foxy chick pleasures twat and gets licked and plowed in pov.sex kamerki
sampling a tough cock. fsiblog
free porn

التّناغم بين فلسفة الفارابي والحكمة القرآنية في تفسير مفهوم السّعادة

0

عنوان البحث: التّناغم بين فلسفة الفارابي والحكمة القرآنية في تفسير مفهوم السّعادة

اسم الكاتب: جعفر شانظري

تاريخ النشر: 19/03/2025

اسم المجلة: مجلة أوراق ثقافية

عدد المجلة: 36

تحميل البحث بصيغة PDF

التّناغم بين فلسفة الفارابي والحكمة القرآنية في تفسير مفهوم السّعادة

The Concord between Al-Farabi’s Philosophy and Quranic Wisdom in Interpreting the Concept of Happiness

جعفر شانظري* Dr. Jafar Shanazari  

علي بنائيان أصفهاني ** Dr. Ali Banaeian Esfahani

تاريخ الإرسال: 2025-2-1                                    تاريخ القبول: 2025-2-15

 

 turnitin: 11%                                                                       

جعفر شانظري

الملخص

يتناول هذا البحث العلاقة بين فلسفة الفارابي والحكمة القرآنيّة في تفسير مفهوم السّعادة، بوصفه موضوعًا محوريًا في الفلسفة الإسلاميّة والعلوم الإنسانيّة. تبرز أهمية الموضوع من الحاجة إلى فهم متكامل للسّعادة كغاية وجوديّة تسعى البشرية لتحقيقها، خاصةً في ظل التّحديات الفكريّة والاجتماعيّة المعاصرة. يكتسب البحث ضرورته من تسليط الضوء على التّقاطع بين الفكر الفلسفي الإسلامي وتعاليم القرآن الكريم، ما يسهم في تعزيز فهمنا للسبل المؤدية إلى الكمال الإنساني.

يعتمد البحث منهجية تحليليّة نقديّة، تقوم على دراسة متعمقة لنصوص الفارابي وابن سينا ومقارنتها بالنصوص القرآنية ذات الصّلة. يُحلل البحث مفهوم السّعادة ضمن إطار فلسفي وديني متكامل، مع التركيز على التدرج الإنساني نحو الكمال الروحي والعقلي من خلال المعرفة العقلية والأعمال الصّالحة.

علي بنائيان أصفهاني

توصلت الدّراسة إلى أنّ السّعادة الحقيقيّة تتحقق من خلال القرب من الله، بوصفها غاية الغايات والخير المطلق. وأظهرت أنّ فلسفة الفارابي تنسجم مع تعاليم القرآن في تحديد السّعادة كخير مطلوب لذاته، مؤكدةً أن السّعادة ليست مجرد حالة فرديّة، بل هي عمليّة مستمرة تعتمد على التوازن بين الفضائل الأخلاقيّة والمعرفة العقليّة. كما يبرز البحث أهميّة الحركة التّدريجيّة نحو الكمال بوصفها شرطًا أساسيًا للسعادة الحقيقيّة والدائمة.

الکلمات المفاتيح: السّعادة، الفارابي، الكمال، القرآن، الفضيلة الأخلاقية، المعرفة العقلية.

Abstract

This research explores the relationship between Al-Farabi’s philosophy and Quranic wisdom in interpreting the concept of happiness, a pivotal theme in Islamic philosophy and the humanities. The importance of this subject lies in the need for a comprehensive understanding of happiness as an existential goal that humanity aspires to achieve, especially in the face of contemporary intellectual and social challenges. The study gains its relevance by highlighting the intersection between Islamic philosophical thought and Quranic teachings, contributing to a deeper comprehension of the pathways leading to human perfection.

The research employs a critical-analytical methodology, conducting an in-depth examination of the works of Al-Farabi and Ibn Sina and comparing them with relevant Quranic verses. The study analyzes the concept of happiness within an integrated philosophical and religious framework, focusing on the gradual progression toward spiritual and intellectual perfection through rational knowledge and virtuous actions.

The study concludes that true happiness is achieved through nearness to God, identified as the ultimate goal and the highest form of good. It reveals that Al-Farabi’s philosophy aligns with Quranic teachings in defining happiness as an end pursued for its own sake. The research underscores that happiness is not merely an individual state but a continuous process reliant on balancing moral virtues with intellectual knowledge. Furthermore, it emphasizes the importance of gradual progress toward perfection as a fundamental prerequisite for genuine and enduring happiness.

Keywords:
Happiness, Al-Farai’s philosophy, perfection, Quran, moral virtues, intellectual knowledge.

  1. المقدّمة

السّعادة، الشّقاء، الّلذة، الألم، الفوز، الفلاح، السّعادة الحقيقيّة، التّعاسة، الخلاص، النّجاح، الخير، الشرّ، وغيرها من الكلمات المشابهة كانت منذ الأزل ولا تزال تشكل مفاتيح النّقاش في مجال الأنثروبولوجيا، والمباحث الفلسفيّة المتعلقة بعلم النّفس والعلوم الإنسانيّة. وقد أُجريت حولها أبحاث ودراسات متعددة ولا تزال تُجرى حتى اليوم. ولا شك أنّه يمكن القول إنّ البشر جميعهم يسعون وراء هذا الهدف المفقود ويحلمون بتحقيقه. وقد تناول القرآن الكريم موضوع السّعادة والشّقاء من جوانب متعددة في آياته المختلفة. ومن ذلك قوله تعالى: ﴿فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ([1]) إذ عُرِّف الفوز والخلاص بالنّجاة من النّار والدّخول إلى الجنة.

