عنوان البحث: الصنوبر المثمر في لبنان : واقعه، مشاكله ومستقبله
اسم الكاتب: جوزيف طانوس لويس الحاج
تاريخ النشر: 20/12/2024
اسم المجلة: مجلة أوراق ثقافية
عدد المجلة: 34
تحميل البحث بصيغة PDFالصنوبر المثمر في لبنان : واقعه، مشاكله ومستقبله
Pine trees in Lebanon: its reality, problems and future
Joseph Tanous Louis El-Hage جوزيف طانوس لويس الحاج([1])
د. طوني غصين Dr. Toni Ghossain[1]
تاريخ الإرسال: 21-8-2024 تاريخ القبول:21-9-2024
ملخص
يهدف هذا البحث الى توصيف واقع الغابات الصنوبريّة في لبنان، والمشاكل التي تصيب هذا القطاع، الذي طالما كان مورد رزق لآلاف العائلات اللبنانيّة. وفي ما بعض الأسباب يعود الى تغيّرات في التّوازن البيئي، ما أدّى الى انتشار أوبئة وحشرات جديدة، تبيَّن أيضًا أنّ الطرق التقليديّة التي دأب المستثمر اللبناني عليها، لم تعُد صالحة ومنتِجة في هذه الأيّام. لذلك، لا بدّ من وضع خطّة عمل يلتزم بها كل العاملين في هذا القطاع، من مالكين ومستثمرين وهيئات استشاريّة، هدفها ترميم الغابات المعمِّرة، واستصلاح أراضٍ جديدة، واعتماد الوسائل الحديثة التي أثبتت فعّاليتها في بعض دول أوروبا المتوسّطيّة.
الكلمات المفتاحيّة: الغابات الصنوبريّة في لبنان – واقعها – مشاكلها – الحلول الناجعة.
summary
This research aims to describe the reality of conifer forests in Lebanon and the problems affecting this sector, which has long been a source of livelihood for thousands of Lebanese families. While some of the reasons are related to changes in the environmental balance, which led to the spread of new epidemics and insects, it also became clear that the traditional methods that the Lebanese investors used to follow are no longer valid and productive these days. Therefore, it is necessary to develop an action plan that all workers in this sector, including owners, investors, and advisory bodies, adhere to, with the goal of restoring old-growth forests, reclaiming new lands, and adopting modern methods that have proven their efficiency in some European Mediterranean countries.
Keywords: conifer forests in Lebanon – their reality – their problems – effective solutions.
صورة رقم 1: غابة الصنوبر في بكاسين – جزين (كاميرا ج. الحاج 2021). |
عرفت بعض السّفوح الجبليّة اللبنانيّة، انتشارًا واسعًا لغابات الصنوبر المثمر (Pinus Pinea) والتي أضفت عليها رونقًا دائم الخضرة، كما كانت مورد رزق لعائلاتٍ وبلديّاتٍ ومؤسّساتٍ دينيّة على مدى عشرات السنين. سوف نعالج في هذه البحث مسألتين اثنتين:
المسألة الأولى : أهميّة قطاع الصنوبر، وأماكن انتشاره، والعوائق والأخطار المحدِقة به.
المسألة الثانية : المعالجات المعتمَدة، والمبادرات المنتِجة، وضرورة وضع خطط لدعم القطاع وتحسين فرص الاستثمار.
(ملاحظة: المقصود بالصنوبر في هذه البحث هو حصريًّا الصّنوبر المثمر).
فرضيّات البحث: يتضمّن هذا البحث عدّة فرضيّات طبيعيّة واجتماعيّة-اقتصاديّة، نختصرها بما يلي :
- هناك متغيّرات مناخيّة تساهم بانتشار أوبئة وحشرات، كان الصنوبر، الى وقت قريب، بمنأىً عنها.
- هناك متغيّرات في الأنشطة الاقتصاديّة عند أبناء الريف انعكست تراجعًا في الاهتمام بهذا القطاع.
- للحفاظ على هذه الثروة الطبيعيّة، من الضروري الاقتداء بدول متوسطيّة عمِلت على تطوير تقنيّات هذه الزراعة، وحقّقت نجاحات ملموسة.
أهداف البحث: يهدف هذا البحث الى توصيف الواقع، الطبيعي كما الاقتصادي، لقطاع الصنوبر في لبنان، كما يسعى الى الإضاءة على بعض الوسائل الجديدة المعتمَدة في حوض المتوسط، للنهوض به.
أسباب اختيار الموضوع : بعد عدّة انتكاسات شهدها القطاع الزراعي في لبنان، بات من الضروري التنبّه الى التّدهور الذي يطال أصنافًا طالما دعمت النّاتج المحلّي بقسط كبير من العائدات الماليّة ومنها الصنوبر، كما أنّ الغابات الصنوبريّة تشكّل جزءًا من الغطاء النباتي المهدّد. لذلك، لا بدّ من البحث عن حلول مستدامة، لهذه الثروة قبل أن تصبح من الماضي.
أولًا: واقع الغابات الصنوبريّة
تُجمِع الدّراسات الحديثة على أنّ الغابات الصنوبريّة تميل الى التدهور، (Chouchani B. & al., 1975)، (Abi Saleh B. & al., 1976)، (Abi-Saleh, 1988)، (Nakhoul J. & al, 2020)، إذ تعاني من مشاكل عديدة، بعضها بسبب العوامل الطبيعيّة، والبعض الآخر بسبب تلكّؤ المعنيّين عن المعالجة. ما هي أهميّة الصنوبر؟ أين ينتشر؟ وما هي الصّعوبات التي تواجهه؟
1. أهمية الصنوبر: شكّل الصنوبر على مدى عشرات السّنين، أحد المقوّمات الاقتصاديّة للرّيف اللبنانيّ من خلال العائدات الماليّة([2])، وفرص العمل التي كان يوفّرها في المراحل جميعها، بالإضافة الى تأمين كميّات من الحطب للتّدفئة وصناعة القطران.
قد لا يشكّل الانتاج المحلّي للصنوبر وزنًا راجحًا في ميزان التّجارة العالميّة([3])، فهو لم يتجاوز في يوم من الأيّام 0.24% من الإنتاج العالمي، كما لم تشكّل المساحة الصنوبريّة في لبنان أكثر من 1.4% من
مساحة الغابات الصنوبريّة في الدول المتوسطيّة (Nakhoul, 2020). إلّا أنّه على الصعيد المحلّي، فقد ساهم بحصّة من الناتج العام. وقد استمرّ الوضع جيّدًا حتى العام 2013([4])، بعد ذلك، بدأ التّراجع بحجم الإنتاج في لبنان حتى بلغ في العام 2020، 30 % ممّا كانت عليه المحاصيل في السابق. تتمثّل أهميّة الصنوبر بما يلي :
1.1. وفرة الإنتاجيّة والعائدات الماليّة: تقدّر إنتاجيّة الصنوبر في لبنان، حين تكون الظروف ملائمة، وبمعدّل وسطي، بما يلي :
- يتراوح معدّل الإنتاج من الأكواز ما بين 4 و 7 طن / هكتار / السنة، وكل35 كلغ من الأكواز تنتج حوالى كلغ واحد من البذور السوداء، وكل 5 كلغ من البذور السّوداء تنتج كلغ واحدًا من البذور البيضاء (Ravenel E. & Rojas-Briales H., 2013).
- تراوح الحجم الإجمالي من البذور السّوداء ما بين 1500 و3000 طن بالسنة (جدول رقم 1)، وتدرّج الناتج العام من 20 مليون دولار في 2005، الى 42 مليون دولار في 2009، (وزارة الزراعة، 2006)، (وزارة الزراعة، 2009) حتى بلغ 85 مليون دولار في 2013([5]).
السنة | 2005 | 2006 | 2007 | 2008 | 2009 |
الانتاج (البذور السوداء بالطن) | 1500 | 1410 | 1508 | 2383 | 3170 |
المساحة (هكتار) | 6277 | 5640 | 5800 | 5410 | 5597 |
الصادرات (البذور البيضاء بالطن) | 12 | 13 | 4 | 71 | 201 |
جدول رقم 1: أهميّة الصنوبر الاقتصاديّة في مدّة تعدُّ منتِجة (من مصادر متعدّدة).
