تصميم الأثاث: من الإستاتيكية إلى الديناميكية
ربيع إبراهيم ضاهر([1])
المستخلص
لطالما شكلت الطبيعة المصدر الأول الذي منه استلهم المصممون، واستَقوا حلولًا لمشاكلهم التّصميميّة المتنوعة. ومن يتفكر بالظواهر الكونيّة، كدوران الأرض حول نفسها وحركة الشّمس المستمرة، وما يتبعهما من تعاقب للّيل والنهار وتعاقب للفصول، سرعان ما يدرك ديناميكيّة الحياة، وتطورها وعدم ثباتها على رؤية واحدة. فالديناميكيّة صفة وصمت حياة الإنسان منذ القدم وما تزال ترتبط بواقعنا المُعاش. من هنا ظهرت اتجاهات “العمارة الديناميكيّة “التي هدفت إلى مواكبة احتياجات الإنسان المتبدلة والمتغيرة، وتقديم حلول للمشاكل المستجدة والخروج من الأشكال الثابتة إلى المتحركة. والأثاث من العناصر المتممة للعمارة والملازمة لها، إذ إنّه يعتمد في تصميمه على وظيفته وعلى الفراغ الذي سيوضع فيه. ومع تغير مفاهيم التّصميم الدّاخلي، تطور مفهوم الأثاث واتجهت التّصاميم من الإستاتيكيّة إلى الديناميكيّة، فظهرت فكرة الأثاث المتعدد الوظائف أو الأثاث الذكي، التي قامت في الأساس على مبدأ توفير المساحات، لا سيما في ظل تراجع مساحات الشّقق السكنيّة في الوقت الراهن، وجعله أكثر عملية من دون تكديس لمجموعة كبيرة من القطع التي لا تخدم نمط الحياة المعاصر، فركزت على تعدد الوظائف لقطعة الأثاث الواحدة في سبيل تلبیة الاحتیاجات المستقبلیة للمستخدمین. ثم تطورت أساليب تشغيل قطع الأثاث بفعل تطبيقات التّكنولوجيا الحديثة، فتطورت أشكال الأثاث الحديث من الأثاث الرّقمي إلى الأثاث التفاعلي، وأيضًا الأثاث التطوري، وقد بات المصممون يتعاملون مع قطع الأثاث على أنّها تراكيب ميكانيكيّة وهندسيّة مزودة بتقنيات عالية، ويقومون بإدخال تعديلات وتغييرات شكلية على الأثاث باستخدام خامات وأدوات بسيطة تخلق نوعًا من التجديد وبعيدة من الطابع الشّخصي. ومن هنا نشأت مشكلة البحث في محاولة للرد على التساؤلات الآتية -هل يتناسب الأثاث الثابت التّقليدي مع نمط الحياة المعاصر؟ أم أنّ هناك حاجة لأثاث ديناميكي يتماشى مع متطلبات الإنسان المتغيرة؟ وهل يمثل الأثاث الذكي حلًّا عمليًّا لمشكلة تضاؤل مساحات الشقق السكنية؟ وفي سبيل الإجابة عن أسئلة الدّراسة يتّبع البحث نهجًا وصفيًّا تحليليًّا إذ يعمد إلى وصف وتحليل نماذج لقطع أثاث متعدد الوظائف وأثاث ذكي، ليخلص إلى ضرورة توظيف التّقنيات الحديثة في مواجهة المتغيرات المعاصرة، وتأمين الاحتياجات المختلفة لأصحاب الوحدات السكنية ذات المساحة المحدودة.
الكلمات المفتاحية: أثاث ذكي – أثاث متعدد الوظائف – المنزل ذو المساحة المحدودة – الحياة المعاصرة – الفراغ الديناميكي.