في التعرف إلى ماهية السّعادة والنعماء وإثبات وجودها، وكذلك في تحليل المفاهيم المرادفة لها، طُرحت آراء ونظريات ووجهات نظر متنوعة إلى حد ما. فهل السّعادة هي الكمال والتّحقق الفعلي في كل كائن؟ أم أن السّعادة تتمثل في اللذة التي ينالها الإنسان مقابل آلامه ومعاناته؟ لقد أشار القرآن الكريم إلى لذة الإنسان وآلامه الماديّة والمعنويّة، ورسم درجات السّعادة واللذة من خلال تصوير مراتب الجنة، فقد قال تعالى: ﴿وَفِیهَا مَا تَشْتَهِیهِ الْأَنفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْیُنُ وَأَنتُمْ فِیهَا خَالِدُونَ([2]).

هل السّعادة هي الخير والصلاح فقط، أم أنّها تتجاوز ذلك إلى ما هو أعمق؟ هل السّعادة أمر داخلي يتعلق بالتّحقق والإنجاز، أم أنّها أمر خارجي يتعلق بالاكتساب والامتلاك؟ وهل السّعادة تتمثل في تلبية احتياجات الإنسان وتحقيق رغباته؟ يمكن إضافة أسئلة أخرى إلى هذه التساؤلات، مثل: هل السّعادة حالة فوق طبيعيّة تتحقق للإنسان دفعة واحدة، أم أنّها عملية تدريجيّة تتحقق عبر حركة مستمرة ومن خلال الانتقال من القوة إلى الفعل؟ يشير القرآن الكريم في هذا السّياق إلى الطّابع التّدريجي لحركة الإنسان نحو الكمال، إذ يقول تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ([3]).

هل السّعادة هي المعرفة العقليّة فقط، أم أنّها مرادفة للفضيلة؟ وهل السّعادة هي الغاية العظمى والمقصد الأسمى للإنسان؟ يؤكد القرآن الكريم أهمية المعرفة العقليّة، والعلم كأحد سبل الوصول إلى السّعادة، فيقول تعالى: ﴿قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ([4]) ويشدد على الفضيلة الأخلاقيّة والأعمال الصالحة كطريق للسعادة، فيقول: ﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً([5]).

هل السّعادة مزيج من اللذة الجسديّة، الكمال الروحي، والمعرفة العقليّة، أم أنّها من طبيعة ميتافيزيقيّة؟ وهل للسّعادة مراتب تشمل الجسد، الدنيا، العقل، والآخرة؟ يشير القرآن الكريم إلى وجود مراتب متعددة للسّعادة، ومنها النّعم الدّنيويّة والأخرويّة، فيقول في ذلك: ﴿وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ([6]).

هل السّعادة موحدة في مراتب وجود الإنسان جميعها وفي كل عوالم الوجود، أم أنها تختص بمرتبة معينة وعالم محدد؟ وأخيرًا، هل السّعادة أمر مكتسب ونتيجة جهد وبحث، أم أنّها مصطنعة ومخلوقة بإرادة الإنسان؟ هذه التّساؤلات، إلى جانب عشرات الأسئلة الأخرى، دفعت المفكرين والباحثين في مجال العلوم الإنسانيّة إلى البحث والتّحقيق للإجابة عنها. ومن منظور القرآن، فإن السّعادة الحقيقيّة تتحقق فقط بالقرب من الله تعالى، كما يقول: ﴿وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ([7]).

خلفية البحث

تناول الحكماء السّابقون تعريف السّعادة البشرية؛ وتفسيرها بالاستناد إلى رؤاهم الأنطولوجيّة والأنثروبولوجيّة الفلسفيّة، فعمِل كل منهم على تحليل ماهيّة السّعادة ووجودها. يرى أفلاطون أن سعادة الإنسان هي مزيج من المعرفة العقليّة واللذة الحسيّة التي تخلو من الألم وتكون بعيدة من الخطيئة([8]) وفي مواضع أخرى، يعدُّ أفلاطون أن السّعادة تكمن في التشبّه بالإله الأعلى([9]).

كتب فروغي في كتابه تاريخ الفلسفة في أوروبا: «أفلاطون يرى أنّ اجتماع الحكمة والشّجاعة والعدالة يشكّل السّعادة، بمعنى أن تحقق هذه الفضائل في الإنسان يؤدي إلى الرضا والسّعادة»([10]).

يرى أرسطو أنّ سعادة الإنسان تكمن في التفكير([11])، وقد عدّ السّعادة من خصائص الإنسان التي تتحقق من خلال القوّة العاقلة. فالقوّة المميزة للإنسان هي العقل، وبالتالي فإن سعادته ترتبط بالعقل. ولأنّ وظيفة العقل هي التفكير والتّأمل، فإنّ التفكير الذي هو عمل العقل، ويُضفي اللذة على الإنسان، يُعدّ سعادته.

