البونيّون Poeni
دراسة حول التأثير الثقافي الكنعاني – الفينيقي الشرقي في الثقافة الفينيقية – البونية الغربية (العمارة السكنية تحديدًا – القرن التاسع قبل الميلاد – القرن الثاني قبل الميلاد)
د. عليّ إبراهيم زين الدين*
المقدّمة
بعد الانهيار الكبير الذي حلّ بالممالك العظمى في القرن الثالث عشر قبل الميلاد وهو ما عُرف بـ”انهيار ثقافة عصر البرونز”، وتغيّر الخارطة الجيوسياسية للشرق عمومًا وخصوصًا منطقة الحوض الشرقي للبحر الأبيض المتوسط بعد سقوط الامبراطورية الحثية في الشمال وتلاشي النفوذ المصري في الجنوب والأمر نفسه بالنسبة إلى الحضارة المسينية، شهد القرنان – الثاني عشر والحادي عشر قبل الميلاد – نهضة للشعوب التي نجت من الخراب الكبير، فتشكلت تحالفات جديدة، وتغيير في المشهد العام للمنطقة المشرقية، لم ينعكس هذا الواقع الجديد على المشهد السياسي، والتجاري، والاقتصادي، والاجتماعي فقط، بل طال الجوانب الأخرى للإنتاج المادي كالنحت، وصناعة الفخار، وغيرها، ومنها فن العمارة حيث ظهرت أنماط معمارية جديدة بعيدة نوعًا ما من القصور الكبيرة الحصينة، والمدن المسوّرة ليظهر نمط البيوت في القرى المنتشرة، وهذا بالتأكيد فرض تغييرًا في تقنيات العمارة، والمواد المستخدمة. وما نحن بصدد دراسته هنا هو من نتائج تلك النهضة التي قامت بها تلك الشعوب، وبالتحديد النهضة التي شهدتها مدن الساحل الشرقي للبحر المتوسط في المنطقة الكنعانية التي عرفت بـ”فينيقيا” في هذه المرحلة من تاريخها، واتسمت مدنها “بالنضوج” الفكري، والتجاري، وطفرة من الغنى الفاحش نتيجة تطور نظامها الاقتصادي، نذكر أهم مدنها، صور Tyr، صيدا Sidon، الصرفند Sarepta، جبيل Byblos، وأرواد، هذا النجاح الاقتصادي، والثروة دفع تلك المدن إلى التوسع خارج حدودها مدفوعة بأسباب عدة نذكر أهمها:
السياسي: لم تشكل تلك – الممالك – المدن قوات عسكرية كبيرة بهدف الهجوم والاستعمار بالقوة فهي أصلًا لم تظهر العداء للقوى المسيطرة، بل عملت على مسايستها وإظهار الاحترام بهدف تيسير تجارتها.
اقتصادي: إن زيادة الإنتاج الزراعي، والحرفي شكل فائضًا لم يعد بإمكان السوق المحلي استيعابه فكان لا بد من البحث عن أسواق خارجية مع الأخذ بالحسبان أن السوق المصري الذي كان الأكثر استهلاكًا للإنتاج الفينيقي شهد مرحلة من الركود نتيجة عوامل بيئية واقتصادية منها حقبة الجفاف الطويلة التي أثّرت في مناطق شمال – شرق أفريقيا خلال القرن الثاني عشر قبل الميلاد نتج عنها مواسم حصاد فقيرة في المحاصيل في منطقة وادي النيل، فتراكمت البضائع في الأسواق، وحصل اضطراب على مستوى اليد العاملة ما أدى إلى انهيار الاقتصاد المصري، إضافة إلى أنه بعد رمسيس الثالث Ramesses III (1194 – 1163 ق. م.) عانت البلاد من حكام اتسموا بالضعف، وعدم الكفاية للقيام بمَهَمّات الحكم فانصبّ اهتمامهم على الإصلاحات الداخلية. Markoe, E. Glenn, 2000))
اجتماعي: إن الطبقات الاجتماعية الميسورة لم تسكن خارج المدينة المسوّرة، نتيجة للتطور الاقتصادي فازادد عددها؛ وهذا الأمر انسحب على الفلاحين، والعمال، وغيرهم من الفئات المماثلة المقيمة خارج الأسوار، فكان لا بد من البحث عن أماكن أخرى لإنشاء مدن جديدة وفق شروط مناسبة للرؤية الفينيقية أي أرض ذات سطح صخري، وقريبة من _________________
* أستاذ محاضر في الجامعة اللبنانية كلية الآداب الفرع الخامس قسم الفنون والآثار.
الشاطئ، ومن مصدر للمياه العذبة.
بناء عليه، فإن معرفتنا عن الحضارة الفينيقية تعتمد على معلومات، ومصادر متناثرة في أرجاء العالم القديم، ومن خلال المعلومات الأثرية المتزايدة يومًا بعد يوم، من أهم المصادر المكتوبة نذكر الحوليات الآشورية، المؤرخون الإغريق واللاتينيين، العهد القديم، حيث سلطت هذه المصادر مجتمعة الضوء على بعض الأعمال التجارية الفينيقية، ولكنها كانت فقيرة في المعلومات حين يتعلق الأمر بتطورها السياسي، والاجتماعي، والاقتصادي، الأمر نفسه ينسحب على الديانة ما خلا النقوش التي تركها الفينيقيون على آثارهم المدفنية المعلمية التي تذكر الآلهة التي عبدوها وصورًا مرويّة للطقوس النذرية بالإضافة إلى شذرات قليلة عن الأسر التي حكمتها (صور، صيدون، جبيل وأرواد).