1.2. استخدامات متنوّعة
- الصناعات الغذائيّة : تدخل البذور البيضاء في صناعة الكثير من الحلويات والأطباق العربيّة، بالإضافة الى عدِّها عنصرًا غذائيًّا مفيدًا للصحّة.
- الحطب : تراوحت الكميّات المقتطعة ما بين 2 و 10 طن / هكتار / السّنة(Nemer, 2015)، أيّ ما مجموعه ما بين 24 و 120 ألف طن بالسّنة، والطن الواحد بـ 200 دولار.
- القطران : تنتُج هذه المادّة عن عمليّة التقطير للجذور ولبّ الجذوع المعمّرة، وكانت ترشّ في محيط المنازل لحمايتها من الزواحف (القطار د.، 1988).
1.3. الثروة الحرجيّة:على الرّغم من تراجعها الى ما بين 13% و 14% من مساحة لبنان الإجماليّة([6])، ما زالت غابات لبنان، ومن ضمنها الغابات الصنوبريّة، تؤمّن جزءًا من التّوازن الإيكولوجيّ بوصفها جزءًا من الدّورة الحياتيّة البرّيّة، من حيث الحفاظ على التربة من الانجراف وتنقية الهواء. وقد حافظت الغابات الصنوبريّة بصعوبة على نسبة مئويّة شبه ثابتة من إجماليّ الغابات في لبنان (أو سجّلت تراجعًا خفيفًا)، (جدول رقم 2). ويعدُّ انتاج الكربون معيارًا منخفضًا لسلامة الغابة الصنوبريّة، الذي يُقدّر في لبنان بـ 37 م³ / هكتار، مقابل من مائة الى ثلاثمائة م³ في أوروبا (Ravenel E. & Rojas-Briales H., 2013).
السنة | 1990 | 1995 | 2000 | 2005 | 2010 | 2015 | 2020 |
% مساحة الغابات الاجمالية / مساحة لبنان | 13.7 | 13.6 | 13.5 | 13.5 | 13.4 | 13.7 | 14 |
% مساحة الغابات الصنوبرية / مساحة الغابات | 9.5 | 9.8 | 9.4 | 9 | 8.8 | 8.5 | 8.2 |
% مساحة الغابات الصنوبرية / مساحة لبنان | 1.30 | 1.33 | 1.27 | 1.22 | 1.18 | 1.16 | 1.15 |
جدول رقم 2: تطور مساحة الغابات الاجمالية والصنوبريّة في لبنان ما بين 1990 و2020 (من مصادر متعدّدة).
1.4. فرص العمل: وفّر الصنوبر إعالة ما بين 50.000 و 70.000 عائلة([7]) (بين مالكين وعاملين)، لأبناء الرّيف اللبناني، فالعمل في هذا القطاع، يتنوّع بين القطاف، واستخراج البذور السّوداء، وتكسيرها لاستخراج البذور البيضاء، وصولًا الى التّوضيب والتّسويق والتّصدير، أضف اليها التشحيل والتّفريد.
2. أماكن وشروط الانتشار: شهدت غابات الصنوبر في حوض المتوسط تطوّرًا في المساحة من 700.000 الى 750.000 هكتارًا (Fady B. & al., 2004)، في العام 2004، الى 819.000 هكتارًا، في العام 2015، بفضل الاستثمارات الجديدة التي شهدتها بعض دول أوروبا، (Laplace, 2015)، (الجدول رقم 3). أمّا في لبنان، فتنتشر زراعة الصنوبر في أقضية جزين، الشوف، بعبدا، المتن وبشري وصولًا الى عكار (Abi Saleh B. & Safi S., 1988)، وتتفاوت التقديرات للمساحة الإجماليّة، بين مصدر وآخر، بحسب السنوات، كما يظهر في الجدول رقم 4.
إسبانيا | البرتغال | إيطاليا | تركيا | تونس | فرنسا | لبنان | المجموع ألف هكتار | |
سنة 2004 | 470 | 80 | 40 | 50 | – | – | 14 | 700 – 750 |
سنة 2015 | 490 | 187 | 46 | 43 | 21 | 13.5 | 12 | 819 |
جدول رقم 3: تطور مساحات الغابات الصنوبريّة في حوض المتوسط بين 2004 و2015 (مصادر متعدّدة)
السنة | المساحة (هكتار) | المصدر |
1945 | 12.000 | (Tissot, 1947) |
1965 | 10.268 | (Dereix & al., 1999) |
1975 | 10.900 (7.900 على التربة الرمليّة، و3.000 على سائر أنواع التربة) | (Chouchani B. & al., 1975) |
1995 | 14.000 (بفضل حملات التشجير التي نشطت برعاية وزارة الزراعة ومنظّمات الأمم المتحدة) | (Nakhoul, 2020) |
1998 | 4.384 (ضمن حيازات زراعيّة محدّدة) | (وزارة الزراعة، 2012) |
2004 | 12.000 | (FAO, 2004 A) |
2005 | 12.740 (7.943 غابات صنوبر + 4.797 غابات مختلطة) | (Dalsgaard, 2005) و (Sfeir, 2011) |
2007 | 5.800 (ضمن حيازات زراعيّة محدّدة) | (وزارة الزراعة، 2006) |
2010 | 5.874 (ضمن حيازات زراعيّة محدّدة) | (وزارة الزراعة، 2012) |
2017 | 12.000 ( بينها جبل لبنان الأوسط 7.200) | (الفاو، 2017) |
جدول رقم 4: تطور مساحة الغابات الصنوبرية في لبنان بين 1945 و 2017([8]).
يحدّد وجود الصنوبر معياران أساسيّان، هما التربة والمناخ (خريطة رقم 1). فالتّربة الكلسيّة والتّربة الحمراء تتوافقان مع المناخ المتوسطيّ الدافيء (Themoméditerranéen)، أمّا التّربة الرّمليّة، فهي تجد في المناخ المتوسطيّ المعتدل والبارد البيئة المناسبة (Mésoméditerranéen et Supraméditerranéen) (Abi Saleh B. & al., 1976). وتفضّل شجرة الصنوبر التّربة الرمليّة، حيث نسبة الرّمل فيها فوق الخمسين بالمائة، وتتميّز بتهوئة جيّدة وتركيبة هشّة (friable) (Dannaoui, 1981). كما أنّ معدل الحمض فيها (PH) منخفض (5.5) بالمقارنة مع التّربة الكلسيّة والتّربة الحمراء (8.5).
أمّا مناخيًّا، فالأفضل للصنوبر أن يُزرع في البيئات التي تتراوح حرارتها بين 10° كمعدل للحرارة الدنيا و17 ° كمعدل للحرارة القصوى، وتتراوح أمطارها بين 700 و 1000 ملم بالسنة (Sbay, 2016)، (الفاو، 2017)، على الرّغم من أنّنا قد نجدها بنسب أقلّ، في المناطق التي لا تتلقّى دون هذا المستوى من الأمطار (Nemer, 2015).
من العناصر الغذائيّة المهمّة التي تتطلّبها شجرة الصّنوبر من التّربة، الكالسيوم والآزوت، بدرجة عالية، بالإضافة الى عناصر أخرى، يبيّنها الجدول رقم 5 في كلّ من التربة الحمراء والتربة الرمليّة (Dannaoui, 1981).
خريطة رقم 1: مناطق توزّع غابات الصنوبر في لبنان. المصدر : وزارة الزراعة اللبنانيّة. |
أخيرًا، في في ظروف بيئيّة سليمة، تنتج الأوراق الإبريّة المتساقطة كميّات من هذه العناصر تقدّر بـ 88-89 كلغ/هكتار/السنة في التربة الحمراء، و63 كلغ/هكتار/السنة (المصدر السابق).
