اللّغة العربيّة الأمّ في مواجهة الذّكاء الاصطناعيّ: تحدّيات الحفاظ على الهُويّة وتكوين مواطن في ظلّ التّحوّلات الرّقميّة
عنوان البحث: اللّغة العربيّة الأمّ في مواجهة الذّكاء الاصطناعيّ: تحدّيات الحفاظ على الهُويّة وتكوين مواطن في ظلّ التّحوّلات الرّقميّة
اسم الكاتب: صونيا جورج الخوري
تاريخ النشر: 20/12/2024
اسم المجلة: مجلة أوراق ثقافية
عدد المجلة: 34
تحميل البحث بصيغة PDFاللّغة العربيّة الأمّ في مواجهة الذّكاء الاصطناعيّ:
تحدّيات الحفاظ على الهُويّة وتكوين مواطن في ظلّ التّحوّلات الرّقميّة
The Arabic Mother Tongue in the Context of Artificial Intelligence: Challenges to Identity Preservation and Citizen Formation Amid Digital Transformations
Sonya Georges El Khoury صونيا جورج الخوري([1])
تاريخ الإرسال:23-10-2024 تاريخ القبول3-11-2024
الملخّص
تتناول هذه الورقة البحثيّة التّحدّيات الّتي تواجه اللّغة العربيّة الأمّ، في سياق التّحوّلات الرّقميّة وانتشار تقنيّات الذّكاء الاصطناعيّ، كما تستعرض تأثير التّطوّر السّريع للتّكنولوجيا ووسائل التّواصل الحديثة، والاعتماد المتزايد على الذّكاء الاصطناعيّ، على اللّغة العربيّة وعلى مكانتها في الفضاء الرّقميّ، لصالح اللّغات العالميّة، ولاسيّما اللّغة الإنجليزيّة.
تُبرز هذه الورقة، أيضًا، أهميّة الهُويّة الوطنيّة وارتباطها الوثيق باللّغة الأمّ، بوصفها حاملة للثّقافة والتّقاليد والقيم المشتركة، وتُشير ٳلى التّهديد الّذي تتعرّض له هذه اللّغة نتيجة التّطوّر التّكنولوجيّ الحاصل والّذي يؤثّر سلبًا على الهُويّة والثّقافة المحليّة، ما يزيد من أهميّة مواجهة هذا التّحدّي لتعزيز الهُويّة الوطنيّة.
تتمحور أسئلة الدّراسة حول دور اللّغة في بناء الهُويّة، وكيفيّة تأثير تقنيّات الذّكاء الاصطناعيّ على دور اللّغة الأمّ في الحفاظ على الهُويّة الوطنيّة، وتطرح الفرضيّات الرّئيسة العلاقة بين تزايد الاعتماد على تقنيّات الذّكاء الاصطناعيّ كلّما واجهت اللّغة الأمّ خطر التّهميش والاندثار، وبين تراجع استخدام اللّغة الأمّ في الفضاء الرّقميّ، وتأثيره السّلبيّ على الهُويّة الثّقافيّة والوطنيّة، ٳضافة ٳلى العلاقة بين أهميّة التّعليم الرّقميّ باللّغة الأمّ حفاظًا على الهُويّة الثّقافيّة لأجيال المستقبل.
من خلال المنهج الوصفيّ التّحليليّ، والدّراسة الميدانيّة، تقدّم هذه الورقة البحثيّة إجابات حول التّحدّيات الّتي تواجه اللّغة العربيّة في الفضاء الرّقميّ، كظواهر مثل “العريبزي” أو “العربنجليزيّة” وكيفية التّعامل معها، وهي أشكال هجينة تسهم في تلّوث اللّغة على شبكات التّواصل الاجتماعيّ، كما تقدّم هذ الورقة البحثيّة حلولًا واقتراحاتٍ حول تعزيز وجود اللّغة الأمّ في العصر الرّقميّ عبر تطوير تقنيّات الذّكاء الإصطناعيّ والإسهام في دعم التّعدّديّة اللّغويّة.
الكلمات المفتاحيّة: الهُويّة الوطنيّة- اللّغة الأمّ- اللّغة العربيّة – الذّكاء الاصطناعيّ- التّكنولوجيا.
Abstract
The Arabic Mother Tongue in the Context of Artificial Intelligence: Challenges to Identity Preservation and Citizen Formation Amid Digital Transformations
This research paper explores the challenges confronting the Arabic mother tongue in the era of digital transformations and the proliferation of artificial intelligence technologies. It assesses the impact of rapid technological advancements and modern communication tools, alongside the increasing reliance on artificial intelligence, on the Arabic language and its positioning within the digital landscape, particularly in relation to global languages such as English.
The significance of national identity, intrinsically linked to the mother tongue, is emphasized, viewing language as a vessel of culture, traditions, and collective values. The study highlights the threats posed to the Arabic language by technological developments, which detrimentally affect local identity and culture, thereby underscoring the necessity of addressing these challenges to reinforce national identity.
The central inquiries of this paper revolve around the role of language in identity formation and the influence of artificial intelligence technologies on the mother tongue’s capacity to preserve national identity. The primary hypotheses propose a correlation between the increasing dependence on artificial intelligence technologies and the potential marginalization or decline of the mother tongue within the digital realm, adversely impacting cultural and national identity. Additionally, the study examines the importance of digital education in the mother tongue as a means of preserving the cultural identity of future generations.
Employing a descriptive-analytical methodology and field study, this research provides insights into the challenges the Arabic language faces in the digital space, including phenomena such as “Arabizi” or “Arabish,” which contribute to the degradation of the language on social media platforms. The paper further proposes solutions and recommendations for enhancing the presence of the mother tongue in the digital age through the development of artificial intelligence technologies and the promotion of linguistic diversity.
Keywords: National Identity, Mother Tongue, Arabic Language, Artificial Intelligence, Technology.
المقدّمة
إنّ المواطنة والهُويّة، وما يتّصل بهما، مفهومان مطروحان بقوّة في العالم اليوم نظرًا لما استجدّ من وسائل اتّصال وتواصل، وتطوّر في أشكال العلاقات بين النّاس والحاجات وأنواعها. هذا الواقع جعل الأفراد والجماعات والدّول على تماس مباشر مع مختلف القضايا الّتي تواجه المرء كفرد ومواطن وإنسان، وبات من الضّروريّ وعي طرائق التّعاطي معها. ولا يخفى أنّ للهويّة الوطنيّة في كل أمّة خصائص وسمات تتميّز بها، وتترجم روح الانتماء لدى أبنائها، ومن دونها تفقد الأمم معاني وجودها واستقرارها. وللهويّة الوطنيّة عناصر، لا بد من توافرها، وقد يختلف بعضها من أمّة إلى أخرى، وهي تتلخّص في تمثّل الجماعة لنفسها، ولما تعتقده من طبيعة كينونتها، وصيغ فهمها للرّوابط الّتي تقيمها مع غيرها وذلك من خلال امتثال المواطنين لمجمل المبادىء والقيم الّتي يقوم عليها الوطن كالعيش المشترك، والحرّيّة والعدالة… ومجمل التّراث الّذي يُعبّر عن فرادته كاللّغة والتّاريخ والعادات والتّقاليد والأعراف…، وتُعدُّ اللّغة ممثّلةً لثقافة المجتمع وحضارته (الإطار المرجعيّ للتّربية على المواطنيّة- المركز التّربويّ 2012).
لقد مرّت اللّغة العربيّة بأزمة في ظلّ التّطوّر الهائل الّذي شهده العالم مؤخّرًا في تكنولوجيا الاتّصال، وظهور ما يسمّى “بالإعلام الجديد”، الأمر الّذي أفقدها فاعليتّها الوظيفيّة وحيويّتها الثّقافيّة في خلق الأفكار والتّعبير عنها، وفي التّعامل مع الآخرين. والواقع أنّ هذه الأزمة لا تعبّر عن لغة عاجزة، بل تعّبر عن أزمة نموّ تحاول اللّغة معها استرداد دورها الرّائد، والدّخول مع لغات العالم في منافسة من أجل التّوسع والانتشار.
وإذا سلّمنا جدلًا بما تتعرّض له اللّغة الأمّ من مخاطر مردّها ٳلى عوامل عديدة ذات أبعاد سياسيّة، اقتصاديّة، ثقافيّة واجتماعيّة، تتشارك جميعها مع الأساليب الفنيّة التّكنولوجيّة، المتجسّدة بالذّكاء الإصطناعيّ وبالتّكنولوجيا ما حال دون ارتقاء اللّغة الأمّ (العربيّة) ٳلى مقام يتساوى مع بعض اللّغات العالميّة المنتشرة عبر وسائل التّواصل الاجتماعيّ.
إنّ أهميّة هذه الورقة البحثيّة تكمن في إظهار أنّ اللّغة الأمّ هي ركيزة أساسيّة للهويّة الوطنيّة والثّقافيّة، وأنّها تعكس التّاريخ والتّقاليد والقيم المشتركة لمجتمع ما من جهة، وتظهر المواجهة مع الذّكاء الاصطناعيّ والتّكنولوجيا الحديثة من جهة أخرى، الّتي تعتمد بشكل كبير على اللّغات العالميّة، وبخاصّة اللّغة الإنجليزيّة، بالإضافة ٳلى خطر فقدان هذا الرّابط الثّقافيّ الهامّ. فإن الحفاظ على اللّغة الأم يعزّز الانتماء والوعي بالهُويّة الوطنيّة، ما يساعد في تكوين مواطن واعٍ لجذوره وقيمه.
من هنا تسعى هذه الورقة البحثيّة ٳلى استكشاف التّحدّيات الّتي تواجه اللّغة الأمّ، في سياق تكوين الأمّة وبناء هويّة المواطن، في ظل تطوّر الذّكاء الاصطناعيّ وانتشار التّكنولوجيا الحديثة، بالإضافة ٳلى تحليل كيفيّة مواجهة هذه التّحدّيات للحفاظ على دور اللّغة الأمّ في تعزيز الهُويّة الوطنيّة والثّقافيّة.
كما تستمدّ هذه الورقة البحثيّة إطارها النّظريّ ونموذجها التّحليليّ من خلال مقاربة مفهومَيّ اللّغة والهُويّة وعلاقتهما بالذّكاء الاصطناعيّ وانتشار التّكنولوجيا، على نحو يسمح بتحليل مضمون وحدود التّرابط والعلاقة بينهما. سنحاول بحث دور اللّغة في بناء الهُويّة، وتأثير الهُويّة في الكشف عن وظائف اللّغة في اتجاهَيّ الفرد والمجتمع.
وبناءً على ما تمّ تقديمه، تُطرح الإشكاليّة الآتية:
كيف يمكن أن يؤثّر انتشار التّكنولوجيا الحديثة على دور اللّغة الأمّ في تعزيز الهُويّة الوطنيّة؟
إنّ فهم هذه الاشكاليّة يعني فهم اللّغة العربيّة وما تحمله من رموز وثقافة مجتمعيّة، وتأثيرها على الهُويّة الوطنيّة والانتماء من جهة، وفهم واقع انتشار التّكنولوجيا وتقنيّات الذّكاء الاصطناعيّ واستعمال اللّغة كوسيلة اتّصال من جهة أخرى، والرّبط بينهما من خلال فهم تأثير استعمال اللّغة العربيّة في الفضاء الالكترونيّ على الهُويّة الوطنيّة.
قد يساعد طرح عدة أسئلة في شرح إشكاليّة البحث، ومنها:
– ما دور اللّغة في بناء الهُويّة، وكيف تسهم في تعزيز الانتماء الثّقافيّ والوطنيّ للفرد داخل مجتمعه؟
– ما أبرز المخاطر والمعوّقات الّتي تواجه اللّغة الأم؟
– ما تأثير الحفاظ على اللّغة الأمّ في تعزيز الهُويّة الوطنيّة وفي مواجهة الإنتشار العالميّ للّغات الأجنبيّة؟
– ما التّحدّيات الّتي تواجه اللّغة الأمّ في صون مكانتها كوسيلة للتّواصل الاجتماعيّ والثّقافيّ في ظلّ هذه التّحوّلات الرّقميّة؟
– وما الحلول المهمّة والاقتراحات الّتي يمكن أن تحدّ من تفشي تداعيات هذا الواقع الجديد على شبكات التّواصل؟
أمّا الفرضيّتان المقترحتان في هذا الإطار، فهما كالآتي:
– يمكن لانتشار التّكنولوجيا المعاصرة (تقنيّات الذّكاء الاصطناعيّ، والمنصات الاجتماعيّة، وغيرها) أن تقلّل من استخدام اللّغة العربيّة لصالح بعض اللّغات العالميّة.