من الثابت؛ وبالنظر إلى المصادر التي سبقت الإشارة إليها أن المدن الفينيقية الرئيسة وخصوصًا صور أخذت تتطور على صعد عدّة بشكل متسارع في القرنين الثامن والتاسع قبل الميلاد فزاد عدد السكان، وزادت معه الحاجة إلى أراضٍ جديدة فجابوا شواطئ البحر المتوسط باحثين عن أماكن مناسبة لإقامة مدنهم متذرعين بقصص وأساطير([1]) جعلت السكان المحليين في تلك البلاد يتعاطفون معهم فأقاموا المستعمرات في قبرص، وصقلية، وكريت، وشمال أفريقيا مرورًا بجزر الباليار، وشبه الجزيرة الإيبيرية، وبلاد المغرب العربي اليوم، وأسبانيا. وسيطروا على ممر مضيق جبل طارق بأعمدة هرقل، وحصروا بها المرور إلى ما وراء البحر المتوسط، وأقاموا المحطات على سواحل المحيط الأطلسي، واحتكروا التجارة مع السكان هناك، وكان هذا سببًا رئيسًا في ثراء صور على وجه التحديد.
ومن المفارقة أن ما نعرفه اليوم عن الحضارة الفينيقية من مصادر خارجية أكثر مما نعرفه عن الفينيقيين في أرضهم الأم؛ إن كان في الدين، أو التقاليد، أو الإنتاج الثّقافي وحتى في العمارة خصوصًا السّكنية، وهذه الأخيرة سنتعرض لجزء منها في ما يأتي وهو ما عرف بالعمارة السكنية الفينيقية – البونية([2])، ربما مردّ ذلك أن المدن الفينيقية كانت عرضة دائمًا للتدمير، أو لأن الإنتاج كان معدًا للتصدير الخارجي التجاري فبقي بعيدًا من التخريب، وما تجب الإشارة إليه هنا أنه وعلى الرغم من هذا التغيير حافظت المدن الكنعانية – الفينيقية الساحلية على خصائها الثقافية وتقاليدها في اللغة والدين والممارسات الاجتماعية على الرغم من اندماجها بالشعوب التي غزت المنطقة وأطلق عليها شعوب البحر حيث ظهر تأثيرها في الإنتاج الكنعاني – الفينيقي إلا أنه لم يغيرها Markoe, E. Glenn, 2000)). هذا ما أظهرته الحفريات، والتحقيقات الآثارية في المستعمرات الفينيقية التي أنشاؤوها غربي البحر المتوسط بَدءًا من آلاشيا (قبرص) كيتيون Kition (لارنكا حاليًا) مرورًا بـشمال أفريقيا قرطاجةCarthege, كيراكوان Kerkouane عتيقة Utica وصولًا إلى شبه الجزيرة الإيبيرية حيث أنشاؤوا قادش Cadiz. هذا هو بالتحديد المسرح الذي سنتناول فيه الثقافة الفينيقية – البونية.
فقد كشفت أعمال التنقيب في شبه الجزيرة الإيبيرية بكثرة عناصر معمارية مشرقية حيث أظهرت الدراسات الفينيقية – البونية في إسبانيا خصائص مميِّزة على هذا الصعيد بعد الحفريات التي كشفت أساسات أبنية في Cadiz، من العوامل المميزة للعمارة الفينيقية في المستعمرات في أرجاء البحر المتوسط هو الأمكنة التي اختاروا إنشاء أبنيتهم عليها، فقد اعتاد الفينيقيون على بناء “الأحياء” السكنية فوق سطح صخري للرؤوس البحرية، أو الجزر في أمكنة ليست بعيدة جدًا من الشاطئ قدر المستطاع، وهذه مستعمراتهم تشهد على ذلك (قبرص، كريت، سردينيا، صقلية، موتيا، جزر الباليار، قرطاجة، قادش، ليكسوس، موغادور وغيرها) (Bondi, S. Filippo)، وبحسب الباحث في الثقافة الفينيقية (Markoe, E. Glenn, 2000) فقد بنيت المستعمرة الفينيقية النموذجية من قسمين، القسم الأول عبارة عن المدينة الدنيا، وهي التي تضم المحترفات، والقسم السكني، والقسم الثاني هو المدينة العليا التي تضم المعبد “والإدارات الحكومية”، وسكن الطبقات الغنية، وعادة مسوّرة يفصل جدار بينها وبين المدينة الدنيا، بداية لم يخضع لنظام المخطط الشبكي العام القديم للمدينة الفينيقية – البونية نظام المخطط الشبكي([3]) ولم يتأثر بالعناصر المعمارية الهلينية سوى ما أظهره فريق التنقيب الألماني في قرطاجة من خلال نوعية الحجر الأبيض الذي بنيت منه الجدران وعُدَّ نمطًا هلنستيًا([4]).