العنصر
نوع التربة |
Na | K | Ca | Mg | N | P |
التربة الحمراء | 2 | 4.92 | 46 | 8.9 | 22.6 | 3.7 |
التربة الرمليّة | 1.89 | 2.76 | 27.3 | 10.7 | 19.4 | 1.6 |
التربة البيضاء | 1.3 | 3 | 68.6 | 3.5 | 11.4 | 0.7 |
جدول رقم 5: انتاج بعض أنواع التربة للمعادن الأساسيّة (كلغ/هكتار/السنة) في السلسلة الغذائيّة لشجرة الصنوبر (Dannaoui, 1981)
3. العوائق المستجدّة: تلتقي الدراسات حول واقع غابات الصنوبر في لبنان الذي تراجع في السّنوات الأخيرة بشكل واضح. وقد تظهّر ذلك من خلال مؤشّرات ثلاثة وهي :
خريطة رقم 2: متوسط أعمار شجر الصنوبر في غابة بكاسين (سيدرو، 2016) |
- عمر الشّجرة : يتراوح عمر الشّجرة، في معظم المناطق اللبنانيّة، ما بين 70 و100 سنة (Nakhoul J., Prévosto B., 2020)، وهذا دليل على غياب أيّ استثمارات حديثة، يُعوّل عليها. وما نلاحظه في غابة بكاسين هو أصدق تعبير عن هذه الظاهرة حيث تتراوح أعمار الشّجر بين 60 و 130 سنة مع استثناءات قليلة (خريطة رقم 2).
- العجز : تبدو مظاهر العجز، حتى على الأشجار الفتيّة، من خلال الجذوع الضعيفة النّمو، وترهّل الأغصان الحديثة، وارتفاع نسبة اليباس، وصغر حجم الأكواز وقلّة الانتاجيّة، أيّ أنّها اقتربت من بلوغ عمرها البيولوجي الأقصى وباتت تفتقد الى التجدّد الطبيعي(الفاو، 2017).
- الكثافة : في المراحل الأولى من عمر الشّجرة تكون الكثافة مرتفعة (850 شجرة / هكتار) (Nakhoul, 2020)، تتدنّى مع الوقت الى 400 شجرة / هكتار لتصل أحيانًا الى 200 شجرة وأقلّ. وهذا ما نراه في غابة بكاسين التي تراجعت فيها الكثافة الى ما دون 300 / هكتار (خريطة رقم 3).
يضاف الى هذه المؤشرات، الظروف الطبيعيّة والبشريّة غير المؤاتية والأخطار المحدِقة، وهي :
بالمقارنة بين الغابة الصنوبريّة وأيّ غابة أخرى وخصوصًا السنديان، نرى أنّ الأولى محكومة بعدّة عوائق طبيعيّة وبشريّة، لا تسمح لها بالنمو الطبيعي كما يؤمَل لها، وهذه العوائق هي :
3.1.1. محدوديّة التنوّع البيولوجي
تفتقر الغابات الصنوبريّة في لبنان الى التنوّع البيولوجي، الذي تشهده غابات السنديان أو الصنوبر البرّي (Pinus Brutia). وذلك يعود الى تعمّد المزارعين منذ القِدم، على إبادة كل أنواع الأشجار والأعشاب الطفيليّة غير المرغوب فيها، بالحرق أو بالاقتلاع، لكي يسهل القطاف وجمع الأكواز. وهكذا نرى في الغابات المهمَلة انتشار الشجيرات الطفيليّة([9]) (Abi Saleh B. & Safi S., 1988).
3.1.2. عدم قدرة الصنوبر على التجدّد
من النادر جدًّا أن نرى شتولًا حديثة (Nakhoul J., Prévosto B., 2020)، نبتت جرّاء سقوط البذور السّوداء، ذلك أنّ نبوتها يستوجب نسبة منخفضة من الضوء في البداية، وتوازنًا في معدّل الرطوبة، وتحضيرًا للتربة بالتسميد والتهوئة وإزالة النباتات الطفيليّة. ففي الغابات المعمّرة، تصعب فرص نمو الشتول الصغيرة، بسبب هيمنة النباتات والشجيرات الصغيرة عليها (Adili, 2012).
يعود ضعف الاستثمار في قطاع الصنوبر، أو حتى غيابه، الى : بطء نموّ الشّجرة وتأخّرها في إعطاء الثمر، وارتفاع كلفة استصلاح الأرض في مساحات جديدة، وصعوبة ترميم الغابات القديمة، وانخفاض عدد الشّباب المحلّيّين العاملين في قطاف الصنوبر، وارتفاع كلفة الأجور لليد العاملة الأجنبيّة.
3.2. الأخطار المحدِقة بالصنوبر:هناك أنواع عديدة من الأخطار التي تتهدّد الصنوبر وأبرزها:
منذ نهاية القرن الماضي، انكبّت الدول الأوروبيّة المتوسطيّة على دراسة مخاطر التغيّر المناخيّة([10]) التي تهدّد غابات الصنوبر فيها. وقد لاحظ المراقبون في منطقة (Le Var)، الواقعة جنوب فرنسا، تراجع المواسم نتيجة العوامل المناخيّة غير المؤاتية (Penpoul C. & Laplace S., 2017)، واندثار 20 % من الغابات الصنوبريّة (Vennetier, 2020). وفي الإطار عينه أكّدت الأبحاث في المنطقة نفسها أنّ خارطة توزّع الغابات الصنوبريّة سوف تنحسر من الجنوب الفرنسي لصالح مساحات جديدة في الشمال، أو مرتفعات جديدة (Laplace, 2015).
أمّا في لبنان، فقد لاحظ العاملون في الصنوبر في منطقة المتن (جبل لبنان الأوسط)، أن المناطق المتوسطة الارتفاع في أرصون وجوارها (بين 700 و 800 م)، كانت هي الأكثر تأثّرًا بالمتغيّرات المناخيّة وخصوصًا ارتفاع الحرارة، وشهدت تراجعًا كبيرًا في مواسمها، بالعكس عن المناطق العليا في قرنايل وجوارها (بين 1150 و 1250 م) التي حافظت على مستوى الانتاج فيها وجودته([11]).
3.2.2. الأمراض والحشرات الفتّاكة
تتعرّض الغابات الصنوبريّة الى مجموعة من الأمراض التي تفتك بها، بعضها ينتمي الى الفطريّات والبعض الآخر تسبّبه بعض فصائل من الحشرات. نذكر في ما يلي الأكثر شيوعًا في حوض المتوسط :
- خنفساء قتح الصنوبـر (tomicus destruens) التي ظهرت لأول مرّة في لبنان سنة 2002. وهي الآن تنتشر بشكل واسع في معظم الأماكن بين مختلف أنواع الصنوبر. هناك أصناف مشابهة لهذه الخنفساء، أشهرها حفار السّاق (Cerambycid) الذي يعدُّ من أخطر الحشرات، كذلك الأمر لما يعرف بـ (Monochamus Stutor)(الفاو، 2017).
- حشرة البقّ، المعروفة باسم Leptoglossus occidentalis وهي من الأسباب الرئيسة لتراجع المحاصيل (Penpoul C. & Laplace S., 2017) في سويسرا، واليونان وتركيا، وفي الشرق الأوسط، وقد اجتاحت هذه الحشرة غابات إيطاليا في 1999، ومنذ تلك السنة بدأت المواسم بالتّراجع. ومنذ 2005، بدأت انتشارها في معظم غابات لبنان (Nemer N. & al., 2019)، وهي كانت السّبب لـ 35% من الأضرار التي تصيب البذور في المتن، إذ يتكوّن الكوز بشكل كامل مع وجود حبوب فارغة، أو بشكل أعوج وأجوف (Zghaib, 2016).
- الفطريّات، وأشهرها ما يعرف بـ سفايروبسيس (Sphaeropsis)، وكولليبي (Collybie) المعروفة علميًّا باسم (Strobilurus stephanocystis)، كما تنتشر فصيلة أخرى تعرف بــ (Leptographium procerum) . معظم هذه الفطريّات يؤدّي الى مرض التبقّع الذي يتسبّب بيباس الأوراق والأغصان الطريّة.
- دودة الصندل، أو ما يعرف بجادوب الصنوبر، تتنوّع بفصائلها، وتتشابه بخطرها، وتعرف باسم (Thaumetopoea pityocampa ou wilkinsoni). تقتات هذه الحشرة بالأوراق الإبريّة للصنوبر، ما يؤدّي الى تعرية الشجرة، في فصل الربيع والى يباس الشّجرة أحيانًا. تنتشر هذه الحشرة في غابات الصنوبر البرّي (Pinus Brutia) والصّنوبر الحلبي (Pinus Halepensis) في معظم غابات لبنان، بأعداد كبيرة جدًّا عمّا نجده في الصّنوبر المثمر، إلّا أنّ بعض التجارب على أصناف من النّمل أثبتت محاربتها لهذه الحشرة والقضاء عليها بنسبة عالية (Tohmé G & H, 1982).
