دراسة مقارنة بين منطق اللّغة العربيّة ومنطق اللّغة السويديّة
عامر خالد العبسي([1])
المُلخّص
يسلّط البحث الضوء على موضوع مهمّ يُعنى به كلّ الدارسين والباحثين في اللّغات على تنوع حروفها، إذ إن الألفاظ وتآلفها تشكّل النواة الأولى لأيّ انطلاقة أدبيّة أو لغوية، ولفهم قضية التراكيب التي تتألف من ألفاظ لا بدّ من فهم المنطق وآلياته التي تحكم اللّغة.
تعدد اللّغات بتعدد الشعوب، إذ إنّ كلّ شعب ينطق بلسانٍ يميّزه من غيره. هذه الألسن تقوم على نظام متكامل من القواعد اللغويّة التي تضبط عملية النطق والتركيب. لذلك يعتني الباحثون بدراسة الأنظمة اللغويّة؛ لتيسيرها وتسهيلها على المقبلين عليها.
بدأ البحث بمقدمة عُرِضَ فيها بدايةً ملخص البحث باللّغتين العربيّة والإنكليزيّة، ثم تلا الملخّص مقدّمة موجزة تعرّف بالموضوع المطروح والهدف من البحث، وطُرِحت مجموعة من الأسئلة التي سيحاول البحث الإجابة عنها، كما أشير إلى الخلفيّة التي انطلق منها البحث، والمنهج المتبع، و الكلمات المهمّة التي شكلت مفتاح الدراسة.
تلت المقدّمة ثلاث نقاط، إذ جاء في النقطة الأولى تعريف اللّغة وتعريف المنطق، ثمّ تلتها النقطة الثانية التي أجريت فيها مقاربة بين البديهيات الثلاث المُشتركة “اسم، فعل، حرف“ بين اللغتين من خلال جداول تمثيليّة توضيحيّة. أمّا النقطة الثالثة فقد جاء فيها مقاربة بين أنواع الجمل وترتيب عناصرها الأساس.
أخيرًا انتهى البحث بخاتمة ضمّت النتائج المهمّة التي خلص لها البحث، أكدت فيها ضرورة العناية بدراسة آليّات منطق اللّغة، وعدم إغفال الدراسة المقاربة بين الأنظمة التي اللغويّة المختلفة والمنطق الذي يحكم هذه اللّغات.
الكلمات المفتاح: اللّغة، المنطق، التراكيب، العناصر.
Summary
The research sheds light on an important topic that concerns all scholars and researchers in languages because of the diversity of its letters, as the words and their combination constitute the first nucleus of any literary or linguistic starting point, and to understand the issue of structures consisting of words, it is necessary to understand the logic and its mechanisms that govern the language. The multiplicity of languages and the multiplicity of people, as each person speaks a language that is different from others. These tongues are based on an integrated system of linguistic rules that control the process of pronunciation and structure. That is why researchers are interested in studying language systems; To make it easier and easier for those next to it.
The research began with an introduction in which a summary of the research was presented in both Arabic and English, then the summary was followed by a brief introduction that defined the topic and the goal of the research, and a set of questions were raised that the research will try to answer. Study key. The introduction was followed by three points, as in the first point came the definition of language and the definition of logic, then followed by the second point in which an approach was made between the three common axioms ((name, verb, letter)) between the two languages through illustrative representative tables. As for the third point, it came about an approach between the types of sentences and the arrangement of their basic elements.
Finally, the research ended with a conclusion that included the most important findings of the research, in which it was emphasized that it is needed to pay attention to studying the mechanisms of language logic, and not to neglect the study of the approach between the different linguistic systems and the logic that governs these languages.
Keywords: Language, logic, structures, elements.
المقدّمة
اللّغة نشاط اجتماعيّ لازم الإنسان منذ بداية خلقه، إذ كانت اللّغة أوّل شيء يتعلمه أبو البشر آدم، قال الله تعالى: ﴿وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاءَ كُلَّهَا﴾([2]). فاللّغة أداة تعبير ووسيلة تواصل وتفاهم بين أفراد المجتمع في دائرة صغرى، وبين المجتمعات المختلفة.