أول ما يقوم به الفينيقي أينما حلّ كان بناء المعبد (lbt في الكتابة الفينيقية)، Nora في سردينيا، Cadiz في
مخطط شبكي/ بيرصة – قرطاجة |
إسبانيا، Lixus وUtica في أفريقيا، حيث تم تأريخ المسلات المعلمية هناك إلى القرن التاسع قبل الميلاد كأدلة على العناصر الثقافية الفينيقية (Aubet, E. María)، إن الحروف الأبجدية الفينيقية bet أو bt تعني البيت مشابهة جدًا لكلمة lbt التي كان يقصد منها الدلالة على المعبد أو مكان العبادة حيث يترك للسياق العام تحديد المعنى المقصود، بناء عليه تمت الإشارة إلى المصطلح betyle أي بيت الإله، والمقصود به الحجارة المقدسة (نُصُب) تعبّد لها الفينيقيون، ومرجع المعنى لكلمتين سامييتين هما bet وel أو il، وكلمة El هي للدلالة على الإله الفينيقي الأعظم في مجمع الآلهة وهو أبو الآلهة، وحتى يومنا الحالي لا يزال هذا المصطلح مستعملًا للدلالة على مكان السكن أي البيت باللغة العربية bayt وفي اللغة العبرية bayit (בית).
مخطط شبكي/ بيروت -bey 010 |
تعدُّ العمارة السكنية أكثر منتج ثقافي تعبيرًا ومن أكثر العناصر الحضارية تشاركًا بين أفراد المجتمع، فيمكن أن تكون مسكنًا لعائلة أو مسكنًا لأكثر من عائلة
واحدة، كما يمكن أن تبنى من الحجر أو من الخشب والطين أو من الحجر والملاط
أو مواد أخرى، وأحيانًا تكون من جلود الحيوانات إذ يسهل نقلها أثناء الترحال كما استعملت جذوع الأشجار لحمل الأسقف، فكانت العمارة السكنية “المختبر” الذي من خلال نتائجه تم مع الوقت تطوير العناصر المعمارية والمواد لتتلائم مع الحاجات العملية للمقيمين فيها، طبعًا لا يمكن التفصيل حين يتعلق الموضوع بالآلية التي اعتمدت لتهوئة المساكن، أو لإضاءتها، مثلًا عدد النوافذ أو أحجامها لأنها من العناصر المعمارية الموجودة في الارتفاعات العليا من الجدران وهي أول الأجزاء التي تتعرض للانهيار نتيجة العوامل الطّبيعية، أو الأعمال البشرية، نعم يمكن الإطلاع على بعض التفاصيل من خلال النقوش، والعملات المسكوكة، وبعض النصوص التي تتحدث حول هذا الموضوع، على عكس الأجزاء الدنيا من البناء التي يمكن تتبع تفاصيلها من خلال البقايا التي غالبًا ما تكون مدفونة بالتراب، أو تحت الأبنية التي أنشئت في أوقات لاحقة. من أجل التفصيل في العمارة الفينيقية – البونية عمومًا لا بد أن نطلع بداية على المعطيات الثقافية كافة، وكذلك الممارسات المتوفرة المتعلقة بها للإحاطة بمفهوم عمارة المستعمرات القديمة، فالمستعمرات الفينيقية ونتيجة لمتطلبات “السوق” لم تسلّم أمرها بالكامل للمدينة الأم (المؤسِّسة)، أو التي تقوم المستعمرة على أراضيها، فالفينيقيون كانوا على تواصل مع الكثير من الشعوب التي تنتمي إلى إثنيات، وثقافات متعددة، فكانت تربطهم العلاقات التجارية والتبادلية مع إسبانيا (Tartessians)، شبه الجزيرة الإيبيرية (Iberians)، البربر (Berbers)، اليونان (Greeks)، سردينيا (Nuragics) وآخرون، وهذا انعكس ازدواجية في الرؤية قسمت عالم المستعمرات إلى قسمين مستعمرين ومستعمرات، وهذا لم يقسّم المجتمع بين حاكم، ومحكومين طالما مصالح الطرفين غير متضاربة بشكل جوهري. (Van Dommelen, Peter)
لا بد من التعرف إلى البيت الفينيقي في المشرق كمدخل للتعرف إلى العمارة السكنية الفينيقية – البونية في أرجاء البحر الأبيض المتوسط، تصف المصادر الآشورية العمارة السكنية الفينيقية أن الأبنية السكنية كانت ضمن جدران المدينة، وأن المنازل فوق بعضها البعض (أدوار عدة)، وكانت تتألف من أكثر من دَور، ولا تخلو من لمحات جمالية تزيينية، وأمام مدخل المنزل أقيم عمودان من الجهتين، نوافذ الأدوار العليا مزخرفة بـ(درابزين) جميل (Bondi, S. Filippo)، فيما يصف الجغرافي اليوناني Strabo الأبنية السكنية في كل من صور، وأرواد أنها كانت تتألف من أدوار أكثر من أدوار الأبنية السكنية الرومانية. (Strabo XVI, II)
تجب الإشارة هنا إلى نقطة بالغة الأهمية في الثقافة الفينيقية الغربية (البونية)، وهي موضوع العمارة، ففي حين كانت المدن الرئيسة في شرق المتوسط منشغلة في الأعمال التجارية، وتطوير الإنتاج المحلي بما يتناسب مع السوق الخارجية، لم تبادر إلى بناء تحصينات عسكرية هجومية، أو تنظم جيشًا كبيرًا للاجتياح، والاستعمار، نرى المستعمرات الفينيقية – البونية مدنًا حصينة ذات أنظمة دفاع “متطورة” مدعومة بجيش هجومي مدرب وأسطول بحري تحديدًا قرطاجة.
