foxy chick pleasures twat and gets licked and plowed in pov.sex kamerki
sampling a tough cock. fsiblog
free porn

أهمية العلوم الاجتماعيّة في تأهيل الطلاب للعمل التّنموي

0

عنوان البحث: أهمية العلوم الاجتماعيّة في تأهيل الطلاب للعمل التّنموي

اسم الكاتب: كيتا يوسف يوسف

تاريخ النشر: 12/09/2024

اسم المجلة: مجلة أوراق ثقافية

عدد المجلة: 33

أهمية العلوم الاجتماعيّة في تأهيل الطلاب للعمل التّنموي

The importance of social sciences in student’s qualifications for development work

 كيتا يوسف يوسف([1])Guitta Youssef Youssef

تاريخ الإرسال:1-7-2024                     تاريخ القبول:9-7-2024

كيتا يوسف يوسف

مستخلص البحث

يهدف هذا البحث الى تسليط الضوء على أهمية العلوم الاجتماعيّة، ودورها في تأهيل الطلاب للعمل التنموي، من خلال  دراسة واقع معهد العلوم الاجتماعيّة (الفرع الثالث) وأهميته  في مختلف اختصاصاته، وبالأخص بعد  إطلاق نظام الLMD وضم حقول جديدة للائحة الماستر المهني التي استحدثها، ومعرفة مدى إسهاماته  في تمكين طلابه، وتأهيلهم للولوج الى سوق العمل وذلك باعداد جيل من الباحثين القادرين وتنميتهم على الارتقاء بالمجتمع من خلال تدريبهم على كتابة البحوث، والدراسات التي تشكل إحدي قاطرات تنمية وتطوير المجتمع، إذ إنّه لا يقتصر فقط على الأطروحات النّظرية بل يعمل أيضًا على دمجها بالشقّ التّبيقي والبحث العملي، والحقلي وذلك لمحاكاة الواقع المعاش ومعالجة المشاكل التي يواجهها والتّوصل الى إيجاد حلول ملائمة للنّهوض به والتي تساعد على على بناء الإنسان ماديًّا ومعنويًّا.

الكلمات المفتاحيّة: معهد العلوم الاجتماعيّة – العمل التّنموي – التّنمية المستدامة.

Abstract

This research aims to highlight the importance of social science and its role in qualifying students for development work, by studying the reality of the Institute of Social Sciences (Section III) with different competencies and relevance, in particular, after the launch of the LMD system and the incorporation of new fields of the professional master’s regulation developed by it and the extent to which it has contributed to enabling and qualifying students to enter the labour market. This is possible  by preparing a generation of researchers capable of improving society by training them in writing research and studies and their development, as it is not limited to theoretical theses but also integrates them with applied, practical and field research in order to simulate the living reality, address the problems it faces and find appropriate solutions for its advancement, which help to build the human being physically and morally.

 Keywords: Institute of Social Sciences – Development sustainable.

المقدمة

احتل موضوع التّنمية البشريّة المستدامة أهمّية كبيرة بالنسبة إلى صناع القرار، والباحثين الاقتصاديين والاجتماعييين العاملين في مجالات التّنمية كافة، منذ موجة استقلال الدّول السّائرة في طريق النّمو، أي منذ العقود الأخيرة من القرن العشرين وحتى الآن، إذ يتناول مختلف أوجه التّنمية الاقتصاديّة والاجتماعيّة والسياسيّة والبيئيّة. ففكرة التّنمية صُدِّرت من بلدان الغرب نحو البلدان النّامية الآخذة في النمو التي تبنتها خلال مرحلة النّشوة بالاستقلال. وأحرزت هذه الفكرة “انتشارًا واسعًا ابتداء من الستينيات، فاستعملت كنواة أساس للايديولوجيات السياسيّة، وبرامج الحكم في بلدان العالم الثالث كافة. لا سيما أنّ الأخيرة ، خرجت من الاستعمار وهي تعاني من واقع أليم ومشاكل اجتماعيّة ضخمة. وأصبح علم التّنمية مرتبطًا بدراسة العالم الثالث أو العالم المتخلف” (سعاد، نور الدين، صفحة 30).

وتُعنى التّنمية البشريّة المستدامة بتوسيع خيارات النّاس التي تنتج عن توسيع قدراتهم، و تحسين طرق ممارستهم من أجل الحصول على الموارد الأساسيّة وتأمين مستوى معيشي لائق وحياة كريمة وصحيّة. وتشمل العناصر المرتبطة برفع مستوى الإنسان فكريًّا وثقافيًّا واقتصاديًّا والتي تجعل منه عضوًا اجتماعيًّا كفوءًا على المستويين الفكري والمادي، قادرًا على تمثل عناصر التّنمية الاقتصاديّة والحضاريّة وإعادة  إخراجها وانتاجها انتاجًا مبدعًا متجددًا (الأسعد، محمد مصطفى، 2000، صفحة 13)، لضمان  وجودنا الاقتصادي والاجتماعي. ولتحقيق التّنمية، وتطوير الثروات والخيرات للشّعوب بشكل مستدام ، فلا بدّ من الاستثمار في الثروة البشريّة من خلال إتاحة أفضل الفرص الممكنة، لوصول الانسان الى العلم والمعرفة والاستفادة من طاقاته، ومواهبه المتاحة من أجل تحقيق مستوى رفاهية ومعيشة أفضل للمجتمع، إذ إنّها تشكل أحد ركائز التّنمية فتؤدي دورًا جوهريًّا  في  تقدم الأمم، وتراجعها، وتعمل على دراسة الحاضر وصياغة خطط المستقبل وتوجهاته، وذلك بإيجاد حلول للمشاكل التي يواجهه المجتمع اليوم أو المتوقعة  في المستقبل. ولذلك يجب التركيز على أهمية الاستثمار في الرأس المال البشري لجهة تعليمه وتدريبه، وبالأخص في ما يتعلق بنوعيّة التعليم ومدى انتشار الثقافة والمعرفة، ودورهم في بناء تنمية بشرية مستدامة. فالإنسان  بحد ذاته هو الرأس المال الحقيقي لأيّ أمّة إذ إنّه يُعدُّ الوسيلة الأساسيّة لتحقيق تنمية مستدامة وفاعلة والهدف الأساس منها، تشكيل منطلق التّنمية وغايتها، وينظر اليها على أنّها وسيلة في تحقيق الثروة للأمم باستدامة، فتعمل على  تلبية حاجات المجتمع الأساسية والملحة، من الجوانب الاقتصاديّة والاجتماعيّة والبيئيّة والثقافيّة كافة.

ونظرًا الى أهمية عناصر العلم المعرفة واكتساب لتطوير المجتمعات، والعمل المؤسساتي التي تعدُّ بوابة العبور الى مستويات التقدم، والرقي التي تنعكس على تطور المجتمع بأسره وعلى جوانب أعمال وممارسات الإنسان كافة، فكان لا بدّ من التّطرق الى أهمية معاهد اليوم وجامعاته ودورها التي تقوم بدور الرّيادي اتجاه المجتمع. وفي طليعة هذه المؤسسات معهد العلوم الاجتماعيّة الذي أدّى دورًا محوريًّا على صعيد التّنمية، إذ إنّه لم يقتصر فقط على تنمية الموارد البشريّة التي يخرجها، بل ينهض بجناحيه الأكاديمي والبحثي أيضًا لضمان جودة الإنتاج العلمي ونشر معرفة، كما أنّه ينشط بدور ريادي في تقديم المساندة العلميّة، والمعرفيّة من خلال الأبحاث والدراسات المنجزة من طلابه المزودين بالكفاءات العلمية، والمعرفة والمهارات التي تمكنهم من مواجهة التّحديات، والقيام بالتّغيير اللازم والمطلوب بهدف الارتقاء بالمجتمع.

أهداف البحث: جاءت أهداف هذا البحث  لدراسة العلاقة الجدليّة بين العلوم الاجتماعيّة والتّنمية المستدامة من خلال تبيان تاريخ نشأتهما، ومعرفة العلاقة المتبادلة بين انتشار كل من العلوم الاجتماعيّة والتّنمية البشريّة المستدامة.

