المناهج التّاريخيّة وجماليتها في النص الأدبي
دة. ليلى علي الكيال([1])
الملخص
الأدب مصدر تاريخي مهم للوقائع والأحداث التاريخيّة، إذ ينقلها ويتأثر بها، فهو لسان الأمة يعبر عن حياتها الاجتماعية والسياسية. ونرى أنّ النقد الأدبي من أصعب فنون الإبداع وأهمها، فهدفه تقويم العمل الأدبي من الناحية الفنية.
من هنا يأتي دور المناهج التاريخية، والتي تُعدعلى صلة وثيقة بين الأدب والتاريخ، فنرى الأدب يتفاعل مع التاريخ من ناحية، ومن ناحية أخرى فإنّه مادة مهمّة من مواد الأدب، وأقدم منهج هو المنهج التاريخي، الذي كان سباقًا في دراسة الأدب منذ ولادته وتطوره عبر الزمن.
أمّا المنهج الوصفي التّحليلي، فيُعد من المناهج المهمة، وهو قائم ومبني على تحليل وتفسير واستنتاج البيانات، وهذا ما جعله من المناهج المهمّة المستخدمة في دراسة الأدب، ويعد المنهج الوصفي من المناهج العلميّة المهمة والمكملة للمنهج التاريخي. فهو يعمل على تحليل المعطيات والبيانات وتفسيرها ومعالجتها بهدف وضع النتائج والحلول المناسبة وتبويبها.
كما نرى أيضًا أهمية المنهج التّجريبي الذي يكون محور الاهتمام عند الباحثين المختصين في مجموعة كبيرة من العلوم الطبيعية والاجتماعيّة.أمّا المنهج المقارن فهو الذي يوازن بين ظاهرتين أدبيتين تنتميان الى لغتين مختلفتين ( اللغة العربية واللغة الفارسية).
نستنتج من كل ذلك أن معظم المناهج التاريخية تكشف في النصوص جماليتها الخاصة، حتى لو كان كل منهج على حدا فكيف إذا دمجنا هذه المناهج ببعضها. فنرى من مميزات المنهج التاريخي إعطاء جمالية للنص بالتّقسيمات التي تضفى على النّص جمالًا خاصًّا لتدمج معه المناهج الثلاث الأخيرة التي تحدد لنا الزمان والمكان، مقارنة الأحداث الأدبيّة في ما بينها.
-الكلمات المفتاحية: المنهج التاريخي، المنهج الوصفي، المنهج التجريبي، المنهج المقارن ، النقد الأدبي، الوثيقة الأدبية.
لذا على كل باحث استخدام المناهج للنصوص الأدبيّة والتاريخيّة مدمجة في ما بينها لتخرج لنا تحفة فنية مفهومة للقارئ سلسة يفهمها الصغير والكبير، وهكذا نكون قد استخرجنا الأفكار والظواهر والأحداث ظاهرة للعيان.
Summary
Literature is an important historical source for historical facts and events as it transmits them and gets influenced by them. It is the tongue of the nation، expressing its social and political life.
We see literary criticism as one of the most difficult and important arts of creativity، and its goal is to evaluate literary works from a technical point of view.
From here comes the role of the historical curriculum، which is a close link between literature and history، so we see literature interacting with history on the one hand. On the other hand، history is an important part of literature، and the oldest curriculum is the historical one، which has been a forerunner in the study of literature since its birth and development through time.
As for the descriptive-analytical approach، it is considered one of the important approaches، as it is based on analysis، interpretation، and conclusion of data، and this is what makes it one of the most important approaches used in the study of literature. The descriptive approach is one of the important and complementary scientific approaches to the historical curriculum. It works on analyzing، interpreting، and processing data in order to develop and tabulate results and appropriate solutions that are understandable to the reader، smooth and understood by the young and old alike. Thus، we have extracted ideas، phenomena، and events visible to the eye
We also see the importance of the experimental method، which is the focus of attention for researchers specializing in a wide range of natural and social sciences.
As for the comparative approach، it is one that balances two literary phenomena that belong to two different languages (Arabic and Persian).
We conclude from all of this that most of the historical approaches reveal their own aesthetic in the texts، even if each approach is separate. So، what if we combine these approaches together? We see that one of the advantages of the historical method is to give an aesthetic to the text with the divisions that give the text a special beauty، in order to combine with it the last three methods that determine the time and place for us every researcher should use the curriculum of literary and historical texts ، comparing the literary events among them
Therefore، integrated with each other to produce a masterpiece that is understandable to the reader، smooth and understood by the young and old. Thus، we have extracted ideas، phenomena.، and events visible to the eye
Keywords: the historical method, the descriptive method, the experimental method, the
comparative method, literary criticism, the literary document
المقدمة
تعد المناهج التّاريخيّة أحد أبرز المظاهر الحضارية للباحثين في النقد الأدبي، وقد تعددت هذه المناهج، المستخدمة في البحث العلمي الأدبي والتاريخي، ما أدى كل منها دورًا كبيرًا في الكشف عن الكثير من الحقائق الأدبيّة.
وقد اختص كل منهج من هذه المناهج، وبالتحديد المناهج التّاريخيّة كالمنهج التاريخي، والاجتماعي والوصفي والتّجريبي والمقارن الخ… بمجالات معينة، وعمل على المقاربة بين النصوص الأدبية والمستعربة، وهذه الطريقة لا تولد من فراغ، ولا تنجم عن تأمل حر مستقل يسعى إلى إيجادها مترتبة على منهج الأدب، فهي تساعد الكثير من الباحثين والطلاب على تحليل النصوص الأدبية (قصيدة شعرية، قصة قصيرة، مسرحية).
إذًا؛ المنهج بوصفه إطارًا علميًّا يساعد على كشف جماليات النصوص، وفهم مكوناته وأبعاده الدّلاليّة هو: “طريقة في البحث توصلنا إلى نتائج شبه مضمونة في أقصر وقت ممكن كما أنه وسيلة يحض الباحث من أن يثنيه في دروب ملتوية من التفكير النظري(حلام الجيلالي : المناهج النقدية المعاصرة. 2004.ص 2)([2])
فالمنهج بهذه الوجهة هو المفتاح الإجرائي الذي يساعدنا على كشف بواطن النصوص وحقائقها لأنه ليس مجرد أداة منهجيّة فحسب، وإنما يختزل رؤية خاصة للعالم شارك في تفعيلها مجموعة الخلفيات السوسيو ثقافية وغيرها التي أدت إلى ظهوره، وهو يساعدنا على رصد أبعاد النص الإبداعية([3]). (نصيرة مصابحيّة : نجليات المنهج اللغوي الجمالي. عند مصطفى ناصيف)
إذا كان المنهج في تعريفه المتداول يتمثل في مجموعة من المفاهيم؛ والتصورات المتصلة والأدوات والخطوات الإجرائيّة التي تفضي إلى نتيجة ما، فإنّ الإشكاليّة تظهر عند صعوبة ترتيبها وتنسيقها بالشكل الذي يجعلها تؤدي إلى النتيجة المنشودة، وإنما كان “النص عالم ممول من عناصر اللغوية التشابكة.( عبدالله محمد الغذامي: الخطيئة وتانكفير من البنيوية الي التشريحية. ص 14) وأيضًا( محمد ملباني النص وسؤاله المنهج قراءى في فكر محمد مصايف النقدي) فقد أضحى التعامل مع هذه المادة أشد تعقيدًا وتداخلًا لكونها تتميز عن الظاهر
والأنساق (الأنماط) الثقافيّة والمعرفيّة الأخرى، ما جعل الكثير من النقاد يتساءلون: هل من منهج لفهم النص ونقده؟.
من هنا تبرز هذه الإشكالية في الصراع الممتد بين اتجاهين اثنين:
_ الأول يرى أن النّص الأدبي علّة لمعلول سابق ينبغي الكشف عن دلالاته بربطه بسياقه الخارجي، ويدخل في هذا المجال المنهج التاريخي والمنهج الاجتماعي والمنهج النّفسي، والوصفي، والتّجريبي.
بينما يحاول الاتجاه الثاني أن يدرس النص الأدبي انطلاقًا من العلاقات الداخليّة التي تحكمه كالشّكلانيّة والبنيويّة والتفكيكيّة وهناك من يجمع بين الاتجاهين: داخل وخارج النص، كالبنيوية التكوينية، (الحداثة). (علي زيتون).المنهج الثقافي . نظرية الكشف.ص(31)
من هنا يمكن القول إن المناهج النقدية تسير في اتجاهين: الأول: اتجاه سياقي إذ تدرس النصوص الأدبية في ظروف نشأتها والسياقات الخارجية لها. والتأثيرات التي يتوقع للنص أن يؤثر فيها محيط به، ويمكن أن يشمل الدّراسات النّقدية التي لا تجعل النّص الأدبي وحده مدار اهتمامها أيّ أنّها تأخذ بوسائل خارجيّة ليست من داخل النص نفسه. كالزمان والمكان والظروف المحيطة بالنص، بعيدًا من الأحكام والمعايير التي ارتضاها الكلاسيكيون. ومن رواد هذا المنهج (تين الفرنسي 1828-1893). ومؤثراته الثلاثة هي: الجنسيّة البيئية والعصر.