Abstract:
Nature has always been the primary source from which designers drew inspiration and solutions to their various design problems. Whoever contemplates cosmic phenomena, such as the rotation of the earth around itself and the continuous movement of the sun, the succession of day and night and the succession of seasons, will soon realize the dynamics of life, its constant evolution and the lack of stability on a single vision. Dynamism is a characteristic of human life since ancient times, and is still linked to our lived reality. From here, the trends of “dynamic architecture” emerged, which aimed to keep pace with the changing needs of humans, and to provide solutions to emerging problems by getting out of fixed forms to dynamic ones. Furniture is one of the complementary and inherent elements of architecture, as it depends in its design on its function and the space in which it will be placed. With the change in the concepts of interior design, the concept of furniture evolved and the designs turned from static to dynamic, so the idea of multifunctional furniture or smart furniture emerged, which was based primarily on the principle of saving spaces, especially due to the limited areas of residential apartments at the present time, and making it more practical without accumulating a large group of pieces that do not serve the contemporary lifestyle, thus focusing on the multi-functionality of one piece of furniture in order to meet the future needs of users. Then the methods of operating pieces of furniture developed due to the applications of modern technology, so modern forms of furniture developed from digital furniture to interactive furniture and also evolutionary furniture, where designers are dealing with furniture pieces as mechanical and engineering structures equipped with high technologies, so they made modifications to the furniture using new raw materials and tools to create a kind of novelty and depersonalization. Hence, the research problem arose in an attempt to answer the following questions – Is the traditional fixed furniture compatible with the contemporary lifestyle? Or is there a need for dynamic furniture in line with changing human requirements? Is smart furniture a practical solution to the problem of dwindling residential apartments? In order to answer the questions of the study, the research follows a descriptive and analytical approach, as it describes models of multifunctional and smart furniture, to conclude the necessity of employing modern technologies in the face of contemporary changes and securing the different needs of the owners of housing units with limited space.
Keywords: Smart Furniture – Multifunctional Furniture – Home with Limited Space – Contemporary Life – Dynamic Space.
المقدمة
تُشكل أزمة السكن في الوقت الراهن المعضلة الأكثر إرهاقًا للحكومات حول العالم، فَبين عدم توافر المساكن من جهة وارتفاع أسعارها من جهة أخرى، لا ترتبط هذه المشكلة بالدّول النّامية فقط، بل تمتد أيضًا إلى البلدان المتقدمة والثرية. ومع النّمو السّكاني وازدياد الطلب على المساكن، اتجه بعض المعماريين إلى بناء شقق سكنية شديدة الصّغر، قد لا تزيد مساحة قسم منها على بضع عشرات الأمتار، لا سيما تلك التي تستهدف الطلبة والموظفين الشّباب في المدن الكبرى خاصةً، ذلك ما خلق سوقًا تنافسيّة أمام مقاولي البناء لتحقيق أرباح تجاريّة، وفاقم مشكلة الازدحام العمراني (باريا، 2019).
غير أن العيش في مسكن محدود المساحة، ترافقه مشكلة أساسيّة، تتلخص في مدى قدرة هذا المنزل على تلبية احتياجات قاطنيه المعيشيّة المتغيرة. وفي سبيل إرضاء المستخدم وتوفير القسم الأكبر من احتياجاته من دون الحاجة إلى الانتقال إلى وحدة سكنيّة أكبر، وتكبّد تكلفة باهظة، تأتي مسؤوليّة المصمم الداخلي في إيجاد تصميم مناسب يسمح بالاستفادة الأمثل للمساحات المحدودة وبطريقة تتماشى مع ثقافة المستخدم. هذا ما ساهم في اتجاه مصممي الأثاث للخروج من الشّكل الثابت إلى الشكل المتحرك، إذ يتغير شكل وحدات الأثاث ومفهومها مع تغير شكل الفراغ الدّاخلي تبعًا لمتطلبات مستخدميه المتغيرة، فظهر مفهوم الأثاث الديناميكي (علي، 2018)، ثم مع دخول التكنولوجيا الحديثة في تصميم الأثاث وتوظيف تقنية الذّكاء الاصطناعي في عملية تشغيل قطع الأثاث الحديث ظهر ما يُعرف بالأثاث الذكي (Mohamed et al, 2021).
انتشر الأثاث الذّكي، أو Smart Furniture، حول العالم خلال السّنوات الماضية، وازدادت الطلبات عليه لكثرة فوائده ومزاياه، وشكله الجميل المتطور. فهو أثاث متعدد الوظائف إذ يمكن أن يكون لكل قطعة أثاث أكثر من استخدام داخل المنزل أو العقار أو الشركة. ولعل من أبرز مزاياه قدرته على توفير مساحات كبيرة، وتحقيق المزيد من الراحة والرفاهية لمستخدميه. وبعد دخول التكنولوجيا في عملية تصميم المباني السّكنيّة، لا سيما عبر استخدام تقنية الذّكاء الاصطناعي، تطور المفهوم التقليدي للأثاث وتحول من مجرد أشياء غير حية إلى وحدات قادرة على الإحساس والتّعرف، والتّفاعل مع المستخدمين لتلبية احتياجاتهم ورغباتهم ما يوفر الوقت والجهد لأداء المهام المطلوبة، فتطورت أشكال الأثاث الحديث من الأثاث الرقمي إلى الأثاث التفاعلي وأيضًا الأثاث التّطوري (حسن وآخرون، 2018).
