علم الاجتماع السياسيّ (التبلور والدور)
د. يوسف زلغوط([1])
تمهيد
إنّ متابعة العوامل غير المباشرة لنشأة علم الاجتماع السياسيّ تبدو على قدر من الصّعوبة، وذلك لاتساع التّراث المعرفيّ والنّظريّ الذي تناول قضايا الاجتماع السياسيّ وغناه وتنوّع مصادره.
إنّ الكتابات التي تطرّقت إلى السياسة وقضاياها قديمة جدًا، كون التّفكير في الظاهرة السياسيّة مرتبطًا بنشوء الظاهرة من جهة، وكون السياسة من جهة ثانية مرافقة للاجتماع البشريّ وملازمة لحياة النّاس، وكون السياسة من جهة ثالثة أحد أبرز المظاهر المعبّرة عن نشاط الحاكمين أو القائمين بالسلطان.
إنّ علم الاجتماع السياسيّ غصن تفرّع من جذع علم الاجتماع العام، وهو يحلّل الأنظمة كما يحلّل الظواهر السياسيّة في علاقاتها مع الظواهر الاجتماعيّة الأخرى. وهو يدرسها أيضًا بوصفها إنجازات وتصرفات نوعيّة للمجتمعات البشريّة([2]).
الإشكاليّة
إنّ محاولة تعريف موضوع علم الاجتماع السياسيّ هي من خلال المحتوى الذي تدور حوله الأبحاث العديدة التي تتعرّض في الوقت الحاضر لدراسة هذا العلم. وعلى حين يرى علماء السياسة أنّ علم الاجتماع السياسيّ ما هو إلاّ محاولة لدراسة الآثار التي تحدث في البيئة الاجتماعيّة على النّسق السياسيّ التّحتي، يميل علماء الاجتماع إلى توصيف موضوع علم الاجتماع السياسيّ من خلال التّداخل القائم ما بين النّظم السياسيّة والاجتماعيّة في المجتمع([3]). والواقع أنّ مصطلح علم الاجتماع إنّما يعني واحدًا أو أكثر من أشياء كثيرة شديدة الاختلاف، فهو في المقام الأوّل يعني التّاريخ الاجتماعيّ أو الأنتروبولوجيّ المعاصر، ويعني في المقام الثّانيّ علم النّفس الجمعيّ أو الاجتماعيّ. وعلم الاجتماع في أكثر تعريفاته عموميّة إنّما يعني “نوع التفّكير الذي يدور حول العمليّة التّاريخيّة الكليّة التي يمكن تصنيفها بطريقةٍ أكثر تلاؤمًا مع فلسفة التّاريخ، إلاّ أنّ هناك فارقًا مهمًّا في حالة العلوم السياسيّة بين الفلسفة السياسيّة أو النّظرية السياسيّة، وبين علم الاجتماع السياسيّ أو العلم السياسيّ”، وهذا ما سأحاول معالجته في سياق هذا البحث.
- الإرهاصات الأولى لظهور علم الاجتماع السياسيّ
لن نغوص في عمق التّاريخ للتّنقيب عن البذور الأولى في مقاربة الاجتماع الإنسانيّ، لتوضيح ما نذهب إليه في إبراز العوامل التي ساهمت في بلورة علم الاجتماع السياسيّ، بل سأعمد إلى تحديد نماذج حول هذا المستوى على النّحو الآتي:
- نيقولا ميكافيليّ: تبرز أهميّة ميكافيليّ في أنّ البعض عدّه من أبرز المساهمين في بلورة علمٍ جديد للسياسة، خاصةً في كتابه «الأمير» الذي ألّفه العام 1513م، “ومهما تنوّعت الآراء حول موقع ميكافيليّ وإسهاماته، فإنّه من الموضوعيّة القول إنّه دشّن مرحلة جديدة للفكر السياسيّ في أوروبا، تندرج ضمن ما يمكن أن نسمّيه البذور الأولى للعلم بالسياسة، ودون أن يُعلن صراحةً أنّه بصدد التأسيس لعلم جديد”([4]).
الأمر الذي يدفع إلى القول إنّ كتابات «ميكافيلي» وخاصةً «الأمير» الذي أصبح رمزًا للميكافيليّة أو السياسة الواقعيّة الصرفة، تندرج في الاتّجاه التّجديديّ على الأقل في مسألتين:
- المسألة الأولى: تتمثّل في أنّه تابع السياسة وقضاياها كما تجري في الواقع وليس كما يُفترض أن تكون. ما يعني النّظر إلى الظواهر السياسيّة بعيدًا من العواطف والمثل العليا. أيّ متابعة الآليات الحقيقيّة للحياة السياسيّة بدلاً من الاقتصار على معالجة خياليّة ومواقف غير ملموسة في أرض الواقع (وهذا ما سوف يؤسّس لاحقًا لتطور النّظرة إلى الظاهرة السياسيّة). من هنا أشار «فرنسوا باكون» إلى أنّه يجب شكر «ميكافيلي» وأمثاله، الذين يقولون بصراحةٍ ومن دون مواربة، ما اعتاد النّاس على فعله، وهذا ما كان قد أكّده «ميكافيلي» عندما قال: «إنّي أرى أنّه من الأفضل أن أمضيّ إلى حقائق الموضوع بدلاً من خيالاته»([5]).
- المسألة الثانيّة: تتمثّل في مقاربته السياسيّة لموضوع البحث وقضاياه بالاستناد إلى المنهج التّاريخي المقارن والملاحظة العيانيّة. ويظهر اعتماده على الملاحظة في كتاب «الأمير»، إذ لاحظ سياسات عصره وحوادثه بدقّة. كما يظهر اعتماده المنهج التّاريخي في كتاب المطارحات. من هنا أشار «موريس دوفرجيه» إلى «أنّ ميكافيلي أرسى في علم السياسة العنصر الثاني، وهو المنْهج الموضوعيّ المتجرّد من الاهتمامات الخلفيّة بعدما أرسى أرسطو العنصر الأوّل في علم السياسة»([6]).