الثاني: أما حسب فلسفة هيجل (1770-1831)، التي ربطت بين الأنواع الأدبية والمجتمعات، وكانت الواقعية إفرازًا ينبئ فيه، كما أن الماركسية تداخلت في ما بين المنهجين التاريخي والاجتماعي.
أما المنهج النفسي نفسه والذي ركز فيه على الاهتمام بشخصية الأدباء ودوافع الإبداع، يرى فرويد (1856-1939). أن الأدب تعبير مقنع يحقق رغبات مكبوتة قياسًا على الأحلام… هذا يعني النّقد بتفسير الأدب لا الحكم عليه. وهو المنهج الواثق بمقولاته النّاظر إلى الأدب على أنه شكل من أحلام اليقظة المثارة بما يعتمل في عالم اللاشعور من مكبوتات ومركبات أو تفوّق، ولقد شهد هذه المنهج تحولات المؤمن كغيره من المناهج المنتمية إلى الحقول المعرفية الأخرى بشرعية فهمه الاجتماع البشري وما ينتج عنه من ثقافة وفن. (د. زيتون “المنهج الثقافي ونظرية الكشف، ص 31). وهو الذي يفصل بين جوانب المعرفة، ويتميز بأنّه يعمل على رفع المستوى للمعلمين، وعدم وجود التكرار، ويتمتع بمرونة كبيرة الأمر الذي يجعل تقبله أمرًا سهلًا.
ونظرًا لطبيعته اقتصر على عدد من المناهج من دون ذكر الباقي، ولأننا سنتحدث عن مناهج أخرى في الدراسة. والتي تربط الإبداع بالمجتمع ولا دخل للظروف الخارجية فيه وتعنى بداخل النص فقط.
مناهج جمالية الأدب
تندرج مناهج جمالية الأدب تبعًا للآتي:
المنهج التّاريخي في النقد الأدبي
هو أقدم المناهج التّاريخيّة والذي كان سبّاقًا في دراسة الأدب منذ ولادته وتطوره عبر الزمن وكل مراحل نموه، إذ يعمل على تحديد العلاقة بين الأدب والمرحلة التّاريخيّة التي يتفيأ تحت ظلالها، فيعمل على مشاركة الأفكار والآراء التي تناولت العمل الأدبي، ومميزاته المهمّة، تأكيد صحة الأعمال الأدبية وصحة أصحابها المنسوبة إليهم، إذًا هو حصيلة العلاقة القائمة بين التّحليل ووسائل البحث والتّوثيق. أيّ تستطيع القول إنّ هذا المنهج يلقى الضوء على المعارف الخارجيّة في الدّراسات الأدبيّة لتهيئة الحقيقة، ولا بدّ من ذكر أنّ هذا المنهج لا يستقل بنفسه فلا بدّ من التّذوق([4])“من المنهج الفني” فنحن بحاجة دائمة للحكم الفني إلى جانب الحكم التّاريخي فمثلًا: عند دراسة الأطوار التّاريخيّة لموضوع معين في الأدب فسنقوم بجمع المعارف والنصوص والمصادر جميعها، وترتيبها ترتيبًا تاريخيًّا وننسبها إلى كُتابها، ومن ثم سنجمع آراء النقاد والمتذوقين على اختلافهم، وسندرس البيئة والعوامل كافة التي رافقت هذا العمل، ولكن لا بد لنا من تذوق ما جمعناه، وهذا ما يُدعى المنهج الفني المرافق للمنهج التّاريخي:(ماهر شعبان عبد الباري : التذوق الاديس .ص196).
مبادئ المنهج التاريخي في النقد الأدبي
يقوم المنهج التاريخي في النقد الأدبي على المبادئ الآتية:
1- عدّ النص الأدبي وثيقة لمحيطه والمربط الآلي بينهما.
2- التدقيق في الأعمال الأدبية والنصوص التي تمثل مرحلة تاريخيّة ستُدرس، وإضافة لذلك الاهتمام بدراسة المدونات الأدبيّة.
3- البحث في تاريخ الأمة السياسي والاجتماعي لفهم الأدب وتفسيره ودراسة مراحل نموه وتطوره. ولفهم الطرق التي يسلكها الأدباء في الأدب.
4- الدّراسة التّاريخيّة للكتاب تبين لنا الأوضاع السياسيّة والدّينيّة والاجتماعيّة، فمن خلالها نستطيع تحديد أن هذا الكتاب حقًا نتيجة بيئته، وذلك لأنّ النّص هو ثمرة كاتبه والأدب نتاج ثقافته.(محمد تيسير: المنهج التاريخي في البحث العلمي .المجلة العربية،ص202).
عيوب المنهج التاريخي
أ- الاستقراء الناقص الذي يؤدي إلى حكم ناقص، بسبب الاعتماد على الحوادث الظاهرة والتي لا تعبّر عن الحالة الطبيعيّة، فالذي نراه نحن كافيًا لإعطاء الحكم قد يكون غير ذلك. فبسبب انجذابنا الخاص به جعلنا نراه دلالة كافية، وكي لا نقع بهذا الخطأ يجب علينا جمع الظواهر والدلائل والمسانيد جميعها قبل إطلاق أحكامنا.
ب- الأحكام الجازمة في المنهج التاريخي خطرة أيضًا، فهي لا تسمح بإمكانيّة تصحيحها ونقدها، لأنّ المستندات والنصوص جميعها التي نبحث عنها تاريخيّة ولا نملك الوثائق كافة عنها، ولذلك فإنّ الأحكام الجازمة القاطعة تسبب الكثير من الأخطاء، فيتوجب علينا إبقائها مفتوحة أمام ظهور أي وثائق جديدة تخص البحث.(متهر شهبان التذوق الادبي،ص202).
ج- المبالغة في التعميم العلمي، فبعد تطبيق الطرق العلمية في البحث وانتظار المذاهب العلمية على الأدبية، وبعد تطبيق نظرية دارون Darwn على البحث الأدبي، فأصبح يعامل الأدب كأنّه من الكائنات الحيّة المتطورة من حال إلى آخر، وهذا خطر كبير لأنّ الأدب غير العلم، الأدب قصّة مشاعر أو أحاسيس فلا تتماشى أطواره مع نظرية التّطور العلمي المحتمل.
د- إلغاء قيمة الخصائص والبواعث الشخصيّة وتعد من أخطر مخاطر المنهج التاريخي، أي إغفال العبقرية الشّخصية ومدى تأثيرها في البيئة، فلكي نُصوّر الأدب بصورة حقيقيّة يجب إدراك أهمّيّة العنصر الشخصي ومزاجه على الطبيعة الأدبية والحقيقة الفنيّة.
ه- التفسير الظاهري والعام للنصوص الأدبية، من دون التعمق في باطنه لاستخراج جماليته وتأثير إبداعه.
و- إغفال الناحية الفنية للأبحاث، وهذا خطأ فهو يركز على صلة الموضوعات بالتّاريخ وتأثيرها على البيئة.
ز- يقتضى على هذا المنهج دراسة الأدب بكل زوايا، فلا يخلط بين أصالة الفرد وأصالة الجماعة، ويجب أن نجد المشترك بينهما فالفرد يتأثر بالإطار العام ولكن لا يندمج به.
النتائج الأساسيّة التي ترتب على المنهج التّاريخي للنقد الأدبي
1- ضرورة تقسيم النتاج الأدبي إلى شعر ونثر، وملاحظة الفوارق بين الأطياف الأدبيّة وتنوعها إلى شعر مسرحي وغنائي وملحمي وكتابات سرديّة وقصصيّة ومسرحيّة وروائيّة، فإنّ دراسة هذه الأنواع الأدبيّة المختلفة، وتطورها من الوسائل المهمّة للمنهج التّاريخي في النقد الأدبي، في حين كان علم التاريخ يقدم نموذجًا نظريًّا جامدًا.
2- ضرورة تنظيم الحِقب الّزمنيّة وكتابة تاريخ الأدب، فالتاريخ الأدبي نفسه يدين هذا المنهج لأنّه أصبح نموذجًا تقليديًّا، فمثلًا الدّارس عند كتابة موضعه سيبدأ من خارج الأدب مرددًا الأقوال التّاريخيّة بسبب تبعيّة الأدب للأحوال السياسيّة والاجتماعيّة، ومن ثم يبدأ بالظاهرة الأدبيّة التي هي أساس بحثه.