تفاضلت المجتمعات البشريّة بين بعضها البعض بقضيّة النّسب والعرق، إذ إنّ لديهم شجرات للأنساب التي يعودون إليها، وهم في نهاية المطاف يعودون إلى امرئ وامرأة الذين منهما تكاثر البشر. كذلك اللّغات، فإنّها تنتسب إلى عائلات لغويّة، تفرّعت عنها وتعددت، فمنها ما باد ومنها ما بقي حتّى اليوم.
أمّا اللّغتان اللّتان نحن بصدد البحث والمقاربة بينهما، فإنّهما ترجعان إلى عائلتين مختلفتين، فاللّغة العربيّة تعود إلى عائلة لغات انتشرت في القارتين الأفريقية والآسيويّة، وصنفتها ناديا النجار: “اللغات الإفروأسيويّة، منها السّاميّة والحاميةّ، ومن الساميّة العربيّة والعبريّة والكنعانيّة والحبشيّة…”( [3])
تُعد اللّغة السويديّة من ضمن اللّغات المنتشرة في أوروبا، وهي من العائلة الهندو أوروبيّة، وقد صنّفتها ناديا النجار: “الهندو جرمانيّة، ويضم: الإنجليزيّة، الألمانيّة، الهولنديّة، الاسكندنافيّة. وتضمّ الاسكندنافيّة: الدنماركيّة، السويديّة، النرويجيّة، الإيسلنديّة”([4]). وعلى الرغم من تعدد الألسن، وتعدد العائلات اللّغويّة، إلا أنّه يوجد بينها قواسم وقواعد وتصنيفات مشتركة، وهذا ليس غريبًا، إذ إنّ العائلات اللغويّة جميعها تعود إلى مصدر واحد.
ضرورة البحث
انطلقت ضرورة البحث من أهميّة العناية بمنطق اللّغة وآلياته التي تشكّل النظام الداخلي الذي لم يأخذ حقّه في الدراسة والبحث، إذ إن الآليات المنطقيّة هي الضابط لقواعد التّراكيب اللغويّة في أيّ لسان. وعمل هذه التّراكيب عمل بالغ الأهميّة، إذ إنّها تُعنى بعمليّة التّواصل بين الأفراد، وبعمليّة نقل الدّلالات التي تعبر عن الأفكار والخبرات.
هدف البحث
هَدَفَ البحث إلى المقاربة بين العناصر الأساسيّة التي تتألف منها اللغتان، والتماس نقاط القوة ونقاط الضعف في كلّ لغة. وعُمِدَ إلى التركيز على نقاط الاتفاق ونقاط الاختلاف، ونقاط التمايز بين اللغتين من خلال النظر في النظام التي تسير عليه كل لغة، وأي نظام امتاز من سواه بالوضوح والدّقة في عمليّة التركيب.
أسئلة البحث
بُني البحث على عدة أسئلة، هي:
- ما هي اللّغة؟ وما هو المنطق؟
- ما أوجه الشبه بين منطق اللّغة العربيّة ومنطق اللّغة السويديّة؟
- هل اتفقت اللّغتان في البديهيّات اللّغويّة؟
- بمَ تمايزت عناصر كلّ لغة عن الأخرى؟
- أين اتفقت تراكيب اللّغتين، وأين اختلفت؟
خلفيّة البحث
تستند خلفيّة البحث إلى خلفيّة عمليّة لغويّة، اعتمد فيها البحث على دراسة عناصر للغتين مختلفتين حرفًا ونطقًا وجمهورًا. وأُدرِجت جداول تمثيليّة تقارن بين العناصر اللفظيّة.
واستند البحث إلى عدّة مصادر ومراجع، ومن بين أهمها:
- مدخل إلى قواعد اللّغة السويديّة، للمؤلّف: فيصل محمود شكر. فصّل شكر وأسهب في تناول قواعد اللّغة السويديّة، محاولًا الإحاطة بكامل القواعد التي بُنيت عليها هذه اللّغة. كما عمد شكر إلى مقارنة تراكيب السويديّة بتراكيب العربيّة، ويظهر من خلال عمله أنّه وفق إلى حد كبير في غايته.
