foxy chick pleasures twat and gets licked and plowed in pov.sex kamerki
sampling a tough cock. fsiblog
free porn

تأثير الإعراب النحوي في تفسير مجمع البيان

0

عنوان البحث: تأثير الإعراب النحوي في تفسير مجمع البيان

اسم الكاتب: محمود أعلا ‌زاده

تاريخ النشر: 19/03/2025

اسم المجلة: مجلة أوراق ثقافية

عدد المجلة: 36

تحميل البحث بصيغة PDF

تأثير الإعراب النحوي في تفسير مجمع البيان

                   (دراسة في مدی التزام الطبرسي بإعرابه للآیات عند تفسيره لها)    

The effect of grammatical parsing on the interpretation of Majma’ al-Bayan (A study of the extent of al-Tabarsi’s commitment to his parsing of the verses when interpreting them)

محمود أعلا ‌زاده[1]Mahmoud Alazadeh

بإشراف أ.د. سيد محمدرضا ابن‌الرسول[2] Sayyed Mohammad Reza Ibn al-Rasoul

د. سيد رضا سليمان ‌زاده نجفي[3] (***) Sayyed Reza Solaimanzadeh Najafi

تاريخ الإرسال:13-1-2025                          تاريخ القبول:27-1-2025

الملخّص                                                                        20% turnit in

يُعدُّ الطبرسي واحدًا من أبرز المفسرين في التاريخ الإسلامي، إذ جمع بين علوم اللغة والنحو والتفسير، ما أثرى تفسيره بمستوى عالٍ من الدّقة اللغويّة. استهدف هذا البحث دراسة التزام الفضل بن الحسن الطبرسي بالإعراب النحوي في تفسيره المعروف مجمع البيان ـ تركيزًا علی ما جاء به في تفسير الثلث الثاني من القرآن الكريم ـ فحاول الباحثون أن يتبيّنوا مدی التزامه بتطبيق ما نصّ عليه في قسم «الإعراب» و«القراءة» و«الحجة» علی ما أورده في قسم «المعنى»، وقد حاولوا أن يبيّنوا أن الطبرسي عندما يقوم بشرح معنی الآيات كم كان ملتزمًا ومقيدًا ببياناته الإعرابيّة والنّحويّة. وقد كانت هذه المحاولة علی استعراض الأمثلة التي تتجلى فيها قدرة الطبرسي على توظيف الإعراب لفهم المعاني العميقة للآيات، كما ناقش البحث العلاقة بين الإعراب النحوي والتفسير، وكيف ساهم ذلك في توضيح المعاني وتجنب اللبس. اختتم البحث بتقديم استنتاجات حول أهمية الإعراب في تعزيز الفهم الدّقيق للنّصوص القرآنيّة ودور الطبرسي كحلقة وصل بين علوم اللغة والتفسير، ومن النتائج المهمّة: أن الطبرسي لم یلتزم في کثیر من الأحیان ببیاناته النحویّة التی نصَّ علیها في قسم الإعراب سواء أكانت هذه البيانات من آرائه النحوية أو من أنظار النحويين التي أقرّ بها.

الكلمات المفتاحيّة: مجمع البيان في تفسير القرآن، الطبرسي، الإعراب، المعنی، القراءة، الحجة.

Abstract

Al-Fadl ibn al-Hasan al-Tabrisi is considered one of the most prominent interpreters in Islamic history, having combined the sciences of language, grammar, and exegesis, which enriched his interpretation with a high level of linguistic accuracy. This research aims to study al-Tabrisi’s adherence to grammatical parsing in his well-known interpretation “Majma’ al-Bayan,” focusing on the second third of the Quran. Researchers sought to determine the extent to which the interpreter applied what he stated in the sections on “Parsing,” “Reading,” and “Evidence” to what he presented in the “Meaning” section.

In other words, the research aims to illustrate the extent of al-Tabrisi’s commitment to his grammatical and syntactical statements when explaining the meanings of the verses. This endeavor was carried out by reviewing examples that demonstrate al-Tabrisi’s ability to employ parsing to understand the deep meanings of the verses. The study also discussed the relationship between grammatical parsing and interpretation, and how this contributed to clarifying meanings and avoiding ambiguity.

The research concluded by presenting findings on the importance of parsing in enhancing the precise understanding of Quranic texts and al-Tabrisi’s role as a link between language sciences and interpretation. Among the key findings is that al-Tabrisi, when explaining the meanings of verses in the “Meaning” section, often did not adhere to the grammatical statements he outlined in the “Parsing” section, whether these statements were his own grammatical opinions or those of grammarians he endorsed.

Keywords: Majma’ al-Bayan in Quranic Interpretation, Al-Tabrisi, Parsing, Meaning, Reading, Evidence

  1. 1. المقدمة: عرّف ابن هشام الإعرابَ بقوله: «أثر ظاهر أو مقدّر يجلبه العامل في آخر الاسم المتمكّن والفعل المضارع» (ابن هشام، 2004م، ص58)، ومعنى ذلك أنّ الإعراب هو الحالة الطارئة على آخر الاسم المتمكّن أو الفعل المضارع بسبب العامل، والاسم المتمكّن هو الاسم غير المبنيّ والعامل هو الذي يعيّن دور كل كلمة في الكلام، ولا نكاد نفهم معنی الكلام إلّا بتثبّت هذه الأدوار، فالإعراب مفتاح المعنی (الضبع، 1997م، ج1، ص9)، وإلی الإعراب ـ كما نص عليه الطبرسی ـ يفتقر كلّ بيان، وهو الّذي يفتح من الألفاظ الأغلاق ويستخرج من مضمونها الأعلاق فالأغراض كامنة فيها فيكون هو المثير لها والباحث عنها والمشير إليها؛ وهو معيار الكلام الذي لا يبيَّن نقصه ورجحانه حتی يُعرَض عليه، ومقياسه الذي لا يميّز بين سقيمه ومستقيمه حتی يُرجَع إليه (الطبرسي، 1995م، ج1، ص40).

