عنوان البحث: استکشاف جوانب جديدة من ملامح الرومانسيّة العربيّة في شعر الغزل لأبي بكر بن داود الأصفهاني
اسم الكاتب: فائزة بسندی، مهسا خلیلیان
تاريخ النشر: 19/03/2025
اسم المجلة: مجلة أوراق ثقافية
عدد المجلة: 36
تحميل البحث بصيغة PDFاستکشاف جوانب جديدة من ملامح الرومانسيّة العربيّة في شعر الغزل لأبي بكر بن داود الأصفهاني
Exploring new aspects of the features of Arab romanticism in the erotic poetry of Abu Bakr Ibn Dawood Al-Isfahani
فائزة بسندی[1] Dr. Faezeh Pasandi
مهسا خلیلیان[2] hsa KhalilianMa
تاريخ الإرسال: 2025-1-11 تاريخ القبول: 2025-1-26
الملخص turnit in:10%

الرومانسيّة هي إحدى الحركات الأدبيّة المهمة في أواخر القرن الثّامن عشر في أوروبا، إذ تمردت على القواعد الكلاسيكيّة، وأدخلت عناصر جديدة في الأدب مثل الحب، والعواطف الجياشة، والخيال الواسع. كما كانت تمثل ابتعادًا من الواقع واللجوء إلى الطبيعة. دخلت الرومانسيّة، أو ما يُطلق عليها المدرسة الإبداعيّة إلى الأدب العربي في القرن العشرين، وبرز فيها عنصر الفرديّة أو الذاتيّة والعاطفة بشكل أكثر وضوحًا من بقية عناصرها.
أبو بكر محمد بن داود الأصفهاني، الملقب بالظاهري، هو شاعر شهير من أصل إيراني وشخصية فريدة في العصر العباسي الثاني. يُعدُّ رمزًا من رموز الفكر الإسلامي. في هذه الدّراسة، سنقوم بتحليل 706 أبيات شعريّة من ديوانه، ونستكشف تأثيرها على تطور مضامين الغزل، وأثرها على تطور الأدب حتى ظهور ملامح المدرسة الرّومانسيّة العربيّة في هذا العصر، وذلك بناءً على المنهج الوصفي-التحليلي، وسنقارن نتائج البحث في شكل جداول إحصائيّة.
تُظهر نتائج هذا البحث أنّ العناصر الرومانسيّة تتوافق بشكل ملحوظ مع أشعاره، إذ تشير النتائج إلى أنّ عنصر الحب يمتلك أعلى نسبة 40.2%، بينما عنصر الاجتماع يمتلك أقل نسبة 3.2%. ويمتاز شعره الإبداعي بأسلوب التجديد، متأثرًا بالثقافة الفارسيّة، مع هيمنة الحب والعاطفة، والانطوائيّة، والتحرر من قيود المعاني والموضوعات العقلانيّة والكلاسيكيّة. يعكس شعره الانحرافات في عصره بناءً على التجربة الذاتية، مع التركيز على اللاشعورية، مما يؤدي إلى الهروب من المجتمع وقيوده نحو الطبيعة، والخيال، والميتافيزيقا. لذلك، يمكن عدُّ هذا الشّاعر الإيراني رائدًا من رواد مذهب الرومانسية العربية في عصره.

الکلمات المفاتيح: أبوبكر محمد بن داود الأصفهاني، ملامح الرومانسية، العصر العباسي، الغزل.
Abstract
Romanticism is one of the significant literary movements of the late 18th century in Europe, rebelling against classical rules and introducing new elements into literature, such as love, intense emotions, and broad imagination. It also represented a departure from reality and a retreat into nature. Romanticism, or what is known as the creative school, entered Arabic literature in the 20th century, where individuality, subjectivity, and emotion became more pronounced than in its other elements.
Abu Bakr Muhammad Ibn Dawood Al-Isfahani, nicknamed Al-Zahiri, is a famous poet of Iranian origin and a unique figure in the second Abbasid era. He is considered a symbol of Islamic thought. In this study, we will analyze 706 verses from his diwan and explore their influence on the development of the themes of erotic poetry and their impact on the evolution of literature until the emergence of features of Arab romanticism in this era. This analysis will be based on a descriptive-analytical approach, with findings compared in the form of statistical tables.
The results of this research show that romantic elements align significantly with his poetry. The findings indicate that the element of love possesses the highest percentage at 40.2%, while the element of social interaction has the lowest percentage at 3.2%. His creative poetry is characterized by a renewed style, influenced by Persian culture, with a predominance of love, emotion, introversion, and liberation from the constraints of rational and classical meanings and subjects. His poetry reflects the deviations of his time based on personal experience, focusing on the unconscious, leading to an escape from society and its constraints toward nature, imagination, and metaphysics. Therefore, this Iranian poet can be considered a pioneer of Arab romanticism in his era.
Keywords: Abu Bakr Muhammad Ibn Dawood Al-Isfahani, features of romanticism, Abbasid era, erotic poetry.
- المقدّمة: تُعدُّ الرومانسية حركة فكريّة وفنيّة مرتبطة بالتغيرات الثوريّة التي شهدتها أوروبا والولايات المتحدة الناشئة من القرن الثامن عشر حتى القرن التاسع عشر الميلادي. وعلى الرّغم من تأثيرها في مجالات الموسيقى والفنون البصريّة، فإنّها أثّرت أيضًا بشكل ملحوظ في الأدب. تمثل المدرسة الرومانسية في الأدب ثورة ضد القواعد الصارمة للكلاسيكية الجديدة، وهي تعبّر عن التركيز على الفردية وتبرز أهمية التجربة الشخصية والتعبير الذاتي (الأنا الذّاتيّة)، بالإضافة إلى الاهتمام بالعفويّة العاطفيّة([1]) كما تُبرز أهميّة التعبير الحر عن المشاعر والعواطف كوسيلة لفهم الذات، واللجوء إلى الطبيعة كاستجابة غير علمانية تقريبًا لها([2]).
شهد الأدب العربي منذ الحقبة الجاهليّة حتى العصر العباسي تحولات ملحوظة أضافت غنى ثقافيًّا وأدبيًّا للغة العربية. تشكّل في الجاهلية الشعر والنثر العربي تحت تأثير ثقافات متنوعة وتقاليد قبلية؛ مع بزوغ فجر الإسلام وظهور القرآن كظاهرة موحدة للغة العربية، شهد الأدب العربي نموًّا ملحوظًا نتيجة توافر العوامل والنّوافذ المشجعة. يعدُّ عصر الخلفاء الراشدين حقبة مميزة من الفتوحات الإسلامية، وقد أسهمت هذه الأحداث في تراجع الأدب في تلك الحقبة([3])؛ أمّا في العصر الأموي، فتتميز الحياة بالترف والغنى ما أتاح المجال لبداية ازدهار الأدب العربي وتطوره([4]).
كان العصر العباسي حقبة ذهبية في تاريخ الإسلام، فازدهرت الفنون والأدب الإسلامي بشكل ملحوظ. أدّت التأثيرات الثقافية المتنوعة، مثل الثقافة الإيرانيّة، إلى تضعيف العصبية العربية. وتركت الحريات الدّينيّة والاجتماعيّة في هذه المرحلة آثارًا عميقة على اللغة والأدب العربي([5])، وقد شهد الأدب تطورًا ملحوظًا في مختلف مجالات الشعر والنثر تبعًا لازدهار الحضارة. فالشّعر الذي كان يُعرف بديوان العرب شهد في هذه المدّة تنمية بارزة، وكان هذا التقدم واضحًا بشكل خاص في قالب الغزل وانتشر الغزل الإباحي. أما العصر العباسي الثاني، فلم يكن خاليًا من الغزل على الرّغم من أنّه لم يحظَ بالاهتمام الكافي. أبو بكر محمد بن داود الأصفهاني المعروف بالظاهري هو أحد الشّعراء الكبار من أصول إيرانية في هذا العصر، وله دور كبير في الغزل، تميّز غزله بالعفة والصفاء، وتفوّق فيه الحب الروحي على الحب الجسدي، ويعدُّ تجسيدًا للمشاعر النقية والروحانيّة([6]). يركز شعره على عناصر مذهب الرومانسيّة، مثل تأكيد الفردية، والعناية بالفنون البصريّة، والتّعبير الحرّ عن المشاعر الروحانيّة والعواطف النقية، مع المحافظة على الوزن والإيقاع، وأهمية الحب الروحي.
ليس من المصادفة أن يتزامن بروز الأدب الرومانسي مع التّحولات الجذريّة التي شهدتها الدول العربيّة في القرن العشرين([7])، إذ ساهمت هذه التغيرات في تشكيل ملامح هذا النوع الأدبي. تجلّت الرومانسيّة العربيّة بوضوح من خلال أعمال خليل مطران الذي أدّى دورًا كبيرًا في إدخال ملامح رومانسيّة من الأدب الفرنسي إلى الأدب العربي. تطور الأدب، ولا سيما الشعر العربي، في هذه المدّة نتيجة تدريجيّة لتأثير الثقافة الأوروبيّة الحديثة، ما أدى إلى إدخال تغييرات على الأسلوب والمضمون. في المقابل، واجه هذا التطور مقاومة من التقليديين الذين سعوا للحفاظ على التقاليد الكلاسيكيّة، مثل أهمية الإيقاع والوزن في الشعر العربي([8]). يتناول هذا البحث تحليل عناصر الرومانسيّة العربيّة في أشعار الشعراء الإيرانيين القدماء، مع التركيز بشكل خاص على أشعار أبي بكر محمد بن داود الأصفهاني، وقد اتبع نهجًا مختلفًا عن بقيّة الشعراء في عصره الذين اتجهوا نحو الأسلوب الکلاسيکي أو الغزل الإباحي؛ حينما سنقوم بتحليل أشعاره واكتشاف تأثيرها على تطور مضامين الغزل، وأثرها على الأدب حتى ظهور ملامح المدرسة الرومانسيّة العربيّة في هذا العصر، وسنقارن نتائج البحث في شكل جداول إحصائيّة.
يعدُّ هذا البحث مرجعًا مهمًا لأي باحث أو مهتم بالأدب العربي القديم، فهو يقدّم فهمًا أعمق لأحد شعراء العصر العباسي المهمّين من خلال أشعاره المختارة وتحليلاتها، كما يسلط الضوء على خصائص الأدب في هذا العصر المرتبطة بأحد مدارس الأدب المعاصرة المهمة.
1-1. أسئلة البحث: يسعى البحث الحالي للإجابة على الأسئلة الآتية:
- هل تتوافق عناصر مذهب الرومانسية مع خصائص الغزل في العصر العباسي الثاني؟
- هل يمكن أن يحدث توافق بين عناصر مذهب الرومانسية وأشعار أبي بكر داود الأصفهاني؟ وما مدى قوة هذا التوافق؟
- هل يمكن الادّعاء أن الغزل العفيف لأبي بكر داود الأصفهاني، كشاعر من أصول إيرانية، يُشكّل بداية لمذهب الرومانسية في الأدب العربي، وهو أحد الروّاد الرئيسين لهذه المدرسة؟
1-2. أهداف البحث وأهميته: یمكن تلخيص أهداف البحث وأهميته في النقاط الآتية:
- تحليل توافق عناصر مذهب الرومانسية مع خصائص الغزل في العصر العباسي الثاني.
- دراسة عناصر مذهب الرومانسية في أشعار أبي بكر داود الأصفهاني.
- تقييم تأثير أشعار هذا الشّاعر على مسار الغزل وتجلياته في مذهب الرومانسيّة.
- دراسة الفرضيّة القائلة إن الغزل العفيف وأشعار أبي بكر محمد بن داود الأصفهاني، يمكن أن يُعدّان بداية لمذهب الرومانسية في اللغة والأدب العربي، من دون الحاجة إلى إطلاق مصطلح محدد عليه.
1-3. طريقة البحث: يستخدم الباحث منهجًا علميًا يتضمّن التوصيف، والتّحليل الکمي والنّوعي لأشعار أبيبكر محمد بن داود الإصفهاني في إطار ملامح المدرسة الرومانسيّة العربية، ما يضيف قيمة علمية ورؤية جديدة إلى الدراسة ثم يقوم الباحث بمقارنة نتائج البحث في جداول إحصائيّة.
1-4. خلفيّة البحث: استنادًا إلى الأبحاث التي أُجريت في مجال الرومانسية والأشعار العربية، وكذلك الدراسات المتعلقة بالشّاعر المعني، أبي بكر محمد بن داود الأصفهاني، يمکن الإشارة إلی ما يلي:
- دراسة نوري حمودي القيسي (1972م) بعنوان «أوراق من ديوان أبي بكر محمد بن داود الأصفهاني: دراسة وتحقيق»، تهدف إلى دراسة وتحقيق المواضيع والأساليب الأدبية المستخدمة في مجموعة من أشعار الشّاعر والفيلسوف المعروف بأبيبكر محمد بن داود الأصفهاني ثم تقديم رؤى جديدة حول تأثيره في الأدب العربي.
- دراسة ريحانه ملازاده (1392ش) بعنوان «الملامح الرومانسيّة في شعر فدوی طوقان» تعالج شعر فدوی طوقان ليکشف المضامين الرومانسيّة المهمّة في مجموعاتها الشّعرية الأولی، وتستنتج أن فدوی کانت من أبرز ممثلی التيار الرومانسي بفسلطين لظهور مضامين الرومانسيّة في مجموعاتها الشّعرية منها العزلة، التغني بالحرية، الهدوء، الأحزان وغیرها.
- دراسة فائزه بسندي والآخرين (1393ش) بعنوان «أبوبكر محمد بن داود الأصفهاني، شاعر الحب العفيف»، تؤكد ازدهار الغزل العفيف في شعر أبيبکر الأصفهاني موضحة استخدامه لأساليب بلاغيّة متنوعة مع عدِّ كتابه «الزهرة» مصدرًا مهمًا لتاريخ شعر الحب.
- بحث جنيفر تابکين (2011م) بعنوان ” Themes Of The Poetry Of Muḥammad Ibn Dāwūd Al-Iṣfahānī In Kitāb Al-Zahra” تستعرض الموضوعات الأدبية لشعر ابن داود، بما في ذلك الفقه والشّعر والحب، بالإضافة إلى مهارته وتفوقه الشّعري، وتتناول أيديولوجيته الفكريّة في سياق المجتمع الإسلامي.
- دراسة ضياء ساري رحماواتي (2018م) بعنوان «رومانتيكية العاطفة والخيال في شعر الغزل لعنترة بن شداد (دراسة رومانتيكيّة)»، تُظهر النتائج أن شعر عنترة يعكس بوضوح عناصر الرّومانسيّة من خلال مشاعر الشّوق والحزن، مستخدمًا الخيال البياني لتصوير جمال عبلة.
