريكي بقدر ما تضمنه الشّركات الأمريكية من نمو في مشاريع النفط، ولم تكن لها أولويات غير ذلك لتوطد علاقتها مع الدّول الحديثة، وكان أول افتتاح رسمي للسفارة في أذار/ مارس العام 1973م أيّ بعد ثبوت وجود احتياطات ضخمة للغاز الطبيعي، وحتى الاستيراد والتّصدير لم يكن ذا أهمية للشركات الأمريكيّة في بداية مرحلة ما قبل التنقيب، وعلى الرّغم من تعبير الدّوحة عن إعلان انفتاحها على واشنطن إلّا أنّ العلاقات بين الطرفين لم تكن تحمل تلك الأهمّيّة إلّا بعد أن بدأت حرب الخليج في العام 1991ميلادي.
إذًا العلاقات القطريّة الأمريكيّة شهدت توترًا في ثمانينيات القرن الماضي، وذلك لوقوف واشنطن مع الجارة البحرين والسّعوديّة وتهميشها لقطر، ومحاولة حصول الدوحة على صواريخ تحمي بها أرضها ما جعل الراعي الأمريكي يمنع قطر من حصولها على تلك الصواريخ.
وبعد تجميد التّعاون العسكري بدأت مرحله أخرى من العلاقات بعد حرب الخليج الثانية، والدخول في التذحالف الدّولي لتحرير الكويت، واستخدام الأراضي القطريّة والتّنازل عن صفقة الصواريخ محلّ الخلاف ما جعل مراجعة العلاقات معها جيدة.
في هذا السّياق سارعت واشنطن لتثمين العلاقات الثنائيّة وشجعت شركاتها النّفطيّة الأمريكية في قطر، وعليه فإنّ العامل المهم هنا أنّ واشنطن بدأت بالوقوف أكثر وأكثر إلى جانب الدّوحة، وأنّ تُعدُّها أكثر من صديق مهم للمصالح الأمريكيّة بل العكس وجدت أنّها بلد حيوي لأمن الولايات المتحدة الأمريكيّة، “وعندها وقعت اتفاقيّة الدّفاع المشترك المعروف في 23حزيران/ يونيو 1992ميلادي وهنا نجحت قطر على الأقل، في أن تضمن لنفسها مظلة حمايّة أمريكية أكيدة”([15]). ومع وجود القواعد الأمريكيّة في قطر، أصبح الوجود الأمريكي مبررًا ويستمر لمدّة طويلة من الزّمن، وما يحدث فيها من مشاريع خير دليل على ذلك، ويبدو أنّ اتفاقيّة التّعاون العسكري التي جددت في العام 2013 وقد مدِّدت إلى أجل غير مسمى.
ثانيًّا: الدّبلوماسيّة المرنة
الحليف الأمريكي هو الضامن والراعي في المنطقة بلا جدال، ولكن ضمان الأمن والحماية لربما أعطى مجالًا أكبر ومرونة أكثر للتحرك السّياسي الخارجي، ولعل واشنطن هي الملام على السّلبيّة في العلاقات في بعض الأحيان لانتقادها الإعلام القطري الجزيرة، والانتقاد للعمليات في أفغانستان والعراق ووصول الأمر إلى وزير الدّفاع رامفيلد بوصف القناة أنّها لسان حال تنظيم القاعدة، وزعيمها أسامة بن لادن وكذلك ما يجري في أروقة مجلس الأمن في 2006-2007 ميلادي، والتّصويت القطري في مجلس الأمن وملف إيران النّووي حينها، ووقف الحرب على لبنان 2006 فورًا واعتراض واشنطن يومها.
وبالنتيجة سمحت بنود الاتفاقيّة بتخزين مسبق لمعدات أمريكيّة ثقيلة خاصة كفيلة، بتجهيز كتيبتين مدرعتين، ومنح تسهيلات لوجستيّة للقوات الجوية الأمريكيّة تسمح باستخدام القاعدة الجويّة في العديد، وإجراء تدريبات عسكرية مشتركة إضافة إلى إمكانيّة إبرام صفقات تسلح لتحديث القوات العسكريّة القطريّة.