– يمكن أن يؤّدي تراجع استخدام اللّغة الأمّ في الفضاء الرّقميّ ٳلى تراجع الهُويّة الوطنيّة والثّقافيّة في المجتمع.
للتّحقّق من هاتيْن الفرضيّتين والإجابة عن تساؤلات البحث، استُخدِم المنهج الوصفيّ والمقاربة الكميّة.
أمّا بالنسبة إلى التّقنيّات المعتمدة، فقد استخدمنا تقنيّة البحث التّوثيقيّ في دراسة الأدبيّات، سيّما في دراسة دور اللّغة في بناء الهُويّة، وتأثير الهُويّة في كشف وظائف اللّغة في اتجاهَيّ الفرد والمجتمع. ٳضافة ٳلى تقنيّة الاستبيان على عيّنة عشوائيّة من 100 مستجوبٍ، وهــو أســلوب لجمع المعلومات من خلال إستشارة الأفــراد المستطلعين بطريقــة منظّمة لتقــديم آراء أو أفــكار محدّدة ترتبــط بموضــوع الورقة البحثيّة وأهدافهــا.
قمنا بتقسيم ورقة البحث ٳلى قسمين أساسيّين. سنعالج في القسم الأوّل أدبيّات البحث، أمّا في القسم الثّاني، فسنعرض العمل الميدانيّ، بدءًا بالمنهجيّة المعتمدة، مرورًا بنتائج الدّراسة من خلال المواضيع الّتي تناولها الاستبيان في أسئلته، وصولًا ٳلى الخاتمة الّتي تتضمّن عددًا من التّوصيات.
أوّلاً: أدبيّات الورقة البحثيّة.
على الرّغم من أهمية اللغة الأم ومكانتها في تعزيز الهوية القوميّة، إلآ أنّه لا يمكن أن نغفل التحديات التي تواجهها مقابل اللغات الأجنبية، وتحديدًا الأحرف اللاتنية وذلك منذ بداية القرن الحادي والعشرين حتى اليوم. وفي طليعة هذه التّحديات اللغة الإنكليزية، لغة العمل والتجارة التي اضحت تهدد بشكلٍ مباشر الهوية القوميّة والانتماء؛ ويضاف إليها ظاهرة الضعف اللغوي المستشري بين أفراد المجتمع اللبناني ما يستوجب بعد إبراز هذه التحديات تبيان السبل لمعالجتها من خلال الأسرة والمدرسة والإعلام.
إنّ انصهار الهُويّة باللّغة يتضمّن تباينًا في الجوهر، فاللّغة ظاهرة اجتماعيّة، تستند ٳلى مكوّنين متلازمين؛ مكوّن ماديّ، ومكوّن ذهنيّ غير ماديّ. أمّا الهُويّة، فهي ظاهرة رمزيّة مجرّدة ليس لها أي تحقّق مادّيّ يربطها بالعالم الحسّيّ الوجوديّ. الهُويّة انتماء، بينما اللّغة اكتساب (جبرون محمد، 2013). وقد توصّل جون جوزيف ٳلى هذا التّباين بين اللّغة والهُويّة وانفصالهما على الرّغم من التّرابط الظّاهريّ الملاحظ بينهما (جون جوزيف، 2007) . إنّ ما يميِّز اللّغة عن الهُويّة بحسب التّحديدين السّابقين يرجع ٳلى طبيعة وجود كلٍ منهما في علاقتهما بالفرد أو المجتمع، فالوجود المادّيّ للّغة هو الكلام، أي العبارات اللّغويّة الّتي تتحقّق عبر الأصوات، كما تتميّز اللّغة بوجود ذهنيّ ونفسيّ يرتبط بالفكر والطّقوس الرّمزيّة الّتي تشكّلها اللّغة، ويمكن القول إنّ هذا الوجود الرّمزيّ عمومًا هو نقطة تقاطع اللّغة والهُويّة.
ماهيّة الهُويّة الوطنيّة أنها تعرّف من خلال تحديد مقوّماتها انطلاقًا من مبادئ عامّة تحتكم إليها الجماعة الوطنيّة (محمدالجابري، 2006)، وتعني المميّزات المشتركة بين أشخاص يجتمعون في شعورهم بالانتماء ٳلى أمّة أو وطن واحد. بيد أن التّعريفات كلّها تُجمع على أنّ الهُويّة الوطنيّة هي: شعور، مجموعة رموز ومميزات، وإرادة التّشارك، وهي في الوقت نفسه عمليّة بناء طويلة ومستدامة (Taboada-Leonetti, 2003). وبهذا يمكن أن نخلص ٳلى أنّ الهُويّة الوطنيّة تختزن مجموعة من الموروثات، كاللّغة والتّاريخ والتّراث والبيئة،… وغيرها.
أمام التحوّل المعرفيّ الكبير الذي يشهده العالم منذ تسعينات القرن العشرين، والّذي أحدث تحوّلًا رقميًّا في مختلف جوانب التّطوّر البشريّ، من توفّر معطيات معرفيّة بلغة الآلة، أصبح من الضّروري حوسبة (نسبة ٳلى الحاسوب) اللّغة العربيّة كوسيلة لنقل المعرفة، وجعلها متوافقة مع وسائل الاتّصال الحديثة في الذّكاء الاصطناعيّ لمساعدة البشر في التّغلّب على صعوبات الاتّصال والتّعلّم (Al-Arif, 2007).
ما رمزيّة اللّغة العربيّة ؟ وما علاقة اللّغة بالهُويّة وخصوصيّة الثّقافة المحليّة ؟ وكيف تتفاعل اللّغة مع شبكات التّواصل الاجتماعيّ؟
1-1- اللّغة رمزٌ للهويّة والوحدة الوطنيّة .
ليست اللّغة مجرّد أداة تواصل فحسب، بل هي نظام فكريّ ثقافيّ عقائديّ متكامل، كونها تعكس الإنجازات الفكريّة والثّقافيّة لمتكلّميها، وبصيغة أدقّ؛ اللّغة هي الصّورة الّتي يتمثّل فيها تفكير الأمّة ورؤيتها إلى العالم والوجود. إنّها الهُويّة الوجوديّة قبل الجماعيّة، وقدرة التّمكن من الإبداع وحمل المعرفة وإنتاجها، لذا يُنتظر من كل متكلّم طبيعيّ للغته أن يُبدع بها ويحمّلها معارف مختلفة حتّى تصبح لغة المعرفة. وتحميل اللّغة بالمعرفة أساس بناء المجتمع؛ لغويًّا وتواصليًّا ومعرفيًّا.( خير الدّين شمامة، 2022)
ومن خلال إسقاط هذا التّصوّر، من ماهيّة اللّغة على الإبداع وحمل المعرفة وإنتاجها، على واقع اللّغة العربيّة في الفضاء المعلوماتي وفي المنصّات الاجتماعية، وارتباطا بسؤال الهُويّة وما تمثّله من تميّز وانتماء واختلاف، وانطلاقًا من ضعف الجيل الصّاعد في إتقان اللّغة العربيّة وتفضيله اللّغة الأجنبيّة عليها أو لغة “التشات” ، وانسجامًا مع بعض المقولات الّتي تشير ٳلى طبيعة العلاقة بين اللّغة والهُويّة؛ من قبيل: “لغتي هي عالمي، وحدود لغتي هي حدود عالمي”، و”هويتي هي ما يجعلني غير متماثل مع الآخر”، و” اللّغة هي الذّات وهي الهُويّة” وغيرها، (بتر برجر، 1995) يتبادر ٳلى ذهننا سؤال رئيس يتمحور حول أشكال وحدود تأثير ضعف استعمال اللّغة العربيّة في المنصات الاجتماعيّة على الهُويّة اللّغويّة للفرد العربيّ بشكل عامّ، واللّبناني بشكل خاصّ.
إن وجود لغة عربيّة متطوّرة وقويّة يمكن أن يشكّل وسيلة للتّواصل وتوحيد المفاهيم بين الأفراد والجماعات والمجتمعات، كما يمكن أن يكون جسرًا لنقل التّكنولوجيا والثّقافة المعلوماتيّة وتوطينها في الأراضي العربيّة. فهناك قاعدة تقول أن كل من يقوم بتسويق لغته بفعاليّة أكبر لن يواجه صعوبة في تسويق منتجاته وثقافته (Al-Arif,، 2007). أمّا إذا بقيت اللّغة العربيّة ضعيفة، عاجزة عن التّطور، وعن الانخراط في منظومة تكنولوجيا المعلومات والتّواصل، فإنها ستكون، هي ذاتها، عائقًا أمام اللّحاق بركب المعرفة الإنسانيّة، وأمام تنمية الحوار الثّقافيّ والحضاريّ العالميّ، وحاجزًا اجتماعيًّا للتّواصل بين الأفراد والجماعات ( خير الدّين شمامة، 2022).
هذا يعني أن اللّغة هي أداة تواصل بين الأفراد والجماعات، ونظام فكريّ ثقافيّ عقائديّ متكامل، تعكس تفكير الأمّة ورؤيتها إلى العالم والوجود. وتحمل المعرفة المختلفة وتعمل على إنتاجها، وتُستعمل كجسر للعبور ٳلى الثقافات الأخرى.
1-2- اللّغة حاملةٌ لمكوّنات الهُويّة والثّقافة المحليّة: تؤكّد نظريّة الهُويّة الثّقافيّة على مجموعة من النّقاط منها:
– إنّ الهُويّة الثّقافيّة ليســت مفهومــًا جامــدًا، فهي متطــوّرة عبر الزّمــان، وفي تفاعــل دائــم مــع مــا يحيط بها مــن متغيّرات. كمــا أنّ الهويّات الثّقافيّة، على الرّغــم من تمايزهــا الواضــح، إلّا أنــه يوجِد نقاط التقاء واتّفاق نسبيّ بين الهويّات وبين بعضها بعضًا.
– إنّه لا يمكن أن توجــد جماعــة مســتقلّة ذات وعــي وإرادة مســتقلَّيْن، ويكــون لها دور تاريخيّ في المجتمع، من دون أن يكون لديها موارد ومقوّمات ثقافيّة متميّزة (برهان غليون، 1999).
– إنّ الحفاظ على الهُويّة الثّقافيّة لا يعني رفض الآخر ومعاداته، بل تأكيد الذّات من خلال تأكيد تميّزها من الآخر.
– رفــض فكــرة وجــود ثقافــة عُليــا تُســيطر وثقافــة أدنى تابعــة، فالثّقافــات المتميّزة ينبــع تميّزهــا مــن تفــوّق منظومــات قيمهــا الثّقافيّة والأخلاقيــّة، ولكــن مــا يحدث في مجتمعاتنــا، اليوم، هــو صعــود بعــض الثّقافــات للقمــّة لأســباب اقتصاديّــة وسياســيّة وعلميـّـة وتكنولوجيـّـة، فترســخ تبعيـّـة المجتمعات الأخــرى لها (أبو ليلى علي، 2001).
هذا يعني أنّ نظريّة الهُويّة الثّقافيّة هي نظريّة لمفهوم تفاعليّ وديناميكيّ في المكان والزّمان، تعبّر عن وعــيّ وإرادة الجماعــة، وتؤكّد التّميّز ضمن الانفتاح وقبول الثّقافة المختلفة، إذ تعدُّ إنّ الثّقافــات المتميّزة ينبــع تميّزهــا مــن تفــوّق منظومــات قيمهــا الثّقافيّة والأخلاقيّــة.
