عنوان البحث: دراسة مقارنة لتاريخ القرآن من وجهة نظر المعتزلة والمعتزلة الجدد
اسم الكاتب: د. محمد مهدي مشکاتي، علي مؤذني
تاريخ النشر: 18/07/2024
اسم المجلة: مجلة أوراق ثقافية
عدد المجلة: 32
تحميل البحث بصيغة PDFدراسة مقارنة لتاريخ القرآن من وجهة نظر المعتزلة والمعتزلة الجدد
(من آراء القاضي عبد الجبّار المعتزلي ونصر حامد أبي زيد)
A comparative study of the history of the Qur’an from the point of view of the Mu’tazilites and the neo-Mu’tazilites
(From the opinions of Judge Abd al-Jabbar al-Mu’tazili and Nasr Hamid Abi Zaid)
Dr. Muhammad Mahdi Mishkati د. محمد مهدي مشکاتي(1)
Ali Mudhani علي مؤذني(2)
تاريخ الإرسال:5-5- 2024 تاريخ القبول: 17-5-2024
الملخّص
يشير نصر حامد أبوزيد مرارًا وتكرارًا إلى القرآن إلى أنّه “منتج ثقافي”. وهذا يعني أنّ القرآن تشكل خلال ثلاثة وعشرين عامًا وفاقًا للواقع الثّقافي والاجتماعي لزّمن الوحي وتأثر بشدة بثقافة عصر الوحي. ومن هذا المنطلق يمكن أن یُستنتج أن بعض آيات القرآن ما هي إلّا أدلة وشواهد تاريخيّة فقط، كما أنّ بعض مضامین الباطلة والفاسدة التي نشأت عن جهل أهل ذلك الزّمان تجد طريقها إلى آيات القرآن، وأیضًا لایمکن قبول وجود سابق وأعلی للقرآن؛ لكن القاضي عبد الجبّار بوصفه متكلمًا معتزلیًّا يرى أن الكلام الإلهي یعني القرآن هو من صفات فعل الله تعالی، وهي بعيدة كل البعد من أي خطأ أو لغو أو محتوى غير حقيقي. وفي هذا المقال نعرض بعض النّتائج المترتبة، وننتقد رأي أبي زيد الّذي قال إنّ نص القرآن أمر تاريخي، استنادًا إلى آراء القاضي عبد الجبّار.
الكلمات المفتاحيّة: قاضي عبد الجبّار، نصر حامد أبو زيد، تاريخية النّص، قابليّة النّص للخطأ، حداثة النّص.
Summary
Nasr Hamid Abu Zaid repeatedly refers to the Qur’an as a “cultural product.” This means that the Qur’an was formed over twenty-three years in accordance with the cultural and social reality of the time of revelation and was strongly influenced by the culture of the age of revelation. From this standpoint, it can be concluded that some verses of the Qur’an are only historical evidence and evidence, and that some false and corrupt contents that arose from the ignorance of the people of that time find their way into the verses of the Qur’an. Also, it is not possible to accept a previous and higher existence of the Qur’an. But Judge Abdul-Jabbar, as a Mu’tazilite theologian, believes that the divine speech, meaning the Qur’an, is one of the attributes of the action of God Almighty, and is far removed from any error, idle talk, or unreal content. In this article, we present some of the resulting results, and criticize the opinion of Abu Zaid, who said that the text of the Qur’an is historical, based on the opinions of Judge Abdul Jabbar
Keywords: Qadi Abdul Jabbar, Nasr Hamid Abu Zaid, historicity of the text, fallibility of the text, modernity of the text.
المقدمة
طبيعة الوحي القرآني من المواضيع التي أثار حولها المفكر المصري المعاصر نصر حامد أبو زيد آراء مثيرة للجدل. إنّ تاريخية القرآن وتفاعله مع الواقع هي الجوهر المشترك لآراء أبي زيد حول ماهية الوحي القرآني. وقد قُدِّمت تفسيرات مختلفة لتاريخيّة النّص، ولكن ما نعنيه بتاريخيّة نص القرآن في هذا المقال هو أنّ “النّص” يتأثر بالواقع الثّقافي والاجتماعيّ لعصر خلقه، وينبغي تفسيرها مع المراعاة الواجبة لتلك الحقائق. لكن العلامات اللغويّة الموجودة في القرآن لها القدرة على أن توضع في مركز “التّفسير الإبداعي” وأن يعاد بناؤها وفاقًا للواقع الاجتماعي واللغوي لعصر المفسر (3).
نصر حامد أبو زيد، مفكر مصري ومؤلف مؤلفات عن القرآن وتاريخه، هو أحد المعتزلة الجدد الذين يدافعون عن تاريخية القرآن وله مؤلفات في هذا المجال (4). لكن هذا المقال يتناول جوانب أخرى من القضيّة، ومن أجل فهم أفضل لفكرة أبي زيد وتحليلها، یقارنه برأي القاضي عبد الجبّار الهمداني (توفّي 415هـ)، وهو من آخر مفكري المعتزلة. القاضي هو من علماء الإسلام البارزين الذين عاشوا في القرن العاشر، واشتهر بالدّفاع عن العقلانيّة واستخدام العقل في تفسير النّصوص الإسلاميّة.