هذا أمر موضع تساؤل مع الطبيعة المسالمة للفينيقيين، غير أن الموضوع التجاري لديهم لم يكن موضع مساومة، فبعد انتصار روما على اليونان، ونظرًا إلى الأهمية التجارية لجزيرة صقلية الغنية بالموارد الطبيعية، كانت أنظار روما عليها وهي في الوقت نفسه مستعمرة بونية تابعة لقرطاجة، ولما كانت روما إمبراطورية محاربة بطبيعتها فرض ذلك على قرطاجة مجاراتها فنظمت جيشًا محاربًا بهدف الحفاظ على مكتسباتها في صقلية، ونشبت بين القوتين حروب عدة عرفت بالحروب البونية، كانت الغلبة في البداية لقرطاجة نتيجة لتفوقها في المهارات البحرية، فكانت ثلاثة حروب (264 ق. م. – 241 ق.م.) انتصرت في نهايتها روما. (Phang, E. Sara)
قبرص Cyprus
أولًا: تكمن أهمية قبرص في موقعها القريب من الساحل الشرقي للبحر الأبيض المتوسط هذا، ثانيًا: شكّلت نقطة تقاطع ثقافية بين العالم الإيجي، والشرق الأدنى القديم، وثالثًا: غنى الجزيرة بالنّحاس إذ جذبت إليها القوى الطامعة بهذا المعدن منذ عصر البرونز الأخير (1550 ق. م. – 1200 ق. م.) وما تلاه، فإذا حسبنا الحضارة الكنعانية السورية – الفلسطينية على ساحل المتوسط خلال عصر البونز المتأخر هي مرحلة ما قبل الفينيقية proto – Phoenician عندها يمكن تحديد العلاقة بين قبرص، والفينيقيين إلى النّصف الثاني من الألف الثاني قبل الميلاد، فكانت علاقات تجارية، وثقافية وأيضًا علاقة تقاليد ميثولوجية، إذ أظهرت الحفريات التواصل المبكر من خلال الجِرار الكنعانية، والمطرات “المنفوخة” lentoid، كما أن الفخار القبرصي Cypriot وجد في المدن الكنعانية في الحِقبة نفسها، أسّس الفينيقيون في قبرص المدينة الرائعة كيتيون Kition، وفي الميثولوجيا أن الملك الصيدوني Belos هو من أسّسها.
كما كشف عن العديد من المعابد المفتوحة (في الهواء الطلق) تحتوي غرفة صغيرة مقدسة لوضع نصب الإله، أو أوعية طقسية، بالإضافة إلى القليل من المعابد الريفية، وأمكن التعرف إلى أشكال المعابد من خلال النماذج الطينية المصغرة naiskos التي صنعت ووضعت داخل المدافن. (Karageorghis, Vassos)
شبه الجزيرة الإيبيرية: Cadiz
توجهت أنظار الفينيقيين إلى شبه الجزيرة الإيبيرية الغنية بالمعادن، ومنها انطلقوا للتوسع، وإنشاء المستعمرات الأخرى، فالمنطقة غنية بمعدن الفضة الثمين، والسكان المحليين لم يكونوا على علم بأهميته، أو لم تكن لديهم حاجة له خصوصًا على المستوى التجاري في حين أن الفينيقيين الخبراء بأمور التجارة عرفوا أهميته، وحاجة الآخرين إلى هذا المعدن، فبادلوه مع السكان المحليين بمنتجاتهم، ثم باعوه في اليونان، وآسيا، وشعوب أخرى، ولمدة طويلة، فشكل مصدر ثروة، وغنى كبيرين ما ساعدهم على بناء مستعمرات أخرى في صقلية، والجزر المجاورة، وأماكن أخرى منها ليبيا Oea، Sabratha (صبراتة)، Liptis – Magna (لبدة).
وما كشفته الحفريات في Cadiz في ثمانينيات القرن الماضي (1982 – 1986م) من تجهيزات وأفران لصهر المعادن تعود إلى القرنين السابع والثامن قبل الميلاد بالقرب من منجم الفضة الشهير Riotinto (غرب الأندلس)، وكميات الآثار من الذهب، والفضة التي عثر عليها في أفران الصهر، تبين أن الفينيقيين ظلوا في Cadiz ما يزيد على 200 سنة يمارسون التعدين، وهذا الزمن يكفي لاستخراج أطنان من تلك المعادن تم تصديرها من مرفأ Cadiz إلى اليونان والشرق. (Aubet, E. María)
لم تقتصر التجارة الفينيقية – البونية في إيبيريا على الفضة، بل أيضًا معدَنَي النحاس والقصدير، بل أكثر من ذلك الذهب، وهو من أغلى المعادن، فسيطروا على شمال أفريقيا، والمنطقة المحيطة بقرطاجة بشكل كلي، فقد تعدّدت الآراء حول الزّمن الذي بدأ فيه التوسع الفينيقي غربي المتوسط، حيث هناك ثلاثة آراء. الأول يقول: إنه بدأ في القرن الثاني عشر قبل الميلاد، الثاني: يُقدّر أنه في القرن العشرين قبل الميلاد، فيما الرأي الثالث: والأكثر ترجيحًا بحسب ما تظهره التحقيقات الآثارية أنه في نهاية القرن التاسع قبل الميلاد، وبداية القرن الثامن قبل الميلاد. (Moscati, Sabatino)
أسّس الفينيقيون مستعمرتهم قادش Cadiz قرب أعمدة هرقل([5]) (ملكارت) في مكان شكّل موقعًا استراتيجيًا للعديد من المستعمرات السامية عند مصب نهري Guadalquivir و Guadalete يشكل النهران حوضًا مائيًا كبيرًا حيث يمكن استخلاص معدن الفضة في المنطقة عند الحوض، ربما لهذا السبب قامت في المكان العديد من المستعمرات عند ضفتي النهر حيث أوجدت نظامًا لاستخلاص الفضة، وتصديره يشبه النظام الذي اعتمده الفينيقيون في إسبانيا. (Kelley, K. B.)