تطوير المنهج التاريخي للنقد الأدبي عند طه حسين
كان لطه حسين أهمية كبيرة في تطوير “المنهج التاريخي للنقد الأدبي” لكن وقفت عدة عوامل في وجهه.
1- محاولة التوثيق حاول طه حسين مزاوجة منهج غربي نتاج ثقافة مختلفة مع منهج عربي، وذلك بهدف الوصول إلى منهج حديث من دون التخلّي عن القواعد العربيّة الأساسية، فقد عاش في صراع كبير لتحقيق ذلك.
2- اعتماده من أجل الوصول للمعرفة على المنهج الديكارتي القائم على الشّك، والذي جعل من كتابيه ذي طابع تاريخي أكثر من نقدي، وذلك بسبب عدم مراعاة الخصوصيّة في المادة الأدبيّة التي تختلف عن الحوادث والوقائع التّاريخيّة.
لقد برز أعلام كثيرون في المنهج التّاريخي للنقد الأدبي نذكر منهم “لانسون” والذي يُعِدُّ طه حسين تلميذه الأول. و”سانت بوف” و”تين الفرنسي” وغيرهم. شدد رواد هذا المنهج على البعد الأيديولوجي في النتاج الأدبي، أيّ أن الكاتب الملتزم لا يكتفي بنقل حالة المجتمع ومناقشة سلوكه وقضاياه فقط؛ بل يجب أن يقدّم تصوره الخاص الذي يعبّر عن الجماهير ويحكي طموحاتهم بالحياة الرغيدة.( واهر شعبان، التذوق الادبي ،ص204).
المنهج الاجتماعي
المنهج الاجتماعي هو منهج نقدي يربط الإبداع والمبدع بالمجتمع بطبقاته المختلفة أيّ أنّه يهتم بعلاقة الأديب بالمجتمع واتصاله بالحياة والواقع، ويحرص الأديب في هذا السّياق على الاهتمام بالقضايا الخاصة بمجتمعه من قضايا اجتماعيّة وسياسيّة واقتصاديّة، وينظر إلى الأديب بدوره الأدبي الذي يُعدّ وسيلة للارتقاء بالمجتمع وتوجيه الناس نحو التفكير بمستوى أعلى، وظيفته الأساسيةّ هي وظيفة اجتماعيّة وإنسانيّة أكثر مما هي وظيفة فنيّة.
إذًا؛ فإنّ العمل الأدبي في وجهة نظر المنهج الأدبي من وجهة نظر المنهج الاجتماعي، يُقيّم إستنادًا إلى الحكم على المضامين الاجتماعيّة؛ ومدى اهتمام الكاتب بمجتمعه وقدرته على مساعدته في حل القضايا المطروحة فيه، فيهتم بالمضمون ويُهمل القيم الجماليّة للنص.
والمنهج الاجتماعي في الأدب هو ذاك المنهج النقدي، الذي يدرس ويحلل ويقوم بتأويل النّصوص الإبداعيّة من نظور اجتماعي، بمعنى أنّه يتعامل مع الظاهرة الأدبية بوصفها ظاهرة اجتماعيّة، إذ يسعى هذا الاتجاه النقدي إلى بيان الصلة بين النص والمجتمع الذي نشأ فيه.(صلاح فضل: مناهج النقد المعاصر،ص44).
لقد وُلِد هذا المنهج في أحضان المنهج التاريخي، وتطور في سياق تطور الاتجاهات النقديّة الحديثة خاصة في النّصف الثاني من القرن العشرين، ومن عوامل ظهوره أيضًا شيوع الفكر الماركسي والفلسفة المادية، وانتشار الواقعيّة الاشتراكيّة مع التّقدم الذي عرفه علم الاجتماع في أوروبا، ومن أشهر أعلام هذا المنهج ونظرية ماركس ولوسيان كولدمان، إضافة إلى المَجَريّ جورج لوكاتش الذي يرى أنّ الأدب يعكس الواقع الاجتماعي والاقتصادي، ومدام دوستال التي ترى أن الأدب يتغير بتغيّر المجتمعات وحسب تطور الحرية فهي تتماشى حسبها، وتطور العلم والفكر والقوى الاجتماعية، للمنهج الاجتماعي خصائص وأسس تميزه من باقي الخلفيات النقديّة منها:( وليد قصاب: مناهج النقد الادبي الحديث، ص35).
– يرى أن الأديب ابن بيئته لا يعيش معزولًا عنها.
– أن الانتاج الأدبي هو جزء لا يتجزأ عن السّياق الاجتماعي والواقع المعيشي.
– الأدب صورة للمجتمع، ولسانه ومرآة عاكسة للانتماء الطبقي للأديب.
– الأدب يخاطب المجتمع وهو صورة منه.
– هو نقد مضموني أيّ يهتم بمضمون النص.
– الأدب ناقل ومروج للأفكار السياسيّة.
– النّقد الاجتماعي نقد تفسيري، يحاول الناقد من خلاله إبراز الدلالات الاجتماعيّة أو التّاريخيّة الكامنة في العمل الأدبي.
– النقد الاجتماعي نقد تقويمي يُعلي من شأن الأديب الملتزم بقضايا أمته.
وبفعل المثاقفة مع الغرب وتطور حركة التّرجمة، فقد حظي المنهج الاجتماعي بتجاوب واسع من طرف النّقاد العرب في المشرق والمغرب خاصة في الربع الأخير من القرن العشرين، ومن أبرزهم: سلامة موسى، لويس عوض، نجيب العوفي، صلاح فضل، حميد لحمداني وإدريس الناقوري ومحمد شكري عياد. وعمومًا فقد تعددت مناهج النقد الحديث، ودار حولها نقاش وخلاف من هذه المناهج: المنهج الاجتماعي الذي نشأ في حضن المنهج التاريخي، وهو منهج يدعو إلى ربط الأدب بالمجتمع، وتقاس جودة المبدع بمدى تصويره بهموم مجتمعه وطبقته تصويرًا صادقًا.
هو منهج يعمد إلى قراءة النصوص الأدبيّة وتحليلها من وجهة تعبيرها عن الإنسان والمجتمع. وبهذا المعنى، فإنّ علم اجتماع الأدب بوصفه قسمًا من أقسام العلوم الاجتماعيّة، يبحث أساسًا عن العلاقات التي تربط الإبداع الأدبي بالشّروط الاجتماعيّة المؤطرة له، وذلك عبر التأويل الاجتماعي للإبداع وتتبع الخلفيات الاجتماعيّة المتحكمة في إنتاجه واستهلاكه، ومد تعبيره عن الصراع الدائر في المجتمع.(عبد الحق، صالح هويدي: النقد الادبي الحديث ،قضاياه ومناهجه، ص 44-45
المنهج الوصفي
المنهج الوصفي هو أحد أبرز المناهج المهمة المستخدمة في الدراسات العلمية ورسائل الماجستير والدكتوراه.
فمناهج البحث العلمي بوجه عام تساهم في التّعرف إلى ظاهرة الدراسة، ووضعها في إطارها الصحيح، وتفسير الظروف المحيطة بها جميعها، ويُعد ذلك بداية الوصول إلى النتائج الدراسيّة التي تتعلق بالبحث، وبلورة الحلول التي تتمثل في التوصيات والمقترحات التي يسوقها الباحث لإنهاء الجدل الذي يتضمنه متن البحث، واستخدام منهج معين في البحث يتطلب وقتًا وجُهدًا كبيرين في سبيل الوصول إلى المعلومات والبيانات جميعها التي تتعلق بظاهرة البحث.
اكتشاف المنهج الوصفي وتطوره
يعد “فردينان دي سوير” هو المقنن والأدب الروحي للمنهج الوصفي. إذ اهتم بدراسة الظاهرة الوصفيّة أو اللغوية، هادفًا بذلك إلى التعرف بالخصائص الواضحة لها، وكان من نتاج ذلك الجهد من استخدام المنهج التاريخي في الأبحاث الاجتماعيّة. مع العلم أنّ العرب القدامى أول من استخدم المنهج الوصفي، غير أن ذلك حصل بطريقة عشوائيّة إلى حدّ ما من دون تنظيم منهجي، ويتضح ذلك جليًا في الأدب العرب، والأشعار في العصر الجاهلي التي اعتمدت على أسلوب الوصف. فنرى من لصق البيئة العربية بما تتضمنه من حروب وصحارى وصراعات قبيلة (نيلية) وصفًا دقيقًا.