ولذلك يمكن عدّ هذا المقال مقارنة بين رأي المعتزلة والمعتزلة الجديدة، أو على وجه الدقة، نقداً لوجهة نظر المعتزلة الجدد باستخدام وجهة نظر المعتزلة.
لا یخفی أن القاضي عبد الجبّار يتقدم تاريخياً على نصر حامد أبي زيد، إلا أنّه في هذا البحث لا بدّ من بيان وجهة نظر أبي زيد أولًا، لأنّ هذا المناقشة طرحها أبو زيد أولًا، وبالإضافة إلى ذلك، یحتاج في موقف شرح آراء القاضي عبد الجبّار الی بعض المقدمات رأي تاريخیّة النّص وبعض ما یترتب علی هذا الرأي.
وفي ختام هذه المقدمة لا بدّ من الانتباه إلى نقطتين مهمتين: إحداهما أنّ النّقاش هنا هو نقاش علمي، وهو يدور حول آراء النّاس، وليس النّاس أنفسهم، وتحديد إيمانهم وكفرهم. ولسنا على علم بما يدور في قلوب النّاس وما يؤمنون به وما لا یؤمنون به في قلوبهم في ما بينهم وبين ربهم، ونحن الوحيدين، وما نأخذه ونستنبطه من أقوال النّاس وكتاباتهم.
والنقطة الآتية هي أنّه في بعض الأحيان لا ينتبه الإنسان إلى نتائج وجهة نظره ولوازمها، وعند ما نكون في موقف انتقاد وجهة نظره، وتبیین لوازمها الباطلة ونتایجها الفاسدة وفي موقف إثبات هذه الأمور؛ هذا النّقد لا يعني نسبة الاعتقاد والإیمان بتلك اللوازم الباطلة، والنتائج الفاسدة إلى صاحب وجهة النظر تلك.
- وجهة نظر أبی زيد: ما يبحث عنه أبو زيد هو الفهم التّاريخي والعلمي للنّصوص الدّينية. ولهذا الغرض يدرس القرآن بوصفه نصًّا تاريخيًّا وإنسانيًّا ولغويًّا. ومثل هذا التّفسير للنّص القرآني لا يتوافق مع النّظرة الرایجة المتداولة التّقلیدیّة في خصوص القرآن. كما أنّ رؤية أبي زيد للقرآن كنّص تاريخي، ومنتج ثقافي تتطلب قراءة نقديّة وجديدة حول القرآن.
ومن وجهة نظره فإنّ جهود السّلف كالزركشي (توفّی 794هـ) في کتاب “البرهان في علوم القرآن” والسّيوطي (توفّی 910هـ) في کتاب “الإتقان”، تقوم على نوع من العقيدة الدّينية حول مفهوم النّص (القرآن) الذي هو في حدّ ذاته خلق للاتجاهات الرّجعيّة في الثّقافة العربيّة الإسلاميّة، ولقد كان جهدًا للحفاظ على رأس المال الفكري، والثّقافي وذاكرة الحضارة الإسلاميّة فقط ولا غیر. وبحسب أبي زيد، فإنّ أقلّ تعريف يمكن تقديمه لهذا التّصور الرائج عن القرآن، هو أنّه يفصل النّص القرآني عن سياق عملياته الموضوعيّة والتّاريخية، ونتيجة لذلك، ينفصل القرآن عن طبيعته الحقيقية كنص لغوي ونتاج ثقافي وتاريخي، فينزعه ويحوله إلى شيء مقدس وروحي (5).
وبحسب أبي زيد، ينبغي النّظر إلى النّص القرآني بوصفه نصًّا تاريخيًّا وإنسانيًّا وثقافيًّا، ولم تجعلنا الجهود التي تبذل اليوم كخطاب تنويري وتنويري ديني في العالم الإسلامي ننأى بأنفسنا عن ذلك التّفکیر الرائج التّقليدي. وهو التفكير التّقليدي نفسه الذي يعدُّ الله تعالى متكلم النّصوص الدّينية وقائلها ويعطي قدسية وروحانية للنّص الدّيني ويجعل النّص الدّيني يبدو ميتافيزيقيا (6).
وأخيرًا، يخلص أبو زيد إلى أنّ القرآن “منتج ثقافي”. أيّ أنّ هذا النّص قد تشكل في سياق واقع الثقافة، والمجتمع خلال مدّة تزيد على ثلاثة وعشرين عامًا، ومن ثم قام بتشكيل الثقافة. ويعدُّ أبو زيد كتابه “مفهوم النّص” محاولة لإظهار حقيقة أنّ هذا النّص أي القرآن ليس منفصلًا عن مجتمعه وثقافته وعن متلقيّه الأول. ولذلك فإنّ الاعتقاد بوجود وجود مقدس وميتافيزيقي، ومحدد لهذا النّص هو محاولة لتغطية جانبه الثّقافي والتّاريخي وحجب إمكانية الفهم العلمي لهذه الظاهرة (7).