استنادًا إلى المسألتين، فإنّ «ميكافيلي» اعتقد أنّه يمكن اكتشاف قوانين ثابتة للسياسة، وذلك من خلال نظرته السلبيّة إلى الإنسان وطبيعته. فما دامت طبيعة الإنسان السّيئة معطى ثابتًا لا يتغيّر ولا يتبدّل، فإنّ سلوكه السياسيّ يخضع أيضًا إلى نواميس ثابتة لا تتغيّر، وبهذا الربط ما بين علم السياسة والسّلوك الإنسانيّ تتبلور نظريّة «ميكافيلي» لعلم الاجتماع السياسيّ.
من هنا تغدو السّلطة ضرورة ملحّة وحاجة دائمة في الاجتماع الإنسانيّ، لأنّها تؤدي دور الوازع الذي يقي الإنسان من شر أعماله ويحميه من عواقب طبيعته السيئة.
- ابن خلدون
بالنسبة إلى ابن خلدون، تكون السياسة مستوى بنيويًّا للعمران ولا تتّخذ طابعًا مختلفًا أساسيًّا عن المستويات البنيويّة الأخرى، فهي واقع اجتماعيّ ينبغي دراسته مثل الوقائع الاجتماعيّة الأخرى. فالسياسة عند «ابن خلدون» لا تتحدّد بالرّجوع إلى «المدينة المثاليّة» عند أفلاطون أو الفارابي، أو إلى الشّريعة القرآنيّة، بل بالكيفيّات الملموسة لتكوين أعضاء ضامنين لسيطرة جماعة من الناس على آخرين: «بالنسبة إلينا، عندما نتحدّث عن الوظائف الملكيّة والحكوميّة، فإنّنا ننصّب أنفسنا من وجهة نظر طبيعة العمران ووجود الإنسان وليس من الشرائع الدينيّة الخاصّة»([7]).
إذًا، السياسة ملازمة للمجتمع، ويتطرّق «ابن خلدون» إلى معالجة قضايا اجتماعيّة ذات طابع سياسي، منها السيادة السياسيّة إذ يقول: «إنّه من الممكن أن تتحدّد السيادة السياسيّة بهيمنة جماعة من البشر على آخرين، ويتساءل كيف يمكن أن ننظر إلى الدّور السياسيّ الذي اتّخذته النبوّة الإسلاميّة، والمسألة برأيه مهمّة، إذ إنّ ظهور الدّيانة الإسلاميّة كان تاريخيًّا مصاحبًا لتأسيس إمبراطوريات عربيّة كبيرة. ويعرض ابن خلدون حلًا لهذه المشكلة معمّقًا التمييز الأساسي الذي جعله بين العالم الإلهي المقترب من الإيمان والعالم الأرضي، بما فيه عالم الاجتماع المقترب من العقل، ويُحسب أنّه إذا كان تدخّل الدّين في العالم الأرضيّ لا يمكن بحثه عقلانيًّا في ماهيّته، فيمكن بحثه من خلال تظاهراته، وبهذه الصفة، فهو خاضع لمقاربة سوسيولوجيّة»([8]). أمّا بخصوص مفهوم العصبيّة في تعقيدها، فيجب أن نفهم أنّها تعمل على مستويين.
الأول: نمط خاص من التّنظيم السياسيّ.
الثّاني: الحركة التي من خلالها ينتقل العمران من «الدّيموقراطيّة القبليّة إلى الدولة المركزية». فالعصبيّة تتأسّس على ترابط واقعين متناقضين: التعاون القبليّ من جهة، ووجود جماعة مسيطرة من داخل القبيلة من جهة أخرى. فالهيمنة التي تمارسها الأرستقراطيّة القبلية في داخل العصبيّة نفسها تسمح بفهم أنّها تشكّل القوّة المحرّكة لصيرورة التنظيم السياسيّ للعمران، وبهذا المعنى يُعدُّ «ابن خلدون» من مؤسّسي علم الاجتماع السياسيّ، فهو قد تناول موضوعات وقضايا ذات طابع سياسيّ اجتماعيّ، فتحدث عن الملك الذي هو غاية العصبيّة وعن الدّولة حيث يظهر الملك والدولة في فكر «ابن خلدون» كنتاج لتطوّر العصبيّة، إضافةً إلى التنظيم القبليّ الذي يرتكز على اختلاط بين علاقات ملكيّة وعلاقات سياسيّة، في حين أنّ تنظيم الدولة يرتكز على استقلال ذاتيّ للركن السياسيّ. وهو يعدُّ أنّ صيانة النّظام تتحقّق على أساس العقد الأخلاقيّ. على المستوى القبلي من جهة، وعلى أساس الإكراه الماديّ على مستوى سياسة الدولة([9]).