ولتسليط الضوء على أهمية معهد العلوم الاجتماعيّة ودوره في مختلف مجالات التّنمية المستدامة، من خلال دراسة واقع وأهمية معهد العلوم الاجتماعيّة (الفرع الثالث) ومعرفة مدى اسهاماته التنموية في تأهيل طلابه للعمل التنموي والولوج الى سوق العمل اللبناني، وبالأخص بعد إطلاق نظام الLMD وضم حقول جديدة للائحة الماستر المهني التي استحدثها المعهد، وذلك لتلبية احتياجات المجتمع والجمعيّات والشركات العاملة في مختلف قطاعات التّنمية التي تنفذ مشاريعها في ضوء مخرجات العلوم الاجتماعيّة التّطبيقيّة والحقليّة. وكذلك أيضا التأكيد على  مكانته في اعداد، جيل من الباحثين القادرين وتنميتهم على الارتقاء بالمجتمع من خلال الاختصاصات الموجودة فيه ومساعدة طلابه في  كتابة البحوث والنّهوض بالدّراسات المستقبليّة التي تشكل إحدى قاطرات التّنمية والتطوير، إذ إنّه لا يقتصر فقط على الأطروحات النّظريّة بل يعمل أيضًا على دمجها  بالشّق  التّطبيقي،  والعملي والبحث العملي والحقلي وذلك لمحاكاة الواقع المعاش، ومعالجة المشاكل الآنيّة والمستقبليّة التي يواجهها والتّوصل الى إيجاد حلول ملائمة للنّهوض به التي تساعد على تطوير المجتمع وتقدّمه.

وبالإضافة الى ذلك لا بدّ من التّنويه الى حداثة الموضوع الذي يدور حوله هذا البحث، إذ إنّه لم يُتطرّق اليه أو يُكتَب عنه. على أمل أن يضفي هذا البحث العلمي شيئًا جديدًا من المعرفة العلميّة غير المكشوف عنها مسبقًا.

ولتحقيق أهداف البحث المنشودة، يمكن تقسيمه الى مقدمة وأربعة محاور وهي على الشكل الآتي:

  • أهمية العلوم الاجتماعيّة
  • العلاقة الجدليّة بين معهد العلوم الاجتماعيّة والتّنمية المستدامة.
  • أهميّة معهد العلوم الاجتماعيّة في تأهيل الطلاب للعمل التنموي.
  • واقع معهد العلوم الاجتماعيّة -3-.

إشكاليّة الدّراسة: إنّ فكرة انشاء معهد العلوم الاجتماعيّة جاءت للنهوض بالبلد وإعادة إعماره من جديد، من خلال وضع  خطط عمل، وتنفيذ برامج ومشاريع تنموية ملحّة، وبالأخص بعد معاناته من أحداث قاسية ومؤلمة، وتعرضه لحروب داخلية مريرة  أدّت الى تراجعه وتدهوره. فَزُوِّد المعهد ببرامج تعليميّة ومواد ، منها ماهو نظري أو تطبيقي أو حقلي، ذات علاقة بطبيعة المشاريع، والأعمال التنموية المقترحة لتنمية المناطق المهمّشة والنائيّة والمتضررة نتيجة الحروب المتتالية التي تعرّضت لها.

تؤدي العلوم الاجتماعيّة، اليوم،  دورا بارزا في عملية التطور العلمي، والمعرفي والتي تعدُّ حاجة وطنيّة ملحّة إذ إنّها تشكّل إحدى الركائز التي وضعت لتحقيق عملية التّنمية المستدامة والارتقاء بالمجتمع اللبناني، خاصة أنّه يمرّ بمرحلة تغيير كبيرة على كافة الأصعدة، وهو يحاول جاهدا الى تنفيذ أهداف أجندة التّنمية المستدامة 2030 من خلال مواجهة الصّعوبات، والتّحديات التي تواجهه وذلك عن طريق الاستعانة بباحثين وطلاب من خريجي معهد العلوم الاجتماعيّة، المؤهلين للعمل في مختلف مجالات التّنمية والانخراط في سوق العمل. فالمرتكزات التي يضمها المعهد اليوم من  كوادر بشرية، واختصاصات ودراسات وأبحاث علميّة وأكاديميّة، تعطينا فكرة واضحة عن مدى دوره في تحقيق التّنمية المستدامة، إذ إنّها تعكس أهميته العلميّة، ومكانته البحثيّة في تحقيق الرقي والتّقدم في مختلف مجالات الحياة، ودوره المهم في مواكبة مستجدات العصر الحديثة  من خلال البرامج، والمواد التّعليميّة أو الماسترات المهنيّة التي أطلقها حديثًا والتي  تهدف جميعها الى مواكبة متطلبات المجتمع اللبناني المعاصر.

وفي ظل الأوضاع الاقتصاديّة والاجتماعيّة المتردّية التي يشهدها البلد اليوم على المستويات جميعها، فلا بدّ من “فهم علمي شامل وعميق للواقع الاجتماعي وظروفه وطبيعة العلاقات، والتّفاعلات الناتجة عنه، ولا مفر من العلوم الاجتماعيّة، فهي ضرورة حتميّة ، كما هي الأبحاث والنّظريات والمفاهيم فيها. ومن أقدر من معهد العلوم الاجتماعيّة في الجامعة اللبنانيّة لكي يقوم بهذا الدّور ويحمل هذه الرّسالة!؟ ” (حطب، زهير، 2019، صفحة 6). انطلاقًا  مما تقدم، يمكن طرح إشكاليّة البحث الآتية: ما هو الدّور الذي يمكن أن تؤديه العلوم الاجتماعيّة في عملية التّنمية المستدامة؟  والى أي مدى يساهم معهد العلوم الاجتماعيّة (الفرع الثالث) من خلال الاختصاصات الأكاديميّة والماسترات البحثيّة، والمهنية التي أُنشئت حديثًا، في تأهيل طلابه للعمل التنموي والولوج الى سوق العمل اللبناني، وبالأخص بعد سنة 2016، أيّ بعد إقرار النظام الداخلي الجديد للمعهد وإطلاق نظام الLMD بمراحله كافة؟

أهميـّـة العلــوم الاجتماعيّة: ارتبط تاريخ تطور العلوم الاجتماعيّة ونموها، بتغييــرات اجتماعيـّة جذريــّة وشــاملة فرضت تطور الإنتاج المعرفي. وأخــذت هذه العلــوم تتكــون فــي الــدّول الصناعيــّة الغربيّــة بشــكل متزامــن مع الثورة الفرنسيّة وبداية الثـورة الصناعيّـة، وزيادة حركة التّمدن والتّوسع الاستعماري، والتلاقي الحضاري بين مختلف المجتمعات، وما نتج عن ذلك تفاقم  العديد من المشاكل وظهور أنماط جديدة من المفكرين مثل سان سيمون وأوغست كونت، وقد كان من  الطبيعي أن تنتشــر هــذه  العلــوم  فـي مختلـف أرجـاء العالـم، وأن تواصل نموها وبالأخص في الدّول التي تواجه تحديات وتشهد تغييــرات مهمة، لا سـيما  منذ النّصف الأخيــر مــن القــرن الماضــي، وذلك للوقوف على احتياجات المجتمعــات دائمــة التغييــر ومتطلباتها، إذ إنّها تهدف الى الحدّ من المشـاكل الاجتماعيّة والاقتصاديّة والبيئيـّة المتعلّقـة بالتّنمية.

وهكذا يمكن القول إنّه توجد علاقة وثيقة بين العلوم الاجتماعيّة والواقع الاجتماعي، ولفهم هذه العلاقة فلا بدّ من الدّلالة على أنّ العلوم الاجتماعيّة، هي بحدّ ذاتها جزء من المحيط الاجتماعي  وأنّها تنبثق منه، فتؤدي دورًا كبيرًا على صعيد المجتمع كما الأفرد داخله، وتُحدِث أثرًا فيه كونها تعنى  بدراسة ثقافة المجتمعات البشريّة، وكذلك العلاقات بين الأفراد، داخل هذه المجتمعات التي تتمثل  بالبحث في مواقف، وممارسات الأفراد داخل الجماعات وتحديد مدى تأثير اتجاهات الفرد وسلوكياته على المجتمع، من حيث أسلوب حياتهم وسلوكهم وطرق تفاعلهم مع الغير، وممارسة عاداتهم وتقاليدهم ومعتقداتهم لأنها تسعى الى تطور المجتمع والارتقاء به، من خلال تسليط الضوءعلى المشاكل والتحديات التي يواجهها، وتسعى الى إيجاد الوسائل المناسبة والطرق لمعالجتها بهدف النّهوض به.