ويرى أبو زيد أنّ الله عندما أرسل الوحي إلى النّبي اختار النّظام اللغوي الذي کان حاکمًا علی متلقي الوحي. وبحسب وجهة نظره، خلافًا لوجهة النّظر التي يروج لها الخطاب الدّيني المعاصر التّقليدي، فإنّ اختيار اللغة ليس اختیار وعاء فارغ، فإن اللغة هي أهم أداة للأمة في فهم العالم وتنظيمه. وعلى هذا فلا يمكن أبداً الحديث عن لغة خارج الثقافة والواقع الاجتماعي. إن قبول المنشأ الإلهي للنّص الوحياني لا ينفي حقيقة محتواه وطبيعته التّاريخية، وبالتالي لا يتعارض مع إسناد ذلك النّص إلى الثقافة الإنسانية وسياق اجتماعي وتاريخي محدد. وبما أنه لا يمكن البحث والفحص العلمی عن مرسل النّص (القرآن) ومصدره الإلهي أي عن الله تعالی، فمن الطبيعي أن طريق الدخول العلمي في البحث حول النّص القرآني يمرّ عبر مدخل الواقع والثّقافة. وهذا “الواقع” هو الشّيء الذي تتشكل فيه حياة متلقي الوحي والمتلقي الأساسي للقرآن، وتحيط به ثقافة اللغة تجسيدًا لها. ولذلك فإنّ التّوجه في بحث النّص القرآني إلى الواقع والثّقافة يعني التّعامل مع الأمور التّجريبيّة. ومن خلال تحليل مثل هذه الأمور يمكن التوصل إلى فهم علمي لظاهرة النّص الدّيني(8) .
وبطبيعة الحال، لا بدّ من الانتباه إلى أنّ التّفكير التّقليدي قد اهتمّ بالبعد التّاريخي للنّص القرآني، ولذلك فقد اهتم في تفسير القرآن والفقه بالبعد التّاريخي والأحداث التّاريخية والسّياق الذي بسببه نزلت كلّ آية. لكن ما جعل أبا زيد يذمّ هذا الخطاب الدّيني التّقليدي ليس المعنى التّاريخي للنّصوص، بل ما قصده من البعد التّاريخي للنّصوص هو “تاريخيّة المفاهيم”. بمعنى أنّ لغة الوحي وكلماته تمتزج بالحقائق اللغويّة والثّقافيّة لعصر النّزول؛ إذن، ما قصده أبو زيد ليس الأحداث التّاريخيّة الوحيدة في عصر النزول فقط.
ويرى أبو زيد أنّ الكثير من أحكام القرآن أُلغيت في الماضي، مثل تجارة الرّقيق التي كانت جزءً أساسيًّا من البنية الاقتصاديّة لذلك المجتمع. وكان من الطبيعي أن تنعكس هذه الحقيقة في النّص لغة ومعنى وأحكامًا وقوانين. على سبيل المثال، في مراسيم الزّواج؛ عدّ النّص زواج الجواري حلالًا بالإضافة إلى جواز الزّواج بأربع زوجات حرة. وفي أحكام الزنا عدّ حدّ الجارية نصف الحرة. كما أنّ التكفير عن بعض الذّنوب كان تحرير العبيد. ويمكن القول إنّه على الرّغم من أنّ الإسلام لم يلغ العبوديّة بشكل مباشر وكامل، إلّا أنّه ضيّق سبل تحقيقها ووسع في الوقت نفسه سبل إنهائها. ونضيف أنّه قد وردت أوامر بشأن حسن معاملة العبيد والأخوة بينهم وبين الأحرار، حتى أنّ الزواج من عبد مسلم وأمَة مسلمة أفضل من الزّواج من حرّ کافر وحرة كافرة. ومع كلّ هذه الظروف لا بدّ من التأكيد على أنّ النّمو والتّطور التّاريخي قد تخلى عن هذه القواعد الكثيرة، ومع سقوط نظام العبوديّة (الاجتماعي والاقتصادي) في بئر التاريخ الماضي، أُلغيت تلك القواعد. ولا يمكن التّمسك بشيء من الدّلالات السابقة، كما لا ينفع التّمسك بمراد النّص من العبودیّة أو معنى النظرة الإسلاميّة إلى العبوديّة -حسب ظاهر النّصوص- إلّا إذا كانت هذه مجرد شهادة تاريخيّة ولا غیر (9).
إنّ منهج أبي زيد التّفسيري للنّص القرآني سوف يتسبب في تغيّر معنى النّص مع مرور الزّمن، وتغيّر الأمكنة والظروف والشّرائط، ویمکن أن یستنبط أحد من مثل هذا التّحليل أنّه لا يمكن إسناد معنى حقيقي ثابت للنّصوص وهو غالبًا ما يتغيّر في شكل مجازات مختلفة.