يعتقد أرسطو أن: «الفضيلة إمّا أن تكون فطريّة أو مكتسبة، ولكن بما أن الفضيلة يجب أن تتحول إلى عادة وملكة، فإن تنميتها منذ الصّغر والشّباب، من خلال التربيّة الأسريّة التي تجعل الإنسان يحب الخير وينفر من الشرّ، له دور كبير في تحقيق الفضيلة، وهذه التربية تُكتسب من خلال التفكير»([12]).

مع ذلك، اعترض البعض على تعريف السّعادة بالمعرفة العقليّة أو التفكير، بحجة أن التفكير أو المعرفة والوعي يُفضيان إلى السّعادة، ولكنهما ليسا السّعادة بحد ذاتها. بمعنى أنّ المعرفة والوعي والتفكير يُعدّون مقدمة للسعادة، وليسوا جزءًا جوهريًا منها([13]).

يُعرف الفارابي، المعلم الثاني، السّعادة في قوله: «السّعادة هي الخير المطلوب لذاته … وليس وراءها شيء آخر يمكن أن يناله الإنسان أعظم منها»([14]) بناءً على هذا، تُعدُّ السّعادة أعلى أنواع الخير، وهي ذاتية في طابعها، ولا يوجد خيرٌ آخر يمكن للإنسان أن يصل إليه أعظم منها. ويضيف في موضع آخر أنّ سعادة الإنسان تتحقق عندما يصل إلى مرتبة من الكمالات الوجوديّة، فيصبح غير محتاج إلى المادة، ويصبح من الكائنات المجردة، ويبقى خالدًا في حالة المجردة والمفارقة عن المادة، شريطة أن لا يتجاوز مرتبة العقل الفعال.

يرى الفارابي أن القوى الموجودة جميعها في الإنسان خادمة للقوة الناطقة والتي يقسمها إلى نظريّة وعمليّة. ويعدُّ العقل العملي أيضًا في خدمة العقل النظري، ويحدد السّعادة في استكمال القوة النّظريّة، إذ يقول: «والناطقة منها عمليّة ومنها نظريّة، والعمليّة جعلت لتخدم النظريّة، والنظريّة لا لتخدم شيئًا آخر، بل ليوصل بها إلى السّعادة»([15]).

وبناءً على ذلك، يرى الفارابي أنّ سعادة الإنسان تكمن في المعرفة واستكمال القوة النّظريّة لديه، كما يفسر سلوكه الخيّر بناءً على المعرفة.

أما ابن سينا، فقد عرّف السّعادة أنّها الهدف الأسمى للكائن الحي، فيقول: «إن السّعادة هي أفضل ما سعى الحي لتحصيله» وفي موضع آخر يقول: «إن السّعادة على الحقيقة هي المطلوب لذاتها والمستأثرة بعينها». السّعادة عند ابن سينا هي غاية مطلوبة لذاتها، والنّهاية القصوى التي يصل إليها كل كائن حي، بل هي عين ذاته. يمكن القول إنّ السّعادة في نظر ابن سينا تتمثل في تحول الإنسان إلى عالم عقلي، إذ يقول: «سعادة النّفس في ذاتها صيرورتها عالمًا عقليًّا، ومن جهة علاقتها بالبدن استيلاؤها عليه»([16]).

وهذا يعني أنّ مصداق السّعادة من وجهة نظر ابن سينا يكمن في العقل النظري من خلال تحول الإنسان إلى عالم علمي وعقلي، وفي العقل العملي من خلال سيطرة الإنسان على بدنه وشهواته الماديّة. ويقول أيضًا: «وغاية كمال الإنسان أن يحصل لقوته النظرية العقل المستفاد، ولقوته العملية العدالة، وههنا يختم الشرف في عالم المعاد»([17]) أمّا ملا صدرا، فقد عدَّ السّعادة في اتصال الإنسان بالمعقولات، فيقول: «وهو كمال الإنسان وسعادته هو الاتصال بالمعقولات ومجاورة الباري»([18]).

أمّا الحكماء المعاصرون، فقد تناولوا دراسة دلالات مصطلح السّعادة وتحديد مصاديقها، ففسّر كل منهم السّعادة بناءً على رؤيته في علم الإنسان وعلم المعرفة. ويكتب العلامة الطباطبائي: «نعني بالسّعادة ما هو خير له من حيث إنّه إنسان».  أي أنّ السّعادة للإنسان تتجلى في ما يُعد خيرًا له في إنسانيته([19]).

بعبارة أخرى، فإنّ الإنسان في مسيرته الاستكمالية يُحيل الأفعال، والأفكار التي يكتسبها إلى هيئة أو ملكة نفسيّة. وهذه الملكة قد توصف بالسّعادة أو بالشّقاء. ومن هنا، فإن سعادة الإنسان تتمثل في تلك الحالة أو الملكة التي تكون خيرًا له في إنسانيته. ومن الجدير بالذكر أنّه وفاقًا للبراهين العقليّة، فإنّ هذه الحالة أو الملكة الاكتسابيّة في الإنسان، بوصف كمال وجوده، تمتلك مراتب من الكمال والنّقص وفاقًا للتشكيك في الوجود، كما هو الحال في أصل الوجود نفسه.

