اللغة العربيّة والذكاء الاصطناعي
اسم المجلة: مجلة أوراق ثقافية
اللغة العربيّة والذكاء الاصطناعي
The Arabic language and the Artificial Intelegence
Dr.Georges haddad د. جورج إبراهيم حداد([1])
اللغة كائن حيّ، تتشكَّل من رموز وأصوات ودلالات وأنظمة مُكتسَبة، تتغيَّر وتتطوَّر بشكل مستمر. لكنْ، هل اللغة ترتبط بالتفكير؟ ما هي الخطوات الأساسيَّة التي تساعدنا في استخدام الذَّكاء الاصطناعيّ استخدامًا صحيحًا في العلوم الإنسانيَّة؟
يعتقد الأدباء المعاصرون، والنُّقَّاد المحدَثون في العلوم الإنسانيَّة إلى أنَّ العقلَ الإنسانيّ مرتبطٌ بالنموّ اللغويّ لديه. هذا، فضلًا عن أنَّ الإنسانَ يتطوَّر بلغته، ويرتقي بقدراته العقليَّة، فينمو ذكاؤُه، ويشتدُّ تفكيره. ونحن نعتقد أنَّ المعارفَ والمفاهيم والمصطلحات والخبرات يستمدُّها الإنسانُ من الشُّعور والتّجربة الحسيَّة. هكذا، تصير الأحاسيس واللغة عنصرًا أساسيًّا في تشكيل الأفكار، وتوليد المسائل النفسيَّة والعقليَّة، وتفعيل الذَّكاء المهذَّب باتّجاه التسامي والارتقاء. والمتعارَفُ عليه أنَّه كلَّما زادَتْ نسبةُ الذَّكاءِ العقليّ عند الإنسان ازدادَتْ قدراته على فهم المقروء، أو المسموع من العبارات على مختلِف أنواعها. وما لا شكّ فيه هو أنَّ عمليَّة حفظ المعلومات والمفردات اللغوية يدلُّ على نسبة نموّ التَّفكير ومدى سرعتِه لدى الإنسان، عِلمًا أنَّ الثَّراء اللغويّ لا يدلُّ على الثَّراء الثقافيّ. أمَّا حسنات الذَّكاء الاصطناعيّ فقد صارت من المرتكزات الأساسيَّة في حياتنا اليوميَّة؛ لأنَّه يعمل بشكل أو بآخَر على تسهيل الـمَهام العلميَّة والأدبيَّة والنَّفسيَّة والاجتماعيَّة والاقتصاديَّة والطبّيَّة والصناعيَّة والحسابيَّة والتّجاريَّة والاقتصاديَّة والطّبيَّة والفَلَكيَّة وما سوى ذلك. لكنَّ سيئات الذكاء الاصطناعيّ تتجلَّى في ﭐنتشار الأمراض الجسديَّة كالوجع في الظَّهْر، والضُّعف في النَّظر لجلوس ساعات طويلة أمام شاشة “الكومبيوتر”، ناهيكَ عن الأمراض النفسيَّة التي يُصابُ بها الإنسان كاليأس والقلق والعُزلة والانطواء والانفصام في الشَّخصيَّة الفرديَّة، وغيرها… لكنْ، إذا كانَ الذَّكاءُ الاصطناعيّ يدعم التنوُّع الثقافيّ المحلِّي بين الشُّعوب، فإنَّه يخلق إرباكًا في بعض المعارف بل إلتباسًا في الحقائق والحقوق.
ويَعتمِدُ الذَّكاءُ الاِصطناعيُّ على التَّغذيةِ الرَّاجعةِ التي يُـمكنُ تـحديدُها من حساباتٍ تعتمدُ على كثيرٍ مِنَ الاِحتمالاتِ ﭐلتي قد يعجَزُ الحاسوبُ العاديُّ أنْ يقومَ بـهـا. وهكذا، يُـمكِنُ لتلك الحواسيب أنْ تُحـلِّــلَ معلوماتِ هذه الكواكبِ السَّابحة في الفضاء لتـحديدِ أيُّـها أكثرُ ﭐحتمالًا لوجودِ الحياةِ من أجلِ دراستِه بصورةٍ أدقّ. وقدِ ﭐستُخدِمَ الذَّكاءُ الاصطناعيُّ فـي برمجةِ الإنسانِ الآلـيّ، وأيضًا في برمَـجةِ بعضِ الهواتفِ النَّقَّالةِ الذَّكيَّةِ لِــتُـــمـــيِّـــزَ الأصواتَ والتَّـرجـمة بين اللغات. لكنَّ بعضَ العُلَماءِ يَـتَـخـوَّفـونَ مِنْ أنْ يُــعـيدَ الإنسانُ برمـجـةَ نفسِه، حيث يُسبِّبُ له مشاكلَ لا أحدَ يُــقدِّر مدى خطورَتِـهـا، ولا أينَ سوفَ تنتهي. وقد حذَّرَ عُلماءُ الفيزياء من أنَّ “الروبوت” قد يصلُ إلى مُستوًى عالٍ من الذَّكاء، ويستطيع أنْ يتفوَّقَ على الإنسانِ ويَـصـيـرَ نوعًا جديدًا مِنَ الحياة، أو بديلًا عن الجنس البشريّ، وهذا ما لا تُـحمَدُ عُقباه.
إذًا، هل يبعثُ الذكاء الاصطناعيّ أزْمةَ هُويَّاتٍ ويعمل على تفجير صراعات فكريَّة وعنصريَّة وعِرقيَّة؟
1- دكتوراه دولة في اللغة العربيّة وآدابها، في المعهد العالي للدكتوراه في الجامعة اللبنانيّة، العام 2015.
PhD in Arabic Language and Literature, Higher Institute of Doctorate Studies, Lebanese University, 2015 Email:Dr.Georgeshaddad@hotmail.com