فبالإعراب نستطيع التمييز بين المعاني، ونعرف أغراض المتكلّمين، وكلّنا يعرف قصّة بنت أبي الأسود الدؤلي عندما قالت لأبيها: ما أجمل السّماء من دون تحريك ومن دون علامات ترقيم؛ وكذلك لو كسرنا اللام في قوله تعالى: ﴿إنّ الله بريء من المشركين ورسوله﴾ لأنّ العطف في هذه الحالة يكون على المشركين ولا يستقيم المعنى سوى برفع كلمة «رسوله».

نرید في هذه المقالة أن نبيّن مدی التزام الطبرسي بإعرابه للآیات عند تفسیره لها؛ فيتبين لنا الوجوه الإعرابیة المؤثّرة  في تفسیر مجمع البیان، وللوصول الی هذا الموضوع قمنا بالبحث عن الإعراب الذي نصّ علیه الطبرسي في قسم الإعراب ، ثمّ راجعنا بيانه لمعاني الآيات في قسم المعنی وقارنّا بينهما، أي بين ذلك النّص في الإعراب وبين هذا البيان للمعاني، فتبين لنا أنّ الطبرسي کم کان ملتزمًا ببیاناته الإعرابیّة عند شرحه لمعاني الآيات. إذ تتمثل مشكلة البحث في تحديد مدى التزام الفضل بن الحسن الطبرسي بالإعراب النحوي عند تفسيره للآيات القرآنيّة في مجمع البيان. يركز البحث على الفجوة بين ما يقدمه الطبرسي من إعرابات، وقراءات وحجج في قسم الإعراب، وما يطبّقه فعليًا عند تفسير المعاني في القسم الآخر. فللبحث نقطتان محددتان:

الأولی: التزام الطبرسي بالإعراب؛ تقييم مدى التزام الطبرسي بالإعرابات النحوية التي قدمها، سواء أكانت من آرائه الشّخصيّة أو من آراء نحويين آخرين. والثانية: الفجوة بين الإعراب والمعنى؛ تحليل الحالات التي لم يلتزم فيها الطبرسي ببياناته النحوية في تفسير المعاني. وبناء عليه تأتي أسئلة البحث علی الآتي:

1- كيف  تُوضح العلاقة بين الإعراب النحوي والمعاني المستخلصة من الآيات؟ وهل هناك حالات معيّنة يكون فيها الإعراب غير متوافق مع المعنى الظاهر؟

2- ما هو الدّور الحقيقي للإعراب في تعزيز الفهم الدّقيق للنصوص القرآنية؟ وهل الإعراب عنصر أساسي أم أنه مجرد أداة مساعدة؟

3- كيف تحلَّل الأمثلة التي عُرِضت في البحث بشكل أعمق لفهم كيفيّة توظيف الطبرسي للإعراب في تفسير المعاني العميقة للآيات؟

1-1. أهداف البحث: يهدف هذا البحث إلى دراسة مدى التزام الطبرسي بالإعراب النّحوي في تفسيره مجمع البيان. ومن خلال تحليل النصوص، يسعى الباحثون إلى تحقيق الأهداف الآتية:

– تحديد مدى التزامه بالإعراب: تقييم كيفيّة تطبيقه للإعرابات النّحويّة التي يقدمها، سواء أكانت من آرائه الشّخصيّة أو من آراء نحويين آخرين، وكيفيّة تأثير ذلك على تفسيره للآيات.

– تحليل الفجوة بين الإعراب والمعنى: دراسة الحالات التي لم يلتزم فيها الطبرسي ببياناته النحوية عند تفسير المعاني، لفهم العلاقة بين الإعراب والمعنى المستخلص من الآيات.

– تسليط الضوء على دور الإعراب: تحليل كيف يمكن أن يعزز الإعراب الفهم الدقيق للنصوص القرآنية، وما إذا كان يعدُّ عنصرًا أساسيًا في التفسير أم مجرد أداة مساعدة.

– استكشاف الأمثلة التّطبيقيّة: عرض الأمثلة وتحليلها، فتتوضح كيفيّة توظيفه للإعراب بغية فهم المعاني العميقة للآيات.

1-2. أسئلة البحث: تُصاغ أسئلة البحث علی الشّكل الآتي:

– كيف يمكن توضيح العلاقة بين الإعراب النّحوي والمعاني المستخلصة من الآيات؟ هل هناك حالات معيّنة، فيكون الإعراب غير متوافق مع المعنى الظاهر؟

– ما هو الدور الحقيقي للإعراب في تعزيز الفهم الدّقيق للنصوص القرآنيّة؟ وهل يمكن عدُّ الإعراب عنصرًا أساسيًا أم أنّه مجرد أداة مساعدة؟

– كيف يمكن تحليل الأمثلة التي عُرِضت في البحث بشكل أعمق لفهم كيفيّة توظيف الطبرسي للإعراب في تفسير المعاني العميقة للآيات؟

1-3. منهج البحث: يعتمد البحث المنهج التحليلي المقارن الّذي من خلاله يقارن الباحثون النصوص التي قدمها الطبرسي في قسم «الإعراب» مع تفسيره للمعاني في قسم «المعنى». يتضمن ذلك:

– جمع البيانات: استعراض النصوص المتعلقة بالإعراب والمعاني من مجمع البيان.

– تحليل الأمثلة: دراسة الحالات المحددة التي يظهر فيها التزام الطبرسي بالإعراب وتلك التي لا يلتزم فيها، والثالثة التي تتعلق بعدم تأثير الإعراب في المعنى.

– تقديم النتائج: استخلاص النتائج التي توضح العلاقة بين الإعراب النحوي والتفسير.

