العلوم الإنسانيّة وتحدّيات العصر
Humanities and the challenges of the era
Dr.Maha Elmasri أ. د. مهى المصري([1])
يعاني العالم اليوم من مجموعة مشاكل منها الصراعات المسلّحة، الأزمات الاقتصاديّة والأوبئة التي تؤثر سلبًا على حياة سكان المعمورة. فيتأثر القطاع الثّقافي بهذه الأزمات بشكل مباشر أو غير مباشر. كما أنّ للتقدم السّريع للعلوم والتكنولوجيا، تأثير كبير على العلوم الإنسانيّة اليوم إذ هي تمرّ بأزمة واضحة. ففي مختلف أرجاء العالم نجد أنّ التوجه إلى التّخصصات العلميّة التّطبيقيّة البحتة أكثر رواجًا في حين تشهد العلوم الإنسانيّة إنحسارًا ملحوظًا. ربما لك ناتج عن عدم توفر فرص العمل، وعدم قدرة التّخصصات على مواكبة سوق العمل ومتطلباته. وللتخلص من تأطير العلوم الإنسانيّة ضمن الهُويّات العرقيّة، يجدر بنا مجاراة أيديولوجيات جديدة، واختفاء و / أو ولادة بعض التّيارات الفكريّة، بالإضافة إلى معرفة متطلِّبات الشّباب وتوقعاتهم، وأزمة سوق العمل، وذلك بما يتماشى مع طموحات العصر واحتياجاته.
لم يتوقف هذا المؤتمر “العلوم الإنسانيّة بين الماضي والمستقبل: قضايا وتحديات وآفاق” عند طرح المشاكل بل إلى تبادل الخبرات في هذا المجال وإلى طرح حلول عبر لائحة من التّوصيات والنتائج. وكان الهدف العام لهذا المؤتمر متعدد التّخصصات في المحتوى على وجه الخصوص، “تسليط الضوء على القوّة المتعالية للعلوم الإنسانيّة وقدرتها على إعادة الاتصال بالماضي، ومواجهة مفارقات الحاضر، والاستعداد للمستقبل، وإعادة النّظر في علاقتنا مع ذاكرتنا الجماعيّة، ومع حضارتنا وتراثنا الثقافي ومع الأساطير التّأسيسيّة”.
فأتت هذه الأبحاث، استجابة لدعوة المساهمة في قراءة واقع العلوم الإنسانيّة التي تبنت، بطرق متعددة، علاقات بين التّخصصات الفرعية لهذا العلم: اللغات، والفنون، التاريخ والهوية، الثقافة والتراث، والأساطير ضمن تكوينات اجتماعية وتاريخية وجيوسياسيّة متعددة الأبعاد.
1– أستاذ دكتور في الجامعة اللبنانية- كلّيّة الآداب والعلوم الإنسانيّة قسم الآثار.
Professeur à l’Université Libanaise – Faculté des Arts et des Sciences Humaines, Département d’Archéologie . Email: maha.elmasri@ul.edu.lb