الجدير بالذكر أن التغيير في وظيفة وحدة الأثاث لم يكن مجرد تغيير وظيفي فقط، بل تبعه تغيير في الشكل أيضًا ليناسب هذه التقنية المتقدمة، فأصبح الاتجاه الاختزالي سائدًا في عملية تصميم الأثاث، وأصبحت التصاميم تميل إلى الأشكال الهندسية السّهلة التكوين والإدراك ، بعيدًا من عناصر الدّيكور، بشكل يتناسب مع تقنية الكمبيوتر المستخدمة في وحدة الأثاث. فغُيِّبت الدّيكورات الكلاسيكيّة التي تحمل بين طياتها نبضات الماضي في أصالته وألوانه ومحدوديته المتفردة، على حساب إطلاق العنان للخيال المترافق مع حسابات تقنية وهندسيّة. فتصاميم الأثاث الذّكي إذ ترتكز على الأبعاد والمساحات المتوفرة، أهملت الجانب العاطفي والإنساني لموروث بلد ما ولتاريخ قطعة أثاث طُوِّرت عبر الزمن.
سوف يتضمن البحث تعريفًا بالأثاث متعدد الوظائف والذكي وتصنيفاته لمختلفة، بالإضافة إلى استعراض بعض النماذج من قطع الأثاث الذكي مع تسليط الضوء على دور التکنولوجيا الرّقمية في جعل تصميم الأثاث أکثر مرونة، فبعضه قابل للطي والبعض الآخر قابل للتمدد، إذ يتطور ليتناسب ويتلاءم مع تبدل شكل الفراغ الدّاخلي.
مشكلة البحث
مع تراجع مساحة الشّقق السكنيّة، لا سيما في قلب المدن الكبرى، اتجه المعماريون والمصممون الدّاخليون لتكوين فراغ ديناميکي بشكل يلبي احتياجات الإنسان المتنوعة ضمن المساحة المحدودة، ما يعني أنّ قطع الأثاث التقليدية الثابتة باتت لا تفي بالغرض، بل ظهرت الحاجة لاختيار قطع أثاث مرن تتلائم مع شکل الفراغ المتبدل. من هنا، تكمن مشكلة البحث في تحديد ماهيّة أسلوب التأثيث الذي يتناسب مع المساكن ذات المساحة المحدودة، وكيف يستفيد الأثاث الذكي متعدد الوظائف من هذه المساحات على أفضل وجه بما يتوافق مع احتياجات سكانها ورغباتهم.
أهمية البحث
ترجع أهمية البحث لارتباط المشكلة البحثیّة بواقع الحیاة المعاصرة، والاتجاه العام لإقامة مشاریع سكنیة ذات شقق ضيقة المساحة. فيسعى البحث لإلقاء الضوء على الحاجة إلى مواكبة التطور التكنولوجي وتصميم أثاث ديناميكي يحل مشاكل الوحدات السكنية المحدودة المساحة ويُحقق الراحة للمستخدمين مع المحافظة على القيم الاجتماعيّة والإنسانيّة.
أهداف البحث
يهدف البحث إلى:
- إلقاء الضوء على دور المسكن في تلبية الاحتياجات الإنسانيّة.
- مراجعة تصنيفات الأثاث الذكي متعدد الوظائف وماهية دورها في حلّ مشاكل المسكن الضيق.
- التأكيد على الحاجة إلى تصميم أثاث يستغل المساحة المتوفرة لأقصى حد، ويكون قادرًا على التكيف مع شكل الفراغ المتبدل.
فرضيات البحث
- يؤمّن الأثاث الذكي متعدد الوظائف حلًا لمشكلة صغر المساحة السّكنيّة.
- يوظف الأثاث متعدد الوظائف أحدث التقنيات ليتلاءم مع شكل الفراغ المتبدل ويؤمن الاستغلال الأمثل للمساحات المحدودة.