وبذلك تنطلق أهمية العلـوم الاجتماعيّة من فرضيـّة أساسـيّة مفادها “أن الواقــع الاجتماعــي قابــلٌ للفهــم العلمــي. ويعنــي الفهــم العلمــي النّظــر إلــى الظواهــر مــن بعد كاف يَســمح للباحــث أن يتحــرر مــن  ســلطة المســلّمات، وأن يــدرس  الفرضيــات بمنهجيـّـة أكثــر موضوعيــةً ، وأن يحلل الواقــع بنــاء علــى معطيــات قابلــة للإثبــات، وأن يتحلّــى بــروح نقديــة شــاملة. ” (بامية، محمد، 2015، صفحة 6). لذا تنبــع أهميــة العلــوم الاجتماعيّة كمنهجيّة لدراسة واقع اجتماعي معين، وتحليـله بنــاء علــى معطيــات قابلــة للإثبــات وفهمـه بشكل دقيق، وواضح من خلال ملاحظته  والنّظر الى الظواهر مــن مســافة كافيــة، والنّهوض بالدّراسات الميدانيّــة التـي تتطلب من الباحث الانغماس بشكل كامـل في دراسة هذا الواقع لفهمـه، بشكل وواضح ولتكويــن النظــرة العلميـة نحـوه وربطه بمختلَف  التأثيــرات المحليــة والعالمية، ولكـن ليـس الـى درجة الذوبـان به إذ إنّ هذا الأمر يؤدي به الى الابتعاد من  أهداف المسار البحثي، ولا يعكس صورة الواقع المعاش.  وهذا يؤكد  مدى أهمية العلــوم الاجتماعيّة في مساعدة الباحــث على التحلّــى بالموضوعيّة، وبــروح نقديــة شــاملة  من خلال بحثه على الابتعاد قدر المستطاع من أحاديـّـة الرؤيــة، والتّجــرد مــن أفكاره وآرائه الجاهــزة والتّحرر من سلطة المسلمات، والأيديولوجيــات  بشــكلها المبســط  وذلك ليتمكن من دراسة المراحل التي تشـهد تغييــرات تتطلّــب معرفــة خلاقــة، وأكثــر شــمولية ونظــرةً أكثــر عمقًـا مــن تلــك التــي توفّرهــا نُظــم ُ معرفيــّة كانــت مناسِـبة لمراحــل ســابقة.

في ظل المتغيرات العالميّة التي يشهدها العالم اليوم، تتعاظم أهمية العلوم الاجتماعيّة في تنمية المجتمع  كونها حقلًا لانتاج الفكر والمعرفة واقتراح الحلول لمختلف المشاكل والتحديات التي يواجهها، إذ إنّها تشكّل أداة للتخطيط ومحركًا رئيسًا  لعملية التغيرات الاجتماعيّة نحو التقدم، والرّقي وذلك لتحقيق عملية التّنمية المستدامة، بوصفها تنطلق من الفرد لتعود اليه، إذ إنّه يعدُّ موضوع دراسة له خصائصه ومميزاته العلميّة.

ونظرا الى أهمية البحث العلمي الذي يمكن تعريفه أنّه السّبيل الأصح والأقرب لاكتساب المعرفة، تستوي في تلك الأهمية التّخصصات العلميّة التّطبيقيّة، والإنسانيّة لأن المجتمع لا يستغني من جوانب المعرفة حفاظًا على توازنه وإشباع حاجاته الماديّة والمعنويّة.” (سباط، حسام محمد سعد، 2013، صفحة 33). إذ إنّ “كلّ من العلمين الإنساني والتّطبيقي يصب في خدمة الإنسان، إلّا أنّ الأول ينطلق من فكر ووجدان هدفهما التأثير بالآخرين، توجيها واقتداء أو تأثيرًا وتأثرًا. وأمّا الآخر فقوامه إيجاد المخترعات التي توفر سبل الراحة ورفاهية الإنسان. 79 (عثمان، رياض، 2013، صفحة 79) . ولذلك لا يصح الاهتمام بالعلوم الطبيعيّة والتّطبيقيّة على حساب العلوم الاجتماعيّة والإنسانيّة.

واذا كانت الأولى تعدُّ وسيلة مهمة لتطور المجتمعات نحو التقدم التّقني، والتكنولوجي في العصر الحالي والذي هو عصر المعلوماتيّة والتّقنيّة، إلّا أنّ إحداث عملية التّنمية التّغيير الإيجابي المطلوب في المجتمع لم يعد يقتصر عليها فقط، بل أصبحت العلوم الاجتماعيّة تشكل قاسمًا مشتركًا معها في عمليّة التّغير، خاصة أنّ العالم الذي يحاوطنا ونعيش فيه اليوم هو سريع التّغير، وقد شهد عدة تغييرات مهمّة أدّت الى إحداث تحولات سريعة ومفاجئة اجتاحت الكثير من ظواهر الحياة الموجودة على سطح الأرض. الأمر الذي دفع بالعلوم الاجتماعيّة على مساعدة الإنسان المعاصر بتعديل نظرته إلى الواقع الجديد المعاش من خلال البحث عن الطرق، والوسائل الممكنة لتحريره من القيود التي تعرقل حياته، ولمساعدته على تحقيق ذاته والقدرة على التّعامل مع التّحديات التي تواجهه.

العلاقة الجدليّة بين معهد العلوم الاجتماعيّة والتّنمية المستدامة: توجد علاقة جدليّة ووثيقة بين التّنمية المستدامة والعلوم الاجتماعيّة لجهة الشّمولية، وتاريخ النّشأة إذ إنّ كلاهما يحتلان أهميّة كبيرة في حياة الفرد، فلا تقتصرا فقط على مجال معين بل  تهدفان الى البحث في الأمور والقضايا المتعلقة في المجتمع ككُل من مجالات الحياة الاقتصادية والاجتماعيّة والثقافيّة كافة، وتهتمان أيضًا بدراسة الإنسان وتحليل علاقته بالمحيط الاجتماعي المحيط به، وذلك للسّعى الى تطور المجتمع والارتقاء به من خلال جمع البيانات والاحصاءات الاجتماعيّة بهدف تحليله، أو كشف التّحديات والمشاكل التي تواجهه وتؤدي الى تخلفه وتراجعه، مع محاولة إيجاد الحلول المناسبة للتّخلص منها والنهوض به.

وبعدما احتلت العلوم الاجتماعيّة أهمية كبيرة فــي الــدول الصناعيـّـة الغربيـّـة، كان  من البديهي أن تنتشــر فــي باقــي دول العالــم، وبالأخص في الدّول التي  شهدت تحديات وحروب وتغييــرات مهمة، وقد “أدى تطور العلوم الاجتماعيّة في علم الاجتماع والاقتصاد، والسياسة خلال النّصف الثاني من القرن العشرين دورًا مهمًّا في توجه صانعي القرارات والسياسات نحو الاستعانة بالعلوم الاجتماعيّة” (زريق، ايليا، 2020، صفحة 62)، ســواء لزيادة قدرة الشّــعوب فــي تقريــر مصيرهــا  أو لتحســين أوضــاع الفئــات المهمّشــة  ومساعدتها للحصول على حقوقها الأساسيّة، أو للتخفيــف من حــدة الأزمات والحروب وغيرها من الأمور المتعلقة بالتّنمية. فأخذت تحتل  مكانة  كبيرة لدى علماء الاجتماع العرب المحليون الدارسون في الغرب ، وبالأخص بعد نيل لبنان استقلاله السياسي، وقد أخذت النخب الحاكمة والباحثين في علم الاجتماع  في إجراء المسوحات والدّراسات الاستطلاعيّة والاحصائيّة بغية كشف قضايا ومسائل الناس، والأخذ بآرائهم العامة، وكذلك أيضًا في استخدام المنهجيات والتّقنيات في البحوث التّطبيقيّة وذلك لتلبية الحاجات والمتطلبات البيروقراطيّة والتّعليميّة في الدول الوليدة .

وبذلك تؤدي العلوم الاجتماعيّة دورًا بارزًا في عمليّة التّنمية المستدامة، فهي تشكّل إحدى الرّكائز الأساسيّة للنهوض بالمجتمع، ولتحقيق التّطور والتّقدم العلمي والمعرفي. ويمكن إرجاع بدايــة نشأتها بشكلها المعاصــر فــي لبنان، والبلدان العربــية إلــى القرن العشرين لجهة مقاربتهــا ِبشــكل مؤسســاتي، أيّ مــن ناحيــة تاريخ إنشــاء جامعات متخصصــة ومعاهد في هذا المجال، وتزامنا مع ذلك، احتلت فكرة التّنمية المستدامة أهمية كبيرة في بلدان العلم الثالث التي خرجت من الاستعمار، وهي تعاني من واقع أليم ومشاكل جسيمة على المستويات كافة. لذلك لا مفرّ من العلوم الاجتماعيّة للارتقاء بالمجتمع إذ إنّها تهدف الى دراسة الواقع الاجتماعي بشكل علمي شامل، وعميق وفهم ظروفه وطبيعة العلاقات والتفاعلات الناتجة عنه من أجل التّوصل الى الحلول المناسبة لمعالجة المشاكل والعقبات التي يواجهها.