في القرن التاسع قبل الميلاد (حوالى 820 – 800 ق. م.) عندما قدم الفينيقيون، وبدأوا بناء منشآتهم الأولى التي كانت معدة ربما لاستخراج الصباغ الأرجواني هذا ما دلت عليه بقايا أصداف الموريكس murex، في حين بدأوا بناء الأماكن السكنية ما بين 820/800 – 720 ق. م. على طول منحدر منطقة Bahía – Caleta قرب القناة المائية، حيث ظهرت أولى المعالم التي تدل على الاستعمال السكني للمكان من خلال فرن tannur مصنوع من الطين على شكل جرة amphora يستعمل عادة لإنتاج الخبز.
تعرض الموقع للهجران ما بين نهاية القرن الثامن قبل الميلاد وبداية القرن السادس قبل الميلاد، ومن المرجح أن السبب يعود لكارثة طبيعية حلت بالمكان، ما يدفع للاعتقاد بهذا السبب أنه وجدت بقايا بشرية لرجل قرب الحطام مدفونة بطريقة غير خاضعة للطقوس الجنائزية المعتادة، قدّر عمره بين 25 – 30 سنة مات في مكانه، وعلى ما بدا أن سبب الوفاة الاحتراق بنيران اشتعلت في المكان، وهذا أيضًا أشارت إليه بقايا الرماد في الرمال التي زادت كثافتها شمالًا، وقد دمرت المباني نتيجة لهذه الكارثة، وأُقيمت أخرى مكانها حيث استبدلت الهندسة المعمارية للأبنية القديمة بتقنيات هندسية جديدة عرفت بـ Opus Africanum تختلف عن التقنية المعتمدة لدى الفينيقيين خلال عصر الحديد (Markoe, E. Glenn, 2007)، تقوم هذه التَّقنية بأن يُمد صف من الحجارة “المقصّبة” أفقيًا فوق بعضها بين عمودين من كتل حجرية كبيرة بشكل عمودي، انتشرت هذه التَّقنية في قرطاجة، وقد عُرفت بشكل واسع في العمارة في العالم الفينيقي – البوني هذا ما أظهرته البقايا القليلة من العمارة الفينيقية – البونية في قرطاجة.
التقنية البونية Opus Africanum |
أما التَّقنية المعتمدة لدى الفينيقيين فهي الفكرة نفسها أي تصفّ الحجارة في الجدار بين عمودين من الركائز المؤلِّفة للعمود، غير أن الفرق يكمن في أن حجارة الجدار الفينيقي كانت من حجارة الحقل التي غالبًا ما تترك على حالها، أو يدخل تعديل طفيف على الشكل، وعادة ما يجمع بينها نوع من الملاط (رمل، كلس، مواد نباتية، كسر أصداف وفخار)، أما الركائز فهي من الحجارة حسنة “التقصيب” قد تكون من حجرين، أو ثلاثة، أو أربعة بحسب الحاجة، أُطلق على هذه التقنية pier -and -rubble.
صقلية: Soluntum
التقنية الفينيقية pier -and -rubble |
جرت العديد من الدراسات والأبحاث لفهم طبيعة التحول لدى اليونانيين من جهة والمدن الفينيقية – البونية من جهة أخرى، فجُمعت المعطيات المادية الآثارية من اليونان وصقلية الفينيقية، ساعدت تلك المعطيات في فهم آلية تنظيم المدن القديمة والمنازل السكنية بالنتيجة، تأتي أهمية تلك الدراسات الفينيقية – البونية بعد وقت طويل من النظر إلى الفينيقيين البونيين على أنهم مجرد تجار، غير أن هذه الوصف لا يتناسب مع المدن ذات
التقسيم المُدُني المنظّم التي أنشاؤوها، في Soluntum نجد الكثير من الآثار الفينيقية – البونية من قبيل رؤوس التماثيل الطينية التي تحمل الرموز البونية، وفي الشارع الرئيس حيث تتوزع الأبنية العامة يوجد مذبح من ثلاثة حجارة مقدسة betyls هي رموز تشير إلى الديانة الفينيقية – البونية بالقرب منها رماد الحيوانات التي قدمها السكان قرابين للآلهة. (Tusa, Victorya)
أسّس الفينيقيون Soluntum في القسم الشمالي من جزيرة صقلية على مسافة 20 كلم من باليرمو، إذ كشفت التحقيقات الآثارية مدينة ترجع للقرن الرابع قبل الميلاد فيما تم تأريخ المدافن للقرن السادس قبل الميلاد، كانت المدينة تعرضت للدمار، والسلب من قبل Dionysius (سراقوزا – صقلية) عام 368 ق. م.، وبعد إعادة إعمارها ظلت تعيش في كنف سراقوزا حتى الحرب البونية الثانية في النصف الثاني من القرن الثالث قبل الميلاد حيث دخلت تحت تأثير العالم الروماني، وقد أثبتت الأدلة الآثرية أن المدينة أعيد تنظيمها خلال القرن الرابع ق. م. على كل حال إن الآثار على الوجود البوني في المدينة ليس من خلال اللقى الآثارية بل أيضًا من خلال بناء المعابد التي تعكس التوجهات “الدينية” الفينيقية للسكان.