منهجية البحث
يتّبع البحث نهجًا وصفيًّا تحليليًّا، إذ يعمد إلى استعراض نماذج لقطع أثاث ذكي وتحليل متطلبات تأثيث المساكن المعاصرة في سبيل الوصول إلى استنتاجات فيما يتعلق بمشكلة الدّراسة وتحقيق أهدافها.
- الأثاث متعدد الوظائف
الأثاث متعدد الوظائف (Multi-functional furniture) هو أثاث يحقق وظائف جديدة أو إضافيّة على الوظائف الأصليّة للأثاث التقليدي، وهو يعدُّ أحد العناصر المھمّة لحل مشكلة ضیق المساحات لأنّه يساهم في التقليل من قطع الأثاث داخل الفراغ مع تأمين الإحتیاجات المتغیرة للمستخدمین (امام واخرون، 2018).
1-1 مميزات الأثاث متعدد الوظائف
يمكن تلخيص السّمات الأربعة المُميِزة للأثاث متعدد الوظائف بما يلي (يال، 2021):
- توظيف تكنولوجيا الميكاترونكس.
- تطبيق تكنولوجيا الكمبيوتر.
- تطبيق مواد جديدة.
- تصميم هيكل قابل للتعديل.
على أن تحتوي قطعة الأثاث على واحدة على الأقل من الخصائص المذكورة أعلاه قبل أن يطلق عليها اسم أثاث متعدد الوظائف. ويشمل الأثاث متعدد الوظائف مختلف أنواع قطع الأثاث المعروفة من أسِرّة، وكرَاسٍ، وخزائن، وطاولات، وستائر، وأبواب.
يعتمد هذا الأثاث الحديث على طرق جديدة في التصميم، فهو يستعمل مواد وخامات حديثة، كاستخدام المواد النانوية (nano-materials) على سبيل المثال، التي ليست فقط مقاومة للرطوبة والبكتيريا ولكنها تتمتع أيضًا بمرونة فائقة. ويمتاز أيضًا بقابليّة عاليّة للتكيف إذ يمكن عبر استخدام مجموعة من آليات الرّبط مع عدد من الوصلات المرنة، والعجلات، والأبازيم، وغيرها من الهياكل الأخرى البسيطة والمتطورة، تحقيق وظائف جديدة لقطع الأثاث مثل المقاعد القابلة لتعديل الارتفاع، والمكاتب والكراسي المتحركة، وطاولات الطعام الدوارة، وكراسي الأرائك القابلة للطي، وخزائن الكتب المدمجة.
- تصنيف الأثاث متعدد الوظائف من حيث أساليب التشغيل
في ما يتعلق بالأساليب الخاصة بتشغيل قطع الأثاث متعدد الوظائف، يمكن تمييز ثلاثة أشكال أساسية هي (الشكل 1): الأثاث المنطبق على الحائط، الأثاث القابل للضم، والأثاث القابل للامتداد والتقلص (امام وآخرون، 2018).
الشكل 1: أساليب تشغيل الأثاث متعدد الوظائف
- الأثاث المنطبق على الحائط (folding wall fitting)
يمتاز هذا النّوع بقابليته على الطي وسهولة تخزينه، وهو مناسب لتوظيف مثالي للفراغات المحدودة المساحة. يُظهر (الشكل 2) سریر منطبق داخل جدار (Murphy bed, wall bed or pull-down bed)، وهو سرير يُعلّق من أحد طرفيه للتخزين عموديًا على الحائط ، داخل إطار خشبي ثابت بالجدار أو داخل خزانة وهو من أنواع الأثاث متعدد الوظائف لأنّه يمكن استخدامه كسرير أو كخزانة.
الشكل 2: سرير منطبق داخل جدار
- الأثاث القابل للضم (compact furniture)
يمتاز بسھولة ضمّ عناصره بعضھا لبعض للاستفادة من الفراغ في تحقيق وظائف متعددة، فيمتد عند الاستخدام لیلبي وظیفته حسب متطلبات المستخدم. يظهر (الشكل 3) طاولة غرفة نوم قابلة للضم.
الشكل 3: طاولة غرفة نوم قابلة للضم
- الأثاث القابل للامتداد والتقلص (expandable/retractable):
هو أثاث قابل للتوسع، فيمكن زیادة مقاساته عند استخدامه لیناسب عدد المستخدمین، وقابل أيضًا للتقلص عند عدم الإستخدام، ما یتیح الإستفادة من الفراغ لنشاطات متعددة. يُظهر (الشكل 4) طاولة سفرة قابلة للتوسع والتقلص حسب عدد مستخدميها.