وعليه، تتحقق للإنسان مراتب متعددة من الكمال، فيقول: «ثم إنّ البراهين قائمة على أن الكمال الوجودي مختلف بحسب مراتب الكمال والنقص والشّدة والضّعف، وهو التشكيك خاصة في النور المجرد، فلهذه النّفوس مراتب مختلفة في القرب والبعد من مبدأ الكمال، ومنتهاه في سيرها الارتقائي وعودها إلى ما بدأت منه»([20]).

يرى الشهيد مطهري أنّ سعادة الإنسان تكمن في تحقيق آماله وأمانيه، إذ يقول: «سعادة النّفس هي نيل الآمال والوصول إلى الأماني»([21]) ويضيف في موضع آخر: «سعادة النّفس هي رضاها بما فيها»([22]) وبذلك يُفهم أن ذروة السّعادة تتمثل في كمال الرضا.

أمّا محمد تقي مصباح يزدي، فيكتب عن معنى السّعادة قائلًا إن السّعادة والّلذة مترادفان، ولكن الّلذة قد تكون لحظيّة وقصيرة المدى، بينما السّعادة هي اللذة الدائمة. ويرى أنّ السعيد هو من تكون لذاته، في الكم والكيف، ذات تفوق وديمومة: «السّعادة هي اللذة على الإطلاق أو نسبيًّا»([23]).

یری باحث آخر أنَّ السّعادة تكمن في تفوق الّلذات على الآلام بشكل مطلق، فلا يكون هناك ألم أو معاناة على الإطلاق، أو على الأقل أن تكون المعاناة أقل من الّلذة، سواء أكانت اللذة كميّة أو نوعيّة، وسواء أكانت السّعادة مطلقة أو نسبيّة، ماديّة أو معنويّة. ويقول: «السّعادة هي أن تكون اللذات تفوق الآلام، إما بلا ألم أو بمعاناة أقل من الّلذة»([24]).

وعليه، فإنّ مصداق السّعادة في رأيه، كما يُفهم من آيات القرآن الكريم، يكمن في النجاة من عذاب جهنم والدخول إلى الجنة.

 الدّراسة التّحليليّة لوجهة نظر الفارابي حول مفهوم السّعادة

كما أُشير سابقًا، يرى الفارابي أنّ السّعادة هي الخير الأعلى المطلوب لذاته، ولا يوجد خير آخر يفوقه يمكن للإنسان أن يبلغه. ويكتب: «الخير المطلوب لذاته الذي ليس ورائه شيء آخر يمكن أن يناله الإنسان عظّمه الله»([25]).

تؤكد هذه النظرة بعض الآيات القرآنيّة، إذ يقول الله تعالى:﴿وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنْتَهَى([26]) ما يدل على أنّ نهاية كل الأمور، وغايتها القصوى هي الوصول إلى الله سبحانه وتعالى.

إذا حسبنا عبارة «الذي ليس ورائه…» قيدًا تفسيريًا، فمن الواضح أنّ الخير الذي يُطلب لذاته هو غاية الغايات، وهو خير لا يكون مقدمة لخير أعلى منه. أمّا إذا فسّرنا العبارة كقيد احترازي، فسيُفهم منها أنّ الخير ينقسم إلى نوعين:

  1. خير وسعادة تمهيديّة.
  2. خير وسعادة نهائيّة لا تكون مقدمة لغيرها.

في كلتا الحالتين، السّعادة في نظر الفارابي هي الخير المطلوب لذاته وليس وسيلة لشيء آخر. ومع ذلك، إذا كان المقصود هو المطلوب الذاتي النهائي، فإنّه يشير إلى غاية الغايات، والتي يعدُّها الفارابي السّعادة الحقيقية. ويختصر القرآن الكريم هذه الغاية النهائيّة في القرب من الله تعالى ونيل رضاه، كما يقول ﴿وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللَّهِ أَكْبَرُ([27]).

فإذا لم يصل الإنسان إلى تلك الغاية القصوى التي لا يوجد وراءها خير، أو مطلوب ذاتي أعلى، فلن يكون سعيدًا. ومن الواضح أن هذا المفهوم للسّعادة لا يتحقق لكثير من الناس. بالإضافة إلى هذا الإشكال، لا يمكن استخلاص من عبارة الفارابي تحديد ماهية ذلك الخير الأعلى الذي لا يوجد خير مطلوب يفوقه، فلم يوضح الفارابي في أي مجال من مجالات وجود الإنسان، تكمن هذه الغاية القصوى والخير الأعلى. وقد أشار القرآن الكريم مرارًا إلى وجود مراتب مختلفة في السّعادة والكمال، فيقول: ﴿وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِّمَّا عَمِلُوا([28]).

يُستنبط من بعض عبارات الفارابي، وابن سينا أن جوهر السّعادة لدى الإنسان يكمن في الوصول إلى المعرفة العقليّة، فيتحقق كمال الإنسان وسعادته الحقيقيّة في تحوله إلى عالم العقل.