شمال أفريقيا: قرطاجة (Carthage)
كشفت التحقيقات الآثارية في تلة بيرصة Byrsa في قرطاجة استمرارية في تقاليد ذات منشأ شرقي كتقديمات الآلهة التي دفنت تحت أساسات الأبنية، قسّمت تقاليد التقديمات الطقسية تلك إلى قسمين، الأول: هو مصباح من الطين داخل وعاء فخاري وضعا معًا تحت أرضية الساحة الوسطية للبيت (وهذا طقس كنعاني مشرقي)، الثاني: كَسر جرة فخارية عمدًا ونثر كِسرها تحت أرضية المبنى، وكون قرطاجة مستعمرة أسستها مدينة صور فإن هذه التقاليد تظهر ارتباطًا وثيقًا بمدينتها الأم علمًا أن هذه التقاليد واسعة الانتشار في المشرق. (Markoe, E. Glenn, 2007)
يعكس البيت الفينيقي – البوني بشكل كبير نمط البيت المشرقي، فهو مستطيل الشكل تتوسطه مساحة غير مسقوفة يحيط بها عدد من الغرف المنفصلة يتراوح عددها بين اثنتين إلى ست، بنيت الجدران من القرميد المقولب([6]) فوق أساسات من الحجر، كما أظهرت الحفريات أن تَقنية Opus Africanum التي سبق الحديث عنها استخدمت في قرطاجة في وقت سابق، الهدف من وجود الساحة الداخلية الوسطية هو تأمين دخول الضوء إلى الغرف الجانبية وتأمين التهوئة أيضًا، كما أن النشاطات الحياتية المنزلية أقيمت في هذه الساحة كما بعض الأعمال الحرفية، فشكلت قلب البيت البوني، ومنها يتم الولوج إلى الغرف الأخرى، كما تحتوي الساحة على بئر، أو مكان تتجمع فيه مياه الأمطار impluvium، وفي حال كان صاحب البناء ميسورًا يضمّن البيت مرحاضًا مزودًا بمقعد مليّس بالكلس، في حين أن كل المنازل البونية الكبيرة، أو الصغيرة كانت تحتوي على تجهيزات للطبخ هي: موقد من الحجر، أو من الطين دائري الشكل، أما الغرف الأمامية فكانت تستعمل للتخزين، أو كمتجر منزلي (دكان)، وبحسب بعض الآراء لم يكن مدخل المنزل البوني مفتوحًا لناحية الطريق كما البيوت الرومانية حيث تعرضت قرطاجة بين القرن الرابع قبل الميلاد والثاني قبل الميلاد لتأثيرات يونانية، أو ربما ذلك بسبب الذوق العام للطبقات الأرستقراطية، فيما حافظت طبقة العمال على تقاليدها المشرقية.
تميز المنزل البوني بالبساطة، وعلى ما يبدو أنه تألف من أكثر من دَور، وقد غُطيت الأرضيات بطبقة من الطين الملون ببودرة القرميد ذات اللون الأحمر، وكسر الرخام الأبيض، عرف هذا النمط من التبليط لدى الرومان بالتبليط البوني. (Picard, Gilbert)
أقرب مثال على البيت الفينيقي – البوني هو ما تم كشفه خلال الحفريات التي جرت في بيروت (الوسط التجاري)([7]) حيث كشفت عن “حي” فينيقي كامل مرتبط بالمرفأ القريب، فالوحدات السكنية لها شكل طولي تتألف من عدد من الغرف بين اثنتين إلى ست، وفي بعض الوحدات أكثر من ذلك، مداخل البيوت كلها (أو التي كشفت على الأقل) لجهة الطرقات الداخلية أو العامة، مع فارق أن البيوت التي كانت تطل على الشارع العام كانت مداخلها أعرض من تلك التي تطل على الطرق الداخلية، ربما كان السبب أن تلك الوحدات السكنية تتضمن (دكان) في المقدمة، وأن المكان المخصص للسكن هو في الغرف الخلفية، أو في الدَور الثاني من المبنى مع افتراض وجوده المرجَّح([8]).