الشكل 4: طاولة سفرة قابلة للتوسع والتقلص
- الأثاث الذكي
2-1 تعريف
تطلق صفة الذّكاء على الأنظمة التي تتضمن وظائف الاستشعار، والتشغيل والتّحكم من أجل وصف وتحليل الموقف، واتخاذ القرارات بناءً على البيانات المتاحة بطريقة تنبؤيّة أو تكيّفيّة، وتنفيذ الإجراءات الذّكيّة (Varadan, 2005).
والأثاث الذّكي (smart furniture) هو أثاث مجهز تقنيًا اكتسب القدرة على التفكير لتغيير سلوكه وفقًا لاحتياجات السّاكن والتكيف مع الظروف الخارجية، بمعنى وجود إمكانيّة لبرمجة الأثاث إلكترونيًا مع مجموعة من الاحتمالات الممكنة بما يُمكنه من التكيف مع العمل وفقًا للظروف والمتغيرات المعروفة (Hassan, 2011). فالأثاث الذّكي هو أثاث متعدد الاستخدام اكتسب صفة الذّكاء بعد توظيف التكنولوجيا الحديثة في عملية تشغيله، علمًا أنه نادرًا ما نُميّز بين مصطلحي الأثاث متعدد الوظائف، والأثاث الذّكي في المفهوم الجماعي.
2-2 مميزات وفوائد الأنظمة الذّكيّة
يعتمد النظام الذّكي على وجود جهاز كمبيوتر مركزي مشابه في وظائفه للدّماغ البشري، وهو يتفرد بعدد من المميزات أبرزها (Serag El-Din, 1992):
أ- هو نظام فوري: أيّ يمكنه الرّد على المتغيرات في الوقت الفعلي.
ب- القدرة على الاستجابة المتعددة: إذ يستجيب لأكثر من حالة بيئية في الوقت نفسه.
ج- العمل الذّاتي: يمكن للنظام أن يعمل من تلقاء نفسه.
د- القدرة على الاختيار.
ويحقق النّظام الذكي لذلك عدد من الفوائد أهمها (Kamel, 2009):
أ- توفير الطاقة.
ب- تنظيم درجات الحرارة للوصول إلى الراحة الحراريّة.
ج- التحكم الآلي في النوافذ للفتح والإغلاق ليلًا ونهارًا تلقائيًّا.
د- تحقيق الأمن من خلال المراقبة بالكاميرات.
هـ- تقليص حجم المساحات داخل المسكن نتيجة تكامل حجم بعض الأجهزة وتقلصها.
و- تطوير المواد الذكية يوميًّا، وظهور مواد حديثة تتفاعل مع الإنسان ومتطلباته (المواد الذكيّة) مثل استخدام الزّجاج الذي يحقق الرؤية من زوايا معينة ويمنعها من زوايا أخرى للمساهمة في حلّ مشكلة فقدان الخصوصيّة.
2-3 عيوب الأنظمة الذكيّة
من أبرز عيوب ومشاكل الأنظمة الذكيّة (Fathallah, 2011):
أ- التكلفة الحاليّة المرتفعة بالنسبة إلى دخل المواطن العادي.
ب- إمكانية حدوث أعطال مفاجئة.
ج- مشكلة العيش في محيط من الموجات الكهرومغناطيسيّة والليزر المضرة بصحة الإنسان.
2-3 تصنيفات الأثاث الذكي
تطوّر الأثاث فى الفکر الحديث، وقد اتجهت التصاميم من الإستاتيکيّة إلى الدّيناميکيّة (علي، 2018)، وظهرت أھمیة تصمیم قطع أثاث مرن یحقق قابليّة لتعدد الاستخدامات بما یتلاءم مع المساحات المحدودة للمساكن (إمام، 2018)، وقد ساعدت تطبیقات التكنولوجیا على تطویر أسالیب التّشغیل لقطع الأثاث الحديث فهناك الأثاث الرقمي والأثاث التفاعلي والأثاث التطوري (حسن، 2018) (Mohamed et al, 2021) كما يظهر (الشكل 5).