1-4. أهمية البحث: تظهر أهمية هذا البحث من خلال:

– تعزيز الفهم اللغوي: يساعد في توضيح كيف يؤثر الإعراب النحوي على فهم المعاني العميقة للآيات القرآنية.

– تسليط الضوء على دور الطبرسي: إذ يبرز دوره كمفسر يجمع بين علوم اللغة والنّحو والتفسير، ما يعزز من قيمة تفسيره.

– تقديم رؤى جديدة: يوفرها حول كيفيّة استخدام الإعراب كأداة لتعزيز الفهم الدّقيق للنصوص القرآنية، وما يكون مفيد للباحثين والمهتمين بالدراسات القرآنيّة.

1-5. خلفية البحث: أمّا بالنسبة إلی سابقة البحث فما جدير بالذكر منها هو:

– رسالة دكتوراه بعنوان “دراسة حالات ومدى التزام الطبرسي بأوجه الإعراب في تفسير معاني الآيات في مجمع البيان؛ (الأجزاء العشرة الأولى)”، عليرضا عليزاده، خريج جامعة أصفهان، 1392 ﻫ .ش، تحت إشراف الدكتور سيد رضا سليمان‌زاده نجفي.

– مقال بعنوان “دراسة آيات لم يلتزم الطبرسي في بيان معانيها بالوجوه الإعرابية التي ذكرها لها”، سيد رضا سليمان‌زاده نجفي، منصورة زركوب وعليرضا عليزاده. هذه المقالة هي نتاج الرسالة السابقة وشواهدها من الأجزاء العشرة الأولى من القرآن الكريم.

۲. الطبرسي ومنهجه في تفسير مجمع البيان: يُعدُّ الفضل بن الحسن الطبرسي، المعروف بلقب أمين الإسلام، واحدًا من أبرز المفسرين وعلماء الشيعة في القرن السادس الهجري (469-548ﻫ). يُعد تفسيره مجمع البيان من الأعمال المهمة في مجال التفسير، إذ يحظى بتقدير عالٍ بين المسلمين بشكل عام والشّيعة بشكل خاص (الطبرسي، 1995م، ج1، ص9-10).

يتسم منهجه في تفسيره بالابتكار والتميز، إذ يبدأ في مطلع كل سورة بتحديد ما إذا كانت السورة مكيّة أو مدنيّة، ثم يتناول الاختلافات المتعلقة بعدد آياتها. ويسلّط الضوء على فضائل تلاوتها ويستعرض مدى تناسبها مع السّورة السّابقة. بعد ذلك، يقدّم في كل مجموعة من الآيات اختلافات القراءات، يليها مناقشة العلل والاحتجاجات.

يتطرق إلى الجوانب اللغويّة والنّحوية، إذ يشرح الإعراب ويعالج المشكلات اللغوية، ثم يناقش أسباب النزول والمواضيع المتعلقة بالمعاني والأحكام والتأويلات، بالإضافة إلى القصص المرتبطة بها. يُظهر الطبرسي تنظيمًا دقيقًا في تفسيره تحت عناوين مثل «القراءة» و«الحجة» و«الإعراب» و«المعني».

وله في تفسيره هذا منهج بديع لم يسبقه إليه أحد، وهو أنّه قدّم في مطلع كل سورة ذكْر مكّيها ومدنيها، ثم ذكْر الاختلاف في عدد آياتها، وفضل تلاوتها، وأخيرًا تنَاسُبها للسورة السّابقة عليها، ثم ذكَر في كل طائفة من الآيات الاختلافَ في القراءات، والعلل والاحتجاجات، ثم ذكر العربيّة واللغات، والإعراب والمشكلات، والأسباب والنزولات، وعرضٌ للمعاني والأحكام والتأويلات، والقصص والجهات، ثم ذكر انتظام الآيات، فجاء التّفسير مرتبًا منتظمًا تحت عناوين «القراءة» و«الحجّة» و«الإعراب» و«المعني».

يعبّر الطبرسي في مقدمة تفسيره عن اعتزازه بعمله، إذ يقول: « قد جمعت في عربيته كلّ غرة لائحة، وفي إعرابه كل حجة واضحة، وفي معانيه كل قول متين، وفي مشكلاته كل برهان مبين، وهو بحمد الله للأديب عمدة، وللنحوي عدة، وللمقرئ بصيرة، وللناسك ذخيرة، وللمتكلم حجة، وللمحدث محجة، وللفقيه دلالة» (الطبرسي، 1995م، ج1، ص35). وكيف كان فيمثل هذا المنهج الشّامل والمترابط نموذجًا يُحتذى به في الدّراسات التّفسيريّة من بعده.

وفي الآتي سأستعرض نماذج من تفسير الطبرسي في مجمع البيان لأحلّل كيفيّة استخدامه للإعراب في تفسير الآيات.

۳. نماذج من التزام الطبرسي في شرحه لمعاني الآيات بما أورده في إعرابه لها

يرد في هذا الباب أمثلة لحالات تمسك الطبرسي في تفسير آيات القرآن بما صرّح به في قسم الإعراب.

3-1. جاء في قوله تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَابًا ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَامًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ جِبَالٍ فِيهَا مِنْ بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشَاءُ يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصَارِ﴾ (النور24: 43)

قال الطبرسي في قسم الإعراب: «وينزل من السماء: مِنْ لابتداء الغاية لأنّ السماء مبدأ لإنزال المطر. من جبال: من للتبعيض لأنّ البرد بعض الجبال التي في السماء. مِنْ بَرَد: من لتبيين الجنس لأن جنس الجبال جنس البرد عن علي بن عيسى؛ والتحقيق أنّ قوله من جبال بدل من قوله من السّماء. وقوله فيها: في يتعلق بمحذوف وتقديره: من جبال كائنة في السّماء، فالجار والمجرور في موضع الصفة لجبال تقديره من جبال سماويّة. من برد: يتعلق بمحذوف آخر في محل جرّ لأنّه صفة بعد صفة، تقديره: من جبال سماوية بَردية. ومفعول ينزل محذوف، أي: ينزل من جبال في السّماء من برد بردًا، كما يقال أخذت من المال [، أي:] شيئًا» (الطبرسي، 1995م، ج7، ص258-259).