1-3- علاقة اللّغة مع المنصات الاجتماعيّة: تسهّل اللّغة التّواصل بين مجموعة من الأفراد لهم الميول والاهتمامات والهوايات نفسها وفق نظام اجتماعيّ إلكترونيّ، والهدف من هذه الشّبكات هو التّواصل وتبادل الآراء والأفكار والتّقدّم بمقترحات وحلول للمشكلات التي تواجه المشتركين في الحوار، في عصر يموج بالتّغيرات العالميّة المعاصرة؛ عصر العولمة وتكنولوجيا المعلومات (كالفي لويس جان، 2008).
سعى كثيرٌ من الباحثين في مجال الذّكاء الاصطناعيّ ٳلى فهم الإدراك البشريّ ومحاولة تطوير أنظمة حاسوبيّة تتعامل مع مستويات مختلفة من اللّغات، وبحثوا في قراءة وصفيّة وتحليليّة لواقع اللّغة العربيّة وعلاقتها بالذّكاء الاصطناعيّ والحوسبة، ومدى استفادتها من التّقدّم التّكنولوجيّ والمعلوماتيّ، وكذلك الآفاق الممكنة الّتي ستسهم في حلّ مشكلاتها وتحدّياتها. فاللّغة هي إحدى وسائل نقل المعرفة والأفكار والتّواصل المهمّة بين الشّعوب، وهي جزء من الهُويّة الذّاتيّة للأمم. وفي ظل تطوّر الذّكاء الاصطناعيّ هذا، بدأت المسارات العلميّة بتعزيز الأدوات اللّازمة للّغات الطّبيعيّة في أنّها جعلت الآلات تميّز اللّغات البشريّة وتحاكيها (Adawiyya, 2024).
كما أسهم الباحثون في تطوير المجالات المعرفيّة والتّعلميّة للّغات البشريّة، بوصفها البوابة الرّقميّة لعالم المستقبل، فكان إطلاق الآلة من الوسائل المستخدمة المهمّة في تعرّف سمات اللّغات بشكل نموذجيّ، وفي المعالجات التّحليليّة، وتحويل الرّموز ٳلى تعابير مفهومة، وعلى الرّغم من العوائق الّتي تواجه تطوير التطبيقات الرّقميّة الّتي تقلّد طرق التواصل البشريّ في ما هو مكتوب ومنطوق، إلّا أنّ هناك العديد من الباحثين الّذين تمكّنوا من تطوير أنظمة رقميّة تعالج مستويات لغويّة مختلفة. ولكن، على الرّغم من هذه المحاولات كلّها، فإنّ عدم انتشار اللّغة العربيّة بشكل وافٍ على شبكة الإنترنت، أسهم في الحدِّ من شيوعها مقارنة بلغات أخرى، وبخاصة في ميادين التّعليم والبحوث العلميةّ، إذ لا تزال هذه المجالات تعتمد استخدام اللّغات الأجنبيّة الّتي يعتمدها المستخدم العربيّ بدوره لتلبية احتياجاته. لذا، يتطلّب البحث العلميّ والتّعليميّ المزيد من البرامج الحاسوبيّة الّتي تساعد محرّكات البحث على تصفّح الإنترنت باللّغة العربيّة (المعتز، 2019).
في المقابل، شهد الفضاء الرّقميّ، منذ العقد الأخير من القرن العشرين، تطوّرات تكنولوجيّة كبيرة، أحدثت نقلة نوعيّة وثورة حقيقيّة في عالم التّواصل. هذه الثّورة، خلقت نوعًا من التّفاعل الاجتماعيّ بين الأفراد في بيئة إلكترونيّة افتراضيّة، قرّبت المسافات بين الشّعوب وألغت الحدود، وزاوجت بين الثّقافات، وسمّي هذا النوع من التّواصل بين النّاس بـ” شبكات التّواصل الاجتماعيّ” (منصوري نديم، 2013).
كما لا يخفى على أحد ما تؤمّنه المنصات الاجتماعيةّ لمجموعات الأفراد، ممن لهم الميول والاهتمامات والهوايات نفسها وفق سياق اجتماعيّ إلكترونيّ، وفي كثير من الأحيان يكون الهدف منها التّواصل وتبادل الآراء والأفكار والتّقدم بأفكار وحلول للتحديات الّتي تواجه المشتركين في النقاش، في عصر يعجّ بالتّغيّرات العالميّة المعاصرة؛ عصر التّكنولوجيا الحديثة وعولمة المعلومات الّذي كان له التأثير الكبير في المجتمعات الإنسانيّة على لغاتها وثقافاتها وهويّاتها وأنساقها القيميّة والثّقافيّة (منصوري نديم، 2013).
استقطبت هذه الشّبكات جمهورًا واسعًا من المتلّقين، وكان للأحداث السّياسيّة خلال الرّبيع العربيًّ، مرورًا بثورة 17 تشرين اللّبنانيّة، وأزمة كورونا، والأزمة الاقتصاديّة الأخيرة، وصولًا ٳلى الحرب في غزّة وجنوب لبنان وغيرها من الأحداث… دورًا مهمًّا في بروز هذه المنصات الاجتماعيّة في السّاحة التّواصليّة والتّفاعليّة للفرد العربيّ، فقد سهلت هذه المنصات عمليّة نقل الأخبار عبر الرّسائل النّصيّة ومقاطع الفيديو عن مختلف تلك الأحداث، ما أدى إلى زيادة شهرتها وانتشارها وخصوصّا: الفيس بوك، والانستاغرام، والتّويتر، واليوتيوب وغيرها… وأصبحت جزءًا من يوميات الأفراد على مختلف المستويات؛ الشّخصيّة، والاجتماعيّة، والاقتصاديّة، والسيّاسيّة، واللّغويّة، والثّقافيّة، وانقسمت الآراء حولها وتعدّدت، بين من ينتقدها بسبب تأثيراتها السّلبيّة على القيم والأخلاق والمجتمع، بالإضافة إلى اللّغة والهُويّة الفرديّة، وبين مرحّب بها بحكم أنّها أصبحت ضرورة وأساس لمواكبة تطوّرات العصر وما تفرضه العولمة من مستجدّات على المستويات الاقتصاديّة والسّياسيّة والاجتماعيّة واللّغويّة والثّقافيّة، فأصبحت جزءًا لا يتجزّأ من حياة الفرد والمجتمع.
في ضوء هذا الواقع يجب أن نشير ٳلى التّأثير المباشر الّذي تمارسه المنصات الاجتماعيّة على النظام اللّغويّ وهويّة الشّعوب وتحديدًا الشّعوب العربيّة، في سياق الترويج للقيم العالميّة المستوردة على حساب القيم المحليّة. إذ إنّ ظاهرة الضّعف اللّغويّ سبَّبَت اضطراب الهُويّة الوطنيّة وزّعزعتها، وهذا ما نلاحظه عند مستخدمي المنصات الاجتماعيّة؛ وتحديدًا الفئات الشّبابيّة، وهذا يعدّ مؤشراً واضحًا على وجود تأثير مباشر لهذه المنصّات على التركيبة اللغويّة والقيم الثقافية وهويّات المجتمعات العربيّة (مالك حسن،2018).
كلّ هذا يبيّن، بالدّرجة الأولى، أهميّة اللّغة كجزء من الهُويّة الذّاتيّة للمجتمع، في التّواصل وفق نظام اجتماعيّ إلكترونيّ لنقل وتبادل الآراء والأفكار والمعرفة والمقترحات والحلول. كما يُظهر، بالدّرجة الثّانية، أهميّة الذّكاء الاصطناعيّ في فهم الإدراك البشريّ من خلال اللّغات المختلفة، والسّعي ٳلى التّحليل وحل المشكلات وتحويل الرّموز ٳلى تعبيرات مفهومة. وبالدّرجة الثّالثة، تبني المستخدم العربيّ اللّغات الأجنبيّة لتلبية احتياجاته، سيّما في ميادين التّعليم والأبحاث العلميّة. وبالدّرجة الرّابعة، انقسام الآراء بين ايجابيّات وسلبيّات المنصات الاجتماعيّة. وأخيرًا، لا بدّ من الإشارة ٳلى التّأثير الواضح للمنصات الاجتماعيّة على النظام اللّغوي والقيم الاجتماعية وهويّات الشّعوب، سيّما الشّعوب العربيّة.
ثانيًا: نتائج الدّراسة الميدانيّة: لفهم أعمق لإشكاليّة البحث وللتّحقق من الفرضيّات، أجرينا دراسة ميدانيّة عبر تقنيّة الاستبيان من خلال غوغل فورم (Google Form) أُرسِل بالبريد الالكترونيّ، لعينة عشوائيّة من 100 مستجوبٍ (103 مشاركين، 100 وافقوا على المشاركة بالدّراسة و3 رفضوا) ممّن يستخدمون الذّكاء الاصطناعيّ أو المنصات الاجتماعيةّ بشكل منتظم، كما ورد في مقدّمة الدّراسة عن طريق قاعدة بيانات مستخدمي المنصات الاجتماعيّة والتّطبيقات الذّكيّة واستطلاع آرائهــم حــول إشــكاليّات “اللّغة الأمّ في مواجهة الذّكاء الاصطناعيّ“، والخروج بتوصيــات تســهم في مواجهة هذه الصعوبات في المجتمع اللّبنانيّ.
توجّه الاستبيان ٳلى عينة من اللّبنانيّين الّذين يستعملون اللّغات الأجنبيّة في المنصات الاجتماعيةّ، والهدف من ذلك، التّعرّف إلى مكامن الضّعف اللّغويّ، وتحديدًا في اللّغة العربيّة، على المنصات الاجتماعيّة، ومدى تأثيره على الهُويّة اللّغويّة للفرد في لبنان بشكل خاصّ، وفي المجتمع العربيّ بشكل عامّ، في ظل ما يعاني منه لبنان والدول العربية من نقص في المجالات الرّقميّة واللّغويّة والمعرفيّة والتّعليميّة، نظرًا للتّطوّرات التّقنيّة الهائلة للتّطبيقات المتنوعّة لوسائل الاتّصال والتّواصل، سواء باستخدام أجهزة الكمبيوتر، أو عبر الهواتف النّقالة بمختلف أجيالها القادرة على تصفّح المنصّات الاجتماعيّة والّتي تستفيد من أحدث تطبيقات منصات الاتّصال والتّواصل عبر الشبكة العنكبوتيّة المعتمدة أساسًا على الصّور والإشارات والنّصوص اللغوية والعروض المرئيّة والشّاشات الرقميّة النّشطة.
نُفّذ العمل الميدانيّ في الحقبة الممتدة بين 1 و 10 أيلول 2024، وتضمّنت استمارة الاستبيان أحد عشر سؤالا، مغلقًا متعدّد الإجابات، وتمحورت مواضيعها حول:
– توزيع العيّنة بحسب الجنس والمستوى التّعليميّ.
– الأخطار الّتي تواجه اللّغة الأمّ عند الاستعانة بالذّكاء الاصطناعيّ.
– آثار استخدام اللّغات الأجنبيّة على المنصات الاجتماعيّة على مكانة اللّغة الأم.
– الأدوات المساعدة في الحدّ من التّحديات الّتي تواجه اللّغة الأمّ مقابل تطور الذّكاء الاصطناعي.
– الذّكاء الاصطناعيّ والتّكنولوجيا الحديثة، ودور اللّغة الأمّ في الحفاظ على الهُويّة الوطنيّة.
– استخدام التّكنولوجيا في التّعليم وتأثيره على أهميّة اللّغة الأم كأداة في التّواصل الثّقافي والوطني.
– استخدام اللّغات الأجنبيّة بشكل متزايد في التّكنولوجيا وتأثيره على مكانة اللّغة الأمّ.
– إمكانيّة استخدام الذّكاء الاصطناعيّ للحفاظ على اللّغة الأم وتعزيز مكانتهاعلى المنصّات الرّقميّة.
– عدّ المحافظة على اللّغة الأمّ أكثر تحدّيًا بسبب الطفرة السريعة للتّكنولوجيا الحديثة والذّكاء الاصطناعيّ.