ثالثًا: العام 2017 والأزمة الخليجيّة
الأزمة في العلاقات الأمريكية القطريّة” تزايدت التّلميحات الرّسميّة الأمريكيّة حول دور قطر في تمويل الإرهاب، وهي بالفعل العامل الأهم في ازدياد الدّراما الخليجيّة وصولًا إلى وصف الرئيس الأمريكي قطر أنّها “داعم تاريخي للإرهاب”.([16])
المعروف أنّ السياسة في واشنطن تناقش بالتّحليلات، وبالمجمل هناك محللون ومستشارون ومراكز بحوث كلّها تصب في وضع السياسة الأمريكيّة وهندستها، فصانع القرار الأمريكي أمام كل ذلك لا يملك إلّا أن يبادر إلى وضع الخطط المناسبة أو القرارات الحاسمة، ولكن هناك أمر آخر له التأثير نفسه ولربما أكبر، وهو الإعلام السّلبي والإيجابي وهذا ما حصل في حالة الرئيس الأمريكي ترامب.
لقد كانت الأمور جيدة إلى أن كانت شيطانة دولة قطر وأميرها، ووضع الأفكار السّيئة وكان هناك سياسيون وإعلاميون وحتى مستشارون عملوا على شيطنة الدّوحة في سبيل إرضاء الغير، وهم معروفون بعدائهم لدولة قطر. إذ ما نعرفه عن السياسة الأمريكيّة والنّخبة أنّها بالفعل مسؤولة عن صنع القرار، ولكنّها أيضًا ليست على وفاق فيها بينها فهناك جدال ومناقشة للأمور وحلّ الملابسات المحيطة بأيّ قرار كان فما بالك بخصوص العلاقات مع قطر. الأمانة في النقل والتّحليل هو الهدف من أي قرار وحوار وكما قيل الصدق هو المطلوب، فهناك كتاب يريدون من كل ذلك تصفية الحسابات ليس إلّا بين الجمهوريين والديمقراطيين وتمادى البعض بقولهم أنّ قطر نجحت في خداع واشنطن.
وقيل الكثير عن رغبة نائب الرئيس السّابق ديك شيني في التّنازل عن صفقات عدة مع قطر، ونقل القاعدة الأمريكيّة وهذا بالطبع غير ممكن منطقيًّا وحتى سياسيًّا بالقيادة العسكريّة الأمريكيّة، لم تجرؤ على الإقدام على مغامرة إلغاء الصّفقة، حيث المرافق الحديثة وحرية العمليات العسكريّة غير مقيدة” وفوق هذا وذاك فإنّ (البلد سخيٌّ جدًّا ومضياف) وأنّ قطر هي صاحبة العزف المنفرد، والصوم الآخر وسط أوكسترا إقليميّة “لديها حساسية شديدة من الآثار السياسيّة المترتبة على وجود آلاف من الجنود الأمريكيّة على أرضها”([17]).
رابعًا: البحث عن الأمن والأمان:
تتمثل السياسة الخارجيّة القطريّة في القيادة، والسّعي إلى تنويع مصادر ضمان أمنها، واستقرارها ما يتيح لها الاستقرار والاستقلال في الحركة ويقلل من الضغوطات الأمريكيّة، ولعل الخوف من المستقبل والدّخول في الانعزال وصانع القرار الأمريكي مايبرره.
الدّروس كثيرة منها “إنّ السّلطات الوصاية ترحل في نهاية المطاف، ومن الحكمة أن تستعد قطر لمثل هذا الاحتمال” ولهذا وجب البحث عن حلول يفرضها المنطق، ولا يستمر الغطاء الأمريكي الدّفاعي ومن بين تلك الحلول التّعاون بين قطر، والدّول الأوروبية بريطانيا وفرنسا وتركيا وفي المجالات جميعها الأمنيّة والعسكريّة وأن يوفر دعمًا إضافيًّا لا عند الحاجة لتعرّضها لأيّ طارئ كان بالتّحديد في بيئة مليئة بالاضطرابات وموقعها الجغرافي الخير دليل على ذلك ولها في التّاريخ لا عبره.