كيراكوان Kerkouane
تعدُّ Kerkouane من أكثر المدن البونية حفظًا في العالم البوني شمال أفريقيا، فمنذ أن هجرها أهلها في القرن الثالث قبل الميلاد، لم يُعَد بناء المدينة، لذلك حافظت على معالمها المعمارية وبقيت من دون تغيير منذ العصر الهلنستي، وبالتالي أظهرت أنماط البيت البوني بأوضح صورة بالتحديد ما يتعلق بالمرحاض، ونظام التمديدات الصحية، كما زُخرفت بالحفر والتلوين، بيوتها واسعة تشبه بيوت قرطاجة لجهة الساحة الوسطية التي تحيط بها الغرف، أحاطت البيوت بالطريق من الجهتين، أما الأرضيات فتم تزيينها بأسلوب فريد يحمل علامة الإلهة تانيت Tanit معبودة القرطاجيين. (Fantar, Mohamad.)
أرضية منزل بوني مبلطة تحمل علامة تانيت. |
كما في البيوت التي كشف عن آثارها في Soluntum في صقلية حيث قسّمت المساحة السكنية، وتم ربطها بأماكن الطبخ والمراحيض الموجودة في المكان ما قد يشير إلى أن من أقام في المكان لم تكن عائلة واحدة، بل عائلات متعددة، يدعم هذه
الفرضية وجود أكثر من درج انطلاقًا من السّاحة الوسطية، كذلك الأمر في Kerkouane
مع فرضية أخرى حول وجود مداخل عدة للمكان السكني المشترك. (Mezzolani, A.)
الخاتمة
على الرغم من وجود العديد من الآراء والتحليلات حول أصل الفينيقيين، ومنشأ تسميتهم إلا أنّ هذا الموضوع لا يزال يشكل لغزًا محيرًا وغير محسوم بشكل واضح كشعوب سامية سكنت المنطقة حتى إنّ إطلاق هذه التّسمية عليهم لا تقلّ غموضًا عن أصلهم، والحقيقة أن هذا المصطلح “الفينيقيون” يوناني المصدر من كلمة Phoinix ولا يزال تفسيره موضوع جدل بين الباحثين، ربما يعني اللون الأرجواني المائل إلى الأحمر تبعًا للون بشرتهم، أو ربما بسبب براعتهم في إنتاج الصباغ الأرجواني، مع الأخذ بالحسبان أن مصطلح “كنعانيون” هو الأقرب إلى الواقع، وأن تكون للفينيقيين هُوية وطنية موحدة هو موضع تأمل لأن المدن الفينيقية الرئيسة نفسها (صور، صيدون، جبيل وأرواد) كانت مستقلة عن بعضها البعض في كل نواحي الحياة، ولم تتوحد إلا في حالات نادرة حين يهدد مصالحها عدو خارجي، أو محلي، ولا يوجد في المصادر القديمة ما يفيد بتوحّد هذه المدن في صيغة الدولة الواحدة، أو يجمعها نظام “كونفدرالي” Markoe, E. Glenn, 2000)).
الفينيقيون كانوا تجارًا جابوا البحار، وتخطوا ببراعتهم البحرية التي فاقت مهارة البحارة اليونان أحيانًا بتجاوزهم أعمدة هرقل، وتاجروا مع السكان المحليين، وتبادلوا معهم السلع المنتجة محليًا ومطلوبة لدى هؤلاء، وجلبوا المعادن النادرة كالقصدير، والرصاص، والفضة حتى الذهب، وتاجروا به مرة أخرى مع مصر وغيرها من الشّعوب، إن ما شيدوه في غربي البحر المتوسط عرف بالعالم البوني. تأتي أهميته كمصدر معتبر حول الحضارة الفينيقية ذلك أن المستعمرات كانت أقل عرضة للتدمير والتخريب من المدن الرئيسة، فبتنا نعرف الكثير عن العمارة خصوصًا الدينية، والمدفنية، وطقوس التضحية، والدفن، والأزياء، والمصنوعات الحرفية أي الفنون بقسميها الكبرى والصغرى، فكل شيء عند الفينيقيين معروض للتجارة. كما استفادوا من حاجة القوى المحيطة إلى سلع معيّنة، فتاجروا مع مصر وبلاد ما بين النّهرين بالخشب، والمعادن فذاع صيتهم في أرجاء البحر المتوسط كأسياد في الإبحار وفي التجارة.
ومن خلال الُلقى بتنا نعرف أنهم كانوا متعلقين – على الرغم من تأثرهم بثقافة السكان المحليين وعاداتهم – بثقافتهم الكنعانية الأم في موضوع الدين والطقوس، ربما تأثروا في جزئيات تفصيلية بسيطة كالزخرفة الدّاخلية للمنازل، أو المعابد فهذه التّفاصيل لا تمس الجوهر، فبنوا معابدَ لآلهتهم في قبرص، وكريت، وسردينيا، وموتيا، وقادش وغيرها، ولعلّ معبد عشتار في Kition – قبرص هو من أكبر المعابد في العالم الفينيقي على الإطلاق. (Karageorghis, Vassos)
انتشر الفينيقيون على طول الخط الساحلي بين السويس، وخليج الإسكندرونة بحسب المؤرخين القدماء، ومثّل قلب هذا الامتداد الخط الشاطئي الضيق بين جبال لبنان، والبحر المتوسط، ومن شمال فلسطين إلى جنوب سوريا أي حدود لبنان الحالية تقريبًا، ومع ذلك فيمكن أن نطلق على الحضارة الفينيقية “الحضارة الضائعة” لأن صور وقرطاجة وهما من أكبر المدن التي أنشأها الفينيقيون لم تقدما لنا أيّ معطيات واضحة، ربما بسبب التدمير، والتخريب الذي تعرضتا له على أيدي المقدونيين والرومان، وبالتالي ما وصلنا عنهم هو ما وجد في أرشيف المعابد والقصور الملكية، فالشعوب التي حملت الحرف إلى الغرب لم تترك سوى القليل من الإشارات المكتوبة حولها.