- دراسة ندى بكري مساعد الزبير (2020م) بعنوان «من ملامح الرومانسيّة الحديثة في الأدب القديم عينيّة متمم بن نويرة في رثاء أخيه مالك نموذجًا»، تقارن بين رثاء متمم بن نويرة لأخيه وقصيدة «المساء» لخليل مطران، مشيرة إلى تأثير الطبيعة على مشاعر الشّاعرين ما يعكس انفعالات الإنسان كجزء أساسي من التجربة الأدبية.
- دراسة إياز نصیر (2022م) بعنوان «The Traditional Qaṣīdah and Kitāb al-Zahrah by Ibn Dāwūd al-Iṣfahānī» تناول دراسة هيكل القصيدة التّقليديّة في كتاب الزهرة. يُخصّص النصف الأول من الكتاب للشعر العاطفي بينما يتناول النصف الثاني أنواعًا مختلفة وخاصة الشعر الديني.
الجدير بالذكر أنّه خلال الدراسات التي أُجريت في المصادر ذات الصلة، لم يُعثر على أي بحث يتناول دراسة عناصر الرومانسية في شعر أبي بكر محمد بن داود الأصفهاني، أو في تأثيرها على الأدب العربي في العصر العباسي الثاني على نطاق عالمي. ومن هذا المنظور، يُعدُّ البحث المشار إليه مبتكرًا وأصيلًا.
- مدرسة الرومانسية وأبرز عناصرها: شهدت أوروبا في أواخر القرن الثامن عشر الميلادي، تحولات فكريّة وسياسيّة ملحوظة تأثرت بالأفكار الجديدة والمطالب الاجتماعية لمثقفي الطبقة الوسطى وثوراتهم ضد الأرستقراطيّة([9]). ظهرت الرومانسيّة كحركة ثقافية بارزة وأحد المذاهب الأدبيّة المهمّة في تاريخ الآداب الأوروبيّة، فتضم مجموعة من الحركات المماثلة كالحركة الأدبيّة، والفنيّة التي اعتمدت على الحبكة الرومانسيّة الدّاخليّة كوسيلة لاستكشاف الذات وعلاقاتها بالآخرين والطبيعة. وقد تميّزت هذه الحركة بتأكيدها أهمية الخيال الذي عُدّ قدرة أعلى وأكثر شمولًا من العقل([10]).
الرومانسية، لغة واصطلاحًا، مشتقة من كلمة “Romanius” (رومانيوس) التي كانت تُستخدم في المحاورات في روما([11])، وتنتهي بأنواعها في مختلف اللغات إلى اشتقاق من كلمة “Roman” (رومان) باللغة الفرنسيّة بمعنى القصة، أو الرواية التي تتضمن مغامرات خياليّة وعاطفيّة([12]).
بعبارة أخرى، تهتم الرومانسية بالشّعور والعواطف الإنسانيّة، وهي ضد القوانين الصّارمة والمعايير الجمالية للكلاسيكيّة. فهي تمثل تأكيدًا فكريًا وفنيًا لطابع إيجابي لنقائض النّفس البشريّة، إذ تعبّر عن مجالات التجربة الكامنة خلف العقل والمنطق بأسلوب مباشر وصادر عن القلب([13]).
ومن جهة أخرى، كانت الحركة الرومانسيّة تسعى إلى التحرر من التعقيدات، والقواعد الصارمة القديمة وسلطة النبلاء، ثم انتقل هذا النقد والتّمرد إلى مجالات أخرى بما في ذلك الأدب. وقد وجد الرومانسيون في مفهوم العبقرية المبدعة والإنسان الحر الذي يتمرد على القواعد الاجتماعيّة والتّقاليد الأخلاقية محورًا رئيسًا في الأدب([14])، ما أتاح لهم التعبير عن مشاعرهم وتجاربهم الإنسانية بطرق أعمق([15]).
في هذا السياق، جاء في معجم المصطلحات العربية أن الرومانسيّة تتعلق بشكل عام بحالة نفسية، خصائصها المهمّة زيادة الحساسية وعدم الرضا بما يملكه العقل والحكمة، وتندرج تحت هذا المعنى أزمات الإرادة والقلق، والإفراط في الاهتمام بالذات والرغبة في الهروب من الواقع الحاضر([16]). يُضاف إلى ذلك أنّ الرّومانسيّة في الأدب العربي هي تمرد الوجدان على الفكر، والغريزة على العقل، والعاطفة على الحكم، والنزعة الذاتية على الموضوعيّة، والخيال على الواقع، والتّعبير العاطفي على الضوابط العرفية، والحرية الفردية على النظام الاجتماعي، والديمقراطية على الأرستقراطية([17]).
يجدر بالذكر أن خليل مطران كان رائدًا لهذه المدرسة، إذ تمكن من نقل الرومانسية في القرن العشرين من الأدب الأوروبي والمسرحيات إلى الأدب العربي بفضل اطلاعه على الشعر الفرنسي خلال هجرته إلى فرنسا هربًا من الظلم العثماني، وتأثر بشعراء الرومانسية مثل لامرتين وموسيه([18]). وتنقسم الرّومانسيّة في الأدب العربي إلى ثلاثة روافد: “المهجر”، “مدرسة الديوان”، و”مدرسة أبولو”([19]).
من عناصر المدرسة الرومانسية المهمّة ، خاصة في الأدب العربي، يمكن الإشارة إلى ما يلي:
2-1. عنصر الحبّ: يعدُّ الحب، بجوانبه الإيجابيّة والسلبيّة، من الموضوعات الأساسية في الأدب، لكنه تميز بشكل خاص في الأدب الرومانسي. في حين أن الأدب الكلاسيكي ينظر إلى الحب كعنصر شرير، يحسب الأدب الرومانسي الحب وسيلة لتحقيق الفضيلة والسّمو([20]). بعبارة أخرى، يُعدّ الحب أو العشق من أبرز عناصر الرومانسيّة، يستخدمه الرومانسيون بشكل واعٍ تمامًا، مما يعكس فهمهم العميق لأهميته في التعبير عن المشاعر الإنسانية([21])؛ ويعكس أعمق العواطف في الكِيان النّفسي، وأقربها إلى غريزة التعبير عن النفس، وتحقيق الذات وإثباتها([22]).
2-2. عنصر الأنا الذاتيّة أو الفرديّة: إنّ الأدب الرومانسي وسيلة للتعبير عن الذات، ويتضمن هذا اعتبار الشعر تأملاً في العالم، ورؤية الذات للمعاني الشّعرية كخواطر للشخص وآرائه وتجارب حياته وأحوال نفسه. كانت دراسات الرومانسيين مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بعقائدهم، وكانت شخصياتهم دائمًا محور الاهتمام في أشعارهم. ومع ذلك، فإن التعبير عن جوانب هذه الشّخصيّة أو الذاتيّة سرعان ما يؤدي إلى أفكار وآراء فلسفيّة تتعلق بالمجتمع، وآرائهم حول مكانة الفرد فيه وموقفهم من العقائد والطبيعة التي يعيشون فيها([23]).
في هذا السياق، تمثل الرومانسية موقفًا أدبيًا وفلسفيًا يتجه نحو وضع الفرد في مركز الحياة والتجربة، وتعكس تحولًا من الموضوعية إلى الذاتيّة، وقد أسهمت هذه التصورات الرومانسية في تأسيس عالم حديث يدافع عن بعض درجات الدّيمقراطيّة([24]). في حين أنّ النّزعة الفرديّة في محتوى الشعر العربي أكثر وضوحًا من الرومانسية الغربية، يُعدُّ هذا من إبداعات الشّعراء الرومانسيين العرب([25]).
2-3. عنصر العاطفة: يعتمد الأدب الرومانسي على العواطف ویستخدم الرومانسي العاطفة للتعبير عن مشاعره بالصداقة، والخلوص ويفضلها على سيادة المنطق والعقل في الفن ويدعو إلی اتخّاذ العاطفة أساسًا في التجربة الفنيّة([26])؛ من جهة أخری، جاوزت المأساة المفهومَ التقليديَ لها فجاء تعديلها ليتناسب مع ذوق العصر الجديد، فتُعبّر هذه المأساة في الرومانسية بنوع من الغنائية الشعرية التي تصل إلى ذروة الكآبة وذروة الفرح المفرط ما يعكس العاطفة بشكل عميق([27])؛ بناء علی ذلك، الرومانسي غريب في عصره تتميّز عواطفه ومشاعره وشعره بطابع فردي.
2-4. عنصر الطبيعة: عنصر الطبيعة معين الرومانسيين الذي لاينضب فهم ينشدون السلوان فيها ويبثونها أحزانهم ويناظرون بين أحاسيسهم و مظاهرها؛ ويخاطبون الأشجار والأزهار والأنهار والنجوم وأمواج البحر([28]) من ناحية أخری، استجابة فعل الرومانسيين تجاه الطبيعة غير علمانيّة فالطبيعة بالنسبة إليهم كائن حي، إمّا أنها خُلقت بواسطة الخالق أو أنها موجودة بطريقة إلهية([29])؛ نتيجة لذلک، مجّد الرومانطيقيون العودةَ إلی الطبيعة عودة إلی الفطرة والذات، وهي إعادة الاعتبار إلی العفوية والحرية، وهي تجاوز للتقاليد بصيغها الإجتماعية والفنّية حتی أحسوا أن الطبيعة هي ملجأهم الوحيد، فهربوا إليها لتتخفف من الواقع المؤلم المرّ في حيآتهم أو في حياة ماضيهم وتبثونها آلامهم وشکواهم فکانت نقيضة لکلّ ما وجدوا فيها انتهاکا لحرية الإنسان ([30]).
2-5. عنصر الخيال:اتخّذت الرومانسيّة من الخيال مركبًا طبعًا يحبوبه أحاسيسهم فتترجم عن طريقه إلی صور موحية مسرعة، وقد برع في تلك الصور الشعرية جماعة من كبار شعرائهم أمثال «وردزورث» و«شيللي» و«بايرون»([31]). بمعنی آخر، للخيال لدى الرومانسي واسع النطاق مما يتيح له أن يظهر إبداعه وطابعه الخاص ثمّ يجسّد الحلم والخيال كأنهما حقيقة ولا يجني من وراء ذلك سوى ألم الفقد. وفاقًا لهذا الموضوع يوجد بين الرومانسيين مَن هو متفائل ومن هو متشائم لكن جميعهم يهربون من الواقعية ويلجأون إلى عالم الخيال([32]). لقد كان خيال الرومانسي خيالًا طموحًا، وجموحًا يتطلب مثالًا له من ذات نفسه والأحاسيس والعواطف لا تفصح عن نفسها إلاّ في صور ولاتسيغ إلاّ الصور([33]).
2-6. عنصر الاجتماع: المدرسة الرومنطيقيّة ألهمت النّغمة، وامتلأت بالحنين الطاغي، وبالكآبة والألم وبالنّفور من حياة المدينة وبالثورة على التقاليد والشرائع الاجتماعيّة([34]). بمعنی آخر، الرومنطيقي غريب عن مجتمعه فهو لم يستطع أن ينغمس في ملذاته فلجأ إلى الطبيعة وإلى التحليق في عالم الخيال مبتعدًا من المكان ومن المجتمع وعالمه المليء بالآلام والأحزان؛ فالغربة ليست غربة عن الذات بسبب نظرة الآخرين، ولكنها غربة ميتافيزيقيّة لإثبات الصلة بالمكان والزمان([35]) وأسبابها كثيرة قد تكون عدم الرضا عن الواقع، أو الشعور بالوحدة، أو الإحساس بالضعف، أو علاقات إجتماعية ضعيفة.
- التعرّف إلی أبي بكر محمد بن داود الأصفهاني: أبوبكر محمد بن داود الأصفهاني الملقب بــ”الظاهري” أصله إيراني وُلِد في بغداد العام 255 هـ وتوفى العام 297هـ. هو شخصية فريدة في العصر العباسي، بدأ بحفظ القرآن الكريم في سن السابعة، وبرز في مجالات الفقه والأدب والإفتاء في مسائل معقدة منذ صغره فقد كان يتناظر مع الأدباء والشعراء في سن مبكرة مثل مناظراته مع “ابن سريج القاضي”([36]). يُعدُّ الأصفهاني رمزًا من رموز الفكر الإسلامي، فترك أثرًا كبيرًا في مجالي الفقه والأدب؛ تولّى رئاسة المذهب الظاهري بعد وفاة والده داود بن علي ومكانته العلميّة الرفيعة جعلته محط احترام وتقدير في مجتمعه، فكانت حلقات دراسته تضم مئات الطلاب([37]).
يعدُّ ديوانه “الزهرة” من أبرز مؤلفاته العديدة وأحد المصادر المهمة للأدب العربي والنقد. يتناول الکتابُ موضوع الحب وأحواله، تصوير العواطف، تمجيد التاريخ والشعراء ويشتهر بأسلوبه الفريد، جماله اللغوي وعمق معانيه ما يجعله مرجعًا أدبيًا مهمًا يحتوي على أشعار متنوعة من عصور مختلفة([38]). فهذا الکتاب القيّم يجسّد الثقافة الأدبية في عصره، يجمع بين الفقه، والأدب بأسلوب فني مميز وتميز أسلوبه الأدبي بالعمق والبلاغة ما جعله يحظى بشهرة واسعة بين معاصريه، ويتضمن استخدام ألفاظ ومعانٍ حضارية جديدة مع الميل نحو أسلوب سهل؛ هذا حينما يُعد إرثه الفكري والأدبي جزءًا لا يتجزأ من التراث الثقافي الإسلامي والإيراني ويستمرّ تأثيره حتى يومنا هذا([39]).
ما يجدر ذكره أن هذا الکتاب يميل إلی النزعة الرومنطيقية، والتجديد الفني، والتمرد على الكلاسيكيّة، والعناية بالصوفية، والفكر الفلسفي؛ ومن الصبغة الرومنطيقية في “الزهرة” أنّها تتناول الواقعيّة الروحيّة “”physic إذ أبرزت ما قد يعاني منه الإنسان من الآلام والمصائب، وقد جعلت الذات منطلقًا تتمحور حولها معظم مواضيعها. نحن نتناول هذا الموضوع بشكل واسع في القسم التحليلي من البحث.