نعم هناك تعاون عسكري دفاعي مع فرنسا، والمناورات العسكرية المشتركة في مياه الخليج تأتي في هذا المنوال، وهناك أيضًا تعاون عسكري مع بريطانيا أذار/ مارس 2016، وهي مبادرة لندن والتي تُعدُّ قطر دولة صديقة (بلدًا صديقًا) وأنّها “بلد حيوي لأمن المملكة المتحدة أيضًا، وتربط علاقات جيدة وحيوية أولًا التزود بالغاز القطري المسال والثاني ضخامة حجم الاستثمارات القطريّة في المملكة المتحدة”([18]).
وأعلنت تركيا التي تربطها علاقات جيدة مع قطر منذ القدم، في الأول ديسمبر 2015م عزمها على إقامة قاعدة عسكريّة جديدة لها في قطر، ما يمهد لوجود عسكري تركي طويل الأمد على أديم قطر، هذا الإعلان التركي والذي مرّ بمراحل شتى منها ثلاث مراحل مختلفة مترابطة في كل مرة تأتي العلاقات الثنائيّة بينهما بالارتقاء في العلاقات وإلى أن وصلت إلى مرتبة التّحالف وعلى أعلى مستوى، وأن الاتفاق الدّفاعي وصل إلى مراحل متقدمه بين الطرفين، وهذا وضع صحي تراكمي وتصاعدي وشمل الصناعات الدفاعية في العام 2007م وأيضًا في 2012 اتفاقيّة التّدريب العسكري “اتفاقية وضع القوات” والتي وقعت حينها في 2014 في أنقرة، وشملت الاتفاقيّة تقريبًا كل شيء ومنها تمركز القوات على أراضي البلد المضيف، واستفادّت كل طرف من المنشأت، والوحدات والمؤسسات العسكرية لدى الآخر ومن ضمن الاتفاقيّة إذا ما تعرضت الدّولة لهجوم فإنّه يتعين على الدّول الآخر مساعدتها([19]).
أقلّ ما يمكن أن يقال إنّ خط الانتشار العسكري التركي في قطر كبير لحدّ الذي يقلق الكثيرين، ويزعجهم وأنّ الجغرافيا السياسيّة قد تحرج الكثيرين أيضًا، وأن الدّولتين قادرتين على مواجهة الأزمة الناتجة عن المشهد الخليجي، وبيئتها المزاجية المتقلبة وكان لنصيب تركيا الحظ الأوفر لاستعراض قوتها، وقوة صناعتها وتمدّدها إقليميًّا للخارج مع حليف إقليمي قوي، بالإضافة إلى التّمركز والتّدريب على حدود الصّحراء والاستعراض عنها بمركز العمليّات في ما وراء البحار.
بما أنّ أنقرة والدوحة على وفاق بسبب نفوذهم الإقليمي وتحالف قوي، ويملكان دراية واسعة بأحداث العالم وتطورات الإقليميّة في المنطقة والتي يراد بها إعادة رسمها من الجديد، وهناك من يريد تحجيم قدرتها على المواجهة وطموحهم السياسي الخارجي، ولهم دوافعهم في اكتساب الدعم المطلوب في الحماية والأمن والاستقرار بالنسبة إلى تركيا الحصول على الأمن الطاقوي والحصول على مصادر الطاقة، وفرص الاستثمار المناسبة أيضًا وأمّا الدّوحة فترغب في الحفاظ على أمنها، ومكتسباتها بوجود الدعم الأمني والبديل في حال تغيرات الأحوال غير مصالحها وتوجهاتها وكلها عوامل محيطة بها.
الفصل الرابع: العلاقات القطريّة العربيّة
- الخيار الإقليمي والانتماء الشّرقي (خليجي/ عربي)
يشير هذا الخيار إلى السّعي للتّعاون والتّكامل بين الدّول العربيّة في منطقة الخليج العربي، ويتعلق الأمر بتشجيع التّعاون الثنائي والمتعدد الأطراف، وبناء الشّراكات الاقتصاديّة والسياسيّة والأمنيّة بين الدّول العربيّة في المنطقة هذا الخيار، يهدف إلى تعزيز الاستقرار والأمن والتّنمية المستدامة في المنطقة، وتعزيز الرّوابط الثقافية والاقتصاديّة والاجتماعيّة بين الدّول الخليجيّة العربيّة، يُعدُّ الانتماء الشّرقي الخليجي العربي جزءًا من الهُويّة الثقافيّة، والسياسيّة الدّول الخليجيّة.