- تبلور علم الاجتماع السياسيّ بمعناه الحديث
تعود نشأة علم السياسة بمعناه الحديث إلى بدايات القرن التّاسع عشر، حينما اشتدّت رغبة بعض الفلاسفة والمفكّرين في إقامة علم اجتماع قادر على دراسة المجتمع الإنسانيّ باستخدام أدوات منهجيّة محايدة قدر الإمكان. ولا شكّ أنّ الإنجازات المهمّة التي حقّقتها العلوم الطبيعيّة (وخصوصًا الفيزياء والأحياء والريّاضيات…) كان لها تأثير بالغ في هذا المجال([10]). وربّما كانت كتابات «سان سيمون» هي البداية الحقيقيّة لإقامة علم سياسيّ مستند إلى دعائم وضعيّة، ففي سنة 1813م ذهب هذا المفكّر الاشتراكيّ إلى أنّ الأخلاق والسياسة يمكن أن يخضعا لمعايير العلم الوضعيّ الذي يعتمد على شواهد واقعيّة محايدة، وبعد ذلك بوقتٍ قصير تعاون «سان سيمون» و«أوغست كونت» في إخراج مؤلّف شهير بعنوان «خطة للعمليات العلميّة الضروريّة لإعادة تنظيم المجتمع ( 1822)»، وهو المؤلّف الذي ذهبا فيه إلى أنّ السياسة هي ضرب من الفيزياء الاجتماعيّة التي تهدف للوصول إلى القوانين الثّابتة التي تحكم التقدّم الإنسانيّ، ومن الواضح أنّ العلاقة بين علم السياسة وعلم الاجتماع كانت بالغة القوّة منذ مطلع القرن التّاسع عشر ومع الجهود الأولى لإقامة العلمين. وإذا كان علم السياسة قد أعلن منذ البداية اهتمامه الأساسيّ بإقامة نظريّة في الدولة، إلاّ أنّه قد ارتبط ارتباطًا مباشرًا بعلم الاجتماع من خلال هدفهما النّهائي المُعلن وهو الإسهام في تحقيق الإصلاح الاجتماعيّ وبناء مجتمعٍ جديد لا يعرف الانقسامات والصراعات التي أدّت الى الثّورة الفرنسيّة وصاحبتها([11]).
لقد ذهب «كونت» إلى أنّ الظواهر الاجتماعيّة يجب أن تخضع للتّحليل العلميّ عن طريق استخدام الملاحظة والتّجربة والتّجريد، وأنّ ذلك ينطبق أيضًا على الظواهر والحوادث السياسيّة. ومع ذلك فإنّ «كونت» لم يذهب إلى حد التّطبيق الحرفيّ لمناهج العلوم الطبيعيّة في دراسة الظواهر الاجتماعيّة والسياسيّة.
المفكّر الفرنسيّ «شارل مونتسكيو» يندرج ضمن الاتّجاه التّجديدي في مقاربة السياسة وقضاياها، ويعتبر مؤلّفه «روح القوانين» أو«روح الشّرائع» العام 1748م إحدى المساهمات المهمّة التي أغنت الجهد والنّظم لإقامة علم السياسة. فعلم السياسة برأيه لا يمكن أن يُبنى إلّا على موضوعه الذّاتي، أي على الاستقلال التّام للسياسة([12]).
لذلك عدُّ كتابه هذا أوّل مؤلّف في علم الاجتماع السياسيّ، ويمكن المتابعة مع «مونتسكيو» في مسألتين، تدخلان في سياق توضيح الإرهاصات الأولى للكتابات التي جدّدت في دراسة الاجتماع الإنساني وقضاياه السياسيّة في مسألتين:
– الأولى: تتعلّق من حيث المبدأ في نظرته للاجتماع الإنسانيّ. فقد عدَّ أنّ المجتمعات لا يمكن أن تظهر بصورة عفويّة أو ارتجاليّة أو عشوائيّة أو اعتباطيّة، بل تخضع لقوانين محدّدة، وأنّ لكل مجتمع قوانينه الخاصّة المنبثقة عن ظروف المجتمع وأوضاعه. من هنا أشار «مونتسكيو» إلى أمرين:
– الأول: العلاقة الوثيقة بين تنوّع القوانين وأشكال الحكم.
– الثّاني: خضوع القوانين لعوامل تساهم في بلورتها مثل العوامل الجغرافية (أرض، مناخ، تربة) وعوامل اجتماعيّة (الدّين، حوادث الماضي، العادات، التقاليد…) من هنا، فإنّ تغيّر الظروف يؤدّي إلى تغيير القوانين، وبالتّالي تغيّر أنظمة الحكم والدول (جمهوري، ملكي، ديكتاتوري…).
- الثانيّة: تتعلّق بالمنهج المعتمد في مقاربة الظواهر السياسيّة، وخاصّة في كتابه «روح القوانين»، فقد تجاوز «مونتسكيو» المبادئ الأوّليّة المثاليّة «أفلاطون» مثلًا. كما تجاوز المبادئ الرياضيّة الهندسيّة «لوك» واستند إلى الملاحظة الحيّة والمعطيات الماديّة التي يقدمها الواقع بعيدًا من المناقشات الميتافيزيقيّة. إنّ «مونتسكيو» درس ما هو قائم في الواقع المجتمعيّ، وليس ما يجب أن يكون عليه هذا الواقع، الأمر الذي يقرّبه من المنهج الاستقرائيّ لأنّه انشغل بالوقائع والظواهر من جهة، ويؤسّس من جهة أخرى لمقاربة مختلفة للظاهرة السياسيّة([13]).
لقد تعدّدت منذ القرن التّاسع عشر أسماء المفكّرين الذين يندرجون في إطار المناخ التجديديّ في مقاربة الاجتماع السياسيّ وقضاياه. وبالتالي المساهمة في بلورة علم الاجتماع السياسيّ. وقد تكون خصوصيّة هؤلاء المفكّرين أنّ غالبيتهم من روّاد علم الاجتماع أو من مؤسّسيه مثل: سان سيمون، أوغست كونت، هربرت سبنسر، إميل دوركايم، ماكس فيبر، باريتو، رايت ملز، ومشيلز كروزبيه، كارل ماركس، إنجلز فضلًا عن المدرستين الوظيفيّة والبنيويّة في النّصف الثّاني من القرن العشرين.
