العلاقة بين الإبداع والضّغوط النّفسيّة لدى طلبة الجامعات اللّبنانيّة
The Relationship between Creativity and Psychological Stressors among Lebanese University Students
Zahraa Ghassan Assaad زهراء غسّان أسعد([1])
الملخّص
هدفت الدّراسة إلى التعرّف إلى الارتباط بين الإبداع والضّغوط النّفسيّة لدى طلبة الجامعات اللّبنانيّة في بيروت، بالإضافة إلى الكشف عن الفروق في مستوى كلّ من الإبداع والضّغوط النّفسيّة تبعًا لمتغيّر الجنس. تألّفت العيّنة من 291 فردًا (130 ذكرًا و161 أنثى) من طلبة الجامعة اللّبنانيّة UL، الجامعة اللّبنانيّة الدّوليّة LIU وجامعة القدّيس يوسف USJ، واستُخدِم مقياس مجالات الإبداع لكوفمان KDOC (Kaufman, 2012) ومقياس الضّغوط النّفسيّة لـ”دخان والحجّار” (2005). أسفرت الدّراسة عن النّتائج الآتية:
- توجد علاقة ارتباط سلبيّة ودالّة إحصائيًّا بين الإبداع والضّغوط النّفسيّة لدى طلبة الجامعات.
- لا توجد فروق دالّة إحصائيًّا في أيّ من مستوى الإبداع أو الضّغوط النّفسيّة تعزى لمتغيّر الجنس لدى طلبة الجامعات.
الكلمات المفتاحيّة: الإبداع، الضّغوط النّفسيّة، طلبة الجامعات
ABSTRACT
The study aimed to identify the relationship between creativity and psychological stressors among university students, as well as exploring the differences in each of creativity and psychological stressors levels due to gender. The sample of the study consisted of 291 students (130 males and 161 females) from the Lebanese University (LU), Lebanese International University (LIU) and Saint Joseph University (USJ). Two psychometric scales were used to measure the variables of the study: The Kaufman Domains of Creativity Scale KDOCS (Kaufman, 2012) and the Psychological Stressors Scale (Dokhan & Al-Hajjar, 2005). The results of the study revealed that:
- There is a statistically significant negative correlation between creativity and psychological stressors among university students.
- There are no statistically significant differences in the levels of creativity or psychological stressors due to gender.
Keywords: Creativity, Psychological Stressors, University Students
المقدّمة
يشير الباحثون إلى أنّ الاضطرابات النّفسيّة قد تظهر خلال مدّة الدّراسة الجامعيّة بشكلٍ متزايد، كونها مرحلة ضغوط وتغّيرات. فقد بيّنت دراسة لجامعة كاليفورنيا مؤخّرًا أنّ درجة شعور الطّلبة الجامعيّين بالضّغوط والإرهاق قد زادت عمّا كانت عليه في السّابق، وبيّنت الإحصاءات أنّ أكثر من 30% من الطّلّاب الذّكور يقرّون بمعاناتهم من ضغوط كبيرة ولحِقبٍ طويلةٍ، وأنّ 38% من الطّالبات الجامعيّات يعانين من الضّغوط الزّائدة (National Health Ministries, 2006). فيمكن أن تشكّل البيئة الكلّيّة للمرحلة الجامعيّة عاملًا ضاغطًا جدًا للطلّاب، إذ قد تؤول هذه الضّغوط إلى عقبات نفسيّة وأكاديميّة واجتماعيّة أمامهم (Yikealo, Tareke & Karvinen, 2018). ويتعيّن على الطّلّاب، إذًا، خلال مرحلة الدّراسة الجامعيّة إدارة العديد من الضّغوطات في حياتهم الأكاديميّة والشّخصيّة، وأحيانًا الحياة العمليّة (Graves, Hall, Dias-Karch, Haischer & Apter, 2021). ويعاني الطّلّاب اللّبنانيّون – كما أقرانهم في سائر المجتمعات- من ضغوطٍ مختلفة، سيّما مع تعدّد أحداث الحياة الضّاغطة. ولهذه الضّغوط تأثيرات نفسيّة وفيزيولوجيّة ووجدانيّة ومعرفيّة وانفعاليّة، وقد تطال أي جانب آخر من جوانب الحياة (اليحفوفي، 2015: 23).
وتشيع البحوث حول الإجهاد أو الضّغط في علم نفس الصّحّة، إذ قد يكون للضّغوط تأثير ضارّ مُحتمل على الفرد، وأثبت العديد منها أنّ المستوى المعتدل من الضّغط قد لا يؤدّي دائمًا إلى نتائج سلبيّة، بل يمكن أن يحسّن الأداء ويساهم في خلق مشاعر إيجابيّة. لكن في المقابل، يرتفع الضّغط السّلبي عندما تتجاوز المطالب قدرة الفرد على التأقلم والتكيّف، وحينها تتداخل أعراض الضّغط المفرط مع اضطراباتٍ وتراجعٍ في الصّحّة النّفسيّة (Jia & Loo, 2018). وقد يكون الضّغط حالةً، إمّا مُنتِجةً أو شاقّةً، من التّنبيه أو الاستثارة النّفسيّة والوظيفيّة، والتي قد يواجهها الفرد في الظّروف التي يرى أنّها تشكّل خطرًا على صحّته النّفسيّة والاجتماعيّة. كما أنّ للضّغط آثارًا مختلفة على عددٍ لا يحصى من الأفراد لأنّه لا يرتبط بثقافةٍ محدّدةٍ أو يؤثّر على مجموعة معيّنة، بل قد يصيبُ الجميع بصرف النّظر عن العمر أو الخلفيّة التّعليميّة أو الموقع الجغرافي أو نمط الحياة (Adasi, Amponsah, Mohammed, Yeboah & Mintah, 2020).
وفي السّياق، يمكن للضّغط النّفسي أن يؤثّر أيضًا على الجوانب المعرفيّة للأفراد، إذ قد يسبّب تغيّرًا في الأداء المعرفي، سيّما في القابليّات والإنتاجات الإبداعيّة. ففي مقلبٍ آخر، بات الاهتمام بالإبداع والمبدعين من أكثر أولويّات الدّول المتقدّمة أهمّيّة إذ تدرك جيّدًا أنّ القدرات الإبداعيّة هي التي تصنع المجتمعات وتغيّر العالم، وأنّ الإبداع أضحى إحدى ضروريّات الحياة. كما عمدت العديد من الجامعات في العالم إلى وضع برامج تنمّي قدرات الطّلبة الجامعيّين على التّفكير الإبداعي الحرّ والحلّ المبدع للمشكلات (صالح، 2010: 96).
ومنذ العقد الماضي، أصبح الإبداع شعارًا يستخدمه السياسيّون ورجال الأعمال والموظّفون والمعلّمون والأساتذة والطّلّاب وغيرهم، وبات يُنظر إليه كعلاج لمجموعةٍ واسعةٍ من المشكلات، منها الاجتماعيّة والاقتصاديّة والتّعليميّة. وصار الاهتمام بالإبداع يطال أيضًا مؤسّسات التّعليم العالي، بفعل ما تواجهه من تحدّياتٍ اقتصاديّةٍ وثقافيّةٍ كبيرة، وتحدّياتٍ بيئيّة كلّيّة تغيّر دور الجامعات من مؤسّسات الأبحاث الكلاسيكيّة “أبراج العاج” إلى مؤسّسات ريادة الأعمال، إذ إنّها لا تصبح فقط مستقلّة في قراراتها بل أيضًا في تطوير وتنفيذ العمليّات البحثيّة الجديدة والعلاقات داخل مناطقها ومجالاتها (Gasper & Mabic, 2015).