ووفاقًا له “إذا كانت النّصوص لها حكم الكلام وتؤدي دورًا في تطور اللغة والثقافة، فإنّ تطور اللغة يسبب سيولة معنى النّصوص ودلالیتها، وينقل معظم معانيها عن الأصل والمعنی الحقيقي والدلالة الأصلیّة إلى المعنى الظاهري والدّلالة المجازیّة” (10).
ويرى أبو زيد أنّ هذه القدرة والقابلیّة لتحويل المعنى، وتغیرّه هي مطلب واقتضاء داخلي للنّص وبتعبیر آخر، هی ضرورة الطبيعة اللغويّة والإنسانيّة للنّصوص الدّينية وارتباطها بالواقع الثقافي والاجتماعي، وليس أنها فرض خارجي وتحمیل علیها ولیس متطلب القراءة الأيديولوجيّة للنّصوص؛ وعلى العكس من ذلك فإنّ الاعتقاد بثبات معنى النّص الدّيني وعدم تحوله مع تطور الآفاق الثقافيّة، والاجتماعيّة وعدم توافق النّص مع التّغيرات اللغويّة والثقافيّة هو تفسير مفروض على النّص من الخارج وتحمیل علیه (11) .
وخلاصة القول إنّ أبا زيد يؤكد على أهمية فهم السّياق التّاريخي لنزول القرآن، وقراءته بطريقة تأخذ في الحسبان تنوّع التّفسيرات ووجهات النّظر في التّراث الإسلامي. وينبغي قراءة القرآن كنص تاريخي يعكس السّياق الاجتماعي والثّقافي الذي نزل فيه، وليس كنصّ خالد وثابت. وبحسب أبي زيد، فإنّ القرآن نزل في سياق تاريخي محدد، وتعبّر لغته وموضوعاته عن هموم عصره وقضاياه. ووفاقًا له، ينبغي قراءة القرآن في ضوء السّياق الاجتماعي والسّياسي والثّقافي في شبه الجزيرة العربيّة في القرن السابع، وينبغي فهم معناه في ما يتعلق بالأحداث والظروف التّاريخيّة التي شكّلته. ومن ناحية أخرى، في الوقت نفسه، يعدُّ القرآن نصًا يمكن لأشخاص مختلفين قراءته وتفسيره بطرق مختلفة اعتمادًا على سياقهم الاجتماعي والثّقافي ولعل شخصًا یرجّح أن یعبّر عن هذه الخصوصیّة للنّص “سیالیّة النّص”.
2- وجهة نظر القاضي عبد الجبّار: وبما أنّه في عهد القاضي عبد الجبّار، لم يكن مثل هذا النّقاش يناقش بالشكل الحالي، فيجب أن نبحث بين كتاباته عن قضايا يمكن أن نستخرج منها رأيه حول مناقشة تاريخيّة الوحي. ولهذا لا بدّ أن نذكر بعض المقدمات:
2-1- العلاقة بين اللفظ والمعنى: يرى القاضي عبد الجبّار أنّ العلاقة بين الكلمة والمعنى علاقة وهمية واصطلاحيّة، ويعِدُّ الكلمة دالة على المعنى وحاکیًّا عنه (12). ومع أنّ تاویل القرآن مقبول عند المعتزلة، إلّا أنّهم رفضوا التأویلات الباطنيّة، وعدُّوا نتيجة تفكيرهم هدم الدّين. وللقاضي عبد الجبّار في كتابه الشّهير “المغني في أبواب التّوحيد والعدل” فصل ينتقد فيه باطنيّة الإسماعيليين، ويرى أنّهم يعتقدون أنّ القرآن له تأويلات داخليّة (باطنیّة) لا علاقة لها بالمعنى الخارجي، ویقول إنّ عقیدتهم هذه قد سدّت الطريق إلى معرفة الدّين والإسلام. نتيجة كلام عبد الجبّار أنّ الباطنيين يتجاهلون عمليّة توسط العلاقة بين اللفظ والمعنى ویهملوا قواعد اللغة، ويستخدمون أساس الباطنيّة لديهم فيستمدون المعنى المطلوب من كل كلمة، وهذا فيه صعوبة کبیرة وانحراف واضح(13)، ولذلك يرفض القاضي أيّ تاویل لا يشتمل على ظاهر اللفظ ولم یلاحظ فیه الظاهر.
2- 2- القرآن كلام الله: إنّ القاضي عبد الجبّار یعتقد أنّ الله تعالی فاعل مباشر في المعجزات. وقد خصص في كتابه “المغني” فصلًا مع هذا العنوان: ” فی بیان ما یجب أن یکون المعجز من قبله تعالی” (14) وذكر فيه الدّلائل التي تُثبت هذا المنظر.