لذا سأحاول ضمن هذه المروحة الواسعة من المفكّرين أن نشير إلى بعض النّماذج المحدّدة لإبراز ما أمكن، ما يشير إلى «التّجديد» في مقاربة الواقع الاجتماعيّ ومتابعة قضاياه السياسيّة.
- أوغست كونت (1798 – 1857)
تعدُّ أفكار «كونت» تجسيدًا مباشرًا للحوادث المضطربة التي عصفت في عصره، الأمر الذي جعله من أبرز السّاعين لتقديم تصوّر نظري لما يفترض أن يكون عليه الواقع المجتمعيّ بناءً على التحوّلات التي شهدها القرن التّاسع عشر، من هنا يندرج «كونت» ضمن الاتّجاه التّجديديّ في الكتابات التي أوْلت الاجتماع الإنسانيّ اهتمامًا خاصًا، وما عكسه هذا الاهتمام من تأثيرٍ في متابعة السياسة وقضاياها، خاصةً لجهة العلاقة التّفاعليّة بين السياسيّ والاجتماعي، الأمر الذي ساهم في التأسيس لعلمٍ سياسي جديد. ويمكن لحظ هذه النّظرة عند «أوغست كونت» من خلال مسألتيْن متداخلتيْن:
المسألة الأولى: تتمثّل في كونه أبرز مؤسّسيّ علم الاجتماع، فقد استنبط كلمة «السوسيولوجيا» اسمًا لعلم يُعنى بدراسة الوقائع الاجتماعيّة. بوصفها تشكّل واقعًا متميزًا له قوانينه الخاصّة، كما هي الحال بالنّسبة إلى الوقائع الفيزيائيّة أو البيولوجيّة، ما يجعل النّظرة للسياسة وقضاياها مستندةً إلى بعدها المجتمعيّ، أي أنّها وليدة المجتمع وظروفه([14]).
المسألة الثانيّة: تتمثّل في النّظرة التي سادت عصر «أوغست كونت» تجاه العلم، أيّ محاولة تطبيق المناهج العلميّة في دراسة المجتمع ووقائعه.
من هنا عدَّ أنّ الفكر الإنساني مرّ بثلاث مراحل: المرحلة الأولى اللاّهوتيّة (تعلّل الأشياء بكائنات غيبيّة) والمرحلة الميتافيزقيّة (تعتمد على الإدراك المجرّد) والمرحلة الوضعيّة (اكتشاف القوانين عن طريق الملاحظة والتجربة الحسّية).
إنّ هذه النّظرة تدفع إلى رؤية الظواهر السياسيّة بطريقٍة مغايرة، تستند إلى أنّها ظاهرة من ضمن علّم الاجتماع، وعليه قال «كونت»:
– إنّ فهم السياسة عامّةً، ودرس النّظم السياسيّة خاصة، يرتبطان بفهم ودرس النّظم الاجتماعيّة التي تتعلّق بها.
– إنّ التّركيز يفترض أن ينصبّ على المجتمع لا على الفرد. وبالتّالي، النّظر إلى الظواهر السياسيّة ضمن بيئتها الاجتماعيّة)[15](.
- كارل ماركس (1818 – 1883)
يُعدُّ «كارل ماركس» من أبرز المساهمين في بلورة علم السياسة. وقد تركت أفكاره ولم تزل، تأثيرًا مهمًا على الفكر والممارسة السياسيّة، إنّ ما طرحه «ماركس» جعل من الظاهرة السياسيّة مسألة على قدر كبير من الأهميّة، كونها ترتبط مباشرة بالواقع المجتمعيّ ومآسيه. فالظواهر السياسيّة عنده مرافقة للاجتماع السياسيّ والقوى المجتمعيّة. وهذا برأيه يفرض على القوى التغييريّة الرّافضة للواقع الطّبقي الظالم أن تعي مختلف الظواهر السياسيّة في بيئتها، الأمر الذي جعل «التسييس» بكل معانيه وأبعاده (النّظريّة، والفكريّة، والعملانيّة والمعرفيّة…) «سلاح» هذه القوى، وجعل متابعة ظواهر السياسة وقضاياها «الخبز» اليومي، إذا أجاز التعبير لشرائح المجتمع عامّة والطبقات المسحوقة خاصة([16]).
لقد عُدّت الماركسيّة أنّه لا يمكن القول بوجود ظاهرة سياسيّة مستقلة وقائمة بذاتها. لأنّ الظاهرة السياسيّة ليست مسألة عابرة وآنيّة بل هي تعبير عن بنية طبقيّة معيّنة. إنّ هذه النّظرة التي قدّمها «ماركس» أبعدت فهم الظاهرة السياسيّة ومتابعتها عن التّفسير القانوني البحت، لأنّ حقيقة الظاهرة السياسيّة وغيرها من الظواهر المجتمعيّة، تكمن بالنّسبة إلى الماركسيّة في معرفة علاقات الإنتاج في البنيّة التحتيّة وتحليلها. إذ تُعدُّ هذه البنيّة الأساس الذي تنبثق منها الظواهر الأخرى. وبهذا السياق قدّم كارل ماركس رؤيته وفهمه لعلم الاجتماع السياسيّ([17]).
لقد اختمرت في المجتمعات الأوروبيّة معطيات القرون السّابقة عامّة، ومعطيات مرحلة الدولة الحديثة خاصة، لتنتج تحولاً في الواقع الاقتصادي والسياسيّ والعلميّ وفي مضمون الاجتماع السياسيّ. فعلى مستوى شكل الاجتماع السياسيّ، فقد ترسّخت فكرة الدّولة الأمّة أو الدّولة الدستوريّة التي تضم جماعة تبدو متجانسة، مبدئيًّا لغويًّا، ودينيًّا وتعلن انتماءها لأمّة – دولة واحدة. ولعل «الجديد» في هذا الشّكل للاجتماع السياسيّ هو قيام الإمرة (السلطة، السلطان) على أساسين:
الأوّل: قانوني: استند إلى ما طرحته الثّورة الفرنسيّة.