ولطالما نظر المتخصّصون إلى مراحل التّعليم العالي كبيئةٍ خصبةٍ لنموّ وتطوّر الإبداع، وقد أشاروا إلى أهمّيّة الإبداع وفوائده في إشراك الطلّاب وإعدادهم لتنمية الاقتصاد الإبداعي وتعزيز المجتمع والحفاظ على صحّة وحيويّة الحياة المدنيّة والثّقافيّة والتّعليميّة داخله. ويساعد فهم الإبداع في توفير الأساليب المناسبة في الجامعات والكلّيّات لزيادة فعاليّة الطّلبة، واستثمار قدراتهم الإبداعيّة (Pachucki, Lena & Tepper, 2010). ومع تزايد الاهتمام مؤخّرًا بمهارات القرن الواحد والعشرين والتي تتضمّن تلك المتّصلة بالإبداع والابتكار، أضحت المساعي والمناهج التربويّة والتّعليميّة تهتمّ بتعزيز الإبداع وإدخاله كمهارة ضمن البرامج الدّراسيّة (Piirto, 2011: 1-2).
إلّا أنّ العديد من الباحثين يرون وجود علاقة بين إبداع الأفراد وإصابتهم بأمراض نفسيّة أو اضطرابات من قبيل القلق والتّوتّر والضّغوط، ويستشهدون بمجموعة من المبدعين الفنّانين والروائيّين والموسيقيّين والأدباء الّذين عانوا من اضطرابات نفسيّة، وقد بيّنوا أيضًا أنّ العمليّات العقليّة عند المبدعين تكون بعيدة من الوعي والسّيطرة ومصحوبة بأزماتٍ انفعاليّة (صالح، 2010).
وفي طور ذلك، شكّل الإبداع والضّغط، أو الإجهاد، ظاهرتيْن حظيتا باهتمامٍ كبيرٍ في مجالات علم النّفس. ولكن ما زالت العلاقة بينهما مثيرةً للجدل، وقد خلص الباحثون إلى أنّ الضّغط يمكن أن يؤثّر على الإبداع إمّا بشكلٍ إيجابي أو سلبي، وتبيّنَ أنّ العلاقات بين هذيْن المتغيّرين قد تكون متناقضة أو متعارضة (Tritsaroli & Miraka, 2019).
فبالنّظر إلى حقيقة أنّ الإبداع يحتاج إلى الحريّة والتّحفيز والمثيرات، من الممكن أن تعتمد الطّريقة الّتي يُدرك بها النّاس الضّغوط على الأهداف الّتي يرتبطون بها؛ فعلى سبيل المثال قد تُدرَك الضّغوط كعوامل تنافسيّة وذات معنى بالنّسبة إلى الفرد إذ من المرجّح حينها أن تزيد من التّفكير الإبداعي، أو قد تُدرَك كعوائق أو عقبات أمام الأهداف الشّخصيّة له ما قد يؤول إلى انخفاض التّفكير الإبداعي (Tritsaroli & Miraka, 2019).
وفي هذا السّياق، أكّدت بعض الدّراسات وجود علاقة إيجابيّة بين الضّغوط النّفسيّة والقدرات الإبداعيّة، إذ إنّ الأفكار الضّاغطة قد تشكّل حافزًا عند الفرد لاستخدام استراتيجيّات التّفكير الإبداعي بهدف حلّ المشكلات والتخلّص من المواقف الضّاغطة. ولكن في الوقت نفسه، تُبيّن الآليات الفيزيولوجيّة أنّ وجود الفرد في حالة شعور بالضّغط تخفّف من قدراته في التّفكير الإبداعي والإنتاج التّباعدي، ما قد يؤشّر إلى وجود علاقة سلبيّة بين مستوى الضّغوط والإبداع (Sanchez-Ruiz, 2011).
علاوةً عليه، برهنت دراسة السّرور والعويدي (Al-Srour & Al-Oweidi, 2012) وجود علاقة سالبة بين الإبداع والضّغط النّفسي لدى طلبة الجامعة، إذ يرتفع الإبداع مع انخفاض مستويات الضّغوط. كما كان قد أشار روجرز (Rogers, 1954) إلى أنّ الإبداع ينشأ عن مستوى مرتفع من الصّحّة النّفسيّة وليس عن المرض والاضطرابات والإجهاد. بالإضافة إلى ذلك، ربط ماي (May, 1959) الإبداع بالوعي والصحّة النّفسيّة والانفعاليّة، وبيّن أنّ مشاعر الفرد المبدع تتّصل بالفرح والاستمتاع وتكون بعيدة من مشاعر التّوتّر والخوف.
وأشار لازاروس وآخرون (Lazarus, Baker, Broverman & Mayer, 1957) إلى أنّ القدرة على التّحكّم بالعمليّات المعرفيّة – كتلك المتّصلة بالإبداع- تؤثّر على سلوك الفرد عند تعرّضه للضّغوط النفسيّة، وهذا السّلوك يتأثّر بالاستجابات المتغايرة بين الأفراد للظّروف الضّاغطة، كما يتأثّر بمستوى النّضج الذي يحدّد ردّ فعل الفرد على العوامل الضّاغطة.
ومع اهتمام العديد من الأدبيّات السّابقة في دراسة مستويات الضّغوط النّفسية وعوامله ومتعلّقاته الدّيموغرافيّة والاجتماعيّة وتحليلها لدى الأفراد عامّةً، وطلبة الجامعات خصوصًا، تباينت الدّراسات السّابقة في ما خلصت إليه حول الفروق في مستويات الضّغوط تبعًا لمتغيّر الجنس. فبعضها بيّنت أنّ الطّالبات الجامعيّات الإناث هنّ أكثر شعورًا بالضّغوط من الطّلّاب الذكور (Jia & Loo, 2018; Shamsuddin & Others, 2013; Al-Srour & Al-Oweidi, 2013 & Thawabieh & Qaisy, 2012)، بينما بيّنت دراسات أخرى عدم وجود فروق في درجة الضّغوط لدى الطّلاب تعزى لنوع الجنس (الأسدي وعبد الغني، 2009؛ غيث، بنات وطقش، 2009؛ اليحفوفي، 2015 وYikealo, Tareke & Karvinen, 2018).
وكذلك، لم تخلص الدّراسات السّابقة إلى نتيجة موحّدة حيال أثر نوع الجنس في درجات إبداع طلبة الجامعات، فبعضها بيّن وجود فروق جوهريّة في القدرة الإبداعيّة بين الجنسيْن لصالح الإناث، مثل دراسة العرب والعايد (2012)، وأخرى أظهرت أنّ الفروق هي لصالح الطّلّاب الذكور كدراسة (Tsai, 2013). وفي المقابل، بيّنت بعض الدّراسات عدم وجود فروق دالّة إحصائيًا في الإبداع تعزى لمتغيّر الجنس (Potur & Barkul, 2009). في الآن عينه، آلت بعض الدّراسات إلى الكشف عن فروق دالّة في بعض أبعاد الإبداع تبعًا لنوع الجنس، كدراسة السّرور والعويدي (Al-Srour & Al-Oweidi, 2013) التي بيّنت أنّ الإناث أظهرن درجاتٍ أعلى في بُعد “الطّلاقة” مقارنةً مع الذّكور، على الرّغم من أنّها استنتجت عدم وجود فروق جوهريّة في الدّرجة الكلّيّة للإبداع بين الفئتيْن.