وفي إعراب الآية الشريفة آراء أخری فجاء في إملاء ما من به الرحمن أن «مِن» في قوله تعالی: ﴿من جبال﴾ إمّا زائدة، وإمّا غير زائدة، فعلی الوجه الثاني لها وجهان: أحدهما أنّها بدل من الأولی علی إعادة الجار، والتقدير: وينزّل من جبال السماء، أي: من جبال في السّماء، وعلی هذا يكون «من» في «من برد» زائدة عند قوم وغير زائدة عند الآخرين. والثاني أن التقدير: شيئًا من جبال، فحذف الموصوف واكتُفي بالصفة، وهذا الوجه صحيح لأنّ قوله تعالی: ﴿فيها من برد﴾ يحوجك إلی مفعول يعود الضمير إليه فيكون تقديره، وينزّل من جبال السّماء جبالًا فيها برد وفي ذلك زيادة حذف وتقدير مستغنی عنه. وأما «من» الثانية ففيها وجهان: أحدهما أنّها زائدة والثاني للتبعيض (العكبري، 1369ﻫ ، ج2، ص158).

فيُلخّص مما ذكرنا أن حرف «مِن» في الآية الكريمة علی ما حقّقه الطبرسي ـ ابتدائيّة في أول استعمال لها، وتبعيضيّة في المرة الثانية، ثم أعرض عن هذا وقال بابتدائيتها بناءَ علی أن الثانية بدل من الأولی، و بيانية في الثالثة، فتقدير الكلام عنده: «وَيُنَزِّلُ بردًا من جبال سماوية بَردية»، وهذا نفس ما عبّر عنه بعبارة أخری في قسم المعنی إذ قال: «وينزِّل من السّماء من جبال فيها من برد؛ أي: وينزل من جبال في السماء ـ [و] تلك الجبالُ من برد ـ بردًا. والسّماء السحاب لأنّ كل ما علا مطبقًا فهو سماء. ويجوز أن يكون البرد يجتمع في السحاب كالجبال ثم ينزل عنها عن البلخي، وغيره. وقيل: معناه وينزل من السّماء مقدار جبال من برد كما يقول عندي بيتين من تبنٍ أي قدر بيتين عن الفراء. وقيل: أراد السماء المعروفة فيها جبال من برد مخلوقة عن الحسن والجبائي» (الطبرسي، 1995م، ج7، ص259-260).

3-2. وجاء في محكم كتابه: ﴿إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا﴾ (الفرقان25: 66)

جاء في تفسير مجمع البيان: «مستقرًا ومقامًا منصوبان على التمييز، والمخصوص بالذم محذوف، وتقديره: ساءت مستقرًا جهنمُ» (الطبرسي، 1995م، ج7، ص309).

وفي المسألة وجوه أخری، فـ«ساءت احتمل أن يكون بمعنى بئست، والمخصوص بالذم محذوف، وفي ساءت ضميرٌ مبهم، ويتعين أن يكون مستقرًا ومقامًا تمييز، والتقدير: ساءت مستقرًا ومقامًا هي؛ وهذا المخصوص بالذم هو رابط الجملة الواقعة خبرًا لأن. ويجوز أن يكون ساءت بمعنی أحزنت، فيكون المفعول محذوفًا، أي: ساءتهم؛ والفاعل ضمير جهنم. وجاز في: (مستقرًا ومقامًا) أن يكونا تمييزين، وأن يكونا حالين قد عطف أحدهما على الآخر» (أبوحیان الأندلسي، 1420ﻫ ، ج8، ص128).

وقال الطبرسي في قسم المعنی: «إنها ساءت مستقرًا ومقامًا، أي: إنّ جهنم بئس موضعَ قرارٍ وإقامةٍ هي» (1995م، ج7، ص311). ما يعني أنّه اختار في قسم المعنی ما بيّنه في قسم الإعراب، وهو يلائمه تمامًا.

3-3. وقال عزَّ وجلَّ: ﴿مَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يُمَتَّعُونَ * وَمَا أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا لَهَا مُنْذِرُونَ * ذِكْرَى وَمَا كُنَّا ظَالِمِينَ﴾ (الشعراء 26: 207 ـ 209)

يقول الطبرسي في قسم الإعراب: «ذِكْرىٰ في محل النصب؛ لأنّه مفعول له» (1995م، ج7، ص353).

وقوله تعالی: «”ذکری” یجوز أن یکون مفعولًا له، وأن یکون خبر مبتدأ محذوف، أي الإنذار ذکری» (العکبري، 1369ﻫ، ج2، ص170). «و”ذكرى” عند الكسائي منصوب على الال ، وعلى المصدر عند الزجاج. فعلى الحال، إمّا أن يقدّر ذوي ذكرى أو مذكَّرين. وعلى المصدر، فالعامل: “منذَرون”؛ لأنه في معنى مذكرون ذكرى، أي تذكرة.

ذهب الزّمخشري مذهب الطبرسي في “ذكرى” يعني مفعولًا له، وقال: على معنى أنهم ينذرون لأجل الموعظة والتذكرة، وأن تكون مرفوعة صفة بمعنى منذرون ذوو ذكرى، أو جعلوا “ذكرى” لإمعانهم في التذكرة وإطنابهم فيها. وأجاز هو وابن عطية أن تكون مرفوعة على خبر مبتدأ محذوف بمعنى هذه “ذكرى”، والجملة اعتراضيّة.