- الغزل في العصر العباسي وتنسيقه مع مذهب الرومانسي: الغزل هو التّعبير الرقيق الذي يوجّهه الشّاعر إلى معشوقته ويعبّر من خلاله مشاعره، وأحاسيسه وآلامه النّفسيّة فالغزل هو نوع من الشّعر الذي يتضمن في جوهره موضوع الحبّ والعشق وأحاسيس رومانسية، وهو أحد العناصر الأساسية في مذهب الرومانتيكيّة([40]). من جهة أخری، يُعدّ العصر العباسي من أزهى العصور في الأدب العربي، ويحسب الغزل أحد المحاور الشّعرية البارزة والفنون الخالدة في هذه الحقبة، حتی تطور ليصبح قالبًا شعريًا مستقلًا على عكس العصور السابقة التي كان يُستخدم فيها فقط كجزء من القصيدة، تحت عنوان التغزل في مقدمة قصائد المدح والفخر وإلخ. يُقسّم الغزل في هذا العصر إلى نوعين: الغزل الإباحي والغزل العذري. الغزل الصريح كان الأكثر شيوعًا بسبب كثرة الإماء ودور النخّاسين ونتيجة الظروف الاجتماعيّة، والثقافيّة ما أدّى إلى انتشار مشاعر الحبّ الجياشة والصّريحة بين الشّعراء؛ في المقابل استمرّ الغزل العفيف مستمدًّا من تراث العذريين والشّعراء السابقين و كان يعبّر عن الحب النّقي الذي لا يعرف المتاع المادّي بل يركّز على الألم والحرمان([41]). بناء علی ذلك، فالحب العذري، “الحب المثالي” يركز علی وحدة النموذج الجمالي مع اهتمام أكبر بالمعنى من الشكّل([42]) ويرتبط العاشق بمحبوبة واحدة تمثّل له مثله الأعلى، ويستمر الشّاعر في ولائه لهذه المحبوبة بصرف النّظر عن الزّمن أو العوائق؛ ویمتاز بعفّة اللسان وصدق المشاعر وطهارة المعنى ورقة العاطفة، بالإضافة إلى قوّة الشّوق التي تتجلّى في نغمة حزينة([43]).
الغزل في هذا العصر من أقرب الأشكال الشّعرية إلى الشعر الرومانسي المعاصر، ما يجعل دراسة عناصر الرومانسيّة في أشعار الأصفهاني ذات أهمية خاصة إذ أبدع الشّاعر في مظاهر الغزل والرومانسية معًا. أدّى تأثير مکتب الرومانسيّة على الغزل العربي في العصر العباسي إلى ظهور مضامين جديدة تتعلق بالمشاعر الشّخصيّة ما جعل القالب الكلاسيكي يبدو ضيقًا([44])؛ فتحوّل الغزل من أداة سياسيّة إلى وسيلة للتعبير عن الواقع النّفسي والاجتماعي متأثرًا بالثقافة الإيرانيّة.
- ملامح الرومانسيّة في أشعار الغزل لأبوبكر محمد بن داود الأصفهاني: دراسة عناصر الرومانسيّة في أشعار أبي بكر محمد بن داود الإصفهاني ذات أهمية خاصة، أبدع الشّاعر في مظاهر الغزل والرومانسيّة معًا نشعر بالنزعة الرومانسيّة في غزليّاته تصدر عن الفطرة السليمة، وتعود إلی تأثره بالثقافة الإيرانيّة وتأثره بالطبيعة والاجتماع وخوالج نفسه يلوّنها الخيال. قد اقترب أبو بكر باختيار قالب الغزل رمزًا للحب، والمشاعر العميقة بشكل جيد من روح الرومانسيّة، واستخدم كلمات مألوفة بدلًا من المصطلحات المعقدة، ووصفات ملموسة وحيوية، وتعبير صادق عن المشاعر المتأججة ما جعل شعره قريبًا من لغة بسيطة وسلسة ومأنوسة. بعبارة أخری يعبّر الأصفهاني عن أغراضه الفردية بالغزل لارتباطه الوثيق بذات الشّاعر وتجربته الشّخصيّة([45])؛ بينما يعتمد علی الخلق والإبداع، والخيال المبتکر، والعاطفة ولا العقل، أو المدلولات المباشرة للألفاظ تبعًا للمدرسة الرومانسيّة([46]).
من منطلق هذا الأمر، نقدم عرضًا لكل ملامح الرومانسية في أشعار الغزل لأبيبكر محمد بن داود الأصفهاني فيما يلي:
5-1. عنصر الحب: بناء لما تقدّم؛ يظهر الحب من عناصر الرومانسية المهمّة والموضوع الرئيس في شعر الغزل للأصفهاني، يتعلّق بوصف الحب وقضاياه، وشخصيّة العاشق ووصف المعشوق، والحديث عن الفراق، والأنين والهجر. في هذا السياق، اتّخذ الأصفهاني الحبَّ وسيلة لتحقيق الفضيلة والسّمو، مقدّسًا في حياة العاشق، رمزًا لاستمرار العیش ومصدرًا للسعادة والهناء في مراحل حياته جميعها، وليس مقتصرًا على الشّباب:
أبا الشَّيبِ يُنهي عن مُساعدةِ الهوى | ولولا الهوى ما كنتُ للشَّيبِ مُسعدا([47]) |
يميل بعض الشّعراء الرومانسيين إلى التشاؤم ويشعرون أنّ الحب أمرٌ مؤلمٌ، بينما يؤكد آخرون على الجوانب الإيجابيّة للحب وهو عندهم مصدر السعادة والفرح([48])؛ في هذا السياق يُعبّر الأصفهاني عن رؤية عميقة للحب، ولايراه كعنصر جميل ومبهج فقط، بل كمصدر للألم والمعاناة ويحمل في طياته مشاعر معقدة تتضمن السعادة والألم في آن واحد:
ومَا الحبُّ إلّا فرحةٌ إنْ نكلتُها | بأُخرى قرنت الضرّ منك إلى الضرّ([49]) |
يتحدث الأصفهاني عن الصعوبات والتحديات المريرة التي يواجهها في طريق الحب؛ فكانت أشد من مرارة الموت لکن لايبالي بها لأنّ حبه بلاشبيه وبلانظير:
و كمْ كأسٍ أمرَّ مِن المنايا | شربتُ فلم يَضِقْ عنها ذِراعي |
فلو جُمِعَ الأَنامُ لَکنتَ فردًا | أحبَّهُـمُ إلـيَّ بکـلِّ سِعـر([50]) |
ويكشف مفهوم الحب الرومانسي يتجاوز إلی المستوی الکوني ممتزجًا برؤية صوفيّة كونيّة ساميّة. يشير إلی غربته لا عن موطنه وأهله بل لعدم اهتمام المحبوب به:
و ليس غريبًا مَن تناءَتْ ديـارُه | و لکنَّ مَن يُجفیٰ فذاكَ غريبُ([51]) |
يعبّر الشّاعر عن العشقات العديدة في قلبه لكن بعد رؤية المحبوب أصبحت كل تلك العشقات موجهة نحو محبوب واحد:
كانتْ لقلبي أهواءٌ مُفَرَّقَةٌ | فاستَجْمَعَتْ مُذْ رأتْكَ العينُ أهوائِي([52]) |
يعكس الشّاعر أهمية الحب الحقيقي في حياته کعنصر رومانسي، متمرکزا على عمق المشاعر الإنسانيّة، فيظهر أنّ الخيانة أو الانحراف عن المحبوب تؤدّي إلى المهانة والذّل. ثمّ يعلن أنّ قلبه أسير الهوی، ولابدَّ من حبّ المعشوق على الرّغمَ من الفِراق، والمحبوب هو المولی يختارُ حياتَهُ أو مماتَه:
مَن خَـان هَـان وقلبـي رائدٌ أبـدًا | ميلًا إليك علـیٰ هجري و إقصـائي |
لابُدّ لي مِنك فاصنـع ما بدا لك بـي | فقـد قدرتَ علیٰ قتلـي و إحيائـي([53]) |
يتحدّث الأصفهاني عن استعداده التام للتضحيّة بنفسه في طريق الحب، ويستقبل الهلاك في سبيل الوصال وهذا الحب يمكن أن يرفع الإنسان إلى الموت كهدف سامٍ. يُعدُّ من خصائص الرومانسيّة فقد حقق درجات رفيعة في هذا المجال:
إنْ كانَ لا بدَّ للعشَّاق مِن عطبٍ | ففي هوى مِثلِه يستغنم العَطَبُ | |
أغريتَني بحيـاتي إذ غَـريتُ بهـا | فصار طولُ بقائي بعضَ أعدائـي([54]) |
من جانب آخر یرى الشّاعر أنّ فقدان العقل بسبب عمق حبه فضيلة يستحق الثواب، ويُعِدُّ في مذهب الرومانسيّة أن الحب هو العامل الذي يؤدي إلى العظمة والفضيلة:
لنْ يضبطَ العقلُ إلّا ما يُدبِّـر | و لنْ تری في الهویٰ بالعقلِ تَدبيرا | |
لئِن كنتُ غِرّاً بالّذي قَد لّقيتُهُ | لفي فَقدِ تمييزي يَحقُّ لي الأَجرُ([55]) |
وقلما كان الشّاعر الرومانسي يُعنى بلذائذ الحبّ الحسيّة؛ بل كان حبّه عاطفيًا حالمًا محررًا من القيود الماديّة، ويضيف عليه صفات روحانية فيخرجه من إطاره الواقعي إلى إطار جديد يمتاز أنّه يضيق بالعقبات التي تعترض طريقه ويثور عليها، ولو کان مصدرها القوانين([56]). في هذا الإطار، الحب عند الأصفهاني حب عذري عفيف مکتوم ومقدس، شأنّه شأن الحب الرومانسي، ومع ذلك ظَلَّ الشّاعر مستأنسًا ومحافظًا على هذا الحب الذي تلازم وتوحد المحب، والمحبوب دائمًا ألّا يَقضي عليه الشکوکُ والظّنونُ من الآخرين:
مُستأنسين بمـا تخفـي ضـمائرُنا | علی العفافِ و رَعي الودِّ نَصطحِب | |||||
في عفةٍ نتحامیٰ أَن يُلـمَّ بهـا | سوءُ الظنونِ و أن تغتالَها الرِّيَبُ([57]) | |||||
يُعدُّ الحبّ في الغزل العربي من الموضوعات البارزة في أشعار الرومانسيين، فانتقل التركيز من وصف الخصائص الجسديّة في العصور السّابقة إلى التعبير عن المشاعر التي تعكس سمو الروح وذلك نتيجة لزيادة الوعي العام([58]). بناء علی ذلک، یعدُّ الشّاعر معشوقه في ظِلّ الحب العفیف وإحرام الحج محرمًا على نفسه، وهذا التّعبير الرمزي موقف إسلامي صوفي يعكس عفة المشاعر العاطفيّة، والتّقوی فيظهر الحب كتجربة روحية تتجاوز العالم المادي كما في الرومانسيّة:
وأنتَ حرامُ حرمةَ الحجِّ والهوی | على العينِ إلّا هفوةَ اللَّحظات([59]) |
5-2. عنصر الأنا الذاتيّة أو الفرديّة: تناول الأصفهاني عنصر الفردية -وفاقًا للمذهب الرومانسيّة- في أشعاره بشكل جاد فأشار إلى الخصائص والميول الفرديّة، وخاصة الحالات المختلفة النّفسيّة والصّفات الروحيّة مصورًا نفسه بأسلوب رفيع كإنسان عاشق. يُظهر الشّاعر مشاعره تجاه المحبوب من خلال التعبير عن معاناته الذاتية الجسدية وفقدان صحته الجسميّة حتی يشعر بالضعف والنّحافة؛ هذه الشكوى تعكس الصّراع الداخلي الذي يعيشه مستمدًا من عناصر الطبيعة:
وما تضمَّنَ قلبي مِن هواكَ إذاً | لَمَا رثيتَ لِجسمي مِن أَذى المطر([60]) |
ينتقل الرومانسي من وصف منظر أو قصص إلی الحديث عن الحياة، والموت والمسائل الخلقيّة والاجتماعيّة والمعاني الدّينيّة والمعاني الفلسفيّة والصوفيّة ومايتجاوزها إلی تأويل فردي([61]). نری أنّ الأصفهاني يعبر عن شجاعته في الوصال إذا منح المعشوق، ولو كانت جهنم تفصل بينهما ويبرز فرديته الرومانسية:
ولو أذنتَ وفيما بيننا سَقَرٌ | لهوَّن الشوقُ خوضَ النّارِ في سقر([62]) |
يتخذ الرومانسي من الليل مستودعًا لأسراره وهمومه، فهو عنده رمز الفناء لهذا العالم الصاخب([63]). من خلال هذا البيت يشجع الشّاعر العشاق على الصّلابة والمواجهة مع التحديات کصعوبات طريق الحب، وظلام الليل بشجاعة فيظهر عنصر الأنا الذّاتيّة:
على أنَّ عبدَ الشوقِ ليستْ تَهولُه | حزونُ الفيافي واللّيالي الدّوامِس([64]) |
هناك العلاقة بين البطولة والرومانسيّة([65])، ويُظهر الأصفهاني كيف أن تجاربه مع الحبّ على الرّغم ممّا واجهه من انتقادات، وعتاب الذي هو من القيودات الاجتماعيّة في سبيل الحب لم تُثنه عن اعتزازه بمشاعره. يحسّ الشّاعر نفسه بطلًا وبصيرًا ويبرز فرديته في قصة حبه والتّحدّيات التي واجهها:
كسبتُ مَلامًا واكتسبتُ بصيرةً | بأمرِك فانْظر أيُّنا عادَ مُكسِبا([66]) |
يعتقد الأصفهاني أنه ليس فقط شجاعًا في مواجهة مصائب الحب بل يوضح أنه حتى لو بلغت صعوبات الحياة ذروتها فلا يهتم؛ ولقد أعدّ نفسه للهلاك والموت ولا يخاف منه:
فَلستُ أرجِّيهِ ولستُ أَخافُهُ
إذا بَلَغَ الكرُوهُ بي غايةَ المَدى |
وهل يَرتجي ذو اللُّبِ ما لا يُحاذرُ
فأهونُ ما تجري إليه المَقادِرُ([67]) |