انطلاقًا ممّا تقدّم، تهتمّ الدّراسة الحاليّة بالكشف عن العلاقة الارتباطيّة بين الضّغوط النّفسية، كإحدى متغيّرات ومؤشّرات الصّحّة النّفسيّة المهمّة خلال المراحل الجامعيّة، ومستويات الإبداع الّتي باتت تشكّل ضرورةً -لا حصر فيها- أمام تطوّر كلا الفرد والمجتمع وتمكينهما، خاصةً مع كل مظاهر التّنافس والتّسارع العالميّيْن وفي مختلف المجالات الاقتصادية، الاجتماعيّة، السياسيّة، الصّناعيّة، الفنّيّة، الإعلاميّة، السيبرانيّة وغيرها. وعليه، تتمحور مشكلة الدّراسة بشكلٍ أساسي حول تبيان الرّابط بين مستويات الشّعور بالضّغوط النّفسيّة من طلبة الجامعات وقابليّاتهم الإبداعيّة. ومن هنا، تنشأ التّساؤلات الآتي:
هل ثمّة علاقة ارتباطيّة بين درجة الإبداع ومستوى الضّغوط النّفسيّة لدى طلبة الجامعات؟ وما هو نوع تلك العلاقة وما مداها؟ وهل توجد فروق دالّة إحصائيًّا في أيّ من مستوييْ الإبداع أو الضّغوط النّفسيّة تُعزى لمتغيّر الجنس؟
أهداف الدّراسة
تهدف الدّراسة إلى:
- التعرّف إلى العلاقة الارتباطيّة بين الإبداع والضغوط النّفسيّة لدى طلبة الجامعات.
- التعرّف إلى الفروق في كلّ من الإبداع والضغوط النّفسيّة تبعًا لمتغيّر الجنس لدى طلبة الجامعات.
الفرضيّات
- يوجد ارتباط سلبي ودالّ إحصائيًّا بين الإبداع والضّغوط النّفسيّة لدى طلبة الجامعات.
- لا توجد فروق دالّة إحصائيًّا في مستوى الإبداع تبعًا لمتغيّر الجنس لدى طلبة الجامعات.
- توجد فروق دالّة إحصائيًّا في مستوى الضّغوط النّفسيّة تبعًا لمتغيّر الجنس، ولصالح الإناث، لدى طلبة الجامعات.
الدّراسات السّابقة
تناولت العديد من الدّراسات السّابقة متغيّريْ الدّراسة الحاليّة، إن كان عبر التّحقيق في العلاقة الارتباطيّة بين الإبداع والضّغوط النّفسيّة لدى طلبة الجامعات، أو عبر دراسة الفروق الإحصائيّة في مستوى كلٍّ منهما، تبعًا لنوع الجنس (ذكور وإناث)، ويُذكر في ما يلي عددٌ من هذه الدّراسات المهمّة.
دراسات عربيّة
أجرى السّرور والعويدي (Al-Srour & Al-Oweidi, 2013) دراسة على عيّنة مؤلّفة من 118 طالبًا وطالبةً (77 ذكرًا و41 أنثى)، من مرحلة الدّراسات العليا في جامعة الأردن. هدفت الدّراسة إلى التّعرّف على العلاقة بين الإبداع والضّغط النّفسي لدى الطّلّاب، بالإضافة إلى دراسة الفروق في كلّ من الإبداع والضّغط النّفسي تبعًا لمتغيّر الجنس. استخدم الباحثان اختبار تورانس للإبداع ومقياس الضّغط النّفسي من إعدادهما، وأظهرت النّتائج وجود ارتباط سلبيّ ودالّ إحصائيًّا بين الإبداع والضّغط النّفسي، كما بيّنت عدم وجود فروق دالّة إحصائيًّا بين الذكور والإناث في مستوى الضّغط النّفسي أو في الدّرجة الكلّيّة للإبداع، لكن يوجد فروق دالّة في بُعد “الطّلاقة” ضمن اختبار الإبداع لصالح الإناث. وبناءً على النّتائج المستخلَصة، توصّل الباحثان إلى أنّ مستوى الإبداع ينخفض عند طلبة الدّراسات العليا بارتفاع درجة الضّغط النّفسي، وأنّ الطّلبة لا يكونون قادرين على إبداع أشياء جديدة أو غير مألوفة تحت الضّغط.
وهدفت دراسة أجراها العرب والعايد (2012) إلى قياس القدرة الإبداعيّة العامّة لدى طلبة الجامعات، بالإضافة إلى الكشف عن دلالة الفروق في القدرة الإبداعيّة تبعًا لمتغيّرات الجنس، التخصّص، المستوى الدّراسي، المستوى العلمي للأب، المستوى العلمي للأمّ، عدد أفراد الأسرة والمعدّل التّراكمي. قام الباحثان باستخدام مقياس التّفكير الإبداعي الذي أعدّه “عرب” العام 2006، وتطبيقه على عيّنة مؤلّفة من 500 طالبًا وطالبة من مختلف كلّيّات جامعة المجمعة في الرّياض، السّعوديّة. أظهرت النّتائج أنّ القدرة الإبداعيّة لدى أفراد العيّنة كانت متوسّطة بشكلٍ عام، وأنّه توجد فروق دالّة إحصائيًّا في القدرة الإبداعيّة تُعزى لمتغيّر الجنس، ولصالح الإناث.
وأجرى طوابية وقايسي (Thawabieh & Qaisy, 2012) دراسة لقياس مستويات الضّغوط في ضوء متغيّرات الجنس، الجامعة، الدّخل الفردي والمستوى الدّراسي لدى طلّاب الجامعات. تألّفت العيّنة من 471 طالبًا وطالبة من جامعة طفيلة في الأردن، واستخدمت مقياس الضّغوط النّفسيّة من تصميم الباحثيْن. بيّنت النّتائج أنّ مستوى الضّغوط لدى أفراد العيّنة هو ضمن المتوسّط وأنّ الإناث هنّ أكثر شعورًا بالضّغوط من الذّكور.
دراسات أجنبيّة
هدفت دراسة (Nuo, Baskaran & Hou, 2022) إلى كشف العلاقة بين الضّغط المحسوس وجودة النّوم والإبداع لدى طلبة الجامعات، إضافةً إلى تبيان مستوى الإبداع لديهم. تكوّنت العيّنة من 140 فردًا (67 طالبًا و75 طالبة) من جامعة تونكو عبد الرحمن في ماليزيا، واستخدم الباحثون مقياس الضّغط المحسوس PSS المعدّ من “كوهين” العام 1983، مقياس الإبداع المقدّر ذاتيًّا SRCS المعدّ العام 2019 ومقياس جودة النّوم SQS المعدّ العام 2006. توصّلت النّتائج إلى وجود علاقة ارتباطيّة دالّة إحصائيًّا بين الضّغط المحسوس والإبداع لدى الطّلّاب.
أُعدّت دراسة تريتسارولي وميراكا (Tritsaroli & Miraka, 2019) بهدف تبيان تأثير الضّغط على الإبداع لدى طلّاب الجامعات، وللتّحقيق في احتمال وجود دور وسيط لأيٍّ من القلق أو الاكتئاب في العلاقة بينهما. استهدفت الدّراسة عيّنة مكوّنة من 233 طالبًا وطالبة في جامعة لينيوس Linnaeus University التي تقع في فاكجسو، السّويد. واستخدم الباحثان مقاييسًا من إعدادهما لقياس مستويات الإبداع، الضّغط، القلق والاكتئاب، وتوصّلا إلى أنّ مستوى الضّغط يؤثّر بشكلٍ دالٍّ إحصائيًّا على الإبداع (مع تضمين القيم المتطرّفة في تحليل البيانات). كما بيّنت النّتائج أنّ الاكتئاب يتوسّط العلاقة بين الإبداع والضّغط بشكلٍ غير مباشر، بينما لم يبيّن متغيّر القلق دورًا وسيطًا دالًّا في هذه العلاقة.