قال الزمخشري: ووجه آخر، وهو أن يكون “ذكرى” متعلقة بـ”أهلكنا” مفعولًا له، والمعنى: وما أهلكنا من قرية ظالمين إلا بعدما ألزمناهم الحجة بإرسال المنذرين إليهم، لتكون تذكرة وعبرة لغيرهم، فلا يعصوا مثل عصيانهم» (أبوحیان الأندلسي، 1420ﻫ ، ج8، ص195).

نرى أن الطبرسي في بیانه في قسم الإعراب، ذکر لـ«ذکری» ضربًا واحدًا من الإعراب، وهو في محل النصب؛ لأنّه مفعول له؛ ولکن بعض المفسرین والنحاة ذکروا – إضافة علی ما ذکره الطبرسي – أوجُهًا أخری، نحو: الخبر لمبتدأ محذوف، أو الحال، أو المفعول المطلق، ثم قال في قسم المعنى: «”ذكرى”، أي تذكيرًا وموعظة لهم ليتّعظوا ويصلحوا. فإذا لم يصلحوا مع التخويف والتحذير، واستحقّوا عذاب الاستئصال بإصرارهم على الكفر والعناد، أهلكناهم» (1995م، ج 7، ص354).

نرى في قسم المعنی أن الطبرسي لإثبات أن «ذِكْرى» مفعول له، استخدم اللام التعليليّة وفاقًا لما أشار إليه في قسم المعنى، أي: ليتعظوا. ما يشير إلى أنّ الإعراب يتوافق والمعنى بشكل لا بأس به.

3-4. وقد قال تعالى:﴿ وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ مِنْ بَعْدِ مَا أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ الْأُولَى بَصَائِرَ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ﴾ (القصص28: 43)

رأي الطبرسي في إعراب الآية: «قال الزجاج: قوله “بصائر” حال، أي آتيناه الكتاب مبينًا. وأقول فيه إنه بدل من “الكتاب”؛ فإنّ المعرفة يجوز أن تُبدَل منها النكرةُ؛ والبصائر في معنى الحجج، فلا يصحّ معنى الحال فيها إذا كان اسمًا محضًا لا شائبة فيه للفعل» (الطبرسي، 1995م، ج7، ص441).

ثم قال في قسم المعنی ما نصه: «”بصائر للناس”، أي: حججًا وبراهين للناس وعبرًا، يبصرون بها أمر دينهم، وأدلّة يستدلّون بها في أحكام شريعتهم» (الطبرسي، 1995م، ج7، ص442).

نقل الطبرسي عن الزجاج أنّ کلمة «بصائر» حال، ولکنه رفض هذا الرأي وأثبت رأيه بأن «بصائر» بدل من “الکتاب” في صدر الآية. ثم فسّر الآية مطابقًا لهذا الإعراب، وإن كانت الجملة «يبصرون بها أمر دينهم» توهِم أنّ في البصائر معنی الفعل أو شائبة الفعل علی حدّ تعبيره.

3-5. وقال تعالى: ﴿وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الطُّورِ إِذْ نَادَيْنَا وَلَكِنْ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ﴾ (القصص28: 46)

قال الطبرسي في قسم الإعراب: «رحمة منصوبة مفعول له، تقديره: ولكنا أوحينا إليك رحمةً أي للرحمة كما تقول فعلت ذلك ابتغاءَ الخير» (الطبرسي، 1995م، ج7، ص441).

وسأعرض لآراء أخری في الموضوع: انتصاب «رحمة» مؤذن بأنّه معمول لعامل نصبٍ مأخوذ من سياق الكلام: إما على تقدير كون محذوف يدل عليه نفي الكون في قوله: ﴿وما كنت بجانب الطور﴾، والتقدير: ولكن كان علمك رحمة منا؛ وإمّا على المفعول المطلق الآتي بدلًا من فعله، والتقدير: ولكن رحمناك رحمة بأن علمناك ذلك بالوحي رحمة، بقرينة قوله «لتنذر قوما».

ويجوز أن يكون «رحمة» منصوبًا على المفعول لأجله معمولًا لفعل «لتنذر» (ابن عاشور، 2000م، ، ج20، ص68). قرأ الجمهور: «رحمةً»، بالنّصب، فقدّر: ولكن جعلناك رحمة، وقدّر أعلمناك ونبأناك رحمة. وقرأ عيسى، وأبو حيوة: بالرفع، وقدّر: ولكن هو رحمة، أو هو رحمة، أو أنت رحمة (أبوحیان الأندلسي، 1420ﻫ ، ج8، ص310).

وقال الطبرسی في قسم المعنی: «قوله تعالی: ولكن رحمة من ربك، أي:  الله تعالى أعلمك ذلك، وعرّفك إياه نعمةً من ربك أنعم بها عليك، وهو أنْ بعَثك نبيًّا واختارك لإيتاء العلم بذلك معجزة لك» (الطبرسي، 1995م، ج7، ص443).

فسّر الطبرسي الآية في قسم المعنی عبارة أوحت فيها کلمة «رحمةً / نعمة» معنی التعليل، فهي تطابق لما نصَّ علیه في قسم الإعراب، وإن كان التقديران – في قسم الإعراب وفي قسم المعنی من الفعل المقدّر العامل للمفعول له – مختلفين.

3-6. جاء في كتابه تعالى: ﴿وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا فَتِلْكَ مَسَاكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَنْ مِنْ بَعْدِهِمْ إِلَّا قَلِيلًا وَكُنَّا نَحْنُ الْوَارِثِينَ﴾  (القصص28: 58)

قال الطبرسي في قسم الإعراب: ﴿قوله تعالى: كم أهلكنا﴾، أي: كثيرًا من القرى أهلكنا، فكم في موضع نصب بأهلكنا. ومن قرية في موضع نصب على التمييز، لأنّ كمّ الخبرية إذا فصل بينها وبين مميزها بكلامٍ نُصِب كما يُنصَب كم الاستفهاميةُ. معيشتها انتصب بقوله بطرت، وتقديره: في معيشتها، فحذف الجار فأفضى الفعل. فتلك مساكنهم مبتدأ وخبر. لم تسكّن في موضع نصب على الحال، والعامل فيه معنى الإشارة في تلك. قليلًا صفةُ مصدر محذوف، تقديره: إلّا سكونًا قليلًا، أو صفة ظرف، تقديره: وقتًا أو زمانًا قليلًا» (الطبرسي، 1995م،  ج7، ص448).