- جامع الدروس العربيّة، للمؤلّف: مصطفى الغلاييني، جاء كتاب الغلاييني موسوعة في علم النحو والصّرف، وجاء على ثلاثة أجزاء امتازت بدقّة الشرح ووضوح البراهين. أحاط الغلاييني في كتابه بغالبية مباحث اللّغة، وفصّل فيها. ولم يكتفِ بذلك، بل طرح قضايا خلافيّة، وعلّق عليها، وأدرج آراء اللّغويين حولها إثباتًا أو نفيًا.
منهج البحث
لمّا عمد البحث إلى دراسة العناصر الأساسيّة التي تشكّل اللّغة، والتي بدورها “العناصر“ تشكّل أركان التّراكيب، وهذه التّراكيب التي تحمل دلالات هي صلة الوصل بين التفكير والعالم الخارجي، عندها لجأ البحث إلى الاعتماد على المنهج البنيوي التّركيبي الذي يقوم على دراسة العناصر وتحليلها التي تتكون منها البنى اللغويّة. عرّف فائق مصطفى وعبد الرضا علي المنهج البنيوي أنّه: “منهج فكري يقوم على البحث عن العلاقات التي تعطي العناصر المتّحدة قيمة، ووضعها في مجموع منتظم، ما يجعل من الممكن إدراك هذه المجموعات في أوضاعها الدالة( [5])“.
فصول البحث
أولًا: تعريف المنطق وتعريف اللّغة
- تعريف اللّغة: اللّغة أداة تواصل وتفاهم بين الشّعوب، ينقل بها الأفراد أفكارهم وخبراتهم بين بعضهم البعض، وجاء في تعريف اللّغة: “هي ما يُعبّر بها كل قوم عن أغراضهم”( [6]).
الأفكار معانٍ ودلالات تتولد في الذهن، تحتاج إلى آلية لترجمتها إلى الواقع الملموس، لذا البعض اختار الريشة والألوان والبعض اختار الموسيقى، والأغلب من اختار الألفاظ والتراكيب التي أثبتت أنها أفضل وسيلة لنقل ما يختلج في داخل كلّ فرد من دون وقع لبس أو عسر في الفهم. فاللغة ألفاظ وتراكيب تعبّر عن معانٍ وضعت لدلالات معينة، ولا قيمة للألفاظ من دون دلالة تحتوي عليها، كما لا قيمة للدلالة من دون ألفاظ تحملها، فشكلت الألفاظ والدّلالة علاقة تشبه الجسد الرّوح، فالألفاظ جسد، والدلالة روح، ولا قيمة لأحدهما بمعزل عن الآخر.
- تعريف المنطق: المنطق آلة العقل، وسبيله إلى التفكير السليم معتمدًا على مجموعة من القوانين والمبادئ الأوليّة، وعرفه الجرجاني: “آلة قانونيّة تعصم مراعاتها الذّهن عن الخطأ في الفكر”( [7]).
القوانين والمبادئ لا بدّ منها في أي عمل سواء أكان العمل نظريّ أو عملي، فهي الضابط والمقوم والمساعد في الوصول إلى نتائج سليمة.
ثانيًا: مقاربة بين الألفاظ في اللّغة العربيّة والألفاظ في اللّغة السويديّة
اجتمعت اللّغات على اختلاف أصواتها وحروفها على بديهيّات مشتركة، إذ لا تخلو أيّة لغة منها، وهذه البديهيّات المُشتركة في (الاسم، الفعل، الحرف).
لا بدّ لأيّة لغة من أنْ تقوم على هذا المثلث الذي يُعد أساس اللغة، وهو مشترك ثابت لا يختلف مبدأه العام بين اللّغات، وفي ما يلي سيحاول البحث مقاربة هذه الثّوابت بين اللّغة العربيّة واللّغة السويديّة، وسيحاول تسليط الضوء على نقاط الائتلاف ونقاط الاختلاف.