- الدّودة الخيّاطة (الحديثة الاكتشاف Bursaphelenchus xylophilus) تنتقل هذه الحشرة بواسطة بعض الخنافس ومن أبرزها Monochamus galloprovincialis، (Lieutier F. & al., 2009)، و(الفاو، 2018).
عانت الغابات الصنوبريّة من سلبيّات التّعامل البشري، ما انعكس تراجعًا بالمساحات، وترهّلَ الشجرات، وفي ما يلي بعض جوانبها :
صورة رقم 2: إنحناء الصنوبر على منحدرات بلدة الحرف – جزين. (كاميرا ج. الحاج) |
قلّة العناية بالشجرة
تحتاج غابات الصنوبر الى عمليّات التفريد في المرحلة الأولى من عمرها (بين خمس سنوات وعشرين سنة)، والى التّشحيل بشكل دوريّ في ما بعد (كل أربع الى خمس سنوات). لذلك، عند إهمال هذه الاجراءات، وعند إهمال القواعد الزراعيّة الصحيحة([12])، ترتفع نسبة الأغصان اليابسة التي تعيق بدورها نمو الأغصان الجديدة، ما يؤدّي الى تزايد موائل الفطريّات والحشرات المؤذية فيها، ودفع هيكل الشجرة للانحناء، خصوصًا على المنحدرات، سعيًا الى التعرّض لمزيد من أضواء الشّمس (الصورة رقم 2).
في أحدث إحصاء للمركز الوطني للاستشعار عن بعد، التّابع للمجلس الوطني للبحوث العلميّة، اشتعل في لبنان 3501 حريقًا في خلال العام 2023، 503 منها أتت على أشجار مثمرة و709 وقعت في الغابات ومنها الصنوبر([13]). و على الرّغم من نصائح العارفين والاختصّاصيّين، لم يقتنع المستثمرون الّذين يعمدون الى حرق أرضيّة الغابات كوسيلة سريعة وفعّالة للعثور على الأكواز بأنّهم يدمّرون الغابة، وتربتَها، والتّوازن الإيكولوجيّ فيها. وفي هذا الإطار، ربط د. سليم ديب، في دراسة له حول منطقة جزين، تلك الأسباب بهويّة المستثمرين (بعضهم غير لبنانيّين) الّذين يضمنون الموسم لسنة واحدة (ديب، 1998)، حيث يلجأون الى حرق الأعشاب والشجيرات ما يعرّض الطبقة العضويّة الى الاندثار.
ج-
صورة رقم 3: حريق كبير يلتهم أحراج عاصون الضنيّة 24/4/2021. (الصورة عن موقع الأنباء الالكتروني ) |
التوسّع العمراني
شهدت عدة مناطق في لبنان انتشارًا، عمرانيًّا غالبًا ما كان على حساب الغطاء النباتي المكوّن من مناطق زراعيّة وغابات. في هذا الإطار، تؤكّد أرقام المجلس الوطني للبحوث العلميّة (د. فاعور وفرداي، 2016) أنّ محافظة جبل لبنان بين العامين 1994 و 2013، شهدت ارتفاعًا في نسبة المساحات المبنيّة من 11% الى 16%، وشهدت محافظة الجنوب ارتفاعًا من 4% الى 10%، بينما تراوحت هذه النّسبة على مستوى لبنان ككلّ بين 5% و 8%. ومن المتوقّع أن تشهد المناطق المتوسطة الارتفاع (بين 500 م و 1000 م) والتي تضمّ معظم غابات الصنوبر، السّرعة الأكبر في التمدّد العمراني لأنّ ما دون 500 م أصبحت مكتظّة، وما فوق 1000 م ليست ملائمة للسكن بشكل دائم ومنتج.
صورة رقم 4: فوق، أشجار الصنوبر في جوار بسري سنة 2008، تحت، المرامل سنة 2023. (المصدر : (Google Earth |
تعدُّ المرامل من الموارد الطبيعيّة ذات الأرباح السّريعة، ما شجّع الكثيرين على قطع الأشجار والحفر في الطبقات الرمليّة التي تربو سماكتها في بعض أماكن جزين على 250 مترًا، وفي مرتفعات بيت مري على 150 مترًا (Tixier, 1972). وهذا ما حدث في جوار مرج بسري، على الجانبين، بُعَيد استملاك الأراضي لتنفيذ مشروع سدّ بسري، الذي توقّف في أيلول 2020، حيث أنشئت عدة مرامل في السفوح المطلّة على مرج بسري، ما زال بعضها مستثمرًا حتى اليوم (الصورة رقم 4).
ه- المنافسة وعوائق التصريف
مع غياب التعاونيّات الزراعيّة والمؤسّسات التّجاريّة المتخصّصة، جملة عوائق سجّلت حول تصريف الانتاج. ففي تصريح لموقع الراية القطريّة([14])، عرض أحد تجّار الصنوبر “رجا صالحة” في 1 شباط 2010 للمشكلات التي يتعرّض لها قطاع الصنوبر اللبناني، وأبرزها المنافسة والتهريب خصوصًا من تركيا، حيث يُهرَّب الصنوبر التّركي ليباع في الأسواق اللبنانيّة بأسعار زهيدة.
و- الصّيد الجائر
يشكّل الصيد الجائر للطيور البرّيّة خسارة كبيرة للغابات. فالطيور العابرة والمستوطنة تؤدي دورًا في تخفيف أعداد الحشرات التي تقتات بها، ومن أبرزها طائر القيقب([15])، المستوطِن في غابات لبنان وبات في السنوات الأخيرة بتناقص ملحوظ.
4. النتيجة : تراجع المحاصيل
سوف نبيّن من خلال بعض العيّنات التي توفّرت لدينا، ومن مصادر موثوقة في منطقتي جزين والمتن، المنحى التنازلي لكميّات الانتاج في السنوات الأخيرة([16]).
رسم بياني 1: تطور انتاج الصنوبر (بالكلغ) في حرج قيتولي بين 2017 و2021 |
العيّنة الأولى : حرج قيتولي
بلغت محاصيل الصنوبر في حرج قيتولي، في العام 2017، وهي آخر السنوات المنتِجة، 15.000 كلغ من البذور السوداء، أي 3000 كلغ من البذور البيضاء، وكان السّعر الوسطي 60 دولار للكلغ، وهذا ما يوازي 180.000 دولار / السنة، ولكنّه لم يتجاوز في العام 2021 مستوى 350 كلغ أسود، أي 3750$ فقط([17]). هذا التراجع هو نتيجة الحرائق التي التهمت مساحات كبيرة لعدّة مرّات([18]).
4.2. العيّنة الثانية : منطقة قرطاضة (المتن)
في شهادة أحد المستثمرين الكبار (وسيم الياس) في منطقة قرطاضة، أن مؤشّرات التّراجع بدأت تلوح منذ 2014، بسبب الجفاف الّذي سمح لعدة أنواع من الحشرات بالنّمو (ذُكرت في الفقرة 3.2.2). وما يثبّت ذلك أنّ صنوبر المتن الأعلى (قرنايل وجوارها) لم يتضرّر، كسائر المناطق الوسطى. أمّا عن الانتاجيّة، فيقول إنّ في الماضي، كان القنطار (250 كلغ) من الكروز ينتج ما بين أربعين وخمسين كلغ من البذور السّوداء، بينما تدنّى هذا الرقم الى العشرين كلغ حاليّا، وربّما أقلّ قي المستقبل.
لقد بادرت عدّة دول في حوض المتوسط الى تطوير زراعة الصنوبر، وزيادة المساحات الزراعيّة، ومعالجة المشاكل التي تفتك به، خصوصًا بعد خطة الإصلاح الزراعي التي وضعها الاتحاد الأوروبي سنة 1992 (Mutke S. & al., 2012). فمنذ الخمسينيات بدأت فرنسا بإجراء أبحاث على تكيّف مختلف الأصناف الصنوبريّة الموجودة في حوض المتوسط، ودراسة مدى نجاح زراعتها في أماكن جديدة، معظمها في وسط وشمال البلاد (Sbay H. & Hajib S., 2016). وفي ما بعد، أطلقت بإشراف مركز الأبحاث حول الغابات([19])، برنامجًا يتمحور حول التّطوير الجيني للصنوبر من خلال أصناف مستوردة من عشر دول متوسطيّة([20])، وإدخالها في المشاريع الجديدة عبر التّهجين والتّطعيم (Fady B. & Vauthier D., 2011). بالموازاة، سعت البرتغال أيضًا الى تطوير هذه الزراعة وحقّقت نتائج مهمّة تمثّلت بزيادة المساحة من 80 الى 187 ألف هكتار، والانتاج من 1050الى 4000 طن من البذور البيضاء (Cabannes, 2015).