إضافة ومتابعة : «كم» في موضع نصب بـ «أهلكنا» و«معيشتها» نصب بـ «بطرت» لأنّ معناها كفرت نعمتها، أو جهلت شكر معيشتها فحذف المضاف، وقيل التقدير في معيشتها (العكبري، 1369ﻫ، ج2، ص179). و«معيشتها» منصوب على التمييز، على مذهب الكوفيين؛ أو مشبه بالمفعول، على مذهب بعضهم؛ أو مفعول به على تضمين «بطرت» معنى فعل متعد، أي: خسرت معيشتها، على مذهب أكثر البصريين؛ أو على إسقاط في، أي: في معيشتها، على مذهب الأخفش؛ أو على الظرف، على تقدير أيام معيشتها (أبوحیان الأندلسي، 1420ﻫ ، ج8، ص316).

وقال الطبرسی في قسم المعنی: «قوله تعالی: وكم أهلكنا من قرية، أي: من أهل قرية بطرت معيشتها، أي: في معيشتها بأن أعرضتْ عن الشّكر وتكبّرت، والمعنى: أعطيناهم المعيشة الواسعة؛ فلم يعرفوا حق النِّعمة؛ وكفروا فأهلكناهم فتلك مساكنهم لم تُسكَن من بعدهم إلّا قليلًا؛ تلك إشارة إلى ما يعرفونه هم من ديار عاد وثمود وقوم لوط، أيّ: صارت مساكنهم خاوية خالية عن أهلها وهي قريبة منكم» (1995م،  ج7، ص449-450).

يبدو أن الطبرسي في تفسيره اختار المعاني التي تتناسب مع الإعراب، لتأكيد أنّ الفهم الصحيح للمعنى يرتبط ارتباطًا وثيقًا بالتركيب اللغوي.

  1. نماذج من عدم التزام الطبرسي في شرحه لمعاني الأيات بما أورده في إعرابه لها: أذكر في هذا القسم ثلاثة نماذج تركيزًا على الحالات التي يظهر فيها عدم التزامه بالقواعد النّحوية التقليديّة.

4-1. قال تعالى:﴿الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ﴾ (يونس10: 1)

قال صاحب مجمع البيان في قسم الإعراب: «أضيفت آيات إلی الكتاب لأنها أبعاض الكتاب، كما أن سوَره أبعاضُه» (الطبرسي، 1995م، ج5، ص152).

نستفهم من كلامه أنَّ الإضافة في «آيات الكتاب» عنده بمعنی التبعيض، وبعبارة أخری أنَّ الحرف الجارّ المقدّر بين المضاف والمضاف إليه هنا هو «من» التبعيضية، كما في تركيب «سور الكتاب». وعلی كل حال فإن هذا الرأي بديع غريب، فالنحاة لم يذكروا في معاني الإضافة سوی الاختصاص الذي يدلّ عليه حرف اللام، والظرفيّة التي يدلّ عليها حرف «في»، وبيان الجنس الذي يدلّ عليه حرف «مِن»؛ ولم يذكر أحد منهم التبعيض، اللّٰهم إلّا أن نقول به توسعًا في معاني «من». فالمعروف في النّحو أنّه يتعين تقدير«مِن» إن كان المضاف إليه جنسًا للمضاف، نحو «هذا ثوب خزّ» والتقدير: هذا ثوب من خز، ويتعين تقدير «في» إن كان المضاف إليه ظرفًا واقعًا فيه المضاف، نحو «أعجبني ضرب اليوم زيدًا»، أي: ضرب زيد في اليوم، فإن لم يتعين تقدير «مِن» أو «في» فالإضافة بمعنی اللام، نحو «هذا غلام زيد»، أي: غلام لزيد (ابن عقيل، 1386ﻫ ، ج۲، ص۴۴). وقد قال ابن عاشور ذيل الآية: «وإضافة آيات إلى الكتاب إضافة شبيهة بالبيانيّة؛ وإن كان الكتاب بمنزلة الظرف للآيات باختلاف الاعتبار، وهو معنى الإضافة البيانيّة عند التّحقيق (ابن عاشور، 2000م،  ج۱۱، ص۹).

ثم قال صاحب مجمع البيان في قسم المعنى: «تلك آيات الكتاب الحكيم معناه: أنّ الآيات التي جرى ذكرها أو الآيات التي أُنزلت على محمد ﷺ هي آيات القرآن المحكم من الباطل، الممنوع من الفساد، لا كذب فيه ولا اختلاف. وقيل: تلك آي هذه السور» (الطبرسي، 1995م، ج5، ص152 و 153).

لم يشر الطبرسي هنا إلی نوع الإضافة، وترَك المعنی بإطلاقه من دون تعيين للمعنی الملحوظ في هذا التركيب الإضافي، فلو أراد لأَمكنه أن يقول مثلًا: «هي آيات من القرآن المحكم» أو «هي بعض / أبعاض القرآن المحكم».

4-2. جاء في كتابه العزيز: ﴿مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى * إِلَّا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشَى﴾ (طه20: 2 و3)

قال الطبرسي في قسم الإعراب: «وقوله تذكرة مفعول له. لمن يخشى الجار والمجرور في موضع الصفة لتذكرة، والأولى أن يكون مصدر فعل محذوف، ويكون الاستثناء منقطعا والتقدير: لكن تذكرة» (الطبرسي، 1995م، ج7، ص7).