الشكل 5: تصنيفات الأثاث الذكي
2-3-1 الأثاث الرقمي
هو أثاث غير مطور يتميز بمعدات إلكترونيّة ذكية أعطته بعدًا آخر في الأداء، ما أدى إلى زيادة القدرة المعرفيّة على تلبية احتياجات المستخدم، ومثال على ذلك هو الكنبة الذكيّة Smart Multipurpose Sofa Q4 كما ورد في (Mohamed et al, 2021). وهي مزودة بوحدة إضاءة مثبتة على الطاولة المرفقة، كما يمكنها تشغيل الموسيقى والتحول إلى سرير (الشكل 6).
الشكل 6: الكنبة الرقمية Q4.
2-3-2 الأثاث التفاعلي
يتفاعل هذا الأثاث مع البشر، فهو قادر على تقديم حلول عمليّة تستجيب للمتغيرات البيئيّة، ومثال على هذا النوع من الأثاث الذكي هو السّرير التّفاعلي Somnus-Neu (Govorko, 2009). ويتمتع هذا السّرير الذكي بوحدة متطورة لتحريك الستائر أوتوماتيكيًا، ومن أبرز ميزاته قارئ البطاقة الذّكيّةRFID ، الذي يمكنه من تحديد المستخدم وتشغيل الموسيقى المفضلة لديه وإيقاظه لحضور اجتماعاته، بالإضافة لإمكانية تعديل وضعيّة المرتبة وضبط زواياها بما يتناسب مع اختلاف وضعيّة الجلوس والنّوم والاسترخاء وغيرها (الشكل 7).
الشكل 7: السرير التفاعلي Somnus-Neu
2-3-3 الأثاث المستقبلي
يَستخدِم هذا النوع من الأثاث الذّكي أحدث التقنيات الرقميّة لتحسين جودة الأداء الوظيفي للمستخدم من خلال إدخال معايير جديدة لمفهوم النشاط، ما يجعل المستخدِم يشعر براحة أكبر مع رفاهيّة أفضل من ذي قبل، ومثال على ذلك غرفة نوم المستقبل كما ظهرت في موقع Betta Living البريطاني (الشكل 8).
الشكل 8: غرفة النوم المستقبلية، المصدر: https://www.bettaliving.co.uk/blog/articles/2014/10/bedroom-of-the-future.
- فلسفة التّصميم الدّاخلي للمساحات المعاصرة
مع النّمو السكاني وازدياد الطلب على المساكن، اتجه بعض المعماريين إلى بناء شقق سكنية صغيرة المساحة، فظهرت مشكلة أساسيّة تتلخص في مدى قدرة هذا المنزل على تلبية احتياجات سكانه من دون الحاجة إلى الانتقال إلى وحدة سكنية أكبر، وتكبّد تكلفة باهظة. وهنا تأتي مسؤولية المصمم الدّاخلي في إيجاد تصميم مناسب يسمح بالاستفادة الأمثل من المساحات المحدودة وبطريقة تتماشى مع ثقافة المستخدم. لذا نستعرض في ما يلي أسس توزيع واختيار الأثاث ومتطلبات تصمیم الأثاث داخل الوحدات السّكنیة محدودة المساحة، للوصول إلى خلاصة في ما يتعلق بفلسفة اختیار الأثاث في المساكن المعاصرة.
3-1 أسس توزیع قطع الأثاث واختيارها
من النقاط المهمّة الواجب على المصمم الدّاخلي مراعاتها عند توزيع الأثاث (إمام وآخرون، 2018):
- تحدید نوعیّة النّشاط.
- تحدید مساحة الفراغ ودراسة مسار الحركة فيه.
- تحدید نوع وحجم الأثاث المطلوب.
- تحدید عدد وعمر وجنس كل فرد یستخدم ھذا الفراغ.
ه- دراسة تواجد الفتحات بأبعادھا وطریقة حركتھا.
- دراسة الخصوصیة وحجب الرؤیة.
وبعد تحدید ھذه الأسس، یجب اختيار قطع الأثاث بالاستناد إلى نوعين من الاعتبارات:
ز- الاعتبارات الوظیفیّة: في هذا المجال، تؤثر العوامل الإنسانیّة على شكل الأثاث ونسبه ومقاسه إذ يتمكّن من ملاءمة طبيعة النّشاط الذي يقوم بأدائه، ويوفّر الراحة الفیزیائیّة للمستخدم. كمّا أنّ طریقة ترتیب الأثاث حسب مجموعات تعتمد في تنظیمھا على وحدة قیاسیّة معینة، من شأنه أن يسھل عملیة ترتیبھا، ويوفر أكبر استمراریة ممكنة والاستفادة من الفضاء قدر الإمكان.