2-1- توزيع العينة بحسب الجنس والمستوى التّعليميّ: توزّعت العينة بحسب الجنس، على 40% من المستجوبين الذّكور، و60% من الإناث (الرّسم البيانيّ 1)، كما توزّعت بحسب المستوى التّعليمي على 88% من المستجوبين ذوي المستوى الجامعي، وعلى 10% من ذوي المستوى الثّانويّ والمهنيّ، وعلى 2% فقط ممّن هم دون المرحلة الثّانويّة (الرّسم البيانيّ 2).
الرّسم البيانيّ 1: توزّع العينة بحسب الجنس
الرّسم البيانيّ 2: توزّع العينة بحسب المستوى التّعليميّ
2-2- الأخطار الّتي تواجه اللّغة الأمّ عند الاستعانة بالذّكاء الاصطناعيّ: لعلّ أخطر النّتائج المترتبة على اللّغة الأمّ تلك المتّصلة بمخاطر الاستلاب اللّغويّ والثّقافيّ، والخوف من الانشطار في الهُويّة أو فقدان الهُويّة الأصليّة لدى كثير من الشّعوب. هذا ما أكّدته نتائج الدّراسة الميدانيّة عند سؤال المستجوبين حول “ما هو الخطر الّذي يواجه اللّغة الأمّ عند الاستعانة بالذّكاء الاصطناعيّ؟” ، وقد أتت النّتائج كالآتي (الرّسم البيانيّ 3):
- إنّ (56%) أي أكثر من نصف المستجوبين يرون أنّ الخطر على اللّغة الأمّ يتمثّل في تفضيل استخدام لغات أجنبيّة (وبخاصة اللّغات العالميّة كالإنجليزيّة) على حساب اللّغة الأمّ، ويعود ذلك لعدّة أسباب أوّلها الانتشار العالميّ للّغات الأجنبيّة، وبخاصة الإنجليزيّة منها، الّتي تعدّ لغة الأعمال، التّعليم، والتّكنولوجيا، ثانيها اعتقاد المستخدمين أنّ إتقان لغة عالميّة يوفّر لهم فرصًا أفضل على الصّعيد المهنيّ والتّعليميّ، كما يؤمّن إمكانيّة الوصول ٳلى محتوى أفضل، فمعظم الموارد المتاحة على الإنترنت، بما في ذلك تلك المتعلّقة بالتّكنولوجيا والذّكاء الاصطناعي، متوفّرة بلغات أجنبيّة، ما يجعل المستخدمين يعتمدون عليها أكثر من اللّغة الأم. ثالثها ما تقدّمه من مكانة اجتماعيّة، ففي بعض الثّقافات، قد يرتبط استخدام اللّغات الأجنبيّة بمكانة اجتماعيّة أو تعليميّة أعلى، ما يؤدي ٳلى تفضيلها على اللّغة الأمّ.
- وأنّ (24%) أي ربع المستجوبين يرون أنّ الخطر يعود ٳلى الاعتماد المتزايد على الذّكاء الاصطناعيّ، وذلك عائد إلى أنّ التّكنولوجيا غالبًا ما تكون موجّهة إلى لغات عالميّة، وأنّ معظم تطبيقات الذّكاء الاصطناعيّ، مثل التّرجمة التّلقائيّة والمساعدات الافتراضّية، مصمّمة بشكل رئيس لدعم اللّغات العالميّة. في المقابل فإنّ اللّغة الأمّ قد لا تحصل على القدر نفسه من الدّعم أو التّطوير في هذا المجال. كما أنّ تأثير الذّكاء الاصطناعيّ على عادات اللّغة مع الاستخدام المتزايد لتقنيّات الذّكاء الاصطناعيّ في حياتنا اليوميّة، قد يجعل الأفراد يميلون ٳلى استخدام لغات يدعمها الذّكاء الاصطناعيّ بشكل أفضل على حساب لغتهم الأمّ، على سبيل المثال، قد يعتمد المستخدمون أكثر على لغات مثل الإنجليزيّة للحصول على نتائج دقيقة وسريعة من الأدوات الذكيّة.
- وأنّ (15%) من المستجوبين يرون أنّ الخطر يعود ٳلى قلّة الموارد الرّقميّة باللّغة العربيّة.
- في حين رأى (5%) من المستجوبين أنه لا يوجد أيّ خطر على اللّغة العربيّة.
بالنّتيجة، إنّ تسليط الضوء على مخاوف متزايدة بشأن مستقبل اللّغة الأمّ في مواجهة التّطورات التّكنولوجيّة والذّكاء الاصطناعيّ، والتّفضيل الواضح للّغات الأجنبيّة عليها، يُظهر أنّ العديد من الأفراد يرون في هذه اللّغات فرصة للوصول ٳلى فرص أكبر، سواء في التّعليم أو العمل. في الوقت نفسه، فإنّ الاعتماد المتزايد على الذّكاء الاصطناعيّ يعمّق هذا التّحول إذا لم تكن اللّغة الأمّ مدعومة بشكل كافٍ في الأدوات الذّكيّة، كما أنّ قلّة الموارد الرّقميّة في اللّغة الأم يزيد المشكلة تعقيدًا، بحيث يصبح الحفاظ على استخدام اللّغة الأم أمرًا أكثر صعوبة.
الرّسم البيانيّ 3: الأخطار الّتي تواجه اللّغة الأمّ عند الاستعانة بالذّكاء الاصطناعيّ.
2-3- آثار استخدام اللّغات العالميّة عبر المنصات الاجتماعيّة على مكانة اللّغة الأمّ: إنّ ما تواجهه اللّغة العربيّة، اليوم، مـن صعوبات تـزداد فـي عصر التطور التّكنولوجي، عصر الطفرة المعرفيّة والتّغيّـر الثّقـافيّ السّــريع، عصــر الانتشــار الثّقــافيّ الخــاطف والاكتشافات المتعــدّدة فــي مختلف الميادين المعرفيّة كما تزداد حـدّتها يومـًا بعـد يـوم. إنّها تحـدّيات متعـدّدة الأوجه، نشير في طليعتها إلى منافسـة اللّغـة الأجنبيّـة (الإنكليزيـة) لغـة هـذا العصـر، للّغـة الأمّ (العربيّة) ما يـؤدّي ٳلى الاسـتلاب الثّقـافيّ فـي ظـل العولمـة، ويعرّض الهُويّة والانتمـاء الوطنيّ للخطر، وتـزداد حدّة هذا الخطر عنـدما نلمـس عـزوف الكثيـرين مـن المتعلّمين عـن لغـتهم الأمّ، وبخاصـة فـي بعـض الـدّول، بحجـّة أنّهـا لـم تعد تواكـب لغـة العصـر، وهـذا مـا نلمسـه مـن خـلال حـواراتنا المباشـرة اجتماعيًّا، وما يلفت الانتباه أكثر، عنـدما نرى أنّ وراء هـذا العزوف عن اللّغة العربيّة تشجيع بعض الآباء والمدارس الخاصّة الّتي تـدرّس مناهجهـا باللّغـة الأجنبيّة (الإنكليزيّة، الفرنسيّة…)، والعمالة الأجنبيّة الّتي غزت الأسواق (الطّلبيّات اونلاين) والبيوت (عاملات في المنازل) والعقول. هذا ما أكّدته الدّراسة الميدانيّة عند طرح السّؤال الآتي:“ما أثر استخدام اللّغات الأجنبية عبر المنصات الاجتماعيّة على مكانة اللّغة الأمّ؟ فأتت أبرز النتائج على النّحو الآتي (الرّسم البيانيّ 4):
- (40%) من المستجوبين يرون أنّ هناك تأثيرًا كبيرًا أدى إلى إضعاف الهُويّة الثقافية والثّقافة الوطنية في المجتمع، وهذا يشير ٳلى وجود قلق متزايد بشأن تعرض الهُويّة الثّقافيّة المحليّة لضغوط خارجيّة، قد تؤدي ٳلى فقدان بعض العناصر الثّقافيّة، وقد يكون هذا مرتبطًا بعوامل كالعولمة أو التّأثير الإعلاميّ أو التبدّلات الاجتماعيّة الّتي تطرأ على المجتمع.
- (37%) من المستجوبين يشعرون أن هناك تهديدًا للهويّة الوطنيّة ومحاولةً لإضعافها. وقد يعود ذلك ٳلى القضايا الاجتماعيّة على المستويين السّياسيّ والاقتصاديّ الّتي تؤثّر على الشّعور بالانتماء الوطنيّ، وقد تتداخل هذه القضيّة مع تلك المتعلقة بالشّخصيّة القاعديّة للمجتمع، إذ يمكن أن تتبدّل أولويات الهُويّة الوطنيّة نتيجة تغيّر العادات أو اللّغة أو القيم.
- (17%) من المستجوبين يرون أن استخدام اللّغات العالميّة عبر المنصات الاجتماعية ينجم عنها مخاوف على الترابط الاجتماعيّ، ولكنّها أقلّ نسبيًّا من تلك المتعلّقة بالهويتين الثّقافيّة والوطنيّة، وتأثيراتهما على العلاقات الاجتماعيّة والرّوابط المجتمعيّة، وهذا يشير ٳلى تباين في الأولويّات الاجتماعيّة أو ٳلى تركيز أكبر على قضايا الهُويّة مقارنة بالتّماسك الاجتماعيّ.
- (6%) وهي فئة قليلة من المستجوبين الّذين لا يشعرون أنّ استخدام اللّغات العالميّة عبر المنصّات الاجتماعيّة قد يؤثّر على مكانة اللّغة الأم. وقد تكون هذه الفئة أقل تأثّرًا بالتّغيّرات الاجتماعيّة، أو ترى أن هذه المخاوف مبالغ فيها أو غير ملموسة في حياتهم اليوميّة.
تعكس هذه النّتائج مخاوف واضحة لدى غالبيّة المستجوبين حول التّأثيرات السّلبيّة على الهُويّة الثّقافيّة والوطنيّة، وهذا مؤشّر ٳلى أن هناك شعورًا عامًّا بفقدان أو تراجع عناصر الهُويّة في ظل التّطوّرات الاجتماعيّة والسّياسيّة. ومع ذلك، فإنّ التّأثير على التّماسك الاجتماعي لا يبدو بالأهميّة نفسها بالنسبة للمستجوبين، ما قد يعني أنّ التّحدّيات المتعلّقة بالهُويّة تتصدّر المسائل الاجتماعيّة الأخرى.
الرّسم البيانيّ 4: آثار استخدام اللّغات العالميّة عبر مواقع التّواصل الاجتماعيّ على مكانة اللّغة الأمّ
2-4- الأدوات المساعدة في الحدّ من التّحدّيات الّتي تواجه اللّغة الأمّ مقابل الذّكاء الاصطناعيّ: إنّ التّحدّيات الّتي تواجه اللّغة الأمّ في مواجهة الذّكاء الاصطناعيّ: تحدّيات الحفاظ على الهُويّة وتكوين مواطن في عصر التّكنولوجيا، أفرزت مخاطر عديدة، أبرزها المخاطر والصّعوبات الّتي تواجهها وسائل القراءة والكتابة عبر المنصّات الاجتماعيّة، وقد برزت في الحقبة الأخيرة تحوّلات كثيرة وتغيّرات سريعة في استخدام اللّغة العربيّة مع مزيج من المصطلحات المحليّة، والأجنبيّة وكتابة التّعابير العربيّة كما تلفظ بالحروف اللّاتينيّة واستعمال الأرقام والرّموز التّعبيريّة بدل الحروف الأبجديّة، وقد أطلق علماء اللّسان على هذه الظّاهرة اللّغويّة الجديدة والمنتشرة بين جيل الشّباب مصطلحات عديدة كاللّغة الشّبابيّة الجديدة، واللّغة الهجينة، والفرانكوآراب (Franco Arabe) والعربيزي (Arabiser)…إلخ.