تنوّعت طرق المعالجة، بحسب الإمكانيّات المتوفّرة لدى الجهة التي تقوم بالعمل ووفقًا لتجارب أثبتت نجاحها، ومن بينها :
يعدُّ الرّش بالمبيدات الكيماويّة من الوسائل الضّروريّة لحماية الصنوبر على غرار الأشجار المثمرة والخضار. ومن الأفضل أن تحصل عمليّة الرّش، في الخريف، أيّ بُعَيد مرحلة تفقيس البيوض. وهذا ما قامت به وزارة الزراعة اللبنانيّة في خريف 2021، لمكافحة دودة الصّندل، عندما استعانت بطوّافات الجيش اللبناني للرشّ بمادة الباسيلوس وهي مادة حيويّة بيولوجيّة صديقة للبيئة([21]). وبسبب ارتفاع الصنوبر، لا بديل عن المروحيّات لتقوم بهذه المهمّة([22]).
وبحسب مصادر وزارة الزراعة اللبنانيّة([23])، المادة الأساسيّة المستعملة هي (Deltamethrin) الكفيلة بمكافحة حشرة البقّ والتي اعتمدت في فرنسا على الرغم من عدِّها خطيرة على الصّعيد البيئي (Delorme R & al., 2013). بالإضافة الى المبيدات الكيماويّة، هناك محاولات طموحة لتكون أكثر ملاءمة مع التّوازن البيئيّ، تستخدم فيها بعض أنواع البكتيريا مثل Bacillus thurengiensis التي لديها القدرة على سد الجهاز الهضمي لليراعات، فتفتك بها من دون التأثير السلبيّ على سواها (Nemer, 2015).
جرت العادة أن تُزرع نصوب الصنوبر، في البداية، بكثافة عالية ( 1000 / الهكتار). وذلك تحسّبًا لفقدان عدد منها جرّاء عوامل طبيعيّة وبشريّة. وهذا ما يفرض التّفريد في خلال الخمس وعشرين سنة الأولى، والتّشحيل عند الضرورة، لتأمين المساحة الضروريّة لكل شجرة وهي ما بين 42 و 50 م²/الشجرة (Nakhoul, 2020). بعدها، تتوقّف عمليّة التفريد لتستمر عمليّة التّشحيل كل خمس الى عشر سنوات بحسب سرعة النمو (Nemer, 2015).
أمّا التشحيل، فهو عمليّة إزالة الأغصان اليابسة أو المريضة، أو التي تحمل أعشاش الحشرات والفطريّات. بعد القطع، تُحرَق الأغصان المصابة، أو إبعادها عن الشّجرات السّليمة، لكي تمنع انتقال العدوى الى الأغصان السّليمة.
من فوائد التّفريد والتّشحيل ما تمنحه أشعّة الشمس من مناعة وتعقيم للصنوبر من جهة، وتخفيض استهلاك المياه للشجرة ما يسمح لها بتحمّل حِقب الجفاف لمدّة أطول من جهة ثانية.
صورة رقم 5: حرج فتيّ بحاجة الى تفريد وتشحيل، في جوار دير مشموشة – جزين، (كاميرا ج. الحاج) |
تَعتمِد طريقة التفخيخ على زرع أكياس خاصّة على جذوع الشجر، مهمّتها التقاط الحشرات حين تنزل عن الأغصان والجذوع للتزاوج ووضع البيض في التربة. من غير الممكن، عمليًّا، أن تعتمد هذه الطريقة للغابات الواسعة، ولكنّها تكون ناجعة في بعض المحميّات والملكيّات الصغيرة، على غرار التجربة التي حصلت في أحراج بلدة أرصون – المتن، حيث رُكِّب 74 فخًّا في الغابة ذات المساحة 200 دونم، والتقطت 3673 حشرة صنّفت بـ 13 نوعًا (Zghaib, 2016)، والتّجربة المماثلة في فرنسا لدراسة الدودة الخياطة، وطريقة انتقالها عبر حشرة أخرى (Monochamus) (Lieutier F. & al., 2009).
1.4. تحويل الغابات الصنوبريّة الى محميّات
حين تكتسب الغابة الصنوبريّة صفة المحميّة الطبيعيّة بقرار من الحكومة، تختلف أُطُر التّعامل معها، ويرتفع منسوب الاهتمام الفردي كما الجَماعي، ويصبح الحفاظ عليها أمرًا واقعًا مرتكزًا على النّظم والمفاهيم الإيكولوجيّة الصحيحة. على سبيل المثال، صُنّفت غابة بكاسين “غابة محميّة” مــن وزارة الزراعة بموجب القرار 1/3 في 8/12/1997، وفاقًا للقانون الوطني للغابات 1949 وأصبحت الغابة تُدار منذ ذلك التاريخ، بحسب الإجراءات القانونيّة والإداريّة لوزارة الزراعة([24]).
من العناصر المهمّة في هذه المعادلة، الحفاظ على الطيور المستوطنة والعابرة التي تقتات على الدّيدان والحشرات المؤذية للصّنوبر (خاصّة القيقب)، وتساهم في تقليص أعدادها.
مبادرات لدعم قطاع الصنوبر
أمام الأخطار الطبيعيّة والاقتصاديّة التي تتهدّد قطاع الصنوبر، لم تتردّد نقابة مزارعي الصنوبر في لبنان في طلب الدعم من وزارة الزراعة، إن من جهة تخفيف المنافسة عبر الاستيراد من بعض الدّول([25])، أو من جهة الاحتياجات الزراعيّة اللّازمة لمكافحة الحشرات والآفات ولتأمين الأسمدة والأدوية بكلفة معقولة. وكانت الوعود دائمًا “بتوجيه الكادرات المختصّة في الوزارة، بإعداد دراسات حول مشاكل القطاع ووضع الحلول بأسرع وقت ممكن”([26]). إذن، لا بدّ من أخذ المبادرة، والاقتداء بأصحاب التّجارب الناجحة في العالم.
من بين الدول المتوسطيّة التي وضعت برامج لحماية وتطوير الغابات الصنوبريّة، كانت إسبانيا والبرتغال وإيطاليا من الدول السبّاقة، وحاليًّا فرنسا واليونان وتركيا وتونس التي تلحق بالركب، ولو بنسب متفاوتة (Laplace, 2015). تشمل هذه البرامج مراقبة النمو والانتاج وسلامة الغابة كما تعمل على زيادة المساحات المزروعة. فالبرتغال مثلًا، استطاعت أن تزيد مساحة الغابات الصنوبريّة من 80.000 هكتارًا في نهاية الثمانينيات الى 120.000 في 1995، و176.000 في 2010 و187.000 في 2015. وبذلك حقّقت نموًّا بالانتاج من 1050 طن في 2000 الى 4.000 في 2010، (Cabannes, 2015)، وباستثمار 40 مليون يورو في هذا المجال (Santos-Matos, 2015).
كما أنّ التجارب المخبريّة أثبتت أن زراعة الشّتول الصنوبريّة هي أكثر ضمانة من البذور، ونسبة نجاحها أعلى بكثير، بالإضافة الى فعاليّة التّطعيم (صورة رقم 7) للشتول الصّغيرة (بعمر 2 الى 3 سنوات) من شجرة بالغة، التي تختصر سنوات الانتظار المقدّرة بين خمس عشرة وخمس وعشرين سنة الى دون الخمس سنوات (Penpoul C. & Laplace S., 2017)، وهذه التقنيّة عرفتها بعض البلدان العربيّة كالمغرب، واعتمدتها منذ ما يزيد عن العشر سنوات (Sbay, 2016).