الثّاني: انبناء السلطة من الشّعب: ويُعدُّ هذا القانون النّاظم للاجتماع خطوة غير مسبوقة في تاريخ الاجتماع السياسيّ. وهو ما عُرف بالحركة الدّستوريّة، أي الدّعوة لإقامة الانتظام السياسيّ على أساس نص دستوريّ ينظّم العلاقات بين الحاكم والمحكوم، الأمر الذي يجعل الشّعب مصدر السّلطة. فالسّلطة تنبثق من الشعب وإلى الشّعب يعود الاحتكام في ممارستها، وهو ما عُرف في التّاريخ السياسيّ وفي الفكر السياسيّ بالديموقراطيّة)[18](. وهذا ما يقودنا إلى تبيان التّمايز ما بين علم السياسة وعلم الاجتماع السياسيّ.
- مقارنة بين علم السياسة وعلم الاجتماع السياسيّ
إنّ علم السياسة إذا ما قيس بعلم الاجتماع السياسيّ، يتّضح أنّ مجاله أضيق بكثير من مجال الاجتماع السياسيّ، إذ يقصر علم السياسة اهتمامه على دراسة الظواهر السياسيّة بمعزل عن الظواهر الاجتماعيّة الأخرى، وهو أمر لا يتطابق مع مقتضيات المنهج العلميّ التّحليليّ الموضوعيّ في مجال الظواهر الاجتماعيّة التي تعني حتميّة النّظر إلى الظواهر السياسيّة بوصفها ظواهر ترتبط بالمجتمع وتتداخل مع غيرها من الظواهر فيه. وهذه النّظرة الشّاملة هي الأقرب لأن تندرج تحت «علم الاجتماع السياسيّ» أكثر منها تحت «علم السياسة». ليست السياسة شيئًا مجردًا، ولكنّها سياسة مع وضد أنماط نوعيّة من التّنظيمات وأشكال قائمة للحكم داخل المجتمع. ومن ثم فهناك في هذا المجال صراع واتّفاق، ويكون الصراع دائمًا من أجل القوّة التي تترجم نفسها على حد تعبير «ميلز»، إلى نشاط سياسي، كما تترجم القوّة التّفاعل الاجتماعي إلى تمايز جماعات وسلطة رشيدة([19]). وعلى الرّغم من أنّ علم الاجتماع السياسيّ أكثر قابليّة للتّطبيق وأكثر شمولاً، إلّا أنّ الوجود الفعلي لعلم السياسة قاد علماء الاجتماع إلى إهمال أشكال معيّنة من العمليّة السياسيّة مثل «الدولة» و«القانون» وغيرهما من الأشكال الآليّة للضبط السياسيّ. هناك مجموعة من نقاط التّمايز ما بين علم السياسة وعلم الاجتماع السياسيّ، غير أنّ هذا التمايز لا يعني بالمقابل التّنافر والانقطاع، لأنّ تساند العلميْن وتقاطعهما أصبح من المسلّمات البديهيّة. لذلك فإنّ متابعة نشأة العلميْن والموضوع الأبرز الذي أثار اهتمامهما، وبالتّالي مقاربتهما للظاهرة السياسيّة، تدفع لاستنتاج نقاط التّمايز الآتيّة:
النّشأة: لاحظنا خلال متابعة العوامل المؤثّرة على نشأة علم الاجتماع السياسيّ اختلاف نشأته عن علم السياسة في ثلاث مسائل:
- المرحلة التّاريخيّة: يُعدُّ علم السياسة أقدم لجهة النّشأة من علم الاجتماع السياسيّ، فعلى الرّغم من تبلور الأوّل كعلمٍ مستقل في أواخر القرن التّاسع عشر، فإنّ بذوره الأولى نجدها في المرحلة اليونانيّة، إذ حسبها فلاسفة اليونان من آبائه ومؤسّسيه.
– علم الاجتماع السياسيّ، فإنّه من حيث النّشأة وبذوره الأولى بدأت تتبلور في نهاية القرن التّاسع عشر نتيجة للتحوّلات الاجتماعيّة والاقتصاديّة والسياسيّة والفكريّة والعلميّة التي أعقبت الثّورة الصناعيّة. وإنّ علم الاجتماع السياسيّ لم يُعرف استقلاله إلّا في النّصف الثّاني من القرن العشرين، وقد وردت عبارة علم الاجتماع السياسيّ في فرنسا لأوّل مرّة رسمياً في مرسوم 10 حزيران 1962 ([20]).