والتّحـــدّي الأكبر الّـــذي تواجـهـه اللّغــة الأمّ، اليــوم، هو الشـّـعور المبــالغ فيــه بأهميّة اللّغــة الأجنبيّة (وتحديدًا الإنكليزية) والانبهـار بها، والاعتقاد أنّ التّقـدّم لا يـتأمن إلّا عن طريق إتقانها والتّحـدّث بهـا ضمن المجتمع الواحد، وأنّها عنوان الرّقـيّ والتّطـوّر، فبـدلًا من القـول “حسنًا، أو “طيّب” أو “جيّد”، يقال “OK”، وبدلًا من قول “صباح الخير، كيف الحال”؟ يُقال “Good Morning” كيفك؟ وهذا ما أكّدته الدّراسة الميدانيّة عند طرح السّؤال الآتي، “ما الأدوات المساعدة في الحدّ من التّحدّيات الّتي تواجه اللّغة الأمّ مقابل الذّكاء الاصطناعيّ”؟ وأتت أهمّ النّتائج كالآتي (الرّسم البيانيّ 5):
- (64%) وهي النّسبة الأكبر من المستجوبين يرون أن تعزيز حضور اللّغة الأمّ في العالم الرّقميّ هو الحلّ الأكثر فعاليّة لمواجهة هذه التّحديات. هذا يشير ٳلى مكانة التّكنولوجيا في العالم الرّقميّ الّذي أصبح جزءًا لا يتجزأ من يومياتنا، لذا، فإنّ وجود اللّغة الأمّ بشكل فاعل في هذا المجال يعدّ ضرورة. عندما تكون هناك موارد وأدوات وبرمجيّات متاحة باللّغة الأمّ، يمكن تعزيز استخدامها والحفاظ عليها في مختلف المجالات، كما أنّ تطوير الذّكاء الاصطناعيّ بلغات محليّة، يتطلّب استثمارات في تطوير أدوات الذّكاء الاصطناعيّ الّتي تدعم اللّغة الأمّ، مثل تطبيقات التّرجمة، التّعرف إلى الصّوت، وتحليل البيانات باللّغة الأمّ.
- و(19%) من المستجوبين أكّدوا ضرورة مواكبة العلوم العصريّة من خلال التّرجمة، لما تعكسه من وعي بضرورة ترجمة المحتوى العلميّ والتّكنولوجيّ كونه حاجة ملحّة لنقل العلوم والابتكارات الحديثة ٳلى اللّغة الأمّ، ويمكّن المتحدّثين بهذه اللّغة من الاستفادة منها من دون الحاجة ٳلى الاعتماد على اللّغات الأجنبيّة، كما يسهم في سدّ الثغرات المعرفيةّ عبر زيادة الاعمال المترجمة بين الدّول النّاطقة باللّغات المحليّة والدّول المتقدّمة في عدة ميادين مثل الذّكاء الاصطناعيّ، الهندسة، والطّب، فتصبح العلوم الحديثة متاحة للجميع وبلغة مفهومة.
- و(10%) من المستجوبين يؤيدون دعم التّعددية اللّغويّة كوسيلة للحفاظ على اللّغة الأمّ. هذا يعكس أهميّة التّعايش بين اللّغات، فالتّعدديّة اللّغويّة تعني عدم إبراز لغة على حساب أخرى، بل توفير بيئة تعزّز التّفاهم والتّفاعل بين اللّغات المختلفة. إنّ دعم هذا التّوجّه يمكن أن يحافظ على اللّغة الأمّ، ويشجّع على استخدامها إلى جانب اللّغات العالميّة، وعلى تعزيز التّواصل بين الثّقافات، لأنّ التّعدّديّة اللغّويّة تشجّع على التّنّوع الثّقافيّ واللّغويّ، ما يعزّز التّفاهم المتبادل والتّفاعل بين المجتمعات.
تعكس هذه النّتائج وعيًا واسعًا بأهميّة تعزيز دور اللّغة الأمّ في مواجهة التحديات الّتي يفرضها الذّكاء الاصطناعيّ والتّكنولوجيا الحديثة. هناك اتّفاق واضح بين المستجوبين على أن تعزيز حضور اللّغة الأمّ في المجالات الرّقميّة هو الوسيلة الأكثر فعاليّة للحفاظ عليها. ٳلى جانب ذلك، تأتي مواكبة العلوم العصريّة من خلال التّرجمة، ودعم التّعدديّة اللغويّة، واستخدام وسائل الإعلام فكلّها أدوات مهمّةً في هذا المسعى.
كما تظهر النّتائج أيضًا أنّ المعوقات الّتي تواجه اللّغة الأمّ في مواجهة الذّكاء الاصطناعيّ يمكن التّصدي لها عبر أدوات محدّدة مثل:
- تعزيز الحضور الرّقميّ للّغة الأمّ: من خلال تطوير محتوى وأدوات تكنولوجيّة تدعم اللّغة.
- التّرجمة العلميّة: لإتاحة الحصول على مختلف العلوم العصريّة باللّغة الأمّ.
- تشجيع التّعدّديّة اللّغويّة: لضمان الحفاظ على اللّغة الأمّ الى جانب اللّغات الأخرى.
- تعزيز وسائل الإعلام المحليّة: لاستخدام اللّغة الأمّ كأداة تعبير يوميّة وشعبيّة.
هذا يتطلّب استراتيجيّات وتعاونًا بين الحكومات والمؤسّسات الثّقافيّة، والتّعليميّة والإعلاميّة لضمان الحفاظ على اللّغة الأمّ وتعزيزها في العصر الرّقميّ.
الرّسم البيانيّ 5: الأدوات المساعدة في الحدّ من التّحدّيات الّتي تواجه اللّغة الأمّ مقابل الذّكاء الاصطناعيّ
2-5- الذّكاء الاصطناعيّ والتّكنولوجيا الحديثة، ودور اللّغة الأمّ في الحفاظ على الهُويّة الوطنيّة: بالمقارنة بين واقع اللّغة الأمّ (العربيّة) من جهة واللّغـة الإنكليزيـّة من جهة أخرى في ميدان العمل، يمكن لحظ المبالغة في إظهار أهميّة الثانية على حساب الأولى واشـتراط إجادتهـا كتابـة وقـراءة وتحـدُّثًا مـن الشّـركات المحليّة أكثر منها الأجنبيّـة، ما يدعو للوقـوف عند هذه الظاهرة وتأمّل انعكاسـاتها علـى مصـلحة الـوطن وملامح الهُويّة، وقد بات من المتوقّـع أن تـزداد مزاحمـة اللّغـة الأجنبيـّة للّغة الأمّ فـي سـوق العمـل مـع اسـتفحال ظاهرة العولمة، إذا تُرك الحبل لهذه اللّغات الأجنبيّة على الغارب. وهذا ما أكّدته الدّراسة الميدانيّة عند طرح السّؤال: “هل تعتقد أنّ تقنيات الذّكاء الاصطناعيّ والتّكنولوجيا الحديثة لها تأثير سلبيّ على دور اللّغة الأمّ في الحفاظ على الهُويّة الوطنيّة؟” فأتت النّتائج كالآتي (الرّسم البيانيّ 6):
- (48%) من المستجوبين يرون أن تقنيّات الذّكاء الاصطناعيّ والتّكنولوجيا الحديثة لها تأثير سلبيّ ٳلى حدّ ما على دور اللّغة الأمّ في الحفاظ على الهُويّة الوطنيّة، لكنّه ليس تأثيرًا جذريًّا أو شاملًا. قد يكون هذا، إمّا نتيجة لتحوّل تدريجيّ، فالمستجوبون يشعرون أنّ التّكنولوجيا الحديثة، بما في ذلك الذّكاء الاصطناعيّ، قد تؤثّر سلبًا على اللّغة الأم، ولكنّ التّأثير ليس حاسمًا أو سريعًا، ربّما لأنهم يعتقدون أنّ اللّغة الأمّ لا تزال تحافظ على جزء من دورها في الحفاظ على الهُويّة الوطنيّة، لكنّ هذا الدّور قد يكون معرّضًا للخطر على المدى الطّويل، وإمّا بسبب الاعتماد على اللّغة الأجنبيّة في مجالات معيّنة، وقد يُعزى هذا الرّأي ٳلى أنّ استخدام اللّغات الأجنبيّة في التّعليم، والعمل، والتّكنولوجيا قد يضعف اللّغة الأمّ، ولكنّه لم يصل بعد ٳلى حدّ تهديدها بالكامل.
- و(35%) أي أكثر من ثلث المستجوبين يرون أنّ الذّكاء الاصطناعيّ والتّكنولوجيا الحديثة يشكّلان خطرًا كبيرًا على اللّغة الأمّ ودورها في الحفاظ على الهُويّة الوطنيّة. هذا يمكن تفسيره بالاعتماد الكبير على التّكنولوجيا بلغات أجنبيّة إذ إنّ بعض المستجوبين يعتقدون أنّ الاعتماد المتزايد على اللّغات الأجنبيّة في التّكنولوجيا والذكاء الاصطناعيّ، بخاصة في الدّول الّتي تستخدم اللّغات الأجنبيّة مثل الإنجليزيّة، يؤدّي ٳلى إضعاف اللّغة الأمّ. هذا الضّعف قد يؤثّر على ارتباط الأفراد بهويّتهم الوطنيّة؛ إضافة ٳلى أن التّأثير السّريع للتطوّر التكنولوجي على اللّغة يسبّب تغييرًا في أساليب التّواصل اليوميّة، وأنّ الهُويّة الوطنيّة الّتي تعتمد على اللّغة الأمّ، قد تتعرّض للخطر مع تزايد الاعتماد على الذّكاء الاصطناعيّ.
- و(12%) أي نسبة صغيرة نسبيًّا تعتقد أنّ تقنيّات الذّكاء الاصطناعيّ والتّكنولوجيا الحديثة ليس لها تأثير سلبيّ أو تأثيرها خفيف جدًّا على دور اللّغة الأمّ في الحفاظ على الهُويّة الوطنيّة. إنّ التّكنولوجيا والذّكاء الاصطناعيّ لا يشكّلان تهديدًا كبيرًا على اللّغة الأمّ أو الهُويّة الوطنيّة. هذا يمكن تفسيره أنّ اللّغة الأمّ ما زالت قويّة بما يكفي للحفاظ على الهُويّة الوطنيّة، بصرف النّظر عن المعوقات التّكنولوجيّة، وأنّ تأثيرًا محدودًا للتّكنولوجيا، لا يطال بشكل كبير الجوانب اللّغوية أو الثّقافيّة الوطنيّة.
كما نلحظ أنّ هناك قلقًا واسعًا بين المستجوبين بشأن تأثير التّكنولوجيا والذّكاء الاصطناعيّ على اللّغة الأمّ، وهو ما قد يؤدّي ٳلى إضعاف دورها في الحفاظ على الشخصيّة القاعدية للمجتمع، وتعكس هذه المخاوف الحاجة ٳلى سياسات تعزّز استخدام اللّغة الأم في التّكنولوجيا والتّعليم، فضلًا عن ضرورة التّرجمة ودعم الموارد الرّقميّة باللّغة الأم، وهذا يتّطلب التّصدّي لتحديات الذّكاء الاصطناعيّ والتّكنولوجيا من خلال تعزيز الحضور الرّقميّ للّغة الأم، وتطوير أدوات ذكاء اصطناعيّ تدعمها، وتعزيز الوعي العامّ بأهميّة اللّغة الأمّ في الحفاظ على الهُويّة الوطنيّة.