إنّه يرى أنّ للمعجزة شرطين أساسيين، وهما: الخروج عن المألوف أيّ کونه خارقًا للعادة، والآخر أنّ یکون من الله تعالی (15). ويرى أنّ القرآن معجزة (16) ، ثم يشير إلى وجوه إعجاز القرآن (17). ونتيجة لذلك فهو يعدُّ القرآن كلام الله، لأنّه يؤمن بکون الله تعالی فاعلًا مباشرًا للمعجزات.
2-3- الكلمة الإلهيّة بعيدة من الخطأ والإلغاء: يرى عبد الجبّار كغيره من المعتزلة أنّ وجود أشياء من الباطل، والخطأ والنّسخ والضلال في الكلمة الإلهيّة أمر قبیح عقلًا، خلافًا لبعض الأشاعرة الذين يعتقدون أنّ القبیح ما قبحه الشارع والحسن ما حسنه الشارع، ویُعدُّون العقل غیر قادر علی تمییز حسن الأفعال وقبحها؛ بل الإنسان محتاج إلی الدّین في تشخیص أنّ الأفعال أیها حسنة وأیها قبیحة.
ويقول القاضي عبد الجبّار في هذا الصدد: “لو کان کذلك، لا يمكن معرفة أنّ أي خبر یکون صادقًا أم كاذبًا بذاته، وما ذكره الله في القرآن، إذا لم نعرف مكانة المخبر وصدقه كان واجبًا أن لا نعرف صحته وصدقه” (18) ويقول في موضع آخر: “ولهذا لا يمكن الجدال مع القرآن والاستدلال به في إثبات وجود الله وحكمته، لأن مثل هذه الحجة تعتمد على صحة القرآن، ولا يمكن إثبات صحة القرآن إلّا بعد معرفة حال صاحبه” (19).
وأمّا في خصوص كون الله حكيمًا، وأنّه لایرتکب القبیح من الأفعال، يقول: “بينما الله حكيم، ولا يجوز للحکیم أن یختار الكذب وأن يفعل الأفعال القبیحة؛ فأول شيء يجب أن نعرفه هو أن الله حكيم وأنه لا يفعل الفعل القبیح ولایختاره” (20).
وبعد ذكر هذه المقدمات الثلاث لا بدّ من بيان أنّ الفهم الإنساني والتّاريخي للوحي والنّص القرآني ينطوي على محاذير كثيرة، منها تطرق أمور من اللغو والباطل في النّص القرآني. كما ذكرنا، يؤمن أبو زيد بتأثير الثقافة، والعلاقات الاجتماعيّة على النّصوص وفي الأساس فإنّ أيّ نص يعكس العلاقات والمعتقدات الثقافيّة للعصر التّاريخي الذي أنشئ فيه النّص، ومن الضروري الذی لایمکن الاجتناب عنه أن ینعکس معتقدات وعلاقات عصر النّص فیه، وإن كانت معتقدات عصر نزول النّص وعلاقاته أو کتابته باطلة وغير حقيقيّة.
فعلى سبيل المثال، نصوص القرآن الكريم التي تتعلق بالسّحر والحسد والجن والشّياطين، وكذلك النّصوص التي تشير إلى جرح العين وبعض التّمائم والتّعویذات مثل سورة الفلق الموجودة في القرآن، مجرد أدلّة تاريخيّة فقط عند القائلین بتاریخیّة القرآن، بمعنى أنّها تشير فقط إلى أنّ أهل عصر النزول كانوا يؤمنون بهذه الأشياء، وليس لديهم أي واقع خارجي يتوافق مع الواقع. وما هذا إلّا تطرق الأمور الباطلة وتطرق اللغو إلی القرآن الذي هو وحي إلهي مقدس ومنزّه من کلّ أمر باطل. لذا ينبغي أن نستنتج أن تحليل النّص القرآني كمنتج ثقافي ونص تاريخي يجعل هذه الكلمة المقدسة غير معصوم من الخطأ واللغو والباطل.
لذلك، يمكننا أن نستنتج أخيرًا أنّه بما أنه من ناحية قبول تأثر القرآن عن ثقافة عصر الوحي، یلزم أن يكون نص القرآن غیر معصوم من الخطأ، ومن ناحية أخرى، المعتزلة القدامى مثل القاضي عبد الجبّار ينفون وجود أخطاء في القرآن لأنّهم يعدّون القرآن كلام الله، ويعتقدون أنّه لا يوجد في كلام الله خبر كاذب أو محتوى مضلل أو إخفاء للحقيقة؛ لأنّ هذه الأشياء قبيحة، والله تعالی منزّه عن فعل الأشياء القبيحة؛ لذلك يمكن القول إنّهم، على عكس المعتزلة الجدد، لا يقبلون تأثر القرآن عن ثقافة عصر نزول الوحي القرآني. وبما أنّ القاضي عدَّ أنّ العلاقة بين اللفظ والمعنى هي علاقة جعليّة، ورفض أي تفسير وتاویل للكلام الذی لایکون له علاقة مع ظاهر الکلام؛ فيمكن القول بحسب كلامه إنّه لا يعدُّ التّفسير الحديث، والعصري للنّص ولایقبله أبدًا لأنّه تؤدي إلى إنكار العديد من ظواهر الکلام الإلهي.