- الاعتبارات الجمالیّة: تتلخص بالعناصر البصریة الظاھرة لكتلة الأثاث، من خط وشكل ونسبة وخامة ولون ونسیج. بالإضافة إلى عوامل أخرى تؤثر في اختیار قطع الأثاث ومنھا المتانة وسھولة الصّیانة وتحقیق المظھر المقنع والتكلفة المقبولة.
3-2 متطلبات تصمیم الأثاث داخل الوحدات السكنیة محدودة المساحة
- معرفة الظروف الاقتصادیة والاجتماعیة للمستخدمین.
- إمكانیة الفراغ لاحتواء قطع الأثاث الضروریة وعدد الأشخاص ونوع النشاط المستخدم.
- معرفة خصائص الخامات وطبیعتھا وأسلوب استخدامھا لتنفیذ أثاث ذي قدرة عالیة تتوافر فیه الشروط الوظیفیة والجمالیة.
- أن تمتاز قطع الأثاث بالمرونة لسھولة تحریكھا داخل الفراغ والتعددیة في استخدامھا، وتخزینھا في أقل حیز للاستفادة من الفراغ لوظائف مختلفة (إمام وآخرون، 2018).
3-3 أسس التّصميم الدّاخلي للمساكن المعاصرة
في ظل الطفرة التكنولوجية التي نعيشها، والتي طاولت القطاعات كافة من اجتماعيّة واقتصاديّة وفنيّة وغيرها، تغيرت أساليب عيش المجتعات المعاصرة، كما تبدلت لديها مفاهيم القيم والاحتياجات الإنسانيّة، وتطورت معها مبادئ التصميم الداخلي والتأثيث. فالأثاث بات مشمولًا بطبيعة الحياة القائمة على التكنولوجيا الرّقميّة التي تُعنى بمبدأ توفير الاستهلاك والاقتصاد المبني على اقتناء الاحتياجات الأساسيّة بأقل التكاليف وفي متناول الجميع، ولعل من أبرز ما تخلى عنه المصممون في الأثاث التقليدي استخدام الخشب والتّذهيب والأقمشة كثيرة الزّخارف، وقد ركزت تمامًا على الاستفادة من المساحة واختصار الوقت والجهد واستعملت خامات حديثة، واتجهت لأشكال الاختزال المتناسبة مع تقنية الحاسوب.
بناء على ما تقدم، تستند فلسفة التصميم الدّاخلي للمساحات المعاصرة إلى نقطتين أساسيتين هما (Mohamed et al, 2021):
- القدرة على تكيّف المساحة أو الفراغ مع المتغيرات من حولها بعد تغيّر المفهوم التّقليدي للفضاء (وجود إمكانيّة لتنوع مساحة واحدة) وضرورة الاقتصاد في التكلفة، إذ يمكن استخدام المساحة نفسها للعديد من الأنشطة المختلفة، ويكون ذلك من خلال إمكانيّة التّغيير والتّبديل بين الوحدات التي تتكون منها المساحة.
- استخدام وحدات أثاث متكاملة ومرنة يمكن تطويرها وفقًا لاحتياجات المستخدمين المتغيرة.
- النتائج
- لقد أثرت التكنولوجيا بشكل كبير على الفكر المعماري، وغيرت مفهوم المساحة الدّاخلية فأصبحت قابلة للتّكيف مع العديد من الأنشطة.
- تتحدد مكونات المسكن حسب الأنشطة التي تحصل في داخله، وبشكل يضمن راحة المستخدم وخصوصيته وأمانه.
- وجوب دراسة جميع الاحتياجات البشريّة الأساسية والمتغيرة للوصول إلى حلول تصميميّة جيدة تحقق كفاءة في الأداء الوظيفي.
- يمكن الحصول على مساحات صغيرة تلبي متطلبات الحياة، وتوفر جميع أنواع الرفاهية للمستخدم من خلال الأثاث متعدد الوظائف.
- الأثاث الديناميكيّ أصبح ضرورة لمواجهه المتغيرات المعاصرة كما أنّ له مردود إيجابي تكمن في تحقيقه لقيم وظيفيّة وجماليّة ونفسيّة.
- قد تكون كلفة الأثاث متعدد الاستخدام أعلى من الأثاث التقليدي، إلا أنّه يؤمن وفرة لجهة الوظائف المتعددة التي يؤديها والحاجة إلى مساكن بمساحات صغيرة.