الرّسم البيانيّ 6: تقنيّات الذّكاء الاصطناعيّ، وتأثيرها السّلبيّ على دور اللّغة الأمّ في الحفاظ على الهُويّة الوطنيّة
2-6- استخدام التّكنولوجيا في التّعليم وتأثيره على أهميّة اللّغة الأم كوسيلة للتّواصل الثّقافيّ: في ظلّ هذه المعطيات، سوف نستكشف التّحدّيات الّتي تواجه اللّغة الأمّ في سياق تكوين الأمّة، وبناء هُويّة المواطن مع تطوّر الذّكاء الاصطناعي وانتشار التّكنولوجيا الحديثة، بالإضافة ٳلى تحليل كيفيّة مواجهة هذه التّحديات للحفاظ على دورها في تعزيز الهُويّة الوطنيّة والثّقافيّة. الجدير ذكره في هذا الإطار، أنّ انتشار الذّكاء الاصطناعيّ والتّكنولوجيا الحديثة قد يؤدّي ٳلى هيمنة لغات معيّنة على حساب لغات أخرى، ودعم اللّغة الأمّ، في هذا المجال، يعزّز التّعدّديّة اللّغويّة، ما يسمح بتمثيل جميع المجتمعات على قدم المساواة في التّطور التّكنولوجي، فالمواطن المتحدّث بلغته الأمّ سيجد فرصًا أكبر للتّفاعل مع التّكنولوجيا والمشاركة في الاقتصاد الرّقميّ بلغته الخاصّة، ما يحقّق تكافؤ الفرص. وهذا ما أفادته الدّراسة الميدانيّة عند طرح السّؤال: “هل أدّى استخدام التّكنولوجيا في التّعليم ٳلى التّقليل من أهميّة اللّغة الأمّ كوسيلة للتّواصل الثّقافيّ؟” فأتت النّتائج كالآتي (الرّسم البيانيّ 7):
- (57%) من المشاركين يوافقون على أنّ استخدام التّكنولوجيا في التّعليم قد أدّى ٳلى التّقليل من أهميّة اللّغة الأمّ. هذا يشير ٳلى أنّ هناك قناعة عامّة لدى المشاركين أنّ الاعتماد على التّكنولوجيا، وبخاصّة الأدوات والموارد الّتي تعتمد غالبًا على اللّغات الأجنبيّة مثل الإنجليزيّة، قد يؤدّي ٳلى تهميش اللّغة الأمّ.
- و(18%) من المشاركين يوافقون بشدّة، على أنّ استخدام التّكنولوجيا في التّعليم قد أدّى ٳلى التّقليل من أهميّة اللّغة الأمّ، ما يعزّز هذا الرّأي ظهور شعور قويّ لدى بعض المشاركين أنّ التّكنولوجيا تؤثّر سلبًا على دور اللّغة الأمّ في التّواصل الثّقافيّ.
- و(18%) من المشاركين لا يوافقون على أنّ التّكنولوجيا قلّلت من أهميّة اللّغة الأمّ. هذه النّسبة تشير ٳلى أن هناك بعض الأفراد يرون أنّ التّكنولوجيا قد لا تكون سببًا مباشرًا لتقليل دور اللّغة الأمّ، ويرون أنّ التّكنولوجيا يمكن استخدامها لتعزيزها بدلًا من تهميشها.
تُظهر النّتائج إجماعًا كبيرًا بين المشاركين على أنّ التّكنولوجيا تسهم بشكل أو بآخر في تقليل أهميّة اللّغة الأمّ كوسيلة للتّواصل الثّقافيّ، وهذا قد يرجع ٳلى أنّ المحتويات التّعليميّة الرّقميّة غالبًا ما تُقدّم بلغات عالميّة، ما يعزّز استخدام اللّغات الأجنبيّة على حساب اللّغة المحليّة، ومع ذلك، هناك مجموعة ترفض هذا الرّأي، ما يشير ٳلى أنّ التّكنولوجيا يمكن أن تكون فرصة لتعزيز اللّغة الأمّ إذا استُخدِمت بالشّكل الصّحيح.
الرّسم البيانيّ 7: استخدام التّكنولوجيا في التّعليم يؤدّي ٳلى التّقليل من أهميّة اللّغة الأمّ كوسيلة للتّواصل الثّقافيّ
2-7- استخدام اللّغات الأجنبيّة بشكل متزايد في التّكنولوجيا وتـأثيره على مكانة اللّغة الأمّ: مع الاعتماد المتزايد على اللّغات الأجنبيّة في التّكنولوجيا، تراجع دور اللّغة الأمّ، إذ أصبحت المنصّات التّعليميّة والتّواصليّة تعتمد بشكل أساسيّ على اللّغات الأجنبيّة، ما أدّى ٳلى تهميش اللّغة المحليّة. وفي الوقت الّذي تواصل اللّغة الأمّ دورها في التّواصل الشّخصيّ والثّقافيّ داخل المجتمعات، فإنّ مكانتها قد تراجعت في المجالات العلميّة والتّكنولوجيّة. على الرّغم من ذلك، تسعى بعض المبادرات التّقنية ٳلى الحفاظ على اللّغات المحليّة من خلال تطوير محتوى رقميّ يدعم استخدام اللّغة الأمّ في العالم الرّقميّ الحديث. وهذا ما أظهرته الدّراسة الميدانيّة عند طرح السّؤال: “هل تعتقد أنّ استخدام اللّغات الأجنبيّة بشكل متزايد في التّكنولوجيا يقلّل من مكانة اللّغة الأمّ؟” وأتت أهم النّتائج كالآتي (الرّسم البيانيّ 8):
- (45%) من المستجوبين يعتقدون أنّ استخدام اللّغات الأجنبيّة في التّكنولوجيا يقلّل بشكل كبير من مكانة اللّغة الأمّ. هذا الرّأي يعكس المخاوف من هيمنة اللّغات الأجنبيّة في العالم الرّقميّ، ويرون أنّ اللّغات المهيمنة في مجالات التّكنولوجيا تؤثّر سلبًا على حضور اللّغة الأمّ، من خلال استعمالها في التّطبيقات، الأجهزة، والبرامج. إنّ التّبعيّة التّكنولوجيّة للّغات الأجنبيّة، تشير ٳلى الشّعور بفقدان السّيطرة على اللّغة الأمّ في المجالات التّكنولوجيّة الحيويّة، ما يؤدي ٳلى تهميشها في المجتمع والابتعاد منها تدريجيًا لصالح اللّغات الأجنبيّة.
- (42%) من المستجوبين يعتقدون أنّ استخدام اللّغات الأجنبيّة قد يقلّل ٳلى حدّ ما من مكانة اللّغة الأمّ، ولكن بشكل أقلّ قوّة. ويمكن تفسير هذه النّسبة بالتّأثير المتوسّط، إذ يرون أنّ استخدام اللّغات الأجنبيّة قد يقلّل من مكانة اللّغة الأم، ولكن ليس بشكل حاسم أو جذريّ، كما يرون أنّ اللّغة الأمّ لا تزال تحافظ على حضورها في مجالات الحياة الأخرى، ولكنّها قد تتراجع تدريجيًا في مجال التّكنولوجيا. في اعتقاد هؤلاء أن التّكنولوجيا تحتاج ٳلى اللّغات الأجنبيّة في الوقت الحاليّ، ولكن يمكن تعزيز اللّغة الأمّ، في هذا السّياق، إذا قُدِّم محتوى وبرامج تكنولوجيّة داعمة لها.
- (12%) من المستجوبين يرون أنّ استخدام اللّغات الأجنبيّة لا يؤثّر بشكل كبير على مكانة اللّغة الأم. يمكن تفسير هذا أنّ مرونة اللّغة الأم قادرة على الحفاظ على مكانتها حتّى مع انتشار اللّغات الأجنبيّة في التّكنولوجيا. قد يكون لدى هؤلاء ثقة أنّ اللّغة الأمّ قويّة بما يكفي للتّعايش مع اللّغات الأخرى من دون أن تتأثّر بشكل كبير. وأمّا محدوديّة التّأثير فلاعتقادهم أنّ تأثير التّكنولوجيا محدود على الحياة اليوميّة، وأنّ الاستخدام اليوميّ للّغة الأمّ في الأسرة والمجتمع لا يتأثّر بشكل كبير باستخدام التّكنولوجيا بلغات أجنبيّة.
تكشف النّتائج إجماعًا واسعًا بين المستجوبين حول التّأثير السّلبيّ لاستخدام اللّغات الأجنبيّة في التّكنولوجيا على مكانة اللّغة الأمّ، إذ يعتقد 87% منهم (45% + 42%) أنّ هناك تأثيرًا، إمّا بشكل كبير أو ٳلى حدّ ما، ويعكس مخاوف عميقة بشأن التّهميش التّدريجيّ للّغة الأمّ في مواجهة التّوسّع المستمرّ للّغات الأجنبيّة في مجالات التّكنولوجيا والتّطبيقات الحديثة، وأنّ الاعتماد المتزايد على اللّغات الأجنبيّة في التّكنولوجيا يشكّل تهديدًا ملموسًا لمكانة اللّغة الأمّ في أعين معظم المستجوبين. هذه النّتائج تشير ٳلى الحاجة الملحة لتّعزيز وجود اللّغة الأمّ في التّكنولوجيا الحديثة من خلال تطوير محتوى وأدوات تدعمها، وٳلى تعزيز التّعليم، والوعي بأهميّة الحفاظ على اللّغة الأم في الحياة الرّقميّة.
الرّسم البيانيّ 8: استخدام اللّغات الأجنبيّة بشكل متزايد في التّكنولوجيا يقلّل من مكانة اللّغة الأمّ
2-8- إمكانيّة استخدام الذّكاء الإصطناعيّ للحفاظ على اللّغة الأمّ وتعزيز مكانتهاعلى المنصّات الرّقميّة:
إنّ تطوير أدوات الذّكاء الاصطناعيّ لدعم المحتوى اللّغوي المحليّ، ولتطوير تطبيقات وأدوات تدعم اللّغة الأمّ مثل برمجيّات التّرجمة الآليّة، وغيرها من الأدوات، يسهم في تعزيز حضور اللّغة الأمّ على المنصّات الرّقميّة، ما يسهّل على المستخدمين استخدامها في حياتهم اليوميّة، ويجعل اللّغة الأمّ أكثر تنافسيّة في العصر الرّقميّ، من خلال إنتاج محتوى رقميّ باللّغة الأمّ وتحليل البيانات، والاستعانة بالذّكاء الاصطناعيّ في تسهيل إنتاج محتوى إعلاميّ وتعليميّ بلغات محليّة، بواسطة تقنيّات مثل تحليل البيانات والتّعلم الآليّ، كما يمكن إنشاء وتكييف محتوى رقميّ يتوافق مع اهتمامات المتحدّثين باللّغة الأمّ، ما يعزّز استخدام هذه اللّغة، ويشجّع المزيد من الإنتاج الرّقميّ بها.
وهذا ما أظهرته الّدراسة الميدانيّة عند طرح السّؤال: “هل تؤمن أنّ الذّكاء الاصطناعيّ يمكن أن يستخدم في الحفاظ وتعزيز اللّغة الأمّ على المنصّات الرقميّة؟” وقد أتت النّتائج المهمّة كالآتي (الرّسم البيانيّ 9):
- (38%) من المستجوبين يرون أنّ هناك احتمالًا لإمكانيّة استخدام الذّكاء الاصطناعيّ للحفاظ على اللّغة الأمّ، لكنّهم غير واثقين تمامًا من تطبيقه بشكل فعّال في مجال دعم اللّغات المحليّة. ربما يرون أنّ هذه التّكنولوجيا تحتاج ٳلى المزيد من التّطوير لتصبح فعّالة بشكل كامل، كما أنّ الاعتماد على تطوّرات مستقبليّة سيثبت أنّ الذّكاء الاصطناعيّ يمكن أن يؤدّي هذا الدّور بشكل فعّال في المستقبل.
- (26%) من المستجوبين أبدوا عدم تأكدّهم من قدرة الذّكاء الاصطناعيّ على الحفاظ على اللّغة الأمّ وتعزيزها، وقد يكون السّبب في عدم تأكّدهم هو عدم توفّر المعلومات الكافية حول كيفيّة استخدام الذّكاء الاصطناعيّ في مجال اللّغات المحليّة، أو لديهم شكوك حول مدى فعاليّة الذّكاء الاصطناعيّ في التّعامل مع اللّغات الأمّ، وبخاصّة إذا كانت هذه اللّغات غير مدعومة على نطاق واسع من شركات التّكنولوجيا.