وعقب مرحلة الاستقلال ازداد عدد الطلاب المتخرجين من المدارس الرّسميّة، عندها برزت الحاجة الى إنشاء جامعة وطنيّة رسميّة مجانيّة تؤمن التّعليم للطلاب غير القادرين على متابعة تحصيلهم الجامعي في الجامعات الخاصة. فبدأت المطالبات الشّعبيّة والمظاهرات الطلابيّة ينادون باستحداث جامعة وطنيّة، عندها اضطرت السلطة الى الرضوخ لمطالبهم. وكانت “نهاية الخمسينيات من القرن العشرين بداية انطلاقة الجامعة الوطنية وقد تأسست سنة 1959 ثلاث كليات هي: كلية الآداب، وكلية العلوم وكلية الحقوق…كما تأسس في العام نفسه معهد جديد هو معهد العلوم الاجتماعيّة” (الأسعد، محمد مصطفى، 2000، صفحة 22). وأُنشئ هذا المعهد “بمبادرة من السّلطة الحاكمة في بداية العهد الشّهابي الذي استعان ببعثة “أَرفد” لدراسة الأوضاع الاجتماعيّة – والاقتصادية، ووضع خطة تنمية شاملة للبنان. هذه البعثة نفسها اقترحت، من بين اقتراحات عديدة، إنشاء معهد العلوم الاجتماعيّة لمواكبة قضايا التّنمية” (موسوي، علي، 2015، صفحة 84) في لبنان والبلدان العربيّة.

ونظرًا إلى المهام الكبيرة التي أوكلت إلى المعهد، وللدور الوطني المنوط به بموجب توصية بعثة “أَرفد” التي حملته مهمة إعداد وتأهيل كادرات بشرية من طلاب، ودكاترة وباحثين متخصصينَ في قضايا العلوم الاجتماعيّة وشؤونِ المجتمع اللبناني كافة، وضعت فكرة إنشاء هذا المعهد كخطوة أساسيّة للنهوض بالبلد، واعادة إعماره من جديد من خلال وضع خطط عمل تنموية شاملة، وكآداة علمية فعالة وقادرة على تأمين كادرات بشرية من أصحاب الكفاءات، والمهارات القادرين على النّهوض بعملية التّنمية المستدامة، وعلى “انتاج المعرفة في المجالين الاقتصادي والاجتماعي، وتشجيع المتخرجين من  الطلاب للإنخراط في تنفيذ المشاريع والأعمال الكبرى من جهة أخرى. وجاء تأسيس المعهد أيضًا لتحريك مختلف القطاعات الاقتصاديّة والحرفيّة العامة والاجتماعيّة” (حطب، زهير، 2019، صفحة 72).  ولدراسة  انعكاس المتغيّرات وتداعياتها على المجتمع اللبناني، وأنماط سلوك الناس وتصرفاتهم  والبحث عن المشكلات والتحديات التي يواجهها، بغية المساهمة في توفير المعطيات من أجل وضع خطط عمل لمعالجتها، واتخاذ الإجراءات اللازمة للتعامل معها. فزُوِّد المعهد ببرامج تعليميّة ومواد تطبيقيّة، منها ماهو نظري أو حقلي، ذات علاقة بطبيعة المشاريع والأعمال التنموية المقترحة لتنمية المجتمعات، والمناطق المهمّشة والنائية المتضررة نتيجة الحروب المتتالية التي تعرّضت لها، ولتأمين ظروف إيجابيّة وتسهيل تنفيذ برامج ومشاريع تنموية ملحّة، وبالأخص بعد معاناة المجتمع اللبناني من أحداث قاسية ومؤلمة نتيجة تعرضه لحروب داخلية مريرة  أدّت الى تراجعه وتدهوره.

وللتوصل إلى إحداث تغيّر إيجابي مرغوب به في المجتمع، لا بدّ من الاطلاع على العلوم الاجتماعيّة ودراستها، وفهمها والتي من شأنها تزويد المجتمع والمؤسسات بعدد من خريجي معهد العلوم الاجتماعيّة المؤهلين، والمزودين بالكفاءات والقدرات المطلوبة للنهوض بأفراد المجتمع،  وخلق مستقبل أكثر تقدمًا واستقرارًا. وهذا الأمر  يؤكد أهمية العلوم الاجتماعيّة ودورها في خدمة المجتمع وتنميته، إذ إنّه أصبحت تشكل بؤرة الحياة الثقافيّة، وذلك نظرًا لدورها الإيجابي في إنتاج مجتمع قادر على التأقلم  مع المستجدات، والتّغيرات المعاصرة  من خلال تزويد أفراده بمواقف سلوكيّة واتجاهات، وخلق الوعي لديهم لمعرفة ما يحيط بهم من وقائع، وأحداث ومساعدتهم على الوصول إلى الأهداف المرجو تحقيقها والتخطيط للمستقبل بطريقة واعية.

أهميّة معهد العلوم الاجتماعيّة في تأهيل الفرد للعمل التنموي: إنّ البحث في إشكالة العلاقة بين العلوم الاجتماعيّة والطلاب والتّنمية، تستوجب التنويه الى أنّ طلاب معهد العلوم الاجتماعيّة، يشكلون قوة تغيير أساسية في حياة المجتمع اللبناني وفي مسيرته الانمائيّة، وبلورة القيم المستقبليّة لكونهم يمثلون طاقة المجتمع الحقيقيّة، إذ إنّهم يشكلون مصدرًا  للتغيير الثقافي والاجتماعي في المجتمع، من خلال مشاركتهم الفعلية في معالجة قضايا المجتمع  وتحمل مسؤولية  البحث العلمي  في مقاربة المشاكل التي تواجهها مؤسسات الدولة والقطاعات المنتجة والمشاركة في إنتاج المعرفة.

ويحتل معهد العلوم الاجتماعيّة أهميّة خاصة في تأهيل الطلاب للعمل التنموي، من خلال مساعدتهم في بناء قدراتهم وتطوير مهاراتهم ليتمكنوا من عملية دراسة، وتحليل الاحتياجات التنموية لمجتمع معيّن  وتقييمها، من خلال الحصول على المعلومات الأساسيّة بشكل واف ودقيق  للتمكن من معرفة موارده وإمكاناته التنموية والإسهام في تحديد المشكلات التي يواجهها، والقدرة على تحليلها وترتيبها حسب الأولويات، وتحديد البرامج والأنشطة التنمويّة اللازمة لمعالجة تلك المشكلات، والمشاركة أيضًا في التفكير وتبادل الآراء لايجاد الحلول الممكنة، وذلك للتوصل الى اتِّخاذ قرارات مستقبليّة تساهم في بناء خطط تنموية شاملة، ومناسبة ا تلبِّي احتياجات المجتمع الحقيقية، وتقدّم أفضل الاقتراحات للاستخدام الأمثل للموارد المتاحة، والطرق الممكنة لتحسين البرامج والخدمات. وبذلك تكتسب هذه العمليّة أهمّيّة خاصة كونها تشكل مدخلًا أساسيًّا لتحسين حياة الأفراد داخل المجتمع ولسد نقصه واحتياجاته إذ إنّها تعنى بدراسة الظروف الراهنة، والسعي الى تحقيق الأهداف المرجوّة والوصول الى الأوضاع المرغوب بها .

وبذلك يؤدي معهد العلوم الاجتماعيّة دورًا مميزًا في صميم عملية التّنمية المستدامة، كونه يشكل آداة علميّة قادرة على توفير الموارد البشريّة ذات الكفاءة، والقدرات القادرة على المشاركة بفعاليّة في بناء المجتمع المنشود القائم على المعرفة، والمساهمة في تحقيق عمليّة تنمية المجتمع اللبناني، فيهتمّ بشؤونهم التّعليميّة والتّدريبيّة من خلال فسح المجال أمامهم للحصول على العلم، والمعرفة وتمكينهم من تنمية طاقاتهم وقدراتهم، وتزويدهم بالخبرات والتّقنيات والأسس العلميّة والمنهجيّة، وتحريرهم مما يعيق انطلاقهم وتشجيع خريجيهم للانخراط في سوق العمل لتنفيذ المشاريع التّنمويّة، ولتحريك مختلف القطاعات الاقتصاديّة والحرفيّة والاجتماعيّة المنتجة.