تحقيق الانتماء الشّرقي الخليجي العربي يتطلب التّعاون، والتّضافر بين الدّول العربيّة في المنطقة في مجالات مختلفة مثل الأمن الإقليمي، والتّجارة والاقتصاد، والثقافة والتراث، والتّعليم والبحث العلمي، وغيرها من الأمن المجالات التي تعود بالفائدة على الدّول الأعضاء جميعهم. يُعدُّ مجلس التّعاون لدول الخليج العربيّة هيكلًا مهمًّا يعزز الخيار الإقليمي والانتماء الشرقي الخليجي العربي، إذ تعمل الدّول الأعضاء على تعزيز التّعاون في مختلف المجالات والمصالح المشتركة.لطالما كان مجال المناورة القطرية محدودا جدا ،وبدت الدبلوماسيةالقطرية عاجزة عن طرح نفسها قطبا منافسا للسعودية التي تولت ادارة هذا الملف السوري منذ نيسان /ابريل 2013م على سبيل المثال بينما يتمثل هدف الدوحة شبه المعلن كما يحلل هبريان كاتوليس بالعمل على اضعاف الدور السعودي المهيمن قدر المستطاع.[20]
تتبنى قطر سياسة خارجيّة ترتكز على بناء علاقات استراتيجية مع عدة تحالفات، وتكتلات إقليميّة ودوليّة من بين تلك التّحالفات الاستراتيجيّة الخارجيّة لقطر على سبيل المثال.
- مجلس التّعاون الخليجي: قطر عضو فعال في مجلس التّعاون الخليجي والذي يضم دولًا أخرى مثل السّعوديّة، والإمارات العربيّة وعمان والكويت والبحرين، تعمل قطر على تعزيز التّعاون الخليجي في مجالات الأمن والاقتصاد والشؤون السياسة.
- منظمة التّعاون الأفريقي: قطر تولي اهتمامًا بالغًا للتعاون مع الدّول الإفريقيّة، وتعزيز العلاقات الاقتصاديّة والسياسيّة والتنمويّة، وقد أخرى قطر عضوًا مراقبًا في الاتحاد الإفريقي في 2011.
- منظمة التّعاون الإسلامي: قطر عضو في منظمة التّعاون الإسلامي، وتعمل على تعزيز التّعاون والتنسيق بين الدّول الإسلاميّة في مختلف المجالات بما في ذلك الشّؤون السياسيّة والاقتصاديّة والثقافية.
- الأمم المتحدة: تعمل قطر على تعزيز التّعاون مع الأمم المتحدة، والمشاركة الفاعلة في الجهود الدّوليّة لحفظ السلام وتعزيز التنمية المستدامة وحقوق الإنسان.
- العلاقات الثنائيّة: تولي قطر اهتماما كبيرًا بتطوير العلاقات الثنائيّة مع عدة دول وشركاء دوليين بما في ذلك الولايات المتحدة الأمريكيّة وتركيا وفرنسا وبريطانيا وروسيا والهند من الدّول.
هذه بعض الأمثلة على التّحالفات الاستراتيجيّة الخارجيّة، وتعتمد السياسة الخارجيّة القطريّة على تعزيز العلاقات مع مختلف الدّول، والمنظمات الدّوليّة من أجل تحقيق الاستقرار والتنمية في العالم.
وأمّا عن موقع الولايات المتحدة الأمريكية من هذا التّحالف فالعلاقة بين دولة قطر، والولايات المتحدة تعد من العلاقات الاستراتيجيّة المهمة بالنسبة إلى قطر، فهناك تعاون وثيق بين البلدين في عدة مجالات بما في ذلك الشؤون السياسيّة والأمنيّة والاقتصاديّة، وهذه بعض جوانب التّحالف الاستراتيجي بين قطر والولايات المتحدة.