يقول الفارابي في كتابه «آراء أهل المدينة الفاضلة: «وتلك هي السّعادة، وهي أن تصير نفس الإنسان من الكمال في الوجود إلى درجة لا تحتاج فيها إلى مادة، فتصبح جزءًا من الأشياء الخالية من الأجسام وجواهر مفارقة للمواد، وتظل في تلك الحالة أبدًا، وإن كانت رتبتها دون رتبة العقل الفعّال»[29].

ويتوافق هذا الرأي مع ما جاء في القرآن الكريم، ويدعو الله تعالى الإنسان إلى التأمل والتفكر، فيقول: ﴿إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ([30]).

يرى الفارابي أنّ سعادة الإنسان تكمن في سيره نحو الكمال من خلال الوصول إلى مرتبة التجرد عن المادة، فيصبح الإنسان في هذا المسار الصّعودي جزءًا من الجواهر المفارقة، ويظل في تلك الحالة إلى الأبد. ويعتقد أن الوصول إلى هذه السّعادة يتحقق من خلال الأفعال الفكريّة والأعمال البدنيّة الصالحة التي تُكوّن الهيئات والملكات والفضائل الجماليّة. وقد أكد القرآن الكريم أهميّة الأعمال الصالحة كوسيلة لتحقيق الفلاح والنجاح، إذ يقول﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُو۟لَٰٓئِكَ يَدْخُلُونَ ٱلْجَنَّةَ([31]).

يرى ابن سينا أيضًا أن سعادة الإنسان تتحقق في تحوله إلى عالم العقل، ويُعِدُّ أنّ غاية الكمال والسّعادة القصوى تكمن في الوصول إلى مرتبة العقل المستفاد في العقل النظري، والعدالة في العقل العملي. في هذا السّياق، يقول: «غاية كمال الإنسان أن يحصل لقوته النظرية العقل المستفاد، ولقوته العملية العدالة، وهنا يختم الشرف في عالم المعاد»([32]).

وبعبارة أخرى، يكتب: «فسعادة النّفس في كمال ذاتها من الجهة التي تخصيصها هو صيرورتها عالمًا عقليًا، وسعادتها من جهة العلاقة بينها وبين البدن أن يكون لها الهيمنة الاستيلائيّة»([33]).

وبالنظر إلى العبارات السابقة التي نقلت عن الفارابي وابن سينا، يتضح أنّ سعادة العقل النظري تكمن في تحوّل الإنسان إلى عالم عقلي والوصول إلى العقل المستفاد، بينما في العقل العملي، تتجلى السّعادة في السيطرة التّامة على عالم المادة والجسد المادي وملذاته. وقد أكد القرآن الكريم في هذا الصدد تفضيل العلم والمعرفة العقليّة، وهو يقول: ﴿قُلْ هَلْ يَسْتَوِي ٱلَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَٱلَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ([34]).

في هذه الحالة، يجب أن نعترف أنّ السّعادة بهذا المعنى تكون بعيدة من متناول الكثير من الناس. فإلى جانب أن العديد من الناس يتعلقون بالّلذات، والكمالات الحسيّة ولا يصلون إلى الكمال العقلي أو المعرفة العقلانيّة بمستوى العقل المستفاد، فإنّ هذا الفهم للسعادة يظل فهمًا نهايتيًا وليس كماليًا. علاوة على ذلك، يتضمن هذا التّصور حصر الكمال والسّعادة الحقيقية للإنسان في بعده العقلي فقط، ما يعني أن الّلذات الحسيّة في الدنيا لا تُعدُّ جزءًا من سعادته وكماله. وقد أشار القرآن الكريم إلى هذه الحقيقة، موضحًا أن بعض الناس يرتبطون بالدنيا وما فيها من لذات حسية، وقد قال تعالى: ﴿يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِّنَ ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ ٱلْآخِرَةِ هُمْ غَٰفِلُونَ([35]).

وبناءً على ذلك، وبالنظر إلى غياب الحركة الاستكماليّة بعد الموت الطبيعي، فإنّ دائرة سعادة الإنسان ستظل محدودة، إلّا إذا استفاد من فرصة الحياة الدنيا في السّعي نحو التّكامل الرّوحي والعقلي، ليبدأ في السير على طريق السّعادة الحقيقيّة. كما قال الله تعالى:﴿وَمَا خَلَقْتُ ٱلْجِنَّ وَٱلْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ([36]).

تفسیر وتعدیل وجهة نظر الفارابي حول سعادة الإنسان 

يعتقد الباحثون أنّه ينبغي النّظر إلى الهندسة المعرفيّة والمنظومة الفكريّة، ونظام الوجود الفلسفي عند الفارابي بشكل شامل، فتُجمّع أفكاره المختلفة في سياق متكامل، وتُقدَّم الاستنتاجات العقليّة بشأن كل مسألة على حدة. بناءً على فهمه للوجود المادي والطبيعي، اعتمد الفارابي على نظرية القوة والفعل في تفسير الموجودات الطبيعيّة والماديّة، بما في ذلك الإنسان. ويرى أنّ كل حادث له سبب مادي وحركة، وأن حدوثه هو نتاج المادة وحركتها.