مدخل معبد، Tamassos -قبرص، القرن السادس قبل الميلاد، يلاحظ الشبه الكبير لدرجة التطابق مع مدخل المعبد الكنعاني في الصورة المقابلة والبوني أسفل. (Karageorghis, Vassos)
|
نصب مدفني فينيقي – بوني Momt Sirai سردينيا/القرن السادس قبل الميلا يمثل مدخل معبد، يبدو تاج العمود الأيولي المعتمد في العمارة الفينيقية.(Parrot, A. & Chéhab, M. & Moscati, S.) |
نموذج مدخل معبد كنعاني – خربة قيافة/ فلسطين المحتلة (القرن الثاني عشر قبل الميلا) (Garfinkel, Yosef) |
مراجع الدراسة
Aubet M. E. (1999) Spain, in: S. Moscati, (ed.), “The Phoenicians”, New York.
Aubet M. E. (2001 ) The Phoenicians and the West. Politics, Colonies and Trade, Cambridge, 2001.
Bondi, S. F. (1999) The Origins in the East, in: S. Moscati, (ed.), “The Phoenicians”, New York.
Fantar, M. H. (1999) North Africa, in: S. Moscati, (ed.), “The Phoenicians”, New York.
Garfinkel, Y. & Madeleine, M. (2016) Solomon’s Temple and Palace, New Archaeological Discoveries, “Jerusalem”.
Karageorghis, V. (1976) Kition, Mycenaen and Phoenician discoveries in Cyprus. Nicosia, p. 95.
Kelley, K. B. (1976) Dendritic Central Place Systems and the Regional Organization of Navajo Posts, In: C. Smith (ed.), “Regional Analysis”, vol. 1, Economic Systems, New York.
Markoe, G. -E. (2000). Phoenicians People of the Past, British Museum Press.
Markoe, G. -E. (2007) L’art Métal Phénicien, Lea Coupes Décorées, in: “La Mediterranée des Phéniciens de Tyr à Carthage” Paris.
Mezzolani, A. (2000) Mezzolani, Strutture abitative puniche in Norde Africa: note per un’analisi funzionale, in: M. E. Aubet, M. Barthelemy (eds.), “Actas del IV Congreso Internacional de Estudios Fenicios y Púnicos”, vol. III, Cádiz.
Moscati, S. (1999) The Phoenicians, New York.
Parrot, A. & Chéhab, M. & Moscati, S. (2007) Les Phoéniciens, Gallimard.
Phang, E. S. (2016) Conflict in Ancient Greece and Rome, ABC -CLIO.
Picard, C. G. (1958) La vie quotidienne à Carthage au temps d’Hannibal: IIIe siècle avant Jésus -Christ, Paris.
Strabo (1959) Geography, Cambridge, 8 vol., Loeb Classical Library.
Tusa, V. (1999) Sicily, in: S. Moscati, (ed.), “The Phoenicians”, New York.
Van Dommelen, P. (2005) Colonial Interactions and Hybrid Practices. Phoenician and Carthaginian Settlement in the Ancient Mediterranean, in: G. Stein, (ed.) “The Archaeology of Colonial Encounters”, Comparative Perspective, Santa Fe.
[1] – هرب أليسار من صور إلى شمال أفريقيا (تونس – قرطاجة) خوفًا من بطش أخيها، أعمدة هرقل التي تشكل نهاية العالم، وأوربا التي خطفها إله يوناني ما دفع بقدموس (شقيقها) “لغزو” بلاد اليونان بحثًا عنها.
-[2] أطلق الرومان صفة Poeni (بوني) على الفينيقيين في قرطاجة وشعوب غربي المتوسط للتمييز بين الفينيقيين الغربيين Poeni والشرقيين Phoenices.
[3] – حيث تتعامد الطرقات الفرعية مع الطرقات الرئيسة، والأبنية داخل المربعات الناتجة عن تعامدها.
[4] – هي المرحلة المتأخرة من الحضارة اليونانية بداية القرن الرابع حتى موت الإسكندر عام 323 ق. ، الهلنستية هي المرحلة التي شهدت تأثّر الحضارة اليونانية بعناصر شرقية.
[5] – نصبت هذه الأعمدة عند مضيق جبل طرق، كانت تعني للبحارة أن النهاية تبدأ هنا، ومن يتخطى تلك الأعمدة يدخل في بحر الظلمات التي لا نهاية لها.
-[6] يصب خليط القرميد (صلصال، رمل، أكسيد الحديد) في قوالب، ثم يشوى في أفران ذات درجات حرارة عالية.
[7] – جرت أعمال الحفر والتنقيب في تسعينيات القرن الماضي في موقع Bey 010 من قبل فريق الجامعة اللبنانية برئاسة د. حسين صايغ.
[8] – من خلال المشاركة الشخصية في العمل الميداني مع فريق الجامعة اللبنانية في العامين 1995 – 1996.