- الأمن الإقليمي: قطر والولايات المتحدة الأمريكية تتعاونان في مجال الأمن الإقليمي بما في ذلك مكافحة الإرهاب ومكافحة الجريمة الدّوليّة، ويشترك البلدان في برامج ومبادرات تعزيز التّعاون الأمني وتبادل المعلومات الاستخباراتيّة.
- الشؤون الاقتصاديّة: الولايات المتحدة تعد واحدة من شركاء التّجار القطريين المهمّين، إذ توجد علاقات تجاريّة واستثماريّة وثيقة بين البلدين، والشّركات الأمريكيّة تستفيد من فرص الاستثمار في قطر، وتعاون في مجالات متنوعة مثل النفط والغاز والطيران والتكنولوجيّة.
- الشؤون السياسيّة والدّبلوماسيّة: قطر والولايات المتحدة تتشاركان في العديد من المصالح، والأهداف السياسيّة في المنطقة، مثل السّعي إلى تحقيق الاستقرار في الشّرق الأوسط، وحلّ النّزاعات الإقليميّة يتبادل البلدان الآراء والتّشاور في القضايا الإقليميّة والدّوليّة.
قطر والولايات المتحدة تحتفظان بعلاقات وثيقة، واستراتيجيّة تستند إلى التّعاون والتّفاهم المشترك، وتعملان معًا في إطار التّحالفات الإقليميّة والدّوليّة لتحقيق الأمن والاستقرار والتنمية.
الخاتمة: إنّ قطر كباقي الدّول الصغيرة تنشد الأمن، والأمان بين دولًا كبرى ولها قوة عسكرية وذات عدد سكان كبير مقارنة بحجمها، وعدد سكانها ولا تملك إلّا أن تقوم بردّات فعل على الأحداث الجارية من حولها للحفاظ على أمنها القومي، والتّعايش مع محيطها المتوتر وحتى التّكيف معه، ولعل موقعها الجغرافي والدّيموغرافي ما يحدّ من قدرتها على المناورة، فسعت إلى معالجة ذلك عبر تحالفاتها الاستراتيجيّة تحقيهها نوعًا من التوازن في علاقاتها بمختلف الدّول الإقليميّة منها والعالميّة، إذ تتمكن من المضي في بناء اقتصادها وهذا ما جعلها تربط أمنها مع دول من خارج إقليمها مع تركيا والولايات المتحدة، وبحسب ظروفها الأمنيّة . ولقد تمكنت قطر من تحويل سياستها الخارجيّة إلى عامل قوة بعد أن غيّرت استراتيجيتها الخارجيّة، وكذلك اغتنام الفرص المتاحة ما يرفع درجة الخطورة مع جيرانها الخليجيين كما في الأزمة الخليجيّة .ولقد سمحت الحركة النّشطة للسياسة الخارجيّة من سرعة في انجاز الملفات الدّبلوماسيّة، والتّوازن في العلاقات الإقليميّة من نقلها من حالة الوسيط إلى وسيط إقليمي مهم في العديد من الملفات، والنّزاعات الأمنيّة على الرّغم من الاحتجاجات والاعتراضات من الخليج والولايات المتحدة، ولكن الدّور القطري اصبح غير قابل للتهميش وبخاصة عند التّعامل مع القضايا المصيريّة كما في طالبان وأمريكا، وحماس وإسرائيل وحياديتها المبنيّة على الشّفافيّة والصدق والإخلاص ما جعلها ماركة دوليّة ،” وتحولت إلى أحد مصادر قوتها النّاعمة الرئيسة ،المقبولة عالميًّا”([21]).
فمنذ توقيعها على معاهدة الحماية البريطانيّة خلال الحرب العالمية الأولى، وبعد استقلالها أخذت ترسم سياستها بنفسها، وتبني علاقاتها الدّوليّة على قاعدة المصالح وليست على الإملاءات الخارجيّة من هنا وهناك .
المراجع
1- “العلاقات السّعوديّة – الأمريكية انفراط عقد التّحالف أم إعادة تعريفه؟”. سياسات عربية. العدد 6 (كانون الثاني/ يناير 2014). “الإخوان المسلمين من وجهة نظر خليجية” بروكنجز. .2013/10/9 في https://brook.gs./3kcs96
2- بيرثز، فولكر. “دور تركيا في الشرق الأوسط : وجهة نظر خارجية” رؤية تركية. العدد 1 (2012).