ولطالما تركزت أهداف المعهد على تنظيم الدروس، وتنفيذ المسوح والقيام بتحليلات، ودراسات علميّة لدراسة الأوضاع السّائدة في المجتمع، وكذلك أيضًا على الإسهام في نشر مؤلفات علميّة، وبحثيّة ووضعها تحت تصرف متخذي القرار وصانعي السياسات والهيئات كافة، سواء أكانت الرّسميّة والخاصة العاملة في مجالات التّنمية كافة وذلك لتزويدهم بالمعلومات المناسبة التي تخولهم تصويب الأعمال وتقييمها ورسم السياسات التنموية. “فمعهد العلوم الاجتماعيّة في الجامعة اللبنانيّة، وجد ليكون مواكبًا ومرافقًا للبحث العلمي الذي هو مرادف لرسالته التّعليميّة، فلا يمكن التعليم من دون إنتاج بحثي. فهو يهتمّ بالإضاءة على المعضلات الأساسيّة في المجتمع اللبناني، المعاشة والمترقبة، كما يسعى لرصد آثارها وأسبابها بهدف معالجتها والتنبه لها”. (نجار، مارلين حيدر). لذلك فإنّ موضوع إعداد الطالب الباحث في معهد العلوم الاجتماعيّة، بدءً من مرحلة الإجازة  مرورًا بمرحلة الماستر وصولًا الى مرحلة الدكتوراه، لم يعد يقتصر  فقط على الشقّ النّظري الذي يقوم على نقل المعرفة، بل يتناول أيضًا الطابع العملي والتّطبيقي الذي يقتضي سلوك مسلك بحثي سليم، يتطلب تسليح الطالب بالخبرة والمهارات والأسس البحثيّة والعلميّة وكل ما يتعلق في قيادة عمليات مسار العمل البحثي، وما يتطلبه من استخدام أفكار وخبرات وقدرات لحسن اختيار موضوع الدراسة وسيره بشكل علمي وسليم، لجهة طرح الإشكاليّة وصياغة الفرضيّات مع التأكد من صحتها، وذلك بنفيها أو تبنيها عن طريق جمع المعطيات والمعلومات الخاصة بالدّراسة وتحليلها تحليلًا منطقيًّا سواء أكان كميًّا أو نوعيًّا لجهة اتباع منهجيّة، وتقنيات معينة تخدم أهداف الدراسة وصولًا الى استخراج النتائج التي تدر بالمنفعة العامة على المجتمع. وذلك بغية تحمل المسؤوليّة العلميّة والمهنيّة إذ إنّ كل المجالين (النّظري والتّطبيقي) يصب في خدمة الإنسان، وتوفير سبل الراحة، والرفاهية له من خلال إيجاد الوسائل والطرق الملائمة للتصدي للمشاكل والتّحديات التي تواجهه.

وعليه يهدف البحث العلمي  في معهد العلوم الاجتماعيّة الى انتاج المعارف العلمية وتطويرها، إذ إنّه أصبح يشكل عاملًا حاسمًا في تطور المجتمعات والدول وتنميتها. وهذا  ما شدد عليه رئيس الجامعة اللبنانيّة البرفسور بسام بدران ، في كلمة له ألقتها العميدة الدكتورة مارلين حيدر في مؤتمر نظم في  معهد العلوم الاجتماعيّة الفرع الثالث والذي جاء بعنوان “الإنتاج البحثي في لبنان”: معهد العلوم الاجتماعيّة نموذجًا، على أهمية البحث العلمي، واصفًا إيّاه “بالعمود الفقري الذي ترتكز عليه المجتمعات المتطورة، وهو يشكل الدّعامة الأساسيّة لاقتصاد الدّول وتطورها”. وهذا ما أكده أيضًا مدير معهد العلوم الاجتماعيّة البروفسور كلود عطيّة في كلمة ألقاها في هذا المؤتمر أنّه “في معهد العلوم الاجتماعيّة  يبقى الإنتاج البحثي، والمعرفي نقطة الارتكاز لمساعدة الدولة والمجتمع، ولا يمكن أن يتوقف هذا الإنتاج المعرفي أو أن يتحول الى مجرد قرار والجامعة اللبنانيّة تقوم على المبدعين والباحثين، والقياديين القادرين على تغليب مصلحة الجامعة الوطنيّة على أية مصلحة أخرى.

ونظرًا الى أهمية البحث العلمي الذي هو جهد علمي منظم، إذ إنّه يشمل كل انتاج معرفي وبحثي يتناول فيه  الطالب أو الباحث موضوعًا معينًا من المواضيع المهمّة المتعلقة بتقدم العلوم والمجتمع، ويهدف الى أن كشف فيه معلومات جديدة تساهم في تطوير المعارف الإنسانيّة، والارتقـاء بمسـتوى المجتمع وضـمان مسـتقبل أفضل لأبنائه في عـالم يشهد الكثير من التحولات والمستجدات العالميّة، تتعاظم أهمية معهد العلوم الاجتماعيّة في المجتمع  كونه حقلًا لانتاج الفكر والمعرفة، إذ إنّه يشكل آداة للتخطيط ومحركًا رئيسًا لعمليّة التّغيرات الاجتماعيّة نحو التّقدم والرقي، من خلال النّهوض بعدد من الاقتراحات وإيجاد الحلول المناسبة لمختلف المشاكل والتّحديات التي يواجهها المجتمع.

وبناء على ذلك، تهدف مؤسسات  التّعليم العالي على تدريب الطالب الجامعي على البحث العلمي عن طريق البحث، والتّقميش في المراجع والمصادر على أنواعها، والقيام  بالدّراسات الميدانيّة، منذ دخوله الى الجامعة وخلال انتقاله من سنة الى أخرى ومن شهادة الى أخرى في المقررات كافة، سواء بأبعادها النّظريّة أو العمليّة والتّطبيقيّة. وإذا كان الهدف من مرحلة الإجازة في الدّراسة الجامعيّة هو تحضير الطلاب لسوق العمل، فالهدف من مرحلة الماستر والدكتوراه هو تأهيلهم لإعداد بحث علمي يصبّ في خدمة مجال الاختصاص نفسه وتطويره. فينتقل الطالب الجامعي أثناء إعداده الجامعي  بعد حصوله على الإجازة الى  مرحلة الماستر المهني، أو الأكاديمي والتي تليها مرحلة الدكتوراه. وتشكّل هذه المرحلة نهاية المطاف للطالب لجهة الإعداد الجامعي، ومن طالب تلقى العلم والمعرفة على أيدي عدد من الدّكاترة في الجامعة قبل مرحلة الدكتوراه الى إعداد أطروحة الدكتوراه بإشراف دكتور واحد، وتوجيهه ويزوده بالمعلومات المناسبة، ويواكبه طيلة سنوات إعداد الأطروحة حتى الانتهاء منها وخضوعه أمام لجنة علميّة لنيل شهادة الدكتوراه.

ونظرًا الى تشعب الاختصاصات في  العلوم الاجتماعيّة وتداخلها ببعضها، وفي ظلّ الكمّ الهائل من الأطروحات الجامعيّة التي تعدُّ خزّانًا معرفيًّا، إلّا أنّها لم تعد تلبي طموحات معهد العلوم الاجتماعيّة، الهادفة الى إعداد طلاب وباحثين واسعي الأفق، وقادرين على الإسهام في تطوير العلوم بشكل منتج وفعال وانتاج المعرفة العلميّة المبتكرة. ولإعداد جيل من الطلاب والباحثين القادرين على تحمّل مسؤوليّة البحث العلمي، والهادفين الى نيل شهادة الدّكتوراه اللبنانيّة التي تقوم على مبدأ الابتكار في اختصاص مُعيَّن من ضمن الاختصاصات الموجودة في المعهد والتي تهدف إلى إعداد باحثين، ودكاترة وأساتذة جامعيين، وطلاب مؤهلين للانخراط في سوق العمل وفتح مجالات العمل  أمامهم، سلك المعهد العالي للدكتوراه في العلوم الانسانيّة والاجتماعيّة في الجامعة اللبنانية عدة طرق لتحقيق الأهداف المرجوة منه ومن أبرزها.

1- وضع نظام الأرصدة في المعهد العام 2013 والذي بدأ العمل به العام 2016.  فرض  هذا النّظام على طلاب الدكتوراه القيام بعدد من النّشاطات الأكاديميّة المساعدة المطلوب العمل عليها أثناء إعداد الأطروحة والتي يبلغ عددها 40 رصيدًا، إذ على الطالب الحصول على 20 رصيدًا اختياريًّا وله حرية اختيار نوع النّشاط الذي يريده مع مراعاة الحدّ الأقصى لعدد الأنشطة من نوع النشاط نفسه، و20 رصيدًا الزاميًّا. وتقيّم هذه الأنشطة  الى جانب الأطروحة التي يبلغ عدد أرصدتها مئة وأربعين. هذا الأمر يضمن معادلة شهادة الدكتوراه التي يحصل عليها الطالب من المعهد وفق معايير نظام الـ  L.M.Dالأوروبي.  وعليه فطالب الدكتوراه في الجامعة اللبنانيّة لم يعد بإمكانه مناقشة أطروحته أو الحصول على شهادة الدكتوراه من دون حصوله على هذه الأرصدة، وتقديم ملخصات نقدية حولها والتي تتضمن مجموعة من النّشاطات العلميّة ومن أبرزها:

  • حضور الأيام الدكتوراليّة لطلاب الدكتوراه الذين هم في مرحلة الإعداد للدكتوراه، وتقديم عرض لأطروحته فتناقشه الفرقة البحثيّة والتي تشكل تدريبًا وتحضيرًا لجلسة المناقشة للأطروحة.

– حضور عدد من مناقشة الأطروحات في الجامعة.