هدفت دراسة جيا ولو (Jia & Loo, 2018) إلى الكشف عن انتشار ومحدّدات الضّغط المحسوس لدى طلبة الجامعات، بما فيها نوع الجنس، السّنة الدّراسيّة، ومصادر الضّغط الأربعة: الشّخصيّة، البين- شخصيّة، الأكاديميّة والبيئيّة. تكوّنت عيّنة الدّراسة من 456 طالبًا وطالبة جامعيّين (175 ذكرًا و281 أنثى)، اختيروا بالطّريقة العنقوديّة من جامعة بوترا الماليزيّة UPM. استخدم الباحثان مقياس الضّغط المحسوس PSS المعدّ من كوهين Cohen وزملائه العام 1983، واستبيان الضّغط لدى الطّلّاب SSS من إعداد روس Ross وزملائه العام 1999. أظهرت النّتائج أنّ 37.7% من الطّلّاب يعانون من الضّغط المحسوس، وأنّه توجد فروق دالّة إحصائيًّا في مستوى الضّغط تعزى للجنس، ولصالح الإناث.
وكانت دراسة (Yikealo, Tareke & Karvinen, 2018) قد هدفت إلى التّحقيق في مستوى الضّغط لدى طلبة الجامعات، في خمسة مجالات: الفيزيولوجيّة، النّفسيّة، الاجتماعيّة، الأكاديميّة والبيئيّة؛ بالإضافة إلى كشف العلاقة بين مستوى الضّغط ومتغيّريْ الجنس والأداء الأكاديمي. طالت الدّراسة عيّنة مؤلّفة من 123 طالبًا وطالبة (63 ذكرًا و60 أنثى) في كليّة التّربية التابعة لمعهد إريتريا للتّكنولوجيا، في إريتريا. استخدم الباحثون مقياسًا من إعدادهم لقياس مستوى الضّغط لدى الطّلّاب في المجالات الخمسة، وتوصّلوا إلى أنّ الطّلاب يعانون من مستوى ضغط أو إجهاد معتدل، وأنّ العوامل الأكاديميّة والبيئيّة الضاغطة هي الأكثر تأثيرًا في مستوى الضّغط لديهم، كما تبيّن أنّ مستويات الضّغط لدى طلّاب الجامعات لا ترتبط بشكلٍ دالٍّ إحصائيًا بأيٍّ من متغيّريْ الجنس أو الأداء الأكاديمي.
وأجرى تساي (Tsai, 2013) دراسة على عيّنة مؤلّفة من 18 طالبًا وطالبة في مرحلة الدّكتوراه من جامعة خاصّة في جنوب غرب تكساس، لدراسة الفروق بين الجنسيْن في الإبداع. استخدم الباحث اختبار “تقنيّات التقييم التّوافقيّة CAT”، وتوصّل إلى وجود فروق دالّة إحصائيًّا في سمة الإبداع تُعزى لمتغيّر الجنس لصالح الذّكور.
وهدفت دراسة أجرتها جوفينداراجان (Govindarajan, 2012) إلى التّحقيق في تأثير الضّغوط والتأمّل على الإبداع والأداء لدى الطّلبة الجامعيّين. تكوّنت العيّنة من 100 طالبًا وطالبة (45 أنثى و55 ذكرًا) يتابعون دراستهم في جامعة متنوّعة عرقيًّا تقع في شمالي كاليفورنيا. استخدمت الباحثة مقياس الإبداع لميدنيك Mednick المعدّ العام 1962، واختبار الضّغوط الاجتماعيّة والمعرفيّة TSST الذي أعدّه كيرشبوم Kirshbaum وزملاؤه العام 1993. وأظهرت النّتائج أنّ الضّغوط لا تؤثّر في مستوى الإبداع أو الأداء لدى الطّلّاب، وأنّ الإناث يستفدنَ أكثر من تقنيّة التأمّل في رفع مستويات الإبداع وتحسين الأداء.
كما أُعدّت دراسة (Vašašová, 2012) للتعرّف إلى العلاقة بين الإبداع وإدراك الضّغط لدى طلبة الجامعات، من خلال كشف إدراك حالة الضّغط لدى الأفراد ذوي الإبداع المرتفع وأولئك ذوي الإبداع المنخفض، وعبر تبيان الفروق بين المجموعتيْن. شملت العيّنة 379 طالبًا وطالبة (174 ذكرًا و205 أنثى) من جامعة ماتياس بيل Mathias Bell في سلوفاكيا. واستخدم الباحث قائمة جرد استراتيجيّة المواجهة (CSI) التي أعدّها توبين Tobin العام 1984، واختبار Urban التّصويري للتّفكير الإبداعي (TSD-Z) المعدّ من جيلين Jellen العام 1985. توصّلت الدّراسة إلى أنّ المستجيبين الأقل إبداعًا يدركون الكثير من الضّغط في صداقاتهم وعلاقاتهم الأسريّة مقارنةً مع الطّلّاب الأكثر إبداعًا. وبالمقابل، يشعر الطّلّاب الأكثر إبداعًا بضغطٍ أكبر حيال المشكلات الصّحّيّة، من الطّلّاب الأقلّ إبداعًا. كما بيّنت الدّراسة أنّ المواقف الأقلّ ضغطًا للطّلّاب الجامعيّين المبدعين هي علاقات الصّداقة وحالات القلق.
وهدفت دراسة أخرى لبوتر وباركول (Potur & Barkul, 2009) إلى التّأكّد من الفروق في التّفكير الإبداعي بين الذّكور والإناث. استخدم الباحثان اختبارات تورانس للتّفكير الإبداعي (TTCT) وطبّقاها على عيّنة مؤلّفة من 147 طالبًا وطالبةً من كليّة الهندسة المعماريّة في الجامعة التّقنيّة في إسطنبول. وأسفرت النّتائج عن عدم وجود فروق دالّة إحصائيًّا بين الجنسيْن في التّفكير الإبداعي.
المصطلحات والتّعريفات الإجرائيّة
تعريفات الإبداع
يتجذّر مصطلح “الإبداع creation” من كلمة لاتينيّة “creare” والتي تعني إنتاج شيء ما (Gasper & Mabic, 2015). والإبداع هو خلق شيء جديد أو حقيقة جديدة بهدف جعل الحياة أجمل (May, 1595)، كما أنّ التّفكير الإبداعي هو عمل جديد غير مألوف، وهو يُقبَل كإنتاج مُرضي ومُفيد (Stein, 1953). ورأى غيلفورد (Guilford, 1950) أنّ الشّخصيّة الإبداعيّة هي تلك التي يظهر النّمط الإبداعي في سلوكها بشكلٍ ملحوظ، وتشمل هذه السلوكيّات بعض الأنشطة مثل الاختراع، التّصميم، التّخطيط، التّأليف والاستنباط. وعرّف صالح (2010: 9) الإبداع أنّه “عمليّة عقليّة معرفيّة تمتاز بنوعٍ من التّفكير الرّاقي، يفضي إلى إنتاج مُنجَز يحظى بالقيمة والأهمّيّة، ويُضيف إلى المعرفة شيئًا جديدًا في ميدان تخصّصه يثير المتعة والدّهشة”. أمّا تورانس (Torrance, 1993) فقد عدَّ أنّ التفكير الإبداعي هو الذي ينشأ من الحساسيّة للمشكلات والفجوات المعرفيّة، ما يؤدّي إلى البحث عن حلول، صياغة الفرضيّات والتّوقّعات، التّجربة والاختبار وثمّ نقل النّتائج المؤثّرة للآخرين. في حين أشار سانشيه-روي (Sanchez-Ruiz, 2011) إلى أنّ الإبداع هو طريقة التّفكير التي تؤدّي إلى تحقيق إنتاجات أو أفكار إبداعيّة يراها الآخرون أصيلة وجديدة ومفيدة.
أّما إجرائيًّا فيمكن أن يعرّف الإبداع، في الدّراسة الحاليّة، أنّه الدّرجة التي يحصل عليها الفرد في مقياس مجالات الإبداع لكوفمان (Kaufman, 2012)، والذي يبيّن مدى وجود عناصر القدرة على التّفكير الإبداعي من الإنتاج الجديد وغير المألوف، حلّ المشكلات، الاستبصار، الأصالة والتّأليف في مختلف الميادين والمجالات.