5- التوصيات
- تشجيع استخدام التكنولوجيا الرّقميّة والذّكاء الاصطناعي في التّصميم الدّاخلي والأثاث للمساكن محدودة المساحة.
- ضرورة الوصول إلى حلول علمية لتقليل تكلفة الأثاث الذكي متعدد الوظائف.
- يجب أن يكون مصمم الأثاث على دراية بالتّكنولوجيا الحديثة لأنّها أداة مهمة تساعد في حل العديد من مشاكل التّصميم والتّشغيل التي قد يواجهها.
- أهمّية نشر الثقافة والوعي التكنولوجي لتعلم كيفيّة استخدام قطع الأثاث الذكي وتطويرها من خلال البحث العلمي والتجارب لتصبح تكنولوجيا سهلة الاستخدام.
الخاتمة
إنّ الأثاث الذّكي هو تطور مشمول بطبيعة الحياة القائمة على التكنولوجيا الرقميّة، التي تُعنى بمبدأ توفير الاستهلاك والاقتصاد المبني على اقتناء الاحتياجات الأساسيّة بأقل التكاليف، وهو من أكثر الاتجاهات السائدة في أوروبا وبعض الدّول الآسيوية التي تتمتع بكثافة سكانيّة عالية ومساحات صغيرة جدًا. وهي إن كانت في الوقت الحالي لا تلقى رواجًا في مجتمعاتنا العربيّة، إلّا أنّ بعض قطع الأثاث متعدد الوظائف يمكن أن تكون مفيدة في المساكن الضيقة، لجعل المكان أكثر اتساعًا واستجابة لنشاطات المستخدم المختلفة والمتغيرة.
قائمة المراجع
- إمام، محمد وعلي، أحمد والخطيب، محمد (يوليو 2018). المرونة كقيمة تأثيثيّة في المسكن الاقتصادي. مجلة التصميم الدولية، المجلد 8، العدد 3، ص. 269-276. الجمعيّة العلميّة للمصممين، مصر.
- باريا، سيسيليا (2019). هل تحل شقة أشبه بزنزانة مشكلة الإسكان في مدينتك؟ صفحة بي بي سي الإلكترونية، 9 تموز 2019.
- حسن، سعيد والمحمودي، هالة وسمير، علا (اكتوبر 2018). مفهوم التطور في تصميم الأثاث. مجلة العمارة والفنون والعلوم الإنسانية، العدد 12، ص 690-705، الجمعية العربية للحضارة والفنون الإسلامية، مصر
- علي، أحمد سمير كامل (2018). ديناميكية تصميم الأثاث داخل المسكن المعاصر.مجلة التصميم الدولية، مجلد 8، عدد 1، ص. 167-176، الجمعية العلمية للمصممين، مصر.
- Fathallah, Nermin Saad – The complementarity of the contemporary residential space design system: an analytical and applied study of housing models in Egypt – PhD thesis – Faculty of Fine Arts – Alexandria University – 2011.
- Govorko, Grier: “Somnus Neu-Most Technically Advanced Bed in the World” – Yoo-Pod Ltd. – New Zealand – 23 October – 2009.
- Hassan, Nubi Muhammad – Smart Homes – Research publication – Scientific Publishing and Printing Press – 2011
- Kamel, Ahmed Samir – The concept of flexibility in interior design through the creative thinking system – PhD thesis – Faculty of Applied Arts – Helwan University – 2009.
- Mohamed, Ali & Ibrahim, Noha & Hassan, Muhammad (January 2021). The impact of smart furniture design on meeting the needs of a limited-space housing. مجلة العمارة والفنون والعلوم الإنسانية – المجلد السادس – العدد الخامس والعشرون، مصر.
- Serag El-Din, Salma Badr El-Din – Analysis and evaluation of housing for low-income groups in Egypt: setting priorities for population needs according to the classification of population groups – PhD thesis – Faculty of Engineering – Cairo University – 1992.
- Varadan, V. K.: Handbook of Smart Systems and Materials, Inst Of Physics Pub, London 2005.
- Yhl, Shanice (January 2011). Multi-functional furniture. RenoTalk (Interior Design Portal), Singapore.
[1]– طالب في المعهد العالي للدكتوراه الجامعة اللبنانيّة الآداب والعلوم الإنسانيّة – قسم الفن وعلوم الفنّ rabihamira@hotmail.com