- الإطار السياسيّ: نشأ علم السياسة في بداية تبلور الدولة القوميّة – الدستوريّة في أوروبا. فقد أفرزت الدولة – الأمّة قضاياها السياسيّة والاقتصاديّة والفكريّة، الأمر الذي جعل النّظرة للدولة كمعطى طبيعي للاجتماع البشري تتركّز على مضمون هذا المعطى وخلفياته… وبالتّالي بدأ البحث في صميم العلاقات النّاظمة لهذا الاجتماع وأسسه لتحديد طبيعة العلاقة بين الحاكم والمحكوم([21]). أمّا علم الاجتماع السياسيّ فقد نشأ بعدما ترسّخت الدّولة الدستوريّة واستنفدت دورها في العالم الصناعي الغربي. وبعد قيام الاشتراكيّة كظاهرة غير مسبوقة بعد الحرب العالميّة الأولى في الاتحاد السوفياتي (سابقًا) وتعميم حضورها واتّساع انتشارها بعد الحرب العالميّة الثانيّة في أوروبا، وما فرضه هذا الإطار السياسيّ الجديد من مفاهيم ومن نمط الدّولة التدخليّة كإطارٍ «جديد» للاجتماع السياسيّ. يلتقي مصطلح «علم الاجتماع السياسيّ» بمصطلح «علم السياسة» إلى حد ٍكبير، فيما المصطلح الأوّل يتعدّى المصطلح الثّاني بالالتفات إلى وجهة النّظر العلميّة الموضوعيّة الشّاملة التي تبدأ من تداخل الظواهر السياسيّة وتساندها مع غيرها من ظواهر المجتمع. وبالرّغم من «أنّ علم الاجتماع السياسيّ يتكوّن من أخلاطٍ عدّة، إذ إنه موضوع غير ذي شخصيّة محدّدة»، إلّا أنّه علم اجتماع أوّلًا وليس هناك خلاف على مجاله الأكبر الذي هو الحياة الاجتماعيّة بظواهرها، ولكنّ الخلاف القائم يدور حول تعيين مجاله الخاص من بين مجالات العلوم الاجتماعيّة الأخرى المتعدّدة، وذلك نظرًا لأنّ علماء الاجتماع السياسيّ ينحون مناحيَ مختلفة، على الرّغم من أنّهم يتركون أثرًا موحدًا على تطوّر المداخل الكبرى لعلم الاجتماع والمداخل النّسقيّة للعلم السياسيّ([22]). ويسعى علماء الاجتماع السياسيّ إلى دراسة واقع الأحوال والظروف الثقافيّة والاجتماعيّة والاقتصاديّة على البناءات السياسيّة، فعمل علم الاجتماع السياسيّ بالتّالي يدور حول وصف أشكال التّماثل بين جميع الجماعات السياسيّة السّائدة في البناء الاجتماعي القائم، ولما كان الأمر كذلك فإنّ علم الاجتماع السياسيّ يعالج النّظم السياسيّة، كأجزاء من النّسق الاجتماعي، وقد اهتمّ علم الاجتماع السياسيّ بالأحزاب السياسيّة كنظم اجتماعية، فضلاً عن اهتمامه القديم بالنّظم الاستبداديّة والديكتاتوريّة، وعلم الاجتماع السياسيّ أوّلًا وأخيرًا من علم الاجتماع Sociology)) العام.
- مجال علم الاجتماع السياسيّ
هناك مفهومان يتصارعان حول الاستحواذ على مضمون علم الاجتماع السياسيّ، يُدعى الأوّل أنّ علم الاجتماع السياسيّ هو «علم الدولة Science of state» والثّاني يدّعي أنّه «علم القوّة «Science of power، وعلى الرّغم من تأكيد العالميْن الفرنسيين (G- Bordeau و (M- Duvergerوميلهما للمفهوم الثّاني، إلّا أنّ المفهوم الأوّل لا يزال له مناصروه حتى اليوم.
هذا ويذكر «موريس دوفرجيه» في كتابه « «Sociologie Politiqueأنّ علم الاجتماع السياسيّ كعلم الدّولة وتعريفه علم الاجتماع السياسيّ بأنّه علم الدولة إنّما يعني ربط هذا العلم بصورة الدّولة الحديثة على أساس أنّها آخر صورة تاريخيّة للمجتمع السياسيّ أي «الدّولة القومية «National state([23]).
إنّ إعطاء علم الاجتماع السياسيّ هذا المعنى (علم الدولة) يضعه ضمن تصنيف العلوم الاجتماعيّة التي تقوم على طبيعة المجتمعات. إلّا أنّ علم الاجتماع السياسيّ مختلف في جوهره عن علم الاجتماع العائليّ، وعلم اجتماع الجماعات الأوّليّة، وعلم الاجتماع الحضري، وباقي فروع علم الاجتماع.
ويسود مفهوم علم الاجتماع السياسيّ كعلم للقوّة لدى غالبيّة الكتّاب السياسيّين والاجتماعيين، فهو من وجهة نظرهم «علم الحكم والسلطة» في جميع المجتمعات الإنسانيّة وليس مقتصرًا على المجتمع القومي فقط([24]).
ويأخذ الكثيرون من الكتَّاب المعاصرين بهذا التّعريف لعلم الاجتماع السياسيّ (علم القوّة)، ومنهم ماكس فيبر، وريموند آرون، وجورج فيدل، وجورج بورديو، وموريس دوفرجيه، ويميل المتحدّثون عن علم الاجتماع السياسيّ كعلم للقوّة، إلا أنّ القوّة في الدولة لا تختلف بطبيعتها عمّا هي عليه في المجتمعات الإنسانيّة الأخرى، ولا تفترق عنها إلاّ من حيث كمال التّنظيم الدّاخليّ ودرجة الخضوع والإذعان التي تحصل عليها الدّولة.
وبالتّالي فهم يرفضون ضمنًا نظريّة السّيادة، وعلى هذا، وطبقًا للنّظريّة العلميّة، فإنّ مفهوم علم الاجتماع السياسيّ كعلم للقوّة، يعدّ أكثر واقعيّة من المفهوم الأوّل وهو علم الدولة.
لقد اتّسع مجال علم الاجتماع السياسيّ الآن وأصبح يغطّي موضوعات لا تبتعد من موضوعه الأصلي، وهو موضوع القوّة، مثل الأحزاب السياسيّة والتّنشئة السياسيّة والمشاركة السياسيّة وجماعات الضّغط وكلّها موضوعات تدور حول القوّة.