– مشاركة الطلاب بفعاليّة في مؤتمرات علميّة، وورش عمل تنظمها الفرقة البحثيّة في المعهد.

– حضور  حلقات بحثيّة، وندوات خاصة أو عامة يحدّدها المعهد أو القسم المختص.

– نشر بحث أو بحثين في مجلات علميّة محكمة.

2- خلق بيئة علميّة حاضنة لمواكبة طلاب الدكتوراه:  يتألف المعهد  من فرق بحثيّة تمارس نشاطها في مختبرات المعهد البحثيّة. وتتألف الفرقة البحثيّة من دكاترة باحثين برتبة أستاذ، يُشرفون على الأطروحات ويتولون مهام البحث وإدارة النّشاطات الأكاديميّة المساعدة، ويواكبون طالب الدكتوراه منذ تسجيله لموضوعه حتى الانتهاء منه من خلال مدّه بالنّدوات، والمؤتموات وورش العمل وغيرها من النّشاطات المساعدة لتجميع الأرصدة.

3- تفعيل مركز الأبحاث في معهد العلوم الاجتماعيّة، وفتح المختبرات البحثيّة فيه لإعادة بناء ثقافة البحث العلمي وتفعيلها ليس على المستوى التعليمي فقط، بل على  المستوى البشري والأكاديمي والإداري من خلال تحضير المنصات المحركة له، وإطلاق موقع الكتروني خاص به والذي يحتوي على منشورات الأعمال والمؤتمرات والنّدوات العلميّة والأبحاث والمواد التّعليميّة.  وتشكل المختبرات اليوم أهمية كبيرة  نظرًا إلى حاجة أفراد المجتمع العلمي اليها إذ إنّها تعدُّ المنبر الأساسي لتبادل المعرفة، وتفعيلِ البحث العلمي على المستويات العلمية كافة من دكاترة وباحثين وطلاب، ولفتح المجال أمام المعهد للتشبيك وبناء الشراكات مع  المؤسسات المحليّة، والعالميّة مثل المنظمات الدولية ووكالات الأمم المتحدة، والمؤسسات الدّوليّة والوطنيّة التي أصبحت داعمًا كبيرًا لتفعيل العمل البحثي.

وبهذه الطريقة يساعد المعهد  طالب الدكتوراه في الحصول على بيئة علميّة حاضنة لبحثه، تساهم في تكوين شخصيته العلميّة ورفع مستواه العلمي  من خلال اكتساب المهارات، والكفاءات التي تفتح  المجال أمامه للنهوض ببحث علمي مثمر وللولوج الى سوق العمل، إذ إنّ المعهد يهدف الى تطوير أساليب الإشراف على أطروحة وطرق الطالب التي أصبحت متعددة الأطراف إذ إنّها لم تعد تقتصر فقط على العلاقة الأحاديّة بين الطالب، والأستاذ المشرف الذي يبقى الموجّه الوحيد للطالب بل أصبحت علاقة متعددة الأطراق مبنية على التّعاون، والتّنسيق بينهم وبين أعضاء الفرقة البحثيّة. لذلك فإنّ الإعداد لشهادة الدكتوراه لا يكون إلّا بعيش الحياة الأكاديميّة العلميّة البحثيّة، وبالمشاركة الفعليّة نقاشًا وتفكيرًا ونشرًا .

وليتمكن المعهد من مواكبة أنماط الحداثة، ومتطلباتها ومن استعادة مكانته العلميّة والبحثيّة التي لا تقتصر فقط على تنمية الموارد البشريّة التي يخرجها، ولكن أيضًا على دوره الرّيادي في البحث المعرفي، وذلك نظرًا إلى أهمّيّة  استمرار العمل المؤسساتي. فكان لا بدّ من نشر الوعي حول أهمّية المعهد ودوره المحوري في تنمية المجتمع اللبناني المعاصر من خلال القيام بالجهود المناسبة لتجديد الأنظمة، وتطوير المناهج والبرامج وأساليب التدريس في المعهد. وكان من أبرزها إقرار نظام داخلي جديد للمعهد، وهو نظام الLMD بمراحله كافة، وذلك لمواكبة الرّكب الحضري وليتّسم المعهد بطابع الاستدامة  والاستمراريته في مجال التطوير المعرفي والانطلاق نحو الابداع والابتكار.

وهذا ماسعت اليه عميدة معهد العلوم الاجتماعيّة الدكتورة مارلين حيدر، بعدما أُنيطت بمهام إدارة هذا المعهد من خلال إطلالاتها المميزة عبر البرامج التلفزيونيّة، لتسليط الضوء على دور المعهد وأهميته والاختصاصات الموجودة فيه. وفي العام 2016، بعدما نجحت  في أخذ الموافقة من مجلس الجامعة بإطلاق نظام الLMD بمراحله كافة، قامت بدراسة استطلاعيّة لسوق العمل في لبنان، فأدركت “أنّ المجتمع وسوق العمل بأمس الحاجة لإدخال اختصاصات جديدة، وعصريّة تساهم في خلق فرص عمل للشباب وتحسّن من نوعيّة أداء اليد العاملة المتخصصة، فقررنا وضع الأسس وإطلاق ستة ماسترات مهنيّة… وتعدّ هذه التّخصصات فريدة من نوعها، وتميز المعهد بكونه الرائد في تدريسها في لبنان” (نجار، مارلين حيدر، صفحة 12).  والى جانب هذه الماسترات استحدث المعهد  اختصاصات جديدة في الماستر البحثي التي تتوافق جميعها مع حاجات المجتمع المعاصر ومتطلباته، وقادرة على الاستجابة بشكل مباشر لتلبية احتياجات المنظمات الوطنية والدولية ومختلف المؤسسات والقطاعات العاملة في كافة مجالات التّنمية ومتطلباتها، وذلك لمساعدتها على تنفيذ مشاريع أعمالها وتطويرها في ضوء مخرجات معهد العلوم الاجتماعيّة التطبيقية والحقليّة.

ولذلك نشهد تنوّعًا في ميدان عمل خريجي معهد العلوم الاجتماعيّة. ويعود ذلك الى التّنوع في الاختصاصات التي يقدمها المعهد لخريجيّه الذين هم متعددو الاختصاصات، ولديهم القدرة على ممارسة مهن متنوعة والاهتمام بالشّأن العام بأبعاده الاقتصاديّة والاجتماعيّة والتربويّة كافة. فكل هذه الاختصاصات من شأنها توسيع سوق العمل أمام خريجي معهد العلوم الاجتماعيّة الذي أصبح بأمس الحاجة الى مهاراتهم وقدراتهم، إذ إنّ هناك مجالات عمل لا يجوز أن يشغلها سوى خريجي المعهد الذين يعطون الأوليّة لتنمية رأس المال البشري، فبعضهم يهتمون بتدريس مواد الاجتماع والاقتصاد في المدارس الرّسميّة والخاصة أو في المعاهد والجامعات. فالطلاب المرشحون لقسم بكالوريا الاقتصاديّة الاجتماعيّة “يشكلون بين %40 و %45 من  مجموع المرشحين سنويًّا لشهادة البكالوريا في لبنان، ما جعله رافعة أساسيّة لمعهد العلوم الاجتماعيّة.في المقابل أصبح معهد العلوم الاجتماعيّة يشكل رافعة للبكالوريا الاقتصادية ّ الاجتماعيّة، إذ إنّ أكثر من %70 من الذين يدرّسون مادة الاجتماع والاقتصاد فيها، هم خريجو معهد العلوم الاجتماعيّة” (مارون، 2019، صفحة 77).

انطلاقا مما تقدم، تبرز أهمية معهد العلوم الاجتماعيّة في تأهيل طلابه للعمل التنموي من خلال تمكينهم. وتقوم عمليّة التّمكين على تأهيل الطلاب للولوج الى سوق العمل، وتنميتهم فكريًّا ومعرفيًّا لجهة تزويدهم بالقـدرات والمهـارات والمعرفـة، وكذلك أيضًا على خلق بيئة علميّة حاضنة لعمليـّـة بنــاء تلــك القــدرات والمهــارات للنّهوض بعمليّة مجالات التّنمية المستدامة ومنها السياســيّة والاجتماعيّة والاقتصــاديّة والثقافيـّة. فإشـكاليّة العلاقـة بـين معهد العلوم الاجتماعيّة، وطلابه تكمـن في مسـألة التّنمية ومـدى نجاحهـا في تنمية قدراتهم وطاقاتهم وتوسيع مجالات، وفرص الدّخول الى سوق العمل أمامهم . ولهذا لا بدّ من تمكين الطلاب من خلال  تدريبهم وتأهيلهم  للمشـاركة الفاعلة في عملية التّنمية المستدامة وفي بنـاء مجتمـع المعرفة.