في هذا السّياق، يكمن كمال كل موجود وسعادة الإنسان في تفعيل استعداداته، وتحقيقها من القوة إلى الفعل. وبالتالي، فإنّ كمال الإنسان في العقل النّظري يتحقق عندما يتحول العقل الهيولائي إلى عقل بالفعل، وعندما يصل إلى مرحلة العقل المستفاد. أمّا كمال العقل العملي فيتمثل في تفعيل الاستعدادات، والقدرات الكامنة في الإنسان. ومن هنا، فإنّ كل قوة تتحقق فعليًّا، وهذا الفعل هو كمالها، وكمال الشيء يعدُّ سعادته.

ومن هذا المنطلق، فإنّ السّعادة لا تُفهم فقط كغاية قصوى في إطار منظور غاياتي، بل هي تمثل الوصول إلى الكمال في كل مرتبة من مراتب الوجود. هذا المفهوم يتوافق أيضًا مع ما يذكره القرآن الكريم في قوله: ﴿وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّـهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ([37]).

هذه الآية تشير إلى الوصول إلى الأهداف الإنسانيّة العليا التي يمكن تحقيقها في كل مرحلة من مراحل التطور. إذًا، تُفهم السّعادة في رؤية الفارابي على أنها كمال يُسعى لتحقيقه. بناءً على هذا التصور، تُعدُّ السّعادة ذات أهمية، ويمكن تقسيمها إلى سعادة نهائيّة وسعادة تمهيديّة حسب مراتبها. في رسالته “في السّعادة”، يُعبّر ابن سينا عن هذا المعنى قائلًا:«ومعلومٌ أن من اختلطت به هذه النقائص فليس مطلوبًا على وجهه، وما ليس مطلوبًا بتمامه فليس بالسّعادة الحقيقية…» ([38]).

ويُوضح بشكل جلي أن السّعادة الحقيقية لا تتحقق إلّا في الحياة الآخرة، فتُطهر النّفس من كل نقائص وتصل إلى الكمال. وفي القرآن الكريم، نرى أن العديد من الآيات تشير إلى السّعادة في الآخرة، كما في قوله ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ النَّعِيمِ([39]) هذه الآية تؤكد بوضوح السّعادة النّهائيّة للإنسان في الآخرة.

كما يقول أيضًا في ما يتعلق بالسّعادة النهائيّة والحقيقية للإنسان، إنّ هذه السّعادة تتحقق عندما تُزال الوسائط جميعها بين الإنسان والمحبوب، فيتمكن من الوصول إلى جوار الله وخير الله المطلق: «ثم الشّأن الأعظم والسّعادة الكبرى التي تنالها هناك هو ارتفاع الوسائط بينه وبين معشوقه…»([40]) ويشابه هذا المفهوم الآيات القرآنية التي تشير إلى القرب من الحقيقة والمحبة الإلهية في يوم القيامة، كما في قوله تعالى: ﴿يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ([41]) هذه الآيات تشير إلى نوع من القرب إلى الحقيقة والمعشوق الإلهي في يوم القيامة.

ويعدُّ ابن سينا أن الطريق إلى السّعادة يكمن في إدارة قوى النّفس بحكمة، ويُعدُّ الاعتدال في الحكمة العملية معيارًا للكمال: «فأيّ نفس جمعت هذه المناقب فقد فازت بالسّعادة العظيمة في الآخرة…»([42]). ويمكن أيضًا ملاحظة نفس المعنى في القرآن الكريم، فيقول الله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ([43]) تشير هذه الآية إلى أن السّعادة والكمال يأتيان من الداخل، من خلال تغيير النّفس.

يعدُّ فارابي في كتابه “تحصيل السّعادة” أن أساس ومبادئ الاجتماع البشري والحياة الجماعية تؤدي في النهاية إلى سعادتَي الدنيا والآخرة من خلال أربع فضائل نظرية وعملية، فيقول: «الفضائل الفكريّة والفضائل الخُلقيّة والصناعات العمليّة… حصلت لهم بها السّعادة الدنيا في الحياة الأولى والسّعادة القصوى في الحياة الآخرة»([44]).هذه الأقوال تقترب إلى تعاليم القرآن التي تؤكد نمو العقل والتقوى في الدنيا، فيقول تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا*يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا([45]).

بناءً على ذلك، يرى الفارابي أن السّعادة والكمال يتجليان في الدنيا والآخرة، ويعدُّ تعلم الفلسفة مفيدًا للسعادة الآخروية، ويقول: «وتستعمل ليكمل الغرض بذلك العلم وهو السّعادة القصوى والكمال الأخير الذي يبلغه الإنسان…»([46]). يتقارب هذا الرأي مع آيات القرآن التي تشدد على التعليم والتعلم: ﴿فَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا([47]).

وفي كتابه “فصوص الحكم”، يقوم الفارابي بتقسيم الإدراك في كل قوة إلى ملائم وغير ملائم، ويعدُّ الإدراك الملائم والمتوافق مع طبيعة كل قوة هو الكمال واللذة. وهذا المفهوم يجد تأكيدًا في القرآن الكريم: ﴿إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيةً لِّلْمُؤْمِنِينَ([48]) في النّهاية، في نظر الفارابي، يُعد الإدراك الملائم الذي يمثل الخير واللذة والكمال، في سياق السّعادة والهناء.