تعريفات الضّغوط النّفسيّة
الضّغوط هي الشّدّة التي نعيشها في أيّ لحظة، وهي التي ترتفع عندما يتعرّض الإنسان لأيّ موقف (سارّ أو غير سارّ) يزيد من حدّة الحياة (Selye, 1965). أمّا سكوت وهاوورد (Scott & Howard, 1965) فقد عدّا أنّ الضّغط هو التّوتّر الذي يُنتجه عجز الإنسان عن إتقان تعريف المشكلات، وحاجته إلى تكريس طاقته وموارده كلّها لمحاولة التعرّف إلى المشكلة ومعالجتها. والضّغط هو استجابة الجسد الطبيعيّة لموقف صعب أو تغيير معيّن، وهو ردّ الفعل الذي يحمي الفرد من الخطر أو التّهديد الذي يعترضُه (Soto, Atkinson & Smith, 2010). وعرّف دخان والحجّار (2005) الضّغوط النّفسيّة أنّها المواقف والأفكار التي تؤدّي بالفرد إلى الإحساس بالتّوتّر، ومصدرها هو إدراك الفرد أنّ قدراته وإمكانيّاته لا تؤهّله لتحقيق ما هو مطلوب منه ومفروض عليه.
وتعرَّف الضّغوط النّفسيّة إجرائيًّا، في الدّراسة الحاليّة، أنّها الدّرجة التي يحصل عليها الفرد في مقياس الضّغوط النّفسيّة من إعداد دخان والحجّار (2005).
تصميم الدّراسة
المنهج
اتّبعت الدّراسة منهجًا وصفيًّا ذا نمط ارتباطي، بهدف التأكّد من صحّة الفرضيّات المطروحة عبر جمع البيانات الوصفيّة حول عيّنة الطّلّاب الجامعيّين، ودراسة نوع ومقدار العلاقة الارتباطيّة بين الإبداع والضّغوط النّفسيّة.
العيّنة
استهدفت الدّراسة عيّنة مؤلّفة من 291 طالبًا وطالبةً (130 ذكرًا و161 أنثى) يتابعون دراستهم في جامعة القدّيس يوسف USJ، والجامعة اللّبنانيّة الدّوليّة LIU والجامعة اللّبنانيّة، في فروع العاصمة بيروت وضواحيها.
أدوات الدّراسة
- استُخدِم مقياس مجالات الإبداع لكوفمان Kaufman Domains of Creativity Scale KDOCS، والذي أعدّه “كوفمان” العام 2012، لقياس الإبداع لدى أفراد العيّنة. وهو يتألّف من 50 بندًا تغطّي خمسة مجالات للإبداع: الإبداع اليومي/ الذّاتي، الإبداع الدّراسي، الإبداع الأدائي (الأداء الموسيقي والكتابي)، الإبداع الميكانيكي/ العلمي والإبداع الفنّي. وبعد أن تُرجِمَ المقياس من اللغة الإنجليزيّة إلى العربيّة، طُبِّق على عيّنة مؤلّفة من 130 فردًا (65 طالبًا و65 طالبة) جامعيًّا للتأكّد من خصائصه السّيكومتريّة ومن صدقه وثباته.
كان التأكّد من ثبات المقياس عبر مؤشّريْن أساسيّيْن: معامل ألفا كرونباخ Cronbach’s alpha والّتي بلغت قيمتها 0.902، ومعامل الارتباط بين درجات جزأي الاختبار، أي عبر طريقة التّجزئة النّصفيّة Split-Half، إذ يحوي أحد الجزأيْن البنود ذات الأرقام الفرديّة والآخر ذات الأرقام المزدوجة، وقد بلغت قيمة معامل الارتباط Pearson بينهما 0.889، وهي دالّة على مستوى 0.01. أمّا الصّدق فقد دُرِسَ عبر طريقتيْن رئيستيْن: صدق البناء الدّاخلي، وقد تبيّنَ دلالة معامل الارتباط بين الدّرجات الكلّيّة لأبعاد المقياس والدّرجة الكلّيّة للمقياس الكامل، كما ظهرت دلالة معامل ارتباط بنود كل بُعد من الأبعاد الخمسة للمقياس مع الدّرجة الكلّيّة للبُعد الذي تنتمي إليه. إضافةً إلى ذلك، دُرِس الصّدق أيضًا بطريقة المقارنة الطّرفيّة بين متوسّطيْ مجموعة الأفراد ذوي الدّرجات الأدنى (أدنى 27% من الدّرجات) ومجموعة الأفراد ذوي الدّرجات الأعلى (أعلى 27% من الدّرجات) في كلّ بند من بنود المقياس، وبيّنت نتائج اختبار ت للعيّنات المستقلّة دلالة الفروق الإحصائيّة بين درجات المجموعتيْن في كل البنود الخمسين. وبناءً على ما تقدّم، تبيّنت صلاحيّة/ صدق مقياس كوفمان المستخدَم وثباته، وأظهر جودةً في القياس السّيكومتري.
- أمّا مستويات الضّغوط النّفسيّة لدى الطلّاب، فقد قِيست عبر مقياس الضّغوط النّفسيّة من إعداد دخان والحجّار (2005)، وهو يتألّف من 60 بندًا موزّعّةً على ستّة أبعاد (الضّغوط الأسريّة، الماليّة، الدّراسيّة، الشّخصيّة، الاجتماعيّة والبيئيّة)، ويصحَّح وفق سلّم ثلاثي إذ يحدّد الفرد درجة انطباق كلّ بند عليه عبر اختيار إحدى الخيارات الثّلاثة (تنطبق دائمًا، تنطبق أحيانًا، لا تنطبق أبدًا). وللتّأكّد من خصائصه السّيكومتريّة، طُبّق مقياس الضّغوط أيضًا على العيّنة الاستطلاعيّة المؤلّفة من 130 طالبًا جامعيًّا، واستُخرجت معامل ثباته عبر طريقتيْن: ألفا كرونباخ، الذي بلغت قيمته 0.941، والتّجزأة النّصفيّة – بحيث بلغت قيمة معامل الارتباط بيرسون بين بنود الأرقام الفرديّة وبنود الأرقام المزدوجة 0.918. أمّا مؤشّرات الصّدق، فقد تبيّن ارتفاعها عبر دراسة صدق البناء الدّاخلي واحتساب معامل الارتباط بين الدّرجات الكلّيّة للأبعاد الستّة والدّرجة الكلّيّة للمقياس الكلّي، إضافةً إلى الارتباط بين بنود كل بُعد من أبعاد المقياس والدرّجة الكّليّة للبُعد الذي تنتمي إليه. كما أظهرت أيضًا نتائج دراسة الصّدق (عبر المقارنة الطرفيّة بين درجات مجموعتيْ الأفراد ذوي الدّرجات الأعلى وأولئك ذوي الدّرجات الأدنى) دلالة الفروق الإحصائيّة بين الفئتيْن، في كلّ بند من بنود المقياس.
الأساليب الإحصائية
استُخدِم عدد من الأساليب والاختبارات الإحصائيّة لدراسة نتائج الفرضيّات المطروحة في الدّراسة، أهمّها معامل الارتباط بيرسون Pearson Correlation لدراسة العلاقة الارتباطيّة بين درجات الإبداع ومستويات الضّغوط النّفسيّة لدى الطّلّاب، واختبار ت للعيّنات المستقلّة Independent Samples T-Test للتّحقيق في الفروق الإحصائيّة بين الذّكور والإناث في كلّ من الإبداع والضّغوط النّفسيّة. وأُدرجت بيانات أفراد العيّنة كافّة واستجاباتهم في برنامج الحزمة الإحصائيّة للعلوم الاجتماعيّة SPSS، بهدف معالجتها واستخلاص النّتائج.