وأيضًا يُظهر فخره بنفسه وقدرته على التعبير عن حبه، ومشاعره تجاه المحبوب من خلال الشّعر مشيرًا إلى أن الذين كان يحسدهم الشّاعر سابقًا أصبحوا الآن يحسدونه بسبب جلبه لمودة المحبوب؛ فيُعبر عن تفرده في استخدام اللغة الشّعريّة للتعبير عن الشكر ما يُعزز من مكانته كشاعر ویبرز تقديره الذاتي الرومانسي:
فما حقُّ مثلي أنْ يُرى لك شاكرًا | ولا مثلُ ما أوليتُ يشكرُ بالشِّعر |
فصارَ يَحسُدني مَن كنتُ أحسُدُه | وصرتُ مَولى الوَرَى مذ صرتَ مَلائِي([68]) |
يُعبر الأصفهاني عن رحلة استكشاف الذات لِيَرى التفاؤلِ والتشاؤمِ ومن هو الأحق بحبه. يُظهر كيف أن تأملاته في الآخرين تقوده إلى إدراك قيمة حبه مما يعكس عمق مشاعره وثقته في نفسه والانغماس في المشاعر کشاعر رومانسي:
سأعرض نفسي يُمنةً وشآمةً | على كلّ ثاوٍ في البلادِ وشاخص |
إلى أنْ أرى شكلاً يصونُ مودَّتي | فحينئذٍ أغلو على كُلّ غائصِ([69]) |
يُظهر الشّاعر الرومانسي دائمًا مبادئه الفكريّة والشّخصيّة، والعقديّة في أشعاره ويسعى دائمًا إلى نشر هذه المبادئ في المجتمع([70]) بناء علی ذلك، يشير الأصفهاني إلى أنه شخص يحتفظ بالأسرار، يُظهر أن الحفاظ على الأسرار، هو الحدّ الأدنى من الحقوق التي يتحملها الناس تجاه بعضهم البعض فيظهر طابعه الشخصي الرومانسي:
وإنّي وإنْ شاعتْ لديكَ سرائري | فإنّ الّذي استودعتَني غيرُ شائع |
وما أنا ممدوحًا بحفظِ وديعةٍ | أقلُّ حقوقِ النَّاس حفظُ الودائعِ([71]) |
الشّاعر مع التركيز على الأنا الذاتي يشير إلى أنّ سلوكه في نقض العهد، غير مناسب مع محبوبته وخطيئة كبيرة ويلوم نفسه ويعترف بذنبه ويتوب ليرتاح، وتبتعد مقلتيه من السَّهر ويذكر نفسه أنّه يجب ألا يرتكب مثل هذا الخطأ مرة أخرى:
أَتوبُ إليكَ مِن نقضِ العهودِ
أَسأتُ فلا تُعنّي بالدَّعاوي ألا يا نفسُ قد اخطأتِ فيما |
لَتؤمِنَ مُقْلَتَىَّ مِن السّهود
فَهأنذا أُقرُّ بِلا شُهُود أتيتِ فإنْ نجوتِ فلا تَعودي |
أمثلي يَخونُ العهدَ عن غيرِ حادثٍ | رَمـاني إذاً ربّـي بحتفٍ مُغافِـص([72]) |
قد كان التركيز عند الشّاعر الرومانسي علی نفسه، وأفکاره وتجاربه الذاتية وليس علی الجماعة([73])؛ فيبرز الأصفهاني وجوده الذاتي كعنصر رومانسي، فيعتذر متواضعًا ويطلب العفو من المعشوق كثيرًا بسبب مشاعره الملتهبة وبسبب هذا الاعتذار أصبح خزيًا وذليلًا، وأقلّ حق له أن يرى المعشوقَ يقبل عذره. الشّاعر يعدُّ هذه الذلة في سبيل الحب والمودة أمرًا شريفًا:
بِحُرمةِ هذا الشَّهر لمّا نعشتَني | بعفوِك أنّي قد عجزتُ عن العُذر |
فجِئتُك شاكرًا وأقلُّ حَقّي
قد ذَلَّلَ الشوقُ قلبي فهو معترفٌ |
إذا أحسنتَ أنْ ألقاكَ عاذر
إنَّ التَّذلُلَ في حُكمِ الهوى شرفٌ([74]) |
فالأنا محور مواضيعه وهي مركز الكون، وعندما تكون الذات مصدر السّعادة والتعاسة وكل شيء في حياة الشّاعر([75])؛ بينما يتمحور الشّاعر محور ذاته كشاعر رومانسي يرى نفسه مستحقًا للوم، ويجب أن يموت من شدّة الأسف لأنّه استطاع أن يتحمّل فراق المحبوب ويظل حيًا:
فَنَفْسُكَ لُم ولا تَلُمِ المَطايا
سمعتَ بِنَأيِهم وظَللْتَ حيّاً |
ومُتْ أَسَفاً فقدْ حقَّ الحذارُ
فَقَدتُكَ كيفَ يُهنيكَ القَرارُ([76]) |
5-3. عنصر العلاقة بالمجتمع: يسعى الشعر الرومانسي إلى التحرر من القيود الاجتماعيّة من خلال التركيز على مفهوم العبقريّة المبدعة والإنسان الحر([77]). وفاقًا لهذا الموضوع، الأصفهاني کشاعر عاش في مجتمع يفرض قيودًا صارمة على العلاقات العاطفيّة، وجعل شعره نقدًا للقيود الاجتماعيّة؛ وأنشد الغزل العذري كاستجابة للتحولات الاجتماعيّة، فيتجلى تأثير النقد والثّورة في التّعبير عن الحب، والعلاقات الإنسانيّة ويتسم بالحرمان والمعاناة؛ ويقول لا فائدةً لِقُرب ديارِ المحبوبِ إذا لم يتّصلْ حبلَ المودَّةِ به، ولم يتحقّق الوصالُ ثمّ يعدُّ الشّاعر حبَّه عفيفًا ويجعله مصونًا من سوءُ ظنِّ الآخرين في المجتمع:
لَعَمرُک ما قُربُ الدِّيارِ بنافـعٍ | إذا لم يصلْ حبلَ الحبيبِ حبيبُ | ||||
فـي عِفَّةٍ نتحامـی أن يلـمّ بِـها | سُوءُ الظنـونِ و أن تغتالها الرِّيَبُ([78]) | ||||
من أبرز الموضوعات الجديدة في شعر الرومانسيين، وصفهم للأسرة ولشؤون الحياة اليوميّة([79])؛ وينکر الأصفهاني أنْ يَلتذَّ العاشق مِن عَيشه الاجتماعي إذا يعيش علی جمرٍ، أو لا يمکن أن ينعش مَن أصبحَ ميتًا وقد أهلَکَه محبوبُه حينما الأَطبّاءُ في حيرةٍ مِن أَمره؛ لکن الشّاعر العاشق يتحمل المعاناة والصعوبات في حياته لوصال المحبوب:
فکيفَ ينعـش مَن أردَاه ناعِشُـه | ومَن يُری جسمَـه رأيَ الأطبـاء | ||||
فأُغضي علی جمرِ الغَضا خشيةَ القِلی | ولولا الهَوی ما ضَاقَ عنِّي مَهـربُ([80]) | ||||
خلقت الشّخصيّة الرومانسية لها آمالًا جعلتها تضيق ذرعًا بالمجتمع الذي تعيش فيه وبما يسوده من تقاليد، أو مظالم أو أخطاء فهم يدعون إلی خلق فطري سمح ومرکز الفرد، وتحرّره من تقاليده والعزلة عنه([81]). في هذا المجال یحسب الأصفهاني حبّه قيدًا اجتماعيًا معرضًا لعيون الأعداء وهو مُشمئزٌ من الأَيامِ التي يعيشُها لأنّه لا يواجهها إلّا بقول الزّور وأَحاديث الإفک والحسد والطعن:
فأين أذهبُ بل ماذا أُريدُ مِن الـ | أيّامِ أُروي عليها الإفْکَ و الـزُّورا | |||
يَظلُّ حسودُ القومِ فينا مُفَكِّرا | يخيلُ مِن المعشوقِ مِنّا فلا يدري([82]) | |||
يعبّر الأصفهاني – استنادًا إلى خلفيته الدّينيّة والعائليّة – عن انتقاده للمجتمع الذي يعيش فيه، ويسعى إلى تحرير العاشق من القيود الاجتماعيّة، والتقاليد المفروضة منها الإباحة وتسلية العاشقين بشرب الخمر، أو سماع الغانيات والأهواء المتعددة، لکنه يثبت لمحبوبه صفاءَ قلبه، ويکرَهُ سائرَ الفتيان ويغضّ البصرَ عنهم، ويتمنی لقاء محبوبه الواحد فانخرط في تأليف الغزل العذري:
إذا ما تسلَّى الغابرونَ عنِ الهوَى | بـشرب مدامٍ أو سماع قيـان |
وجدتُ الذي يسلي سواي يشوقني | إلی قربکم حتّی أملَّ مکانـي |
وفتيانِ صدقٍ قـد سئمتُ لقاءهم | وعفّفتُ طرفي عنهم و لساني([83]) |
کان الحزن طابع الرومانسيين وهو يدل علی عزلتهم الروحيّة، ونفورهم من المجتمع بسبب الجفوة بينهما إذ يتمنّون الموت([84]) في هذا المجال، يختار الأصفهاني طريق العزلة عن المجمتع والابتعاد من اللائمين، والأعداء الّذين أتوا في لباس النُّصح والإرشاد ثم يحاول التحرر من هؤلاء الناس كما يظهر في الرّومانسية:
سَلوه فإنّي لا أُكلِّمُ واشيًا
فيا كاشِحاً قد جاءَ في زيِّ ناصحٍ |
أيَدري بمن يُلحي وفيمَن يعنّفُ
تَشاغَلْ بغَيري لستُ مِمَّن يُعرّف([85]) |
يبثّ الرومانسيون آراءهم الديمقراطية وشعورهم الوطني، وحلمهم بعالم مثالي يسوده الإخاء والمساواة، ويرسمون صورة للمجتمعم بحلمهم([86]). علی هذا السياق يخاطب الأصفهاني نفسه أنْ لا تيأسَ مِن عونِ الله لِنصرة المظلومين وهلاك الظالمين ولإقامة المساواة بين الناس:
عسیٰ اللهُ لا تيأسْ سَيأذن عاجِلًا | بنُـصرةِ مظلـومٍ و فُـكِّ عُنـاة([87]) |
5-4. عنصر العاطفة: توجّهت مدرسة الرومانسيّة كاحتجاج على المدرسة الكلاسيكيّة التي كانت تُركّز على العقل، نحو عنصر العاطفة ويعتمد الأدب الرومانسي بشکل کبير علی هذا العنصر([88]). من جهة أخرى، تغيّرت النظرة العاطفية إلى الحب، فأصبح الحبّ تجربة عاطفية نبيلة وشعورًا نفسيًا رفيعًا متماشيًا مع التقدم الحضاري. تؤكد أشعار أبي بكر المشاعر العميقة، والصادقة في العلاقات العاطفية إذ يرى في التّعبير عن مشاعره من خلال البكاء وسيلة للتحرر من قيود المعاناة الداخليّة وعواطفه المؤلمة:
فيضُ الدّموعِ وإنْ تَمّتْ بوادرُها | أَشفى لِمَن عالَج البَلوى مِن الكَمَد([89]) |
تتجلی العاطفة الرومانسية في القلق والحزن والاضطراب النفسي إذ طغی الشّعور([90]). والأصفهاني بسبب شدة الحزن، وعذاب الحب لا يظهر على وجهه لونٌ أو صفاءٌ ولاتکفان عينيه عن الدّموع السّاخنة وکل هذه التوترات الداخليّة تؤثر في مظهره الخارجي:
هبْني اعترفتُ بأنّي لستُ ذا شغفٍ | ألم يكن كَمدي أنْ لستُ أنتصف |
فقالَ رَفيقي ما لِلَونِكَ حائلاً | وعينيْكَ ما يَعدو جفونَك جُودُها([91]) |
نهض الشعر الرومانسي علی فلسفة العاطفة التي تُعنی بالفرد في آماله ونزعاته([92]) هذا ويبرز الأصفهاني عواطفه الرومانسية من خلال شعره ويعبّر عن مشاعر الحب والقلق، کما يعاني من تعقيدات العلاقات العاطفيّة وهمومه ومشاعره العميقة، والشكوك بين وصول المحبوب والغياب عن عينه التي يواجهها مثل قلّة النوم:
لو كنتَ تَعلَمُ ما ألقى مِن السَّهر | وما أقاسي من الأشجانِ والفكرِ | |||
أراني إذا واصلتُ ساءتْكَ عِشرتي | وإنْ غبتُ لم أخطرْ ببالٍ ولا فكر([93]) | |||
الفراق بلا وداع أصعب التّجارب المؤلمة في عيش الأصفهاني، وهو يعبر عن التناقض بين رغبة العاشق في الوصال وإصرار المعشوق على الفراق. يعكس هذا الصراعُ الداخلي الألمَ الذي يشعر به وهذا الانفعال العاطفي محور رئيس لمعاناته الرومانسيّة:
مَن خانَ هانَ وقلبي رائدٌ أبدًا | ميلًا إليك على هِجري وإقصائي | |||
فلم أرَ في الذي قاسيتُ شيئًا | أشدَّ مِن الفراقِ بلا وداعِ([94]) | |||
يصدر عن الشّاعر الرومانسي شعر يمتلئ بالأسی والكآبة والحنين إلی المجهول([95]). بالواقع المرّ فتغيم أمامه الرؤی، ويصبح في حالة من القنوط واليأس تدفعه دائمًا إلی إظهار اللوعة، والألم بل تدفعه أحيانًا إلی طلب الموت الذي يعده راحة كبری([96]) وفاقًا لهذا الموضوع، يعكس الأصفهاني عمق مشاعره تجاه محبوبته حيث أن شوقه وحنينه إلى الحجاز (أرض المحبوب) وكل ما يحيط بها. وهو يبذل جهدًا كبيرًا لنسيان محبوبه، لكنّه لا يستطيع أن ينساه بل تزداد شوقه ورغبته وينفد صبره؛ ممّا يدلّ على أنّ الحب ليس مجرد شعور عابر بل هو تجربة عاطفيّة عميقة تؤثّر على حياته:
تَحنُّ إلى أرضِ الحجازِ ودونها | تَنَائِفُ لو تُسرس بها الرِّيحُ ضلَّت |
… فما زادني إلّا اشتياقًا وحُرقةً | إليها ولم أملكْ سُلوى ولا صبري([97]) |
والشّاعر في حالة من الشك والارتباك، ولا يعرف علیه أن يبتعد من معشوقه أم يختاره مرة أخرى، ثمّ يبرز توتّره الداخليّ لقلبه المتيّم المشتّت الذي يميل أحيانًا نحو محبوبه وأحيانًا لايميل نحوه:
و أنتَ ذاك و قلبي ذا الّذي ملكتْ | هواهُ نفسَكَ إكراهًا وتَخييرا | |
يهيمُ بهذا ثم يَعشق غيرَه | ويسلاهُمُ مِن فَوْره حين يُصبِحُ([98]) |