- (25% ) من المستجوبين أكّدوا أنّ الذّكاء الإصطناعيّ يمكن أن يستخدم لتعزيز اللّغة الأم، وهذا يعكس الثّقة لديهم بالتّكنولوجيا، وفي وعي ومعرفة كيفيّة استخدام الذّكاء الاصطناعيّ في المجالات المختلفة، وهذه الثّقة قد تأتي من مشاهدتهم لاستخدامات ناجحة لهذه التّكنولوجيا في لغات أخرى أو حتّى في لغاتهم المحليّة. من هنا تفاؤل هؤلاء بشأن المستقبل، وبكون الذّكاء الاصطناعيّ أداة قويّة يمكنها أن تسهم بشكل فعّال في تعزيز استخدام اللّغة الأمّ وحمايتها على المنصّات الرّقميّة.
تكشف هذه النّتائج مزيجًا من التّفاؤل والحذر بين المستجوبين بشأن دور الذّكاء الاصطناعيّ في الحفاظ على اللّغة الأمّ. الفئة الأكبر (38%) ترى أنّ هناك احتمالًا لذلك، بينما (25%) منهم يؤمنون بقدرة الذّكاء الاصطناعي بشكل مؤكّد، ما يشير ٳلى وجود اعتقاد واسع النّطاق بإمكانيّة الاستفادة من هذه التّكنولوجيا في تعزيز اللّغة الأمّ. ومع ذلك، هناك تردّد بين 26% منهم كانوا غير متأكّدين من ذلك، ما يعكس وجود بعض الشّكوك أو عدم المعرفة الكافية. أمام هذا التّفاؤل النّسبيّ، بشأن استخدام الذّكاء الاصطناعيّ لتعزيز اللّغة الأمّ، هناك حاجة لزيادة الوعي والتّوضيح حول كيفيّة تحقيق ذلك فعليًّا، وبالإمكان تعزيز الثّقة في هذا المجال من خلال توفير أمثلة ملموسة وتطوير أدوات ذكاء اصطناعيّ تستهدف اللّغات المحليّة بشكل مباشر.
الرّسم البيانيّ 9: إمكانيّة استخدام الذّكاء الاصطناعيّ في الحفاظ على اللّغة الأمّ وتعزيز مكانتها على المنصّات الرّقميّة
2-10- عدّ المحافظة على اللّغة الأمّ أكثر تحدّيًّا بسبب التّطور السّريع للتكنولوجيا الحديثة والذّكاء الاصطناعيّ.
مع التّطوّر السّريع للتّكنولوجيا، أصبحت اللّغات العالميّة تهيمن على البرمجة والتّطبيقات والذّكاء الاصطناعيّ، ما أدّى ٳلى تهميش اللّغة الأمّ. يُجبر الأفراد على التّفاعل مع التّكنولوجيا بلغات أجنبيّة، ما يجعل الحفاظ عليها واستخدامها في المجالات التّقنيّة والعلميّة تحدّيًا كبيرًا. يؤثّر هذا أيضًا على أنماط التّواصل اليوميّ، إذ يميل الشّباب ٳلى مزج مفردات أجنبيّة مع لغتهم الأمّ، الأمر الّذي يُضعف نقاء اللّغة، ويُفقدها بعض خصائصها الفريدة، كما أن قلّة الموارد الرّقميّة المتاحة باللّغة الأم مقارنة باللّغات الأجنبيّة تجعل من الصّعب تطويرها واستخدامها في التّعليم والعمل والتّواصل الرّقميّ. وهذا ما أظهرته الدّراسة الميدانيّة عند طرح السّؤال: “هل تعدُّ أنّ المحافظة على اللّغة الأمّ أصبح أكثر تحدّيًا بسبب التّطور السّريع للتّكنولوجيا الحديثة والذّكاء الاصطناعيّ؟” فأتت النّتائج كالآتي(الرّسم البيانيّ 10):
- (50%) أي نصف المستجوبين يرون أنّ الحفاظ على اللّغة الأمّ أصبح أكثر تحديًّا بسبب التّطور السّريع للتّكنولوجيا والذّكاء الاصطناعيّ، وقد يعود ذلك ٳلى الاعتراف بتأثير التّكنولوجيا الّتي تهيمن عليها لغات أجنبيّة (بخاصّة الإنجليزيّة) السّلبيّ على استخدام اللّغة الأمّ، وجعلها أقلّ وجودًا على المنصّات الرّقميّة، أو ربّما يعود ٳلى التّغيّرات في أنماط الاستخدام اليوميّ مثل انتشار التّطبيقات والأدوات الّتي تعتمد على اللّغات الأجنبيّة، ما يجعل استخدام اللّغة الأمّ أقلّ شيوعًا، ولاسيّما بين الأجيال الشّابّة.
- (42%) من المستجوبين يعبّرون عن موافقتهم القويّة أن التّكنولوجيا الحديثة والذّكاء الاصطناعيّ يشكّلان تحدّيًا كبيرًا للحفاظ على اللّغة الأمّ. يمكن تفسير هذا التّأكيد القوي بـالمخاوف الجادّة حول التّهديد للّغة الأمّ، مع انتشار اللّغات الأجنبيّة بشكل واسع، الأمر الّذي يضعها في موقف حرج ويهدّدها بالتّراجع أو التّهميش والانحسار، إذ يرون أنّ لغتهم الأم تتعرّض لضغوط كبيرة نتيجة الاعتماد على لغات أخرى في التّعليم، العمل، والتّواصل الرّقميّ.
تكشف النّتائج إجماع واسع بين المستجوبين أنّ التّطور السّريع للتّكنولوجيا والذّكاء الاصطناعيّ يزيد من صعوبة الحفاظ على اللّغة الأمّ، إذ إنّ 92% من المستجوبين (50% + 42%) يوافقون على أنّ هذه التّقنيات تشكّل تحدّيًا كبيرًا، يعكس ذلك وعيًا متزايدًا بمدى هيمنة اللّغات الأجنبيّة في العالم الرّقميّ، والمخاوف من أنّ اللّغة الأمّ قد تفقد مكانتها مع مرور الوقت.
كما أنّ هناك اعترافًا كبيرًا أنّ التّكنولوجيا والذّكاء الاصطناعيّ يمثّلان تحدّيات حقيقيّة للحفاظ على اللّغة الأمّ. هذا يشير ٳلى الحاجة ٳلى تطوير استراتيجيّات لمواجهة هذا التّحدّي، مثل تعزيز المحتوى الرّقميّ باللّغة الأمّ، ودعم التّعدّديّة اللّغويّة في التّكنولوجيا، وتوعية الأجيال الجديدة بأهميّة الحفاظ على لغتهم الأصليّة في ظلّ التّطور التّكنولوجيّ.
الرّسم البيانيّ 10: عدّ المحافظة على اللّغة الأمّ أكثر تحدّيًا بسبب التّطور السّريع للتّكنولوجيا الحديثة والذّكاء الاصطناعيّ
الخاتمة: بعد الإجابة على تساؤلات البحث من خلال نتائج الدّراسة الميدانيّة، تبيّن أنّ اللّغة العربيّة في لبنان، على الرّغم من أهميّتها وانتشارها سيّما في مجال العمل والتّعليم والإعلام والإدارات العامّة وغيرها، لم تستطع حتّى الآن منافسة اللّغات الأجنبيّة، سيّما الانكليزيّة، في الفضاء الرّقميّ، الأمر الّذي ينعكس حكمًا على تراجع استخدام اللّغة العربيّة في التقنيّات الرقميّة الحديثة (تقنيات الذّكاء الاصطناعيّ والمنصّات الاجتماعيّة، وغيرها) والّذي يؤدّي، بالطّبع، ٳلى ضعف الهُويّة الوطنيّة والثقافية في المجتمع، وهذا ما يؤكّد الفرضيّتين اللّتين طرحناهما في بداية البحث:
– يمكن لانتشار التقنيّات الرّقميّة الحديثة (تقنيات الذّكاء الاصطناعيّ، واّلمنصّات الاجتماعيّة، وغيرها) أن تقلّل من استخدام اللّغة العربيّة لصالح بعض اللّغات العالميّة.
– يمكن أن يؤّدي تراجع استخدام اللّغة الأمّ في الفضاء الرّقميّ ٳلى ضعف الهُويّة الوطنيّة والثّقافيّة المجتمعيّة.
وللإجابة على الإشكاليّة، يمكن القول إنّ انتشار التّكنولوجيا الحديثة أضعف اللّغة العربيّة في لبنان لمصلحة اللّغات الاجنبيّة، سيّما الانكليزيّة منها، كما أضعف دور اللغة العربيّة وما تحمله من رموز وثقافة مجتمعيّة تعزّز الهُويّة الوطنيّة.
وبعد الدّراسة النّظرية والتّحليلية والدّراسة الميدانيّة لتحدّيات اللّغة الأمّ في تكوين مواطن في مواجهة الذّكاء الاصطناعيّ وانتشار التّكنولوجيا، أي وضعيّة اللّغة والهُويّة من منظور التقنيات، تتّضح الأهميّة المتزايدة لتعزيز اللّغة الأمّ في مجتمع المعلومات واقتصاد المعرفة، فقد تجاوز دور اللّغة حدودها التّقليديّة كأداة للتّواصل والثّقافة والتّعليم، لتصبح عنصرًا محوريًا في سياقات متعدّدة كشفها التّحوّل المعلوماتيّ والتّكنولوجيّ، تشمل هذه السّياقات أبعادًا سياسيّة، اقتصاديّة، وأمنيّة، إضافة ٳلى دورها في التطوّر الرقميّ والتّقدّم العلميّ والتّكنولوجيّ.
من هنا، يعدّ التّصدي للفجوة اللّغويّة نقطة انطلاق أساسيّة في مواجهة هذه التّحدّيات. فمصير الشّعوب اليوم مرتبط بشكل وثيق بمصير لغتها القومّية، وقدرتها على الصّمود في بيئة عالميّة مليئة بالتّحدّيات اللغّويّة والثّقافيّة. إن قدرة اللّغة الأم على التفاعل مع متطلّبات التّواصل الرّقميّ الّذي يتجاوز الحدود التّقليديّة أصبحت حتميّة، خصوصًا في ظل تفاعل الإنسان مع الآلة، وتواصل الآلات في ما بينها من خلال الذّكاء الاصطناعيّ.
فاللّغة لم تعد وسيلة تواصل فقط، بل مستودعًا للرّمزيّات والمعاني الّتي تؤطّر الهويّات. على هذا الأساس، يتصدّر الشّأن اللّغويّ كلّ أشكال الصّراع الرّمزيّ حول الهُويّة في العصر الحديث، ويتجلّى ذلك في مصطلح “الأمن اللّغويّ”، الّذي يعبّر عن مستوى من الحماية الثّقافيّة والرمزيّة للشعوب، إذ إنّ المجتمعات الّتي لا تتحصّن لغويًّا تكون مهدّدة في عمق ثقافتها وهويّتها.
كلّ المجتمعات نقلت المعرفة والعلوم ٳلى لغاتها وتدرّسها بلغاتها، وهذا ما لم تصل إليه اللّغة العربيّة في مجال العلوم التّطبيقية. إنّنا بحاجة ٳلى أن نوطّن اللّغة العربيّة، في التّقانة الحديثة وفي دنيا الحاسوب، ولكن إلى الآن تبدو التّرجمة الآليّة من وٳلى العربيّة، كأنّها لم تستقم بعد .
في هذا السّياق، يبرز سؤال الهُويّة بشكل ملحّ: من نحن؟ وما العلاقة بين هويّتنا ولغتنا؟ وما مدى ارتباطهما في ظلّ التّغيّرات الرقميّة وانتشار اللغات المختلفة؟ هذه الأسئلة تعكس القلق المتزايد بشأن الحفاظ على الهُويّة الثّقافيّة في مواجهة هيمنة اللّغات الأجنبية المتنوعة مقابل تّفكيك الهويّاتي النّاتج عن السّيطرة المعلوماتيّة.
يحتاج الوطن ٳلى مواطنين يشاركون في إغناء الثّقافة والحضارة الوطنيّة والمشاركة، يحتاج الى مواطنين يعملون بشغف على إضفاء نوعٍ من الوعي المواطنيَ الرّاسخ، والانفتاح الغنيّ للنّهوض معًا بمجتمع واعٍ، وبناء الهُويّة الوطنيّة.