تطور الوضع بعد انتشار الإسلام اعتمادًا على الصرح اللغوي الضخم الذي ساقته العلوم الدّينيّة، وظهر ذلك في المنتجات الأدبية في العصرين الأموي والعباسي.
تطور المنهج الوصفي في الوقت الحالي وأصبح وسيلة مهمة لدراسة الأبحاث العلميّة، ومن الممكن أن نقول إن وضع الأسس العلميّة للمنهج الوصفي جاء نتيجة الحاجة إلى وسائل حاسمة لتوصيف ما تواجهه المجتمعات الحديثة من ظواهر ومشكلات في الميادين شتى.الموصفي طريقة لدراسة الظواهر أو مشكلات علمية والوصول إلى تفسيره.
مميزات المنهج الوصفي المهمّة
يتميز المنهج الوصفي بطريقته الواقعيّة في التعامل مع مشكلة البحث، نظرًا لوجود الباحث في قلب الميدان أو المكان المتعلق بالدّراسة.
– يُعد من المناهج المناسبة لموضوعات البحث العلمي التي تدور حول الظواهر والمشكلات الاجتماعيّة والإنسانيّة.
– من ثم الحصول على الوصف الكيفيّ، الذي يتمثل في سلوك خارجي للظواهر، والوصف الكميّ الذي يتمثل في الوصول إلى أرقام تتعلق بالمشكلة أو الظاهرة، أو أرقام لها دلالة في علاقة الظاهرة بالظواهر المحيطة.
– يحدُّ المنهج الوصفي من تدخلات الباحثين، لذا تظهر النتائج بصورة موضوعيّة، نظرًا لاشتقاقها بطريقة دقيقة، فعلى سبيل المثال لا يقف المنهج الوصفي على بعض الأسئلة التي تقبل تأويلات مختلفة.
– يساهم في اتخاذ القرارات الصحيحة المتعلقة بالدراسة من خلال تقديم الإيضاحات والشروح الخاصة بها.(عبد الحق حمادي الهواس: المناهج النقدية ،ص35).
الأدوات المستخدمة في المنهج الوصفي (المعلومات والبيانات)
– من أبرز الأدوات التي تستخدم لإجراء المنهج الوصفي.
– استمارة الاستبيان وهي اسئلة تُصَاغ من جانب الباحث (الإجابات محددةأ غير محددة).
– استخدام الملاحظة، إذ يقوم الباحث بمراقبة ظاهرة البحث، وتدوين ما يتعلق بها جميعها ووصفها وصفًا واضحًا (السلوكيات).
– استخدام المقابلة: مقابلة فردية أو جماعية (حوار).
مراحل استخدام المنهج الوصفي:
– مشكلة الدراسة- اختيار أداة البحث- استبيان- مقابلة- الاختيار- ملاحظة- تحديد عينة الدراسة- جمع المعلومات والبيانات- تبويبها- تحليل البيانات- وضع الاستنتاجات- تصنيفها- نتاج البحث.
المنهج التّجريبي
المنهج التّجريبي الذي يكون محور الاهتمام، وله أهمية كبيرة عند الباحثين المختصين في مجموعة كبيرة من العلوم الطبيعيّة والاجتماعيّة، والتّجريبية وما تحمله من تصحيح للأخطاء، وهو في طليعة الطرق التي استخدمت من جانب البشر.
وهذا المنهج هو الأقرب للوصول لليقين والمنطق، والذي يضم دراسة التأثير لأحد المتغيرات البحثيّة على متغير أو متغيرات أخرى، معتمدًا بصورة رئيسة على التّحكم الكميّ مع عزل متغيرات الدّراسة المؤثرة على النتائج البحثيّة للدراسة.
كما يمكن أن يعرف بالتغيير العمدي المقصود الذي يضبط من قبل الباحث، من ضمن مجموعة محددة من الشّروط المؤثرة بالقضايا والأحداث، مع مراقبة التغيرات جميعها وتفسيرها.
مميزات المنهج التّجريبي في البحث العلمي
من أبرز مميزات المنهج التّجريبي:
اعتماد الباحث العلمي في دراسته على المنهج التّجريبي يساهم في الوصول إلى النتائج الصحيحة وأكثرها دقة، بوصفه يعتمد على اكتشاف العلاقات ومحضها بين المتغيرات البحثيّة، ما يساعد على استخراج النتائج الدّقيقة.
إن المنهج التّجريبي يساعد الباحث على أن يضبط متغيرات دراسته التي تتكون من متغير مستقل أو أكثر، يؤثر في المتغير التابع أو في أكثر من متغير تابع، وهذا ما يساهم في إيجاد البيئة الخارجية المناسبة، واكتشاف مدى تأثير المتغير المستقل بالمتغير التابع.
يعدُّ هذا المنهج من أكثر المناهج العلميّة مرونة، وله عدة نماذج تساعد على القيام بالتّجارب بشكل مرن، ما يساهم في الوصول إلى الحقائق والمعلومات الدقيقة، أمّا أبرز نماذج المنهج التّجريبي في البحث العلمي: (نموذج التّدوير للمجموعات التي تتشكل ذات الصفات نفسها، النموذج التي يتناول المجموعة الدّراسيّة).
إنّ الموضوعية والحياد الكامل الذي لا يوجد فيه أيّ مكان للتحيز والأهواء الشخصية يعدُّ من ميزات المنهج التّجريبي المهمّة، ولهذا دور أساسي في وصوله للنتائج الدقيقة. Heitnk،G، Parctical theologg،1999،p233.
عيوب المنهج التّجريبي
تتعدد عيوب أو سلبيات المنهج التّجريبي ومن أبرز هذه العيوب:
– إن تعميم النتائج في البحث العلمي الذي يستخدم المنهج التّجريبي من الأمور الصعبة، وذلك لأنّ التجارب والاختبارات تحصل عادة على عينة واحدة يصعب تعميمها على العينات التي تشبهها.
-هناك العديد من الاختبارات التي لا يتوجه الباحث العلمي لإجرائها لتنافيها مع الاعراف، والتقاليد المجتمعية أو مع القوانين أو لتعارضها مع الأديان السّماوية.
-وتضع أفراد عينة الدراسة وتغيير سلوكهم، أو تقديمهم معلومات أو بيانات غير دقيقة لسبب أو لآخر، له تأثير سلبي كبير على نتائج البحث الأدبي.
أمثلة على المنهج التّجريبي: في البحث العلمي.
دراسة إحدى المؤسسات الحكوميّة- الموظفين – أو أطفال روضة بقياس معدل أدائهم- الأداء.
الخطوات المهمّة: أن يكون على اطلاع كامل بميزاته وعيوبه.
أبرز الخطوات:
1- الملاحظة: فالمنهج التّجريبي يبدأ دائمًا بالملاحظة (ظاهرة المشكلة والتعرف إليها وأسباب حدوثها).
2- التجارب: تجارب يجريها الباحث ويستخلص النتائج.
3- وضع الفرضيات:
– بالعادة فرضيات غير مثبتة وفق خطة علميّة منهجيّة ليبقى ضمن إطار دراسته.
4- إثبات الفرضيات.
5- طرق المنهج التّجريبي – تعدد الطرق والأساليب.
– طريقة الإنفاق – إجراء مقارنات بين المتغيرات البحثيّة.
– طريقة التّغيير النّسبي عند وجود نقص أو زيادة او العلة.
المنهج النّفسي
يُعرف المنهج النفسي أنه يقوم على دراسة الأعمال لمعرفة الأنماط والنّماذج النّفسيّة الموجودة فيها، والربط بين الشّخصيات الموجودة في الأعمال الأدبيّة وبين شخصية الأديب، فقد يقوم الأديب بإسقاط شخصيته على شخصية من شخصيات قصته أو روايته.
تاريخ المنهج النفسي
يعود المنهج النفسي بتاريخه إلى العهود القديمة، إذ نجد أن أفلاطون قد تحدث عن هذا المنهج، فقد وجد أنّ العواطف تؤثر على الإنسان بشكل كبير، ولأنّ الشّعر يُحرك عواطف الإنسان فقد قام بطرد الشّعراء من مدينته الفاضلة. أمّا إذا عدنا إلى عصر ازدهار الثقافة العربية سنجد أن العرب قد تحدثوا بشكل كبير عن هذا المنهج وأول من تحدث هو ابن قتيبة، لقد كان ذا خبرة بأحوال النّفس فحدد الوقت المناسب لقول الشعر، إذ وجد أنّ معظم الشّعراء ينظمون شعرهم في أول الليل، الخلوة، المسير، صدر النهار، وفي الأمراض والعلل ( زينب محمد نور،سارة تمكين شداد: المنهج النفسي الاددبي ، ص11).