تحوّل اليأس بسبب غياب المعشوق في وجود الشّاعر إلى الخوف والأمل في عودة الحبيب، قد تلاشى ولا يبقى له سوى الندم على الأيام الماضية، فيعكس كآبة الرومانسيّة لأنّه يرى الحياة من دون المحبوب عديمة الفائدة:
وكَفَّ رجائِي فاطمئنّتْ مخافَتي
فما لي رجاءٌ غيرُ قربِ مَنيّتي |
فلم يبقَ لي إلّا التّأسفُ والفكر
ولا خوفَ إلّا أنْ يَطولَ بي العُمرُ([99]) |
يتحدّث الشّاعر عن الصراع العاطفي بين الأمل واليأس ويترك الفراق أثرًا عميقًا في قلبه، ما يجعله يشعر بالعزلة والحنين كما يشعر الشّاعر الرومانسي من خلال التعبير عن مأساته:
أَبْكي عَلى مَن لستُ أَرجو ارتجاعَهُ
إذا دَعاها اليَأسُ قلبي عنكَ قالَ له |
وأبكي على أن لا يكون رَجاءُ
حسنُ الرَّجاءِ فلم يَصدُرْ ولم يَرِد |
أيا أملي هل في وفائِكَ مطمعٌ | فأطلبهُ أم قد تناهتْ أواخِرُه([100]) |
وأمّا يعكس الأصفهاني من خلال الأبيات الآتية، التوتّر بين الحاجة إلى الصبر أمام مشاعر الفقد والواقع المؤلم الذي يعيشه حيث يشعر أن العمر يمرّ دون فائدة:
أمِثلُ الذي أَلقى يُقاومُه صبرٌ
وإنّي أدري أنْ في الصبرِ راحةً |
فأصبرُ أم مِثلي يُنَهنِهُهُ الزَّجرُ
ولكنّ إنْفاقي على الصّبرِ مِن عمري |
ولکنّ يأسًا لم يرَ الناسُ مثلَه | وصـبرًا علی مُرِّ المقاديرِ مُنصبّـا([101]) |
5-5. عنصر الهروب عن الواقع: يميل الشّاعر الرومانسي إلی الهروبَ إلى عالم خلقه لنفسه، وأبدع في وصفه فتراءت فيه أوهام عقله وقلبه([102]) في هذا المجال، الأصفهاني کشاعر رومانسي يبعد من الناس بالعزلة، والجفوة ينطوي علی نفسه لترتاح بداخله، ويستغرق في تفکيره عن ذاته کما ينشد:
فکم جرَّعتُ مِن هجرٍ و غدرٍ | ومِن حالِ ارتفاعٍ واتضـاع([103]) |
والرومانسي أينما حل وارتحل غريب في عصره بشعوره، وإحساسه مكانَه يتحرى عن مفقود ضائع لا يعثر له على أثر في هذا العالم([104]) کما قلب الأصفهاني عامر بالحب القوی المحرقة ذاته:
حَرُّ الفِراقِ إذا ما الهجرُ ساعَدَه | حرٌّ تُخصُّ به الأَحـشاءُ والکبدُ([105]) |
يأمل الأصفهاني أن يتمكن من الحظّ من معشوقه لذا يكرّس جميع مشاعره في سبيله؛ ولكن نظرًا لأنّه لا يستطيع الوصول إليه يعدُّ نفسه من المحرومين، وشغل الحرمان العاطفي مشاعر الرومانسيين([106]) فيسعی للهروب:
کم تَشفَّی بِهجـرِك الأَعـداءُ | يا أخي کم يکونُ هَذا الجَفـاءُ |
وإن کنتُ في الدّنيا بغيـرِك أَفرحُ([107]) | رُميتُ بهجرٍ منک إن کنتُ کاذبًا |
يتركز الأصفهانی في هذا العنصر الرومانسي على نفسه وعلى محبوبه؛ الهروب من الذات، والزمن، والحب الذي كواقع مؤلم لا يتركه، والهروب من المحبوب الذي يبتعد منه، والوصل الذي ليس ممكنًا ولا جائزًا:
وأنتَ عنّي رخيُّ البالِ مُنحرِف([108]) | مَللتَ إخائـي واطّرحـتَ مـودّتي |
في بعض الأحيان، تؤدي هذه الهرب والعزلة والافتراق والابتعاد إلى الموت وتمناه:
فليتَ المنايا وحدَهـا سَمِحتُ به | ونازعنِيهِ البينُ والهجرُ والغدرُ |
هممتُ بفرقةٍ والموتُ فيـها | کأنّك حَتْفَ نفسَك تَستثـير([109]) |
الأصفهاني، على الرّغم من هروبه من هذه الحقيقة المؤلمة في حياته وعلى الرغم من تجاهل محبوبته إلّا أنّه لا يزال غير قادر على نسيان محبوبه وإبعاد قلبه عنه:
قلبي إليكَ مع الهجرانِ منعطفٌ | وأنتَ عنّي رخيُّ البالِ مُنحرِف |
فما نُدافع بالهجـرانِ فهو علی | أنْ لا يزولَ هَوانَا مُشفقٌ حَدِبُ |
أتَهجُرُ مَن تُحبُّ وأنتَ جارُ | وتطلبهُم وقد بَعُـدَ المَـزار([110]) |
يبرز الشّاعر صراعه الدّاخلي من خلال إبراز فرديته الرومانسية وبسبب شعوره بالحرمان، وكون الأيام تخدع الناس بأحداثها يقرر أن يتخذ العزلة سبيلًا ليحمي نفسه من خداع الزمان ويبتعد عن معشوقه أيضًا:
أَمِنتُ عليكَ الدَّهرَ والدّهرُ غادرٌ | و سكنتُ قلبي عنكَ و القلبُ نافرُ |
أأيامُ هذا الدَّهـرِ کمْ تَعنُفِين بِي | کأنْ لم تری قبلي مُعَنّی و لا بَعدي([111]) |
يمتنع الأصفهاني عن التّعبير الصريح عن حبه للمحبوبة بسبب عفته وحيائه؛ هذا الأمر يؤدي إلى الهرب والفراق ما يسبّب له الحزن، والقلق حينما يكتفي بذكريات الماضي الجميل، وذكرى المحبوبة وفي النهاية يلجأ إلى الله وتقديراته:
وارْجِعْ إلیٰ الله في الأُمورِ فلنْ | تَقـدِر أَنْ تستجيرَ مِن قَـدَره([112]) |
نتيجة لذلك، تتجلّى ظاهرة الهروب من الواقع في شعر أبي بكر بشكلين: في الشكّل الأول، يعبّر الشّاعر بوضوح عن عدم رضاه عن الوضع الحالي، والمعاناة التي يتحمّلها في سبيل الحب ويعبّر عن رغبته في الهروب من هذه المعاناة بأيّ وسيلة ممكنة. أمّا في الشكّل الثاني، فإنّ هدف الهروب من الواقع يصبح ذا أهمية حيث يمكن أن يكون متجهًا نحو الطبيعة أو الخيال أو المتافيزيقيّة، وكلُّها عناصر مهمة في الرومانسيّة کما يلي:
أ. الطبيعة: يستخدم الشعراء القدماء أساليب بلاغيّة تقليديّة منها الاستعارة، والتشبيه وإلخ في وصف الطبيعة ككيان غير حي من دون منحها مشاعر أو وعيًّا. في المقابل، أحدث الشعراء الرومانسيون تحولًا في هذا المفهوم فحسبوا الطبيعة كائنًا حيًا وواعياً يمتلك مشاعر، ويتفاعل مع الإنسان بشكل أعمق. هذا التوجه يعكس ارتباطًا عاطفيًا أكبر بين الإنسان والطبيعة حيث يُنظر إلى الطبيعة كرفيق وشريك في التّجربة الإنسانيّة، وليس مجرد عنصر غير حيّ([113])؛ بناءً على ذلك يُظهر الأصفهاني كيف أن الطبيعة وعناصرها ليست مجرد عنصر خارجي بل كائن يتفاعل مع مشاعره وآلامه:
فما أشبهت عينايَ إلّا سحابةً | دنا صربُها و استعجلتْها رُعودُها |
أریٰ نوحَ الحمامِ يَشوقُ قومًا | في نَوحِ الحمائمِ لي عـزاء([114]) |
عندما يشعر بالحزن أو الفرح يجد في الطبيعة الحية رفيقًا، أو ملاذًا آمنًا کالحيوانات والنباتات والأشياء وغيرها. يشاركه تلك المشاعر ويأنس ويتوحّد معها، ويساعد الشّاعر بأن يهرب من خيبات الأمل التي قد تأتي من الواقع أو تعقيدات الحياة الاجتماعیّة أو العلاقات مع الآخرين:
وأُلصق أَحشائي برَملِ زُبالةٍ | وآنس بالظِّلمان والظَّبيات |
في اليـاسمين بلاغٌ لو قنعـتُ به | إذ کان أولُ شيء في إسمه الياسُ([115]) |
الطبيعة للشاعر العذري الصديق المخلص، والنّموذج المثالي الذي يفتقده بين الناس لأنّ الطبيعة تحمل ذكريات حبه الضائع([116])؛ هذا بينما يستفيد الأصفهاني من الطبيعة کشخصيّة حيّة تشاركه آلامه، وأفراحه الرومانسية وتمثّل ملاذًا من خيبات الأمل والخذلان التي قد يواجهها في العلاقات الإنسانيّة کما ينشد:
أَرَيتَني النَّجمَ يجري بالنَّـهارِ فلا | فَرقًا أَری بين إِصباحي و إِمسائي | |
دَعاني الشوقُ و الرُّکبانُ قد هجَدوا | والشَّمسُ في آخرِ الجوزاءِ تَتَّقِـد([117]) |
كانت الطبيعة مادة للوصف حينًا ومادة حينًا آخر لنقل الحالات النّفسيّة والأفكار والمعاني([118]) وهذا التّفاعل العميق بين الشّاعر الرومنطيقي، والطبيعة غير سكولاريّة يعكس الفهم الرومانسي الذي يربط بين الإنسان، والعالم الطبيعي مما يجعل الطبيعة جزءًا لا يتجزأ من التّجربة الإنسانيّة کما تعبّر عن النّار كشخصية نشطة وحيوية تُثير الحب والشّوق العميق في قلبه:
فما أنصفتْ أذكتْ هوىً حين أُذكيَتْ | ولم تُطْفَ نيرانُ الهوى حين أُطفِئت([119]) |
يسعی الشّاعر الرومانسي إلى استعادة الإلهام والهدوء الداخلي، ما يعكس رغبتهم في اندماج الذات الإنسانيّة مع الطبيعة والعودة إلى البساطة والصفاء خاصة فيها([120]). في هذا المجال يرى الأصفهاني الطبيعة من خلال أحاسيسه فينشد:
إذا بكتِ الحمائمُ وهي وحشٌ | وأزعَجَها التَّفرّقُ والجَفاءُ |
لو کان دونكَ بحرُ الصّين معترضًا | لخلتُ ذاکَ سرابـًا دارسَ الأثـر([121]) |
يبحث الرومانسيون في الحب عن السّمو في كل شىء؛ في هذا المجال يُظهر الأصفهاني إعجابه العميق بمعشوقه، فيبرز صفاته الفريدة التي تتجاوز الحواس البشرية. هذا التقدير يعكس مكانة المعشوق العالية في قلب الشّاعر، ما يجعله يتجاوز حتى الأضواء الطبيعيذة مثل نور القمر والشمس ما يدل على جماله وروعته:
يا مَن تجاوزَ حدَّ السَّمعِ والبصر | ومَن يفوقُ ضياءَ الشَّمسِ والقمر([122]) |
إنّ الاغتراب الروحي والغربة المكانيّة مما يقوي النزعة الرومانسيّة، فإذا أضيف إليها النظر الصوفي الحالم إلى الطبيعة، فقد تمکنت هذه الرومانسية َّوشكلت موهبة الشّاعر([123]). بناءً على ذلك، يخاطب الأصفهاني الطبيعة ومكان إقامة معشوقه طالبًا إياها بعدم نسيان الذكريات الجميلة الماضية، وينبّهها إلى ضرورة تجنب ارتكاب الذنب حتى وإن كان لديها سبب لذلك؛ في حين أنّ هذه الصفات جميعها تُطلب من عاقل وليس من مكان لا روح له:
فإيّاكُما يا صاحبيّ ومشهداً
وإيّاكما والذنبَ ترتكبانَه |
تُنسّيكُما ما سَرّ منه عواقبُه
وإن كان في الأحيانِ يَعذِرُ راكبُه([124]) |
يمنح الشّاعر الرعد طابع الحياة ويعدُّه مسؤولًا عن حبس السحاب، ليتمكن من الهطول ويرى أن الرياح الشّماليّة تمتلك إرادة لأنها تسعى لملاحقة الأمطار؛ هذه الصفات تُنسب إلى الإنسان:
فما زالَ زجرُ الرَّعدِ يحدو سحابَها | فتبدو وأَرواحُ الشمالِ تحيدُها([125]) |
إن الإحساس بالطبيعة أبسط أشکال الحاجة إلی الفرار التي تستحوذ علی الرومانسيين([126]) ويتجلی بالبحث عن الوحدة والحرية البعيدة من المدن فتتدفّق (الأنا) في مونولوج غنائي لايعکّر نشوته شيء. فتغدو الطبيعة صديق الرومانسيين ونجيّهم تتفق مع عواطفهم وأشواقهم([127]) کما نری في شعر الأصفهاني:
وهاجت رياحٌ زدنَ ذا الشوقِ صبوةً | وباکرت الأيكَ الحمـامُ السواجـعُ | |
علی أنَّ عبدَ الشوقِ ليستْ تَهولُه | حزونُ الفيافي واللّيالي الدّوامـِس([128]) |
ويحب الرومانسيون «الليل» لأنّه مليء بالأسرار التي لاتدرک ولأنه مثال الأحلام، وأنّ الحقائق الکبری تتجلّی في ظلمات الأحلام. فالليل معبَر إلی النهاية وهذه ناحية صوفيّة في أدب الرومانسيين([129])؛ بناء علی ذلک يعبّر الأصفهاني عن الليل کمصاحب في ترسيم مشاعره وأشواقه وأحزانه:
أَراعَك برقٌ في دُجی اللّيلِ لامعٌ | أجلْ کلُّ ما يَلقاه ذو الشّوقِ رابعُ | |||||
وقد کان يُسبي القلبَ في کلِّ ليلةٍ | ثمانونَ بل تسعـونَ نفسًا وأَرجـحُ | |||||
وکم ليلةٍ قد بتُّ أَرقُب صبحَها | وأَنجمُها في الجـوِّ مـا تَتَزَحْـزَح | |||||
وکمْ فلاةٍ يفوتُ الطَّرفُ آخِرَها | ) للجنِّ باللّيلِ في أَقطارِهـا وهـجُ([130] | |||||