صورة رقم 7: مراحل تطعيم نصوب الصنوبر الصغيرة في المغرب. المصدر: (Sbay H. & Lamhamedi M.S., 2015) |
بالموازاة، ركّزت عدّة مراكز أبحاث زراعيّة في أوروبا وفي شمال أفريقيا على نوعيّة الأسمدة([27]) الأكثر فعّاليّة للصنوبر، فكانت النتيجة مضاعفة الإنتاج ثلاث مرات (Sbay, 2016).
لم يعرف الصنوبر على غرار المشاريع الزراعيّة الدّاعمة([28]) مشروعًا حصريًّا به. وقد لا نجد في البرامج الحكوميّة أيّ إشارة لقطاع الصنوبر، إلّا إذا عُدَّ كجزء من الثروة الحرجيّة، حيث تصبح وزارة البيئة في مقدّمة المعنيّين، أو كجزء من الناتج المحلّي وحلقة من ضمن الدّورة الاقتصاديّة التي تشرف عليها مديريّة الدّراسات والتّنسيق في وزارة الزراعة اللبنانيّة. ما هو الدور المطلوب من القطاعين، العام والخاص في لبنان؟
2.2.1. القطاع العام : مشاريع وانتظار
لم تكن المشكلة في أيّ يوم من الأيّام، في وضع الخطط والبرامج، بل بالمتابعة والتّنفيذ، وهذا ما تحتاجه غابات الصنوبر كما سائر الغابات في لبنان. وقد شكّلت إحدى المبادرات التي أطلقتها وزارة الزراعة بين 2014 و2015، وحملت عنوان “المشروع الوطني للغابات” (Mohanna, C & al, 2015) محطّة مهمّة في تحديد دور القطاع العام. تهدف هذه المبادرة الى إطلاق حملة متكاملة للحفاظ على الغابات وتنميتها – ومن ضمنها الصنوبر – ووضع الجميع أمام مسؤوليّاتهم. ومن بين الأهداف الأساسيّة التي توُفِق عليها : إنشاء البيانات الوطنيّة وتحديثها، تعزيز إدارة الأراضي الحرجيّة، إقامة إدارة مستدامة للغابات، والتخطيط لترميم الأراضي المتدهورة ومواجهة التربة التآكل والتصحر، دعم المشاريع الصغيرة والفرص الاقتصاديّة الخضراء… وغيرها من القرارات والتّوجيهات التي تخدم الأهداف الموضوعة. إلّا أنّ المفارقة كانت ببقاء الأمور من دون أيّ تغيير على الأرض.
2.2.2. القطاع الخاص : استثمارات محدودة
بادر بعض المستثمرين في قطاع الصنوبر، بخطوات أسهمت في تحوّلٍ نوعيّ بالأنشطة الاقتصاديّة المنتِجة، فشهدت المناطق الريفيّة أفكارًا جديدة هدفها الاستثمار في مجالات بيئيّة، ورياضيّة، وتجاريّة، وغيرها، سوف نشهد أهميّتها من خلال النموذجين الرائدين اللّذين عرفتهما منطقة جزين وهما :
صورة رقم 8: بيت الصنوبر (J. Grove) في منطقة ضهر الرملة. (كاميرا ج. الحاج) |
شكّل بيت الصنوبر (صورة رقم 8) خطوة متماهية مع الأفكار الاستثماريّة الجديدة، والملائمة للموارد الطبيعيّة والبشريّة المتوفّرة في الأرياف. جرى إطلاق هذا المشروع في منطقة ضهر الرملة (قضاء جزين) في 27 نيسان 2016، وقد أُنشىء بدعم من برنامج “تنمية القطاعات الانتاجيّة في لبنان” (LIVCD) المموّل من “الوكالة الاميركية للتنمية الدّوليّة” بالتّعاون مع وزراة الزراعة وعدد من المتموّلين من المنطقة. يؤمّن المشروع العشرات من فرص العمل المباشرة وغير المباشرة لأبناء المنطقة، كما يساهم في تصريف الانتاج الزراعي (الصنوبر وغيره) الى أسواق محلّيّة وخارجيّة. تتنوّع الأصناف والمنتوجات الزراعيّة التي تُسوَّق من خلاله، وهذه ميزة تجاريّة قريبة من فكرة التّعاونيّة الزّراعيّة بإدارة موحّدة، التي تعتمد معايير الجودة والأسعار المنافِسة.
صورة رقم 9: أحد البيوت الخشبيّة في مشروع غابة بكاسين (كاميرا ج. الحاج). |
هو مشروع استثماريّ سياحيّ في قلب غابة بكاسين المملوكة 100% من البلديّة. يتألّف المشروع من مجموعة من البيوت الخشبيّة (صورة رقم 9) التي تتراوح مساحتها بين 20 و60 م²، بالإضافة الى مطعم وملعب للعديد من الأنشطة الترفيهيّة والرياضيّة. كما يضمّ أجنحة للتسوّق من المنتجات البلديّة والأشغال الحرفيّة المحليّة، ويوفّر النشاطات الرّياضيّة ومعدّاتها، فضلًا عن التمتّع بالطبيعة الخلّابة، واكتشاف المغاور والمطاحن، ومراقبة الطيور، والتخييم… وغيرها.
أمّا التمويل، فقد أمّنته عدة أطراف خارجيّين ومحلّيّين، كالاتحاد الأوروبي واتحاد بلديّات منطقة جزين ومستثمرين من القطاع الخاص وفي طليعتهم شركة([29])Knee Roots sarl ، وأشخاص ميسورين من أبناء المنطقة.
كما في كل أزمة اقتصاديّة، لا بدّ من خارطة طريق ترسم مراحل العمل الضروريّة لاستنهاض القطاعات المتعثّرة. وبهدف الحفاظ على الص~نوبر في لبنان كمورد اقتصاديّ وبيئيّ، لا بدّ من طرح بعض الاقتراحات التي من شأنها أن تؤسّس لمستقبل أفضل، من خلال خطوات عملانيّة، في مقدّمها :
من دواعي ترميم الغابات، أنّ الشجرة الفتيّة تستطيع أن تتأقلم مع المتغيّرات المناخيّة أكثر من الشّجرة المعمّرة التي باتت عرضة لأمراض وحشراتٍ فتّاكة، فضلًا عن أنّ الشّجرة الفتيّة تبدأ بالإثمار في سنواتها الخمس الأولى. لذلك، أيّا يكن السبب الّذي أدّى الى زوال المساحات الكبيرة من غابات الصنوبر (حرائق، يباس، حشرات، قطع…)، من الضّروري أن تبادر الجهات المسؤولة (الوزارات والبلديّات والجمعيّات) الى حملات تشجير تعيد المشهد الى ما كان عليه من قبل.
3.2. تنظيم التّفريد والتّشحيل
مع انتظام التّفريد والتّشحيل، من الممكن أن نبدأ بزراعة كثيفة لحوالى 1.100 شجرة / الهكتار، بأشكال هندسيّة صحيحة، ومن ثمّ نقوم بتخفيف العدد تدريجيًّا الى أن يصل الى ما بين 170 و 200 شجرة / الهكتار. بهذه الطريقة نكون قد حصلنا، الى جانب مواسم الأكواز، على كميّات كبيرة من الخشب والحطب في خلال هذه المدة، شرط التقيّد بقواعد التشحيل الصحيحة.
3.3. تغذية التربة
بهدف ضمان الاستثمار سريعًا، لا بدّ من تحضير المكان من خلال إزالة كل الأعشاب والشّجيرات الطفيليّة، وتسميد التربة. كما يجب الانتباه باستعمال الأسمدة العضويّة، وعدم الإكثار منها لأنّ ذلك يؤثّر سلبًا على الجذوع والجذور خصوصًا في التربة الرمليّة (Mutke S. & al., 2012).
3.4. مكافحة الحرائق، والوقاية منها
في إطار حماية غابات الصنوبر من الحرائق، نذكّر بالبرنامج الوطني للغابات (2015-2025)، الذي أطلقته وزارة الزراعة اللبنانيّة، الذي ركّز على موضوع مكافحة الحرائق، والمراقبة والتّجهيز والتّواصل الآلي والبشري، وضرورة إنشائه (Mohanna, C & al, 2015).