لم يكن أبن قتيبة الوحيد في هذا المجال فهذا القاضي الجرجاني، قام بتحليل الملكة الشّعرية، وقال إنّ الشّعر يدل على نفسية وطباع الشاعر، فمَنْ كان شعره سلسًا وسهلًا فإنّ نفسه سمحة، ومن كان شعره فظًّا فإنّ شخصيته فظة، ومن كان شعره رقيقًا فهذا يدل على رقة مشاعره.
إذا أكملنا المسير في النقد العربي، سنجد ابن طباطبا قد تحدث عن المنهج النفسي، ويقول إن القارئ، إن ارتاح إلى النّص فهذا يعني أن نفسيّة كاتبه مريحة. وعلى الرّغم من عدم وجود منهج واضح في الأدب العربي إلّا أن النّقاد العرب تحدثوا عن المنهج النفسي في أماكن متفرقة من كتبهم.( جمال فاضل فرحان: المنهج النفسي في النقد العربي الحديث،ص2، يوسف وغليسي، مناهج النقد الادبي، الجزائر، جور للنشر والتوزيع، ص206).
المنهج النفسي عند الغرب
ظهر المنهج النفسي عند الغرب في القرن التاسع عشر مع ظهور علم النّفس وظهور رائده سيغموند فرويد، إذ قال: “إنّ العمل الأدبي له هدف وغاية ويسعى الأديب لإيصالها من خلاله، فقد يعبر الأديب في أدبه عن رغبات مكبوتة لا يستطيع إشباعها في الواقع، فيقوم بإسقاطها على شخصيات عمله، لذلك رأى فرويد أنّ دراسة شخصيّة القصة ستدل على حالة الكاتب الشخصيّة ورغباته المكبوتة، ويرى فرويد أن مرحلة الطفولة تؤدي دورًا في حياة الأديب، فإن عانى من رغبات مكبوتة؛ فإنها ستظهر بشكل جلي في أدبه(عبد القادر فيدوح: الاتجاه النفسي في نقد الشّعر العربي، ص92).
أمّا أدلر “فخالف فرويد في أفكاره وقال: إن التعلق بالحركة لاثبات الذات هي الّدافع الأساسي والمحرك الرئيس للإبداع في النفس البشريّة.
أمّا في العالم العربي، فقد قام مصطفى سويس، بتأسيس مدرسة أطلق عليها اسم مدرسة علم نفس الإبداع وقام شاكر عبد الحميد بتأليف كتاب أطلق عليه: “الأسس الفنية للإبداع في المسرح”( عبد القادر بن طيب، القراءة النفسية للقصيدة العربية، ص18). وبعد أن قمنا بجولة تاريخيّة على المنهج النفسي، وأبرز أعلامه، فإنّنا سنتحدث في ما يلي على المآخذ والعيوب عليه.
عيوب المنهج النفسي
يعامل المنهج النفسي الأدب الجيد بمعاملة الأدب الرؤيوي نفسه، وذلك بسبب نظرته للأدب على أنّه وثيقة نفسيّة فقط لا غير، تعبّر عن رغبات الشّاعر أو الكاتب المكبوتة.
– يعتمد المنهج على الفرضيات والكشوفات التي يقوم باكتشافها علم النفس، من دون الأخذ بالحسبان أنّ هذه النظريات قد تكون خاطئة أو لا يمكن تطبيقها على الأديب.
يظهر الأدب من خلال المنهج النفسي، وكأنّه تعبير عن الحالات الشّاذة والرّغبات المكبوتة وهذا الأمر غير صحيح(حميدة زينب، اعمر عائشة: المنهج النفسي في النقد الادبي،ص17).
المنهج المقارن
المنهج المقارن هو الذي يوازي بين ظاهرتين أدبيتين تنتميان إلى لغتين مختلفتين (اللغة العربية، واللغة الفارسيّة)، والهدف من هذا المنهج هو عمل مجموعة من المقارنات بين الظواهر المتعلقة بالبحث العلمي، وذلك للتعرف إلى وجه الشبه في ما بينهم، وكذلك وجه الاختلاف أيضًا، فيكون أمام الباحث العلمي فرصة للتعرف على كل شيء غامض متعلق بالظاهرة ويستطيع تفسيرها بسهولة.
يتميز هذا المنهج بالمرونة إذ إنّ العديد من العلوم يمكن أن يُستخدم من خلالها سواء أكانت علوم اجتماعيّة أو علوم علمية، وهناك العديد من الطرق التي تستطيع من خلال استخدامه، وليس هذا فقط بل أيضًا له خطوات، وسنتناولها بالحديث عنها بالتفصيل.
طرق استخدام المنهج المقارن
هناك مجموعة من الخطوات أو الطرق التي نستطيع بها أن نستخدم هذا المنهج أثناء عمل بحث علمي في العلوم الاجتماعيّة، فيمكنك الاختيار من بينهم بما يتناسب مع أفكار الباحثين وتطلعاتهم، والهدف منه أيضًا، ومن الطرق المهمّة ما يلي:
– طريقة الاتفاق: نستخدم هذه الطريقة عندما يكون هناك عمل مشترك واحد هو السبب الأساسي في حدوث ظاهرة من الظواهر، ولا يمكن للظاهرة أن تحدث من دون وجود هذا العامل المشترك مقال (مستحضر تجميل استخدمته النساء).
– طريقة الاختلاف: اكتشف هذه الطريقة الباحث العلمي “ستيوارت” فعلى سبيل المثال، أكثر من مجموعة (تكون صفة واحدة مختلفة) نختلف في صفة واحدة(عبد الحق حمادي الهواس: المناهج النقدية، ص35).
– الطريقة المشتركة: استطاعت هذه الطريقة أن تجمع ما بين الاختلاف والاتفاق في آن واحد، فعندما يقوم الباحث باستخدام طريقة الاتفاق، فإنّه بذلك قد استطاع الوصول إلى العامل المشترك.
بينما في حالة طريقة الاختلاف يكون هذا دليل وبرهان على أنّ النّظرية لا يمكن لها أن تحدث من دون أن يكون العامل المشترك موجود.
-طريقة التّغيير النّسبي: في جميع الظواهر الطبيعيّة أو الحالات لا بدّ أن يكون هناك علاقة بين السبب والمسبب، وفي حال حدث أيّ نوع من أنواع التغّييرات في السّبب، فإنّ هذا يؤدي حتمًا إلى حدوث تغييرات في المسبب أيضًّا، سواء في حالة الزيادة أو العكس.
–طريقة العوامل المتبقية: كي تنجح في البحث العلمي عندما تبدأ به، وتقرر أن تقوم باستخدام المنهج المقارن، قائلًا في هذه الحالة ينبغيأان تسير وفق خطوات التي ستؤدي بك في نهاية المطاف الى الوصول إلى نتائج، ومن أبرز تلك الخطوات ما يلي:
– تحديد موضوع المقارنة.
– تحديد موضوع البحث.
– مشكلة البحث.
– التعرف على العينة.
– وضع متغيرات المقارنة.
– الوصول إلى نقطة الاتفاق.
– الاختلاف بين المتغيرات وضعها في بداية بحثه.
– القيام بدراسة المتغيرات.
– الوصول الى نتائج المقارنة.
– عند الانتهاء.
-عمل مقارنة بين الموضوع والنتائج للدراسة.
– يستطيع أن ينشر بحثه بعدد من النتائج التي تخدم العلم.
الهدف من استخدام المنهج المقارن:
– استخدام المنهج يخدم الطلاب بتقسيم المواد كافة.
– التعرف إلى أوجه الشبه والاختلاف.
– فهم العلاقة التي تجمع مكونات النصوص(التي يعمل على مقارنتها).
– يمكن التعرف بسهولة على الدراسة التي تناسبه وأبعاد ما لا يناسبه.
نتائج: بهذا نكون قد وفرنا لك كل ما يخص المنهج المقارن وأنواعه وطريقة استخدامه والهدف أيضًا من استخدامه، ويُعدُّ هو من أفضل مناهج البحث العلمي المتبعة في الآونة الأخيرة لسهولة استخدامه والوصول من خلاله الى سلبيات الدراسة وإيجابياتها، ومن ثم الوصول إلى النتائج.
المنهج الثقافي
إنّه منهج قديم جديد في مجال النقد الأدبي ألا وهو المنهج الثقافي، الذي يعود تاريخيًّا الى القرن الثامن عشر في أوروبا، لكنه تطور وازدهر في تسعينيات القرن العشرين، مع النّاقد والمفكر الأميركي “فنسنت ليتش”، الذي دعا الى نقد ثقافي (ما بعد بنيوي) أيّ أنّه دعا إلى تجاوز البنيوية، واعتماد جوانب أخرى تساهم في فكّ الغاز النّصوص.