بـ. الدين والمتافيزيقيّة: مدرسة الأدب الرومانسي انتقدت الماديّة، والعقلانيّة الكلاسيكيّة ووجّهت اهتمامها نحو الدين والمسائل الميتافيزيقية([131])؛ في هذا المجال تناول الأصفهاني المواضيع الميتافيزيقيّة وعبر عن المسائل الاجتماعيّة والخلقيّة کشدة البلايا، وسلوك المحبّ أمام الآخرين وتلقاء المصائب والهلاك والفراق:
فلستُ أُبالـي بالرّدیٰ بَعد فقـدِه | وهل يَجزعُ المذبوحُ مِن أَلَمِ السَّلـخ | |
والقيظُ محتدمٌ والرّوحُ مُنصـرمٌ | والرأیُ مختلفٌ والحتفُ مطَّـردُ | |
أَخفيتُ حبَّك حَتّی قد ضُنيتُ بِه | فصَارَ يظهرُ ما أُخفيـه إِخفَائـي | |
فمَن يُنجي العليلَ مِن المنايـا | إذا کان البلاءُ مِن الطَّبيـبِ([132]( |
کانت مثالية العديد من الرومانسيين تکسو الحب نبلا وسموّا، وتری فيه شکلًا من أشکال عبادة الله، وتجعل منه دینًا بسبب طابع القداسة([133]). في هذا المجال يخاطب الأصفهاني مولاه الذي فرض عليه العبوديّة، لکن أنکر المحبوبُ النبيل دعائه کأنه قاتل الشّاعر متعمّدًا حينما يستقبل الشّاعر هذا الموت في سبيل الوصال:
سيِّدي إنّني قد أسأتُ بقـولي | سيِّدي أنتَ فارضٌ عبدَك عبدًا | |
لا تَلقّی الدُّعاءَ مِنّي بِنُکـرٍ | فَتُری قاتـلًا لِنفسـي عَمـدًا ([134]) |
يعتقد الأصفهاني أنّ الحوادث هي حُبلي بالمکاره ثم يشبه الدهر بإنسان قادر على الخداع، فيعذِّبه لکن کلّ ما قدّر الرّحمنُ سيحدث ولا مانعَ لإرادةِ الله تعالیٰ، ويرى أن هذا الخداع هو سبب لاعتبار الزّمن مذنبًا ومع ذلك يعبر عن امتنانه له:
سأشكُر ذنبَ الدَّهر فيك ولم أَكنْ | وأزعَجَها التَّفرّقُ والجَفاءُ | ||||
تجرَّت عليه النَّائباتُ فأصبحتْ | بکلِّ الرَّدی غير الحمامِ تُبـادره | ||||
بما حَبِلَتْ فلتأتني مِن بلائِها | فليسَ لِمَا يَقضي به اللهُ حابسُ([135]) | ||||
ينتقل الرومانسي من وصف منظر أو قصص إلی الحديث عن الحياة والموت، والمسائل الخلقية والاجتماعيّة والمعاني الدّينيّة والمعاني الفلسفيّة والتصوفية، ومايتجاوزها إلی تأويل فردي([136]). یعتقد الأصفهاني أن الاعتماد على الله تعالی واجب في الأمور جميعها، وما هو مقدّر في القضاء والقدر سيحدث حتمًا؛ ويؤكد أن الإنسان المؤمن يجب أن يتوكل فقط على الله، وأن يتجنب متابعة العلامات السيئة والمصائب:
أفوّضُ أسبابي إلى الله كلَّها
توكَّلْ على الرَّحمن إنْ كنتَ مؤمنًا |
وأقنعُ بالمقدورِ فيها وأرْتضي
يُجِرْكَ ودَعْني مِن نحوسِ الطَّوالع |
لکنَّه مِن أُمـور اللهِ ممتنعٌ | في الوصفِ قدَّرهُ الرَّحمانُ تَقديرا([137]) |
یعدُّ الشّاعر الله قوة ميتافيزيقيّة وعليا قادرة على إنجاز كل شيء، ويعتقد أن ما يشاء الله سيحدث وما لم يُقدَّر لن يحدث أبدًا:
فكُلُّ الذي قد قَدَّرَ اللهُ واقعٌ | وما لم يُقَدِّرْهُ فليس بِواقِع([138]) |
يخاطب الشّاعر محبوبه بأن يحمل شكواه إلی الله فقط لأنّه يعتقد أن الله قادر على استعادة صفاء الأيام وعون المظلوم وفك الأسير:
إلیٰ الله أَشکو عَبرةً قد أظلَّتِ | ونفسًا إذا ما عزَّها الشوقُ ذَلَّتِ | |
إلى الله أشكو لا إليكَ فإنَّه | على ردِّ أيامِ الصّفاءِ لَقادرُ | |
عسیٰ اللهُ لا تيأسْ سَيأذن عاجِلاً | بنُـصرةِ مظلـومٍ وفُـكِّ عُنـاة([139]) |
تـ. الخيال: تعدُّ المدرسة الرومانسيّة من أكثر المدارس الأدبية غلوًا في استخدام الخيال، إذ آمن أتباعها إيمانًا مطلقًا بقوّة الخيال ورأوا فيه هبة عظيمة ومصدرًا إبداعيًا؛ وقد أدّى إلى انقطاع صلة الشّاعر الرومانسي بالعالم المادّي والواقعي، ما نتج عنه تجاوز القوانين العقليّة والمنطقيّة والقيود الاجتماعيّة([140]). ويشير الشّاعر إلى مرض يُعرف اليوم بالوسواس الفكري، ويصف نفسه أنه يشبه شخصًا يخاف حتى من خيالاته، ويشعر أنّ الناس جميعهم يراقبونه دائمًا ويعيش في صراع داخلي مع أفكاره، ويخشى أن يُبدي جميع أفكاره الدّاخليّة بسبب خوفه الشديد من العواقب فيلجأ إلی قوة الخيال ويهرب من الواقع:
أرى كلًّ مُرتابٍ يخافُ خيالَه
يكادُ لفرطِ الخوفِ يُبدي ضميرَه |
كأنَّ عيونَ العالَمين تُراقبُه
لكلّ امريءٍ تُخشى عليه عواقبُه([141]) |
يستخدم الشّعراء الرومانسية العناصر البيانية للتخييل لا تخلو من الغرابة والمغالاة، وابتكروا الصور الفنية والتشبيهات الجديدة المستمدة في أغلبها من الطبيعة، أو التّأملات الوجدانيّة والحالات النّفسيّة([142]). يقرّب الأصفهاني الحلم والخيال من الواقع القاسي، ويشبه أمر المعقول إلی المحسوس، إذن الداء والدواء للعاشق واحد وهو لقاء المحبوب والشّوق لرؤية المحبوب کتمازج ماء فم العشّاق بالخمر:
كأنّي لديغٌ حارَ عن كُنهِ دائِه | طبيبٌ فدَاواهُ بِسُمِّ الأَساوِد |
خليلي أَغراني مِن الشّوقِ و الهوى | وأخلط مِن ماء الشاربين بالخمر([143]) |
يتصل الخيال اتصالًا وثیقًا بالبصيرة أو الشّعور أو الحدس، ويدفع بکلا الفريقين الرومانسيين المتفائلين، والمتشائمين کما هو مخاصم للواقع ومصالح للأحلام ([144]). يرى الشّاعر في خيالاته أنّه يلتقي بالمحبوب لكن هذا اللقاء يؤدّي مرّة أخرى إلى الفراق، ويسبّب له الخوف والبكاء وهذا يعكس التشاؤم والمأساة الرومانسية التي يتجرّبه الشّاعر، لکنّه عند هروبه من الواقع إلى ماضٍ جميل يحمل أمل الوصول إلى محبوبه في المستقبل بالتفاؤل:
يَخافُ وقوعَ البينِ والشَّمْلُ جامعٌ | فَيَبكي بعينٍ دَمعُها مُتسرِّعُ | |||
خليلي مِن نَواك أخذتُ حظّي | فهلْ لي في نوالِك مِن نَصيب | |||
و قد قذفتُ نفسي أجْلَ حظوظِها | لديكَ وفَقْدُ الحظّ جُزءٌ مِن الفقْد([145]) | |||
ويصبح الشّعر رومانسيًّا عندما يضفي عليه الشّاعر المبدع خياله، وعاطفته فيلوّنه من خلال نفسه وينقل قارئه إلى أجوائه وعوامله([146]) في هذا السّياق، يخاطب الشّاعر نفسه ويقول إنّه دائمًا في حالة تصوّر المحبوب وقلبه مليءٌ بالحب تجاهه؛ ثم يعكس من خلال الكلمات عمق مشاعره تجاه محبوبه، فيظهر كيف أن الخيال يؤدي دورًا أساسيًا في حياته العاطفيّة وفي ترسيم علوّ مکانة المحبوب:
فأنتَ كمشتري أثرٍ بعينٍ | فقلبُكَ بِالصَّبابةِ مُستطارُ |
قصرتُ عليک النَّفسَ حتی توهَّمتْ | بل استيقنتْ أنْ ليس غيرُک مطلبـا([147]) |
فيعدُّ الخيال أداة ضروريّة للشاعر لتحقيق ذاته([148])؛ هذا بينما يتوقّع الأصفهاني في خياله أنّ الفرح، والسّعادة التي كانت موجودة في الماضي ستستمرّ الآن وفي المستقبل أيضًا. فهو کشاعر رومانسي يهرب من الواقع المؤلم إلى الخيال المفرح، أو نحو حال أو مكان أفضل أو زمن سعيد في الماضي أو في المستقبل، ويبحث عن طرق النجاة والتحرر لأجل نفسه:
فلو كان مسروراً بما هو واقعٌ | كما هو مسرورٌ بما يُتَوقَّعُ([149]) |
مع ذلك، لا تكون نتائج هذا الخيال دائمًا إيجابيّة، فتتداخل المشاعر السّلبيّة مع تصورات الشّاعر، وتؤدّي إلى خلق صور خيالية حزينة، ما يعكس الصراع الداخلي الذي يعيشه الشّاعر. علی سبيل المثال يعکس الأصفهاني عمق الألم الذي يشعر به بسبب الفراق ما يجعله يتمنّى الموت كوسيلة للهروب من معاناته والواقع المؤلم وهو حب المحبوب:
ذكرتُ بها الدَّهرَ الذي ليس عائدًا | و ما نُسيَتْ أيّامُه بل تُنُسِّيّتْ | |||
أمَا لي في بلادِ اللهِ بابٌ | يُؤَدِّيني إلى سُبلِ النَّجاح | |||
فارْحلْ فمَن لا يحلُّ موردَهُ | يُفْضِ به صفوُهُ إلى كدرِه([150]) | |||
الخاتمة: من خلال تحليل عناصر الرومانسية في 706 بيت من ديوان أبي بكر محمد بن داود الأصفهاني، يمكننا أن نستنتج أنه يُعدُّ شاعرًا رومنطيقيًّا، وأحد رواد الرومانسية وزعيم التّحرر عن التقاليد الشّعرية في العصر العباسي، لأنّ خصائص وعناصر الرومانسيّة في غزله بطابع جديد، واضحةٌ تمامًا ما نجد لها شبيهًا لدى شاعر عربي آخر بهذه الطاقة الغامرة من الاستيعاب آنذاك.
ومن دوافع تأثر الشّاعر بالرومانسية هي النزعة الجديدة، والمذهب الإبداعي الذي يبعد عن المذهب الكلاسيكي، والموضوعات التـّقليديّة أو محاكاة القدامى مثل وصف الأطلال، أو المضامين الإباحيّة أو التافه ونهجهم في سيطرة العقل والابتعاد من الذاتيّة، وعدم التغلغل في أعماق النّفس البشريّة. و کان رغبته في التجدید متأثرًا عن الثقافه الفارسیّة، وتسهيلًا عن قيود المعاني القديمة والألفاظ المتداولة المألوفة.
السّمة الأساسية الأخری للرومانسية في أسلوب أشعاره، أنّها تعتمد على تجديد جانب المعنی والأفکار وسهولة المفردات، ووضوح الألفاظ مع الترکيز علی اللاشعورية والعواطف الاجتماعيّة والإنسانيّة، والتّعبير الحر الصادق مما يسهل على القراء فهم المحتوى. إذن قد اقترب الأصفهاني باختيار قالب الغزل الذي يُعدُّ رمزًا للحب والمشاعر العميقة بشكل جيد من روح الرومانسيّة، ويركز على اكتشاف جماليات جديدة للحياة والحب.
يمتاز شعره الإبداعي الوجداني بطابع الصدق، الحرية والوحدة، واتجهت إلی الله بالشکوی وإلی الطبیعه بالنجوی وإلی البشر بالدعوة إلی الحبّ المثالي وکل ذلک من مظاهر الرّومانسیّة في شعره. عالمه الشعری کان أقرب إلی التعبير عن الأحزان التی ترافق التجربة الذاتيّة في مجتمع تقليدي مغلق.
من خلال دراسة عناصر الرومانسيّة المذكورة ومقارنتها بعناصر الغزل في ديوان أبي بکر محمد بن داود الأصفهاني، يمکن أن نشير إلی التحليل الإحصائي علی أساس الجدول 1
الجدول 1: التحليل الإحصائي لعناصر الرومانسية في أشعار الغزل لأبوبکر الأصفهاني
الرقم | إسم العنصر | عدد الأبيات | النسبة المئوية | |
1 | الحب | 302 | 2/40% | |
2 | العاطفة | 146 | 9/20% | |
3 | الأنا الذاتية أو الفردية | 92 | 5/14% | |
4 | الإجتماع | 9 | 2/3% | |
5 | الهروب عن الواقعية | إلی الطبيعة | 90 | 13% |
إلی الخيال | 52 | 2/6% | ||
إلی المتافيزيقية | 15 | 0/2% | ||
المجموع | 706 | 100% |
استنادًا إلى الجدول رقم 1، فإنّ السمة الأساسيّة التي تميّز شعر الأصفهاني عن معاصريه، وتقربه من أشعار مدرسة الرومانسيّة؛ هي أن أكثر ميول الشّاعر تكون نحو الحب العرفاني وغير المادي مع التركيز على المشاعر والعواطف الداخلية، وقد تناول المجتمع بشكل أقل. وفي صراعه مع واقع الحياة المرّ الذي يشمل القيود الكلاسيكيّة لمجتمع التقليدي والانحرافات الأخلاقية في عصر العباسيين، بالإضافة إلى الصراعات الدّاخليّة مثل فقدان محبوبه يلجأ نحو الطبيعة أو التخيّل أو المتافيزيقية. لذا فإنّ توجه الشّاعر يتمحور حول الفرد وليس عقلانيًا. هذا بينما هذه العناصر جميعها مترابطة ارتباطًا وثيقًا وتؤثر على بعضها البعض.