3- داوود أغولو، أحمد. العمق الاستراتيجي: موقع تركيا ودورها في الساحة الدّوليّة. ترجمة محمد جابر ثلجي وطارق عبد الجليل. مراجعة بشير نافع وبرهان كور وغلو. ط4. الدوحة: مركز الجزيرة للدراسات؛ بيروت: الدار الربية للعلوم ناشرون، 2017.
- زهير المخ، قطر: دراسة في السياسة الخارجيّة/ بيروت: المركز العربي للابحاث ودراسة السياسات، 2019.
5- الحوار الاستراتيجي الأمريكي – القطري: “رسائله وأبعاده”. تقرير موقف. المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات في https:bit.ly/2xAudk.
- مجموعة مؤلفين .الخليج 2013 :الثابت والمتحول ، تنسيق وتحرير عمر هشام الشابي .الكويت :مركز الخليج لسياسات التنمية ،2013
7- عبدالله ،جمال .السياسة الخارجيّة لدولة قطر (1995- 2013) :دوافعها واستراتيجياتها . الدوحة : مركز الجزيرة للدراسات، 2014.
-8 Jeremy M Sharp,” Qatar: Back ground and U.S. relation,” CRS reports, congressional research service (Washington: March 2004), p.8.
-9 Brahim Saidy, “Qatari -US Military relations: Context, evolution and prospects,” contemporary Arab affairs, vol. 10 no .2(2017), pp. 286-299.
-10Kablan,” iran-iraq-syria: shocks and rivalries in a triadic in pattern, “in: Imad Mansour &William Thompson (eds), shocks and rivalries in the middle east and north Africa (Washington, DC: Georgetown University press, 2020), p.35.
-11 Bulent Aliriza& Stephen Flanagan, “The end of zero problems? Turky and shifting regional Dynamics,” center for international studies (csish) ,12/4/2012, accessed on 27/9/2020, https:/bit.ly/3346DZQ
-12 Olivier dcecottingnies &sonar cagaptay,” turkeys new base in qatar,” policy analysis, the Washington institute for near east policy ,11/6/2016, accessed on 16 /12/2017, at: https://goo.gl/duHdo3
-13 Charlie alderman &Brendan Simms, Donald trump: the making of a world view (Washington, DC.: brooking’s institution press,2018).
-14 David Roberts, “Securing the Qatari state,” The Arab Gulf states institute in Washington ,23/6/2017, accessed on 23/9/2018, at: https//bit.ly/2DrIEsU; Blanchard, p.11.
-15 John Hannah “qatar needs to do its part,” Foren policy, 22/5/2017. Accessed on 16/12/2017, at: https ://google/4m4ndz.
-16 David Roberts, “understanding Qatar’s foreign policy objectives,” Mediterranean politics, vol.17, no,2(2012), pp,233-239.
17- Yezid Sayegh, “The Arab Region at Tripping point,” Carnegie: Middle East center,12/8/2014, accessed يراجع المقالة :on16/12/2017, at: https://goo.gl/b5Nuw.
18- Kristain Coates UIrichsen, Qatar and the Arab Spring: policy drivers and regionalز
الطالب أحمد البو حليقة
الدكتور محمد عبد الرحيم
1– طالب دكتوراه في جامعة بيروت العربية- بيروت- لبنان – قسم العلوم السياسيّة.
PhD student at Beirut Arab University – Beirut, Lebanon, Department of Political Science. Email: H.abu.h@hotmail.com
2– أستاذ دكتور في جامعة بيروت العربية، بيروت، لبنان، قسم القانون الدولي العام.
Professor at Beirut Arab University, Beirut, Lebanon, Department of Public International Law. Email: m.rahim@bau.edu.lb
[3] -Yezid Sayegh, “The Arab Region at Tripping point,” Carnegie: Middle East center,12/8/2014, accessed يراجع المقالة: on16/12/2017, at: https://goo.gl/b5Nuw.