- الأسماء: الاسم أصل المُشتقات، عرفّه الغلاييني: “ما دلّ على معنًى في نفسه غير مُقترن بزمانٍ: كخالد وفرس ودار”([8]). اتفقت اللّغتان العربيّة والسويديّة أنّ للاسم مصدر واحد (جزر)، وهو أصل في الاشتقاق، ومنه يُشتقّ الفعل وباقي المشتقّات.
والاسم لفظة وضعت للدلالة على معنًى خارج وعاء الزمن، أي لا يرتبط في دلالته بإحدى الأزمنة الثلاثة (ماضٍ، حاضر، مستقبل). فهو مطلق غير مقيد، وتشترك اللّغتان في أنواع الأسماء وصفاتها:
- أ- أسماء العلم: هي أسماء معارف، تدلّ أشخاص يعقلون، جدول تمثيلي:
أسماء علم من العربيّة | أسماء علم من السويديّة |
محمد | Erik |
أسامة | Karin |
هند | Klara |
- ب- أسماء الحيوانات: كائنات لا تعقل، جدول تمثيلي:
أسماء حيوانات من العربيّة | أسماء حيوانات من السويديّة |
أسد | Ett lejon |
حصان | En häst |
طائر | En fågel |
ج-أسماء النباتات: كائنات حيّة لا تعقل، جدول تمثيلي:
أسماء نباتات من العربيّة | أسماء نباتات من السويديّة |
شجرة | Ett träd |
زهرة | En blomma |
تفاحة | Ett äpple |
- أسماء الجماد: أسماء أشياء جامدة لا تعقل، ولا تنمو، جدول تمثيلي:
أسماء جماد من العربيّة | أسماء جماد من السويديّة |
كرسي | En stol |
سيارة | En bil |
قلم | En penna |
ه- أسماء المكان: وعاء الحدث، كأسماء المدن، والأنهار، والجبال، والبلاد، جدول تمثيلي:
أسماء أمكنة من العربيّة | أسماء أمكنة من السويديّة |
مكتبة | Ett biblotek |
مدرسة | En skola |
بيروت | stockholm |
و- أسماء الزمان: وعاء الحدث، كالأيام، والأشهر، والفصول، جدول تمثيلي:
أسماء الزمان من العربيّة | أسماء الزمان من السويديّة |
ساعة | En timme |
يوم | Tisdag |
شهر | En månad |
تشترك أسماء اللّغتين في كون أسمائها تقسم إلى معارف ونكرات. ولكن الفارق بين اللغتين يظهر في أنّ الاسم النكرة يأتي منفردًا في اللّغة العربيّة من دون أيّة زيادة فيها، نحو: كتاب. والاسم النكرة أصل في اللّغة؛ لأنّه مستقل بذاته. بينما الاسم النكرة في اللّغة السويديّة لا بدّ أن يُسبق بـ ((En)) أو ((Ett))، ولا يوجد قاعدة محددة تضبط استخدامهما، بل إنّ هي عمليّة سماعيةّ، نحو: En bok، ما عدا أسماء العلم، وأسماء المدن، والأنهار، وما يقوم مقامها.
يتعرّف الاسم النكرة في اللّغة العربيّة بإضافة “ال“ في بدايته، نحو: الكتاب، بينما يُتَعرّف الاسم النكرة في اللّغة السويديّة بنقل ((En)) أو ((Ett)) إلى آخر اللفظة، نحو: Boken، وعمليّة تعريف الاسم في اللّغة السويديّة تعتمد على قاعدتين هما:
- إذا انتهت اللّفظة بحرف صامت نضيف في نهاية اللفظة ((En)) أو ((Et))، نحو: En bil – Bilen, Ett hus – Huset.
يظهر في المثال السابق أنّ تعريف الاسم الذي يبدأ ((Ett)) يثسقَط معه حرف ((T)) من الأداة الأصلية ((Ett))، وتبقى ((En)) على حالها من دون حذف أو زيادة.