النتائج
الفرضيّة الأولى: يوجد ارتباط سلبي ودالّ إحصائيًّا بين الإبداع والضّغوط النّفسيّة لدى طلبة الجامعات.
للتأكّد من الفرضيّة الأولى استُخرِجت معامل الارتباط بيرسون بين الدرجات الكلّيّة لكل من متغيّري الإبداع والضّغوط النّفسية، وجاءت النّتائج كما يظهر في الجدول رقم (1).
جدول 1: معامل الارتباط بيرسون بين متغيّريْ الإبداع والضّغوط النّفسيّة
الإبداع | الضّغوط النّفسيّة | |
الإبداع | 1 | -0.212** |
الضّغوط النّفسيّة | -0.212** | 1 |
(**): دالّ على مستوى 0.01
يشير الجدول رقم (1) إلى وجود علاقة ارتباط سلبيّة ودالّة بين درجة الإبداع ومستوى الضّغوط النّفسيّة لدى أفراد العيّنة، وعلى مستوى 0.01، أي أنّ الفرضيّة الأولى المُقترحة صحيحة.
الفرضيّة الثّانية: لا توجد فروق دالّة إحصائيًّا في مستوى الإبداع تبعًا لمتغيّر الجنس لدى طلبة الجامعات.
استُخدم اختبار ت للعيّنات المستقلّة بهدف دراسة الفروق الإحصائيّة بين درجات الذّكور والإناث في مقياس الإبداع، وتظهر نتائجه في الجدول رقم (2).
جدول 2: المتوسّطات والانحرافات المعياريّة وقيمة ت ومستوى دلالتها لدراسة الفروق في الإبداع تبعًا للجنس
الجنس | المتوسّط | الانحراف المعياري | قيمة “ت” | مستوى الدّلالة | درجة الموثوقيّة
α |
ذكور | 146.95 | 28.682 | -0.740 | 0.460 | 0.05 |
إناث | 149.41 | 27.687 |
يظهر الجدول رقم (2) أنّ متوسّط الإناث في الإبداع هو أعلى من متوسّط الذّكور، لكن تبيّن نتيجة اختبار ت للعيّنات المستقلّة عدم وجود دلالة إحصائيّة لهذه الفروق، وصحّت الفرضيّة الثّانية ولا توجد فروق جوهريّة في مستوى الإبداع تبعًا للجنس.
الفرضيّة الثّالثة: توجد فروق دالّة إحصائيًّا في مستوى الضّغوط النّفسيّة تبعًا لمتغيّر الجنس، ولصالح الإناث، لدى طلبة الجامعات.
كان التأكّد من الفرضيّة الثالثة عبر استخدام اختبار ت للعيّنات المستقلّة، وتظهر النّتائج المُخرجة في الجدول رقم (3).
جدول 3: المتوسّطات والانحرافات المعياريّة وقيمة ت ومستوى دلالتها لدراسة الفروق في الضّغوط النّفسيّة تبعًا للجنس
الجنس | المتوسّط | الانحراف المعياري | قيمة “ت” | مستوى الدلالة | درجة الموثوقية
α |
ذكور | 102.07 | 20.411 | 1.548 | 0.123 | 0.05 |
إناث | 98.53 | 18.465 |
يشير الجدول رقم (3) إلى عدم وجود فروق دالّة إحصائيًّا تُعزى للجنس في مستوى الضّغوط النّفسيّة، على الرّغم من أنّ الذّكور حصلوا على متوسّط أعلى من الإناث في المقياس. عليه، لم تصحّ الفرضيّة الثّالثة المطروحة.
مناقشة النّتائج
أظهر اختبار معامل الارتباط بيرسون صحّة الفرضيّة الأولى، والّتي نصّت على وجود ارتباط سلبي دالّ إحصائيًّا بين الضّغوط النّفسيّة والإبداع لدى طلبة الجامعات. تشير هذه النّتيجة إلى أنّ الإبداع ينخفض مع ارتفاع الضّغوط النّفسيّة لدى الطّلبة والعكس بالعكس.
وتتوافق نتيجة الفرضيّة مع ما توصّل إليه بعض الباحثين (Nuo, Baskaran & Hou, 2022; Al-Oweidi & Al-Srour, 2013)، إذ أشاروا إلى أنّ قدرة الطّالب على الإبداع تنخفض مع ارتفاع شعوره بالضّغوط النّفسيّة، إذ قد يمنع الضّغط والتّوتّر الفرد من التّوصّل إلى إبداعات جديدة. كما كانت أيضًا دراسة (Tritsaroli & Miraka, 2019) قد آلت إلى أنّ الضّغط يؤثّر بشكلٍ دالّ إحصائيًّا على الإبداع لدى طلبة الجامعات. لكن، من ناحيةٍ أخرى، توصّلت دراسات أخرى (Govindarajan, 2012) إلى نتيجةٍ متعارضةٍ تؤشّر إلى عدم وجود تأثير جوهري لمستوى الضّغوط على القابليّات الإبداعيّة لدى الطلّاب. وفي الآن عينه، أشار بعض الباحثين إلى خلاصاتٍ مغايرةٍ تبيّن وجود علاقة إيجابية بين الإبداع والضّغوط (Runco, 1994)، على أساس أنّ الضّغوط تزيد من دافعيّة الفرد للوصول إلى حلول للمشكلات والتّركيز أكثر لإنتاج الأفكار القيّمة والجديدة (في: Sanchez-Ruiz, 2011).
وكان سانشي-روي (Sanchez-Ruiz, 2011) قد حاول تفسير العلاقة السّلبيّة بين الإبداع ودرجة الشّعور بالضّغوط النّفسيّة، وقد عدَّ أنّ حالة الضّغط تتطلّب زيادةً في الانتباه واليقظة، وبما أنّ الفرد لديه قدرات ذهنيّة محدّدة ومحدودة فإنّ اختباره لحالة الضّغوط تجعل موارده الذّهنيّة أقلّ، ما يعيق القيام بمهامٍّ أخرى كالمهام الإبداعيّة. بالتّالي، فإنّ الضّعف المعرفي خلال مراحل الشّعور بالضّغط يخفّف من إنتاج الأفكار الإبداعيّة ويحدّ من تركيز الانتباه.
إذًا، وفي هذا السّياق، يمكن القول إنّ الإحساس بالضّغط أو الإجهاد وما يترافق معه من عوارض فيزيولوجيّة وسلوكيّة ومعرفيّة، قد تخفّف من قابليّات الطّالب الجامعي في إخراج أفكار أو إنتاجات إبداعيّة. فإنّ تأثّر العمليّات المعرفيّة (المرتبطة بالدّماغ والجهاز العصبي) بدرجة الضّغط والتّوتّر، قد تجعل عمليّة التّفكير الإبداعي أيضًا محدودة وغير قادرة على إخراج الأداء الإبداعي الأقصى. هذا ويترافق الضّغط مع أعراض فيزيولوجيّة من تسارع دقّات القلب ورجفة وغثيان واضطرابات معويّة وغيرها، وصولًا إلى صعوبات في تركيز وتنظيم الانتباه وما يتّصل أيضًا من صّعوبات معرفيّة-إدراكيّة، إذ يمكن أن تخفّف من قابليّة الفرد في الخلق أو التّجديد أو الابتكار أو حلّ المشكلات أو غيرها من موشّرات الإبداع، وتشتّت قدرته الإبداعيّة عبر الانشغال بما يحتسّه من أعراضٍ مختلفة وضعفٍ في الانتباه.