بناءً على نتائج البحث نقوم بدراسة التحليل الموضوعي لعناصر الرّومانسيّة في أشعار الغزل لأبي بکر الأصفهاني بشكل مقارن علی أساس الجدول رقم 2
الجدول 2: التحليل الموضوعي لعناصر الرومانسية في أشعار الغزل لأبوبکر الأصفهاني
العنصر | الرومانسية | أبوبکر محمد بن داود الأصفهانی |
الحب |
– عنصر رومانسي مهمّ (+)
-قضية عاطفية بين شخصين إلى الكون ككل (+) -روح الوجود، المقدس، الواعي (+) -مصدر التشاؤم والألم أو الهناء والسعادة (+) -للوصول إلى السموّ والكمال (+) -تجلّى فيه الصوفية ورموزها (+) – البعيد من النظرة المادّيّة وبطابع العذري وصفات روحانية (+)
|
– عنصر في ديوان الأصفهاني مهمّ (2/40%) (+)
-يتجاوز إلی المستوی الکونيّ والمادّيّ (+) – مقدس ومثالي بلا شبيه وبلا انحراف أو خيانة (+) – تتضمّن السعادة والألم في آن واحد (+) -وسيلة لتحقيق الفضيلة والسمو (+) -الممتزج برؤية صوفية وتعابيرها(+) -يتعلق بشعر الغزل العذري المكتوم(الرغبة بمحبوب واحد يمثل المثل الأعلى) (+) -الوحدة والإستمرار والتضحية في الحب (-) – ليس مقتصرًا على الشباب (-) – مختلط مع الصعوبات والتّحديات أشدّ من مرارة الموت (-) – عامل غربة العاشق بعد فراق المحبوب وفقدان العقل (-) – يحافظه الشّاعر أمام الشکوك والظنون (-) |
العاطفة |
– العاطفة تعنی بالفرد في آماله ونزعاته (+)
– إستخدام العاطفة للتعبير عن الذات بالصداقة والخلوص (+) – إظهار اللوعة والألم واليأس تدفع أحيانًا إلی طلب الموت (+) – تجلّى العاطفة في القلق والحزن والحنين والإضطراب النفسي(+) – الإفراط في إبراز الخير والشرّ (+) – الحب کتجربة عاطفية نبيلة مع التقدم الحضاري (-) – للتعبير عن المأساة الرومانسية (+) – تفضيل الأحاسيس علی العقل والترکيز علی العاطفة رغم المدرسة الکلاسيکية والعقلانية (+) |
– التعبير عن العواطف وسيلة للتحرر من قيود المعاناة الداخلية، التوترات الداخلية والعواطف المؤلمة المتباينة منها اليأس، الخوف، الأمل (+)
– المعاناة للشعور بالعواطف المتباينه کالحزن، الخوف، اليأس، الشوق، الأمل، الصبر والحنين، الشك والارتباك (+) – وصول الأحاسيس إلى ذروة الكآبة وذروة الفرح (+) -الخلوص والصداقة في التعبير عن المشاعر وعفة اللسان في القضايا العاطفية (-) – الألم، المحور الرئيسي لمعاناته الرومانسية (+) – تفضيل المشاعر على سيادة المنطق (+) – تمنّى الموت كوسيلة للهروب من معاناة الواقع، البكاء والصبر وسيلة للتحرر من عواطفه المؤلمة (-) |
التعبير عن الذات |
– التعبير عن المبادئ الفکرية، الشخصية والعقدية الذاتية ونشره في المجمتع (+)
– الحرمان، العزلة والانطواء علی الذات (+) – الأنا الذاتية وشخصية الشّاعر مرکز الکون ومحور السعادة والتعاسة (+) – تأويل فردي من خلال وصف المنظر أو القصص أو المسائل الخلقية والإجتماعية والفلسفية (+) – الغربة في المجتمع (+) – العلاقة بين البطولة والرمانسية (+) – تمنّى الموت متأثرا من عزلتهم الروحية ونفورهم من المجتمع (-) – الليل مستودع لأسرار العاشق وهمومه الذاتية (-)
|
– التعبير عن التجارب الشخصية والمعاناة الذاتية الجسمية والروحية (+)
– الحرمان والشعور بالوحدة (+) – يتمحور الشعر محور ذات الشّاعر العاشق (+) – التواضع وتذليل النفس تجاه المحبوب شريف (-) – تأويل ذاتي عبر قصص الحب (+) – الشکوی من الصراع الداخلي(-) – غربة الشّاعر في المجتمع (+) – المواجهة مع التحديات والصعوبات کظلام الليل أو الموت بشجاعته الذاتية کالبطل(التقدير الذاتي)(الثقة بالنفس) (+) – التعبير عن صفاته الوجودية الإيجابية والسلبية (-) – استكشاف الذات مِن حيث التفاؤل و التشاؤم (-) – الوافي بالعهد وحافظ أسرار الناس (-) |
الاجتماع |
-العزلة والإبتعاد من المجتمع بالنفور من الواقع والتحرر من القيود الإجتماعية والثورة على تقاليد المجتمع يضيق الآمال (+)
– ترسيم عالم مثالي للمجتمع بحلمهم يسوده الإخاء والمساواة(+) – وصف الأسرة وشؤون الحياة المؤلمة (+) – ترسيم صورة المجمتع بحلمهم کعالم مثالي يسوده الإخاء والمساواة في المجتمع (+) |
– الإعراض عن المجتمع الذي يفرض التقاليد المفروضة أو الإباحية (+)
– العزلة عن المجمتع والابتعاد عن اللائمين والأعداء (+) – عدم اليأس من عون الله لإقامة المساواة والحصول على عالم مثالي للمجتمع (+) – العيش المتحمل بالمعاناة والصعوبات للوصال (+) – إنتقاد المجتمع لقيوده علی العلاقات العاطفية والاجتماعية بهدف الإصلاح للعالم المثالي (+) – الحبّ قيد اجتماعي معرض لعيون الأعداء (-) – الاشمئزاز من أيام عيشه في المجمتع المختلط بالزور والإفک والحسد والطعن (-) – الحب العذري استجابة للتحولات الاجتماعية (-) |
الهروب | – الهروب من الذات والزمن والحب المؤلم والمحبوب إلی عالم إبداعي فيه أوهام القلب والعقل (+)
– الهروب عن طريق الخيال أو الطبيعة أو الجمال أو المتافيزية(+) – العزلة للصراع الداخلي (+) – الشعور بالغربة والفراق، عامل الهروب (+) |
– الهروب من الواقع المرير الإجتماعي وتجاهل المحبوب، من الذات، من الزمن، من الحب المؤلم (+)
– الهروب بوسيلة الخيال أو الجمال أو الطيبعة أو الدين (+) – الهروب لاتشغله عن ذکر المحبوب و نسيانه (-) – العزلة سبيلٌ ليحمي نفسه من خداع الزمان و إرتياح النفس(+) – الحب القوي المحرقة و عدم الوصال، عامل الهروب (+) – الهروب إلى الماضي أوالمستقبل المثالي (-) – العفة تسبب الهرب والفراق (-) – اللجوء إلى الله وتقديراته (-) – تؤدي الهروب نحو الموت أحيانا (-) |
الطبيعة | – الصديق المخلص والملجأ الوحيد للهروب من الواقع المؤلم
(+) – الطبيعة تتفق مع التجارب والمشاعر (+)
– التفاعل والتوحد مع الطبيعة بشكل أعمق (+) – الطبيعة مادة للوصف ولنقل الحالات النفسية والأفکار والمعاني – إعادة الإعتبار إلى الحرية وتجاوز التقاليد الکلاسيکية (+) – مخاطبة الطبيعة (+) – حبّ اللّيل كمودّع الأسرار و معبر إلی النهاية والصوفية(+) -کائنٌ حيٌّ خُلقت بواسطة الخالق يمتلک المشاعر(-) – العودةَ إلی الطبيعة عودة إلی الفطرة والذات والبساطة (-) – جزءُ لا يتجزأ من التجربة الإنسانية (-) – إندماج الذات مع الطبيعة للهدوء الداخلي (-) – الطبيعة تحمل ذکريات حب الرومانسي الضائع (+) – النظر الصوفي إلی الطبيعة إثر الاغتراب الروحي والغربة المکانية (-) – الطبيعة أبسط أشکال الحاجة إلی الفرار للرومانسي بالبحث عن الوحدة والحرية في مونولوج غنائي (-) |
– رفیق وملاذ آمن يتوحد مع الشّاعر للهروب عن خيبات الأمل وتعقيدات الحياة الاجتماعیة (+)
– کشخصيّة حيّة تشارک الشّاعر في آلامه وأفراحه (+) – الحلول والتجسيد في عناصر الطبيعة (+) – التفاعل العمیق غیرسکولاریة بين مشاعر وآلام الشّاعر والطبيعة (+) – يعدُّها مؤثرا في نقد المجتمع والتقاليد السائدة (+) – مخاطبة الطبيعة (+) – اللّيل کمصاحب في ترسيم مشاعره وأحزانه (+) – استخدام أساليب بلاغية تقليدية في وصف الطبيعة (-) – مشاركة الأفراح مع الطبيعة (-) – جزء من التجربة الإنسانيّة النشطة تثير الحب والشوق (-) – يفوق المعشوق جمال الطبيعة وعناصرها (-) تخاطب الطبيعة بعدم نسيان الذکريات الجميلة الماضية مع المحبوب (+) |
الخيال | – الهروب من الواقعية واللّجوء إلى عالم الخيال (+)
– الرومانسيون منهم المتشائمون ومنهم المتفائلون في الخيال (+) – الخيال الموجّه نحو المأساة الرومانسية متصلا بالبصيرة والشعور والحدس (+) – الخيال أداة ضرورية لتحقيق ذات الشّاعر (+) – تجاوز القوانين العقلية والمنطقية والقيود الاجتماعية (+) – إستخدام العناصر البيانية للتخييل، مصدر إبداعي للصور الشعرية أغلبها من الطبيعة والوجدان (+) – تجسيد الخيال كحقيقة (-) – الغلو في استخدام الخيال کأنه هبة عظيمة ومصدر إبداعي(-) |
– الهروب من الواقع القاسي واللّجوء إلى قوة الخيال والحلم (+)
– الخيال المتشاؤم والخيال المتفائل (+) – الخيال الموجّه نحو الألم (+) – المشاعر السلبية تؤدی إلی خلق صور خيالية حزينة (-) – تحقيق الذات من خلال الخيال (+) – تجلى الخيال في مواجهة الضغوط الإجتماعية والثقافية(+) – استخدام العناصر البيانية وتشبيه أمر المعقول إلى المحسوس (+) – الشّاعر المصاب بالوسواس الفکري والصراع الداخلي يلجأ إلی خيالاته والهرب عن الواقع (-) – الخيال يؤدي دورًا أساسيًّا في حياة الشّاعر العاطفية وترسيم علو مکانة المحبوب (-) – لجوء الشّاعر إلی الخيال المفرح نحو المکان أو الزمان السعيد في المستقبل (-) |
الدين والمتافيزيقية | – إنتقال الشّاعر من وصف منظر أو قصص إلی الحديث عن الحياة والموت والمسائل الخلقية والاجتماعية والمعاني الدينية والمعاني الفلسفية والتصوفية ومايتجاوزها إلی تأويل فردي(+)
– البعد عن الماديّة والعقلانيّة الكلاسيكيّة موجهًا نحو الدين والمسائل الميتافيزية (+) – الحب شکل من أشکال الدين وعبادة الله، بسبب طابع القداسة (+)
|
– التعبير عن المواضيع الميتافيزيقية عبر شدة البلايا و التحديات الاجتماعيّة والخلقيّة أمام المحبّ (+)
– الدعاء والعبودية أمام المحبوب، مفروضٌ علی العاشق المتدين (+) – الدهر خادع وحبلی بالمکاره لکن کلّ ما قدّر الرّحمنُ سيحدث ولا مانعَ لإرادةِ الله تعالیٰ (-) – الله قوة ميتافيزية وعليا قادرة على إنجاز كل شيء واستعادة صفاء الأيام وعون المظلوم وفک الأسير (+) – الاعتماد على الله تعالی والإجتناب عن المکاره، واجبٌ في الأمور جميعها (-) |
الجدول 3: التحليل الإحصائي لمواضيع المشتركة (+) وغير المشتركة (-) لمدرسة الرومانسية وأشعار الأصفهاني
العنصر | الرومانسية | أشعار الأصفهانی | المتوسط | النسبة |
الحب | 7+ | 7+
5- |
9 | 19.55% |
العاطفة | 7+
1- |
5+
2- |
9 | 19.55% |
التعبير عن الذات | 6+
2- |
6+
5- |
5 | 10.85% |
الاجتماع | 4+ | 5+
3- |
6 | 13.03% |
الهروب | 4+ | 4+
5- |
3 | 6.54% |
الطبيعة | 7+
6- |
8+
4- |
5 | 10.85% |
الخيال | 6+
2- |
5+
4- |
5 | 10.85% |
الدين والمتافيزيقيّة | 3+ | 3+
2- |
4 | 8.69% |
المجموع الکلي | 46 | 100% |
استنادًا إلى الجدول رقم 3، فإنّ المتوسط الناتج من المواضيع المشتركة وغير المشتركة بين مدرسة الرومانسية وأشعار الأصفهاني يدل على أن أعلى نسبة من الاشتراك تتعلق بعناصر الحب والعاطفة، وأدنى نسبة تتعلق بعنصري الهروب والدين.
يعدُّ هذا البحث جسرًا يربط بين الحضارة والتراث الشعري العربي، والمکاتب الأدبية المعاصرة بطابع نقدي من خلال التحليل والتفسير المفصل. وتعطي هذه الدراسة لمحة شاملة عن الموضوعات الرومانسية في أعمال الأصفهاني حتی تساعد الباحثين في إعداد دراسات مستقبليّة في دراسة أشعاره وفهم مدی تأثيره على الأدب العربي.