بالإفادة من تجربة الدول المتوسّطيّة التي عملت حكوماتها على تحسين واقع الغابات الصنوبريّة (Penpoul C. & Laplace S., 2017)، (Cabannes, 2015)، نأمل من الدّولة اللبنانيّة أن تأخذ المبادرة وتضع برنامجًا متكاملًا، على غرار الخطة الشاملة لترتيب الأراضي في العام 1993، يعيد قطاع الصنوبر الى فعّاليّته في الدورة عمّا قدّمته وزارة الزراعة اللبنانيّة ، (وزارة الزراعة، 2012).
إضافة الى التخطيط والمراقبة، تتطلّب المشكلة تدخّلًا إجراءات تحفيزيّة من الدولة كتصفير الضرائب والرسوم التي تطال المستثمرين في الصّنوبر، وتخفيف أعباء الطاقة والشّحن والتّصدير.
بين أهميّة الصّنوبر الاقتصاديّة والبيئيّة، وواقعه الصّعب، تبدو مساعي المعالجة أقلّ بكثير ممّا هو مطلوب. ففي حال أردنا المحافظة على هذا المورد، علينا أن نقتدي بالدّول التي بادرت وخطّطت ونجحت، معتمدين على الإدارة الجيّدة والرساميل الطموحة، والتنسيق بين كافّة الأطراف المعنيّة. في النهاية، إنْ لم تبادر الدولة اللبنانيّة الى اتّخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب، فسوف تذهب الأمور من سيّئ لأسوأ.
الهوامش
[1] –طالب في المعهد العالي للدكتوراه في الجامعة اللبنانيّة، الآداب والعلوم الإنسانيّة والاجتماعيّة.
PhD student at the Lebanese University, Faculty of Arts, Humanities and Social Sciences Mail: jh.hage58@hotmail.com
[1] – الأستاذ المشرف، أستاذ دكتور في الجامعة اللبنانيّة الآداب والعلوم الإنسانيّة- قسم الجغرافيا.
Professeur superviseur, Professeur Docteur à l’Université Libanaise des Arts et des Sciences Humaines – Département de Géographie. Email: antoineghossain@gmail.com
[2] – يتراوح الانتاج بين 300.000 و 600.000 كلغ من البذور البيضاء وسعر الكلغ بين 55 و 73 $ أميركيًّا (بحسب نشرات وزارة الاقتصاد).
[3] – تراوح الانتاج العالمي في السنوات الأخيرة بين 11.550 طن كحدّ أدنى (2011 – 2012) و 39.900 طن كحدّ أقصى (2014 – 2015) (عن موقع statista.frالالكتروني).
[4] -عالميّا، تراجع المحصول الى حدود 37% بسبب انتشار حشرة البق المعروفة علميًّا باسم Leptoglossus occidentalis، (Sbay H. & Hajib S., 2016). أمّا محليًّا، فقد كان سجّل حرج بكاسين، تراجعًا من ما يوازي 330.000 دولار أميركي في 2013، الى الثلث في 2020، بحسب تصريح رئيس بلديّة بكاسين لجريدة الشرق الأوسط – الموقع الالكتروني – بتاريخ 4 حزيران 2021.
[5] – بلغت العائدات الماليّة هذا المستوى، بحسب رئيس نقابة مزارعي الصنوبر في لبنان الياس نعيمة، من بينها مليونا دولار من عائدات التصدير (وزارة الزراعة، 2009)
[6] – الموقع الالكتروني للبنك الدولي 2020.
[7] – بحسب ما صرّح به رئيس نقابة مزارعي الصنوبر في لبنان الياس نعيمه.
[8] – تتفاوت الأرقام بين وزارة الزراعة والمصادر الأخرى، كون الوزارة لا تحتسب إلّا الملكيّات المصرّح عنها بشكل رسمي.
[9] – كالسنديان (Quercus) والشوكيّات (Calicotome spinosa) والوزّال (Spartium junceum) وغيرها.
[10] – المفهوم بالتغيّر المناخي يتمثّل بارتفاع درجة الحرارة (0.5° صيفًا و0.2° شتاءً (Vennetier, 2020) وتفاوت في مستويات الهطول والرطوبة، وتراجع بعدد أيّام الهطول بنسبة 10% بين 1970 و 1995، ونسبة 20% بين 1970 و 2002 (Traboulsi, 2012)، وهبوب عواصف وإعصارات غير اعتياديّة.
[11]– كما صرّح أحد المستثمرين في منطقة المتن الأوسط السيّد وسيم الياس.
[12]– كتأمين التربة الصالحة الغنيّة بالعناصر المغذّية، وتعريض الشجيرات الى ما يكفي من الضوء، وإزالة الأعشاب الطفيليّة من محيطها.
[13] – موقع جريدة الأخبار بتاريخ 21/9/2023
[14]– raya.com 1/10/2010
[15]– المعروف باسم القيقوب أو القيقوبة، واسمه العلمي Clamator Glandarius
[16] -لا استقرار في مستوى المحاصيل العالميّة ولكن التغيّرات تبقى ضمن نسب معقولة. أمّا في لبنان فقد هبطت الأرقام الى حدود قياسيّة (10%).
[17] – مصدر المعلومات : بلديّة قيتولي
[18] – كان أخطرها في صيف 2002، 2015، و2019.
[19]– Le centre de recherché forestière
[20]– كان لبنان من بينها، وشملت أربعة أماكن.
[21] – الموقع الالكتروني للوكالة الوطنية للإعلام بتاريخ 15 تشرين الثاني 2021: افتتاح حملة مكافحة حشرة الصندل في قاعدة بيروت الجويّة.
[22] – مقتطف من أحد بيانات مديرية التّوجيه في قيادة الجيش اللبناني في 16/9/2015 : “في إطار المهمات الإنمائيّة التي ينفذها الجيش، وبالتنسيق مع وزارة الزراعة، قامت طوافات تابعة للقوات الجوية برش مبيدات خاصة بمكافحة حشرة Leptoglossus، فوق أحراج الصنوبر المثمر في جبل لبنان. وقد شملت المهمة عدّة مناطق في المتن.
[23] – الموقع الالكتروني لوزارة الزراعة في 2 حزيران 2020.
[24] – من الإجراءات المهمّة توسيع شبكة الطرقات فيها، التشحيل في الأوقات المناسبة، ترميم الغابة بشتول جديدة، وتشجيع السياحة البيئيّة بأهداف توعويّة واستثماريّة.
[25]– أهمّها باكستان وأفغانستان والصين وتركيا وحديثًا إسبانيا عن موقع الراية 1/شباط/2010، تحت عنوان أشجار الصنوبر ذهب لبنان الأبيض.
[26] – عن موقع وزارة الزراعة اللبنانية 22/آذار/2022، إثر لقاء وزير الزراعة د.عباس الحاج حسن رئيس نقابة مزارعي الصنوبر في لبنان الياس النعيمة، والدكتور نبيل نمر للبحث في دعم القطاع.
[27] – الأسمدة الكيماويّة الغنيّة بالفوسفور (من 450 الى 600 كلغ / هكتار) وكلورور البوتاسيوم (250 كلغ / هكتار) والدولومي (800 كلغ/هكتار).
[28] – المشروع الأخضر في 1963، ومكتب الحبوب والشّمندر السكّري في 1967، وإدارة حصر التّبغ والتّنباك في 1935.
[29] – التي تملكها السيّدة تانيا ناضر المتخصّصة في المجال السّياحي.
المراجع
1-Abi Saleh B. & al. (1976). Les séries forestières de végétation au Liban Essai d’interprétation schématique. Bulletin de la Société Botanique de France, pp. pp. 541-560.
2-Abi Saleh B. & Safi S. (1988). Carte de la végétation du Liban. Ecologia mediterranea, tome 14 n°1-2, pp. pp. 123-141.
3-Abi-Saleh, B. (1988). Etude phytosociologique, phytodynamique et écologique des peuplements sylvatiques du Liban : signification bioclimatique et essai de cartographie dynamique. Thèse (PhD), Université Aix-Marseille.
4-Adili, B. (2012). Croissance, fructification et régénération naturelle des peuplements artificiels de Pin pignon (Pinus pinea L.) au nord de la Tunisie. Sciences agricoles. Université Blaise Pascal Clermont-Ferrand – II.
5-Cabannes, B. (2015). Le pin pignon, une opportunité pour la forêt provençale. forêt méditerranéenne , pp. pp. 37-48.
6-Chouchani B. & al. (1975). A propos de quelques groupements forestiers du Liban. Ecologia mediterranea, pp. pp. 63-77.