واقع معهد العلوم الاجتماعيّة-3-: يضم  معهد العلوم الاجتماعيّة خمسة فروع، إلى جانبِ العمادة ومركز الأبحاث في بيروت، موزعين جغرافيًّا على أربع محافظات والعاصمة بيروت:  الفرع الأول  في بيروت، الفرع الثاني في الرّابية، الفرع الثالث في القبّة- طرابلس، الفرع الرابع في زحلة ، و الفرع الخامس في صيدا.  ونظرًا الى كبر حجم المجتمع سنتناول دراسة واقع معهد العلوم الاجتماعيّة الفرع الثالث القائم في القبة – طرابلس. يوجد في هذا المعهد اليوم 55 دكتورًا من اختصاصات مختلفة ورتب يدرّسون  مختلف التخصصات  في المراحل  كافة التي يضمها المعهد، موزعين على الشكل الآتي أربع دكاترة في الملاك و16 دكتورًا متعاقدًا بالتّفرغ  و33 دكتورًا متعاقدًا  بالسّاعة.

رسم بياني (1) توزيع عدد طلاب معهد العلوم الاجتماعية -3- حسب الجندر

ومن أبرز ما يتميز به المعهد، لجهة  توزيع مجموع الطلاب حسب الجندر، هو تفوق عدد الإناث على الذكور، كما هو ظاهر في الرسم البياني (1) وقد بلغ عددهن  802 طالبًا سنة 2016 – 2017  بينما بلغ عدد الذكور  63 طالبًا، ولكن في المقابل نلاحظ أنّ عدد الذكور يتزايد بشكل تدريجي، ومستمر إذ بلغ عددهم 181 طالبًا سنة 2020-2021 بعد أن كان قد بلغ  98 طالبًا سنة 2019-2020.

و على الرّغم من الظروف الاقتصاديّة والاجتماعيّة الصعبة والمترديّة التي مرّ بها لبنان ومازال يعاني منها حتى اليوم، بشكل شبه دائم، والتي أدت الى تدهور في قيمة عملة الليرة اللبنانيّة مقابل سعر صرف الدولار، وقضت على الآلاف من فرص العمل القائمة، إلّا أنّه  نلاحظ في الرسم البياني (2) أن مجموع عدد

رسم بياني (2) توزيع مجموع عدد طلاب معهد العلوم الاجتماعية -3-

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الطلاب الملتحقين بمعهد العلوم الاجتماعيّة الفرع -3- أخذ يتزايد بوتيرة مرتفعة، وبالأخص بعد أن أطلق معهد العلوم الاجتماعيّة في الجامعة اللبنانية سنة 2016 نظام الـLMD   بفروعه جميعها، فسنة 2016 – 2017  بعد أن كان عدد الطلاب قد بلغ  862 طالبًا، أصبح هذا العدد 1079 طالبًا سنة 2017-2018، غير أنّه بين سنوات 2018-2020 شهد هذا العدد ثباتًا أو تراجعًا غير ملحوظ ربما يعود ذلك الى جائحة فيروس كورونا التي بدأت بالصين، وانتقلت الى العالم أجمع  ومن ثم أخذ يتزايد هذا العدد بوتيرة عالية، فارتفع عدد الطلاب من  1045 سنة 2019-2020 الى 1359 طالبًا سنة 2020-2021، ومن ثم تراجع العدد الى 1283 سنة 2021-2022 ويمكن إرجاع ذلك الى الأزمة الاقتصاديّة والاجتماعيّة التي يعيشها لبنان.

أمّا لجهة توزيع طلاب المعهد حسب المراحل التّعليميّة، فقد كانت الشهادات التي يمنحها المعهد تقتصر على إجازة تعليميّة في علم الاجتماع والتي تتراوح مدة الدّراسة فيها ثلاث سنوات، وبعدها تأتي شهادة الجدارة في العلوم الاجتماعيّة أو شهادة اختصاص في الديموغرافيا والتي تتطلب مدة دراسة كل واحدة منهما سنة واحدة بعد الإجازة. وبعدها بإمكان الطالب متابعة تحصيله العلمي بالحصول على دبلوم خبرة في الديموغرافيا سنة واحدة لحملة شهادة اختصاص في الدّيموغرافيا، ولكن لا يمكنه متابعة الدكتوراه في الجامعة اللبنانيّة، أو الحصول  على دبلوم دراسات معمّقة لمدة سنتين دراسية وبعدها  بإمكانه التّقدم للحصول على شهادة في الدكتوراه اللبنانيّة في العلوم الاجتماعيّة.

رسم بياني (3) توزيع طلاب مرحلة الاجازة في العلوم الاجتماعيّة

أمّا اليوم فبعد أن أطلق معهد العلوم الاجتماعيّة في الجامعة اللبنانية نظام LMD بفروعه جميعها، وأنشأ ماسترات مهنيّة وبحثيّة وذلك لمواكبة حاجات السوقِ الحالية والمستقبلية، نلاحظ في الرّسم البياني (3) أنّ عدد طلاب مرحلة الإجازة، الذي يبلغ الأكثر عددًا،  يتزايد بشكل مستمر تقريبًا، فسنة 2016-2017 فبعد أن كان عددهم يبلغ 699 طالبًا أصبح هذا العدد 1073 طالبًا سنة 2021-2022.

رسم بياني (4) توزيع عدد طلاب الدبلوم في معهد العلوم الاجتماعية -3-

وفي ما يتعلق بتوزيع طلاب الماستر، والدّبلوم في معهد العلوم الاجتماعيّة نلاحظ في الرسم البياني (4)  أن عدد طلاب الدبلوم كان يحتل الأكثرية  مع بداية انطلاقة نظامLMD الذي وضع سنة 2016، فقد شهد المعهد ورشةً لتطويرِ مقرراتِ التدريسِ في كل الاختصاصات الموجودة فيه. ولكن هذا العدد بدأ بالتّراجع تدريجيًّا إذ بلغ سنة 2017-2018 90 طالبًا ومن ثم ثلاثة طلاب سنة 2019-2020، وسنة 2020-2021 لم يعد يوجد أي طالب في مرحلة الدّبلوم، فقد أصبح المعهد يضم بالإضافة الى الإجازة في علم الاجتماع، الماستر بشقيّه  المهني والبحثي فقط .

رسم بياني (5) توزيع طلاب معهد العلوم الاجتماعية -3- حسب مراحل الدبلوم والماستر

كما نلاحظ  أنّ هناك ميلًا عند الطلاب في متابعة تحصيلهم العلمي نحو الماستر البحثي على حساب الماستر المهني، إذ إنّ عددهم يفوق تقريبًا ضعفين أو ثلاثة أضعاف عدد طلاب الماستر المهني، ويبدو ذلك واضحًا في الرّسم البياني (5)، وربما يعود ذلك الى أنّ شهادة الماستر البحثي تسمح للطالب من متابعة اختصاصه للحصول على شهادة الدكتوراه اللبنانية في العلوم الاجتماعيّة بعد حصوله على شهادة الماستر البحثي.

رسم بياني (6) توزيع طلاب الماستر البحثي في معهد العلوم الاجتماعية -3-

 

وعلى الرّغم من هذه الأهمّيّة التي يحتلها الماستر البحثي، إلّا أن عدد طلاب معهد العلوم الاجتماعيّة -3- المسجلين ماستر بحثي يختلف حسب السّنوات، وهذا يبدو واضحا في الرسم البياني (6)، إذ إنّه مع انطلاق نظام LMD ارتفع العدد من 46 طالبًا سنة 2016-2017 حتى وصل الى 154 طالبًا سنة 2020-2021، وذلك على الرّغم من الأزمة الاقتصاديّة الصعبة التي شهدها البلد، بعدما كان العدد قد بلغ 76 طالبًا سنة 2019-2020، إلّا أنّ هذه الوتيرة المرتفعة التي شهدها المعهد بعدد طلاب الماستر البحثي، أخذت بالتراجع نسبيًّا سنة 2021-2022 إذ بلغ عدد هؤلاء الطلاب 128 طالبًا.

رسم بياني (7) توزيع عدد طلاب الماستر المهني في معهد العلوم الاجتماعية -3-

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

ولكن في المقابل نلاحظ أن عدد طلاب الماستر المهني في معهد العلوم الاجتماعيّة -3-  يتزايد بشكل تدريجي كما هو واضح في الرّسم البياني (7) إذ إنّه من سنة 2016 حتى سنة 2019  بعد أن كان عدد الطلاب شبه ثابت تقريبًا ويتراوح بين 25 و26 طالبًا، إلّا أنّ المعهد أصبح يضم  54 طالبًا مسجلين ماستر مهني سنة 2020 ومن ثم 70 طالبًا سنة 2021 وسنة 2022 ارتفع هذا العدد ليصل الى  82 طالبًا، وذلك يعود ربما الى أن الطالب يريد الحصول على وظيفة، والدّخول الى سوق العمل بأسرع طريقة ممكنة  إذ إنّ الشّهادة المهنيّة تمكنه من تحقيق  ذلك.