وللنحاة آراء في هذا الموضع؛ قال ابن عطية: «إلا تذكرة يصحّ أن ينصب على البدل من موضع لتشقى، ويصح أن ينصب بإضمار فعل تقديره لكن أنزلناه تذكرة. وقد ردّ الزمخشري تخريج ابن عطية الأول فقال: فإن قلت هل يجوز أن يكون تذكرة بدلًا من محل لتشقى؟ قلت: لا، لاختلاف الجنسين ولكنها نصب على الاستثناء المنقطع الذي إلاّ فيه بمعنى لكن. ويعني باختلاف الجنسين أن نصب «تذكرة» نصبة صحيحة ليست بعارضة؛ والنصبة التي تكون في «لتشقى» بعد نزع الخافض نصبة عارضة والذي نقول إنّه ليس له محل البتة فيتوهم البدل منه» (أبوحیان الأندلسي، 1420ﻫ ،  ج7، ص310).

وقال الزمخشري: «ويجوز أن يكون المعنى: إنّا أنزلنا إليك القرآن لتحمل متاعب التبليغ، ومقاولة العتاة من أعداء الإسلام ومقاتلتهم وغير ذلك من أنواع المشاق وتكاليف النبوّة، وما أنزلنا عليك هذا المتعب الشّاق إلاّ ليكون تذكرة ـ وعلى هذا الوجه يجوز أن يكون تذكرة حالًا أو مفعولًا له ـ لمن يخشى، لمن يؤول أمره إلى الخشية». وهذا معنى متكلف بعيد من اللفظ وكون «إلّا تذكرة» بدل من محل «لتشقى» هو قول الزجاج (المصدر نفسه، ج7، ص310 و 311)، وقال النّحاس: هذا وجه بعيد وأنكره أبوعليّ من قبل أن التذكرة ليست بشقاء. وقال الحوفي: يجوز أن تكون «تذكرة» بدلًا من «القرآن»، ويكون «القرآن» هو «التذكرة» وأجاز هو وأبو البقاء أن يكون مصدرًا أي لكن ذكرنا به «تذكرة». قال أبو البقاء: «ولا يجوز أن يكون مفعولًا له لأنزلنا المذكور لأنّه قد تعدّى إلى مفعول وهو لتشقى، ولا يتعدى إلى آخر من جنسه» (المصدر نفسه، ج7، ص311).

والطبرسي قال في قسم المعنی: «إلّا تذكرة لمن يخشى قال المبرد: معناه لكن أنزلناه تذكرة أي لتذكرة من يخشى الله، والتذكرة مصدر كالتذكير (1995م، ج7، ص7).

نلاحظ أن الطبرسي لم يبدِ رأيه في معنی الآیة واكتفی في قسم المعنی بنقل قول المبرّد، فلو قلنا إن نقله قول المبرّد من دون ردّ أو نقاش یدلّ علی قبوله به، ونستنتج أنّه التزم هنا ببعض ما أورده في إعراب الآية من دون بعض، فالاستثناء علی ما نقله في بيان معنی الآية منقطع لقوله «لكن»، وكذلك «تذكرة» فهي مفعول له عنده لتعبيره: «لتذكرة»، ولكن المجرور (أي: مَن یخشی) علی ما نصه في قسم الإعراب صفةٌ لتذكرة، وعلی ما نقله هنا مفعولٌ به لتذكرة، واللام لتقوية العامل.

4-3. وقد قال تعالى:﴿فَلَمَّا جَاءَهُمْ مُوسَى بِآيَاتِنَا بَيِّنَاتٍ قَالُوا مَا هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُفْتَرًى وَمَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي آبَائِنَا الْأَوَّلِينَ﴾ (القصص 28: 36)

إعراب: «بينات نصب على الحال» (الطبرسي، 1995م، ج7، ص438).

المعنی: ثم قال سبحانه: «فلما جاءهم موسى بآياتنا بينات»؛ التقدير: فمضى موسى إلى فرعون وقومه فلما جاءهم بآياتنا، أي بحججنا البينات ومعجزاتنا الظاهرات (الطبرسي، 1995م، ج7، ص439).

إنّ الإعراب – کما یُشاهَد- يخالف المعنی لأنّ كلمة «بينات» في قسم الإعراب علی رأي الطبرسي حال، ولكنه جعلها في قسم المعنی نعتًا.

  1. ومن الأمثلة على الحالات التي لم يؤثر فيها رأی الطبرسي الإعرابي على معنى الآيات

أُقدّم في هذا القسم نموذجًا واحدًا يوضح أنّ الرأي النحوي للطبرسي، لم يكن له أثر في شرحه لمعاني الآيات.

5-1. قال تعالى:﴿وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا﴾(الفرقان25: 27)

قال الطبرسي في قسم الإعراب: «”ويوم يعض” يجوز أن يكون العامل فيه “اذكر”، وأن يكون معطوفًا على ما قبله. و”يقول” جملة في موضع الحال. “يا ليتني” المنادى محذوف، وتقديره: يا صاحبي ليتني» (الطبرسي، 1995م، ج7، ص289).

وجاء في تفسير البحر المحيط: «”يقول” في موضع الحال، أي: قائلًا “يا ليتني”» (أبوحیان الأندلسي، 1420ﻫ ،  ج8، ص102).

الإیضاح: يقول الطبرسي في إعراب الكريمة: إنَّ لـ”یوم” ضربین من الإعراب: أحدها: أن یکون العامل فیه “اذکر”. فعلی هذا یکون مفعولًا به، بتقدیر: “اذکر یوم یعضُّ”، والآخر أن یکون معطوفًا علی ما قبله في الآية الثانية والعشرين: ﴿يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلَائِكَةَ…﴾، كما عطف عليه في الآية الخامسة والعشرين: ﴿وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ …﴾.