بمعنى أنه لم يعد للدراسات البنيوية مجال للدراسة بعدما حلى محلها النقد الثقافي، الذي تجاوز أنظمة الخطاب، وأنظمة الافصاح النصوصي، التي اهتم بها رولان بارث، و”ميشال فوكو”، والتفكير في دراسة أخرى تهتم بالأنظمة العقليّة واللاعقليّة، وهذه الأنظمة الجديدة التي تعدُّ بديلًا عن الأيديولوجية.
إنّ النقد الثقافي عند “ليتش” يهتم بالكشف عن المضمر في ذهن المتلقي، بمعنى معرفة الأثر الذي يخلفه النص الأدبي عند القارئ، بوصف أنّ القارئ أثناء قراءته للنصوص الإبداعيّة، ينتج نصوصًا أخرى تختلف عن النّصوص المقروءة (الرسالة)، فجماليّة النّص تأتي في درجة ثانية بعد معرفة العيوب المضمر، وراء الشكل الفني والجمالي، وهو بذلك يبين لنا العيوب النسقيّة المختبئة تحت (عباءة الجمالي)، (صلاح فضل: النظرية البنائيّة في النقد الادبي، ص24)
وبذلك انتقل النقد الثقافي من دراسة النصوص، ومعرفة دلالاتها الى دراسة الأنساق الثقافيّة المضمرة في ذهن الملتقي، ومعرفة المخبوء المضمر في نسقيّة التّفكير عند الملتقي.
ومن عادة المناهج السابقة أنّها كانت تتعامل مع النصوص الإبداعيّة بأشكالها وألوانها المختلفة، لكن “ليتش” اهتم بالنصوص التي تهتم بثقافة الهامش أيّ أنّه استفاد من الفلسفة الهجيليّة التي تفهم وتحلل الخطاب في الوقت نفسه.
ميزات المنهج الثقافي المهمّة
يتجلى المهمّ الّذي غير منهج النقد الثقافي، في نقطتين أساسيتين:
أولًا: مادة النقد الهامشيّة، وهدفه الكشف عن الانساق الثقافية في ذلك الخطاب الهامش، ما يعني أنّ المنهج الثقافي الذي نسعى إليه مختلف الى حدّ التناقض مع منهج النقد الثقافي، وهو منهج منتمٍ الى الحداثة ببعدها العقلاني العلمي من جهة، وببعدها الأخلاقي الشّرقي من جهة أخرى (د. علي زيتون) النهج الثقافي ونظرية الكسب ص 38).
ثانيًا: منهج لا يدعي التّعامل مع الخطاب الأدبي منفردًا. لأن ذلك مدعاة، لكي يتحول إلى منهج موضوعي تقليدي لا يفيد شيئًا من الكشف عن جماليات الخطاب وأدبيته وهو منفرد، لا يمكنه النهوض بعملية تحاول امتلاك معرفة حقيقيّة بجماليات الخطاب الأدبي.
– الإمساك بأيّ قيمة من القيم الفنيّة التي يكتنزها الخطاب الأدبي، لا يكون إمساكًا عميقًا وحقيقيًّا ما لم يكن الإمساك من خلال المنهج الثقافي.
من هنا تُطرح علينا إشكالية تخبط النقاد العرب في مسألة المنهج والبحث عن الهوية المفقودة، فهناك من يدعو الى إعادة قراءة التراث العربي واستخلاص مناهج نقدية عربية خالصة، وهناك من يرفض هذا التراث بدعوى التخلف والرجعيّة، فالفئة الأولى تهرب الى الخلف، والفئة الثانية تهرب بعيدًا الى المستقبل(إميل يعقوب: كيف نكتب بحثًا، ص19).
المنهج الفني
يُعدُّ هذا المنهج من أرقى المناهج، وأكثرها تميّزًا وذلك لاهتمامه بالنص نفسه، بجماليته وبلاغته والمظاهر الفنية فيه، وحسن استخدام الأديب للألفاظ والتّعابير في مكانها المناسب، ومدى اتباعه في كتابة النّص والأسلوب المتبع فيه (ماهر شعبان عبد الباري – التّذوق الأدبي، ص 209). وهو من أقدم المناهج التي عرفها النقد، فقد عرفه النّقد القديم معرفة تعكس قدرة ثقافاتهم وغاياتهم النقدية، ثم أصبح في العصر الحديث يعني فن دراسة النّصوص والتميز بين الأساليب المختلفة، وأنّ علوم اللغة من نحو وبلاغة وعروض أساس فهم النصوص، وتعليل الأحكام، كما ذهب الى ذلك الدكتور محمد مندور، فإنّ المنهج الفني من أقدر المناهج على تحقيق ذلك، فهو يُعنى بدراسة العمل الأدبي دراسة شاملة تحدد نوع العمل، وعوامل بقائه، وأسرار جماله، وتفوقه ثم علاقته بالآثار الأدبية العالميّة، وإبراز خصائص الأديب الفنية، والتعرف إلى اتجاهه الأدبي والنّقدي، وعلى قِيَمه التّعبيريّة والشّعوريّة.
بالاستناد إلى ذلك؛ فالمنهج الفني ينظر الى النّص موضوع الدراسة من دون النظر إلى قائله، ومن دون التعرض للعصر الذي قيل فيه، والجو الذي أحاط به والدّوافع التي دفعت الى إبداعه، وإهماله للمضمون الفكري في النص، وقيمه ونوع القصور تجاه الظواهر التّاريخيّة والنفسيّة والاجتماعيّة التي تدور حول النص(روز غريب: النقد الجمالي وأثره في النّقد الأدبي، ص5).
الأسس والقواعد التي يقوم عليها المنهج الفني
1- إنّه يقوم على رد العمل الى جنسه (شعر، مقالة، قصة، مسرحية) فإذا كان شعرًا بحث في موضوعه، أمّا إذا كان غزلًا أو وصفًا أو رثاءً وقراءة النص، وبعد قراءته يتأثر به تأثرًا إذ يؤدي إلى انعكاس أثر النّص على نفسه (أحدث لديه مشاعر ارتياح ورضا، إعجاب، سخط ونفور).
2- لا بدّ للناقد أن يتذوق النص التذوق الفني، يعايشه ويقف عند كل عنصر هل الخيال ابتكاريّ أو تأليفي، أو تفسيري، العاطفة متوهجة أم فاترة؟ هل الأسلوب محكم النّسج ؟ وهل للعبارات ولكل عنصر من عناصر الأدب مقاييس حدّدها النقاد؟
3- إيضاح الجوانب التي جعلت النّاقد يرتاح للنص (العاطفة، الصياغة، الأسلوب، الموسيقى).
4- يقف الناقد عند العاطفة (إذا كانت صادقة أو غير صادقة).
5- صدق شعوري أو عاطفي (أن يكون الشاعر صادقًا مع نفسه).
6- صدق فني (تعني قدرة الشّاعر على أن يعبّر عن تجربته).
7- يتجه بعد ذلك الى صياغة الأسلوب (وإذا كان استخدم الألفاظ والجمل والعبارات التي نتفق مع موضوعه).
8- الخيال الفني في الصورة الشعرية (إذا كانت جزئيّة تتمثل في تشبيه استعارة، كتابة).
9- موسيقى الشعر أو الأوزان والقوافي (إاذا كانت منسقة النغم تجذبه الألحان).
10- وحدة العمل، هل حقق الشّاعر غايته من أثره الفني.
11- يصدر الناقد حكمه على النص من جهة الجودة أو الرداءة، القوة والضعف،التجديد والتقليد.
من رواده الدكتور طه حسين الشيخ أمين الخولي والدكتور عبد القادر القطاني.
المنهج المعياري – التقليدي
أظهرت الدّراسات اللغويّة الغربيّة اهتمامًا كبيرًا بهذا المنهج، لذلك كان هو المنهج السائد في تلك المرحلة المبكرة، منذ أرسطو حتى أواخر القرن التّاسع عشر. أمّا تجاه العرب القدماء فقد بذلوا محاولات جدية لإنشاء منهج وصفي من أجل دراسة اللغة.
هذا المنهج يقوم على جمع اللغة وروايتها، ثم الانتقال الى ملاحظة المادة المجموعة والعمل على استقرائها، للخروج بعد ذلك بنتائج لها طبيعة الوصف اللغوي السليم، إلّاأنّ هذا المنهج سرعان ما تحول مع مرور الزّمن، الى منهج معياري صارخ. وقد ظهر هذا في النواحي الآتية:
1- استقرأ بعض النحاة العرب اللغة استقراء ناقصًا، وقاموا باستنباط بعض القواعد النحويّة، إلّا أنّهم “عمدوا الى فرض هذه القواعد على اللغة، بدلًاأان يخضعوها هي نفسها للغة (إميل يعقوب، منهجية البحث، ص 13). وهم بذلك قد أخضعوا الصواب والخطأ، في أثناء الاستعمال، لمجموعة من القواعد التي فرضوها على اللغة.