- إذا انتهت اللفظة بحرف صائت ((A,E,I,O,U,Y,Ä,Å,Ö))، فلا بدّ من إسقاط حرف ((E)) من كلا الأداتين في التعريف، نحو: En flicka – Flickan, Ett äpple – Äpplet.
الضمائر: تنوب الضمائر في اللّغات كافة عن متكلّم أو مخاطب أو غائب بحسب الجنس والعدد. اختلف الوضع دقةً من لغة إلى أخرى، فجاءت العربيّة بوضع دقيق يراعي جنس المُتكلّم ذكر أو أنثى، مفرد أو مُثنى أو جمع، وهذا بدوره يمنع اللبس عند المُتلقي، بينما اللّغة السويديّة لم تأتِ بالدّقة نفسها، إذ إنّ المخاطب “ذكر أو أنثى” جاء بضمير واحد، كذلك غاب ضمير المُثنى للمخاطب أو الغائب عن هذه الضمائر، وفي ما يلي جدول توضيحي للضمائر في اللغتين:
الضمائر في اللّغة العربيّة | الضمائر في اللّغة السويديّة |
أنا | Jag |
نحن | Vi |
أنتَ | Du |
أنتِ | Du |
أنتما | Ni |
أنتم | Ni |
أنتنّ | Ni |
هو | Han |
هي | Hon |
هما | De |
هم | De |
هنّ | De |
يظهر من خلال الجدول السّابق أنّ ضمائر: المفرد المؤنث المخاطبة، والمُثنى المخاطب بجنسيه، والمؤنث المخاطب لجمع الإناث، والمؤنث الغائب بجنسيه، والمؤنّث لجمع الإناث قد غابت عن اللّغة السويديّة، وهذا ينعكس سلبًا على الدلالة، إذ إن المُتلقي قد يقع في اللبس إذا لم توجد قرينة في الكلام تدلّ على المقصود.
أمّا ما تمايزت فيه اللّغة السويديّة عن اللّغة العربيّة وجود ضميري الغائب ((Den, Det)) للدّلالة على الأسماء النكرة، إذ إنّ الضمير ((Den)) يختص بالإشارة إلى المفردات من نوع ((En))، والضمير ((Det)) يختصّ بالإشارة إلى المفردات من نوع((Det)) ([9]).
بينما ضميري الغائب “هو، هي” في اللّغة العربيّة يستخدمان للدلالة على الاسم المعرفة والاسم النكرة.
- الأفعال: لا يخرج الزّمن عن كونه أحد ثلاث “ماضٍ، حاضر، مستقبل“، فالماضي يعبّر عما حصل وانقضى، والحاضر لما يحصل، والمستقبل لما سيحصل([10]).
لم تخرج اللّغة العربيّة عن هذا التقسيم الطبيعي للأزمنة، فجاءت هذه الأزمنة الثلاث أوعية احتوت على الأحداث “الأفعال“. واللّغة السويديّة لم تخرج أيضًا عن هذا الأزمنة الثلاثة بالعموم في التعبير عن أحداثها، ولكنها تضمّنت صيغًا تركيبية أكثر تكلّفًا.
جدول تمثيلي يظهر الأفعال في الأزمنة الثلاثة في اللّغة العربيّة:
الفعل الماضي | الفعل المضارع (الحاضر) | فعل الأمر (المستقبل) |
كتب | يكتب | اكتب |
قرأ | يقرأ | اقرأ |
جدول تمثيلي يظهر الأفعال في اللّغة السويديّة:
IMPERATIV | SUPINUM | PRETERTUM | PRESENS | INFENITIV |
Arbeta | Arbetat | Arbetade | Arbetar | Att arbeta |
Läs | läst | läste | läser | Att läsa |
تعددت صيغ الفعل في اللّغة السويديّة، إذ كما يظهر أنّها جاءت على خمس، إلا أنّ صيغة ((INFENITIV)) الفعل الرئيس، هي في رأس الأفعال لا تقوم بنفسها، بل لا بدّ من أن يسبقها فعل يقوم بها، يُسمى ))الفعل المساعد((، وأشهر الأفعال المساعدة وأكثرها استخدامًا:
.((ska, kan, vill, måsta, behöver, har))
قسّم فيصل شكر الأفعال قسمين: “الفعل الرئيس((Huvudverb)) : هو الفعل الذي يحتوي على مضمون الحدث في الجملة، ويأتي:
- لوحده: حين يكون ذا صيغة زمنيّة، مثل: Han skriver ett brev.