3- المقارنة والنّقد: إنّ تحليل حامد أبي زيد لنص الوحي فيه إشكاليات كثيرة، وفي هذا القسم نحاول بيان إشكاليّات هذه النّظرية من خلال آراء القاضي عبد الجبّار.
3-1- تطرق الأمور الباطلة إلی القرآن: إنّ تلاوة أبي زيد التي جعلت نص الوحي نصًّا إنسانيًّا وتاريخيًّا، ما يجعل الأشياء الباطلة تجد طريقها إلى القرآن. إذ عندما نعتقد أن الثقافة والمجتمع يؤثران على النّص وفي الواقع نعدُّ النّص القرآني انعكاسًا لخليط من المعتقدات الصحيحة، والكاذبة لأهل ذلك العصر وإذا اعتقدنا أنّ المؤلف من النّص اضطر إلى اتباع هذه المعتقدات وتكلم بها؛ فعلينا أن نتقبل أن الأشياء الباطلة الموجودة في تلك المعتقدات تجد طريقها إلى النّص القرآني، وأنّ الله مجبر على أن ينزل الوحي على نبيه بموجب هذه المعتقدات.
هذا على الرّغم من أنّ القاضي عبد الجبّار، بوصفه من المعتزلة، يرى أن الوحي القرآني منزّه عن تطرق أيّ أمر باطل وضلال ولغو إلیه، ويثبت ذلك من وجهة نظر العقل والمنطق من جانب ومن وجهة نظر الأدلّة النقلیّة من جانب آخر. ويرى أنّه إذا وجدت المعرفة بفاعل القرآن ومنزله، وعلم أنّه حكيم، واعتقد أنّ الحکیم لا يختار الفعل القبیح؛ ينبغي التّسليم أنّ الكذب والإلغاء لا يجوز له. ولذلك ينبغي أن نستنتج أنّ القرآن مملوء بالحق الخالص وليس فيه أي باطل. هذا على الرغم منّ أنّ القرآن نفسه ينفي بشكل واضح وصریح أي كذب في القرآن(21) .
لایخفی أنّ مقاله الأخير يشير إلى الآيتين 41 و 42 من سورة فُصّلت التي یعلن الله تعالی فیها بصراحة تامّة أن القرآن منزّه من أي شكل من أشكال الباطل:﴿ إِنَّ الَّذينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جاءَهُمْ وَ إِنَّهُ لَكِتابٌ عَزيزٌ، لا يَأْتيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَ لا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزيلٌ مِنْ حَكيمٍ حَميدٍ﴾ .
3- 2- نفي وجود القرآن السّابق: يعبّر أبو زيد في كتاباته، عن القرآن مرارًا وتكرارًا أنّه “منتج ثقافي” ويؤكد أنّ النّص الدّيني يتأثر بالواقع الثقافي والاجتماعي. مثل هذا التّفسير لا يتوافق مع الاعتقاد بوجود سابق وفوق لفظي للوحي، وأبو زيد مع اعتقاده بالأصل الإلهي للقرآن، ينكر أي وجود سابق للقرآن ولا يقبل أن يكون القرآن المنزل على النّبي ذو مراتب وجودیّة روحانیّة فوق هذا العالم المادي، وأن یکون ما نزل عليه هو نتيجة النزول من تلك المستويات العالیة الوجودية.
يكتب أبو زيد في هذا السّياق:”النّص القرآني في جوهره نتاج ثقافي؛ أيّ أنّ هذا النّص قد تشكل في هذا الواقع وهذه الثقافة منذ أكثر من ثلاثة وعشرين عامًا. وحيثما تكون هذه النقطة مؤكدة ومسلمة، فإنّ الإيمان بوجود ميتافيزيقي وسابق للقرآن هو محاولة لتغطية هذه الحقيقة، وإلغاء إمكانيّة المعرفة العلميّة لظاهرة النّص القرآني. إنّ الإيمان بالأصل الإلهي للقرآن، وعدم الإيمان بوجود سابق لوجوده الموضوعي في الثقافة والواقع، مشكلة لا تتعارض مع فحص النّص القرآني من خلال معرفة الثقافة التي ينسب إليها القرآن” (22).
وأمّا القاضي عبد الجبّار فهو في خصوص هذه الآية: ﴿ الر كِتابٌ أُحْكِمَتْ آياتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكيمٍ خَبيرٍ ﴾ (هود/1) يقول: “إن الله تعالى كتب القرآن في لوح محفوظ، ثم أنزله على الرسول (ص)” تفصيلًا لا جملة واحدة، وكان ذلك للنفعيّة ورعایة لمصلحة العباد (23).