أمّا الفرضيّة الثّانية، والتي نصّت على عدم وجود فروق دالّة إحصائيًّا في مستوى الإبداع تبعًا لمتغيّر الجنس، فقد آلت النّتائج إلى تبيان صحّتها أيضًا والكشف عن عدم وجود فروق جوهريّة في الإبداع بين الطلّاب الذّكور والطّالبات الإناث. وتتوافق هذه المخرجات مع نتائج دراسات (Al-Oweidi & Al-Srour, 2013 & Potur & Barkul, 2009) التي بيّنت عدم اختلاف في مستويات الإبداع بين الذّكور والإناث.
لكن تباينت نتائج بعض الدّراسات الّتي اهتمّت بتبيان أثر الجنس على الإبداع مع ما توصّلت إليه الدّراسة الحاليّة. فقد كشفت دراسة العرب والعايد (2012) أنّ الإناث هنّ أكثر إبداعًا من الذّكور، في حين توصّلت دراسة (Tsai, 2013) إلى أنّ الفروق الدالّة في الإبداع تبعًا للجنس هي لصالح الذّكور. لكن مع ذلك، يرى كوفمان (Kaufman, 2006) أنّ معظم الدّراسات تتوصّل إلى عدم وجود فروق دالّة إحصائيًّا في الإبداع تعزى لمتغيّر الجنس، لكن البعض منها يبيّن أنّ الإناث يحصلنَ على درجات أعلى في الإبداع اللّفظي من الذّكور، بينما يحصل الذّكور على درجات أعلى في الإبداع التّصويري مقارنةً مع الإناث.
علاوةً عليه، تشير أبراهام (Abraham, 2015) إلى أنّ أكثر من نصف الدّراسات المحقِّقة في العلاقة بين الإبداع والجنس تتوصّل إلى عدم وجود فروق دالّة في متغيّرات الإبداع بين الذّكور والإناث، لكن تختلط النّتائج في النّصف الآخر والتي يبيّن أغلبها وجود قدرات إبداعيّة أعلى لدى الإناث. وتعدُّ الباحثة أنّ هذه الخلاصات الأخيرة تفسَّر بالعودة إلى الاختلافات البيولوجيّة الأكثر شيوعًا بين الجنسيْن، على أساس أنّ الفروق المعرفيّة، كتلك التي تظهر في القدرات الإبداعيّة، قد تعود إلى الاختلافات الجينيّة أو الهرمونيّة أو الدّماغيّة بين الذّكور والإناث. لكن عند جمع مجموعات متنوّعة من الأدلّة التي استكشفت الفروق بين الجنسيْن في الإدراك ووظيفة الدّماغ، فإنّ المُخرَجات المأخوذة من هذه النّظرة العامّة هي أنّ الجنسيْن لا يختلفان لجهة القدرات الفكريّة الشاملة أو المحدّدة (كالقدرات الإبداعيّة الكلّيّة)، ولكنّهما قد يفعلان ذلك في بعض الاستراتيجيّات المعرفيّة والوظيفيّة المحدّدة.
ومع احتساب أنّ العوامل الأساسيّة المرتبطة بالإبداع والفروق في مستوياته بين مختلف الفئات تعود إلى الجانبيْن البيولوجي والاجتماعي الثقافي بشكلٍ أساسي، يمكن القول إنّ الدّراسات والبحوث التّجريبيّة والوصفيّة لم تثبت بشكلٍ حاسم وجود اختلافات جوهريّة بيولوجيّة أو عضويّة، كتلك المرتبطة بالدّماغ وعمليّاته المعرفيّة، بين الذّكور والإناث، ولم يثبت تأثّر السّلوك الإبداعي بين الجنسيْن بأيّ من الاختلافات الدّماغيّة أو الجينيّة أو النيورولوجيّة بشكلٍ حاسم. وبما أنّ المؤثّرات الأخرى (غير البيولوجيّة) التي قد تؤثّر في مستويات الإبداع لدى الذّكور والإناث، أي العوامل الاجتماعيّة الثقافيّة، أضحت أقلّ تباينًا في مجتمعات القرن الواحد والعشرين، سيّما في المجتمع اللّبناني، مع تقارب الأدوار والتطلّعات الاجتماعيّة والتوقّعات من الجنسين. بالتّالي، بات الذّكور والإناث يتشاركون الإنتاج والعمل الإبداعي في مختلف المجالات الاجتماعيّة والاقتصاديّة والفنّيّة والإعلاميّة والسّياسيّة وغيرها، ما قد يقلّص الفجوة في القابليّات الإبداعيّة التي تهدف أدوات القياس إلى الكشف عنها، خاصّةً تلك القائمة على التّقرير الذّاتي.
وفي ما يخصّ الفرضيّة الثالثة الّتي افترضت وجود فروق دالّة إحصائيًّا في مستوى الضّغوط تبعًا لمتغيّر الجنس ولصالح الإناث، فقد نفت نتائج الدّراسة صحّتها وبيّنت عدم وجود فروق جوهريّة فيه بين الذّكور والإناث. لكن تتعارض هذه المخرجات مع ما توصّل إليه عددٌ من الدّراسات الّتي بيّنت أنّ الضّغوط تصيب الإناث أكثر من الذّكور، كما كانت قد افترضت الدّراسة الحاليّة، مثل دراسات (Jia & Loo, 2018; Shamsuddin & Others, 2013; Al-Srour & Al-Oweidi, 2013 & Thawabieh & Qaisy, 2012). ومن ناحية أخرى، تدعم العديد من الدّراسات السّابقة نتائج هذه الفرضيّة، حين لم يبرز فيها وجود فروق ذات دلالة في مستويات الضّغوط النّفسية بين الجنسيْن، ويُذكر منها دراسات (الأسدي وعبد الغني، 2009؛ غيث، بنات وطقش، 2009؛ اليحفوفي، 2015 وYikealo, Tareke & Karvinen, 2018).
وفي السّياق ذاته، يشير أداسي وآخرون (Adasi & Others, 2020) إلى أنّه على الرّغم من أنّ الإناث يظهرنَ مستوياتٍ أعلى بشكلٍ عامٍ من الضّغط والإجهاد فيما يتعلّق بالضّغوط الأكاديميّة والصّحّيّة أو حتّى النّفسيّة والاجتماعيّة مقارنةً مع الذّكور، إلّا أنّ الفروق الكلّيّة بين الجنسيْن ضئيلة. ويرى جرايفز وآخرون (Graves & Others, 2021) أنّ طلّاب الجامعات بالعموم يواجهون تحدّياتٍ تتمثّل في الاضطرار إلى مواكبة المتطلّبات العالية المطلوبة منهم للتطوّر والتقدّم في بيئة الجامعة، ولتلبية هذه المطالب يجب أن يكون الطّلّاب قادرين على العمل تحت الضّغط.
انطلاقًا ممّا تقدّم، من الممكن أن تكون طبيعة الضّغوطات ومصادرها المتشابهة لدى فئة طلبة الجامعات، بصرف النّظر عن كون الطّالب المتلقّي لها ذكرًا كان أم أنثى، تقرّب مستوى إدراك الجنسيْن لمستويات غير متباينة -جوهريًا- من الضّغط النّفسي. كما أنّه لا يمكن أيضًا استبعاد تأثير تقارب الأدوار والمسافات بين الذّكور والإناث وانخراطهما بشكلٍ شبه متكافئ في مجالات الحياة المختلفة، أكاديميًّا واجتماعيًّا واقتصاديًّا وسياسيًّا وغيرها من المجالات التي كانت تشهد شغرًا أعلى سابقًا من الذّكور، مقارنةً مع الوقت الرّاهن. كما أنّ المجتمع، المتمثّل بشكلٍ أساسي بالعائلة والمؤسّسات المهنيّة والتربويّة، بات يحمل توقّعات ومتطلّبات شبه موحّدة من الذّكور والإناث، ما قد يسهم في تقليص الفروق بين مستويات الضّغوط النّفسية المحسوسة من الطّلبة الذّكور والإناث على حدٍّ سواء.