- مع فعل مساعد: وذلك حين لا يكون ذا صيغة زمنيّة، مثل: Han ska skriva ett brev. Han har skrivit ett brev.
الفعل المساعد ((Hjälpverb)): هي الأفعال التي لا تحوي أو تعبّر عن مضمون الحدث أو جوهره، وإنّما تساعد في بنائه من النّاحية الزّمنية باستعمالها، بإحدى الصيغ الزمنيّة، مع الفعل الرئيس الذي يحمل جوهر الحدث، والذي يكون في هذه الحالة في صيغة غير زمنيّة، أي غير مكتمل. ويأتي ترتيب الأفعال المساعدة في الجملة قبل الفعل الرئيس”([11]).
يتّضح من خلال قول شكر إن عمل الأفعال المساعدة تحديد زمن الفعل “ماض أو حاضر أو مستقبل” بناءً على الزمن الذي تُستخدم به، إذ إنّ الفعل في صيغة ((INFENITIV)) لا يحمل زمن، فجاء عمل هذه الأفعال حصر اسم الحدث ضمن وعاء زمني محدد.
- الحروف: تقوم اللّغات عامة على نوعين من الأحرف “أحرف المباني، وأحرف المعاني“ على الرّغم من الاختلاف في توظيف هذه اللّغة بناءً على المنطق الذي يحكمها، وتمايزت اللّغة العربيّة عن باقي اللّغة بحركات إعرابها التي تؤثر على المعاني والدّلالات. هذه الحركات لا توضع بشكل اعتباطي، بل إنّها تخضع لنظريّة العامل وأثره في اللّفظة، والعامل يكون معنوي أو لفظي.
تماثلت اللّغتان “العربيّة، السويديّة“ في عدد أحرف المباني، إذ تألفت كلّ لغة من تسعة وعشرين حرفًا.
واختلفت اللّغتان في أنواع أحرف المعاني وعددها واستعمالاتها، إذ إنّ النّظام اللغوي المنطقي للّغة العربية التي بنيت عليه وظّف الأدوات بحسب مُقتضى الدّلالات، إذ لم يدع مجال للقارئ أو للمتعلم للوقوع في عسر الفهم والشّك في المقصود.
جاءت أحرف المعاني أدوات ربطت بين الألفاظ وجعلتها وحدة متماسكة، وكل نوع من هذه الأدوات اختصّ بعمل، فمنها: للتأكيد، ومنها للنفي، ومنها للنهي، ومنها للعطف، ومنها للوصل…
أمّا أحرف المعاني في اللّغة السويديّة فلم تأتِ بالتفصيل نفسه، وبالدّقة ذاتها، بل جاء فيها شيء من العشوائيّة والتخبّط من دون قاعدة تفسّر السّبب، كما أنّها لم تستقل بحرفيّتها، بل تجد أنّ هناك مفردات عملت معاملة أحرف الربط، ومنها: .Bredvid, Mellan, Utanför, Under هذه ألفاظ تدلّ على ظروف عوملت معاملة أحرف الجر في للّغة السّويديّة.