ويتوافق كلام القاضي عبد الجبّار في تفسير هذه الآية مع آيات قرآنية أخرى، مثل:
﴿ِإنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ فِي كِتابٍ مَكْنُونٍ لا يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ﴾ (واقعه/80-78) فإنّ الآیة تصرح بکون القرآن نزل من مقام شامخ. ﴿بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ﴾(بروج/22-21). ﴿إِنَّا جَعَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتابِ لَدَيْنا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ﴾. (زخرف/ 4-3). وتدلّ هذه الآيات على أن القرآن المنزل له أصل أعلى ومرتبة، وجودیّة علیّا من القرآن الملفوظ الذی بأیدینا، وأنّه ينزل تدريجيًّا من هناك.
ويتوافق كلام القاضي مع القواعد الفلسفيّة أيضًا؛ لأنّه ثبت في الفلسفة أنّ كل كائن مادي له مستويات أعلى من الوجود في عالم المثال والعقول المجردة، وهذا ما يشيرون إليه في الفلسفة بهذا الاصطلاح: تطابق عوالم الوجود. يقول الملا صدرا في هذا الصدد: ” العوالم متطابقة، فما وجد من الصفات الكماليّة في العالم الأدني يكون في العالم الأعلى علي وجه أعلي وأرفع وأبسط وأشرف “(24) وعلى هذا الأساس العقلي، يتصور للقرآن مستويات علیا ووجودات فوقانیّة التي تشكل الحقائق السّاميّة لهذا القرآن المنزل الذي بأیدینا. على أيّة حال، فإنّ الادعاء أنّ القرآن إنّما هو نتاج أحداث وحقائق ثقافيّة واجتماعيّة في عصر الوحي وليس له هوية سابقة هو أمر مخالف للأدلة العقلیّة والنقلیّة.
3-3- نفي وجود بعض الأمور الغيبيّة في القرآن: ويظهر في كثير من مؤلفات أبي زيد إنكار الوجود الموضوعي، والحقيقي لأشياء مثل السّحر والجن والشّياطين والتّمائم ونحو ذلك مما ورد في القرآن، ويوضح أبو زید ویصرح أنّ مثل هذه الأشياء ما دخل في القرآن إلّا لاعتقاد النّاس بها في زمن رسول الله (ص) ولا يعدُّ إلّا أدلة تاريخيّة، وهي مرتبطة بالماضي ولا تحتوي على رسالة للإنسان المعاصر الذي رفض الاعتقاد بهذه الأمور ونأى بنفسه عن هذه المعتقدات. ولایمکن استمداد المعنی من أمثال هذه النّصوص حتی في شکل تأویل مجازي (25).
ولكن جمهور المفسرين خلافًا لأبي زید لم يتناول النفي العام لهذه الأمور على هذا النّحو؛ لأنّهم لم یکتفوا بمساعدة التّجريبيّة والعلم الحديث فقط. لذا فإنّ القاضي عبد الجبّار كغيره من المفسرين، لا ينفي شيئًا من هذه الأمور. فمثلًا في خصوص آية 102 من سورة البقرة: ﴿وَاتَّبَعُوا ما تَتْلُوا الشَّياطينُ عَلى مُلْكِ سُلَيْمانَ وَ ما كَفَرَ سُلَيْمانُ وَ لكِنَّ الشَّياطينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النّاس السِّحْرَ وَ ما أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبابِلَ هارُوتَ وَ مارُوتَ وَ ما يُعَلِّمانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّما نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُما ما يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَ زَوْجِهِ وَ ما هُمْ بِضارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ ِ وَ يَتَعَلَّمُونَ ما يَضُرُّهُمْ وَ لا يَنْفَعُهُمْ وَ لَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَراهُ ما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ وَ لَبِئْسَ ما شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ﴾؛ يبيّن أنواع السّحر: منها السّحر الذي يعدُّ كفرًا، كإحياء الموتى بالحيلة ونحوها؛ ويقضي بقتل كلّ من يعترف بهذا النوع من السّحر. ومنها السّحر الذی لا يعدُّ كفرًا، كالشّعبذة التی لا تُعدُّ إلا خطيئة ومعصیة (26).
وينبغي أن يُسأل أبو زيد كيف ينفي هذه الأشياء بناء على التّجربة والحسّ الظاهري؛ بينما الكائنات الميتافيزيقيّة المذكورة جميعها في القرآن لاتقبل التّجربة الحسيّة، فكيف يمكن التّمييز بين هذه الكائنات التي يكون بعضها منفيًا تمامًا، والبعض الآخر مثل وجود الله والملائكة والجنة والنّار والحیاة بعد الموت وغيرهم الكثير الذی وجب قبوله والإیمان به؟
النتائج: وما جاء في هذا المقال يمكن استنتاج أنّ آراء أبي زيد وقاضي عبد الجبّار حول تاريخيّة النّص القرآني متعارضة. ومن وجهة نظر أبي زيد فإنّ النّص القرآني هو “منتج ثقافي” في جوهره؛ أيّ أنّ هذا النّص قد تشكّل في سياق واقع الثقافة، والمجتمع خلال مدّة تزيد على ثلاثة وعشرين عامًا. ولذلك فإنّ الاعتقاد بوجود مقدس وميتافيزيقي ومحدد لهذا النّص هو محاولة لتغطية جانبه الثّقافي، والتّاريخي وسدّ إمكانيّة الفهم العلمي لهذه الظاهرة.