ويذكر الأستاذ المحقق حسن زاده آملي أنَّ فارابي يعتقد أن النّفس، عندما تتحرر من قيود الهوى والشّهوات، تتحول إلى نفس مطمئنة وتستحق التوجيه الإلهي: ﴿أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ([49]) هذه الإشارة تتعلق باللذة والسّعادة الناتجة عن القرب من الحقيقة، وهو ما نجده أيضًا في القرآن: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ([50]).

في الختام، يمكن القول إنّه بناءً على الوجودية الفلسفيّة، فإن تعريف الفارابي للسّعادة من منظور الكمال، وتوضيحه للغَايَة القصوى للسعادة، يتفوق فلسفيًا على آرائه الأخرى في مسألة السّعادة والفلاح. هذا التّصور لا يتوافق فقط مع الفلسفة الإسلاميّة، بل يتناغم أيضًا مع تعاليم القرآن الكريم، ويركز على أهميّة النّمو العقلي للإنسان، ويؤكد ضرورة السعي نحو الكمال في كل من الجوانب العقليّة والروحيّة.

الخاتمة

يتضح مما ورد في الكتاب أن مصطلحات السّعادة، والكمال والّلذة في فلسفة الفارابي تحمل معنًى واحدًا، وهو الإدراك المتناغم مع طبيعة كلّ قوة في كل موجود. فالإدراك الذي يتوافق مع طبيعة القوة يُعد لذةً لتلك القوة، ويعدُّ الكمال في كل شيء هو الفعليّة، أي الخروج من القوة إلى الفعل، وهو ذاته السّعادة لذلك الشيء. ومن ثمَّ، فإن السّعادة هي الخير المطلوب ذاتيًّا للإنسان، وهي أعلى هدف يسعى إليه، وهي ضالته التي يبحث عنها. ويجد هذا المعنى توافقًا مع تأكيد القرآن الهدفيّة والكمال في الإنسان، كما في قوله تعالى: ﴿وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَىٰ*وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَىٰ([51]).

لذا، فإنّ السّعادة ورفاهية الإنسان هي أمر داخلي يتجسد في سيره نحو الكمال. أولًا، إنّ الوصول إلى الفعليّة يتطلب حركة، ولذلك عدّ الفارابي وابن سينا أنّ طريق السّعادة يكمن في الحركة والخروج من القوة إلى الفعل. وأنّ كمال القوة النّظريّة يتمثل في انتقال العقل من الهيولى إلى العقل الفعلي والمستفاد، كما عدَّ أن استكمال العقل العملي يتحقق من خلال الاعتدال وبلوغ العدالة. هذه الحركة الاستكماليّة تتحقق تدريجيًّا وبالجهد المستمر. وقد أكد القرآن التّدريجيّة في تكامل الإنسان، كما في قوله: ﴿خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا…([52]) ما يشير إلى عمليّة التّحول والتّطور التّدريجي.

ثانيًّا، إنّ هذه الحركة الاستكماليّة والفعليّة هي حركة تدريجيّة، لأنّها تتحقق من خلال الجهد المستمر والتّحرك في سبيل الكمال. ولذلك، فإنّ الفعليّة والكمال يعدان من مقولات التّشكيك، وغاية هذا التّشكيك تكمن في الوصول إلى أعلى مراتب الوجود، وهي التشبه الإلهي والاستقرار في جوار الحقّ. وتظهر هذه الرؤية أيضًا في القرآن، إذ يقول الله تعالى: ﴿يَا أَيَّتُهَا النّفس الْمُطْمَئِنَّةُ*ارْجِعِي إِلَىٰ رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً*فَادْخُلِي فِي عِبَادِي*وَادْخُلِي جَنَّتِي([53]) وهو ما يبيّن السّكينة الكاملة والسّعادة النّفسيّة التي تعود إلى الله.

وبذلك، يمكن القول إن هناك نوعين من السّعادة، اللذة، والكمال: أحدهما حسي وجسمي ومادي، والآخر عقلي ومجرد. ولكن السّعادة الحقيقية للإنسان في نظر الفارابي هي نفس الخير المطلوب ذاتيًّا النهائي الذي تجلى في قول ابن سينا: «كمال الجوهر العاقل أن تمثل فيه جلية الحق الأول»([54]) وفي قول الفارابي: «والنّفس المطمئنة كمالها، عرفان الحق الأول بإدراكها…» ([55]) وهذه المفاهيم تتناغم مع الآية القرآنيّة التي تُعدُّ عبادة الله ومعرفته هدفًا للخلق: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ([56]).

 

الهوامش

 

  1. 1. آل عمران: 185.
  2. 2. الزخرف: 71.

3 . الانشقاق: 6.

4 . الزمر: 9.

5 . النحل: 97.

  1. 6. النساء: 13.

7 . المائدة: 35.

  1. 8. كابلستون، 1362، ج 1، ص 298.
  2. 9. المصدر نفسه.
  3. 10. فروغي، 1344، ص 26.