ثم قال في قسم المعنی: «”ويوم يعضُّ الظالم على يديه” ندمًا وأسفًا. “يقول يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلًا”، أي: ليتني اتّبعت محمدًا ﷺ، واتّخذت معه سبيلًا إلى الهدی» (الطبرسي، 1995م، ج7، ص293).

لم يجعل الطبرسي ما أبداه في إعراب الآية مؤثرًا في بيان معنى الآية، إذ كان بإمكانه أن يأتي بكلمة «اذكر» مثلًا قبل كلمة «يوم»، أو أن يستخدم كلمة «قائلًا» مكان «يقول» للتصريح بحالية الجملة، أو أن يذكر المنادى المحذوف قبل «ليتني»، ولكنه لم يورد شيئًا مما ذكرناه في تفسيره للآية الكريمة.

الخاتمة

  1. قد يظهر الطبرسي في تفسيره المسمّی مجمع البيان عند بيانه إعراب الآيات کمنظّر نحوي، ويبدي رأيه ولا يعتني بآراء النّحويين حول الموضوع، وقد ينقل آراء الآخرين من دون أن يناقش فيها كأنه تلقّاها بالقبول، وقد يناقش فيها مبديًا رأيه.
  2. كثيرًا ما يعتمد في توجيه القراءات القرآنية، والإعراب والمعنی على الجانب التركيبي النحوي، ولم يعتمد على النواحي الدّلاليّة السياقيّة.
  3. إنّ أكثر العلماء الذين أخذ عنهم الطبرسي في كلامه عن توجيه القراءات القرآنية، والإعراب والمعنی هو أبو علي الفارسي، ينقل خاصة عن كتابه: الحجة للقراء السّبعة، كما أشار إليه صراحة في غير موضع من مواضع توجيه القراءات القرآنيّة الكريمة والإعراب والمعنی.
  4. إنّ الارتباط بين رأي نحوي أو إعرابي أبداه الطبرسي ذيل آية كريمة أو تلقاه بالقبول وبيّن المعنی الذي قرّره لها يتمثّل في ثلاثة أشكال: الأول هو التأثير المباشر لذلك الرأي في بيانه للمعنی؛ والثاني أنّه قد بيّن معاني الآيات خلافًا لرأيه النحوي أو الإعرابي تمامًا؛ والثالث أنّه فسّر الآيات بشكل لا يؤثر في تفسيرها وبيانه لمعانيها وجودُ أو عدمُ وجود تعليقه النحوي عليها.
  5. ومن هذا المنطلق، وبعد مراجعة شاملة وكاملة لتفسير مجمع البيان، يمكن الحصول على قائمة بالموضوعات الإعرابيّة، معرفتها على الأقل غير فعالة في بيان معاني آيات القرآن.

المصادر والمراجع

  • العربية
  • القرآن الكريم.

1- ابن عاشور، محمد طاهر. (2000م) . تفسير التحرير والتنوير المعروف بتفسير ابن عاشور. ۳۰ ج. بيروت: مؤسسة التاريخ العربي.

2- ابن هشام، عبد اللّٰه بن يوسف. (2004م). شرح شذور الذّهب في معرفة كلام العرب. تحقيق: محمد محيي الدين عبد الحميد. القاهرة: دار الطلائع.

3- الضبع، یوسف عبدالرحمن. (1997م). ابن هشام  وأثره في النحو العربي. القاهرة: دار الحدیث.

4- أبو حيان الأندلسي، محمد بن يوسف. (1420ﻫ) . التفسير الكبير المسمی بالبحر المحيط. تحقيق: صدقي محمد جميل. بيروت: دار الفكر.

5- سليمان‌زاده نجفي، سيد رضا؛ وزركوب، منصوره؛ وعليزاده، عليرضا. (1394) . «دراسة آيات لم يلتزم الطبرسي في بيان معانيها بالوجوه الإعرابية التي ذكرها لها»، بحوث في اللغة العربية. السنة 6، العدد 2 (المسلسل 13) ، ص 42-60.

6- الطبرسي، أبوعلي الفضل بن الحسن. (1995م) . مجمع البيان في تفسير القرآن. بيروت: مؤسسة الأعلمي للمطبوعات.

7- العكبري، أبوالبقاء عبد اللّٰه بن الحسين. (1969م) . إملاء ما من به الرحمن من وجوه الإعراب والقراءات. تحقيق: إبراهيم عطوة عوض. 2 ج. القاهرة: مطبعة مصطفی البابي الحلبي وأولاده.

  • الفارسية

8- عليزاده، عليرضا. (1392) . «بررسی موارد وميزان پايبندی طبرسی به وجوه اعرابی در تبيين معانی آيات در مجمع البيان؛ (ده جزء اول) »، رسالۀ دكتری رشتۀ زبان وادبيات عربی دانشگاه اصفهان، به راهنمايی دكتر سيد رضا سليمان‌زاده نجفي.

 

 

.

 

[1] – طالب دكتوراه في قسم اللغة العربیة وآدابها بجامعة أصفهان.إيران.

Doctoral student in the Department of Arabic Language and Literature at the University of Isfahan. Iran.

Email: Mahmoudalazadeh@gmail.com

[2] – أستاذ في قسم اللغة العربية وآدابها بجامعة أصفهان. إيران (الكاتب المسؤول)

Professor, Department of Arabic Language and Literature, University of Isfahan (responsible writer).

Email: Ibnorrasool@fgn.ui.ac.ir. Iran.

[3] – أستاذ مشارك في قسم اللغة العربية وآدابها بجامعة أصفهان.إيران

Associate Professor, Department of Arabic Language and Literature, University of Isfahan.Iran.

Email: Nagafi@fgn.ui.ac.ir

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

free porn https://evvivaporno.com/ website