الهوامش
- 1. Rathod, 2019: 90
- Salahuddin, 2020: 14
- 3. الفاخوري، 1986: 130 و37
4 . ضيَف، 1963: 169
- الزيات، 1993: 153
- البرادعي، 1992: 28
7 . (Badawi, 2006: 82
- 8. مصباح الدين، 2017: 38
9 . بیشوايی، 1398: 3
10 . Ferber, 2010: 10
11 . Rahman, 2024: 6
- غنيمي هلال، 1986: 3
13 . عثمان، 1439: 17
- الورقي، 1990: 76
15 . عبد الوهاب، 2016: 1
- كامل، 1984: 189
17 . عثمان، 1439: 40
- الحاوي، 1980، ج1: 13
19 . غنيمي هلال، 1973: 292
- غنيمي هلال، 1986: 164
21 . الحاوي، 1980، ج4: 179
- بلاطة، 1960: 63
23 . غنيمي هلال، 1986: 107
- فتحي، 1988: 187
- شرارة، 1984: 202
- هدارة، 1994: 22
- قيسومة، 2013: 93
- زغلول سلام، 1981: 127
- Rathod, 2019: 90
- 30. السعيد، 1982: 32
- زغلول سلام، 1981: 125
32 . غنيمي هلال، 1986: 66
- الورقي، 1990: 77
- عباس، 1959: 51
- عباس، 1978: ٥٥
- صفدي، 2000، ج3: 48
- ابن خلكان، 1900، ج2: 255
- الخطيب البغدادي، 2002، ج3: 158
- غنيمي هلال، 2008: 168
- خليفة، 2014: 141
41 . ضيف، 1973: 443
- ابراهيم، 2021: 55
43 . بسندي، 1393: 2
- علي، 2018: 15
45 . خطيب، 2020: 67
- مشوح، 1993: 129)
47 . الأصفهاني، 1985: 449
- عثمان، 1439: 98)؛
49 . الأصفهاني، 1985: 78
- المصدر نفسه: 259و235
51 . المصدر نفسه: 209
- المصدر نفسه: 97
53 . المصدر نفسه: 97
- نفس المصدر: 54و75
55 . نفس المصدر: 163و479
- الأيوبي، 1984، ج2: 86
57 . الأصفهاني، 1985: 123
- مصباح الدين، 2017: 42
59 . الأصفهاني، 1985: 118
- المصدر نفسه: 289
- عثمان، 1439: 80
- الأصفهاني، 1985: 289
- زغلول سالم، 1981: 127
- الأصفهاني، 1985: 288
- الغيث، 2010: 150
- الأصفهاني، 1985: 223
- المصدر نفسه: 459
- المصدر نفسه: 192و97
- المصدر نفسه: 61
- خطيب، 2020: 91
- الأصفهاني، 1985: 411
- المصدر نفسه: 216و81
- إبراهیم، 2003: 175
- الأصفهاني، 1985: 84و107
- أبو الشباب، 1981: 96
- الأصفهاني، 1985: 301و302
- التميمي، 2017: 224
- الأصفهاني، 1985، ص 209و123
- عثمان، 1439: 80
- الأصفهاني، 1985: 75و199
- هيغل، 1986: 336
- الأصفهاني، 1985: 162و115
- المصدر نفسه: 213
- البقاعي، 1985: 218
- الأصفهاني، 1985: 406
- الأصفر، 1999: 68)
- الأصفهاني، 1985: 366
- خضر حمد، 2017: 42
- الأصفهاني، 1985: 107
- عثمان، 1439: 58
- الأصفهاني، 1985: 107و396
- عثمان، 1439: 76
- الأصفهاني، 1985: 289و193
- المصدر نفسه: 97و259
- عباس، 1959: 45
- هدارة، 1994: 27
- الأصفهاني، 1985: 284و78
- المصدر نفسه: 162و62
- المصدر نفسه: 479
- المصدر نفسه: 458و469و137
- المصدر نفسه: 479و193و456
- عثمان، 1439: 61
- الأصفهاني، 1985: 259
- جحا، 1981: 103
- الأصفهاني، 1985: 289
- دسوقي، 2023: 51
- الأصفهاني، 1985: 190 و62
- المصدر نفسه: 193
- المصدر نفسه: 479 و257
- المصدر نفسه: 107و123و301
111 . المصدر نفسه: 459 و156
- المصدر نفسه: 163 و217 و288
- مندور، 2017: 33.
- المصدر نفسه: 376 و179
- المصدر نفسه: 376 و 179
- ابراهيم، 2021: 62
- الأصفهاني، 1985: 426و288
- الحاوي، 1986: 33
- الأصفهاني، 1985: 326
- غنيمي هلال، 1970: 81
- الأصفهاني، 1985: 289
- المصدر نفسه: 289
- الغيث، 2010: 146
- الأصفهاني، 1985: 420
- المصدر نفسه: 396
- الأصفر، 1999: 74
- تييفيم، 1981، ج2: 22
- الأصفهاني، 1985: 318و288
- عثمان، 1439: 74
- الأصفهاني، 1985: 318و62و416و291
131 . الورقي، 1990: 76
- الأصفهاني، 1985: 406و288و426و302
- تييفيم، 1981، ج2: 30
- الأصفهاني، 1985: 88
- المصدر نفسه: 223و169و288
- عثمان، 1439: 80
- الأصفهاني، 1985: 217و341و163
- المصدر نفسه: 341
- المصدر نفسه: 284و459و366
- قصاب، 2012: 17
- الأصفهاني، 1985: 420
- حسین، 1922: 22
- الأصفهاني، 1985: 251 و 115
- علوش، 1985: 107
- الأصفهاني، 1985: 230و308و157
- جحا، 1981: 114
- الأصفهاني، 1985: 301و223
- مصلح، 2020: 58
- الأصفهاني، 1985: 230
- المصدر نفسه: 326و435و217
المصادر والمراجع
- الأصفر، عبدالرزاق. (1999م). المذاهب الأدبية لدی الغرب، دمشق: منشورات اتحاد الکتاب العرب.
- الأصفهاني، أبوبکر محمد بن داود. (1985م). الزهرة، الزّرقاء: مكتبة المنار.
- الأيوبي، یاسین. (1984م). مذاهب الأدب معالم وانعکاسات، بيروت: الموسسة الجامعية.
- إبراهيم، علاء اسماعيل. (2021م). شعر الحب العذري والإلهي، القاهرة: ماستر للنشر والتوزيع.
- إبراهيم خليل. (2003م). مدخل لدراسة الشعر العربي الحديث، الأردن: دار المسيرة.
- البقاعي، شفيق. (1985م). الانواع الادبية مذاهب ومدارس (في الادب المقارن)، بيروت، مؤسسة عز الدين.
- البرادعي، خالد محيي الدين. (1992م). من كتاب الزهرة لأبي بكر محمد بن داود الأصبهاني، بیروت: دار الكتب العلمية.
- بلاطة، عيسى. (1960م). الرومنطيقية ومعالمها في الشعر العربي الحدیث، بيروت: دارالثقافة.
- التميمي، هدى. (2017م). الأدب العربي عبر العصور، بيروت: دار الساقي.
- تييفيم، بول فان. (1981م). الرومانسية في الأدب الأروبي، ترجمه صطاح الجهطم، دمشق: وزارة الثقافة والإرشاد القومي.
- جحا، ميشال. (1981م). خلیل مطران باکورة التجديد في الشعر العربي الحدیث، دارالمسيرة.
- الحاوي، إيليا. (1980م). الرومنسية في الشعر الغربي والعربي، بيروت: دارالثقافة.
- ______. (1986م). في النقد و الأدب..مذاهب فنية غربية عربية، بيروت: دارالكتاب اللبناني.
- حسين، محمد الخضر. (1922م). الخيال في الشعر العربي، القاهرة: المطبعة الرحمانية.
- حمودي القيسي، نوري. (1972م). أوراق من ديوان أبي بكر محمد بن داود الأصفهاني، العراق: وزارة الإعلام.
- إبن خلكان، أحمد بن محمد. (1900م). وفيات الأعيان، تحقيق: إحسان عباس. بيروت: دار صادر.
- خضر حمد، عبدالله. (2017م). المذاهب الأدبية دراسة وتحليل، بيروت: دار القلم.
- خطيب، قصي فاضل. (2020م). الصدق الفنّي في شعر الغزل حتى نهاية القرن الثاني الهجري، العبدلي: دار الخليج.
- الخطيب البغدادي، أبوبكر. (2002م). تاريخ بغداد، تحقيق: بشار عواد معروف، بيروت: دار الغرب الإسلامي.
- خليفة، بسمة. (2014م). إضاءات على مادة تقنيات التعبير، قاهرة: دار النهضة العربية.
- السعيد، خالدة. (1982م). حرکية الإبداع، بیروت، دارالعودة.
- أبو الشباب، واصف. (۱۹۸۱م). القديم والجديد في الشعر العربي الحديث، بيروت: دار النهضة الحديثة.
- شراره، عبد اللطيف. (1984م). معارك أدبية قديمة ومعاصرة، بيروت: دار العلم للملايين.
- الصفدي، صلاح الدين. (2000م). الوافي بالوفيات، بيروت: دار إحياء التراث.
- ضيف، شوقي.(1963م). تاريخ الأب العربي 2 الأدب الإسلامي، القاهرة. دار المعارف.
- _______. (1973م). تاريخ الأدب العربي 4 العصر العباسي الثاني، القاهرة: دار المعارف.
- زغلول سلام، محمد. (١٩٨١م). النقد الأدبي الحديث. إسکندرية: دار منشأة إسکندرية.
- الزيات، أحمد حسن. (1993م). تاريخ الأدب العربي للمدارس الثانوية والعليا، بيروت: دار المعرفة.
- دسوقي، ابراهيم. (2023م). جدلية المثال والواقع في الشعر العربي المعاصر، مصر: وكالة كنزي للنشر.
- عباس، إحسان. (1959م). فن الشعر، دار الثقافة، بيروت.
31. _______. (1978م). إتجاهات الشعر العربي المعاصر، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، الكويت.
- عثمان، نغم عاصم. (1439ق). الرومانسـية بحث في المصطلح وتاريخه..، العراق: العتبة العباسية المقدسة.
- علي، فايز. (2018م). الرمزية والرومانسية في الشعر العربي من امرئ القيس إلى أبي القاسم الشابي دراسة في علاقة الشعر بالأسطورة، دار نشر الکتب العربية الإلکترونية.
- علوش سعيد. (1985م). معجم المصطلحات الأدبية المعاصرة، دارالکتاب اللبناني، بيروت.
- غنیمی هلال، محمد. (1986م). الرومانتيكية، مصر: مكتبة مصر لطباعة الأوفست.
- (1973م). الرومانتيكية(النقد الأدبی الحدیث)، بیروت: دارالعودة.
- (2008م). الأدب المقارن، مصر: نهضة مصر للطباعة.
- (1970م). دراسات ونماذج في مذاهب الشعر ونقده، مصر: دار النهضة.
- الغيث، نسيمة راشد. (2010م). خليل مطران في مرآة النقد الأدبي، الکويت: مؤسسة عبدالعزيز البابطين.
- الفاخوري، حنا. (1986م). الجامع في تاريخ الأدب العربي، بيروت: دار الجيل.
- فتحي، إبراهيم. (1988م). معجم المصطلحات الأدبية، تونس، المؤسسة العربية للناشرين المتحدين.
- قصاب، وليد ابراهيم. (2012م). البلاغة العربية علم البيان، بيروت: دار الفكر المعاصر.
- قيسومة، منصور. (2013م). مدخل إلى جمالية الشعر العربي الحديث، تونس: الدار التونسية للكتاب.
- کامل، مجدي وهبة. (1984م). معجم المصطلحات العربية في اللغة والأدب، بیروت: مکتبة لبنان.
- مشوح، وليد. (1993م). دراسات في الشعر العربي الحديث. دمشق: دار معد.
- مصلح، رسل صالح. (2020م). جماليات العلاقة رؤية في شعر مجنون ليلي، عمان: دار غيداء.
- مندور، محمد. (2017م). محاضرات عن خليل مطران، المملكة المتحدة: مؤسسة هنداوي.
- الورقي، السعيد، محمود كسبر. (1990م). في علم الاجتماع الأدبي، الإسكندرية: دار المعرفة الجامعية.
- ﻫﺪارة، ﻣﺤﻤﺪﻣﺼﻄﻔﻲ. (1994م). ﺑﺤﻮث ﻓﻲ اﻷدب اﻟﻌﺮﺑﻲ اﻟﺤﺪﻳﺚ، ﺑﻴﺮوت: داراﻟﻨﻬﻀﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ .
- هيغل، (1986م)، الفن الرمزي-الرومانسي، ترجمه جورج طرابيشی، بيروت: دار الطليعة.
- بسندی، فائزه، نصرالله شاملي، علي بنائيان اصفهاني. (1393ش). أبوبكر محمد بن داود الأصفهاني، شاعر الحب العفيف، فصلية اللسان المبين (بحوث في الأدب العربي)، السنة 6، العدد 18، صص 14-1.
- بیشوایی علوی، محسن، پروين يوسفي، ;لبهار نادري. (1398ش). بررسي تطبیقي مؤلفه هاي رمانتیک در اشعار خلیل مطران و بیساراني، بزوهشنامه ادبیات کردي، المجلد 5، العدد 8، صص 106-77. DOI:10.34785/J013.2020.710
- رحماواتي، ضياء ساري. (2018م). رومانتيكية العاطفة والخيال في شعر الغزل لعنترة بن شداد (دراسة رومانتيكية)، جاکرتا، بحث للحصول علی الدرجة الجامعية الأولی بکلية الآداب.
- عبد الوهاب، عبد الله عبد الرحيم. (2016م). المحاور المشتركة بين الادبین الرومانسي والعرفاني، جامعة بابل، مجلة كلية التربية الأساسية للعلوم التربوية والانسانية، العدد 25. صص 148-133.
- مساعد الزبير، ندى بكري. (2020م). من ملامح الرومانسية الحديثة في الأدب القديم عينية متمم بن نويرة في رثاء أخيه مالك نموذجًا، حولية کلية اللغة العربية بجرجا، جامعة الأزهر، المجلد 2، العدد 24، صص 1870-1841. DOI: 21608/bfag.2020.85148
- مصباح الدين، أحمد. (2017م). هيمنة مذهب الرومنطيقي في الأدب العربي الحديث بمصر..، رسالة ماجستير لجامعة مولانا مالانج.
- ملازاده، ريحانه. (1392ش). الملامح الرومانسية في شعر فدوی طوقان، مجلة إضاءات نقدية، السنة 3، العدد 10، صص 208-193.
- Badawi, Mohammad Mustafa. 2006. Modern Arabic literature. Cambridge: Cambridge University Press.
- Ferber, Michael. 2010. Romanticism: a very short introduction. United states. New York: Oxford university press inc.
- Iyas Nasser, 2022, The Traditional Qaşīdah And Kitāb Al-Zahrah By Ibn Dāwüd Al-Ișfahānī, The Hebrew University Of Jerusalem, Israel.
- Rathod, Rakesh. 2019. Romantic movement: a journey to nature, beauty and imagination, idealization of women and rejection of industrialization. India: excel publication.
- Tobkin, Jennifer, 2011, Themes Of The Poetry Of Muḥammad Ibn Dāwūd Al-Iṣfahānī In Kitāb Al-Zahra, Catholic University Of America Literary, For The Degree Doctor Of Philosophy, Washington, D.C.
- Rahman, Dr. Md. Atwar. 2024. Romanticism is an important movement in Arabic literature: a historical analysis. The academic; volume 2 | issue 6.
- Salahuddin Mohammad. Shamsuddin / prof. dr. 2020. Impact of classicism and romanticism on modern Arabic literature (a comparative study). Journal of Arabic Language and Literature: Issue 4, pp 107-125.
[1] – أستاذ مساعد في تعليم اللغة العربية، جامعة فرهنکيان لإعداد المعلمين، أصفهان، إيران – الكاتبة المسؤولة.
– Assistant professor Department of Arabic Language Education -Farhangian University, Isfahan, Iran. Email: f.pasandi@cfu.ac.i
[2] – ماجستير في اللغة العربية وآدابها، جامعة أصفهان، إيران.
Master’s Degree in Arabic Language and Literature, University of Isfahan, Iran. Email: mahsa.khalilian137621@gmail.com