وعلى هذا، فعلم الاجتماع السياسيّ هو علم القوّة بوصف القوّة قائمة في أيّ جماعة بشريّة، سواء أكانت هذه الجماعة صغيرة أم كبيرة، حيث تمثّل القوّة ظاهرة عامّة في المجتمعات الإنسانيّة، وهي موجودة في كل القطاعات النّظاميّة وغير النّظاميّة داخل المجتمع، وموجودة كاملة في الروابط والمجتمع غير النّظامي، ولا تتحوّل إلى قوّة نظاميّة وسلطة إلّا في التّنظيم السياسيّ([25]).
لقد تعزّزت الفكرة القائلة بأنّ موضوع العلم بالسياسة ومفهومه (وبالتّالي موضوع علم الاجتماع السياسيّ ومفهومه) هو علم الدّولة من خلال التدامج الحاصل بين الدّولة والمجتمع. فالدّولة والمجتمع متلازمان، وكل اتّجاه للتّفريق بينهما هو اتّجاه غير دقيق وخاطئ. ويذهب «مارسيل بريلو» إلى القول إنّ أي واقع للتّفريق بين الدولة والمجتمع، سواء لأسباب تاريخيّة أو اجتماعيّة أو فلسفيّة، يتجاهل الوحدة المتينة التي لا تتزعزع بين الدّولة والسلطة (القوّة) والمجتمع([26]). بمعنى أنّ فكرة الدّولة والمجتمع تستدعيّ الدولة السلطة (القدرة) . كما أنّ هذه الأخيرة (الدّولة القدرة) تستدعي الدّولة المجتمع في آن واحد.
وضمن سياق البحث نصل إلى الخلاصة الآتية
- يرتبط علم الاجتماع السياسيّ ارتباطًا وثيقًا ومباشرًا بعلم الاجتماع العام. ويعود سبب هذا الارتباط والتّداخل بين العلميْن إلى أنّ الظاهرة السياسيّة ليست منفصلة عن المجتمع، ولا تشكّل مجالًا مستقلًا أو نطاقًا منفصلًا عنه. فالسياسة تكاد تخترق مجالات الحياة الاجتماعيّة كلها بشكلٍ أو بآخر.
- إنّ مفهوم علم الاجتماع السياسيّ يستند، من حيث المبدأ، إلى مقاربة الظاهرة السياسيّة من موقع سوسيولوجيّ، أي دراسة القضايا السياسيّة ومعالجتها سوسيولوجيًّا استنادًا إلى المناهج التحليليّة لعلماء الاجتماع عند دراستهم للظواهر المجتمعيّة. وفي هذا المنحى تترسّخ فكرة علم الاجتماع السياسيّ كفرع من فروع علم الاجتماع العام.
- علم الاجتماع السياسيّ هو العلم الذي يأخذ بالحسبان الواقع الاجتماعي عند دراسة الظواهر السياسيّة، الأمر الذي يجعله وفقًا لرأي «مونيك شوميلييه» كعلم يدرس القضايا السياسيّة والنّظم السياسيّة على ضوء الثّقافة السائدة في المجتمع. أي أنّ علم الاجتماع السياسيّ يستند إلى البعد الاجتماعيّ في مقاربة الظواهر السياسيّة.
- علم الاجتماع السياسيّ يُعنى بدراسة السّلطة في إطارها الاجتماعي، وهو يهتمّ بدراسة السّلوك السياسيّ في سياقه الاجتماعي، وهو العلم الذي يهتم بتحليل الأنظمة السياسيّة وسائر الظواهر السياسيّة في علاقتها بالنّظم الاجتماعية والظواهر المجتمعيّة.
- إنّ من غير المناسب دراسة السياسة والبناء السياسيّ أو توزيع القوّة داخل المجتمعات من دون الإطلالة على الأبعاد والأسباب الاجتماعية الناتجة من هذا التّوزيع للقوّة، أو عن العوامل الاجتماعيّة التي أدّت إلى هذا البناء.
تأسيسًا على مضمون البحث، وانطلاقًا من خلاصته نستنتج الآتي:
- إنّ تحديد علم الاجتماع السياسيّ وفهمه فهمًا أوضحَ يرتكز على النّظر إليه كفرع من فروع علم الاجتماع العام. وهذه الخاصيّة تعكس نفسها على تفاصيل علم الاجتماع السياسيّ ومساره ومجالاته.
- إنّ علم الاجتماع السياسيّ ينظر إلى ظواهر السياسة وقضاياها كوقائع اجتماعيّة قائمة بالفعل لا كمسائل متخيّلة، الأمر الذي يجعله يدرس ما هو قائم وموجود وليس ما يفترض أن يكون. من هنا يغدو علم الاجتماع السياسيّ علماً غير معياري. لأنّ اهتمامه بالظواهر السياسيّة كوقائع اجتماعيّة تنطلق من دراسة ما هو قائم وليس ما يجب أن يكون، الأمر الذي يجعل منظوره كعلم ينطلق من الحاضر والمعطى والوجود.
- إنّ الظواهر السياسيّة هي وليدة عوامل اجتماعيّة واقتصاديّة وثقافيّة في إطار بيئة اجتماعيّة معيّنة، لذلك فإنّ تحليلها وفهمها يفترض أن تحصل في إطارها الاجتماعيّ المحدّد، الأمر الذي يدفع إلى القول إنّ متابعة هذه الظواهر بمعزل عن الخلفيّة الاجتماعيّة سيبقى عملًا قاصرًا. من هنا التركيز على المنحى السوسيولوجيّ في التّحليل من أبرز معالم علم الاجتماع السياسيّ.
مراجع البحث
- إسماعيل، علي سعد، أصول علم الاجتماع السياسيّ، لا.ط، دار النّهضة العربيّة، بيروت، 1988م.