ومن ناحية أخرى، فقد ذكر أن تأثر القرآن عن ثقافة عصر نزوله تقتضي قابليّة النّص القرآني لوجود الخطأ فیه، بینما المعتزلة القدماء مثل قاضي عبد الجبّار ينفي وجود أخطاء في القرآن؛ لأنّهم يعدُّون القرآن كلام الله، ويعتقدون أنّه لا يوجد في كلام الله خبر كاذب أو محتوى مضلل أو إخفاء للحقيقة؛ لأنّ هذه الأشياء قبيحة، والله يكره فعل الأشياء القبيحة ولایختاره. لذلك، ومع الأخذ في الحسبان عدم اعتقاد المعتزلة بقابليّة القرآن للخطأ، يمكن القول إنّهم على عكس المعتزلة الجدد، لا يقبلون تأثر القرآن عن ثقافة الأمّة عصر الوحي بهذا الشکل. أیضًا عدّ القاضي عبد الجبّار العلاقة بين اللفظ والمعنى علاقة جعلیّة، ورفض أي تأویل غير مرتبط ظاهريًّا للكلمة، فيمكن القول بحسب كلامه إنّه لا يقبل التّفسیر والتّأویل في الحالات التي يؤدي فيها التّفسير الحديث والعصري للنّص إلى إنكار العديد من ظواهر النّص.
الهوامش
- أستاذ مساعد في قسم الفلسفة والکلام الإسلامي بجامعة أصفهان، إيران.
Assistant Professor in the Department of Philosophy and Islamic Theology- University of Isfahan, Iran.
-2 ماجستير في الفلسفة والکلام الإسلامي من جامعة أصفهان، إيران.
Master’s degree in Philosophy and Islamic Theology- University of Isfahan, Iran. .Email: Alimoazeni1365@gmail.com
-3واعظي،1389 ش: 41.
-4 على سبيل المثال: واعظي، 1389 ش؛ قائمی نیا، 1390 ش.
-5 واعظي، 1389 ش: 44.
-6 أبوزيد، 2007 م: 188.
-7 أبوزيد، 1387 ش: 505.
-8 أبوزيد، 2008 م: 28.
-9 أبوزيد، 2007 م: 210.
-10 أبوزيد، 2007 م:198.
-11 واعظي، 1389 ش: 48.
-12 عبد الجبّار، 1386ق: 488.
-13 عبد الجبّار، 1965 م: 6/363-364.
-14 المرجع نفسه: 15/ 200.
-15 المرجع نفسه: 15/171.
-16 المرجع نفسه: 15/ 200.
-17 المرجع نفسه: 16/ 342.
-18 عبد الجبّار، دون تاریخ: 2.
-19 المرجع نفسه: 38.
-20 المرجع نفسه: 2.
-21 عبدالجبّار، دون تاریخ:2.
-22 أبوزيد، 1387 ش: 68.
-23 عبد الجبّار، 1426 ق: 181.
-24 صدرالمتألهين 1366 ش: 289.
-25أبوزيد، 2007 م:203.
-26 عبد الجبّار، 1386 ق: 102.
المصادر
- القرآن
- ابو زید، نصر حامد،(1387 ش)، معنای متن: پژوهشی در قرآن، ترجمة مرتضی کریمی نیا، طهران: طرح نو.
- ___________،(2007 م). فلسفة التأویل؛ دراسة فی تأویل القرآن عند محیي الدین بن عربي، بیروت: المرکز الثقافی العربی.
4.___________،(2008 م). مفهوم النّص: دراسة فی علوم القرآن، بیروت: المرکز الثقافي العربي.
.5___________،(2007 م). نقد الخطاب الدیني، بیروت: المرکز الثقافي العربي.
- صدرالمتألهین،(1366 ش).شرح اصول کافی، طهران: مؤسسه مطالعات و تحقيقات فرهنگی.
- عبد الجبّار المعتزلي، قاضي ابن الحسن الأسدآبادي، (1426 ق). تنزيه القرآن عن المطاعن، بيروت: دار النهضة الحدثية.
- ____________________________،(دون تاریخ). شرح أصول الخمسة، قاهرة: مكتبة الألوهية.
- ____________________________،(1965م). المغني فی ابواب التوحید و العدل، مصر: دون مکان.
- _________________________،(1386ق). متشابه القرآن، قاهرة: مکتبة دار التراث.
- قائمی نیا، علیرضا (1390 ش). نقد تاریخیت قرآن، مطالعات تفسیری، شماره 6، ص9.
- واعظي، أحمد،(1389 ش). نقد تقریر نصر حامد ابو زید از تاریخمندی قرآن، قرآن شناخت، شماره: 6، ص41.