7-Dalsgaard, S. (2005). National Forest and Tree Assessment and Inventory, TCP/LEB/2903 – Final report. FAO and ministry of agriculture.
8-Dannaoui, S. (1981). Dannaoui S. Production de litière et restitution en sol d’éléments biogènes dans les peuplements méditerranéens de Pinus pinea L. et Pinus brutia Ten. Ecologia mediterranea, pp. pp. 13-25.
9-Delorme R & al. (2013). Méthodes de lutte alternatives à l’épandage aérien de produits phytosanitaires contre les processionnaires du pin et du chêne en conditions urbaines. Agence Nationale de Sécurité Sanitaire de l’Alimentation, de l’Environnement et du Travail, p. 66.
10-Dereix & al. (1999). Récolte et Conservation des Graines forestières, Pepiniere de plants forestiers, Reboisement. Forêt Méditerranéenne.
11-Fady B. & al. (2004). Technical guidelines for genetic conservation and use, Italian stone pine. EUFORGEN Conifers Network.
12-Fady B. & Vauthier D. (2011). Main results from the french mediterranean pinus pinea comparative field tests in Besacier Ch., Ducci F., Malagnoux M., Souvannavong O., (Eds.), 2011. Silva Mediterranean, Rome, pp. 152-156.
13-FAO. (2004 A). FAO Forest department. country brief for Lebanon. Récupéré sur FRA website.
14-Ibrahim M. & al. (1982). Economie de l’eau d’un écosystème à Pinus pinea L. du littoral méditerranéen. Annales des sciences forestières.
15-ILT at NDU. (2010). L’Emīr Fakhreddine al-Maʿnī II1, Biographie et Réalisations,1572-1635. Institute of Lebanese Thought at Notre Dame University – Louaize, Lebanon.
16-Laplace, S. (2015). Valorisation possible des peuplements de pin pignon (Pinus pinea L.) à travers la production de pignons de pin dans le Var. Mémoire de fin d’études. AgroParisTech.
17-Lieutier F. & al. (2009). Le nématode du pin et sa dissémination : le point des connaissances. Université d’Orléans.
18-Mohanna, C & al. (2015). Lebanon National Forest Program 2015-2025. Ministry of Agriculture.
19-Mutke S. & al. (2012). Mediterranean Stone Pine: Botany and Horticulture. Horticultural Reviews, pp. pp. 152-201.
20-Nakhoul J. & al. (2020). Vegetation dynamics and regeneration of Pinus pinea forests in Mount Lebanon: towards the progressive disappearance of pine. Ecological Engineering.
21-Nakhoul J., Prévosto B. (2020). Le pin pignon au Liban : quel avenir pour les peuplements? Forêt Méditerranéenne, pp. pp. 91-100.
22-Nakhoul, J. (2020). Dynamique et facteurs influençant la régénération naturelle de Pinus pinea L. au Mont Liban. Aix-Marseille Université.
23-Nemer N. & al. (2019). First records of the invasive species Leptoglossus occidentalis Heidemann (Hemiptera: Coreidae) on different coniferous species including the cedars of Lebanon. USEK.
24-Nemer, N. (2015). Report on insect pests associated with conelet losses and their management in Pinus pinea forests in Lebanon. Kaslik: USEK.
25-Pagnoux, C. (2018). Émergence, développement et diversification de l’arboriculture en Grèce du Néolithique à l’époque romaine : confrontation des données archéobotaniques, morphométriques, épigraphiques et littéraires. Paris: Université Panthéon-Sorbonne.
26-Penpoul C. & Laplace S. (2017). Développer la filière pignon de pin dans le Var. Forêt Méditerranéenne, pp. pp. 3-18.
27-Pique, M. (2013). Gestion des forêts de pin parasol (Pinus pinea L.) pour la production de pignon dans la zone méditerranéenne. Forêt Méditerranéenne, pp. pp. 59-62.
28-Rave, M.-C. (2020, Octobre 9). Oiseaux et papillons au jardin. La punaise américaine s’invite dans nos maisons.
29-Ravenel E. & Rojas-Briales H. (2013). Etat des forêts méditerranéennes. FAO E-ISBN 978-92-5-207538-7 (PDF).
30-Roukoz, S. (2005). Final Report – National Consultant Mapping and Remote Sensing TCP/LEB/2903. Beyrouth: MOA.
31-Santos-Matos, G. (2015, décembre 30). La Filière Pin Pignon au Portugal. Récupéré sur ASL Suberaie Varoise.
32-Sbay H. & Hajib S. (2016). Le pin pignon, Une espèce de choix dans le contexte des changements climatiques. Centre de recherche forestière.
33-Sbay H. & Lamhamedi M.S. (2015). Le greffage. Guide pratique de multiplication vegetative des especes forestieres et agroforestieres : Techniques de valorisation et de conservation des espèces a usages multiples face aux changements climatiques en Afrique du Nord., pp. pp. 35-62.
34-Sbay, H. (2016). Le pin pignon, une espèce de choix dans le contexte des changements climatique. Forest research center Morocco.
35-Sfeir, P. (2011). Stone Pine & Pine Nuts Production In Lebanon. Agropine.
36-Thirgood, H. (1981). Man and the Mediterranean Forest, a History of Resource Depletion. Academic Press.
37-Tissot, P. (1947). L’Agriculture libanaise : son présent et son avenir. Revue internationale de botanique appliquée et d’agriculture, pp. pp. 110-119.
38-Tixier, B. (1972). Le grès de base, Crétacé du Liban. Etude stratigraphique et sédimentologique. Notes et Mémoires sur le moyen-Orient, pp. 187-215.
39-Tohmé G & H. (1982, Septembre-octobre). Action de quelques espèces de fourmis sur la chenille processionnaire Thaumetopoea au Liban et leur comportement en présence de cette chenille. Bulletin de la Société entomologique de France, pp. pp. 321-325.
40-Traboulsi, M. (2012, Janvier). La saison pluvieuse au Proche-Orient : une tendance au raccourcissement. Climatologie, pp. 9-29.
41-Vennetier, M. (2020). Forêts et changement climatique, Le constat en région méditerranéenne. Sciences Eaux & Territoires, pp. pp. 18-25.
42-Zghaib, Y. (2016). Entomofauna’s study of pinwoods pinus pinea and biological study of the alien invasive western pine bug leptoglossus occidentalis heidemann in Metn region, Lebanon. USEK.
-34الفاو. (2017). الخطوط التوجيهيّة حول الإدارة المتكاملة لغابات الصّنوبر المثمر المستدامة في لبنان. TCP/LEB/3501، صفحة 48.
-44الفاو. (2018). النشرة الإخباريّة لوقاية النّبات في البلدان العربيّة والشّرق الأدنى، 33.
-45د. إلياس القطار. (1988). صناعات ريفيّة في طريق الزوال: صناعة القطران. حنون، الصفحات 57-64.
-46د. إلياس القطار. (2022). دير ومدرسة سيّدة مشموشة (1736-2022) من النّشأة الى اليوم. منشورات دير سيّدة مشموشة.
-47د. سليم ديب. (1998). النّمو العمراني في مدينة جزين وتدهور الوسط الطبيعي. حنون، الصفحات 39 – 50.
-48د. فاعور وفرداي. (2016). اندفاع قوي للعمران. أطلس لبنان، الصفحات 54-55.
دار الهندسة. (2014). مشروع زيادة إمدادات المياه لمنطقة بيروت الكبرى – تقييم الأثر البيئي والاجتماعي. مجلس الإنماء والإعمار.
-49سابا وفيغاه. (2016). خطة إدارة غابة الصنوبر المثمر في بلدية بكاسين، حصاد بقايا الوقود الخشبي. UNDP.
-50سيدرو. (2016). خطة إدارة غابة الصنوبر المثمر في بلدية بكاسين، حصاد بقايا الوقود الخشبي. UNDP.
-51وزارة الزراعة. (2006). الزراعة في لبنان 2006 – 2007. منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة.
-52وزارة الزراعة. (2009). الزراعة في لبنان 2008 – 2009. منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة.
-53وزارة الزراعة. (2012). النتائج العامة للإحصاء الزراعي الشامل 2010. وزارة الزراعة اللبنانية بالتعاون مع منظمة الفاو.