إذًا، وبناءً على ما تقدّم، لا بدّ من التّوصية بضرورة إدخال تقنيّات وأدوات سيكومتريّة ذات جودة إلى سياسات الاختيار والقبول في الجامعات اللّبنانية، وذلك لقياس الإبداع ومتعلّقاته لدى الطّلبة. يساهم هذا التدخّل مبدئيًا بكشف المبدعين وتقديم الرّعاية المناسبة لهم، سيّما الاهتمام بالتّخطيط لبرامج علاجيّة تخفّف من الضّغط النّفسي المحسوس لدى هؤلاء، بهدف عدم التّأثير على مخرجاتهم وإنتاجاتهم الإبداعيّة والتي قد تكون أساسًا لبناء وتقدّم المجتمع اللّبناني.
المراجع
المراجع العربيّة
- الأسدي، غالب وعبد الغني، هدى (2009). ضغوط الحياة لدى طلبة جامعة بغداد. مجلة العلوم النّفسية، 2009(14)، 47-69.
- دخان، نبيل والحجّار، بشير (2005). الضّغوط النّفسيّة لدى طلبة الجامعة وعلاقتها بالصّلابة النّفسيّة لديهم. مجلّة الجامعة الإسلاميّة، 14(2)، 369-398.
- صالح، قاسم (2010). الإبداع وتذوّق الجمال. عمان: دار دجلة.
- العرب، خالد والعايد، واصف (2012). قياس المقدرة الإبداعيّة العامّة لدى طلبة الكليات في جامعة المجمعة. المجلة الدّوليّة التربويّة المتخصّصة، 1(3)، 88-105.
- غيث، سعاد وبنات، سهيلة وطقش، حنان (2009). مصادر الضّغط النّفسي لدى طلبة المراكز الرياديّة للموهوبين والمتفوّقين وإستراتيجيّات التّعامل معها. مجلة العلوم التربويّة والنّفسيّة، 10(1)، 245-268.
- اليحفوفي، نجوى (2015). الضّغوط وعلاقتها بنوعيّة الحياة لدى طلّاب الجامعات اللّبنانيّة. مجلة علم النّفس، 28(104-105)، 21-40.
المراجع الأجنبيّة
-7Abraham, A. (2015). Gender and Creativity: An Overview of Psychological and Neuroscientific Literature. New York: Springer.
-8Adasi, G. S., Amponsah, K. D., Mohammed, S. M., Yeboah, R. & Mintah, P. C. (2020). Gender Differences in Stressors and Coping Strategies Among Teacher Education Students at University of Ghana. Journal of Education and Learning, 9(2), 123-133.
-9Gasper, D. & Mabic, M. (2015). Creativity in Higher Education. Universal Journal of Educational Research, 3(9), 598-605. DOI: 10.13189/ujer.2015.030903
-10Govindarajan, S. (2012). Effects of Stress and Co-Rumination on Creativity and Performance. Master’s Theses, 4132. DOI: https://doi.org/10.31979/etd.pune-nn5n
-11Graves, B. S., Hall, M. E., Dias-Karch, C. Hairscher, M. H. & Apter, C. (2021). Gender Differences in Perceived Stress and Coping among College Students. PLOS ONE, 16(8), 1-12. https://doi.org/10.1371/journal.pone.0255634
-12Guilford. J. P. (1950). Creativity. American Psychologist, 5(9), 444-454.
Jia, Y. F. & Loo, Y. T. (2018). Prevalence and Determinants of Perceived Stress among Undergraduate Students in a Malaysian University. JUMMEC, 21(1), 1-5.
-13Kaufman, J. C. (2012). Counting the Muses: Development of the Kaufman Domains of Creativity Scale (K-DOCS). American Psychological Association. DOI: 10.1037/a0029751
-14Lazarus, R. S., Baker, R. W., Broverman, D. M. & Mayer, J. (1957). Personality and Psychological Stress. Journal of Personality, 25(5), 559-577.
-15May, R. (1959). The Nature of Creativity. A Review of General Semantics, 16(3), 220-232.
-16National Health Ministries. (2006). Stress & the College Students. Kentucky: PC (USA).
-17Nuo, C. Y., Baskaran, L. & Hou, T. W. (2022). Relationship of Sleep Quality, Perceived Stress, and Creativity among Undergraduates in Malaysia. (Unpublished Thesis). Universiti Tunku Abdul Rahman, Malaysia.
-18Pachucki, M. A., Lena, J. C. & Tepper, S. J. (2010). Creativity Narratives among College Students: Sociability and Everyday Creativity. The Sociological Quarterly, 51, 122-149.
-19Piirto, J. (2011). Creativity for 21st Century Skills. Rotterdam: Sense Publishers.
-20Potur, A. A. & Barkul, O. (2009). Gender and Creative Thinking in Education: A Theoretical and Experimental Overview. ITU, 6(2), 44-57.
-21Rogers, C. R. (1954). Toward a Theory of Creativity. A Review of General Semantics, 11(4), 249-260.
-22Sanchez-Ruiz, M. (2011). Stress and Creativity. London: University College of London, Elsevier.
-23Scott, R. A. & Howard, A. (1965). A Proposed Framework for the Analysis of Stress in Human Organism. Behavioral Science, 10(2), 141-160.
-24Selye, H. (1965). The Stress Syndrome. The American Journal of Nursing, 65(3), 97-99.
-25Shamsuddin, K. Fadzil, F., Ismail, W., Shah, S. A., Omar, K., Muhammad, N. A., Jaffar, A., Ismail, A. & Muhadevan, R. (2013). Correlates of Depression, Anxiety and Stress among Malaysian University Students. Asian Journal of Psychiatry, 6(4), 318-323. DOI: 10.1016/j.ajp.2013.01.014
-26Soto, N., Atkinson, R. & Smith, G. (2010). Coping with Stress. Orlando: Florida Literacy Coalition.
-27Al-Srour, N. H. & Al-Oweidi, A. (2013). The Relationship Between Psychological Pressure and Creativity among Graduate Students in the University of Jordan. International Journal of Humanities and Social Science, 3(19), 133-136.
-28Stein, M. I. (1953). Creativity and Culture. Journal of Psychology, 36, 311-322.
-29Thawabieh, A. M. & Qaisy, L. M. (2012). Assessing Stress among University Students. American International Journal of Contemporary Research, 2(2), 110-116.
-30Torrance, E. P. (1993). Understanding Creativity: Where to Start? Psychological Inquiry, 4(3), 232-234.
-31Tritsaroli, V. & Miraka, O. (2019). Stress and Creativity: The Mediating Role of Anxiety and Depression. (Unpublished Thesis). Linnaeus University, Kalmar & Växjö, Sweden.
-32Tsai, K. C. (2012). Examining Gender Differences in Creativity. The International Journal of Social Sciences, 13(1), 115-122.
-33Vašašová, Z. (2012). Creativity and its Relation to Stress Perception. Journal of Interdisciplinary Research, 113-115. Retrieved from: https://www.magnanimitas.cz/ADALTA/0102/papers/A_vasasova.pdf; in 1-8-2023.
-34Yikealo, D., Tarake, W. & Karvinen, I. (2018). The Level of Stress among College Students: A Case in the College of Education, Eritrea Institute of Technology. Open Science Journal, 3(4), 1-18.
-[1] طالبة في المعهد العالي للدكتوراه في الجامعة اللّبنانيّة، الآداب والعلوم الإنسانيّة والاجتماعيّة – قسم علم النفس.
Student in the Doctoral School of Literature, Humanities & Social Sciences in the Lebanese University- Psychology Department Email:z_as3ad90@hotmail.com