رسم بياني (8) التخصّصات الموجودة في معهد العلوم الاجتماعية

إضافة الى ذلك لا بدّ من التنويه أن معهد العلوم الاجتماعيّة في الجامعة اللبنانيّة، يحتوي على مجموعة من  المسارات والتّخصصات الأكاديميّة التي تهتم بدراسة المجتمع وفهم طبيعة البشر. وعلى الرّغم من أنّ هذه التّخصصات لا تتصل ببعضها، إذ لكل اختصاص ميزته الخاصة، إلّا أنّها جميعها لديها هدف واحد  وهو مساعدة المجتمع على النهوض من المشاكل والتّحديات التي يواجهها والسّعي الى إيجاد الحلول المناسبة والسّبل لمعالجتها.

رسم (9) الاختصاصات الموجودة في معهد العلوم الاجتماعية -3-

ومن أصل هذه الاختصاصات التي ذكرناها فإنّ  معهد العلوم الاجتماعيّة -3- يضم اختصاصين ماستر مهني من أصل ست اختصاصات، وخمسة من أصل إحدى عشر اختاصاص في الماستر البحثي كما هو ظاهر في الرّسم البياني (9) ويمكن إرجاع ذلك الى توزيع الاختصاصات على كل الفروع الموجودة في معهد العلوم الاجتماعيّة في الجامعة اللبناني، أو الى التحديات الكثيرة  التي يواجها المعهد ومن أبرزها الماليّة، وعدم وجود الكادر البشري التعليمي الكافي.

انطلاقا مما تقدم يمكن القول إنّ العلوم الاجتماعيّة باتت جاذبة أكثر لطالبي التّخصصات الجديدة التي يحتاجها المجتمع، وبالأخص بعد أن أطلق معهد العلوم الاجتماعيّة في الجامعة نظام الـLMD   سنة 2016 ب فروعه جميعها، واستحدث ماسترات مهنية وحقول جديدة للائحة الماسترات البحثيّة، وفاعلة أيضًا في تأهيل الطلاب للانخراط في سوق العمل اللبناني الذي أصبح بحاجة الى طلاب من خريجي معهد العلوم الاجتماعيّة، من حملة شهادات الماستر بشقيّه البحثي والمهني، فالاختصاصات التي يؤمنها المعهد تعكس حاجات سوق العمل اللبناني الذي هو بأمس الحاجة اليها اليوم، وبالأخص المنظمات والقطاعات المنتجة العاملة في مختلف قطاعات التّنمية لمساعدتها على تنفيذ مشاريعها، وتطوير أعمالها في ضوء مخرجات العلوم الاجتماعيّة التّطبيقيّة والحقليّة التي من شأنها توسيع سوق عمل خريجي معهد العلوم الاجتماعيّة.

وبناء على ما تقدم، تؤدي العلوم الاجتماعيّة، اليوم،  دورًا بارزًا في عمليّة  التّنمية المستدامة وبالأخص في مجالات تطور العلم  ونشر الانتاج والمعرفة، وتوظيفهـا في خدمـة التّنمية المستدامة بأبعادهـا كافة الثقافيّـة والاقتصاديّة والاجتماعيّة والسياسيّة والبيئيّة وكل ما يتعلق بـالأفراد والمجتمعـات، إذ إنّها تعدُّ حاجة وطنية ملحّة كونها تشكل إحدى الركائز الأساسيّة التي وضعت لتحقيق أهداف التّنمية المستدامة، وذلك من خلال الارتقاء بالمجتمع اللبناني على المستويات كافة، خاصة أنّه يشهد مرحلة تغيير مهمّة على مختلف الأصعد، محاولًا تنفيذ أهداف أجندة التّنمية المستدامة 2030 من خلال  التّصدي  للصعوبات والتّحديات التي تواجهه.

هذا الواقع يعكس مدى أهمية العلوم الاجتماعيّة في المجالات التنموية كافة، ويعطينا فكرة واضحة عن دور معهد العلوم الاجتماعيّة في تحقيق التّنمية المستدامة، من خلال إبراز أهميته ومكانته العلميّة والبحثيّة في تحقيق الرّقي، والتّقدم في مختلف مجالات حياة الإنسان التّنموية ودوره المهمّ في مواكبة مستجدات العصر الحديثة. فالمرتكزات التي يضمّها المعهد اليوم من برامج ومواد تعليميّة، وبالأخص التّخصصات والماسترات البحثيّة والمهنيّة التي أطلقها، وكوادر بشريّة مؤهلة، سواء أكانت تعليميّة تنهض بتدريس  طريق الأبحاث والمناهج والاختصاصات المتاحة في المعهد، أو عدد من الباحثين  والطلاب من خريجي معهد العلوم الاجتماعيّة المؤهلين للانخراط في سوق العمل، وللقيام بدراسات وأبحاث علميّة وأكاديميّة، من خلال  تزويدهم بالكفاءات العلميّة والمعرفة والمهارات التي سوف تمكنهم من العمل في مختلف مجالات التّنمية وفي مواجهة التّحديات، إذ إنّ هناك مجالات عمل لا يجوز أن يشغلها سوى خريجو معهد العلوم الاجتماعيّة المزودين بالكفاءات العلميّة والمعرفة والمهارات، والقادرين على دراسة ومواكبة المتطلبات والتّحديات التي يواجهها المجتمع اللبناني المعاصر عن طريق السّعي لإيجاد الحلول المناسبة لها وذلك للاستجابة المباشرة لاحتياجات المجتمع، والمؤسسات وللتمكن من القيام بالتّغيير المطلوب بهدف الارتقاء به كما بالأفراد داخله.

المراجع

  • إبراهيم مارون. (2019). سوق عمل خريجي معهد العلوم االاجتماعيّة الحالي والمنتزع والمرتقب. تأليف عمادة معهد العلوم االاجتماعيّة، ستون عاما تطوير وارتقاء (الصفحات 76-82). بيروت: مركز الأبحاث في معهد العلوم الاجتماعيّة، الجامعة اللبنانية.

2- الأسعد، محمد مصطفى. (2000). مشكلات الشباب الجامعي وتحديات التّنمية. بيروت – الحمرا: المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع.

3- بامية، محمد. (2015). العلوم الاجتماعيّة في العالم العربي. بيروت -لبنان: المرصد العربي للعلوم االجتماعية.

4- حطب، زهير. (2019). برامج معهد العلوم الاجتماعيّة في الجامعة اللبنانية وصلاتها بالاحتياجات المجتمعية. تأليف عمادة معهد العلوم الاجتماعيّة، ستون عاما تطوير وارتقاء. بيروت: مركز الأبحاث في معهد العلوم الاجتماعيّة، الجامعة اللبنانية.

5- زريق، ايليا. (2020). قضايا في تطور العلوم الاجتماعيّة في العالم العربي. تأليف عمران (المجلد المجلد الثامن، الصفحات 59-88). المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات.

6- سباط، حسام محمد سعد. (2013). البحث الأدبي بيت التكرار والابتكار. تأليف مؤتمر المعهد العالي للدكتوراه في الآداب والعلوم الانسانية والاجتماعيّة، الجامعة اللبنانيّة، البحث العلمي والاتجاهات الحديثة في العلوم الانسانية والاجتماعيّة (الإصدار الطبعة الأولى، الصفحات 33-44). ألف ياء للنشر والتوزيع.

7- سعاد، نور الدين. (بلا تاريخ). السكان والتّنمية، مقاربة سوسيوتنموية. دار المنهل اللبناني.

8-عثمان، رياض. (2013). معايير الجودة البحثيّة في التوليف بين النحو القديم واللسانيات الحديثة في الرّسائل الجامعيّة في الرّسائل الجامعيّة. تأليف مجموعة أوراق بحثيّة، مؤتمر المعهد العالي للدكتوراه في الآداب والعلوم الإنسانيّة والاجتماعيّة، الجامعة اللبنانيّة، البحث العلمي والاتجاهات الحديثة في العلوم الانسانية والاجتماعيّة (الصفحات 77-85). ألف ياء للنشر والتوزيع.

9- نجار، مارلين حيدر. (بلا تاريخ). الانتاج البحثي في لبنان: معهد العلوم الاجتماعيّة نموذجًا.

  • طالبة في المعهد العالي للدكتوراه في الجامعة اللبنانيّة الآداب والعلوم الإنسانيّة والاجتماعيّة – قسم العلوم الاجتماعيّة.

Student at the Higher Doctoral Institute at the Lebanese University of Arts, Humanities and Social Sciences – Department of Social Sciences. Email: Guittayoussef1981@gmail.com

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

free porn https://evvivaporno.com/ website