[4] -Kristain Coates UIrichsen, Qatar and the Arab Spring: policy drivers and regional
[5] -Karen E.Young,”the GCC in 2015 ; Domestic security trumps regional integration ,” policy analysis, the Washington institute for near east policy , 15/12/2015, accessed on 16/12/2017,at:https:goo.gl/Qhpv8H
[6] – BIROL Bask an, “Turky between Qatar and Saudi Arabia: changing Regional and Bilateral relation,” Ulslararasi Iliiskiler /international relations, vol.16, no .62(2019), p.36.
7- أحمدّ داوود أوغلو، العمق الاستراتيجي : موقع تركيا ودورها في السّاحة الدّوليّة ،ترجمة محمد جابر ثلجي وطارق عبد الجليل ،مراجعة بشير نافع وبرهان كور وغلو ،ط4( الدوحة : مركز الجزيرة للدراسات ؛ بيروت : الدار العربية للعلوم ناشرون ،2017).
8- المرجع نفسه، ص206.
[9]– Kablan,” iran-iraq-syria: shocks and rivalries in a triadic in pattern, “in: Imad Mansour &William Thompson (eds), shocks and rivalries in the middle east and north Africa (Washington, DC: Georgetown University press, 2020), p.35.
[10] -Bulent Aliriza& Stephen Flanagan, “The end of zero problems? Turky and shifting regional Dynamics,” center for international studies (csish) ,12/4/2012,accessed on 27/9/2020,https:/bit.ly/3346DZQ
[11]– دبلوماسية الدول الصغرى ، ينظر Maass; Kevin D stringer , “Honorary consuls in small state through Liechtenstein’s lens ,” Netherlands institute of international relation clingendael , discussion papers in diplomacy , no 120 (2011),accessed on 1/09/2024,at: https://goo.gl/Qfcuck
[12] – صادق العماري :”قطروتركيا …شراكة استراتيجية نحوافاق ارحب ومجالات جديدة واعدة.” وكالة الانباء القطرية (قنا) الدوحة 18/يوليو/2023.
13– حسين قايد “قطر والإخوان وإيران ملفات مؤجلة تهدد المصالحة الخليجية بمصير “إعلان الرياض . ” سليمان العقيلي الكاتب والمحلل السياسي السعودي. قناة الحرّة 08 يناير2021.
14– قبلان “العلاقات السّعوديّة – الأمريكيّة “، ص 17.
[15] – سمحت بنود الاتفاقيّة بتخزين مسبق لمعدات أمريكيّة ثقيلة خاصة كفيلة بتحهيز كتيبتين مدرعتين، ومنح تسهيلات لوجستية للقوات الجوية الامريكية تسمح باستخدام القاعدة الجوية في “العديد”، واجراء تدريبات عسكرية مشتركة ،إضافة إلى إمكانيّة إبرام صفقات تسلح لتحديث القوات العسكرية القطريّة ،David Roberts, “Securing the Qatari state ,” The Arab Gulf states institute in Washington ,23/6/2017,accessed on 23/9/2018, at : https//bit.ly/2DrIEsU;Blanchard,p.11.
[16] -Charlie alderman &Brendan Simms, Donald trump: the making of a world view (Washington, d.c.: brooking’s institution press,2018).
[17] -John Hannah “qatar needs to do its part,” Foren policy, 22/5/2017. Accessed on 16/12/2017, at: https ://google/4m4ndz.
[18] دفعت هذه الاعتبارات وزير الخارجية البريطاني ،مايكل فالون إلى القول :”إنّ الأمن القطري من أمننا ،وأمنها يعنينا بدرجة كبيرة “ينظر – gulf times ,march 24,2016.
[19] -Olivier dcecottingnies &sonar cagaptay,” turkeys new base in qatar,” policy analysis, the Washington institute for near east policy ,11/6/2016, accessed on 16 /12/2017, at: https://goo.gl/duHdo3
[20] Brian katullis, “Qatar, Saudi Arabia diverge in battle to shape changing middle east,” world politics review ,31/5/2013, accessed on 16/12/2017, at: https://goo.gi/Kng5dv
[21]– David Roberts, “understanding Qatar’s foreign policy objectives,” Mediterranean politics, vol.17, no,2(2012), pp,233-239.