2- تناول مستويات اللغة جميعها، وخصوصًا الصوتية منها والصرفيّة والنّحويّة، والدّلاليّة، وخلطوا هذه المستويات ببعضها خلطًا شديدًا، وهذا ما نراه في المؤلفات النّحوية المبكرة والمتأخرة على حد سواء.
3- اللغة العربية تتضمن عدة لهجات متنوعة، ونرى بعض الباحثين يعمد الى الخلط بين هذه اللهجات، بصرف النّظر عن الفوارق بين تلك اللهجات كلٌّ على حدا، ثم يقصدها لجهة الصوت والصرف والنحو والدلالة(شوقي ضيف: البحث الأدبي، طبيعته مناهجه، وأصوله مصادره،ص79).
المنهج التكاملي
المنهج التكاملي هو من المناهج التي نعرض من خلالها ونُقدّم المحتوى والمضمون، الذي نود القيام على بتدريسه ومعالجته بشكل تتكامل فيه المعرفة والمعلومة، من المواد الدّراسية المتعددة والمتنوعة، كان هذا الخلط مخطط له بصورة متكاملة بما يتعلق بالأفكار والقضايا ومواضيع متنوعة ومتعددة الجوانب، أو تنسيق زمني مؤقت بين المعلمين التربويون الذين يحتفظ كل منهم بتخصصه ومجاله المستقل. وقد بين ذلك مفهوم التكامل: وهو نظام يقوم على التأكيد، من أجل إظهار العلاقات واستغلالها والاستفادة منها، وذلك لرفع مستوى الفهم والوضوح وبذلك يعدُّ خطوة متوسطة بين انفصال المواد الدّراسيّة وبين وجهها بشكل تام.
إذًا؛ هو منهج يركز في إعداده وتخطيطه بأسلوب لتنفيذه وتطبيقه على التخلص والقضاء على الحواجز التي تعمل على فصل جوانب المعرفة. وهناك مجموعة خصائص متنوعة يتصف بها المنهج التكاملي، ويتجلى ذلك من خلال ما يلي:
1- إنّ المنهج المتكامل هو الذي يمتاز بواقعيّة أكثر فأكثر علاقة وارتباط بمشاكل الحياة التي يتعرض لها الطالب خلال دراسته.
2- إدراك العموم قبل إدراكه للخصوص (يتوافق الأسلوب التّدريسي التكاملي مع نظرية المعرفيّة في علم النّفس التربوي، إذ يدرك الطالب الكل قبل الجزء).
3- يهتم المنهج المتكامل بصفات النمو السيكولوجي للطالب والصفات التربوية أيضًا، من جهة الاهتمام بميولهم والعناية برغباتهم واهتماماتهم واستعداداتهم، في ما يعرض له من معلومات وتجارب ومعارف متكاملة، وما يولد لهم الدّافع نحو دراسة تلك المعلومات والمعارف.
4- يعمل على تنمية المعلم التربوي وتطويره من النّاحية العلميّة والمهنيّة، ويجد المعلم التربوي نفسه دائمًا بحاجة الى تطوير ذاته وتنميتها وتنويع معلوماته وتعددها، وذلك من أجل أن يتناسب مع المعارف، ويتلاءم والمعلومات المتنوعة الشّائقة التي يقوم على عرضها وتقديمها لطلبته.
5- شمولية المشاكل الحياتيّة وطبيعتها وعدم المقدرة على تجزئتها.
6- وحدة المعرفة الإنسانيّة وتكاملها.
خصائص المنهج التكاملي
– يقوم على تصنيف الخبرة بوصف أنها كلٌّ متكامل من أجل أن تصبح جزءًا لا يُجزء من الطالب.
– تكامل المناهج الدراسية وارتباطها بالبيئة المحيطة.
– يدرسه الطالب بصورة فعالة.
– يتصدى الطالب المشاكل ويواجهها، والتي يحتاج الى حلها وعلى ذلك تكون أكثر ارتباطًا وواقعية بالحياة.
– يتصف بعدم التكرار والذي في غالبية الأحيان يظهر خلال المناهج المتقلصة.
أهداف المنهج التكاملي
إن ممارسة المنهج التكاملي يعمل على تحقيق مجموعة من الأهداف المتنوعة والمتعددة لكل من الطالب والمعلم التربوي والبيئة التعليميّة والإدارة المدرسية، وتتمثل هذه الأهداف من خلال ما يلي:
أولًا: على صعيد المعلم التربوي، يهدف الى مساعدته من خلال ما يلي:
1- استعمال طرق متعددة ومتنوعة في العملية التعليميّة وبما فيها الأنشطة العملية وغيرها.
2- إثراء مواضيع الكتاب الدراسي، والعمل على تنمية الروابط وتطويرها بين المواد الدراسية المتنوعة.
3- امتلاك القدرة على الاعداد والتخطيط والتقييم لمهام الطلاب أعمالهم والتفاعل مع أفكارهم.
أهمية المنهج التكاملي
تكمن أهمّية المنهج التّكاملي في أنّه:
1- يزيد من فهم الطلاب للعلم، الأمر الذي يجعلهم يتعمقون فيه.
2- من خلال هذا المنهج يستطيع الطلاب القيام بعملية ربط بين ما هو مكتوب، وما هو موجود على أرض الواقع.
3- يقوم بتنمية مهارات التفكير المتعددة لدى الطلاب.
4- يجعل نتائج العلم ثابتة، دائمة، ولا تنسى بسرعة.
5- يزيد المنهج التكاملي من تماسك الموضوعات المطروحة وتناسقها.
6- يساهم في تقديم المعلومات المفيدة للطلاب، ويخلصهم من حشد المنهاج بمعلومات لا فائدة منها.
7- يساهم في تنويع طرق التدريس، إذ يجعل هذه الطرق تتلاءم مع الطلاب.
أنواعه
1- التكامل الأفقي، يركز هذا النوع على إيجاد مجالات متصلة بين العلوم المشتركة والمتشابهة، فيربط على سبيل المثال بين الأدب والتاريخ، كما يقوم بنقل المفاهيم التي يتلقاها التضميد بين الصفوف، فمثلًا في أحد الصفوف يتلقى التاريخ الجاهلي. وفي السّنة التي تليها سيتلقى تاريخ صور الإسلام، وهكذا بشكل متسلسل ومترابط.
2- التكامل العامودي: ويطلق عليه البعض اسم البناء الحلزوني، ويتجه هذا النّوع نحو نسقية العلم في المناهج، ويقوم باتخاذ مفهوم محوري، وكلما ارتقى الطالب الى صف أعلى كلما ازداد معرفة في هذا المفهوم وتعمقًا.
أسسه
1- تكامل الخبرة: (يهتم بالخبرة المتكاملة والتي تتميز بالأنشطة المتعددة).
2- تكامل المعرفة: الكتاب المعارف بطريقة كاملة وشاملة.
3- تكامل الشّخصية: إكساب الطالب شخصية كاملة ليصل الى الإبداع، ويساعده على التأقلم.
4- مراعاة رغبات الطلاب: مراعاة رغباتهم وميولهم عند بناء المنهج وتنفيذه.
5- مراعاة الفروق الفردية: يُبنى على أسس تظهر الفروق الفردية الطلاب، فيستطيع أن يعالج هذه الفروق.
6- الاهتمام بالأنشطة التعليميّة: هي أساس العملية التعليمية.
7- التعاون العمل الجماعي.
المنهج البنيوي
هو فهم مشترك تحاول الدراسات المختلفة في العلوم الطبيعيّة والانتروبولوجيا واللغوية الأدبية والفنية أن تطبقه بإصرار، وهو منهج يزعم أصحابه أنّه المنهج الأفضل الذي يوصل الى الكشف عن الحقيقة، وهو على حد قول “روبرت شولز” مشروع مذهب لم يكتمل بعد، كان قد تميز تميّزًا واضحًا عن طريق منهجه، أمّا البنيوية لغويًّا هي: نظرية قامت على تحديد مهام العناصر الدّاخلية في تركيب اللغة، وأنّ هذه العناصر حدِّدت بعدة أوزان أو ضُمّت في مقارنات مع غيرها من العناصر في المناهج النقدية الأخرى، وقد أُدرِجت هذه العناصر في منظمة واضحة (جبور عبد النور، المعجم الأدبي، ص 52).