- ابن خلدون، المقدمة، الجزء الثاني
- السيد، الحسيني،علم الاجتماع السياسيّ (المفاهيم والقضايا)، الطبعة الرابعة، دار قطر بن الفجاءة،
- أحمد، القصير، منهجيّة علم الاجتماع بين الوظيفيّة والماركسيّة والبنيويّة، لا.ط، الهيئة المصريّة العامّة للكتاب، مصر 1985 .
- شوكت، اشتي، علم الاجتماع السياسيّ مقدّمات توضيحيّة، دار أبعاد، بيروت، الطبعة الأولى، 2010.
- عبد القادر، جغلول، الإشكاليّات التاريخيّة في علم الاجتماع السياسيّ عند ابن خلدون، الطبعة الرابعة، دار الحداثة للطباعة والنّشر، 1987م .
- غاستون بوتول، علم الاجتماع السياسيّ، ترجمة: الدكتور خليل الجر، لا.ط، المنشورات العربيّة، 1979 .
- موريس، دوفرجيه، سوسيولوجيا السياسة: مبادئ أولى في علم السياسة، ترجمة: هشام دياب، لا.ط، دار دمشق، 1980 .
- نيقولا، مكيافيلي، الأمير، تعريب: خيري حماد، تعقيب فاروق سعد، الطبعة التاسعة، دار الآفاق الجديدة، بيروت، 1979.
- نيقولا، تيماشيف، نظريّة علم الاجتماع، ترجمة: محمود عودة وآخرون، الطبعة السابعة، دار المعارف، القاهرة،1981م .
- أنظر: نيقولا، تيماشيف، نظريّة علم الاجتماع، ترجمة: محمود عودة وآخرون، الطبعة السابعة، دار المعارف، القاهرة،1981م .
- Maurice Duverger. Sociologie Politique. Paris, presses Universitaires de France. 1968.
1- أستاذ مساعد في الجامعة الللبنانيّة معهد العلوم الاجتماعيّة.
[2]– غاستون بوتول، علم الاجتماع السياسيّ، ترجمة: الدكتور خليل الجر، لا.ط، المنشورات العربيّة، 1979، ص7.
[3] – إسماعيل، علي سعد، أصول علم الاجتماع السياسيّ، لا.ط، دار النّهضة العربيّة، بيروت، 1988م، ص 14.
[4] -شوكت، اشتي، علم الاجتماع السياسيّ مقوّمات توضيحيّة، دار أبعاد، بيروت، الطبعة الأولى، 2010، ص 38.
[5] -نيقولا، مكيافيلي، الأمير، تعريب: خيري حماد، تعقيب فاروق سعد، الطبعة التاسعة، دار الآفاق الجديدة، بيروت، 1979، ص 23
[6] -موريس، دوفرجيه، سوسيولوجيا السياسة: مبادئ أولى في علم السياسة، ترجمة: هشام دياب، لا.ط، دار دمشق، 1980، ص 25
[7] -ابن خلدون، المقدمة، الجزء الثاني، ص 484.
[8] -عبد القادر، جغلول، الإشكاليّات التاريخيّة في علم الاجتماع السياسيّ عند ابن خلدون، الطبعة الرابعة، دار الحداثة للطباعة والنّشر، 1987م، ص 138.
[9] – انظر ابن خلدون، المقدّمة، مرجع سابق، الجزء الثّاني، ص 276.
[10]– انظر: نيقولا، تيماشيف، نظريّة علم الاجتماع، ترجمة: محمود عودة وآخرين، الطبعة السابعة، دار المعارف، القاهرة، 1981م، ص 30
[11] – السيد، الحسيني، علم الاجتماع السياسيّ (المفاهيم والقضايا)، الطبعة الرابعة، دار قطر بن الفجاءة، 1986، ص 20.
[12]– شوكت، اشتي، علم الاجتماع السياسيّ (مقدمات توضيحية)، مرجع سابق، ص 41.
[13] – انظر: شوكت اشتي، علم الاجتماع السياسيّ مرجع سابق، ص 42- 43.
[14] – شوكت أشتي، علم الاجتماع السياسيّ ، مرجع سابق، ص 45.
[15] – انظر: شوكت اشتى – علم الاجتماع السياسيّ، مرجع سابق، ص 46.
[16]– أحمد، القصير، منهجيّة علم الاجتماع بين الوظيفيّة والماركسيّة والبنيويّة، لا.ط، الهيئة المصريّة العامّة للكتاب، مصر 1985، ص 27
[17]– انظر: أحمد القصير، منهجيّة علم الاجتماع بين الوظيفيّة والماركسيّة والبنيويّة، مرجع سابق، ص210.
[18] – انظر: شوكت شتي، علم الاجتماع السياسيّ، مرجع سابق، ص 60 – 61.
[19] -إسماعيل، علي سعد، أصول علم الاجتماع السياسيّ، مرجع سابق، ص 25.
[20]-انظر: شوكت اشتي، علم الاجتماع السياسيّ، (مقدّمات توضيحيّة)، مرجع سابق، ص 116 –117.
[21] -شوكت أشتي، المرجع السابق، ص 118.
[22] – إسماعيل، علي سعد، أصول علم الاجتماع، مرجع سابق، ص 26.
[23] -Maurice Duverger. Sociologie Politique. Paris, presses Universitaires de France. 1968 p. 14.
[24] -المرجع السابق نفسه، ص15.
[25] -أنظر: إسماعيل، علي سعد، أصول الاجتماع السياسيّ، مرجع سابق، ص 30- 31.
[26] -شوكت أشتي، علم الاجتماع السياسيّ، مرجع سابق، ص 144- 145.