ثالثًا: مقاربة بين أنواع الجمل في اللّغة العربيّة وأنواع الجمل في اللّغة السّويديّة
هي تراكيب لغوية تحمل معاني ودلالات موجودة في النفس. تتألف الجملة من ركنين أساسيين هما: المسند والمسند إليه([12])، وقد يدخل عليهما أدوات وألفاظ أخرى، وإن كانت ليست ركنًا أساسيًا في الجملة، إلّا أنّها تؤدي وظيفة دلاليّة، فكل زيادة في المبنى هي زيادة في المعنى. تباينت أنواع الجمل بين اللّغتين “العربيّة، السويديّة“، فاللّغة العربيّة قامت جملها على نوعين أساسين هما:
- الجملة الاسميّة: تتألف من اسمين يشكلان ركني الجملة ولا يمكن لأحدهما أن يستغني عن الآخر، كما لا يكون التركيب صحيحًا من دون أحدهما، إلّا أنّه في قضايا النّحو يوجد هناك التقديم والتأخير والحذف مع وجود قرينة، وهذا لا يتعارض مع الأصل، وقد يزاد على ركني الإسناد ألفاظ، كـ: الظروف، والصفات، والحال… تُسمى هذه الألفاظ فضلات، أي: يمكن الاستغناء عنها، ولكن لزيادتها معنًى أجلى ودلالة أوضح، كقولك: زيد شجاع ساعة الحرب. الشاهد: “ساعة الحرب” ظرف دلّ على الزمن، وهذا الظرف زاد في المعنى، أيّ أنّ زيد ربما لا يكون شجاعًا في باقي الأوقات، لكنه حتمًا شجاع ساعة وقوع الحرب. أمّا اللّغة السويديّة فلا تحتوي على هذه الأنواع من الجمل، بل إنّ الجمل تقوم في الأصل على نوع واحد “الجملة الاسمية“.
يتفق تركيب الجملة السويديّة مع تركيب الجملة العربيّة، إذ تألّف التركيبان من مسند ومسند إليه، لكن الجملة السويديّة لم يجز فيها أن تتكون من اسمين كنحو الجملة العربيّة، ولم يجز فيها البدء بفعل واعتبار جملة خبريّة لا إنشائيّة، بل جاز فيها الجملة التي تبدأ باسم على اختلاف نوعه، أو جنسه، ثم يليه الفعل، فمتمّمات الجملة. وقد رتبت الجملة السويديّة على النحو الآتي:
Substantiv + Verb + Obiekt.
2
Ahmed läser en bok.
S V O
Han springer på vägen.
På morgonen gick jag till sjön.
I skolan traffar jag mina kompisar:
Jag ska skriva ett brev.
يظهر من خلال الأمثلة السّابقة، أنّه على الرّغم من تغيّر العنصر الأوّل في الجملة السويديّة، إلّا أنّ الفعل حافظ على ترتيبه كثاني عنصر، وهذا الموقع ثابت لا يتغيّر بتغيّر العوامل، ولا يتأثر بقضيّة التقديم والتأخير، ولكن المسند إليه “الفاعل“ يتغيّر موقعه بحسب العامل الداخل عليه ( [13]).
- الجملة الفعليّة: هي الجملة التي تبدأ بفعل ويتبعه اسم “فاعل“، نحو: نجح زيد، وتقرأ هند.
غابت الجملة الفعليّة عن اللغة السويديّة، إذ لا يجوز أن تبدأ الجملة بفعل مطلقًا، ولا بدّ أن يحتل المرتبة الثانية في الجملة بعد الاسم أو الضمير أو الظرف، وهذا ما ظهر في الجمل الاسميّة السابقة.
ويجوز أن يتقدّم الفعل في على الاسم أو الضمير أو الظرف، إذا سبقه أداة استفهام، كقولك:
Hur Kan ni hjälpa mig?
2(v1) (v2)
Vad gör du i dag?
2
Pratar du svenska?