لتخطّي التحديات التي تواجه اللّغة الأم في تكوين مواطن في مواجهة الذّكاء الاصطناعيّ وانتشار التّكنولوجيا، لا بدّ، في النّهاية، من تقديم بعض التّوصيات:
- تعزيز المحتوى الرّقميّ باللّغة الأمّ: إنّ من الخطوات المهمّة لمواجهة التّحديات الرقميّة هو وجود المحتوى الالكتروني باللّغة الأمّ بشكلٍ كافٍ، هذا يتطلّب دعم إنشاء تطبيقات وبرمجيّات تعتمد على اللّغة الأم، في التّعليم أو في وسائل الإعلام أو في الأعمال، وكذلك المشاركة في تطوير أدوات ذكاء اصطناعيّ، مثل برامج التّرجمة والتّعلم الآليّ الّتي تدعم اللّغة الأمّ، وتعزّز مكانتها في البيئة الرّقميّة.
- تعزيز المحتوى الرّقميّ والموارد المتاحة باللّغة العربيّة: من خلال تدخّل الحكومات والمؤسّسات الثّقافيّة من أجل العمل على تعزيز حضور اللّغة الأمّ في العالم الرّقمي والتّقنيّ، لضمان استمرار استخدامها والحفاظ على هويّتها تفاديًا للخطر الحقيقيّ الّذي قد تعاني منه اللّغة الأمّ في مواجهة الذّكاء الاصطناعيّ والتّكنولوجيا الحديثة.
- إنشاء محتوى رقميّ واسع، فهذه النّتائج تعكس الحاجة ٳلى إنتاج محتوى رقميّ بلغات محليّة سواء في المواقع الإلكترونيّة، والمنصّات الاجتماعيّة، أو التّطبيقات، ما يساعد على تعزيز وجود اللّغة الأم ويحفظ كينونتها ويحميها من التّراجع.
- تعزيز وجود اللّغة الأمّ في التقنيّات الرقمية الحديثة من خلال تطوير المحتوى والادوات الداعمة، وتعزّز الوعي بأهميّة الحفاظ على اللّغة الأمّ في الحياة الرّقميّة.
- استخدام وسائل تقنيّة فعّالة لإيصال المعرفة العلميّة ٳلى المتعلّمـين بـأدوات التّعلـيم المبـرمج ومختبـرات اللّغات واستخدام الحوسبة وأجهزة الاتّصالات الالكترونيّة.
6– دمج اللّغة الأمّ في المناهج التّعليميّة الرّقميّة: فالتّكنولوجيا تتيح فرصًا كبيرة لتعليم الأجيال الشابّة، لذا، ينبغي دمج اللّغة الأمّ في المناهج التّعليميّة الرّقميّة من خلال اعتماد التّعلم التّفاعليّ، والتّطبيقات الذّكيّة. بهذه الطريقة، تُربَط الهُويّة الثّقافيّة بالتّطور التّكنولوجيّ، ما يسهم في ترسيخ اللّغة الأمّ في أذهان المتعلّمين واستخدامها في حياتهم العمليّة.
7- تشجيع السياسات الدّاعمة للتّعدّديّة اللّغويّة في التقنيات الرقميّة: من الضروريّ تشجيع الحكومات والمؤسّسات على تبنّي سياسات تدعم التّعدّدية اللّغويّة في التّقنيات الرقميّة، ويمكن تحقيق ذلك من خلال وضع لوائح تحفّز الشّركات على تطوير منتجات رقميّة بلغات متعدّدة، بما في ذلك اللّغة الأمّ، كما يجب تقديم حوافز لمشاريع الذّكاء الاصطناعيّ الّتي تدعم اللّغات المحليّة وتعزّز استخدامها على المنصّات الرّقميّة المختلفة.
8- تشجيع السّياسات الّتي تدعم استخدام اللّغة الأمّ في التّكنولوجيا والتّعليم الرّقميّ: يمكن أن يساعد في مواجهة هذا التّحدّي وضمان استمراريّة حضور اللّغة الأمّ في المستقبل.
9- إنّ التّراجع في اكتساب وتعلّم العربيّة في المجتمع العربيّ، والاقبال على اللّغات الأجنبيّة قد يعود ٳلى زمن الانتداب، الّذي أرسى ألأولويّة لمتعلّم اللّغة الأجنبيّة، في ما يتعلّق بالوظائف، وقد يكون هذا الوضع فرضه الحاكم على المحكوم، ونحن اليوم نعيش حالة المهزوم ثقافيّا، وهو ما يجعلنا نتعلّق بثقافة الأقوى، أي الحصول على المعلومة من مصادرها.
المراجع باللغة العربيّة
- الجابري محمد عابد، (2006) مسألة الهُويّة العروبة والإسلام… والغرب، الطّبعة الثّالثة، بيروت- مركز دراسات الوحدة العربيّة.
- محمد جبرون، (2013)«جدل الهُويّة ولغة التّعليم في المغرب الأقصى من منظور تاريخيّ،» فياللّغة والهُويّة في الوطن العربيّ: إشكاليّات تاريخيّة وثقافيّة وسياسيّة ص 54.
- الإطار المرجعيّ للتّربية على المواطنية- المركز التّربوي للبحوث والإنماء- 2021
- برهان غليون (1999)، “ثقافة العولمة وعولمة الثّقافة”، دمشق دار الفكر المعاصب، ص 4.
- بتر برجر، (1995)، الحداثة، التعدديّة وأزمة المعنى، تعريب رامي طوقان (2014)
- جون جوزيف، اللّغة والهُويّة: قوميّة، إثنية، دينيّة، ترجمة عبد النّور خراقي، عالم المعرفة؛ 342 (الكويت: عالم المعرفة، 2007)، ص 21.
- حسن مالك، (2018)، الضّعف اللّغويّ في شبكات التّواصل الاجتماعيّ وتأثيره على الهُويّة اللّغويّة في العالم العربيّ، جامعة محمد الخامس- الرّباط- المغرب ص 23.
- شمامة خير الدّين، (2022)«إشكاليّة اللّغة العربيّة في الجزائر بين مخلّفات الاستعمار وضغط العولمة،» في: اللّغة والهُويّة في الوطن العربيّ: إشكالات التّعليم والتّرجمة والمصطلح،ج 1، ص 139.
- لويس جان كالفي، حرب اللّغات والسّياسة اللّغويّة، ترجمة حسن حمزة (بيروت: المنظمة العربيّة للتّرجمة، 2008)، ص 61.
- علي أبو ليلى، (2001) “الثّقافة العربيّة والشباب”، استراتيجيّة الثّقافة العربيّة، اللّجنة الوطنيّة المصريّة للتّربية والعلوم والثّقافة، القاهرة، ص 25
- نديم منصوري،(2013) “سوسيولوجيا الانترنت” منشورات الجامعة اللبنانيّة، بيروت-لبنان
- نبيل علي، نادية حجازي، (2005)، “ رؤية عربيّة لمجتمع المعرفة، عالم المعرفة، المجلس الوطنيّ للثّقافة والفنون والآداب، الكويت، ص 306.
المراجع باللّغات الأجنبيّة
- Al-Arif, A. A. H. (2007). [Making use of computational linguistics in the service of Arabic studies]. Journal of the Jordanian Arabic Language Academy for Arabic, 7(3), 1–34. – Google Scholar
- Al-Moataz, R. B. (2019). A Basic Program for Arabic Texts. Publications of the King Abdullah Bin Abdulaziz International Center for Arabic Language Service.- Google Scholar
- Doohee, A. H. (2024). The Contribution of Artificial Intelligence to Learning the Arabic Language. European Journal of Language and Culture Studies, 3(3), 17–23. https://doi.org/10.24018/ejlang.2024.3.3.120- Google Scholar
ملحق – استمارة الاستبيان
“تحديات اللّغة الأمّ في تكوين أمّة ومواطن في مواجهة الذّكاء الاصطناعي وانتشار التّكنولوجيا”
تهدف هذه الدّراسة إلى استكشاف التّحدّيات الّتي تواجه اللّغة الأمّ في سياق تكوين الأمة وبناء هوية المواطن في ظلّ تطوّر الذّكاء الاصطناعيّ وانتشار التّكنولوجيا الحديثة، واستعمال اللّغات الأجنبيّة أو الأحرف اللاتينيّة في التواصل، بالإضافة إلى تحليل كيفية مواجهة هذه التّحدّيات للحفاظ على دور اللّغة الأمّ في تعزيز الهوية الوطنيّة والثقافيّة.
إذا كنت مستخدمًا للذّكاء الاصطناعيّ، وغيرها من مواقع التّواصل ندعوك لتعبئة هذا الاستبيان.
شكرًا لتعاونكم
* Indicates required question
- هل ترغب في المشاركة في هذه الدّراسة؟*
- نعم
- لا
- ما هي الأخطار التي تواجه اللّغة الأمّ عند الاستعانة بالذّكاء الاصطناعيّ ؟*
- الاعتماد المتزايد على الذذكاء الاصطناعيّ.
- تفضيل استخدام لغات عالميّة على حساب اللّغة الأمّ.
- قلّة الموارد الرّقميّة باللّغة الأمّ.
- لا خطر.
- ما هي آثار استخدام اللّغات العالميّة عبر مواقع التّواصل الاجتماعيّ على مكانة اللّغة الأمّ؟ *
– إضعاف الهُويّة الثّقافيّة.
– إضعاف الهُويّة الوطنيّة.
– تراجع تماسك المجتمع.
– لا تأثير.
- ما هي الأدوات المساعدة في الحدّ من التّحدّيات الّتي تواجه اللّغة الأمّ مقابل الذّكاء الاصطناعيّ؟*
– دعم التّعدّدية اللّغويّة.
– تعزيز وجود اللّغة الأمّ في المجالات الرّقميّة.
– مواكبة العلوم العصريّة عبر الترّجمات.
– استخدامها في وسائل الإعلام.
- هل تعتقد أنّ تقنيّات الذّكاء الاصطناعيّ والتّكنولوجيا الحديثة لها تأثير سلبيّ على دور اللّغة الأمّ في الحفاظ على الهُويّة الوطنيّة؟*
– نعم، بشكل كبير.
– نعم، إلى حدّ ما.
– لا، ليس كثيرًا.
– لا، ليس لها تأثير.
- هل أدّى استخدام التّكنولوجيا في التّعليم إلى التّقليل من أهميّة اللّغة الأمّ كوسيلة للتّواصل الثّقافيّ؟*
– أوافق بشدّة.
– أوافق.
– لا أوافق.
– لا أوافق بشدّة.
- هل تعتقد أنّ استخدام اللّغات الأجنبيّة بشكل متزايد في التّكنولوجيا يقلّل من مكانة اللّغة الأمّ؟*
- نعم، بشكل كبير.
- نعم، إلى حدّ ما.
- لا، ليس كثيرًا.
– لا، ليس له تأثير.
- هل تؤمن أنّ الذّكاء الاصطناعيّ يمكن أن يحافظ على اللّغة الأمّ ويعزّز مكانتها على المنصّات الرّقميّة ؟*
– نعم، بالتّأكيد .
– نعم، ربّما.
– غير متأكّد.
– على الأرجح لا.
– لا، مستحيل.
- هل تحسب أنّ المحافظة على اللّغة الأمّ أصبح أكثر تحديًّا بسبب التّطور السّريع للتّكنولوجيا الحديثة والذّكاء الاصطناعيّ؟*
– أوافق بشدّة.
– أوافق.
– لا أوافق.
– لا أوافق بشدّة.
10.الجنس*
- أنثى
– ذكر
- المستوى التّعليمي*
– أقلّ من ثانويّ.
– ثانويّ/ مهنيّ.
– جامعيّ.
[1] – طالبة سنة ثانية ماستير بحثي في كلية التربية – الجامعة اللبنانية.
Second year student, Master of Research at the Faculty of Education – Lebanese University.Email: sonia.elkhouryyounes@hotmail.com