وإن أكثر الباحثين في البنيويّة (ميشيل فوكو) الفيلسوف والمؤرخ الفرنسي أحد أكثر الباحثين تأثيرًا وإثارة للجدل في حقبة ما بعد الحرب العالمية الثانية ومن روادها رولان بارت، وجان لاكان،(كمال ابو ديب: جدلية الخفاء والتجلي،ص7-8).
مبادئ المنهج البنيوي في النقد الأدبي
أسسه المهمّة:
– الكشف عن العلاقات المتشابكة، بين عناصر العمل وموضع البحث، فهي الدرجة الأولى في تحليل العلاقات.
– البنيوية لا تبحث عن المحتوى أو الشكل أو عن المحتوى في إطار الشكل، بل تبحث عن الحقيقة التي تختفي وراء الظاهر من خلال العمل نفسه، وليس من خلال أيّ شيء خارج عنه.
– توجيه العمل نحو كلية العمل أو نظامه، وليس نظام العمل أو الشيء سوى حقيقته (حسام الخطيب، جوانب من النقد الأدبي، ص 424).
خصائصه في النقد الأدبي
تميزت خصائص المنهج البنيوي عن سائر المناهج الأدبية التي عنيت بتحليل النصوص. الشمول: وتعني خضوع العناصر التي تشكل البنية لقوانين تميز المجموعة كمجموعة، أو الكل ككل واحد، وهذه الخاصية انطلقت منها البنيوية في نقدها للأدب أنّ البنية تكتفي بذاتها، ولا يتطلب إدراكها اللجوء إلى عناصر غريبة عنها ومن طبيعتها، فالعمل الأدبي يخضع لعدة قواعد وقوانين تطبع هذه العناصر بصفات تختص بها هذه العناصر عن غيرها، أيّ أنّ البنيويّة تطبق طابعًا من التركيبة على العمل الأدبي، مثل خاصية شمولية البنية وكليتها التي لا تسمح بالاكتفاء بأجزاء منها عند الدراسة، ولا نسمح بإدخال ما ليس منها، لأنّ ذلك يؤدي إلى تغيير البنية (ابراهيم حمود: النقد الأدبي الحديث من المحاكاة الى التفكيك، ص 69).
التحولات
هذا التحول يعني أنّ هناك قانونًا داخليًّا، يقوم بالتّغيرات داخل البنية ولا يبقى في حالة ثابتة، فهو دائم التغيير. فكل عنصر من عناصر المنهج يتضمن جزءًا من البناء الدّاخلي للعمل الأدبي وله دور في البناء الهيكلي للعمل، وهو ما يعطي للنص عملية التجدد الدائم، حاملًا أفكارًا جديدة.
التنظيم الذاتي
أيّ أنّ البنية تستطيع تنظيم ذاتها بذاتها لتحافظ على وحدتها واستمراريتها، فكما يقول بياجي: “إن أيّ بنية باستطاعة ضبط نفسها ذاتيًا يؤدي للحفاظ عليها، ويضمن لها نوعًا من الانغلاق الإيجابي، وهو ما يجعل البنية تحكم الذاتية بمكوناتها. إذ لا تحتاج الى شيء آخر يلجأ إليه المتلقي ليستعين به على فهمها ودراستها وتذوقها (صلاح فضل: النظرية البنائيّة في النقد الأدبي، ص 121).
الخاتمة
نستنتج من كل ذلك أنّ معظم مناهج البحث العلمي، طريقة تفكيرية منهجيّة لها جماليتها الخاصة، إذ كل منهج من هذه المناهج يضفي رونقًا خاصًّا على أيّ نص أدبي، ويمكن دراسة نص أدبي على أكثر من منهج كالتّاريخي والاجتماعي، أو دمج الوصفي بالتّجريبي، كلها تؤدي الى نص متكامل للنص أدبي.
بعض جمالية خاصة للنص لها رونقها الأدبي التي تجعل للنص الأدبي مميزات خاصة، فترى من مميزات المنهج التاريخي الذي يعطي للنص جمالية بالتقسيمات التي تضفي على النص جمالًا غريبًا يجعل القارئ يعود الى الزمن الذي كتب فيه النص من خلال تحديد الزمان والمكان، ليأتي معه النص الاجتماعي الذي يحدد لنا واقع المجتمع، وهذا المنهج الذي يربط الإبداع الفني بالمبدع، فيخرج لنا نصًّا متكاملًا، مظهرًا جمالًا خاصًا من حيث الزمان والمكان والظروف الاجتماعية التي استدعت الى كتابة هذا النص.
معطيًا لنا مقاربات عديدة، مقارنًا الأحداث الأدبية في ما بينها وعليها، وتظهر لنا دقة هذه الظواهر التي حصلت، والتي ربما نجد مثلها في زمننا الحاضر.
ليأتي لنا المنهج النفسي بحالة الكاتب الذي كتب هذا النص، إن كان في حالة فرح وسرور ورخاء اقتصادي، أم هو في زمن يكثر فيه الحزن.
لذا على كل باحث استخدام أكثر من منهج للنص الأدبي الذي يتناوله لتخرج لنا تحفة فنية مفهومة للقارئ سلسلة يفهمها الصغير والكبير، وهكذا نكون قد استخرجنا الأفكار والظواهر والأحداث لتصبح بارزة للعيان في كل زمان ومكان.
المصادر والمراجع
1-إبراهيم محمود: النقد اللأدبي الحديث من المحاكلة الى التفكيك، دار المسيرة للنشر والتوزيع، 2003.
2-إميل يعقوب: كيف تكتب بحثًا أو منهجية البحث، طرابلس، جروب بروس،1986.
3-جمال فاضل فرحان: المنهج النفسي في النقد العربي الحديث، دار الكتب العلمية بيروت،ط1، دون تاريخ.
4-حسن عباس نصرالله : منهجية البحث والتأليف، مؤسسة الوفاء بعلبك ،1977
5-حسام الخطيب: جوانب من النقد الأدبي، بيروت ، دار العربية للكتاب ، دون تاريخ.
6-حلام الجيلاني: المناهج النقدية المعاصرة ، مجلة الموقف الأدبي، العدد 34 نشر اتحاد الكتاب العرب ، ت 2004.
7-حميدة زينب، أعمر عائشة: المنهج النفسي في النقد الأدبي، 2017.
8-روز غريب: النقد الجمالي وأثره في النقد العربي، بيروت، دار الفكر العربي ،1993
9-زبنب محمد نور، سارة شداد: المنهج النفسي في النقد الأدبي،2021.
10-شوقي ضيف، البحث الأدبي، طبيعته، مناهجه، أصوله ومصادره، دار المعارف بمصر،ط3، 1979.
11-صالح هويدي: منشورات جامعة السابع من ابريل ،ط1، 14426هجري.
12-صلاح فضل: النظرية البنائية في النقد الأدبي ، بيروت ، دار الافاق،ط1، 1993.
13-…………..: مناهج النقد المعاصر،ط1، 1417 هجري.
14- ………….: النقد الأدبي الحديث والمعاصر، أسسه الجماليّة، ومناهجه المعاصرة، دار الآفاق.
15-عبدالله محمد الغذامي: الخطيئة والتكفير من البنيوية الى التشريحية، المغرب لبنان، الدار البيضاء، بيروت .
16-عبد الحق حمادي الهواس: المناهج النقدية، المعهد العربي للبحوث والدراسات الاستراتيجية على الشبكة العنكبوتية.
17-عبد القادر فيدوح: الاتجاه النفسي في نقد الشعر العربي، دمشق، منشورات اتحاد الكتاب العرب ،1992
18-عبد القادر بن طيب، القراءة النفسية للقصيدة العربية،2021.
19-علي مهدي زيتون: المنهج الثقافي، ونظرية الكشف، دار الحوار للنشر والتوزيع، سورية
21-كمال أبو ديب: جدلية الخفاء والتجلي ، بيروت، دار العلم للملايين،ط2، 1981.
22-ماهر شعبان عبد الباري: التذوق الادبي ، الشارقة، مدرس بكلية التربية.
23-محمد تيسير : المنهج التاريخي في البحث العلمي، المجلة العربية للعلوم ونشر الابحاث ،2022.
24-محمد ملياني: النّص وسؤال المنهج قراءة في فكر محمد مصايف النقدي.
25-نصيرة مصابحية: تجليات المنهج اللغوي الجمالي عند مصطفى ناصيف.
26-وليد قصاب: مناهج النقد الأدبي الحديث، دار الفكر، دمشق،ط1 ، 2007.
26-يوسف وغليسي: مناهج النقد الأدبي، الجزائر وجور للنشر والتوزيع.
HEITINK ;G>1999:PARCTICAL THEOLOGG>P 233.-27
[1] -أستاذ مساعد في الجامعة اللبنانيّة كلية الآداب والعلوم الإنسانيّة – قسم التّاريخlaylaelkayal202@gmail.co.