تقدّمت في الجملتين الأولى والثاني أداة الاستفهام على الفعل، بينما غابت أداة الاستفهام عن الجملة الثانية، وهي محذوف تقدر معنًى، ليبقى ترتيب الفعل الثاني في الجملة. فأسلوب الاستفهام في اللّغة السويديّة، أضيق عملًا من اللّغة العربيّة، إذ لم يجز دخول الاستفهام على الاسم، بينما الجملة الاستفهاميّة في اللّغة العربيّة جاز فيها الوجهان، كقولك:
أمحمدٌ في الدّار؟
متى تنهي عملك؟
الخاتمة
اللّغات نشاط اجتماعي يعمل فيه الذهن وأعضاء داخليّة وخارجيّة؛ ليُتَوصل به إلى الغاية. وعلى الرّغم من اختلاف الألسن واللّغات، إلّا أنّها حُكمت بمنطق واحد اشتركت فيه العناصر الأساسيّة للّغات.
اجتمعت اللّغة العربيّة واللّغة السويديّة في نقاط واختلفت في أخرى، أمّا النقاط التي اجتمعت فيها، هي:
- البديهيّات اللّغويّة.
- قضيّة الاشتقاق.
- قضيّة المسند والمسند إليه.
بينما ظهرت الاختلافات في:
- دلالة الأفعال.
- أنواع الجمل، وترتيب عناصرها.
- الاختلاف في اعتبارات أحرف المعاني، وعملها.
ولا بدّ من لفت نظر الدارسين إلى أهميّة توسيع مجال الدراسات اللّغوية المقارنة اعتمادًا على المنطق اللّغوي وآلياته؛ لاكتشاف مواطن الالتقاء والافتراق بين اللّغات، والغاية من ذلك الانفتاح على تعلّم لغات جديدة، وتسهيل تعلّمها.
المصادر والمراجع
-1 النجار، نادية رمضان: تصنيف اللغات وفصائلها، الإسكندريّة (مصر)، مؤسسة حورس الدولية للنشر والتوزيع، 2015م.
-2 مصطفى، فائق. علي، عبد الرضا: في النقد الأدبي الحديث (منطلقات وتطبيقات)، الموصل (العراق)، دار الكتب، ط1، عام 1989م.
-3 الجرجاني، علي بن محمد: معجم التعريفات، تحق: محمد صديق المنشاوي، القاهرة، دار الفضيلة، معجم التعريفات، لا ط، لا عام.
-4الغلاييني، مصطفى: جامع الدروس العربيّة، تخ: عبد المنعم خليل إبراهيم، بيروت دار الكتب العلميّة، ط14، 2017.
ameralabsi0@gmail.com جامعة القدّيس يوسف – لبنان، قسم اللّغة العربيّة وآدابها طالب دكتوراه – -[1]
[2]– سورة البقرة، الجزء الأول، الحزب1، الآية 31، ص6.
[3]– انظر: النجار، نادية رمضان: تصنيف اللغات وفصائلها، الإسكندريّة (مصر)، مؤسسة حورس الدولية للنشر والتوزيع، 2015م، ص44-52.
[4]– انظر: نادية النجار: تصنيف اللغات وفصائلها، ص66.
[5]– مصطف، فائق. علي، عبد الرضا: في النقد الأدبي الحديث (منطلقات وتطبيقات)، الموصل (العراق)، دار الكتب، ط1، عام 1989م، ص182.
[6]– الجرجاني، علي بن محمد: معجم التعريفات، تحق: محمد صديق المنشاوي، القاهرة، دار الفضيلة، معجم التعريفات، ص161.
[7]– الجرجاني، معجم التعريفات، ص196.
[8]– الغلاييني، مصطفى: جامع الدروس العربيّة، تخ: عبد المنعم خليل إبراهيم، بيروت دار الكتب العلميّة، ط14، 2017، ج1، ص8.
[9]– انظر: شكر، فيصل محمود: مدخل إلى قواعد اللّغة السويديّة، هيسلاهولم (السويد)، ط1، 1988م ص93.
[10]– انظر: الغلاييني، جامع الدروس العربيّة، ج1، ص24.
[11]– فيصل شكر، مدخل إلى قواعد اللّغة السويديّة، ص120-121.
[12]– انظر: الغلاييني: جامع الدروس العربيّة، ج1، ص11.
[13] – انظر: فيصل شكر، مدخل إلى قواعد اللّغة السويديّة، ص242.