11 . المصدر نفسه، ص 472 و474.

12 . فروغي، 1344، ص 48 .

  1. 13. فياضي، 1393، ص 613-610 .

14 . الفارابي، 2003، 101.

  1. 15. المصدر نفسه، 102.
  2. 16. ابن سينا، 1400، 261.
  3. 17. ابن سینا، 1363، 97- 110.
  4. 18. ملا صدرا، 1378 ، ج 1 ، 2.

19 . طباطبائی، 1393، ج 1، ص 183.

  1. 20. المصدر نفسه، 184).
  2. 21. مطهري، 1380، ج 7، ص 60.

22 . المصدر نفسه، ص 61.

23 . مصباح یزدی، 1376، ج 1، 29-31.

24 . فياضي، 1393، ص 602.

25 . الفارابي، 2003، ص 101.

  1. 26. النجم: 42 .
  2. 27. التوبة: 72.
  3. 28. الأنعام: 132.
  4. 29. الفارابي، 2003، ص 100-101.

30 . الرعد: 3.

31 . غافر: 40.

32 . ابن سینا، 1363، ص 99- 100.

33 . المصدر نفسه ، ص 110.

34 . الزمر: 9.

  1. 35. الروم: 7.
  2. 36. الذاريات: 56.
  3. 37. العنكبوت: 69.
  4. 38. ابن سینا، 1400، 262.
  5. 39. لقمان: 8.
  6. 40. ابن سینا، 1400، 262 .
  7. 41. عبس: 34-36.
  8. 42. ابن سینا، 1400، 262.

 

  1. 43. الرعد: 11.
  2. 44. الفارابي، 1995، 25 .
  3. 45. الأحزاب: 70-71 .
  4. 46. الفارابي، 1995، ص 25.
  5. 47. طه: 114 .
  6. 48. آل عمران: 169.
  7. 49. الرعد: 28 .
  8. 50. حسن زاده، 1365، 119- 120.
  9. 51. النجم، 39-40.

 

  1. 52. الزمر، 6 .

 

  1. 53. الفجر، 27-30 .

 

  1. 54. ابن سینا، 1400، 262.

 

  1. 55. الفارابي، 1995، ص 25.

 

  1. 56. الذاريات، 56.






المصادر والمراجع

  1. القرآن الکريم.
  2. ابن سينا. (1363ش). المبدأ والمعاد(تحت إشراف مهدي محقق). طهران: منشورات مؤسسة الدراسات الإسلاميّة، جامعة مكغيل بالتعاون مع جامعة طهران.
  3. ابن سينا. (1400ش). رسالة في السّعادة، قم: منشورات بيدار.
  4. حسن زاده، حسن. (1365ش). نصوص الحكم بر فصوص الحكم. طهران: نشر فرهنگی رجا.
  5. طباطبائي، محمدحسين، (1393ش). الميزان في تفسير القرآن (المجلد الأول). بيروت: مؤسسة الاعلى.
  6. الفارابي، أبونصر. (1995م). تحصيل السّعادة، قدّم له وعلّق عليه وشرح الدكتور علي بوملحم، بيروت: دار ومكتبة الهلال.
  7. الفارابي، أبونصر. (2003م). آراء أهل المدينة الفاضلة ومضادها، قدّم له وعلّق عليه وشرح الدكتور علي بوملحم. بيروت: دار ومكتبة الهلال.
  8. فروغي، محمدعلی. (1344ق). سير حكمة في أوروبا (المجلد الأول). طهران: منشورات زوار.
  9. فياضي، غلامرضا. (1393ش). علم النّفس الفلسفي، (تحقيق وتحرير محمدتقي يوسفي). قم: مؤسسة تعليمية وبحثية الإمام الخميني.
  10. كابلستون، فريدريک. (1392ش). تاريخ الفلسفة، المجلد الأول، (ترجمة جلال الدين مجتبوي). طهران: مركز المنشورات العلمية والثقافية التابع لوزارة الثقافة والتعليم العالي.
  11. مصباح يزدي، محمدتقي. (1376ش). الأخلاق في القرآن(المجلد الأول)، تحقيق وكتابة: محمد حسين إسكندري. قم: مؤسسة تعليمية وبحثية الإمام الخميني.
  12. مطهري، مرتضی. (1380ش). مجموعة آثار، المجلد السابع. قم: منشورات صدرا.
  13. ملاصدرا، صدرالدين محمد. (1378ش). الحكمة المتعالية في الأسفار الأربعة(المجلد الأول). قم: منشورات مكتبة المصطفوي.

 

*  أستاذ مشارک، قسم الفلسفة والکلام الإسلامي، جامعة أصفهان- إیران- الكاتب المسؤول.

-Associate Professor of the Department of Theology and Islamic Philosophy, University of Isfahan, Isfahan, Iran. Email: j.shanazari.j@ltr.ui.ac.ir

**  أستاذ مساعد، قسم علوم القرآن والحدیث، جامعة أصفهان – إیران.

-Assistant Professor, Department of Quranic and Hadith Sciences, University of Isfahan, Iran) Email: a.banaeian@theo.ui.ac.ir

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

free porn https://evvivaporno.com/ website